12 حدثنا عمرو بن خالد قال حدثنا الليث عن يزيد عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف مسألة: التحليل الموضوعيبَاب إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنْ الْإِسْلَامِ
12 حدثنا عمرو بن خالد قال حدثنا الليث عن يزيد عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف الحاشية رقم: 1[ ص: 72 ] قوله : ( باب ) هو منون ، وفيه ما في الذي قبله .
قوله : ( من الإسلام ) للأصيلي " من الإيمان " أي : من خصال الإيمان . ولما استدل المصنف على زيادة الإيمان ونقصانه بحديث الشعب تتبع ما ورد في القرآن والسنن الصحيحة من بيانها ، فأورده في هذه الأبواب تصريحا وتلويحا ، وترجم هنا بقوله " إطعام الطعام " ولم يقل : أي الإسلام خير . كما في الذي قبله إشعارا باختلاف المقامين وتعدد السؤالين كما سنقرره .
قوله : ( حدثنا عمرو بن خالد ) هو الحراني ، وهو بفتح العين ، وصحف من ضمها .
قوله : ( أن رجلا ) لم أعرف اسمه ، وقيل إنه أبو ذر ، وفي ابن حبان أنه هانئ بن يزيد والد شريح . سأل عن معنى ذلك فأجيب بنحو ذلك .
قوله : ( أي الإسلام خير ) فيه ما في الذي قبله من السؤال ، والتقدير أي خصال الإسلام ؟ وإنما لم أختر تقدير خصال في الأول فرارا من كثرة الحذف ، وأيضا فتنويع التقدير يتضمن جواب من سأل فقال : السؤالان بمعنى واحد والجواب مختلف . فيقال له : إذا لاحظت هذين التقديرين بان الفرق . ويمكن التوفيق بأنهما متلازمان ، إذ الإطعام مستلزم لسلامة اليد والسلام لسلامة اللسان ، قاله الكرماني . وكأنه أراد في الغالب ، ويحتمل أن يكون الجواب اختلف لاختلاف السؤال عن الأفضلية ، إن لوحظ بين لفظ أفضل ولفظ خير فرق . وقال الكرماني : الفضل بمعنى كثرة الثواب في مقابلة القلة ، والخير بمعنى النفع في مقابلة الشر ، فالأول من الكمية والثاني من الكيفية فافترقا . واعترض بأن الفرق لا يتم إلا إذا اختص كل منهما بتلك المقولة ، أما إذا كان كل منهما يعقل تأتيه في الأخرى فلا . وكأنه بني على أن لفظ خير اسم لا أفعل تفضيل ، وعلى تقدير اتحاد السؤالين جواب مشهور وهو الحمل على اختلاف حال السائلين أو السامعين ، فيمكن أن يراد في الجواب الأول تحذير من خشي منه الإيذاء بيد أو لسان فأرشد إلى الكف ، وفي الثاني ترغيب من رجي فيه النفع العام بالفعل والقول فأرشد إلى ذلك ، وخص هاتين الخصلتين بالذكر لمسيس الحاجة إليهما في ذلك الوقت ، لما كانوا فيه من الجهد ، ولمصلحة التأليف . ويدل على ذلك أنه عليه الصلاة والسلام حث عليهما أول ما دخلالمدينة ، كما رواه الترمذي وغيره مصححا من حديث عبد الله بن سلام .
قوله : ( تطعم ) هو في تقدير المصدر ، أي : أن تطعم ، ومثله تسمع بالمعيدي . وذكر الإطعام ليدخل فيه الضيافة وغيرها .
[ ص: 73 ] قوله : ( وتقرأ ) بلفظ مضارع القراءة بمعنى تقول ، قال أبو حاتم السجستاني : تقول اقرأ عليه السلام ، ولا تقول أقرئه السلام ، فإذا كان مكتوبا قلت أقرئه السلام أي : اجعله يقرؤه .
