إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تهنئة أهل الكتاب و نحوهم بأعيادهم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تهنئة أهل الكتاب و نحوهم بأعيادهم

    تهنئة أهل الكتاب و نحوهم بأعيادهم

    إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 102] { يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء: 1] { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }
    [الأحزاب: 70، 71].

    أما بعد : فإن خير الأمور و خير الحديث كتاب الله و خير الهدي هدى محمد صلى الله عليه و سلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة .

    فلقد انتشر الفساد فى الأرض و الزرع و الثمار و نحو ذلك و فى معاملة بعضنا لبعض , و ذلك بسبب إسرافنا فى ارتكاب الذنوب المهلكات .


    قال تعالى ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
    ) [ الروم : 41 ]

    قال الحافظ ابن كثير
    :أي: بأن النقص في الثمار والزروع بسبب المعاصي .اهـ

    و الطامة الكبرى هى مساس هذا الفساد فى جانب الدين بظهور ونشر الأقوال لا أقوال الضعيفة بل الأقوال المخالفة للإجماع الغير مسبوقة بقائل و القريبة العهد جدا و يريد أصحابها نشرها و تجاوز الإجماع المخالف لها , و لقد حذرنا الله عز و جل و رسوله صلى الله عليه و سلم من ذلك الفعل و قائليه , فقال تعالي (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) [ النساء : 115 ] .

    فما أجمع عليه المؤمنين صار إجماع لا يخالف و لا يحق لأحد مخالفته
    .

    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم) ( رواه مسلم فى مقدمة صحيحة )

    و معنى الحديث هو الحذر ممن يقول الأقوال الجديدة الغير معلومة عند العلماء التي تخالف ما استقر فى الشرع من الأقوال كالقول بحرمة الختان فلقد استقرت الأقوال على مشروعيته منذ أمد بعيد و من قال بالحرمة فهو مسبوق بالمشروعية قبل أن يتعلم العلوم الشرعية , و كالقول بجواز الربا و نحو تلك الأقوال الحادثة .

    ونحن الأن مع بحث مختصر حول موضوع المعنون له وهو غاية في الأهمية في ذلك العصر لأنه يتعلق بالولاء و البراء .

    أولاً : يجب أن يُعلم عدة أمور فى معاملة غير المسلمين المسالمين لنا :

    1- يجوز الإحسان إليهم من إطعام و قرض عند حاجة و رد سلام قد بدأ من قبلهم , و نحو ذلك .
    قال الله تعالى ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) [ الممتحنة : 8 ]

    قال ابن كثير
    فى تفسيره (8/90) : وقوله تعالى: { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ } أي لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين، كالنساء والضعفة منهم، { أَنْ تَبَرُّوهُمْ } أي: تحسنوا إليهم { وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ } أي: تعدلوا . اهـــ


    2- لا يجوز للمسلم ظلم غير المسلم فلا يبخسه حقه و لا يسرق ماله و نحو ذلك .

    قال الله تعالى ( إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ) [ النساء : 58 ] .

    3- لا يجوز الإعتداء على الذمى و المستأمن و المعاهد .

    عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما ) . ( البخاري (2930) )


    4- دعوة المسلمين لغيرهم ( وبينهم ) تكون بالحكمة و الموعظة الحسنة و جدالهم بالتى هى أحسن .
    قال الله تعالى ( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) [ العنكبوت : 46 ] .

    ثانياً
    :

    1- من أسس العقيدة عند أهل السنة و الجماعة قاعدة ( الولاء و البراء ) فالولاء للمؤمنين و البراءة من الكافرين .

    قال الله تعالى (
    قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )
    [ الممتحنة : 4 ]

    وقال الله تعالى (
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) [ المائدة : 51 ] .

    وقال تعالى (
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) [ المائدة : 57 ] .

    وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ) [ النساء : 144 ] .

    و قال تعالى (
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) [ آل عمران : 118] .

    2- فولاية المؤمنين هى محبتهم و مصاحبتهم إلى غير ذلك و البراءة من الكافرين من لوازمها بغضهم القلبي , و هذا و اضح من الآيات السابقة و آية الممتحنة خصوصاً .

