إن الحديث عن الإيمان حديث مهم
لكل من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد – صلى الله عليه وسلم نبياً، والمؤمن مطالب بتعاهد إيمانه، والحرص على زيادته، وتنقيته مما يشوبه ويعلق به.. ولحاجتي إلى الموضوع
أولاً
حرصت أن أضرب بسهمي فيه، وأبحث عن ثمرات المتصفين به، وعوامل تقويته، ولأن الحق جل وعلا أمرنا بالتعاون على البر، والتواصي بالحق والصبر، نشرته؛
لتعم ثمرته، وتتم فائدته.
الإيمان لغة: قال ابن منظور في لسان العرب:
إن الإيمان مصدر آمن يؤمن إيماناً، فهو مؤمن،
واتفق أهل العلم من اللغويين وغيرهم أن الإيمان معناه التصديق. والأمن ضد الخوف،
وهو: طمأنينة النفس وزوال الخوف، والإيمان: التصديق المؤدي إلى الطمأنينة..
وقد سئل الخليل بن أحمد ما الإيمان؟
قال: هو الطمأنينة. ولأن العبد إذا آمن أمّنه الله وصار في أمانه، قال عز وجل:
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُون} الأنعام: 82.
ومن أسماء الحق جل وعلا: "المؤمن"، هو الذي يصْدق عباده وعده، فهو من الإيمان بمعنى التصديق.
أو يؤمنهم في القيامة من عذابه، فهو من الأمان والأمن الذي هو ضد الخوف.
والإيمان في الاصطلاح:
عرفه أهل الحديث مالك والأوزاعي والشافعي وغيرهم من أهل العلم بأنه اعتقاد بالقلب،
وقول باللسان.
قال الله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ..} المائدة 41،
وعمل بالأركان، قاله ابن عباس، والبراء، وقتادة، وغيرهم. ثمرات الإيمان: العلم الذي هو مطمح كل مؤمن. قال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ..}.
ثمرة العلم العم به، ولا يقبل عمل بلا إيمان،
وقال رجل للشافعي: أي الأعمال عند الله أفضل؟
وقال: ما لا يقبل العمل إلا به. قال: وما ذاك. قال: الإيمان بالله؛ هو أعلى الأعمال درجة، وأشرفها حظاً. ذكره ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود (12/293)،
ودليل هذا قوله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ}
قال السمعاني في تفسيره (2/408):
{فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} أي: يتقبل عمله. قال القرطبي في تفسيره (11/339): {فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} أي: لا يجوز لعمله، أي: لا يضيع جزاؤه.. {وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ} لعمله حافظون نظيره
{أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى}.
الهداية والبشارة من الله المؤمنين بقوله تعالى:
{قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}.
ولاية الله للمؤمنين، وإخراجهم من الظلمات إلى النور بقوله تعالى: {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ}.
يقول ابن القيم في بدائع الفوائد (2/446):
فالإيمان كله نور ومآله نور، ومستقره في القلب المضيء المستنير، المقترن بأثقل الأرواح المستنيرة. المؤمن أولى الناس بخليل الله ومصطفاه إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام قال تعالى:
{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}
يقول الشيخ السعدي في تفسيره (1/134):
"كانت الأديان كلها اليهود والنصارى والمشركون وكذلك المسلمون كلهم يدعون أنهم على ملة إبراهيم، فأخبر الله تعالى أن أولى الناس به محمد – صلى الله عليه وسلم – وأتباعه وأتباع الخليل قبل محمد – صلى الله عليه وسلم -.
أما اليهود والنصارى والمشركون فإبراهيم برئ منهم ومن ولايتهم؛ لأن دينه الحنيفية السمحة".
