إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

91 فائدة من كتاب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لشيخ الإسلام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • 91 فائدة من كتاب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لشيخ الإسلام


    الحمد لله القائل في محكم تنزيله: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]، والصلاة والسلام على نبيه ومصطفاه القائل في سنته المطهرة: ((والذي نفسي بيده، لتأمُرُنَّ بالمعروف، ولتَنهوُنَّ عن المنكر، أو ليوشكنَّ الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه، فلا يستجيب لكم))؛ [صحيح الترمذي (2169)]؛ أما بعد:


    فهذه فوائد جليلة القدر، نافعة لمن تأملها وعمِل بها، وهي مستلَّةٌ من رسالة صغيرة لشيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728ه) رحمه الله؛ الذي قال فيه العلامة ابن دقيق العيد: "لما اجتمعتُ بابن تيمية، رأيت رجلًا العلوم كلها بين عينيه، يأخذ منها ما يريد، ويَدَعُ ما يريد"، وهو غنيٌّ عن التعريف، ومؤلفاته نافعة، وكتب الله لها القبول في الأرض، لا سيما بين أهل العلم، ورسالته هذه نشرتها: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالسعودية، وعنوانها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه الفوائد وإن كانت كثيرة على صغر حجم الرسالة (64 صفحة)، فإنها لا تغني عن قراءة الأصل؛ حيث البسط والاستطراد، واستعراض الأدلة من القرآن والسنة، فهذه الفوائد دليل إلى الرسالة، وباعث على قراءتها؛ لمزيد فائدة وفَهْمٍ أعمق، فإلى الفوائد:
    رسالة الله: إما إخبار، وإما إنشاء؛ فالإخبار عن نفسه وعن خلقه مثل: التوحيد، والقصص الذي يندرج فيه الوعد والوعيد، والإنشاء: الأمر، والنهي، والإباحة.

    ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص: 1] تعدل ثلث القرآن؛ لتضمُّنِها ثلث التوحيد؛ إذ هو قصص، وتوحيد، وأمر.

    فإنه صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر الله على لسانه بكل معروف، ونهى عن كل منكر، وأحل كل طيب، وحرم كل خبيث؛ ولهذا رُوي عنه أنه قال: ((إنما بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق)).

    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يجب على كل أحد بعينه، بل هو على الكفاية، كما دلَّ عليه القرآن، ولما كان الجهاد من تمام ذلك، كان الجهاد أيضًا كذلك، فإذا لم يقُمْ به من يقوم بواجبه، أثِمَ كلُّ قادر بحسب قدرته؛ إذ هو واجبٌ على كل إنسان بحسب قدرته.

    الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإتمامه بالجهاد - هو من أعظم المعروف الذي أُمرنا به.

    ليكن أمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر غيرَ منكر.

    وإذا كان هو (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) من أعظم الواجبات والمستحبات، فالواجبات والمستحبات لا بد أن تكون المصلحة فيهاراجحة على المفسدة؛ إذ بهذا بُعثَتِ الرسل ونزلت الكتب، والله لا يحب الفساد، بل كل ما أمر الله به، فهو صلاح.

    فحيث كانت مفسدة الأمر والنهي أعظم من مصلحته، لم تكن مما أمر الله به، وإن كان قد تُرك واجبٌ وفُعل محرم؛ إذ المؤمن عليه أن يتقيَ الله في عباده، وليس عليه هداهم، وهذا معنى قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105]، فإذا قام المسلم بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قام بغيره من الواجبات - لم يضره ضلال الضُّلَّال.

    فأما (إنكار) القلب، فيجب بكل حال؛ إذ لا ضرر في فعله، ومن لم يفعله، فليس هو بمؤمن؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وذلك أدنى - أو أضعف - الإيمان)).

    وقيل لابن مسعود: مَن ميت الأحياء؟ فقال: الذي لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا.

    (فريق من الناس) يريد أن يأمر وينهى إما بلسانه، وإما بيده مطلقًا، من غير فقهٍ وحِلْمٍ، وصبر ونظرٍ فيما يصلح من ذلك، وما لا يصلح، وما يقدر عليه، وما لا يقدر.

