السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وهج الصيف
في فصل الصيف، تبدو الصورة السطحية، لآحاد الناس: حرٌ، ووهجٌ، وضيقٌ، وعرقٌ! ثم فزعٌ إلى توفير وسائل التبريد، ونزوح إلى أماكن الاصطياف. وذلك أمر تمليه الطبيعة البشرية . لكن المؤمنين ينظرون نظرة أعمق، وينقدح لهم من موحيات الإيمان، ومستنبطات العقيدة، في حلول فصل الصيف، معاني متعددة، منها :
1- التدبر العميق لبديع خلق الله، وجميل صنع الله، الذي أتقن كل شيء، فجاء على نسقٍ مطرد، ونظام متسق، وتنوع فريد منضبط !
2- الخوف من النار ؛ بجامع الحر في الأمرين، مع بعد الفارق.ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه و سلم، قال: ( اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضاً. فأذن لها بنفسين؛ نفس في الشتاء، ونفس في الصيف. فأشد ما تجدون من الحر، من سموم جهنم، و أشد ما تجدون من البرد، من زمهرير جهنم ) . فيتبادر إلى ذهن المؤمن ما أوعد الله به الكافرين، والعصاة، فيحدث له موعظةً، وتضرعاً . روى عثمان الدارمي بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان يوم شديد الحر، فقال العبد: لا إله إلا الله، ما أشد حر هذا اليوم! اللهم أجرني من حر جهنم. قال الله لجهنم: إن عبداً من عبادي قد استجار بي منك، و قد أجرته )
3- الصبر على طاعة الله التي تشتد في هذا الفصل : من المشي إلى الجمع والجماعات، وصوم الفرض والنفل ، ومكابدة ظمأ الهواجر، وأداء الحج والعمرة، والنفرة إلى الجهاد، واتباع الجنائز، وشهودها في المقابر، في حمئة الشمس، وغير ذلك من أنواع العبادات. فيتراوح المؤمنون في أدائها ما بين صابر، وراضٍ، وشاكر. قال ابن رجب، رحمه الله: ( خرج رجل من السلف إلى الجمعة، فوجد الناس قد سبقوه إلى الظل، فقعد في الشمس، فناداه رجل من الظل أن يدخل إليه، فأبى أن يتخطى الناس لذلك، ثم تلا : ( واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ) [لطائف المعارف: 1/347]
هذا غيض من فيض، من تفاوت الخلق في استقبال المتغيرات، والتفكر في أسرار المحدثات، مرده إلى الاعتقاد المكنون في القلب . فمن صح قلبه، صح قوله، وعمله، وفكره، وخواطره . ومن فسد قلبه فسدت هاتيك كلها .
والله المستعان .
مقتبس من موقع العقيدة والحياة
تعليق