    قال ابن كثير
    فى تفسيره (8/87)
    : يقول تعالى لعباده المؤمنين الذين أمرهم بمصارمة الكافرين وعداوتهم ومجانبتهم والتبري منهم: { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ } أي: وأتباعه الذين آمنوا معه { إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ } أي: تبرأنا منكم { وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ } أي: بدينكم وطريقكم، { وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا } يعني: وقد شُرعت العداوة والبغضاء من الآن بيننا وبينكم، ما دمتم على كفركم فنحن أبدًا نتبرأ منكم ونبغضكم . اهـــ

    و قال تعالى (
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آَبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) [ التوبة : 23 ] .

    3- لا يعنى وجوب بغضهم أن نظلمهم , فبغضهم قلبي و ليس فى معاملتهم بل يحسن إليهم و يعدل معهم كما سبق .

    ثالثاً : هل يجوز تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم ؟

    قال ابن القيم
    : التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه , وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه . اهـــ ( أحكام أهل الذمة : 1/ 154 ).
    شبهة

    (قالوا) تهنئتهم بأعيادهم من البر نحوهم و يجوز لنا أن نبرهم للآية .

    الجواب :

    1- من اعترض فلينقض الاتفاق السابق بقول أحد الأئمة المتقدمين ليفتح باب النقاش

    2- عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه ) (مسلم :4030 ) .

    قال الإمام النووى (شرح مسلم :14/121) : مذهبنا تحريم ابتدائهم به ، ووجوب رده عليهم و به قال أكثر العلماء وعامة السلفوذهبت طائفة إلى جواز ابتدائنا لهم بالسلامواحتج هؤلاء بعموم الأحاديث ، وبإفشاء السلام ، وهي حجة باطلة لأنه عام مخصوص بحديث ( لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام ) وقال بعض أصحابنا : يكره ابتداؤهم بالسلام ، ولا يحرم ، وهذا ضعيف أيضا ، لأن النهي للتحريم , فالصواب تحريم ابتدائهم . اهــ باختصار

    وجه الدلالة
    :


    فمعنى ما ذكر أنه لايجوز إبتداء أهل الكتاب بالسلام و هذا بالنسبة للبدء و أما فى الرد فخفف الحكم و أبيح (ليست الإباحة بالمعنى الإصطلاحى) الرد عليهم بالسلام و حدث ذلك الحكم فى إلقاء السلام مع أن إلقائه ليس له علاقة بشعائرهم , و لأجل ذلك غلظ الحكم فى الإبتداء و الرد بصفة عامة فى تهنئتهم بأعيادهم , فإن كان فى إلقاء السلام كان الحكم كما سبق فهنا أولى و أيضاً باقى الحديث يمنع العاقل من أن يقول بجواز تهنئتهم معللاً بأن التهنئة من البر و الإحسان لأن النبى صلى الله عليه و سلم قال (فاضطروه إلى أضيقه) و هؤلاء سيقولون هذا ليس من البر على قاعدتهم و هذا كلام باطل , لأنه إجتمع هنا مصلحتان و هما مصلحة عدم تفرق المسلمين و مصلحة التوسع للكافرين فتقدم مصلحة المسلمين بلا شك , فبرهم يضبط بالشرع ,فكيف يقال بعد ذلك أن تهنئة الكفار بكفرهم تجوز .


    فائدة :