    فيأتي (فريق من الناس) بالأمر والنهي معتقدًا أنه مطيعٌ في ذلك لله ورسوله، وهو معتدٍ في حدوده، كما انتصب كثير من أهل البدع والأهواء؛ كالخوارج والمعتزلة والرافضة، وغيرهم ممن غلط فيما أتاه من الأمر والنهي والجهاد على ذلك، وكان فساده أعظم من صلاحه.

    ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على جَوْرِ الأئمة، ونهى عن قتالهم ما أقاموا الصلاة؛ وقال: ((أدُّوا إليهم حقوقهم، وسَلُوا الله حقوقكم)).

    من أصول أهل السنة والجماعة لزومُ الجماعة، وترك قتال الأئمة، وترك القتال في الفتنة.

    وأما أهل الأهواء - كالمعتزلة - فيَرَون القتال للأئمة من أصول دينهم، ويجعل المعتزلة أصول دينهم خمسة: "التوحيد"؛ الذي هو سلب الصفات، و"العدل"؛ الذي هو التكذيب بالقدر، و"المنزلة بين المنزلتين"، و"إنفاذ الوعيد"، و"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، الذي منه قتال الأئمة.

    فإن الأمر والنهي وإن كان متضمنًا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة، فيُنظَر في المعارض له؛ فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحصل من المفاسد أكثر، لم يكن مأمورًا به، بل يكون محرمًا إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته.

    اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة.

    فمتى قدر الإنسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها، وإلا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر، وقلَّ أن تعوز النصوص مَن يكون خبيرًا بها، وبدلالتها على الأحكام.

    فتارة يصلح الأمر، وتارة يصلح النهي، وتارة لا يصلح لا أمر ولا نهي؛ حيث كان المعروف والمنكر متلازمين، وذلك في الأمور المعينة الواقعة.

    وإذا اشتبه الأمر، استبان المؤمن حتى يتبين له الحق، فلا يُقدِم على الطاعة إلا بعلم ونية، وإذا تركها كان عاصيًا، فترك الأمر الواجب معصية، وفِعْلُ ما نُهيَ عنه من الأمر معصية.

    ومن هذا الباب إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن أبيٍّ، وأمثاله من أئمة النفاق والفجور؛ لِما لهم من أعوان، فإزالة منكره بنوع من عقابه مستلزمةٌ إزالةَ معروف أكثر من ذلك بغضب قومه وحميَّتهم، وبنفور الناس إذا سمِعوا أن محمدًا يقتل أصحابه؛ ولهذا لما خاطب الناس في قصة الإفك بما خاطبهم به، واعتذر منه، وقال له سعد بن معاذ قوله الذي أحسن فيه، حميَ له سعد بن عبادة مع حسن إيمانه.

    وأصل هذا أن تكون محبة الإنسان للمعروف وبغضه للمنكر، وإرادته لهذا، وكراهته لهذا - موافقةً لحب الله وبغضه، وإرادته وكراهته الشرعيين.

    فأما حب القلب وبغضه وإرادته وكراهيته، فينبغي أن تكون كاملة جازمة، لا يوجب نقص ذلك إلا نقص الإيمان.

    (فعل البدن) بحسب قدرته، ومتى كانت إرادة القلب وكراهته كاملة تامة، وفعل العبد معها بحسب قدرته - فإنه يُعطَى ثواب الفاعل الكامل.

    مِن الناس مَن يكون حبه وبغضه وإرادته وكراهته بحسب محبة نفسه وبغضها، لا بحسب محبة الله ورسوله، وبغض الله ورسوله، وهذا من نوع الهوى، فإن اتبعه الإنسان، فقد اتبع هواه: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾ [القصص: 50].

    أصل الهوى محبة النفس، ويتبع ذلك بغضها، ونفس الهوى - وهو الحب والبغض الذي في النفس - لا يُلام عليه؛ فإن ذلك قد لا يُملك، وإنما يُلام على اتباعه؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [ص: 26]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾ [القصص: 50]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث منجيات: خشية الله في السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، وكلمة الحق في الغضب والرضا، وثلاث مهلكات: شحٌّ مطاع، وهوًى متبع، وإعجاب المرء بنفسه)).

    كل مَن لم يتبع العلم، فقد اتبع هواه، والعلم بالدين لا يكون إلا بهديِ الله الذي بعث به رسوله؛ ولهذا قال تعالى في موضع: ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [الأنعام: 119]، وقال في موضع آخر: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾ [القصص: 50].

