إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل تعرف ربك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: هل تعرف ربك



    الوهاب




    وهواسم تكرر في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع , قال الله تعالى ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب )"آل عمران :8" وقال تعالى (أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب )"ص:9" وقال تعالى في ذكر دعاء سليمان عليه السلام ( قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لاينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب )"ص :35 "

    والوهاب : هو كثير الهبة والمنة والعطية و "فعال " بتشديد العين وفتحها , وهو في كلام العرب للمبالغة , فالله جل وعلا وهاب , يهب لعباده من فضله العظيم , ويوالي عليهم النعم , ويوسع لهم في العطاء , ويجزل لهم في النوال , فجاءت الصفة "فعال " بتشديد العين , لكثرة ذلك وتواليه وتنوعه وسعته , وهو سبحانه بيده خزائن كل شيء وملكوت السماء والأرض ومقاليد الأمور , يتصرف في ملكه كيف شاء , فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن , يعطي من يشاء , ويمنع من يشاء , لا مانع لما أعطى , ولا معطي لما منع , فهو سبحانه يهب لمن يشاء ما يشاء , ولا تزال هباته على عبده متوالية , وعطاياه له متتالية , في عطاء دائم , وسخاء مستمر , يجود بالنوال قبل السؤال , من حين وضعت النطفة في الرحم , فنعمه وهباته للجنين , في بطن أمه دارة , يربيه أحسن تربية , فإذا وضعته أمه عطف عليه والديه , ورباه بنعمه حتى يبلغ أشده , يتقلب في نعم الله ومواهبه مدة حياته , وإذا كانت حياته على الإيمان والتقوى فهذه أشرف هبة , وإذا توفاه الله على ذلك نال من المواهب أضعاف , أضعاف ماكان عليه في الدنيا مما أعده الله تعالى لعباده المؤمنين المتقين , مما لا عين رأت , ولا أذن سمعت , ولا خطر على قلب بشر .

    وقد ذكر الله عزوجل في القرآن الكريم أنواعا من هباته , وذكر توجه أنبيائه والصالحين من عباده إليه في طلبها ونيلها ..
    فذكر سبحانه من هباته الرحمة التي من نالها نال سعادة الدنيا والآخرة , قال تعالى ( ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا )"مريم : 50" .
    وذكر سبحانه من هباته الحكم والملك , قال تعالى ( رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين )"الشعراء :83 "
    وقد ذكر سبحانه من هباته المنة على العبد بالزوجة الصالحة , والذرية الطيبة ما يكون به قرة عين الإنسان , قال تعالى ( ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا )"ص :43"
    وقال تعالى ( ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب )"ص: 30 "

    وهذه الهبات المتنوعة بيده سبحانه , فهو المالك لهذا الكون , المتصرف فيه سبحانه كما يشاء ..
    قال تعالى ( الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل و إسحاق إن ربي لسميع الدعاء ) "إبراهيم :39 "
    والحمد نفسه هبة يحتاج إلى حمد , ورى ابن أبي الدنيا في كتاب" الشكر " عن بكر بن عبدالله المزني قال : " ما قال عبد قط " الحمد لله إلا وجبت عليه نعمة بقوله : الحمد لله , فما جزاء تلك النعمة ؟ جزاؤها أن يقول : الحمد لله , فجاءت أخرى , ولا تنفذ نعم الله عزوجل " .

    ولذا قال الشافعي رحمه الله :" الحمد لله الذي لا يؤدى شكر نعمة من نعمه إلا نعمة حادثة توجب شكره عليها ".
    فالحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى , حمدا لا ينقطع ولا يبيد ولا ينفى عدد ما حمده الحامدون , له الحمد شكرا , وله المن فضلا , بيده الأمر في الآخرة والأولى ..

    تعليق


    • #17
      رد: هل تعرف ربك





      الفتاح..

      قال تعالى (وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ{89} "الأعراف ..
      وقال تعالى (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ{26}"سبأ..


      ومعنى هذا الاسم :أي : الذي يحكم بين عباده بما يشاء , ويقضي فيهم بما يريد , ويمن على من يشاء منهم بما يشاء , لا راد لحكمه , ولا معقب لقضائه و أمره , قال تعالى (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{2}"فاطر ..
      قال ابن القيم رحمه الله في "نونيته " في بيان هذا الاسم و إيضاح مدلوله ومعناه :
      وكذلك الفتاح من أسمائه و الفتح في أوصافه أمرأن
      فتح بحكم وهو شرع إلهنا والفتح بالأقدار فتح ثان
      والرب فتاح بذين كليهما عدلا و إحسانا من الرحمن
      قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في شرحه لهذه الأبيات :"فالفتاح هو الحكم المحسن الجواد , وفتحه تعالى قسمان :أحدهما : فتحه بحكمه الديني وحكمه الجزائي , و الثاني : الفتاح بحكمه القدري , ففتحه بحكه الديني هو شرعه على ألسنة رسله جميع ما يحتاجه المكلفون و يستقيمون به على الصراط المستقيم , و أما فتحه بجزائه فهو فتحه بين أنبيائه ومخالفيهم وبين أوليائه و أعدائهم , بإكرام الأنبياء و أتباعهم و نجاتهم , وبإهانة أعدائهم و عقوباتهم , وكذلك فتحه يوم القيامه و حكمه بين الخلائق حين يوفي كل عامل ما عمله.


