شيخنا الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نرجو الاجابة على السؤال التالي وبيان خطورة الامر ان كان يستدعي ذلك هل هذا التقسيم صحيح :
تنقسم موالاة الكفار ومظاهرتهم إلى :
(1) مظاهرتهم وموالاتهم في الظاهر مع حبهم و مودتهم في الباطن، وهو النوع المخرج من الملة المكفر .
(2) مظاهرتهم وموالاتهم في الظاهر لمصلحة الشخص وخوفه على نفسه، أو ملكه وسلطته، وهذا النوع كبيرة من كبائر الذنوب ليس مخرجاً من الملة .
(3) موالاتهم ومظاهرتهم لمصلحة المسلمين، ودرء الشر والفتنة عنهم وهذا النوع جائز .
************ *********
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعـد :
لاريب أن هذا التقسيم خطأ تنقضه نصوص الكتاب والسنة ، ومخالف لكلام أئمة العلم ، وقد امتلأت مؤلفات المتقدمين والمتأخرين من أئمة الدعوة من الفتاوى والرسائل التي تدل على بطلان هذا التقسيم ، مما لا يكاد يخفى على من طالع كتبهم .
ذلك أن من موالاة الكفار ومظاهرتهم على المسلمين من نواقض الاسلام ، بدلالة نصوص كثيرة سنذكر بعضها إن شاء الله ، وما كان كذلك فإنه يحكم به على ردة فاعله، ولايقال تتوقف ردته على مافي باطنه ، وحينئذ فلامعنى للتقسيم المذكور، هذا مع مافي التقسيم من تناقض في ألفاظه وتركيبه ، ذلك أنه يقول :
(موالاتهم ومظاهرتهم لمصلحة المسلمين ) ، فليت شعري كيف تكون موالاة ومظاهرة الكفار من مصلحة المسلمين ، وقد نص القرآن العظيم على أنها أضر شيء على الإسلام وأهله .
قال تعالى ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) .
قال الإمام ابن كثير رحمه الله : (ومعنى قوله " إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " أي إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين وإلا وقعت فتنة في الناس وهو التباس الأمر واختلاط المؤمنين بالكافرين فيقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل ) .
وما بعث الله الرسل ، إلا ليميز بهم بين أولياءه وأولياء الطاغوت ، ولا شُرع الجهاد أصلا إلا لمنع الكفر من أن يكون ظاهــرا ، كما قال تعالى ( وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله ) والفتنة هي الكفر .
ولا سلَّت سيوف العزّة إلا لمنع الكفار من أن يُتخـذوا أولياء ، كما قال تعالـــى ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء .. الآية ) ، وكما صح في الحديث ( أبايعك على أن تعبد الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتناصح المسلمين ، وتفارق المشركين ) رواه أحمد والنسائي من حديث جرير البجلي رضي الله عنه .
، فكيف تكون من مصلحة المسلمين في شيء أن يعان الكفار على ظهورهم واستعلاءهم على المسلمين بالقوة !!
كيف وقد قال تعالى ( ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون ) .
ولو أن السائل قال : مداراتهم أو معاملتهم بالحسنى ، أو اتقاء شرهم ، لمصلحة المسلمين لكان لذلك وجه ..
ومعلوم أن الألفاظ التي جعلها الله تعالى أسماء لما يناقض الإيمان ، لا يصح بحال أن يجمع بينها وبين المصالح الشرعية ، فلا يصح بحال أن يقال إن النفاق أو الكفر أو الشرك من مصلحة المسلمين ، فكذلك لا يصح أن يقال بحال إن موالاة الكفار ومظاهرتهم وهي الكفر بعينه ، والشرك باسمه ورسمه من مصلحة المسلمين . فالواجب أن يتنبه السائـل لهـذا .
كما أنه قد تقرر في أصول أهل السنة ، فيما يتعلق بأحكام المرتد أمران مهما :
أحدهما : أن نواقض الإيمان لا يندفــع حكم الردة عن الواقع فيها بعلم ، إلا عن المكره ، أما من اقترفها لانه استحب الحياة الدنيا على الآخرة ، فليس هذا بعذر يرفع عنه حكم الردة ، وسبحان الله ، أليس حب الدنيا هو أعظم ما دعا الكفار إلى كفرهم كما تعالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَـئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ ) .