    ﴿ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات: 1]، ومن أحبَّ أو أبغض قبل أن يأمره الله ورسوله، ففيه نوعٌ من التقدم بين يدي الله ورسوله.

    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من أوجب الأعمال وأفضلها وأحسنها.

    و(الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر) لا يكون عمله صالحًا، إن لم يكن بعلْمٍ وفقْهٍ، وكما قال عمر بن عبدالعزيز: "من عَبَدَالله بغير علم، كان ما يفسد أكثر مما يصلح".

    فلا بد من العلم بالمعروف والمنكر والتمييز بينهما، ولا بد من العلم بحال المأمور والمنهي.

    (الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر) لا بد أيضًا أن يكون حليمًا صبورًا على الأذى؛ فإنه لا بد أن يحصل له أذًى، فإن لم يحلم ويصبر، كان ما يفسد أكثر مما يصلح؛ كما قال لقمان لابنه: ﴿ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 17].

    فلا بد من هذه الثلاثة: العلم، والرفق، والصبر؛ العلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده، وإن كان كلٌّ من الثلاثة مستصحَبًا في هذه الأحوال.

    ومن المعلوم بما أرانا الله من آياته في الآفاق، وفي أنفسنا، وبما شهد به في كتابه - أن المعاصي سببُ المصائب، فسيئات المصائب والجزاء من سيئات الأعمال، وأن الطاعة سبب النعمة، فإحسان العمل سبب لإحسان الله؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30].

    فإن التوحيد والوعد والوعيد هو أول ما أنزل؛ كما في صحيح البخاري...

    وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سببَ الشر والعدوان، فقد يذنب الرجل أو الطائفة، ويسكت آخرون عن الأمر والنهي، فيكون ذلك من ذنوبهم، وينكر عليهم آخرون إنكارًا منهيًّا عنه، فيكون ذلك من ذنوبهم، فيحصل التفرق والاختلاف والشر، وهذا من أعظم الفتن والشرور قديمًا وحديثًا؛ إذ الإنسان ظلومٌ جَهولٌ.

    ومن تدبر الفتن الواقعة، رأى سببها ذلك (الكفر والفسوق والعصيان)، ورأى أن ما وقع بين أمراء الأمة وعلمائها، ومَن دخل في ذلك من ملوكها ومشايخها، ومَن تبِعَهم من العامة من الفتن - هذا أصلها، يدخل في ذلك أسباب الضلال والغي؛ التي هي الأهواء الدينية والشهوانية، وهي البدع في الدين، والفجور في الدنيا.

    ومعلوم أن هذه المعاصي، وإن كانت مستقبحة مذمومة في العقل والدين، فهي مشتهاة أيضًا، ومن شأن النفوس أنها لا تحب اختصاص غيرها بها.

    فهذا الشح الذي هو شدة حرص النفس يوجب البخل بمنع ما هو عليه، والظلم بأخذ مال الغير، ويوجب قطيعة الرحم، ويوجب الحسد.

    (الحسد) كراهة ما اختُصَّ به الغير، والحسد فيه بخل وظلم، فإنه بخل بما أعطيه غيره، وظلمه بطلب زوال ذلك عنه.

    الذنوب ثلاثة أقسام: أحدها: ما فيها ظلم للناس؛ كالظلم بأخذ الأموال ومنع الحقوق، والحسد، ونحو ذلك، والثاني: ما فيه ظلم للنفس فقط؛ كشرب الخمر والزنا إذا لم يتعدَّ ضررهما، والثالث: ما يجتمع فيه الأمران؛ مثل: أن يأخذ المتولي أموال الناس يزني بها ويشرب بها الخمر، ومثل أن يزنيَ بمن يرفعه على الناس بذلك السبب ويضرهم.

    وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل... ولهذا قيل: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة، ويُقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام.

    فإذا أُقيم أمر الدنيا بعدلٍ، قامت وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خَلاق، ومتى لم تقم بعدلٍ، لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يُجزَى به في الآخرة.

