(أنفلونزا الطيور)
·فلا يخفى على كل ذي لب و بصيرة ما تحياه أمتنا المسلمة هذه الأيام من هوان وانحسار ، حيث اشتد على الأمة الحصار ، وادهمت الخطوب ، واشتدت عليهم الكروب ، وعصفت بهم المحن ، وأحاطت بهم الفتن ......
·فكانت أعظم فتنة أصابت المسلمين هذه الأيام ...... هي تشكيك وطعن أهل الكفر في الإسلام ، بل زاد و تطاول هؤلاء السفهاء الأقزام فهاجموا نبي الإسلام هجوما سافرا و الصقوا به التهم الباطلة ، ووصفوه بأبشع الأوصاف ........ بأبي هو و أمي صلى الله عليه وسلم
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، ولكن ولشديد الأسف فإن هذه الحملات العدوانية قد ازدادت في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ على وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية ....وإلى الله المشتكى ؟!
·ومع هذه الفتن العصيبة التي يمر بها المسلمون في هذه الآونة ، يُبتلى المسلمون بعدة أشياء أخرى
فعلى المستوى الدولي :
·تسلط الشيعة الفجار على إخواننا من أهل السنة و الجماعة في العراق ، فحرقوا مساجدهم ، وقتلوا أئمتهم ، ودمروا مقدساتهم ، و أحرقوا مصاحفهم ،واستباحوا أعراضهم ....، استحلال اليهود الغاصبين دماء المسلمين في غزة في صمت عربي ودولي ...
·وفي النيجر يموت كل يوم العشرات من المسلمين بسبب المجاعات والحصار الاقتصادي المفروض على المسلمين هناك ، بينما تفتح الأبواب أمام التنصير و المنصرين .
·إعلان الحصار العالمي على السودان و أهلها بينما تفتح الأبواب لطهران وغيرها من البلاء
أما على المستوى المحلي :
·ظهور بعض الأمراض مثل أنفلونزا الطيور سبَّب ذعرا كبيرا لكثير من أهالينا و إخواننا ، و أدى إلى إحجام الكثير عن أكل لحوم الطيور و الدواجن ، و الامتناع عن شرائها و بيعها .. ( نسأل الله السلامة والعافية ) .
·ظهور الغلاء ، وارتفاع السعار بشكل جنوني مما دفع كثير من الناس إلى المادية الشديدة .
·في ظل الأزمة العالمية و الانهيار الاقتصادي ، انهارت النظم الأخرى كالنظام الاجتماعي ، والنظام السياسي ، والنظام الأخلاقي ، فانتشرت الفواحش ، وظهرت المعاصي و الكبائر في الشوارع و الطرقات ، و المصالح الحكومية و الخاصة ، والمدارس و النوادي و الجامعات .
و كل ما سبق ذكره إنما هو نتائج لأسباب كثيرة منها :
1.الإعراض عن الله –تعالى- ،وعن منهجه سبحانه ، والعدول عن تحكيم شرع الله –تعالى – في حياتنا صغيرها وكبيرها ، دقيقها وتجليلها .
2.الشرك الذي ينخر في جسد الأمة ، والبدع والمحدثات التي تتقلب فيها الأمة ليلا ونهارا – إلا من رحم ربي –
3.الجهل المركب بتعاليم ديننا وشرعنا .
4.الاستكثار من فعل الذنوب ، وارتكاب الفواحش ، واعتبارها سبيلا من سبل التقدم و المدنية
5.حب الدنيا وكراهية الموت .
6.ضياع هويتنا الإسلامية وإتباع أهل الكفر من اليهود والنصارى ، مما أدى إلى تخلف الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم
7.الزهد في الالتزام والتدين ، واعتبار الدين من القيود التي تعوق التقدم والرقي ، والاستجابة لمزاعم العلمانيين في إقصاء البعاد العقدية والشرعية عن نظام حياتنا .
8.تقليد أهل الكفر والفسق في كل خبيث .
9.الركون إلى الكسل ، والخلود إلى الأرض مما جعلنا مستهلكين لا منتجين ، وكذلك عدم الرضا بما قسمه الله للعبد .
10.كثرة الخلاف المذموم غير المعتبر شرعا بين المسلمين نتيجة للجهل بالشرع الحنيف ، وإتباعا للأهواء و العادات و التقاليد .
11.الإعراض عن العلماء الصادقين المتخصصين المتحققين بالعلم ، ونبذهم ، ووصفهم بالإرهاب والتشدد و التطرف ، والعمالة .
