وأصحاب السيستاني .. ماذا يريدون يا حليمة ؟
مها بنت عبد المحسن
مها بنت عبد المحسن
تحت شعر الوطنية والمواطنة وحب الوطن..إلى آخره من عبارات الوطوطة كتبت حليمة بنت مظفر مقالا تلقي فيه باللائمة الشديدة على الشيخ محمد العريفي بسبب تهوره بحق السيستاني وزمرة الشيعة –بزعمها- ، ولم تنس الوطنية الفذة أن تعرج باللوم أيضا على جماعة العلماء وطلاب العلم الذين أعلنوا وقوفهم بجانب العريفي ، واعتبرت ذلك نوع تعصب للشيخ وتعزيز لعدم اعتذاره للشيعة ، وأن ذلك تقديم على ما أمرت به الآيات الله تعالى وأحاديث المصطفى من الأخذ بالموعظة الحسنة..إلى آخر ما جاء في مقالها الوطواطي!!
ولي مع هذا المقال عدة وقفات:
1- تذرع حليمة وغيرها من كتاب صحافتنا بالوطنية وهم يهجون العلماء وطلاب العلم في مقالاتهم إنما هو لغرض استثارة ولي الأمر وتحريضه عليهم ، وإلا فأين كانت وطنيتهم عن تطاول الشيرازي على خادم الحرمين الشريفين؟ وأيهما أولى بالثورة الوطنية والغيرة الشعبية عرض السيستاني أم عرض ولي الأمر -حفظه الله-؟
2- التعلق بأهداب الوطنية من أدعيائها في كل قضية تثار بات مفضوحا مكشوفا لكل ناظر متأمل، وبات معلوما أنها وطنية مزورة يشوبها المكر والاحتيال والدجل ، لأن هذا الوطن يعلن الشريعة الإسلامية منهجا له والكتاب والسنة دستورا أوحدا للحكم ، فلو كان هؤلاء صادقين حقا في وطنيتهم لثاروا لما يمس دين الوطن وشريعته ومعتقده ، فكيف لوطني سعودي شديد المواطنة أن يسكت عمن يمس دين وعقيدة وطنه؟
3- أن دعاة الوحدة والأخوة الوطنية مع الشيعة –وهم أقلية لا تكاد تذكر- هم من يثير القلاقل مع السنيين من أهل هذه البلاد ، فهم من يسطر المقالات التي تسيء للسنة النبوية ، بل بعض مقالاتهم تسيء للقرآن العظيم! ناهيك عن التي ينالون فيها من أهل العلم وتحريض الولاة عليهم وليشقوا الصف السعودي السني ، إذ كما أن حليمة وغيرها من كتاب الصحف ثارت ثائرتهم لأجل السيستاني الرافضي ولأجل إخوانهم الشيعة ؛ فكذلك حال أهل السنة والجماعة عندما يقرؤون المقالات المسيئة للعقيدة السلفية وحملتها من علماء البلاد.
ولا يخفاكم قراؤنا الكرام أن هذه المقالات المسيئة للسنة وأهلها هي بمثابة صب البنزين على النار، وإشعال للفتنة داخل الصف السني ، بل هي بمثابة الفأس الذي يفت في عضد الوطن ولحمته ووحدته ، لأنها تثير الغيورين على إعلام الدولة المصدِّر لتلك المقالات . ثم إن الغالبية العظمى من مواطني هذه البلاد وبلا منازع هم من أهل السنة والجماعة ، بينما الشيعة يشكلون أقل الأقلية ؛ فأي الفريقين أحق بالاحتواء ومراعاة المشاعر ، والبعد عما يهيجهم ويثير غضبتهم الأكثرية أم الأقلية؟
4- تقول حليمة –هداها الله- أن بيان العلماء المؤيد للعريفي تعصبٌ للشيخ وتقديمٌ على ما أمرت به آيات الله وأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقول الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله...عار عليك إذا فعلت عظيم.
يقول تعالى في ذلك : {{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا}} تَعْلَمُونَ))
ويقول أيضا: {{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}}
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" قال بعض أهل العلم يخشى على المفتئت على دين الله أن يكون داخلا في هذا الحديث!