    والناس هنا ثلاثة أقسام: قوم لا يقومون إلا في أهواء نفوسهم، فلا يرضَون إلا بما يعطونه، ولا يغضبون إلا لما يحرمونه، فإذا أُعطيَ أحدهم ما يشتهيه من الشهوات الحلال والحرام، زال غضبه وحصل رضاه... وهذا غالب في بني آدم... وسببه أن الإنسان ظلوم جهول... وقوم يقومون ديانة صحيحة، يكونون في ذلك مخلصين لله، مصلحين فيما عملوه، ويستقيم لهم ذلك حتى يصبروا على ما أُوذوا، وهؤلاء هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وهم من خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالله، وقوم يجتمع فيهم هذا وهذا، وهم غالب المؤمنين، فمَن فيه دين وله شهوة، تجتمع في قلوبهم إرادة الطاعة وإرادة المعصية، وربما غلب هذا تارة وهذا تارة... فالأولون هم أهل الأنفس الأمَّارة التي تأمره بالسوء، والأوسطون هم أهل النفوس المطمئنة؛ التي قيل فيها: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30]، والآخرون هم أهل النفوس اللوامة التي تفعل الذنب ثم تلوم عليه، وتتلون تارة كذا، وتارة كذا، وتخلط عملًا صالحا وآخرَ سيئًا.

    فمَن (من المؤمنين) فيه دين وله شهوة، تجتمع في قلوبهم إرادة الطاعة وإرادة المعصية، وربما غلب هذا تارة وهذا تارة.

    يجب على المؤمن أن يستعين بالله، ويتوكل عليه في أن يقيم قلبه ولا يزيغه، ويثبته على الهدى والتقوى، ولا يتبع الهوى؛ كما قال تعالى: ﴿ فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ﴾ [الشورى: 15].

    فكم ممن لم يُرِدْ خيرًا ولا شرًّا حتى رأى غيره - لا سيما إن كان نظيره - يفعله ففعله! فإن الناس كأسراب القَطَا، مجبولون على تشبه بعضهم ببعض.

    ولهذا كان المبتدئ بالخير والشر له مثل مَن تبعه مِن الأجر والوزر؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سنَّ سُنَّةً حسنة، فله أجرها، وأجر مَن عمِل بها إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، ومن سنَّ سنة سيئة، فعليه وزرها، ووزر مَن عمِل بها إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا))؛ وذلك لاشتراكهم في الحقيقة، وأن حكم الشيء حكمُ نظيره، وشبه الشيء منجذب إليه.

    كثيرٌ من أهل المنكر يحبون من يوافقهم على ما هم فيه، ويبغضون من لا يوافقهم، وهذا ظاهر في الديانات الفاسدة من موالاة كل قوم لموافقيهم، ومعاداتهم لمخالفيهم.

    فقد يأمرون (أهل المنكر) الشخص بمشاركتهم فيما هم عليه من المنكر، فإن شاركهم، وإلا عادَوه وآذَوه على وجه ينتهي إلى حد الإكراه، أو لا ينتهي إلى حد الإكراه، ثم إن هؤلاء الذين يختارون مشاركة الغير لهم في قبيح فعلهم، أو يأمرونه بذلك ويستعينون به على ما يريدونه - متى شاركهم وعاونهم وأطاعهم، انتقصوه واستخفُّوا به، وجعلوا ذلك حجة عليه في أمور أخرى، وإن لم يشاركهم عادَوه وآذَوه، وهذه حال غالب الظالمين القادرين.

    ولهذا يُؤمر المؤمنون أن يقابلوا السيئات بضدها من الحسنات، كما يقابل الطبيب المرض بضده، فيؤمر المؤمن بأن يصلح نفسه، وذلك بشيئين: بفعل الحسنات، وترك السيئات، مع وجود ما ينفي الحسنات، ويقتضي السيئات.

    فلا بد من الصبر على فعل الحسن المأمور به، وترك السيئ المحظور، ويدخل في ذلك الصبر على الأذى، وعلى ما يُقال، والصبر على ما يصيبه من المكاره، والصبر عن البَطَر عند النعم، وغير ذلك من أنواع الصبر.

    ولا يمكن للعبد أن يصبر إن لم يكن له ما يطمئن به، ويتنعم به، ويغتذي به؛ وهو اليقين.