وروى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلــــم : ( بادروا بالأعمال فتـنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا، و يمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا و يصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا ) .
الأمر الثاني : أن من أتى بناقض عملي ، يحكم بكفره بعد البيان ـ ويشترط البيان إن كان مثله يعذر بجهله في غير الأمور الجليّة ـ ولايقال إنه لا يكفر إلاّ إذا علمنا موافقة باطنه لظاهره ، بل هذا لا يقوله إلا المرجئة ، بل حتى المتقدمين منهم يقولون من فعل ما لا يكون إلا كفرا في الظاهر ، نحكم بكفره ظاهرا لأننا أمرنا شرعا بالعمل بالظاهر والله يتولى السرائــر ، فإن كان باطنه بخلاف ظاهره فهو مؤمن عند الله ، وإنما قال بعض مرجئة العصر ، لا يحكم بكفر من أتى بناقض إلا بعد أن يعرف أن باطنه يوافق ظاهره !!
فليت شعري ، ماذا نصنع إن لم يكن ثمــة سبيل إلى معرفـة باطنه .. فما فائدة هذا الشرط إذاً .. وأخــرى هــي أدهـى وأمــر ، ماذا لــو والـى الكفّار ، وظاهــرهم وأعانهم على نقض دين الإسلام عروة عروة ؟ وهو مع ذلك يزعم بلسانه أنه مؤمن بديننا بقلبه ، فما يغني عنـّا لسانه وهو يهدم الدين بفعلـــه ، وهل يزيـد قول لسانــه جريمة فعله غير شناعة وهل يزيد الامر غير تتبيب؟!!
فلاجرم لم يذكر الفقهاء هذا الشرط أعني اشتراط العلم بموافقة الباطن للظاهــر ، عند ذكر ما يصير به المسلم مرتدا من الأفعــال ، لأنــّه لامعنى لذكـره ، ولايجـــري اشتراطه ـ إذا كان الفعل ردة في حد ذاته ـ على فقه الشريعة البتة ، إذ المقصود بالحكم بالردة على فاعله منع نفس الفعـل ، ولا يخفى أنه يمكن لكل مرتد أن يزعم بلسانه أن باطنه مخالف لظاهر فعله ، ثم يفعل ما يشاء من أفعال الردة ، فيطوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا الباب .
ولهذا يحكم الفقهاء بردة من أتى بفعل لايصدر إلا من كافـر في الظاهــر ، كما يقول القاضي عياض رحمه الله ( وكذلك نكفر بكل فعل أجمع المسلمون أنه لا يصدر إلا من كافر وإن كان صاحبه مصرحا بالإسلام مع فعله ذلك كالسعي إلى الكنائس والبيع مع أهلها بزيهم ، ومن شد الزنانير ) الشفاء 2/1072ـ 1073
ومعلوم أن مقتضى نصوص الكتاب والسنة القطعية الثبوت والدلالة أن من يتولى الكافرين ويظاهرهم على المؤمنين أنه ناقض لايمانه مرتد كافر ، وقد بسطنا هذا في الجواب على عدة أسئلة سابقة .
ونذكر فيما يلي نقولا عن أئمة الدعوة تزيد ما ذكرناه وضوحا :
1ـ في أجوبة ابني شيخ الإسلام محمــد بن عبد الوهاب الإمامين حسين وعبدا لله مايلي :
المسألة الثانية وهي : الأشياء التي يصير بها المسلم مرتدا …
الثانية : إظهار الطاعة والموافقة للمشركين على دينهم والدليل قوله تعالى { إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم ، ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم ، فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم } .
وذكر الفقيه سليمان بن الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب في هذه المسألة عشرين آية من كتاب الله ، وحديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، استدل بها أن المسلم إذا أظهر الطاعة والموافقة للمشركين من غير إكراه ، أنه يكون بذلك مرتدا خارجا من الإسلام ، وان كان يشهد أن لااله إلا الله ، ويفعل الأركان الخمسة أن ذلك لا ينفعه ) مجموعة التوحيد 403
قال العلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله جميعا : ( اعلم رحمك الله أن الإنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم خوفا منهم ومداراة لهم ومداهنة لدفع شرهم فإنه كافر مثلهم ، وإن كان يكره دينهم ويبغضهم ويحب الإسلام والمسلمين ، ... ولايستثنى من ذلك إلا المكره ، وهو الذي يستولي عليه المشركون فيقولون اكفر ، أو افعل كذا ، وإلا فعلنا بك وقتلناك ، أو يأخذونه فيعذبونه حتى يوافقهم فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب ) الدرر السنية 7/58
2ـ وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ( أن يوافقهم في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن وهو ليس في سلطانهم ، وانما حمله على ذلك إما طمع في رياسة أو مال أو مشحة بوطن أو عيال ، أو خوف مما يحدث في المآل ، فانه في هذه الحال يكون مرتدا ولا تنفعه كراهته لهم في الباطن ، وهو ممـــن قال الله فيهم { ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين } ، فاخبر أنه لم يحملهم على الكفر الجهل أو بغضه ، ولامحبة الباطل ، وانما هو أن لهم حظا من حظوظ الدنيا فآثروه على الدين ) مجموعة التوحيد 418
3ـ وقال أيضا : ( نقول أعداؤنا معنا على أنواع :
الأول : من عرف أن التوحيد دين الله ورسوله وأن هذه الاعتقادات في الحجر والشجر والبشر انه الشرك ولم يلتفت الى التوحيد علما وعملا ولا ترك الشرك فهذا كافر نقاتله ) .
ثم قال ( النوع الثاني : من عرف ولكن سب أهل التوحيد ومدح من عبد يوسف والأشقر وأبي علي والخضر ( وهي أضرحة كانت يطاف حولها ويستغاث بها ويسجد لها على زعم أن المقبورين فيها من الصالحين الذين يشفعون عند الله ) وفضلهم على من وحد الله وترك الشرك فهذا اعظم كفرا ..
النوع الثالث : من عرف التوحيد واحبه واتبعه وعرف الشرك وتركه لكن يكره من دخل في التوحيد ويحب من بقي على الشرك فهذا أيضا كافر .
النوع الرابع : من سلم من هذا كله لكن أهل بدله يصرحون بعداوة أهل التوحيد واتباع أهل الشرك ، ويسعون في قتالهم وعذره أن ترك وطنه يشق عليه ، فيقاتل أهل التوحيد مع أهل بلده ، ويجاهد بماله ونفسه ، فهذا أيضا كافر ، لانهم لو أمروه بترك صيام رمضان ، ولا يمكنه ذلك إلا بفراق وطنه فعل ، ولو أمروه أن يتزوج امرأة أبيه ، ولا يمكنه مفارقتهم إلا بفراق وطنه فعل ، وأما موافقتهم على الجهاد بماله ونفسه مع أنهم يريدون قطع دين الله ورسوله فأكبر مما ذكرنا بكثير ، فهذا أيضا كافر ممن قال الله فيهم ( ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم … الآية ) المسائل النجدية 4/300
4ـ وقال بعد ذكر نواقض الإسلام العشرة المشهورة :
ومنها الناقض الثامن : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالــــى : (( ومن يتولهم منكم فأنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )) .
وقال الإمام ـ رحمه الله : ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره )) .
5ـ وقال الشيخ حمــد بن عتيـــــق فــــــي (( الدفاع عن أهل السنة والاتِّباع))(ص32) : (( وقد تقدم أنَّ مظاهرة المشركين ودلالتهـم على عورات المسلمين أو الذب عنهم بلسان ٍ ، أو الرضى بما هم عليه ، كل هذه مُكفِّرات ممن صدرت منه من غير الإكراه المذكور فهو مرتد، وإن كان مع ذلك يُبْغض الكفار ويحب المسلمين )) .
والخلاصة أن التقسيم المذكور غير صحيح ، والصحيح أن يقال إن موالاة الكفار ومظاهرتهم على المسلمين من نواقض الإيمان ، سواء فعل ذلك حبا في الكفار ، أو طمعا في ملك أو رغبة في دنيا ، أو مصلحة لشخصه أو زعامته أو قومه وقبيلته ، وهذا كله مقتضى نصوص الكتاب و السنة ، و لم يختلف فيه أئمة الدعوة ، ومن قال غير ذلك أو نسب إليهم غيره فقد غلط عليهم غلطا بيّنا .
غير أن التعامل مع الكفار لا يلزم بالضرورة أن يكون موالاة لهم :
ومعلوم أن معاملتهم قد تبلغ إلى حــد أن يتناولها اسم الموالاة والمظاهرة فتكون ردة .
