إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رواية ( الكلمة ) ,, محنة الامام أحمد بن حنبل رحمه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رواية ( الكلمة ) ,, محنة الامام أحمد بن حنبل رحمه الله

    السلام عليكم
    أضع بين أيديكم هذا الكتاب الممتع والشيق ..
    والذي يروي محنة من محن التاريخ
    وهي محنة إمام أهل السنة والجماعة , هو الإمام أحمد بن حنبل ,, بأسلوب جديد ممتع وجميل ومؤثرة ,, فقد كان لها أثر كبير في نفسي ,, وهي بقلم الأخ إسلام مصطفى عبد المجيد , أسأل الله أن يكتب لكاتبها ولمن ينقلها الأجر ..
    سأنقلها لكم من الكتاب في صورة حلقات فتابعوها ففيها العبر والمواعظ ..
    -------------
    ..:: فهرس القصة ::..
    [1] الفصل الأول : المحنة .
    * الجزء الأول ,, الجزء الثاني
    [2] الفصل الثاني : وتناثرت الدماء .
    * الجزء الأول ,, الجزء الثاني .
    [3] الفصل الثالث : المُنَاظَرَة ..
    الجزء الأول ,,


    *****************
    يتبع إن شاء الله ..
    التعديل الأخير تم بواسطة محبة السلف; الساعة 10-09-2012, 01:03 AM.

    رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

  • #2
    رد: من قلب المحن ( الكلمة) ,, رواية إسلامية واقعية

    الفصل الأول
    المحنة
    [ ولا يزال البلاء بالمؤمن .. حتى يمشي على الأرض .. وليس له خطيئة ]
    قال ( يحيي بن أكثم ) : قال لنا ( المأمون ) : لولا مكان ( يزيد بن هارون ) (1) لأظهرت أن القرآن مخلوق .. فقال بعض جلسائه : ومن ( يزيد ) حتى يٌتقى ؟
    فقال : ويحك ! إني أخاف إن أظهرته .. فيرد علي .. فيختلف الناس .. فتكون فتنه .. وأنا أكره الفتن .
    ************************
    اقتربت الشمس من الغروب .. واكتست السماء بلون أحمر معلنة بدء ليلة مظلمة .. على صحراء بالقرب من بغداد .. وبدت الصحراء ساكنة إلا من جواد عليه رجل ملثم يأتي مسرعا لتناثر الغبار من حوله متجها نحو بغداد .. عاصمة الدولة العباسية ..
    ولاحت بغداد من بعيد على ضوء الشمس التي قد قاربت الرحيل ..
    ولم يمض من الوقت الكثير إلا والفارس الملثم في ضواحي المدينة ..
    وقد أغلق التجار متاجرهم .. ودخل الناس بيوتهم .. وخــلا الطريق إلا من بعض المارة .. ثم اتجه إلى بيت القاضي .. ( سيدي القاضي .. سيدي القاضي )
    نطق بهذه العبارة بصوت عال قبل أن يصل إل باب المنزل ..
    ففتحت جارية ونظرت إليه متسائلة .. فنزل من على فرسه .. وعدل حلته .. واتجه نحو البيت .. وارتفع صوت من داخل البيت يقول : خيرا .. هل عندك من جديد ؟
    وظهر صاحب الصوت من خلف الجارية .. رجل في الأربعين من عمره يلبس عمامة .. دقيق اللحية .. عليه حلة توحي بالثراء .. وله عينان ضيقتان ونظرة كالسهم .. فأطرق الملثم برأسه عندما حضر هذا الرجل .. وقال :
    - نعم يا سيدي .. ثم سكت قليلا وقال : مات ( يزيد بن هارون )
    لاحت ابتسامة على ثغر القاضي .. وبدت عيناه كأنها تضحك من الخبر وإن لم يظهر ذلك على شفتيه , ثم قال : جهز العدة ومٌر الرجال فليستعدوا.. فلنذهب للسلطان , فلقد اشتاق أن يسمع مثل هذا الخبر . ثم استدار ودخل بيته معلنا بدء مرحلة جديدة .. وخطيرة .. استأذن خادم الخليفة العباسي عليه في الدخول .. ثم دخل عليه وقال :
    - سيدي السلطان .. القاضي الكبير ( أحمد بن أبي دؤاد ) يريد مقابلتك لأمر هام .
    فقال ( المأمون) : أدخله سريعا ..
    وبعد قليل انفتح الباب ليدخل القاضي الكبير ( ابن دؤاد ) .. دخل في خطوات واسعة وسلّم على المأمون .. ثم قال : مولاي السلطان .. جئت أزف إليك الخبر السعيد ..
    فتنحنح ( المأمون ) وقال : لأن تأتي إليّ بنفسك لتخبرني بالخبر .. فلا شك أنه أمر جلل . تحرك ( ابن أبي دؤاد ) في زهو وتوجه إلى أقرب مجلس له وقال : نعم أيها السلطان .. ثم مال عليه وقال : مات ( يزيد بن هارون ) ,, بدت الدهشة على وجه المأمون وقال : حقا ..؟! جلجلت ضحكة ( ابن أبي دؤاد ) في القصر .. وقال : حقا أيها السلطان .. ماتت العقبة التي كانت تقف في طريقك .. هيا ! .. فلتحمل الناس على ما تريد ..
    بدا الشك على وجه المأمون وتغيرت ملامحه .. وأخذ يفكر طويلا .. بدا القلق على ابن أب دؤاد فتابع قائلا : فلتحمل الناس على الحق .. ولتسكت أفواه المشبهين لله تعالى بخلقه .. فإن هذا واجب من وضعه الله أميرا على هذه البلاد .
    قام السلطان من مكانه .. ومشي خطوات واسعه يفكر .. ثم نادى خادمه وقال :
    - اذهب إلى الكاتب .. ومره فليكتب إلى أمراء الأمصار فليحملوا الناس على المقولة .. ثم ائتني بالرقعة لأضع عليها خاتمي ..
    فقال الخادم : أي مقولة يا سيدي ؟ فقال : خلق القرآن .. وتبسم ( ابن أبي دؤاد ) ورقص قلبه طربا .. وحلّق الكفر بجناحيه .. ورفرف علم الباطل .. معلنا بدء المحنة .. محنة .. خلق القرآن ..
    --------------------
    قال أحد السلف : [ إن من الناس من إذا مات انفتحت أبواب الفتنة .. فبموته صلى الله عليه وسلم انفتح باب الردة وبموت عمر بن الخطاب انفتح باب الفتنة وبموت يزيد بن هارون انفتح باب المحنة ]
    ------------------------
    انتشر جٌند ( المأمون ) في كل البلاد ..يبحثون عن العلماء .. ويجبرونهم على القول بخلق القرآن ..واستجاب أكثرهم لما رأى من ضغوط على من لا يجيب جٌند المأمون إلى مايريد ..وعلت رؤوس الجهمية (2) في البلاد .. وأصبح لكلامهم صدى ..حتى وصل بهم الأمر إلى التحريف في كلام الله عز وجل ..وكٌتب على كسوة الكعبة في الدارات ( ليس كمثله شئ وهو اللطيف الخبير ) ..بدلا من ( وهو السميع البصير ) ..
    ************************
    في دار إمارة بغداد ..
    أمسك ( إسحاق بن إبراهيم الخزاعي ) أمير بغداد برسالة ( المأمون ) يقرؤها ..
    حتى إذا فرغ منها قال لرئيس الجند :
    - إن السلطان يأمرني بإحضار أربعة من الذين امتنعوا عن القول بخلق القرآن وهم : ( عبيد الله بن عمر القواريري ) , و( الحسن بن حماد سجادة ) , و ( محمد بن نوح بن ميمون ) , و ............ ( أبو عبد الله أحمد بن حنبل )