القوة المعنوية، والنصرة الحسية، لا تكون إلا للمؤمنين، يقول تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِم}، ويقول: {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} ويقول: {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}. الأمن النفسي، وكلما زاد إيمان العبد اطمأنت نفسه، وسكنت جوارحه، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُون}. النجاة من عذاب الدنيا والآخرة تكون للمؤمنين، قال تعالى: {وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا..}، وقال: {وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ{، وقال: {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ}.. قال الشيخ السعدي في التفسير (1/375): "وينجيهم من مكاره الدنيا والآخرة وشدائدهما" . والنجاة أيضاً من الغموم: {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ}. الموعظة والذكرى لا ينتفع بها إلا المؤمنون
{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}
. قدم الصدق عند الله بشارة منه
{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ..}، وقال ابن كثير في معنى قول تعالى {قَدَمَ صِدْقٍ}، واختلفوا فيه فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أقدم صدق، سبقت لهم السعادة في الذكر الأول، وقال العوفي عن ابن عباس يقول: أجراً حسناً بما قدموا، وكذا قال الضحاك والربيع بن أنس.... وقال مجاهد: (قدم صدق) الأعمال الصالحة صلاتهم وصومهم.. وتسبيحهم، قال: ومحمد – صلى الله عليه وسلم – يشفع لهم (التفسير). دفاع الله عن المؤمنين قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}
يقول الشيخ السعدي في تفسيره (1/539):
"هذه إخبار ووعد وبشارة من الله للذين آمنوا أن الله يدفع عنهم كل مكروه، ويدفع عنهم بسبب إيمانهم كل شر من شرور الكفار، وشرور وسوسة الشيطان، وشرور أنفسهم، وسيئات أعمالهم، ويحمل عنهم عند نزول المكاره ما لا يتحملون فيخفف عنهم غاية التخفيف، وكل مؤمن له من هذه المدافعة والفضيلة بحسب إيمانه فمستقل ومستكثر" . الفلاح. يقول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}، قال الشيخ السعدي في تفسيره (1/547): "هذا تنويه من الله يذكر عباده المؤمنين فبذكر فلاحهم وسعادتهم، وبأي شيء وصلوا إلى ذلك، وفي ضمن ذلك الحث على الاتصاف بصفاتهم، والترغيب فيها، فليزن العبد نفسه وغيره على هذه الآيات، يعرف بذلك ما معه وما مع غيره من الإيمان زيادة ونقصاً، كثرة وقلة فقوله:
يقول الشيخ السعدي في تفسيره (1/539):
"هذه إخبار ووعد وبشارة من الله للذين آمنوا أن الله يدفع عنهم كل مكروه، ويدفع عنهم بسبب إيمانهم كل شر من شرور الكفار، وشرور وسوسة الشيطان، وشرور أنفسهم، وسيئات أعمالهم، ويحمل عنهم عند نزول المكاره ما لا يتحملون فيخفف عنهم غاية التخفيف، وكل مؤمن له من هذه المدافعة والفضيلة بحسب إيمانه فمستقل ومستكثر" . الفلاح. يقول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}، قال الشيخ السعدي في تفسيره (1/547): "هذا تنويه من الله يذكر عباده المؤمنين فبذكر فلاحهم وسعادتهم، وبأي شيء وصلوا إلى ذلك، وفي ضمن ذلك الحث على الاتصاف بصفاتهم، والترغيب فيها، فليزن العبد نفسه وغيره على هذه الآيات، يعرف بذلك ما معه وما مع غيره من الإيمان زيادة ونقصاً، كثرة وقلة فقوله:
{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} أي قد فازوا وسعدوا ونجحوا وأدركوا كل ما يروه المؤمنون الذي آمنوا بالهل وصدقوا المرسلين.. وقال الشنقيطي في أضواء البيان (5/305)/. "وفلاح المؤمنين مذكور ذكراً كثيراً في القرآن كقوله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا}..". المؤمن مجيب لنداء ربه، قال تعالى: {رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ}. يقول ابن القيم في الزاد (3/75): "لقد حرك الداعي إلى الله وإلى دار السلام النفوس الأبية والهمم العالية، وأسمع منادي الإيمان من كانت له أذن واعية، وأسمع الله من كان حياً فهزه السماع إلى منازل الأبرار، وحدا به في طريق سيده، فما حطت به رحالة إلا بدار القرار". الإخراج من الظلمات إلى النور، ويقول الحق جل وعلا: {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ..}. وتأمل – رحمك الله – في إفراده للنور وجمعه الظلمات، يقول ابن القيم في بدائع الفوائد (1/127): "ولما كانت الظلمة بمنزلة طرق الباطل، والنور بمنزلة طريق الحق، فقد أفرد النور، وجمع الظلمات، ووحد ولي الذين آمنوا وهو الله الواحد الأحد، وجمع الذين كفروا لتعددهم وكثرتهم، وجمع الظلمات وهي طرق الضلال والغي لكثرتها واختلافها، ووحد النور وهـو دينه الحـق، وطريقه المستقيم الذي لا طريق إليه ســواه".. وقد سبق هذه الآية في سورة البقرة قول الحق تبارك وتعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ...} فذكر في هذه الآية الأساس، ثم ثنى بالثمرة، فأخبر تعالى أن الذين آمنوا بالله وصدقوا إيمانهم بالقيام بواجبات الإيمان، وترك ما ينافيه أن وليهم يتولاهم بولايته الخاصة، ويتولى تربيتهم، فيخرجهم من ظلمات الجهل والكفر والمعاصي والغفلة إلى نور العلم واليقين والإيمان والطاعة والإقبال الكامل على ربهم، وينور قلوبهم بما يقذفه فيها من نور الوحي والإيمان. أن الإيمان حلاوة يذوقها من وفقه الله للالتزام بصفات أهلها، أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان. باب: حلاوة الإيمان (1/14) عن أنس، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار" . قال النووي في شرح صحيح مسلم (2/13): قال العلماء – رحمهم الله –
"معنى حلاوة الإيمان: استلذاذ الطاعات، وتحمل المشقات في رضى الله عز وجل ورسوله – صلى الله عليه وسلم -، وإيثار ذلك على عرض الدنيا".. قال القاضي عياض في إكمال المعلم (1/102): "هذا الحديث بمعنى الحديث المتقدم ذات طعم الإيمان من رضي الله رباً ..." وقال الحافظ في الفتــــــــــــح (1/60): وفي قوله (حلاوة الإيمان) استعارة تخيلية، شبه رغبة المؤمن في الإيمان بشيء حلو، وأثبت له لازم ذلك الشيء، وأضافه إليه، وفيه تلميح إلى قصة المريض والصحيح؛ لأن المريض الصفراوي يجد طعم العسل مرّاً، والصحيح يذوق حلاوته على ما هي عليه، وكلما نقصت الصحة شيئاً ما؛ نقص ذوقه بقدر ذلك" . الإيمان شجرة طيبة قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا...} (الرعد 24-25) قال ابن عباس في تفسير الآية: (كَلِمَةً طَيِّبَةً) شهادة أن لا إله إلا الله (كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ) المؤمن (أَصْلُهَا ثَابِتٌ) بقول: لا إله إلا الله في قلب المؤمن (وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء) يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء. وهكذا قال الضحاك وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وغير واحد. تفسير ابن كثير 2/531 ، وليعلم أن شجرة الإيمان تحتاج إلى تعاهد وسقي، يقول ابن القيم في إعلام الموقعين (1/174): (ومنها أن الشجة لا تبقى حبة إلا بمادة تسقيها وتنميها، فإذا قطع عنها السقي أوشك أن تيبس، فهكذا شجرة الإيمان في القلب إن لم يتعاهدها صاحبها بسقيها كل وقت بالعلم النافع والعمل الصالح والعود بالتذكر على التفكر، والتفكر على التذكر وإلا أوشك أن تيبس، وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: "إن الإيمان يخلق في القلب كما يخلق الثوب فجددوا إيمانكم"، وبالجملة فالغرس إن لم يتعاهده صاحبه أوشك أن يهلك، ومن هنا تعلم شدة حاجة العباد إلى ما أمر الله به من العبادات على تعاقب الأوقات، وعظيم رحمته، وتمام نعمته، وإحسانه إلى عباده بأن وظفها عليها، وجعلها مادة لسقي غراس التوحيد الذي غرسه في قلوبهم. ومنها أن الغرس والزرع النافع قد أجرى الله سبحانه المادة أنه لا بد أن يخالطه دغل ونبت غريب. ليس من جنسه، فإن تعاهده ربه ونقاه وقلعه يحمل الغرس والزرع، واستوى وتم نباته، وكان أوفر لثمرته وأطيب وأزكى، وإن تركه أوشك أن يغلب على الغرس والزرع، ويكون الحكم له، أو يضعف الأصل، ويجعل الثمرة ذميمة ناقصة بحسب كثرته وقلته، ومن لم يكن له فقه نفس في هذا أو معرفة به؛ فإنه يفوته ربح كثير وهو لا يشعر، فالمؤمن دائماً سعيه في شيئين: سقي هذه الشجرة، وتنقية ما حولها، فبسقيها تبقى وتدوم، وبتنقية ما حولها تكمل وتتم، والله المستعان وعليه التكلان". أن أهل الإيمان بينهم رباط قوي، أسس دعائمه، وبين منهجه الرب جل وعلا حيث قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..} ومن انضم إلى جماعة أهل الإيمان سيأنس برابطتهم، ويقطف ثمر أخوتهم. وبعد؛ فقد كان هذا عرضا موجزا لبعض ثمرات الإيمان، والمعروض نقطة من بحر عظيم يظفر بها من اتصف بصفات المؤمنين، وثمرة من شجرة مباركة. والمتأمل في آي الكتاب وحديث الحبيب – صلى الله عليه وسلم – يقف على الكثير منها.