    قال الشيخ ابن عثيمين
    (الفتاوى : 3/سؤال 396)
    :يجب أن نعلم أن أسدَّ الدعاة في الدعوة إلى الله هو النبي، صلى الله عليه وسلم، وأن أحسن المرشدين إلى الله هو النبي، صلى الله عليه وسلم، وإذا علمنا ذلك فإن أي فهم نفهمه من كلام الرسول، صلى الله عليه وسلم، يكونمجانباً للحكمة يجب علينا أن نتهم هذا الفهم، وأن نعلم أن فهمنا لكلام النبي، صلى الله عليه وسلم، خطأ، لكن ليس معنى ذلك أن نقيس أحاديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، بما ندركه من عقولنا، وأفهامنا، لأن عقولنا وأفهامنا قاصرة، لكن هناك قواعد عامة في الشريعة يرجع إليها في المسائل الخاصة الفردية.
    فالنبي، عليه الصلاة والسلام، يقول: "لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه" والمعنى: لا تتوسعوا لهم إذا قابلوكم حتى يكون لهم السعة ويكون الضيق عليكم بل استمروا في اتجاهكم وسيركم، واجعلوا الضيق إن كان هناك ضيق على هؤلاء، ومن المعلوم أن هدى النبي، صلى الله عليه وسلم، ليس إذا رأى الكافر ذهب يزحمه إلى الجدار حتى يرصه على الجدار ما كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يفعل هذا باليهود في المدينة ولا أصحابه يفعلونه بعد فتوح الأمصار,فالمعنى أنكم كما لا تبدؤونهم بالسلام لا تفسحوا لهم فإذا لقوكم فلا تتفرقوا حتى يعبروا بل استمروا على ما أنتم عليه واجعلوا الضيق عليهم إن كان في الطريق ضيق، وليس في الحديث تنفير عن الإسلام. اهــ

    مسألة :

    قال أحد الناس قوله (فاضطروهم إلى أضيقه) هذا فى حالة الحرب .

    الجواب
    :


    1- هذا الرجل لم يفهم الحديث و لم يرض فيسلم بما لا يعلم .

    2- هل فى حالة الحرب يكون الكفار بيننا حتى نؤمر بذلك ؟

    بالطبع لا .

    هل الحربى عند كل الأمم يفعل معه ذلك أم يؤمر بقتله ؟

    الجواب : يؤمر بقتله .


    رابعاً : هل يجوز الحضور مع الكفار فى أعيادهم من غير تهنئة ؟


    الجواب :

    قال ابن القيم : لا يجوز للمسلمين ممالأتهم عليه ولا مساعدتهم ولا الحضور معهم باتفاق أهل العلم الذين هم أهله. وقد صرح به الفقهاء من أتباع الأئمة الأربعة في كتبهم ,فقال أبو القاسم هبة اللَه بن الحسين بن منصور الطبري الفقيه الشافعي: ولا يجوز للمسلمين أن يحضروا أعيادهم لأنهم على منكر وزور، وإذا خالط أهل المعروف أهل المنكر بغير الإِنكار عليهم كانوا كالراضين به المؤثرين له، فنخشى من نزول سخط اللَه على جماعتهم، فيعم الجميع، نعوذ باللَه من سخطه...اهـ (أحكام أهل الذمة :2/492) .


    قال الله تعالى (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) [ الأنعام : 68 ] .

    قال ابن كثير فى تفسيره (3/278) : قال تعالى: { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا } أي: بالتكذيب والاستهزاء { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } أي: حتى يأخذوا في كلام آخر غير ما كانوا فيه من التكذيب، { وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ } والمراد بهذا كلّ فرد من آحاد الأمة، ألا يجلس مع المكذبين الذين يحرفون آيات الله ويضعونها على غير مواضعها، فإن جلس أحد معهم ناسيًا { فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى } بعد التذكر { مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } . اهـ

    وقال الله تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا )[ النساء :140 ]

    قال ابن كثير
    فى تفسيره (2/435)
    : أي إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم، ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله ويستهزأ وينتقص بها، وأقررتموهم على ذلك، فقد شاركتموهم في الذي هم فيه. فلهذا قال تعالى: { إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ } أى في المأثم، كما جاء في الحديث: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يُدَار عليها الخَمْر". اهـ

    وعن أبى سعيد رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) (رواه مسلم (70) )

    و من لازم الإنكار بالقلب ترك مكان المنكر , ويجوز الإنكار لآحاد المسلمين و ليس للعلماء فقط كما يزعم البعض فيما هو مجمع على حرمته أو خلاف ساقط .