    وبدأت المحنة ..
    نكمل فيما بعد إن شاء الله .
    ـــــــــــــــــــــ
    (1) يزيد بن هارون : من كبار الأئمة , توفي 206 هـ .
    (1) الجهمية : يقال على كل من عطل الصفات أنه جهمي نسبة إلى الجهم بن صفوان , الذي زعم أن الله لم يكلم موسى تكليما , ولم يتخذ إبراهيم خليلا , فأنكر صريح القرآن .
    والفرقة التي تكلمت في خلق القرآن في هذا الزمان في المعتزلة الذين يثبتون أسماء الله عز وجل وينفون صفاته , فيقولون سميع بلا سمع بصير بلا بصر , وينفون صفة الكلام ويقولون أن الله لايتكلم , والقرآن إنما هو مخلوق ..
    وعقيدة أهل السنة في أسماء الله وصفاته : [ أن نؤمن بما وصف الله به نفسه , وبما وصف به نبيه صلى الله عليه وسلم , من غير تعطيل ولا تحريف , ومن غير تكييف ولا تمثيل ] .
    راجع كتاب منة الرحمن في نصيحة الأخوان للشيخ ياسر برهامي حفظه الله
    ( اسمه الحالي المنة شرح إعتقاد أهل السنة ) ..

    التعديل الأخير تم بواسطة محبة السلف; الساعة 09-09-2012, 11:41 PM. سبب آخر: تنسيق

    رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

    تعليق


    • #3
      رد: من قلب المحن ( الكلمة) ,, رواية إسلامية واقعية

      غاليتي محبة اسجل متابعتي
      جزاك الله خيرا
      ولا تنسي الدعاء
      تعاهد نفسك في ثلاث :
      إذا عملتَ :
      فاذكر نظر الله إليك
      وإذا تكلمتَ : فاذكر سمع الله منك
      وإذا سكتَ : فاذكر علم الله فيك