    النفوس لا تصبر على المرِّ إلا بنوع من الحلو، لا يمكن غير ذلك؛ ولهذا أمر الله تعالى بتأليف القلوب؛ حتى جعل للمؤلفة قلوبهم نصيبًا في الصدقات؛ وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، وقال تعالى: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ﴾ [البلد: 17]، فلا بد أن يصبر وأن يرحم، وهذا هو الشجاعة والكرم.

    ولا بد من الثلاثة: الصلاة، والزكاة، والصبر، لا تقوم مصلحة المؤمنين إلا بذلك، في صلاح نفوسهم وإصلاح غيرهم، لا سيما كلما قويت الفتنة والمحنة، فالحاجة إلى ذلك تكون أشد، فالحاجة إلى السماحة والصبر عامة لجميع بني آدم لا تقوم مصلحة دينهم ولا دنياهم إلا به.

    والقضايا التي يتفق عليها بنو آدم لا تكون إلا حقًّا؛ كاتفاقهم على مدح الصدق والعدل، وذم الكذب والظلم.

    جاء الكتاب والسنة بذم البخل والجبن، ومدح الشجاعة والسماحة في سبيله دون ما ليس في سبيله.

    البخل جنس تحته أنواع: كبائر، وغير كبائر؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [آل عمران: 180]... وقال: ﴿ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ ﴾ [التوبة: 76، 77]، وقال: ﴿ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ﴾ [محمد: 38]... وما في القرآن من الأمر بالإيتاء والإعطاء وذم من ترك ذلك - كله ذم للبخل.

    وما في القرآن من الحض على الجهاد والترغيب فيه وذم الناكلين عنه والتاركين له - كله ذم للجبن.

    صلاح بني آدم لا يتم في دينهم ودنياهم إلا بالشجاعة والكرم.

    والشجاعة ليست هي قوة البدن، وقد يكون الرجل قويَّ البدن ضعيف القلب، وإنما هي قوة القلب وثباته، فإن القتال مداره على قوة البدن وصنعته للقتال، وعلى قوة القلب وخبرته به، والمحمود منهما ما كان بعلم ومعرفة، دون التهور الذي لا يفكر صاحبه، ولا يميز بين المحمود والمذموم.

    الصبر صبران: صبر عند الغضب، وصبر عند المصيبة؛ كما قال الحسن: "ما تجرع عبدٌ جرعة أعظم من جرعة حِلْمٍ عند الغضب، وجرعة صبر عند المصيبة"؛ وذلك لأن أصل ذلك هو الصبر على المؤلم، وهذا هو الشجاع الشديد الذي يصبر على المؤلم.

    المؤلم إن كان مما يمكن دفعه أثار الغضب، وإن كان مما لا يمكن دفعه أثار الحزن، ولهذا يحمَّر الوجه عند الغضب؛ لثوران الدم عند استشعار القدرة، ويصفَّر عند الحزن؛ لغور الدم عند استشعار العجز.

    الإنسان بين ما يحبه ويشتهيه، وبين ما يبغضه ويكرهه، فهو يطلب الأول بمحبته وشهوته، ويدفع الثاني ببغضه ونفرته، وإذا حصل الأول أو اندفع الثاني، أوجب له فرحًا وسرورًا، وإن حصل الثاني أو اندفع الأول، حصل له حزن، فهو محتاج عند المحبة والشهوة أن يصبر عن عدوانهما، وعند الغضب والنفرة أن يصبر عن عدوانهما، وعند الفرح أن يصبر عن عدوانه، وعند المصيبة أن يصبر عن الجزع منها.

    والشعراء جرت عادتهم أن يمشوا مع الطبع؛ كما قال الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ﴾ [الشعراء: 225، 226]؛ ولهذا أخبر أنهم يتبعهم الغاوون، والغاوي: هو الذي يتبع هواه بغير علم، وهذا هو الغي، وهو خلاف الرشد، كما أن الضال الذي لا يعلم مصلحته هو خلاف المهتدي؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾ [النجم: 1، 2].

    الناس أربعة أصناف:
    من يعمل لله بشجاعة وسماحة، فهؤلاء هم المؤمنون المستحقون للجنة.
    ومن يعمل لغير الله بشجاعة وسماحة، فهذا ينتفع بذلك في الدنيا، وليس له في الآخرة من خلاق.
    ومن يعمل لله لكن لا بشجاعة ولا سماحة، فهذا فيه من النفاق ونقص الإيمان بقدر ذلك.
    ومن لا يعمل لله وليس فيه شجاعة ولا سماحة، فهذا ليس له دنيا ولا آخرة.