وقد لا تبلغ ذلك ، بل تكون من قبيل ( الموالاة التي هي ليست توليا لهم ) عند من يفرق بين التولي فيجعله ردة ، والموالاة فيجعلها من الكبائـر ، فتكــــون من الكبائر ، والصحيح أنه لافرق لان التولي والموالاة اشتقاقان للفعل لا أكثر .
وقد تكـون من قبيل التعامل المشروع في الجملة ، ثم قد يحصل بهذا التعامل مصلحة خاصّة أو عامّة ، فيكون حكمه بحسب المصالح المترتبة عليه إن كانت شرعية كان ذلك من العمل الصالح ، أو دنيوية كان ذلك من قبيل المباح ، وإن جمع بين المصالح والمفاسـد كان الحكم للأرجح منهمـــا ، سواء كانت دينية أو دنيوية .
وننبه إلى أن العالم لاسيما في هذا العصر لايمكن أن يعيش فيه المسلمون من غير التعامل مع غيرهم ، فالعالم كله يشتبك في شبكات ضخمة تجميع شعوب العالم شاؤوا أم أبوا في تعاملات لا تحصى ، لايمكن لمجتمع أو دولة أن تنفصل عنها طرفة عين .
ومع ذلك فكل أمة تعد بعض التصرفات مع عدوها خيانة تستوجب المروق منها ، كذلك هذه الأمة الإسلامية قد جُعل فيها موالاة الكفار ومظاهرتهم على المسلمين هــي الخيانة العظمى التي تستوجب مروق فاعلها من هذه الأمة ، سواء كان حاكما أو محكوما ، ولا ينفعه أن يعتذر لها أن باطنه كان مع هذه الأمة، هيهات بل هو مارق كافر مرتد خائن لدينه وأمته ، منذ أن سمح لنفسه أن يكون عونا للكفار ومخططاتهم الخبيثة على هذه الأمة وهي تعيش أحلك أزمنة محنتها، وهي أحوج ما تكون إلى من ينصرهـــــا .
ولنختم بهذه الأبيات الجميلة التي قالها بعض الشعراء وهي في الدرر السنية في الأجوبة النجدية 7/ 190ـ 191:
وشتت شمل الدين وانبت حبله ** وصــار مُضاعا بين شر العساكر
وأُذن بالناقوس والطبل أهلهـا ** ولم يرض بالتوحيد حزب المزامر
وأصبح أهل الحق بين معاقب ** وبيـن طريد في القبائل صائـــر
***********
فقل للغوي المستجير بظلمهم ** ستُحشـر يوم الدين بين الأصاغر
ويُكشف للمرتاب أي بضاعة ** أضاع وهل ينجو مجيرُ أمِّ عامـر
ويعلم يوم الجمع أيَّ جنايـة ** جناها وما يلقاه مـن مكر ماكـر
************ **
فيا أمة ضلت سبيل نبيهــا ** وآثاره يوم اقتحــام الكبائر
يعز بهم دين الصليب وآلـه ** وأنتم بهم ما بين راض وآمر
وتهجر آيات الهدى ومصاحف** ويحكم بالقانون وسط العساكر
************ ****
وهل نافع للمجرميـن اعتذارهــم ** إذا دار يوم الجمع سوء الدوائر
وقال الشقي المفترى كنت كارهـا ** ضعيفا مضاعا بين تلك العساكـر
أماني تلقاها لكل متبـــــــر ** حقيقتها نبذ الهـدى والشعائـر
************ *****
فإن شئت أن تحضى بكل فضيلة ** وتظهر في ثوب من المجد باهر
وتدنو من الجبار جل جلالــه ** إلى غايـة فوق العلى والمظاهر
فهاجر إلى رب البرية طالـبـا ** رضـاه وراغـم بالهدى كل جائر
وجانب سبيل العادلين بربهــم ** ذوي الشرك والتعطيل كـل غادر
************ ******
وبادر إلى رفع الشكاية ضارعا ** إلى كاشف البلوى عليم السرائر
وكابد إلىأن تبلغ النفس عذرها ** وترفع في ثوب مـن العفو ساتـر
ولاتيأسن من صنع ربك إنــه ** مجيــب وإن الله أقرب ناصـر
ألم تر أن الله يبدي بلطفـــه ** ويعقب بعد العسر يسرا لصابـر
حامد بن عبد الله العلى
نرجو الاجابة على السؤال التالي وبيان خطورة الامر ان كان يستدعي ذلك هل هذا التقسيم صحيح :
تنقسم موالاة الكفار ومظاهرتهم إلى :
(1) مظاهرتهم وموالاتهم في الظاهر مع حبهم و مودتهم في الباطن، وهو النوع المخرج من الملة المكفر .