    قال الإمام النووى(شرح مسلم: 2/20) : وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فليغيره ) فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة , وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين ولم يخالف في ذلك إلا بعض الرافضة ، ولا يعتد بخلافهمفقد أجمع المسلمون عليه قبل أن ينبغ هؤلاء , ثم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية إذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين ، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف (و إلانكار يكون مع الإلتزام بفقه الأمر بالمعروف فليس كل منكر يغير حال حدوثه فالعبرة بالمصلحة و المفسدة المترتبة و فى الأمر تفصيل ) , ثم إنه قد يتعين (أى على فرد بعينه) كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو أو لا يتمكن من إزالته إلا هو ، كمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف قال العلماء رضي الله عنهم : ولا يسقط عن المكلف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكونه لا يفيد في ظنه بل يجب عليه فعله فإن الذكرى تنفع المؤمنين .. قال العلماء : ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأصحاب الولايات بل ذلك جائز لآحاد المسلمين . قال إمام الحرمين : والدليل عليه إجماع المسلمين فإن غير الولاة في الصدر الأول ، والعصر الذي يليه كانوا يأمرون الولاة بالمعروف ، وينهونهم عن المنكر ، مع تقرير المسلمين إياهم ، وترك توبيخهم على التشاغل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير ولاية ..ثم إنه إنما يأمر وينهى من كان عالما بما يأمر به وينهى عنه . اهـ

    خامساً : العمل بالأدلة العامة و ترك الأدلة الخاصة .

    1- الذى فعلوه فى السابق هو من العمل بالعموميات و ترك الأدلة الخاصة , و هذ أمر يضيع الدين و يحرفه .

    قال الله تعالى ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ )[ المائدة :3 ]

    قلت : فلفظة الدم هنا تحرم الدم بجميع أنواعه , و ليس الأمر كذلك فقد خصصت بدليل آخر .

    قال الله تعالى ( قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [الأنعام : 145 ]

    فالدم المحرم هو المسفوح , و هذا تقيد لوصف الدم المحرم بأنه المسفوح دون غيره .

    قال الإمام الطبرى فى تفسيره (9/429) : وأما"الدم"، فإنه الدم المسفوح، دون ما كان منه غير مسفوح، لأن الله جل ثناؤه قال:( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزيرٍ ) [سورة الأنعام: 145]، فأما ما كان قد صار في معنى اللحم، كالكبد والطحال، وما كان في اللحم غير منسفح، فإن ذلك غير حرام، لإجماع الجميع على ذلك . اهـ

    قلت : ودليل جواز أكل تلك الأشياء من السنة , فعن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أحلت لكم ميتتان ودمان فأما الميتتان فالحوت والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال ) (رواه ابن ماجة (3305) و غيره و صححه الألبانى السلسلة الصحيحة (3/111) ) .


    فالدليل الخاص لا يجوز تركه لأنه جزء من الدين يحدد مسألة ما و الدين لا يتجزأ , فلا يجوز الإختيار بالأهواء بل يجب العلم فالإتباع .

    قال الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) [ غافر : 56 ] .

    قال الله تعالى ( الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) [ غافر : 35 ] .

    و قال تعالى ( يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )
    [ الجاثية : 8 ] .

    فمن أسباب ضلال الناس العالم الفاسد .

    عن عبد الله بن المبارك قال كان سفيان الثوري يقول ( تعوذوا بالله من فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل ، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون ) ( صحيح : رواه الأجرى فى أخلاق العلماء (63) , و البيهقى فى المدخل (493) و اللفظ له و رواه غيرهما , و روي عن عمر بن عبد العزيز و لايصح من قوله )

    وما اسلفت هو مختصر لتلك المسألة لعل المنغمسين فى ذلك يرجعون .

    والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات

    (منقول : أعده مشرف الفقه في مجالس الطريق إلى الجنة)
    قال عمر بن عبد العزيز كان يقال ( إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِذَنْبِ الْخَاصَّةِ، وَلَكِنْ إِذَا عُمِلَ الْمُنْكَرُ جِهَارًا، اسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ كُلُّهُمْ ) رواه مالك في الموطأ (صحيح)

  • #2
    رد: تهنئة أهل الكتاب و نحوهم بأعيادهم

    جزاكم الله خيرا وأثابكم الفردوس

    تعليق


    • #3
      رد: تهنئة أهل الكتاب و نحوهم بأعيادهم
      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا ورفع قدركم

      اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

      تعليق


      • #4
        رد: تهنئة أهل الكتاب و نحوهم بأعيادهم

        للرفع
        اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

        تعليق

        يعمل...
        X