قوله : ( ومن لم تعرف ) أي : لا تخص به أحدا تكبرا أو تصنعا ، بل تعظيما لشعار الإسلام ومراعاة لأخوة المسلم . فإن قيل : اللفظ عام فيدخل الكافر والمنافق والفاسق . أجيب بأنه خص بأدلة أخرى أو أن النهي متأخر وكان هذا عاما لمصلحة التأليف ، وأما من شك فيه فالأصل البقاء على العموم حتى يثبت الخصوص
( تنبيهان ) : الأول : أخرج مسلم من طريق عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب بهذا الإسناد نظير هذا السؤال ، لكن جعل الجواب كالذي في حديث أبي موسى ، فادعى ابن منده فيه الاضطراب وأجيب بأنهما حديثان اتحد إسنادهما ، وافق أحدهما حديث أبي موسى . ولثانيهما شاهد من حديث عبد الله بن سلام كما تقدم
الثاني : هذا الإسناد كله بصريون ، والذي قبله كما ذكرنا كوفيون ، والذي بعده من طريقيه بصريون ، فوقع له التسلسل في الأبواب الثلاثة على الولاء . وهو من اللطائف .
ان الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، واشهد أن لا اله الا الله واشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .
فإن من نعم الله علينا أن شرع لنا آداب شملت كثيرا من أمور الدين والدنيا،
الآداب اجتماع خصال الخير في العبد ، وعلم الآداب هو علو اصلاح اللسان والخطاب واصابة مواقعه وتحسين الفاظه وصيانته عن الخطأ والزلل .. وسوف نستعرض آداب الطعام
1- النهي عن الاكل والشرب في آنية الذهب والفضة
فعن حذيفة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافهما فإنهما هم في الدنيا ولنا في الآخرة ) رواه البخاري ومسلم
2- النهي عن الأكل متكئ أو منبطحًا على وجهه روى ابو جحيفة رضي الله عنه أنه قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل عنده لا آكل وانا متكئ . رواه البخاري 3- تقديم الاكل على الصلاة عند حضور الطعام
عن انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اذا وضع العشاء واقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء ) رواه البخاري ومسلم
والعلة في ذلك : لئلا يقول المرء ونفسه تتوق الى الطعام فيحصل لع التشويش الذي يذهب معه الخشوع ، وليس الأمر خاص بالعشاء حده وانما هو في كل طعام . 4- غسل اليدين
لم يثبت في حديث غسل اليدين قبل الطعام ولكن يستحب ، وفصل الامام مالك وقيد الغسل قبل الطعام بوجود قذر .
واماغسل اليدين بعد الطعام فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال : ( ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة فمضمض وغسل يديه وصلى ) رواه احمد 5- التسمية والحمد
عن عمر بن ابي سلمة رضي الله عنه قال : كنت غلاما في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله : ( يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك ، فمازلت تلك طعمتي بعد ) رواه البخاري ومسلم
قال الامام احمد : اذا جمع الطعام اربعا فقد كمل : اذا ذكر اسم الله في اوله ، وحمد الله في آخره ، وكثرت عليه الايدي ، وكان من حل ) زاد المعاد
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( اذا اكل احدكم فليذكر اسم الله تعالى ، فان نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل : بسم الله أوله وآخره ) رواه ابو داود
اما الفاظ الحمد عنه صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من طعامه وشرايه فعن معاذبنن انس عن ابيه قال : قال سول الله صلى الله عليه وسلم : ( من اكل طعاما فقال : الحمدلله الذي اطعمني ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه الترمذي 6- الاكل والشرب باليد اليمنى والنهي عن الشمال
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تأكلوا بالشمال فان الشيطان يأكل بالشمال ) رواه مسلم 7- الاكل مما يلي الاكل
عن عمر بن ابي سلمة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك ، فمازلت تلك طعمتي بعد ) رواه البخاري ومسلم
وعلة النهي في ذلك : لأن الأكل من موضع ايدي الناس فيه سوء أدب وقد يتقذر الآكلين من هذا الفعل وهو الغالب .