(2) مظاهرتهم وموالاتهم في الظاهر لمصلحة الشخص وخوفه على نفسه، أو ملكه وسلطته، وهذا النوع كبيرة من كبائر الذنوب ليس مخرجاً من الملة .
(3) موالاتهم ومظاهرتهم لمصلحة المسلمين، ودرء الشر والفتنة عنهم وهذا النوع جائز .
************ *********
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعـد :
لاريب أن هذا التقسيم خطأ تنقضه نصوص الكتاب والسنة ، ومخالف لكلام أئمة العلم ، وقد امتلأت مؤلفات المتقدمين والمتأخرين من أئمة الدعوة من الفتاوى والرسائل التي تدل على بطلان هذا التقسيم ، مما لا يكاد يخفى على من طالع كتبهم .
ذلك أن من موالاة الكفار ومظاهرتهم على المسلمين من نواقض الاسلام ، بدلالة نصوص كثيرة سنذكر بعضها إن شاء الله ، وما كان كذلك فإنه يحكم به على ردة فاعله، ولايقال تتوقف ردته على مافي باطنه ، وحينئذ فلامعنى للتقسيم المذكور، هذا مع مافي التقسيم من تناقض في ألفاظه وتركيبه ، ذلك أنه يقول :
(موالاتهم ومظاهرتهم لمصلحة المسلمين ) ، فليت شعري كيف تكون موالاة ومظاهرة الكفار من مصلحة المسلمين ، وقد نص القرآن العظيم على أنها أضر شيء على الإسلام وأهله .
قال تعالى ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) .
قال الإمام ابن كثير رحمه الله : (ومعنى قوله " إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " أي إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين وإلا وقعت فتنة في الناس وهو التباس الأمر واختلاط المؤمنين بالكافرين فيقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل ) .
وما بعث الله الرسل ، إلا ليميز بهم بين أولياءه وأولياء الطاغوت ، ولا شُرع الجهاد أصلا إلا لمنع الكفر من أن يكون ظاهــرا ، كما قال تعالى ( وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله ) والفتنة هي الكفر .
ولا سلَّت سيوف العزّة إلا لمنع الكفار من أن يُتخـذوا أولياء ، كما قال تعالـــى ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء .. الآية ) ، وكما صح في الحديث ( أبايعك على أن تعبد الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتناصح المسلمين ، وتفارق المشركين ) رواه أحمد والنسائي من حديث جرير البجلي رضي الله عنه .
، فكيف تكون من مصلحة المسلمين في شيء أن يعان الكفار على ظهورهم واستعلاءهم على المسلمين بالقوة !!
كيف وقد قال تعالى ( ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون ) .
ولو أن السائل قال : مداراتهم أو معاملتهم بالحسنى ، أو اتقاء شرهم ، لمصلحة المسلمين لكان لذلك وجه ..
ومعلوم أن الألفاظ التي جعلها الله تعالى أسماء لما يناقض الإيمان ، لا يصح بحال أن يجمع بينها وبين المصالح الشرعية ، فلا يصح بحال أن يقال إن النفاق أو الكفر أو الشرك من مصلحة المسلمين ، فكذلك لا يصح أن يقال بحال إن موالاة الكفار ومظاهرتهم وهي الكفر بعينه ، والشرك باسمه ورسمه من مصلحة المسلمين . فالواجب أن يتنبه السائـل لهـذا .
كما أنه قد تقرر في أصول أهل السنة ، فيما يتعلق بأحكام المرتد أمران مهما :
أحدهما : أن نواقض الإيمان لا يندفــع حكم الردة عن الواقع فيها بعلم ، إلا عن المكره ، أما من اقترفها لانه استحب الحياة الدنيا على الآخرة ، فليس هذا بعذر يرفع عنه حكم الردة ، وسبحان الله ، أليس حب الدنيا هو أعظم ما دعا الكفار إلى كفرهم كما تعالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَـئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ ) .