      تعليق


      • #4
        رد: من قلب المحن ( الكلمة) ,, رواية إسلامية واقعية

        تقدم رجل بخطوات سريعه وفي يديه رسالة إلى مسجد الإمام ( أحمد ) وهو يصلي الصبح فصلى معه .. ثم ذهب إليه وسلّم عليه ثم قال له :
        " هذا كتاب الشافعي من مصــر " فنظر إليه ( أحمد بن حنبل ) وبدا عليه أنه لم يعرف الرجل فسأله قائلا :" من؟" فقال له الرجل : " الربيع بن سليمان " فقال الإمام : " هل نظرت فيه ؟"
        فأومأ ( الربيع ) برأسه نفيا وقال : "لا" فكسر ( أحمد ) الخاتم وقرأ الكتاب ..فتغرغرت عيناه بالدموع .. فقال له ( الربيع ) : أي شئ فيه يا أبا عبد الله ؟ فسكت ( أحمد بن حنبل ) برهة , ثم قال : " يذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : اكتب إلى ( أبي عبد الله أحمد بن حنبل ) واقرأ عليه مني السلام , وقل له : أنك ستٌمتحن .. وتدعى إلى خلق القرآن .. فلا تجبهم .. يرفع الله لك علما إلى يوم القيامة .. "
        ********************
        جلس شيخ وقور متربعا على الأرض .. طويل .. حسن الوجه أسمره ..ذو لحية قد انتشر البياض فيها حتى لم يبق إلا بعض الشعرات السود ..يخضبها بالحناء خضابا ليس بالقاني ..عليه ثياب بيضاء ..ويلبس العمامة والإزار ..في يديه مصحف يقرأ منه .." السلام عليكم .. أأدخل يا أبي ؟ "
        نٌطقت هذه العبارة من خلف باب الحجرة ..رفع الشيخ رأسه وقال :
        - ادخل يا ( صالح ) ..فدخل شاب في مقتبل عمره .. شديد السمرة ..فجلس أمام أبيه .. وقال له : أسمعت رسالة ( المأمون ) ؟ نظر الشيخ له نظرة عميقة دون أن يجيب ..فقال (صالح ) : إنه بعث إلى ( إسحاق بن إبراهيم ) يأمره فيها بإحضار ( محمد بن نوح ) و ....فقاطعه الشيخ قائلا : أعلم يا ( صالح ) . فقال له ( صالح ) : أبي .. لو تواريت ..فسكت هنيهة ثم قال : كيف أتوراى ؟ إن تورايت لا آمن عليك وعلى أهلي , ويلقى الناس بسببي المكروه , ولكني أنظر ما يكون .
        أطرق صالح .. وبدا عليه الحزن .. فقال له الشيخ :غفر الله لمن أجاب ( المأمون ) في طلبه .. هؤلاء لو كانوا صبروا وقاموا لله لكان الأكر قد انقطع وحذرهم الرجل .. ولكن لما أجابوا احترأوا على غيرهم .
        دوت طرقات شديدة على باب المنزل ..فقام ( صالح ) في قلق واتجه نحو الباب وفتحه ..فإذا برجل عليه زي الجند ..فقال له في لهجة آمرة :أين ( احمد بن حنبل ) ؟
        برز الشيخ من خلف ( صالح ) .. واتجه نحو الجندي .. فقال له الجندي :
        - الأمير ( إسحاق بن إبراهيم ) يطلبك في دار الإمرة .
        خرج الإمام ( أحمد بن حنبل ) مع الجنود .. واتجهوا به إلى ( إسحاق بن إبراهيم ) .. ولما لاح البيت من بعيد أبصر الإمام ( أحمد ) رفاقه : ( محمد بن نوح ) و( سجادة ) و ( عبيد الله القواريري ) .. فلما قرب منهم سلّم عليهم .. ثم أٌدخل إلى الدار ..انفتح الباب ودخل ( إسحاق بن إبراهيم ) .. ثم نظر إلى كل واحد منهم نظرة طويلة .. ثم أشار للكاتب , فأتاه برسالة ( المأمون ) ففتحها ..ثم أمعن النظر فيها وقال : يقول السلطان : أحضر ( أحمد بن حنبل ) و ( محمد بن نوح ) و ( سجادة ) و( عبيد الله القواريري ), ثم اقرأ عليهم " ليس كمثله شئ " و" وهو السميع البصير "
        نطق بها ( أحمد بن حنبل ) ..فنظر ( إسحاق بن إبراهيم ) إليه في غضب واحمر وجهه وصرخ فيه قائلا : ماذا أردت بهذا ؟فقال الإمام ( أحمد ) في هدوء : كتاب الله عز وجل ولم أزد في كتابه شيئا .. كما قال ووصف تبارك وتعالى(1).. سكت ( إسحاق بن إبراهيم ) في حنق .. ثم أكمل الرسالة وقد ارتفع صوته : واحملهم على القول بخلق القرآن .. فإن لم يستجيبوا .. فاحملهم إليّ ..فقال الإمام ( احمد ) :
        لا .. بل القرآن كلام الله ليس بمخلوق .. قام ( إسحاق ) من مكانه في غضب ثم قال : أيها الجند خذوه وضعوه في الحبس .ثم التفت إلى الثلاثة الآخرين وقال : ماذا عنكم ؟ قال ( محمد بن نوح ) : لا نقول إلا كما قال الإمام ( أحمد ) .. القرآن كلام الله ليس بمخلوق ..تقدم الجند وامسكوا بالأربعة الذين رفضوا أن يقولوا هذه المقولة ..وقٌيدوا ووضعوا في السجن ..وجلسوا ينتظرون مصيرهم المجهول ..على يد ( المأمون ) ..
        ------------------------
        قال ( مسلم بن أبي مسلم الجرمي ) : قال لي ملك الروم :
        " إيش يقول صاحبكم في القرآن ؟ " - يعني ( المأمون ) – قلت : " يقول القرآن والتوراة والإنجيل والزبور مخلوق " فقال : " كذب , هذا كله كلام الله عز وجل " .
        ----------------------------
        تحت إكراه الحبس والقيد .. استجاب ( عبيد الله القواريري ) و ( الحسن سجادة ) ..وبقي ( أحمد بن حنبل ) و ( محمد بن نوح ) .. حتى جاء أمر المأمون بإحضارهما إلى ( طرسوس ) ..وحٌمل ( أحمد بن حنبل ) وصاحبه ..وقٌيدت أيديهما وأرجلهما بقيود من حديد حتى ثقلت بهم ..وسار بهم الجند عبر الصحراء يقصدون ( طرسوس ) .. لمقابلة المأمون ..
        *************
        انتشرت أشعة الشمس الذهبية على صحراء العراق ..وازدات حدتها على الرمال الصفراء حتى حميت ..ولم يقطع سكون الصحراء إلا صوتان ..صوت صلصلة القيود على معصمي وقدمي كل من ( أحمد بن حنبل ) و ( محمد بن نوح ) ..وصوت الذكر على ألسنتهما ..وسارا النهار كاملا حتى غربت الشمس ..وجلسوا الليل ينتظرون انقضاءه ..ونام الجميع وبقي ( أحمد بن حنبل ) متيقظا ..وعيناه إلى السماء ..
        يناجي ربه ..ويدعوه ..ويستغفره ..ويفكر فيما سيقول للمأمون إذا عٌرض عليه ..
        وبينما هو كذلك إذ أبصر شيئا من بعيد لم يستبنه ..قادم نحوه .. فلم يزل يدنو حتى استبان ..رجل أعرابي يلبس ثياب الأعراب ..فاقترب من القوم في حذر ..ثم اقترب من الإمام ( أحمد بن حنبل ) وقال : أنت ( أحمد بن حنبل ) ؟ فسكت الإمام ( أحمد ) ولم يجبه ..فأعاد عليه :أنت ( أحمد بن حنبل ) ؟ فنظر إليه الإمام ( أحمد ) طويلا ولم يجبه ..فاقترب الرجل منه .. وبرك على ركبتيه وقال :بالله عليك .. أنت ( أبو عبد الله أحمد بن حنبل ) ؟فقال الإمام ( احمد ) : نعم . قال : أتحب الله ؟فتعجب الإمام ( أحمد ) وقال : نعم . قال : أتحب لقاءه . قال : نعم .. فمن أحب الله أحب لقاءه ..