ويقول الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في مسائل الجاهلية: (المسألة التاسعة عشر بعد المائة: مخاصمتهم فيما ليس لهم به علم) أي الجاهليون!
فمن الذي صير مسائل الشرع مادة للمخاصمة يقول فيها جهال الصحافة بما تهوى أنفسهم؟
ومن يا حليمة يقدم فكره ومنطقه وهواه على أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الواردة في الصحيحين اللذَين أجمعت الأمة على صحة ما فيهما وقبوله جملة؟
أليس كتاب وكاتبات الصحافة؟
وما مقالات حصة آل الشيخ زميلتك في الوطن والتي قطعت فيها برد أحاديث ثابتة في الصحيحين منا ببعيد . فأين كنت أيتها الواعظة التقية عن مناصحة زميلتك التي لم تكتف بالتقديم بين يدي الله ورسوله فحسب ، بل تطاولت على أحاديث صحيحة وردتها بالكلية!
أم أن وعظك وتُقاكِ مزاجي ذوقي كوطنيتك تماما؟!
ومن يا حليمة يتجاوز أمر الله عز وجل بالرجوع لأهل الذكر وسؤالهم عند الاختلاف؟
ومن يا حليمة يهمش أهل الاستنباط في النوازل وينصب نفسه وبكل جرأة مفتيا أو مفتية؟
أليس كل هذا مجتمع في كتاب الصحافة –إلا من رحم ربي وقليل ما هم- ؟
وأما العلماء المؤيدين للعريفي فلم يقدموا آراءهم على آيات الله ولا على أحاديث نبيه –صلى الله عليه وسلم- وإنما أوتيت من قبل تقديمك أنت بين يدي الله ورسوله ، فجهلك بمقتضيات الشهادتين ، وجهلك بمعنى الولاء والبراء مع تقديمك لهواك الذي يبدو أنه "سيستاني" جعلك تظنين هذا الظن السيء بهؤلاء العلماء.
ويكفيك يا بنت مظفر أن تقرئي قوله تعالى: {{ لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ }} وأنصحك ألا تتعجلي كعادتك في تفسير الآية بما يوافق هواك بل عودي لأقوال العلماء في تفسيرها ومن ذلك قول الإمام مالك –رحمه الله- : (لا تجالس القدرية ، و عادهم في الله ، لقوله تعالى : ( لا تجد قوماً ) . فكيف بمن جمع مذهبه الشر كله كالرافضة وشيخهم السيستاني؟
5- كيل حليمة بمكيالين ومخالفة أقوالها أفعالها واضح جلي في هذا المقال وغيره من مقالاتها ؛ فهي وأن تظاهرت بالمثالية والعقلانية والتسامح ؛ غير أن أمرها لا يخفى علينا ، فحثها على الموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن تنقضها مقالات كثيرة ملأتها طعنا لرجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لِم يا حليمة يا من تطالبين العلماء باتباع منهج التي أحسن مع من يسب الصحابة ويتهم عرض النبي صلى الله عليه وسلم لا تتبعين أنت نفس المنهج مع من يخالفك من أهل السنة؟
لم تتخلين عن المجادلة بالتي هي أحسن عندما يكون الطرف المخالف لك عالم أو قاض أو عضو في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
ولِم لا تدفعين بالتي هي أحسن مع من يخالفك في مسائل الحجاب والاختلاط والغناء وهي مسائل فرعية –كما تصنفينها أنت وفقهاء الصحافة؟!
وكيف يصدق القراء من تتناقض في أطروحاتها؟
فمرة تطالب بالرحمة والشفقة مع الشيعة وتتهم من يشدد عليهم ، ومرات عديدة تسلّ لسانها على أهل الهيئة!!
بل لا أبالغ إن قلت أن ثلاثة أرباع مقالات حليمة هجوم وهجو وهمز ولمز لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورجال العلم وطلابه!
أن من يكون حال مقالاتها في اختلاف وتناقض وتنافر في أفكاره فحتما وبلا ريب أن قائدها الهوى ولا غير.
تعليق