هذه بعض الأسباب مما نحن فيه من فتن ومحن .
ولما كان الدين النصيحة . كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم .، رأيت من واجبي أن أذكِّر المسلمين بما يجب عليهم فعله في هذه المرحلة الحرجة ، إذ الله –تعالى- أخذ الميثاق على من أُوتي شيئا من العلم أن يبيٍّنه للناس ولا يكتمه ، وكما قرر علماء الأصول ( فإنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ) . والله المستعان ..
و سأًركز في الحديث في هذه الوريقات الصغيرة لتفصيل القول في قضية شغلت الرأي العام الدولي و المحلي ألا وهي ( قضية أنفلونزا الطيور ......، والله المستعان !!
نقول إبتداءا:
ينبغي أن نفهم أبعاد هذه المسألة جيدا .. قبل أن نبين الأحكام الشرعية الخاصة بهذه المسألة ..( إذ الحكم فرع من تصوره ) ..
-وهناك أبعاد كثيرة لهذه القضية منها ( الأبعاد العقدية – الأبعاد الطبية و العلمية – الأبعاد الإقتصدية – الأبعاد السياسية ) ... فإذا اتضحت لنا تلك الأبعاد ، تكون هذه المسألة واضحة جلية أمامنا جميعا ..
-أولا البعد الطبي :
(أنفلونزا الطيور ) مرض موجود في العالم منذ أكثر من مائة سنة ، وهو يظهر ويختفي في أوقات مختلفة ومتفاوتة ، وقد أكدت منظمة الصحة العالمية أن آخر فترة ظهر فيها هذا المرض كانت منذ عام 1997 ، وأن عدد الوفيات التي سببها هذا المرض خلال السنوات التسع المنصرمة لا يزيد عن 65 حالة ، وان عدد الوفيات التي بها شك أو أنها أصيبت بالمرض لا يزيد عن 120 حالة ( أي بمعدل 7 حالات سنويا من 7 مليار إنسان هم عدد سكان الكرة الأرضية كلها ).
وكل هذه الحالات إنما ظهرت في مناطق نائية ريفية غير صحية ،
ومع كل هذا .. فإن هذا الفيروس يموت عند 60 درجة مئوية في الدقيقة ، بمعنى أنه عند الغليان سيكون ليس له وجود ، كذلك لا نستطيع الجزم بأن صورته صورة (وباء )، أو أنه يشابه او يقاس حتى على الطاعون ...( واليقين لا يزول إلا بيقين مثله ).
-ثانيا البعد العقدي :
أ-أننا نعتقد – نحن المسلمين – أنه لا يقع في كون الله إلا ما أراده الله –تبارك وتعالى - ، وأنه لا يكون شئ في الكون إلا بتسخير الله ، وأن الذي يحفظ العباد هو الله ، وأنه لا يُسلٍط شئ على شئ ولا أحد على أحد إلا بإذن الله ، وأن الذي يعطي هو الله والذي يمنع هو الله ، لذا ينبغي أن نرد كل أمورنا إلى منهج الله ، لمعرفة حكم الله تعالى في أي أمر من الأمور
ب-فمن أصول عقيدتنا أن الذي يبتلي عباده بالأمراض والأسقام هو الله ، والذي يكشف مابهم من ضر و أمراض هو الله –تعالى-........
هذا هو وجه الجمع بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض . كالأحاديث التي تفيد نفي وجود العدوى – كحديث ( لا عدوى ولا طيرة .....) ، و الأحاديث الأخرى التي يُفهم منها إثبات وجود العدوى كحديث ( لا يُوردنًّ ممرض على مصح ) ، وحديث (فِّر من المجذوم فرارك من الأسد ) .
ت-لا ينبغي للمسلم العاقل أن يصدق الشائعات الظنية ويبني عليها أحكاما يقينية ، إذ من تعجل الشيء قبل أوانه فقد تصدى لهوانه ، بل يجب عليه أن يكون متريثا وأن يتثبت من صحة هذه الإشاعات أو مدى صدقها عملا بقول الله ( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) الحجرات 61
شبهة قد تقول : ولكن الذي أشاع هذه الأخبار ليس فردا ، وليست مجموعة أفراد ، بل وسائل الإعلام المختلفة و الجهات المختصة ؟
والجواب : إن من المصائب التي ابتُليت بها كثير من الشعوب أنها لا تسمع ولا تصدق إلا الإعلام و أهله ، و كأنهم معصومين من الخطأ والزلل ..