        فقال : أبشر واصبر , فما هي إلا ضربة هاهنا – وأشار إلى رقبته – وتدخل الجنة .. وتلقى ربك هناك .فدمعت عينا الإمام ( أحمد ) .. وقال : والله ما أخاف الموت ولا القتل .. ولكني لا أطيق الجلد .. فقال الأعرابي : إني قد جٌلدت ثلاثمائة جلدة في معصية .. ألا تصبر عليها أنت في طاعة ؟ ثم قام الأعرابي وانحنى فقبل رأس الإمام ( أحمد بن حنبل ) .. وسلّم وانصرف .. وظل الإمام ( أحمد ) ينظر إليه وهو يبتعد .. حتى غاب .

        ***********************
        اشتد عناء السفر على ( أحمد بن حنبل ) و ( محمد بن نوح ) ..حتى مرض ( محمد بن نوح ) ..واشتد مرضه عندما قربا من ( طرسوس ) ..فاقترب منه الإمام ( أحمد بن حنبل ) وهو مستلق على ظهره وأمسك بيده ..ففتح ( محمد بن نوح ) عينيه وقال : يا أبا عبد الله .. إني موصيك بوصية فاحفظها عني ..راقب الله في السراء والضراء ..واشكره على الشدة والرخاء ..وإن دعانا هذا الرجل أن نقول القرآن مخلوق فلا تقل ..وإن أنا قلت فلا تركن إليّ ..فإن الله يقول [ ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ] ..

        ثم حٌمل ( محمد بن نوح ) بين رجلين ..وساروا به وبــ ( أحمد بن حنبل ) حتى بلغوا ( طرسوس ) ودخلوها ..ثم وضعوا في السجن بانتظار أوامر ( المأمون ) لمقابلتهم ..فإما الكلمة .. وإما البلاء ..

        ********************
        تقدم الحرس والخدم أمام ( رجاء الحضاري ) أمير دمشق الذي دخل على ( أحمد بن حنبل ) و ( محمد بن نوح ) ..نظر إليهما متاملا ثم خاطب الجند مشيرا إليهما قائلا :
        - هؤلاء الأشقياء ؟ فاعتدل الإمام ( أحمد ) في جلسته .. وارتفع حاجباه متعجبا وهو يقول : أنت تقول القرآن مخلوق ونكون نحن من الأشقياء ؟!فنظر إليه ( رجاء الحضاري ) ولم يتكلم .. ثم ما لبث أن جاءهم خادم من عند ( المأمون ) وهو يمسح عن وجهه بكمه .. ثم اقترب من ( أحمد بن حنبل ) وأمسك بذراعه وقال : عز علىّ يا أبا عبد الله أن جرّد أمير المؤمنين سيفا لم يجرده قط .. وبسط نطعا لم يبسطه قط .. ثم قال – أي ( المأمون ) – وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا دافعت عن ( احمد ) وصاحبه حتى يقولا القرآن مخلوق أو أقتلهما ..
        فنظر الجميع إلى ( أحمد بن حنبل ) ..وقد برك على ركبتيه ..ولحظ إلى السماء بعينيه .. ومنعته القيود من رفع يديه .. ثم قال : سيدي .. وإلهي .. علا عن هذا الفاجر حلمك حتى يتجرأ على أوليائك بالضرب والقتل ..اللهم ..فإن يكن القرآن كلامك غير مخلوق ..فاكفنا مؤنته ..وامنعنا رؤيته ..
        ---------------------
        عن ( عباس بن محمود الدوري ) قال : حدثني ( علي بن أبي فزارة ) قال :
        " كانت أمي مقعد- مريضة لا تستطيع القيام – نحو عشرين سنة , فقالت لي يوما :
        - اذهب إلى ( أحمد بن حنبل ) فاسأله أن يدعو الله لي فصرت إليه , فدققت الباب وهو في دهليزه , فلم يفتح لي , وقال لي : من هذا ؟
        قلت : رجل من أهل ذلك الجانب سألتني أمي – وهي مقعدة- أن أسألك أن تدعو الله لها فسمعت كلامه كلام رجل مغضب وقال :أيظننا الناس أنبياء .. نحن أحوج إلى أن تدعو الله لنا ..فلما هممت بالانصراف .. خرجت امرأة عجوز من داره فقالت :
        - أنت الذي كلمت أبا عبد الله ؟ قلت : نعم قالت : قد تركته يدعو الله لها فجئت من فوري إلى البيت .. فدققت الباب ..فخرجت أمي على رجليها حتى فتحت الباب ..
        وقالت : وهب الله لي العافية ..
        ----------------------
        ما مر من الليل إلا ثلثه حتى سمع أهل السجن جلبة وصيحة .. وإذا ( رجاء الحضاري ) يدخل على ( أحمد بن حنبل ) و ( محمد بن نوح ) مسرعا ويقول : صدقت يا أبا عبد الله ..القرآن كلام الله غير مخلوق .. مات - والله - أمير المؤمنين ..
        انتهى الفصل الأول .. نكمل فيما بعد إن شاء الله مع الفصل الثاني ( وتناثرت الدماء )