منقول
نشر بتاريخ 22-04-2009
"معنى حلاوة الإيمان: استلذاذ الطاعات، وتحمل المشقات في رضى الله عز وجل ورسوله – صلى الله عليه وسلم -، وإيثار ذلك على عرض الدنيا".. قال القاضي عياض في إكمال المعلم (1/102): "هذا الحديث بمعنى الحديث المتقدم ذات طعم الإيمان من رضي الله رباً ..." وقال الحافظ في الفتــــــــــــح (1/60): وفي قوله (حلاوة الإيمان) استعارة تخيلية، شبه رغبة المؤمن في الإيمان بشيء حلو، وأثبت له لازم ذلك الشيء، وأضافه إليه، وفيه تلميح إلى قصة المريض والصحيح؛ لأن المريض الصفراوي يجد طعم العسل مرّاً، والصحيح يذوق حلاوته على ما هي عليه، وكلما نقصت الصحة شيئاً ما؛ نقص ذوقه بقدر ذلك" . الإيمان شجرة طيبة قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا...} (الرعد 24-25) قال ابن عباس في تفسير الآية: (كَلِمَةً طَيِّبَةً) شهادة أن لا إله إلا الله (كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ) المؤمن (أَصْلُهَا ثَابِتٌ) بقول: لا إله إلا الله في قلب المؤمن (وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء) يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء. وهكذا قال الضحاك وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وغير واحد. تفسير ابن كثير 2/531 ، وليعلم أن شجرة الإيمان تحتاج إلى تعاهد وسقي، يقول ابن القيم في إعلام الموقعين (1/174): (ومنها أن الشجة لا تبقى حبة إلا بمادة تسقيها وتنميها، فإذا قطع عنها السقي أوشك أن تيبس، فهكذا شجرة الإيمان في القلب إن لم يتعاهدها صاحبها بسقيها كل وقت بالعلم النافع والعمل الصالح والعود بالتذكر على التفكر، والتفكر على التذكر وإلا أوشك أن تيبس، وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: "إن الإيمان يخلق في القلب كما يخلق الثوب فجددوا إيمانكم"، وبالجملة فالغرس إن لم يتعاهده صاحبه أوشك أن يهلك، ومن هنا تعلم شدة حاجة العباد إلى ما أمر الله به من العبادات على تعاقب الأوقات، وعظيم رحمته، وتمام نعمته، وإحسانه إلى عباده بأن وظفها عليها، وجعلها مادة لسقي غراس التوحيد الذي غرسه في قلوبهم. ومنها أن الغرس والزرع النافع قد أجرى الله سبحانه المادة أنه لا بد أن يخالطه دغل ونبت غريب. ليس من جنسه، فإن تعاهده ربه ونقاه وقلعه يحمل الغرس والزرع، واستوى وتم نباته، وكان أوفر لثمرته وأطيب وأزكى، وإن تركه أوشك أن يغلب على الغرس والزرع، ويكون الحكم له، أو يضعف الأصل، ويجعل الثمرة ذميمة ناقصة بحسب كثرته وقلته، ومن لم يكن له فقه نفس في هذا أو معرفة به؛ فإنه يفوته ربح كثير وهو لا يشعر، فالمؤمن دائماً سعيه في شيئين: سقي هذه الشجرة، وتنقية ما حولها، فبسقيها تبقى وتدوم، وبتنقية ما حولها تكمل وتتم، والله المستعان وعليه التكلان". أن أهل الإيمان بينهم رباط قوي، أسس دعائمه، وبين منهجه الرب جل وعلا حيث قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..} ومن انضم إلى جماعة أهل الإيمان سيأنس برابطتهم، ويقطف ثمر أخوتهم. وبعد؛ فقد كان هذا عرضا موجزا لبعض ثمرات الإيمان، والمعروض نقطة من بحر عظيم يظفر بها من اتصف بصفات المؤمنين، وثمرة من شجرة مباركة. والمتأمل في آي الكتاب وحديث الحبيب – صلى الله عليه وسلم – يقف على الكثير منها.
منقول
نشر بتاريخ 22-04-2009
تعليق