    ولما كان في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله من الابتلاء والمحن ما يُعرَّض به المرء للفتنة - صار في الناس من يتعلل لترك ما وجب عليه من ذلك بأنه يطلب السلامة من الفتنة؛ كما قال عن المنافقين: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ﴾ [التوبة: 49].

    قال الله تعالى: ﴿ أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ﴾ [التوبة: 49]؛ يقول: نفس إعراضه عن الجهاد الواجب، ونكوله عنه، وضعف إيمانه، ومرض قلبه الذي زين له ترك الجهاد - فتنةٌ عظيمة قد سقط فيها، فكيف يطلب التخلص من فتنة صغيرة لم تصبه بوقوعه في فتنة عظيمة قد أصابته؟ والله يقول: ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّه ﴾ [الأنفال: 39].

    فمن ترك القتال الذي أمر الله به لئلا تكون فتنة، فهو في الفتنة ساقط بما وقع فيه من ريب قلبه ومرض فؤاده، وتركه ما أمر الله به من الجهاد.

    قسم (من الناس) يأمرون وينهَون ويقاتلون؛ طلبًا لإزالة الفتنة التي زعموا، ويكون فعلهم ذلك أعظم فتنة؛ كالمقتتلين في الفتنة الواقعة بين الأمة، وأقوام ينكلون عن الأمر والنهي والقتال الذي يكون به الدين كله لله، وتكون كلمة الله هي العليا؛ لئلا يُفتَنوا، وهم قد سقطوا في الفتنة... وهذه حال كثير من المتدينين، يتركون ما يجب عليهم من أمر ونهي وجهاد يكون به الدين كله لله.

    وإنما الواجب عليهم (المتدينون) القيام بالواجب وترك المحظور، وهما متلازمان، وإنما تركوا ذلك؛ لكون نفوسهم لا تطاوعهم إلا على فعلهما جميعًا أو تركهما جميعًا؛ مثل كثير ممن يحب الرئاسة أو المال وشهوات الغي، فإنه إذا فعل ما وُجب عليه من أمر ونهي وجهاد وإمارة ذلك، فلا بد أن يفعل شيئًا من المحظورات.

    كل بشر على وجه الأرض فلا بد له من أمر ونهي، ولا بد أن يأمر وينهى، حتى لو أنه وحده، لكان يأمر نفسه وينهاها؛ إما بمعروف، وإما بمنكر؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ﴾ [يوسف: 53].

    وإذا كان الأمر والنهي من لوازم وجود بني آدم، فمَن لم يأمر بالمعروف الذي أمر الله به ورسوله، وينهى عن المنكر الذي نهى الله عنه ورسوله، ويُؤمر بالمعروف الذي أمر الله به ورسوله، ويُنهى عن المنكر الذي نهى الله عنه ورسوله، وإلا فلا بد أن يأمر وينهى، ويُؤمر ويُنهى، إما بما يضاد ذلك، وإما بما يشترك فيه الحق الذي أنزل الله بالباطل الذي لم ينزله الله، وإذا اتخذ ذلك دينًا، كان دينًا مبتدعًا.

    كل بشر فإنه متحرك بإرادته همام حارث، فمن لم تكن نيته صالحة، وعمله عملًا صالحًا لوجه الله، وإلا كان عملًا فاسدًا أو لغير وجه الله، وهو الباطل؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾ [الليل: 4].

    أولو الأمر صنفين: العلماء، والأمراء، فإذا صلحوا صلح الناس، وإذا فسدوا فسد الناس.

    وكل من كان متبوعًا، فإنه من أولي الأمر، وعلى كل واحد من هؤلاء أن يأمر بما أمر الله به، وينهى عما نهى عنه، وعلى كل واحد ممن عليه طاعته أن يطيعه في طاعة الله، ولا يطيعه في معصية الله؛ كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين تولى أمر المسلمين وخطبهم، فقال في خطبته: "أيها الناس، القوي فيكم الضعيف عندي، حتى آخذَ منه الحق، والضعيف فيكم القوي عندي، حتى آخذ له الحق، أطيعوني ما أطعتُ الله، فإذا عصيتُ الله، فلا طاعة لي عليكم".