قال ابن عبدالبر : اذا كان فيه نوعان أو أكثر فلا بأس أن تجول اليد فيه ، وأنما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وكل مما يليك ) انما أمره أن يأكل مما يليه لأن الطعام كله نوع واحد .. والله اعلم
8- استحباب الاكل من حوالي الصحفة دون اعلاها
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اذا اكل احدكم طعاما فلا يأكل من اعلى الصحفة ، ولكن ليأكل من أسفلها فإن البركة تتنزل من أعلاها ) رواه احمد وابوداود 9- استحباب الاكل بثلاثة اصابع ولعق اليد بعده
عن كعب بن مالك عن ابيه قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع ويلعق يده قبل مسحها ). رواه مسلم
والعلة في لعق اليد جاءت مبينة في حديث جابر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الاصلاع والصحفة وقال : انكم لا تدرون في ايه البركة ) رواه مسلم
معناه والله اعلم : ان الطعام الذي يحضره الانسان فيه بركة، ولا يدري ان تلك البركة فيما اكله أو فيما بقي على أصابعه أو فيما بقي في اسفل القصعة أو في اللقمة الساقطة ، فينبغي أن يحافظ على هذا كله لتحصل البركة .
10- استحباب رفع اللقمة عند سقوطها ومسح ما علق بها وأكلها
عن جابر بن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( اذا وقعت لقمة احدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من اذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان ، ولايمسح يده بالمنديل حتى يلعق اصابعه فانه لا يدري في أي طعام البركة ) رواه مسلم 11- النهي عن القران بين التمرتين
عن ابن عمررضي الله عنهما قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرن الرجل بين التمرتين حتى يستأذن أصحابه
12-استحباب اكل الطعام بعد ذهاب حرارته عن اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنها أنها اذا كانت ثردت غطته شيئا حتى يذهب فوره ثم تقول : اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( انه اعظم بركة ) رواه الدارمي واحمد
وقال ابوهريرة رضي الله عنه : لا يؤكل طعام حتى يذهب بخاره . صححه الالباني
13- النهي عن عيب الطعام واحتقاره
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : ( ماعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط ، كان اذا اشتهى شيئا أكله ، وإن كرهه تركه ) رواهالبخاري ومسلم
قال النووي : عيب الطعام كقوله : مالح - حامض - غير ناضج ونحو ذلك .
وعلة النهي في ذلك : لآن الطعام خلقة الله فلا تعاب ، وفيه وجه آخر وهو أن عيب الطعام يدخل على قلب الصانع الحزن والالم لكونه الذي اعده وهيأه 14- استحباب الاجتماع على الطعام
من الآداب استحباب الاجتماع على الطعام وكلما زاد عدد الاكلين زادت البركة ، فعم جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( طعام الواحد يكفي الاثنين ، وطعام الاثنين يكفي الاربعة ، وطعام الأربعة يكفي الثمانية ) رواه مسلم
وعن وحشي بن حرب عن ابيه عن جده أن اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله ! انا نأكل ولا نشبع ؟ قال : فلعلكم تفترقون . قالوا : نعم . قال : فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه . رواه ابم ماجه واحمد15- كراهية الإكثار من الطعام أو الإقلال منه
عن مقدام بن معدي كرب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن ، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان ولا محالة : فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه ) رواه الترمذي وابن ماجه
وللسلف في هذا الجانب كلام : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب يوما فقال : إياكم والبطنة ، فإنها مكسلة عن الصلاة مؤذية للجسم ، وعليكم بالقصد في قوتكم ، فإنه أبعد من الأشر ، وأصح للبدن ، وأقوى للعبادة ، وإن امراءًا لي يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه
قال الفضيل بن عياض : ثنتان تقسيان القلب : كثرة الكلام وكثرة الأكل
تعليق