        ــــــــــــــــــــــــ
        (1) أراد الإمام أحمد بمقولته هذه أن يبين له الرد على استدلاله الباطل بذكر الآية , وكأن قوله تعالى [ ليس كمثله شئ ] فيها نفي كلام الله , بل الآية فيها أنه سبحانه ليس كمثله شئ , وفيها كذلك إثبات صفاته تعالى من كونه سميعا بصيرا , وسمعه وبصره وكلامه سبحانه وتعالى لا يماثل سمع المخلوقين ولا بصرهم ولا كلامهم , فكان استدلالهم بالآية كلمة حق أريد بها باطل .
        التعديل الأخير تم بواسطة محبة السلف; الساعة 10-09-2012, 12:58 AM.

        رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

        تعليق


        • #5
          رد: من قلب المحن ( الكلمة) ,, رواية إسلامية واقعية

          المشاركة الأصلية بواسطة أم صلاح الدين مشاهدة المشاركة
          غاليتي محبة اسجل متابعتي

          جزاك الله خيرا

          ولا تنسي الدعاء
          مرحبا بكِ أختي الفاضلة
          جزاكِ الله كل خير
          إن شاء الله أدعيلك ربنا يذكرني

          رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

          تعليق


          • #6
            رد: من قلب المحن ( الكلمة) ,, رواية إسلامية واقعية

            جزيتي الجنة
            أكملي أختي
            تعاهد نفسك في ثلاث :
            إذا عملتَ :
            فاذكر نظر الله إليك
            وإذا تكلمتَ : فاذكر سمع الله منك
            وإذا سكتَ : فاذكر علم الله فيك

            تعليق


            • #7
              رد: من قلب المحن ( الكلمة) ,, رواية إسلامية واقعية

              الفصل الثاني
              وتناثرت الدماء
              نٌقل ( أحمد بن حنبل ) و ( محمد بن نوح ) إلى مدينة ( الرقة ) .. حيث سجنوا هناك مرة أخرى .. واشتد المرض على ( محمد بن نوح ).. حتى ظن أنه ميت ..فقال للإمام ( أحمد ) : إنك لست مثلي ولستٌ مثلك .. أنت رجل يٌقتدى بك .. وقد مد الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك .. فاتق الله واصبر .. واثبت لأمر الله ..
              وبعد ساعات فارق ( محمد بن نوح ) الحياة .. وصلى عليه الإمام ( أحمد بن حنبل ) ثم دفن .. فرحمه الله رحمة واسعة .. وأصبح ( أحمد بن نوح ) يواجه المحنة وحده .. لا معين .. إلا الله عز وجل ..
              **********************
              قدم الوفد من ( طرسوس ) بأمرمن الخليفة ( المعتصم ) إلى بغداد ..
              وسمع الناس أن الإمام ( أحمد بن حنبل ) سوف يٌحمل إلى السلطان ليجيبه على ما ادّعى .. وبدت بغداد في هذا اليوم على غير عادتها .. حيث علت الأصوات .. وبدت صخبة في الطرقات .. وأٌنزل الإمام ( أحمد بن حنبل ) فأدخل إلى بيت السلطان ..
              فإذا بالسيوف قد نضيت .. والقواد بالأعمدة قد ترجلت .. وبالأسواط قد طرحت ..
              ومن بعيد .. على منضة قد علت عن الأرض قليلا .. عليها كرسي السلطان ..
              وعن يمينه ( احمد بن أبي دؤاد ) .. وعن يساره ( ابن سماعه ) قاضي بغداد ..
              ثم دخل الخليفة ( المعتصم ) .. وعليه رداء عدني .. حتى اقترب من المنصة وصعد عليها ثم جلس على كرسيه .. وقال : أين هذا الذي يزعم أن الله عز وجل ينطق بجارحتين (1) ؟ فرفع أحمد بن حنبل رأسه .. ونظر تجاه ( أحمد بن أبي دؤاد ) نظرة طويلة , الذي بدت بسمة على طرف شفتيه .. ما لبثت أن تلاشت .. ثم دفع الحرس ( أحمد بن حنبل ) .. فقدموه حتى اقترب من مجلس السلطان .. فنظر إليه السلطان .. لحية بيضاء .. شعر أبيض .. ثوب أبيض .. وكساء أخضر .. نعله معلقة بيده .. مطرق برأسه .. فقال ( المعتصم ) : أنت ( احمد بن حنبل ) ؟فرفع ( أحمد بن حنبل ) رأسه وقال : أنا ( أحمد بن حنبل ) .. فقال : بلغني أنك تقول : إن القرآن كلام الله غير مخلوق .. فقال الإمام : أصلح الله الأمير .. البلاغات تزيد وتنقص ..
              فقال ( المعتصم ) : فإيش تقول ؟ قال الإمام : أقول القرآن غير مخلوق ..
              فقال له : ومن أين قلت ؟فقال : يقول عز وجل : [ ولكن حق القول مني لأملانّ جهنم من الجِنة والناس أجمعين ].. فإن يكن القول من الله فإن الكلام من الله ..
              فسكت السلطان .. والتفت إلى ( ابن أبي دؤاد ) .. وقال له : كلّمه .. فنزل ( ابن أبي دؤاد ) من على المنصة واقترب من الإمام حتى تقاربت أنفاسهما .. وتلاقت أعينهما .. وقال : ما تقول يا ( أحمد ) ؟ فقال الإمام ( احمد ) : أقول القرآن كلام الله .. كما أخبر سبحانه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ..فغضب ( ابن أبي دؤاد ) .. ورفع يده ثم نزل بها على وجه الإمام ..فلطمه لطمة شديدة أطاحت بجسده على الأرض .. وطارت نعلاه من يده .. وسالت الدماء من طرف فمه .. فأسرع بعض الحرس إلى الإمام ( أحمد بن حنبل ) وأمسكوه وأقاموه .. فقام ( المعتصم ) من مكانه .. وقال : وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأضربنك بالسياط أو تقول كما أقول ..ثم التفت إلى الجلاد وقال : خذه إليك .. فقام رجل عريض إلى ( أحمد بن حنبل ) .. فنزع كساءه .. ثم خرق قميصه وأعرى صدره .. ثم شده إلى مكان الجلد بين العقابين .. فأوثق يده اليمنى في العقاب الأيمن .. واليسرى في العقاب الأيسر .. واجتمع الناس ينظرون إلى ( أحمد بن حنبل ) .. ولسانه يلهج بذكر الله .. وقلبه ينبض بحمد الله .. ولسان حاله يقول : رضيت بقضاء الله ..