-وياليتهم أهلا لهذه الثقة إلا أن أ كثرهم من أرباب الأهواء الفسوق ، بل من الكذابين المخادعين المضلين الذين لا يخدمون إلا توجهات الساسة و المؤسسات العلمانية ...
-فإذا علمت ذلك ، واتضح لك كيف أن أمتنا المسلمة قد أُبتليت بإعلام موجَّه ، فيجب عليك أن تتثبت من صدق كل خبر ينقلوه لك ، وألا تسلم عقلك وفكرك لهؤلاء المرتزقة الذين لا يتقون الله – إلا من رحم ربي- ، بل و أن تسأل عن صحة الخبر وصدق المخبر أهل العلم من علماء أهل السنة والجماعة ..
-ثالثا البعد الاقتصادي لهذه القضية : من المعلوم لكل ذي عينين أن أهل الكفر والضلال يسعون بكل سبيل ممكن لإضعاف أمتنا المسلمة (اقتصاديا – وسياسيا – وأخلاقيا ) لذا فهم لا يدخرون وسعا في سبيل تحقيق هذه الغاية ، لتظل هذه الأمة في ذيل الأمم ..
-فإذا اتضح لك الأمر ، فاعلم أنه في الأشهر الماضية بلغت خسائر قطاع الدواجن في مصر أكثر من خمس مليارات جنيه ، وفي حالة مقاطعة الناس لشراء الدواجن لمدة أربعة أشهر أخرى فستتوقف الصناعة بالكامل ، مما قد يؤدي إلى تشرد 2 مليون أسرة أي 12 مليون فرد ، وبالتالي سيحدث تضخم لبعض الصناعات على حساب الصناعات الأخرى ، مما قد يؤدي إلى زيادة أسعار بعض السلع لزيادة القوة الشرائية عليها....، وعلى الجانب الآخر ستتدهور كثير من الصناعات مما سيدفع أصحابها إلى الرغبة عنها ....وهنا يحدث الدمار الاقتصادي حيث تزيد نسبة البطالة في البلاد ، مما يؤدي إلى انتشار المخدرات والبلطجة و الدعارة .
-إذن فالتدهور الاقتصادي ستكون عاقبته على جميع أفراد المجتمع ، وليس على فرد بعينه .
-البعد السياسي :
لابد وأن نعلم أن هناك ما يسمى في السياسة المعاصرة ب( لعبة الأدوار ) ولبالغ الأسف .. فإن الساسة لا تهمهم حياة الأفراد أو الشعوب –كما يزعمون-وإنما يهمهم تنفيذ القوانين والأحكام التي تخدم مصالحهم و غاياتهم بأي وسيلة حتى ولو كان الثمن هو موت شعوب بأسرها .
- فإذا علمت ذلك سيتضح لك ما فعله (بوش)حينما عقد مؤتمرا حضره كثير من وزراء العالم في نوفمبر سنة2005 (أي بعد تسع سنوات من إعادة ظهور المرض مرة أخرى )وطلب من العالم بأسره تسويق عقار التاميلفو!!
وكان رامسفيلد عضوا لمجلس إدارة شركة (جالد) التي أنتجت عقار التاميفلو ، والتي يسوقه لها شركة سويدية من 1988 حتى 1997وعين رامسفيلد رئيسا لمجلس إدارة هذه الشركة إلى 2001 ، حتى صدر القرار بتعيينه وزيرا للدفاع ..
- ولك أن تعلم أيضا : أن رامسفيلد يمتلك أكبر نسبة من أسهم الشركة المنتجة لهذا العقار ويشاركه في أسهم هذه الشركة ((بوش وتشينى ورايز))..
-إذن فالمستفيد الأول من هذه الإشاعات التي ملأت الأرض كلها من مشرقها إلى مغربها هم هؤلاء القتلة ، لأجل هذا فإنهم خططوا لهذا الأمر ، وأحكموا التخطيط فسخروا الأجهزة الإعلامية ، وبعض الأجهزة الدولية لخدمة أهدافهم وغاياتهم –لاسيما-تعميق هذه الإشاعة وتضخيمها لدى كثير من الشعوب ، ليتمكنوا من استغلال هذه الشعوب المسكينة والاستفادة من مدخراتهم الاقتصادية قدر الإمكان ..