وروى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلــــم : ( بادروا بالأعمال فتـنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا، و يمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا و يصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا ) .
الأمر الثاني : أن من أتى بناقض عملي ، يحكم بكفره بعد البيان ـ ويشترط البيان إن كان مثله يعذر بجهله في غير الأمور الجليّة ـ ولايقال إنه لا يكفر إلاّ إذا علمنا موافقة باطنه لظاهره ، بل هذا لا يقوله إلا المرجئة ، بل حتى المتقدمين منهم يقولون من فعل ما لا يكون إلا كفرا في الظاهر ، نحكم بكفره ظاهرا لأننا أمرنا شرعا بالعمل بالظاهر والله يتولى السرائــر ، فإن كان باطنه بخلاف ظاهره فهو مؤمن عند الله ، وإنما قال بعض مرجئة العصر ، لا يحكم بكفر من أتى بناقض إلا بعد أن يعرف أن باطنه يوافق ظاهره !!
فليت شعري ، ماذا نصنع إن لم يكن ثمــة سبيل إلى معرفـة باطنه .. فما فائدة هذا الشرط إذاً .. وأخــرى هــي أدهـى وأمــر ، ماذا لــو والـى الكفّار ، وظاهــرهم وأعانهم على نقض دين الإسلام عروة عروة ؟ وهو مع ذلك يزعم بلسانه أنه مؤمن بديننا بقلبه ، فما يغني عنـّا لسانه وهو يهدم الدين بفعلـــه ، وهل يزيـد قول لسانــه جريمة فعله غير شناعة وهل يزيد الامر غير تتبيب؟!!
فلاجرم لم يذكر الفقهاء هذا الشرط أعني اشتراط العلم بموافقة الباطن للظاهــر ، عند ذكر ما يصير به المسلم مرتدا من الأفعــال ، لأنــّه لامعنى لذكـره ، ولايجـــري اشتراطه ـ إذا كان الفعل ردة في حد ذاته ـ على فقه الشريعة البتة ، إذ المقصود بالحكم بالردة على فاعله منع نفس الفعـل ، ولا يخفى أنه يمكن لكل مرتد أن يزعم بلسانه أن باطنه مخالف لظاهر فعله ، ثم يفعل ما يشاء من أفعال الردة ، فيطوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا الباب .
ولهذا يحكم الفقهاء بردة من أتى بفعل لايصدر إلا من كافـر في الظاهــر ، كما يقول القاضي عياض رحمه الله ( وكذلك نكفر بكل فعل أجمع المسلمون أنه لا يصدر إلا من كافر وإن كان صاحبه مصرحا بالإسلام مع فعله ذلك كالسعي إلى الكنائس والبيع مع أهلها بزيهم ، ومن شد الزنانير ) الشفاء 2/1072ـ 1073
ومعلوم أن مقتضى نصوص الكتاب والسنة القطعية الثبوت والدلالة أن من يتولى الكافرين ويظاهرهم على المؤمنين أنه ناقض لايمانه مرتد كافر ، وقد بسطنا هذا في الجواب على عدة أسئلة سابقة .
ونذكر فيما يلي نقولا عن أئمة الدعوة تزيد ما ذكرناه وضوحا :
1ـ في أجوبة ابني شيخ الإسلام محمــد بن عبد الوهاب الإمامين حسين وعبدا لله مايلي :
المسألة الثانية وهي : الأشياء التي يصير بها المسلم مرتدا …
الثانية : إظهار الطاعة والموافقة للمشركين على دينهم والدليل قوله تعالى { إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم ، ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم ، فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم } .
وذكر الفقيه سليمان بن الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب في هذه المسألة عشرين آية من كتاب الله ، وحديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، استدل بها أن المسلم إذا أظهر الطاعة والموافقة للمشركين من غير إكراه ، أنه يكون بذلك مرتدا خارجا من الإسلام ، وان كان يشهد أن لااله إلا الله ، ويفعل الأركان الخمسة أن ذلك لا ينفعه ) مجموعة التوحيد 403
قال العلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله جميعا : ( اعلم رحمك الله أن الإنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم خوفا منهم ومداراة لهم ومداهنة لدفع شرهم فإنه كافر مثلهم ، وإن كان يكره دينهم ويبغضهم ويحب الإسلام والمسلمين ، ... ولايستثنى من ذلك إلا المكره ، وهو الذي يستولي عليه المشركون فيقولون اكفر ، أو افعل كذا ، وإلا فعلنا بك وقتلناك ، أو يأخذونه فيعذبونه حتى يوافقهم فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب ) الدرر السنية 7/58
2ـ وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ( أن يوافقهم في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن وهو ليس في سلطانهم ، وانما حمله على ذلك إما طمع في رياسة أو مال أو مشحة بوطن أو عيال ، أو خوف مما يحدث في المآل ، فانه في هذه الحال يكون مرتدا ولا تنفعه كراهته لهم في الباطن ، وهو ممـــن قال الله فيهم { ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين } ، فاخبر أنه لم يحملهم على الكفر الجهل أو بغضه ، ولامحبة الباطل ، وانما هو أن لهم حظا من حظوظ الدنيا فآثروه على الدين ) مجموعة التوحيد 418
3ـ وقال أيضا : ( نقول أعداؤنا معنا على أنواع :
الأول : من عرف أن التوحيد دين الله ورسوله وأن هذه الاعتقادات في الحجر والشجر والبشر انه الشرك ولم يلتفت الى التوحيد علما وعملا ولا ترك الشرك فهذا كافر نقاتله ) .
ثم قال ( النوع الثاني : من عرف ولكن سب أهل التوحيد ومدح من عبد يوسف والأشقر وأبي علي والخضر ( وهي أضرحة كانت يطاف حولها ويستغاث بها ويسجد لها على زعم أن المقبورين فيها من الصالحين الذين يشفعون عند الله ) وفضلهم على من وحد الله وترك الشرك فهذا اعظم كفرا ..
النوع الثالث : من عرف التوحيد واحبه واتبعه وعرف الشرك وتركه لكن يكره من دخل في التوحيد ويحب من بقي على الشرك فهذا أيضا كافر .
النوع الرابع : من سلم من هذا كله لكن أهل بدله يصرحون بعداوة أهل التوحيد واتباع أهل الشرك ، ويسعون في قتالهم وعذره أن ترك وطنه يشق عليه ، فيقاتل أهل التوحيد مع أهل بلده ، ويجاهد بماله ونفسه ، فهذا أيضا كافر ، لانهم لو أمروه بترك صيام رمضان ، ولا يمكنه ذلك إلا بفراق وطنه فعل ، ولو أمروه أن يتزوج امرأة أبيه ، ولا يمكنه مفارقتهم إلا بفراق وطنه فعل ، وأما موافقتهم على الجهاد بماله ونفسه مع أنهم يريدون قطع دين الله ورسوله فأكبر مما ذكرنا بكثير ، فهذا أيضا كافر ممن قال الله فيهم ( ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم … الآية ) المسائل النجدية 4/300
4ـ وقال بعد ذكر نواقض الإسلام العشرة المشهورة :
ومنها الناقض الثامن : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالــــى : (( ومن يتولهم منكم فأنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )) .
وقال الإمام ـ رحمه الله : ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره )) .
5ـ وقال الشيخ حمــد بن عتيـــــق فــــــي (( الدفاع عن أهل السنة والاتِّباع))(ص32) : (( وقد تقدم أنَّ مظاهرة المشركين ودلالتهـم على عورات المسلمين أو الذب عنهم بلسان ٍ ، أو الرضى بما هم عليه ، كل هذه مُكفِّرات ممن صدرت منه من غير الإكراه المذكور فهو مرتد، وإن كان مع ذلك يُبْغض الكفار ويحب المسلمين )) .
والخلاصة أن التقسيم المذكور غير صحيح ، والصحيح أن يقال إن موالاة الكفار ومظاهرتهم على المسلمين من نواقض الإيمان ، سواء فعل ذلك حبا في الكفار ، أو طمعا في ملك أو رغبة في دنيا ، أو مصلحة لشخصه أو زعامته أو قومه وقبيلته ، وهذا كله مقتضى نصوص الكتاب و السنة ، و لم يختلف فيه أئمة الدعوة ، ومن قال غير ذلك أو نسب إليهم غيره فقد غلط عليهم غلطا بيّنا .
غير أن التعامل مع الكفار لا يلزم بالضرورة أن يكون موالاة لهم :
ومعلوم أن معاملتهم قد تبلغ إلى حــد أن يتناولها اسم الموالاة والمظاهرة فتكون ردة .