    جميع الحسنات لا بد فيها من شيئين: أن يُرادَ بها وجه الله، وأن تكون موافقة للشريعة.

    فإن هؤلاء الثلاثة (أول ثلاثة تسجر بهم جهنم) الذين يريدون الرياء والسمعة هم بإزاء الثلاثة الذين بعد النبيين من الصديقين والشهداء والصالحين، فإن من تعلَّم العلم الذي بعث الله به رسله وعلمه لوجه الله، كان صِدِّيقًا، ومن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا وقُتل، كان شهيدًا، ومن تصدق يبتغي بذلك وجه الله، كان صالحًا.

    العبادات التي يتعبد العباد بها، إذا كانت مما شرعه الله وأمر الله به ورسوله، كانت حقًّا صوابًا، موافقًا لما بعث الله به رسله، وما لم يكن كذلك من القسمين، كان من الباطل والبدع المضلة والجهل، وإن كان يسميه مَن يسميه علومًا ومعقولاتٍ، وعبادات ومجاهدات، وأذواقًا ومقامات.

    تحتاج العبادة أن يُقصَدَ بها وجه الله، فإذا قيل ذلك (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) لاتباع الهوى والحمية، أو لإظهار العلم والفضيلة، أو لطلب السمعة والرياء - كان بمنزلة المقاتل شجاعة وحمية ورياء.

    الأقسام الثلاثة: المأمور، والمحظور، والمشتمل على الأمرين قد يكون لصاحبه نية حسنة، وقد يكون متبعًا لهواه، وقد يجتمع له هذا وهذا.

    وخَلْطُ عمل صالح وآخر سيئ، والسيئ من ذلك قد يكون صاحبه مخطئًا أو ناسيًا مغفورًا له كالمجتهد المخطئ الذي له أجر، وخطؤه مغفورٌ له، وقد يكون صغيرًا مكفَّرًا باجتناب الكبائر، وقد يكون مغفورًا بتوبة أو بحسنات تمحو السيئات، أو مكفَّرًا بمصائب الدنيا ونحو ذلك.

    الإسلام يجمع معنيين: أحدهما: الاستسلام والانقياد، فلا يكون متكبرًا، والثاني: الإخلاص... فلا يكون مشركًا؛ وهو: أن يسلم العبد لله رب العالمين... قال تعالى: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 131].

    وهذان الوصفان - وهما إسلام الوجه لله، والإحسان - هما الأصلان المتقدمان؛ وهما: كون العمل خالصًا لله، صوابًا موافقًا للسنة والشريعة، وذلك أن إسلام الوجه لله هو متضمن للقصد والنية لله.

    فإذا توجه قلبه (العبد) إلى شيء، تبِعَهُ وجهه الظاهر، فإذا كان العبد قصده ومراده وتوجهه إلى الله، فهذا صلاح إرادته وقصده، فإذا كان مع ذلك محسنًا، فقد اجتمع أن يكون عمله صالحًا، ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا.

    وقد روى ابن شاهين واللالكائي عن سعيد بن جبير، قال: "لا يُقبَلُ قول وعمل إلا بنية، ولا يُقبَل قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة".

    مجرد تصديق القلب واللسان مع البغض والاستكبار لا يكون إيمانًا - باتفاق المؤمنين - حتى يقترن بالتصديق عملٌ.

    وأصل العمل عمل القلب، وهو الحب والتعظيم المنافي للبغض والاستكبار.

    القول والعمل والنية الذي لا يكون مسنونًا مشروعًا قد أمر الله به - يكون بدعة ليس مما يحبه الله، فلا يقبله الله، ولا يصلح؛ مثل: أعمال المشركين، وأهل الكتاب.

    لفظ "السنة" في كلام السلف يتناول السنة في العبادات، وفي الاعتقادات، وإن كان كثير ممن صنف في السنة يقصدون الكلام في الاعتقادات؛ وهذا كقول ابن مسعود وأبي بن كعب وأبي الدرداء رضي الله عنهم: "اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة".


    والحمد لله رب العالمين، وصلواته على محمد، وآله الطاهرين وأصحابه أجمعين.





    سالم محمد أحمد





    شبكة الالوكة

يعمل...
X