- لهذا ترى أنهم بعدها شنُّوا هذه الدعاية الإعلامية الكاذبة ((لمرض أنفلونزا الطيور))اجتهدوا على تخويف الشعوب من الدواجن ، حتى إذا ما أصاب الناس اليأس ... قالوا لهم : عندنا الحل ...هو دواء(( كذا))ثم بعد ذلك رفعوا سعر العبوة من هذا العقار من حوالي 20 جنية إلى أكثر من 200 جنية مما أدى إلى زيادة سعر سهم هذه الشركةمن7دولار إلى 50دولار أي700%( أي أنه حقق مكاسب تقدر بعشرات المليارات) خلال الأشهر الأربعة الماضية
- ولشديد الأسف :فإن كثير من المسلمين المخدوعين بما يسمى( بالحضارة الغربية الرائعة ) يصدق هذه الأراجيف ، وينافح عنها وكأنَّها وحي منزل من عند الملك القدير-سبحانه، ولا يعلم هؤلاء المساكين أن أهل لكفر على اختلاف مللهم وتوجهاتهم لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة .. يقول الله تعالى عنهم (( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ..))
- قد تقول : إذا فهي غاياتهم من سرقة هذه الأموال من الشعوب الفقيرة الضعيفة بهذه الطريقة ؟!
والجواب : إن أهل الكفر لا يدخرون وسعا في الاستخفاف بالمسلمين ومحاولة إذلالهم ، لهذا ترى ((بوش ))-قاتله الله- يعلن أن البلاد ستشن حرب صليبية ثالثة ضد ((الإسلام))-عفوا ((الإرهاب على حد زعمهم ، ووضع ميزانية كبيرة لذلك ، ولكن الله خذله فلم يحقق كثيرا من أحلامه التي كان يحلم بها ....فمثلا : ثبات إخواننا من أهل السنة في العراق و أفغانستان في جهادهم ضد الأمريكان كَلَّفَ الحكومة الأمريكية الكثير والكثير ، ولولا ذلك لما تردد في استكمال مخططه الإرهابي في احتلال سوريا ثم السودان ،فبدأ الرأي الألماني فضلا عن الرأي العام المحلي الأمريكي يطالب بوش بتحقيق ما وعد به الشعب الأمريكي من تحقيق السلام ، كذلك بدأ يطالب بسحب القوات الأمريكية والتوقف من خطته التي سماها (الحرب ضد الأمريكية ) حتى يبين موقفه الاقتصادي والسياسي الذي لحق بالولايات المتحدة من جراء مشروعه هذا
-وهنا بدأ يُحِس(بوش) بالحرج ، فماذا يفعل ؟!
هل ينسحب من أفغانستان والعراق وفلسطين وغيرها ......؟!
والجواب: لا ، لأنه إن فعل ذلك أظهر مدى ضعف السياسة الأمريكية ، وفساد الإدارة بالبيت البيض ..
-لذا حاول (بوش وأتباعه )خلق حيلة جديدة فإضعاف الاقتصاد العربي و الإسلامي من ناحية ، وتقوية الاقتصاد الغربي –عموما-والأمريكي –خصوصا- ، فكانت هذه الحيلة هي ما سمَّوه ب(وباء أنفلونزا الطيور .) ، وحشدوا طاقاتهم ، وجيوشهم الجيوش لإضعاف الثقة في غير ما يوجهونه من بيانات إعلامية .
-وتبعهم على ذلك كثير من أذنابهم من الساسة والقادة العملاء ، فخدموا مخططات هؤلاء الخبثاء ، وإنا لله وإنا إليه راجعون !!
-والآن ، وبعد رحيل الهالك المسمى ب((بوش )) وإدارته، وتولى ((أوباما)) فهل سيتغير الوضع والجواب : لا ، إذ الكفر ملة واحدة ......
-وفي الختام : ما واجب الأمة تجاه هذه القضايا –عموما – وتلك القضية-خصوصا-؟!
والجواب بكل صراحة : أنه يجب على الأمة أن ترجع في كل قضية من قضاياها إلى حكم الله ورسوله ، قال تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )، فينبغي أن تكون المرجعية العليا في كل قضية من قضايا ديننا ودنيانا هي الكتاب والسنة ..
-ثم لابد ألا يصدق الناس أي كلام يسمعونه من اى أحد ، حتى يعلموا حقيقة مصدره ، والغاية من ورائه ، ثم ينظرون النظرة العقائدية لمثل هذا الأمر ..
-وأخيرا : لابد من إعلان الأمة –حكاما ومحكومين – التوبة الصادقة من كل الذنوب والمعاصي ، إذ ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة .......
-وإلى اللقاء مع ((قضية أنفلونزا الخنازير من المنظور العقائدي الإسلامي ))
تعليق