وقد لا تبلغ ذلك ، بل تكون من قبيل ( الموالاة التي هي ليست توليا لهم ) عند من يفرق بين التولي فيجعله ردة ، والموالاة فيجعلها من الكبائـر ، فتكــــون من الكبائر ، والصحيح أنه لافرق لان التولي والموالاة اشتقاقان للفعل لا أكثر .
وقد تكـون من قبيل التعامل المشروع في الجملة ، ثم قد يحصل بهذا التعامل مصلحة خاصّة أو عامّة ، فيكون حكمه بحسب المصالح المترتبة عليه إن كانت شرعية كان ذلك من العمل الصالح ، أو دنيوية كان ذلك من قبيل المباح ، وإن جمع بين المصالح والمفاسـد كان الحكم للأرجح منهمـــا ، سواء كانت دينية أو دنيوية .
وننبه إلى أن العالم لاسيما في هذا العصر لايمكن أن يعيش فيه المسلمون من غير التعامل مع غيرهم ، فالعالم كله يشتبك في شبكات ضخمة تجميع شعوب العالم شاؤوا أم أبوا في تعاملات لا تحصى ، لايمكن لمجتمع أو دولة أن تنفصل عنها طرفة عين .
ومع ذلك فكل أمة تعد بعض التصرفات مع عدوها خيانة تستوجب المروق منها ، كذلك هذه الأمة الإسلامية قد جُعل فيها موالاة الكفار ومظاهرتهم على المسلمين هــي الخيانة العظمى التي تستوجب مروق فاعلها من هذه الأمة ، سواء كان حاكما أو محكوما ، ولا ينفعه أن يعتذر لها أن باطنه كان مع هذه الأمة، هيهات بل هو مارق كافر مرتد خائن لدينه وأمته ، منذ أن سمح لنفسه أن يكون عونا للكفار ومخططاتهم الخبيثة على هذه الأمة وهي تعيش أحلك أزمنة محنتها، وهي أحوج ما تكون إلى من ينصرهـــــا .
ولنختم بهذه الأبيات الجميلة التي قالها بعض الشعراء وهي في الدرر السنية في الأجوبة النجدية 7/ 190ـ 191:
وشتت شمل الدين وانبت حبله ** وصــار مُضاعا بين شر العساكر
وأُذن بالناقوس والطبل أهلهـا ** ولم يرض بالتوحيد حزب المزامر
وأصبح أهل الحق بين معاقب ** وبيـن طريد في القبائل صائـــر
***********
فقل للغوي المستجير بظلمهم ** ستُحشـر يوم الدين بين الأصاغر
ويُكشف للمرتاب أي بضاعة ** أضاع وهل ينجو مجيرُ أمِّ عامـر
ويعلم يوم الجمع أيَّ جنايـة ** جناها وما يلقاه مـن مكر ماكـر
************ **
فيا أمة ضلت سبيل نبيهــا ** وآثاره يوم اقتحــام الكبائر
يعز بهم دين الصليب وآلـه ** وأنتم بهم ما بين راض وآمر
وتهجر آيات الهدى ومصاحف** ويحكم بالقانون وسط العساكر
************ ****
وهل نافع للمجرميـن اعتذارهــم ** إذا دار يوم الجمع سوء الدوائر
وقال الشقي المفترى كنت كارهـا ** ضعيفا مضاعا بين تلك العساكـر
أماني تلقاها لكل متبـــــــر ** حقيقتها نبذ الهـدى والشعائـر
************ *****
فإن شئت أن تحضى بكل فضيلة ** وتظهر في ثوب من المجد باهر
وتدنو من الجبار جل جلالــه ** إلى غايـة فوق العلى والمظاهر
فهاجر إلى رب البرية طالـبـا ** رضـاه وراغـم بالهدى كل جائر
وجانب سبيل العادلين بربهــم ** ذوي الشرك والتعطيل كـل غادر
************ ******
وبادر إلى رفع الشكاية ضارعا ** إلى كاشف البلوى عليم السرائر
وكابد إلىأن تبلغ النفس عذرها ** وترفع في ثوب مـن العفو ساتـر
ولاتيأسن من صنع ربك إنــه ** مجيــب وإن الله أقرب ناصـر
ألم تر أن الله يبدي بلطفـــه ** ويعقب بعد العسر يسرا لصابـر
حامد بن عبد الله العلى
تعليق