              ********************


              تقدم رجل من بين الناس واتجه نحو الإمام ( أحمد ) وهو موثوق ..
              فأوقفه الحارس .. فدار بينهم كلام يسير .. ثم أٌذن له .. فأٌدخل على الإمام فقال له :
              - يا أستاذنا .. قد قال الله [ ولا تقتلوا أنفسكم ] ..فقال الإمام : اخرج .. وانظر ماذا ترى ؟ فخرج فرأى أقواما بأيديهم الصحف والأقلام .. قد ملأوا طرقات البلدة ..
              وامتدت أعناقهم .. وأنظارهم تراقب كل من يخرج من بيت السلطان .. فقال لهم :
              - ماذا تصنعون ؟ فقالوا : ننظر ما يقول ( أحمد بن حنبل ) فنكتبه .. فرجع إلى الإمام وقال : قد وجدت أقواما في أيديهم الصحف والأقلام ينتظرون ما تقول فيكتبونه ..
              فقال الإمام مستنكرا : أضل هؤلاء كلهم ؟!..أقتل نفسي ولا أضل هؤلاء..
              تحرك شاب من حرس السلطان .. فاقترب من الإمام ..ومد يده إلى وثاق يديه على العقابين .. ثم اقترب من أذنه هامسا له : أمسك العقابين بكفيك .. فهو خير لك ..
              فبدا على الإمام أنه لم يفهم ما عناه الرجل .. الذي استدار ورجع حيث كان ..
              وأمسك الجلاد بالسوط ..
              التعديل الأخير تم بواسطة محبة السلف; الساعة 10-09-2012, 12:19 AM.

              رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

              تعليق


              • #8
                رد: من قلب المحن ( الكلمة) ,, رواية إسلامية واقعية


                وأمسك الجلاد بالسوط .. ثم رفع يده .. ونزل بها على جسد الإمام ( أحمد بن حنبل ) .. فدوى صوت السوط في المكان .. وارتفع معه صوت الإمام قائلا :
                بسم الله .. ثم ضرب الثاني .. لا حول ولا قوة إلا بالله . ثم ضرب الثالث ..
                - القرآن كلام الله غير مخلوق .. ثم ضرب الرابع .. لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا .. حتى ضرب تسع وعشرين سوطا .. وثقل جسد الإمام عليه .. وارتخت ركبتاه .. وثقل الحمل على كفيه الموثوقين .. فشعر بألم في رسغه .. ومع ثقل الضرب شددت يداه حتى آلمتاه .. فتذكر قول الحارس الذي كلمه .. وعلم فائدة أن يمسك العقابين بكفيه .. ولكن الله كان قد كتب له الزيادة في الأجر ..
                ******************

                أشار الخليفة إلى الجلاد بيده أن يتوقف ..ثم اقترب من الإمام وهو يلهث ..
                صدره يعلو ويهبط ..وقد تشقق ظهره .. وتناثر دمه ..حتى خضب الدم لحيته البيضاء ..ثم انحنى عليه وقال : ويحك يا ( أحمد ) ! .. أجبني إلى شئ لك فيه أدنى فرج حتى أطلق عنك ..فرفع الإمام ( أحمد ) عينه إلى السلطان وقال بصوت ضعيف .. ونفس متقطع .. أعطني شيئا من كتاب الله عز وجل أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى أقول به ..فأحنق ( المعتصم ) ..ثم رفع قامته .. واستدار .. واتجه نحو كرسيه ..ثم صعد على منصته وجلس ..ثم رفع صوته للجلادين قائلا :
                - تقدموا ..فأقبل كلا جلاد يضرب الإمام سوطين ويتنحى .. فيأتي غيره .. وهكذا ..
                واشتد البلاء ..وتناثرت الدماء ..
                ****************
                تقدم ( إسحاق بن حنبل ) عم الإمام ( أحمد ) إلى القواد وأصحاب السلطان .. يرجوهم أن يٌخلوا سبيله ..فلما لم يجد سبيلا إلى ذلك .. اتجه إلى ( إسحاق بن إبراهيم ) .. واستأذن في الدخول .. فأٌذن له فقال :أيها الأمير .. إن بيننا وبينك رحما .. قد كان والدي ( حنبل ) مع جدك ( الحسين بن مصعب ) ..فنظر إليه ( إسحاق بن إبراهيم ) وقال :قد علمت ذلك ..فقال ( إسحاق بن حنبل ) :على ما يحبس ابن أخي ؟! .. ما جحد التنزيل .. وإنما اختلفوا في التأويل .. أفيحبس هذا الحبس الطويل ؟ فأطرق ( إسحاق بن إبراهيم ) .. فقام إليه ( إسحاق بن حنبل ) حتى اقترب منه وقال : أيها الأمير .. اجمع لنا الفقهاء (2) والعلماء واجعلهم يناظرونه ..
                فرفع ( إسحاق بن إبراهيم ) رأسه وقال :وترضى ؟فقال ( إسحاق بن حنبل ) : نعم أيها الأمير .. فمن فلجت حجته كان أغلب ..فقال ( إسحاق بن إبراهيم ) :
                - هو ذاك .. فلنحمل إلى السلطان غدا .. ولنأت بالعلماء والفقهاء ..
                :::::::::::::::::::::::::::::
                " شٌد .. قطع الله يدك "