      و أما فتحه القدري فهو ما يقدره على عباده من خير وشر ونفع وضر و عطاء ومنع , قال تعالى (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"2" فاطر ..
      فالرب تعالى هو الفتاح العليم , الذي يفتح لعباده الطائعين خزائن جوده و كرمه , و يفتح على أعدائه ضد ذلك , وذلك بفضله وعدله "


      وقال رحمه الله :" للفتاح معنيان :الأول : يرجع إلى معنى الحكم الذي يفتح بين عباده , و يحكم بينهم بشرعه ويحكم بينهم بإثابة الطائعين و عقوبة العاصين في الدنيا و الآخرة , كقوله تعالى (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ{26}"سبأ .. وقوله تعالى (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ{89}"الأعراف ..
      فالآية الأولى : فتحه بين العباد يوم القيامة , وهذا في الدنيا بأن ينصر الحق و أهله , ويذل الباطل و أهله , ويوقع بهم العقوبات ..
      المعنى الثاني : فتحه لعباده جميع أبواب الخيرات , قال تعالى ( ما يفتح الله للناس من رحمه فلا ممسك لها ) الآية , يفتح لعباده منافع الدنيا والدين , فيفتح لمن اختصهم بلطفه و عنايته أقفال القلوب , ويدر عليها من المعارف الربانية و الحقائق الإيمانية , ما يصلح أحوالها وتستقيم به على الصراط المستقيم , وأخص من ذلك أنه يفتح لأرباب محبته و الإقبال عليه علوما ربانية و أحوالا روحانية وأنوار ساطعة و فهوما و أذواقا صادقة , ويفتح أيضا لعباده أبواب الأرزاق و طرق الأسباب , ويهيء للمتقين من الأرزاق و أسبابها ما لا يحتسبون , ويعطي المتوكلين فوق ما يطلبون ويؤملون , وييسر لهم الأمور العسيرة , ويفتح لهم الأبواب المغلقة "


      ولهذا كان رسل الله يتوجهون إليه بطلب الفتح بينهم وبين أقوامهم فيما حصل بينهم من الخصومة . ومن فتحه سبحانه حكمه بين العباد يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون , كما قال سبحانه (قل يجمع بيننا ربنا بالحق وهو الفتاح العليم )أي : أنه سبحانه يحكم بينهم حكما يتبين به الصادق من الكاذب , والمحق من المبطل , و المستحق للثواب من المستحق للعقاب , ولهذا سمى تبارك وتعالى يوم القيامة بيوم الفتح في قوله تعالى (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ"29)"السجدة ..

      أي يوم القيامة الذي يحصل به عقابكم إذا جاء انقضى الأمر ولم يحصل لكم فيه إمهال ولم يكن فيه للتدارك أي مجال .
      هذا وإن إيمان العبد بأن ربه سبحانه هو الفتاح يستوجب من العبد حسن توجه إلى الله وحده بأن يفتح على قلبه بشرح صدره للخير , قال تعالى (أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ{22}"الزمر "
      قال القرطبي :" وهذا الفتح و الشرح ليس له حد , وقد أخذ كل مؤمن منه بحظ , ففاز منه الأنبياء بالقسم الأعلى , ثم من بعدهم الأولياء , ثم العلماء , ثم عوام المؤمنين , ولم يخيب الله منه سوى الكافرين ..وفي صحيح مسلم ( قال "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل : اللهم افتح لي أبواب رحمتك , وإذا خرج فليقل : اللهم إني أسألك من فضلك "
      فالرحمة والفضل و الخير كله بيد الله يفتح به على من يشاء و ييسره لمن يشاء , فكل هذا من آثار هذا الاسم ومقتضياته ..


      وإنا لنسأل الله ونتوسل إليه بهذا الاسم العظيم وندعوه بأنه الفتاح و بأنه خير الفاتحين أن يفتح على قلوبنا بالإيمان الصحيح و الاهتداء الكامل و اليقين الراسخ , وأن يفتح لنا خزائن رحمته و أبواب كرمه وموائده بره وواسع فضله ونعمه ,إنه سميع مجيب ..

      تعليق


      • #18
        رد: هل تعرف ربك

        للرفع ..

        رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

        تعليق

        يعمل...
        X