بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم أنت الأول فليس قبلك شئ , وأنت الآخر فليس بعدك شئ ,وأنت الظاهر فليس فوقك شئ , وأنت الباطن فليس دونك شئ , اقض عنا الدين واغننا من الفقر .
الدليل على ثبوت الإسم وإحصائه :
***********************
ورد الإسمين مقترنان بالإسمين السابقين فى قوله تعالى : ( ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) الحديد :3 , وفى السنة أيضا دعاء النبى صلى الله عليه وسلم : اللهم أنت الأول فليس قبلك شئ , وأنت الآخر فليس بعدك شئ , وأنت الظاهر فليس فوقك شئ , وأنت الباطن فليس دونك شئ , اقض عنا الدين واغننا من الفقر .
شرح الاسمان وتفسر المعنى :
**********************
( الظاهر ) هو اسم فاعل لمن اتصف بالظهور وهو خلاف الباطن , والظهور يرد على عدة معان , منها العلو والإرتفاع , ومنها بمعنى الغلبة أى ظهر فلان على فلان أى قوى عليه , ويقال : أظهر الله المسلمين على الكافرين أى أعلاهم عليه , والظهر بمعنى السند والحماية ويقال : فلان له ظهر أى مال , ويأتى بمعنى البيان للشئ الخفى .
والظاهر هو المنفرد بعلو الذات والفوقية , وعلو الغلبة والقاهرية , وعلو الشأن , فهو الظاهر فى كل معانى الكمال , وهو البين المبين الذى أبدى فى خلقه حججه الباهرة , وبراهينه الظاهرة , أحاط بكل شئ علما وأحصى كل شئ عددا , حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه .
والظاهر أيضا هو الذى بدا بنوره مع احتجابه بعالم الغيب , قال تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً)الجن : 26, وهو المعين للخلائق هو الذى رزقهم وأعانهم ودبر أمرهم وهداهم سبلهم .
( الباطن ) اسم فاعل لمن اتصف بالبطون , والبطون خلاف الظهور , وبطن الشئ أساسه المحتجب الذى تستقر به وعليه الأشياء , وهو المحتجب عن أبصار الخلق الذى لا يرى فى الدنيا ولا يدرك فى الآخرة , وفرق بين الرؤية والإدراك , فالله عز وجل لا يرى فى الدنيا ويرى فى الآخرة أما الإدراك فإنه لا يدرك فى الدنيا ولا فى الآخرة .
والله عز وجل باطن احتجب بذاته عن أبصار الناظرين لحكمة أرادها فى الخلائق أجمعين , فالله يرى فى الآخرة ولا يرى فى الدنيا لأنه شاء أن تقوم الخلائق على معنى الإبتلاء , ولو رأيناه فى الدنيا وانكشف الحجاب والغطاء , لتعطلت حكمة الله فى تدبيره الأشياء .
قال تعالى :( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) الملك :2, ومن هنا كان البطون ووضع الغطاء على أهل الإبتلاء , أو كشف الحجاب عند الإنتقال لدار الجزاء , وإذا كان تعالى لا يرى فى الدنيا ابتلاء فإنه سبحانه يرى فى الآخرة إكراما وجزاءا , إكراما لأهل طاعته , لأن الأمر فى الآخرة مختلف , إذ أن مدركات الإنسان وقتتها تتغير بالكيفية التى تناسب أمور الآخرة وأحداثها .
دلالة الاسم على أوصاف الله :
***********************
( الظاهر ) يدل على ذات الله وعلى الظهو وعلى العلو كوصف ذات , وهو واضح فى علو الشأن والقهر والفوقية , واسم الله الظاهر يدل باللزوم على الحياة والقيومية والسمع والبصر والعلم والقدرة والغنى والعزة والإحاطة .
( الباطن ) يدل على ذات الله وعلى صفة البطون وتشمل صفة العلم والإحاطة والهيمنة , وتشمل عظمة الذات وجلالها واحتجابها من وراء الأسباب , وعلى مقتضى حكمته فى ابتلاء العباد , فالله عز وجل هو الباطن الذى أحاط بهم من كل الوجوه .
الدعاء باسم الله دعاء مسألة :
**********************************
دعاء المسألة بالاسم المطلق ورد فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه الذى تقدم فى دعاء النبى صلى الله عليه وسلم :
اللهم أنت الأول فليس قبلك شئ , وأنت الآخر فليس بعدك شئ ,وأنت الظاهر فليس فوقك شئ , وأنت الباطن فليس دونك شئ , اقض عنا الدين واغننا من الفقر .
ويمكن الدعاء أيضا بالمعنى الذى تضمنه الاسم , فالظاهر هو المعين والسند والظهير والعلى والملجأ والنصير , ومعنى الباطن هو العليم القريب الذى يسمع السر وأخفى , وهو أقرب إلى عبده من حبل الوريد .
الدعاء باسم الله دعاء عبادة
*********************
دعاء العبادة هو أثر الإسم على اعتقاد العبد وسلوكه , فمن جهة الإعتقاد إيمانه بقدرة الله فى الأشياء , وأنه الظاهر الذى استوى على عرشه فى السماء, وأنه المهيمن على سائر الأشياء , وأنه سبحانه منفرد بالخلق والتدبير , فمن وافق الشرائع والسنن استحق من الله الثواب ومن خالف وابتدع استحق منه العقاب , وأنه الباطن القادر الفاعل بلطائف القدرة وخفايا المشيئة .
************************************************** **********
نقلا عن كتاب : أسماء الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة.
للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى .
تعليق