                نطق بها ( المعتصم ) ..واشتد الجلادون على الإمام ( أحمد ) ..وتبادلوا الضرب بالسياط تارة .. وبجذوع النخل تارة ..والناس مجتمعون .. ينظرون .. ويراقبون ..
                يرون ما يصنع ..فأصاب جذع خيط سراويله فانقطع ..فقال ( ابن أبي دؤاد ) :
                - الساعة ينهتك ..فنظر الجميع إلى ( أحمد بن حنبل ) ..وإذ به يلحظ ببصره إلى السماء ..ويحرك شفتيه ..وكأنه يناجي ربه ..فثبتت السراويل ..فاتسعت عينا ( ابن أبي دؤاد ) .. وقام من مكانه مدهوشا ..ثم فارق المجلس ..ثم اشتد الضرب .. حتى دارت الدنيا بالإمام ( أحمد ) ..وانهار جسده ..وخارت قواه ..وفقد وعيه ..ففكوا وثاقه ..وألقوه على الأرض ..وألقوا على جسده الحصير ..ثم داسوا عليه بالأقدام ..
                والإمام لا يشعر من هذا بشيء ..

                -----------------
                قال ( أحمد بن أب عبيد الله ) :
                سألت الإمام ( أحمد ) بعد أن انقضت المحنة :
                " رأيتك تلحظ ببصرك إلى السماء .. وتحرك شفتيك يوم انحلت سراويلك .. فما قلت ؟ "فقال :" قلت : إلهي .. وسيدي .. أوقفتني هذا الموقف .. فلا تهتكني على رؤوس الخلائق . ولا تكشف لي عورة ""
                -----------------

                شعر الإمام ( أحمد بن حنبل ) بأن قيوده تحل ..ففتح عينيه .. وبدأت الرؤية تتضح حينا بعد حين ..فوجد نفسه في غرفة ضيقة ..وهو مستلق على الحصير ..
                ويحل قيده أحد الحرس ..فحاول الإمام ( أحمد ) اجلوس .. فلم يستطع من شدة الألم ..وأتوا إليه بطعام .. وكان صائما ..فقال :ما أفطر ..فقالوا : إذن تهلك ..
                فنظر الإمام ( أحمد ) إلى الطعام في يد الرجل .. ثم أشاح بوجهه ..وظل مستلقيا ينظر إليهم وهم يأكلون ..وقد بدت له أصوات ضحكهم ولهوهم بعيدة ..وشعر بأنه يفيق أحيانا .. ويغشى أحيانا ..حتى حضرت صلاة الظهر ..فأسندوا الإمام ( أحمد ) حتى أقاموه ..وهويترنح بينهم ..وأخذوه إلى مسجد السلطان ..وتفجر الدم من جرح في ظهره فآلمه ..وسال الدم من تحت سراويله ..وظل هكذا حتى أوقفوه في الصف ..
                وتقدم ( ابن سماعه ) فصلى بالناس ..فلما انفتل من صلاته التفت إلى الإمام ( أحمد ) وقال : صليت والدم يسيل في ثوبك ؟فقال الإمام ( أحمد ) : قد صلى ( عمر ) وجرحه يثعب دما ..
                --------------------
                دخل ( المسور بن مخزمة ) على ( عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه الليله التي طعن فيها ..فأيقظ ( عمر ) لصلاة الصبح .. فقال ( عمر ) :" نعم .. ولا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة "فصلى ( عمر ) وجرحه يثعب دما
                --------------------

                إنتهى الفصل .. نكمل فيما بعد إن شاء الله مع الفصل الثالث (المناظرة ) ..
                ـــــــــــ
                (1) وهذا مما افتراه ابن أبي دؤاد على أحمد بن حنبل باللوازم الباطلة , فالمعتزلة يقولون أن إثبات الكلام يستلزم أن الله يتكلم بجارحتين , وهذا الكلام باطل , بل نقول أن الله يتكلم بكيفية لا نعلمها , ولا نلزم باللوازم الباطلة التي يذكرها أهل البدع , وهذه هي الشبهة التي ذكرها ابن أبي دؤاد وأقنع بها المعتصم وافتراها على الإمام أحمد مع أنه لم يقلها , ولعل هذا هو سبب نظر الإمام أحمد لـ اين أبي دؤاد بعد ذلك .
                (2) قال إسحاق بن حنبل : " ولم أقل والمحدثين حتى يرضى " , حيث كان معلوما أن قول المحدثين واضح في القرآن أنه غير مخلوق ..
                التعديل الأخير تم بواسطة محبة السلف; الساعة 10-09-2012, 12:29 AM.

                رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

                تعليق


                • #9
                  رد: من قلب المحن ( الكلمة) ,, رواية إسلامية واقعية

                  ننتظرك أختى
                  ثبتنا الله وإياك على الحق
                  سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزِنة عرشه ومداد كلماته
                  سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

                  تعليق


                  • #10
                    رد: من قلب المحن ( الكلمة) ,, رواية إسلامية واقعية

                    جزاك الله خيرا

                    تعليق


                    • #11
                      رد: من قلب المحن ( الكلمة) ,, رواية إسلامية واقعية


                      الفصل الثالث
                      المُنَاظَرَة ..
                      ( وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )

                      ذهب ( إسحاق بن إبراهيم ) مع ( إسحاق بن حنبل ) إلى بيت السلطان ..
                      وأُذن لـ( إسحاق بن حنبل ) ليرى ابن أخيه ..فأُدخل عليه ..
                      ونظر إليه ..وكان قد جلس في أحد أركان الحجرة .. مطرق برأسه بين رجليه ..
                      وقد شحب وجهه ..وتناثرت الدماء على ثوبه ولحيته ..وبدا منهك القوى ..
                      فلما رأى حاله بكى .. وقال : يا أبا عبد الله .. قد أجاب أصحابك .. وقد أعذرت فيما بينك وبين الله عز وجل .. وقد أجاب القوم وبقيت في الحبس والقيد ..

                      فرفع الإمام ( أحمد ) عينيه تجاهه .. ثم أشاح بوجهه .. وقال بصوت ضعيف :
                      ـ يا عمِّ .. إذا أجاب العالم تقية .. والجاهل بجهل .. فمتى يتبين الحق ؟
                      ثم سمعوا خطوات حرس السلطان تأتي إليهم .. حتى دخل أحدهم فقال :
                      ـ يطلب السلطان منكم القدوم للمناظرة .. وأقام الحرس الإمام ( أحمد ) .. وهو منهك القوى .. واتجهوا إلى مجلس السلطان .. فإذا بالناس قد جُمعوا .. والقراطيس والأقلام قد أُعدت .. تنتظر ما يتفوه به الإمام ( أحمد ) حتى يكتب ..
                      وجلس ( المعتصم ) وبجانبه ( ابن أبي دؤاد ) و( ابن سماعة ) وقد جمعا أصحابهما .. فنظر المعتصم إلى ( أحمد بن حنبل ) .. وقال له : ادنه ..
                      فحُمل بين رجلين جَلدين ..حتى اقترب من السلطان .. وأُجلس على الأرض أمامه ..
                      وأخذت الأنظار تتجه إلى الإمام ( أحمد ) ..تنتظر ما سيقوله .. فقال : يا أمير المؤمنين .. تأذن لي في الكلام ؟ فقال ( المعتصم ) : تكلم ..قال الإمام ( أحمد ) :
                      ـ إلامَ دعا إليه ابن عمك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!فقال ( المعتصم ) :
                      ـ إلى شهادة أن لا إله إلا الله ..وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
                      فقال الإمام ( أحمد ) : فأنا أشهد أن لا إله إلا الله ..وإن جدك ابن عباس حكى أن وفد عبد القيس لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بالإيمان بالله ..
                      فقال : « أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟ » .. قالوا : الله ورسوله أعلم ..
                      قال : « شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصيام رمضان ، وأن تعطوا من المغنم الخمس » ..وسكت قليلًا ..ثم تابع :
                      ـ يا أمير المؤمنين .. إلامَ أُدعى وهذه شهادتي وإخلاصي لله بالتوحيد ؟ .. فعلام أُضرب وأُقيد وأُحبس ؟ فسكت السلطان .. ونظر إليه نظرة طويلة دون أن يتكلم ..
                      ثم تنهد وقال : والله .. لولا أني وجدتك في يد من كان قبلي ما عرضت لك ..
                      ثم نظر إلى ( ابن أبي دؤاد ) ومن حوله وقال : ناظروه ..كلموه ..
                      وبدأت المناظرة ..
                      -------------------------------
                      يتبع ...


                      رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

                      تعليق


                      • #12
                        رد: رواية ( الكلمة ) ,, محنة الامام أحمد بن حنبل رحمه الله

                        جزاكم الله خيرا ,,,,, راااائعة بارك الله في كاتبها وناقلها

                        في انتظار بقية الفصل الثالث إن شاء الله

                        تعليق


                        • #13
                          رد: رواية ( الكلمة ) ,, محنة الامام أحمد بن حنبل رحمه الله

                          جزاكم الله خيرا
                          متابعون ان شاء الله
                          " ومتى اشتد عطشك إلى ما تهوى ، فابسط أنامل الرجا إلى من عنده الرى الكامل "
                          صيد الخاطر - ابن الجوزى

                          تعليق


                          • #14
                            رد: رواية ( الكلمة ) ,, محنة الامام أحمد بن حنبل رحمه الله

                            جزيــتِ خيــرا أخية
                            .
                            رحم الله الامام وجمعنا به في الفردوس الاعلى..
                            ننتظر البقيــة ان أذن الله لنا بالبقاء
                            اللّهُمَّ أَرضِنِي .. وَارْضَ عَنِّي
                            اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات

                            القرآن كلام الله .. خطاب الملك..القرآن عزيز .. مطلوب وليس طالب
                            إذا تركته تركك .. وإذا ذهبت عنه ذهب

                            تعليق

                            يعمل...
                            X