العقيدة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
أ. د أحمد بن عبدالرحمن القاضي
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . أما بعد :
فلعل أجلى مظاهر العقيدة في الحياة : الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر . وسر ذلك أن العقيدة الحقة تثمر عملاً صحيحاً، وقولاً حميداً، وأدباً راقياً . وهذه الثمرات والمقتضَيات ضرورة الإيمان الصادق، لا تنفك عنه، مع تفاضل بين المؤمنين في مقدارها. ولكن قد تظل هذا الآثار مقصورة على صاحبها، فإذا ما تنامت شجرة الإيمان، وساخت جذورها في أرض القلب، وتمكنت منه، استرسلت أغصانها، وامتدت، فاستظل بظلالها الوارفة من حولها! وكذا الآمر بالمعروف، الناهي عن المنكر، لما فاض ما في قلبه عن حد حاجته الشخصية، سقى غيره بالعلم النافع، المتمثل بالأمر والنهي، فأثمر العمل الصالح .
ولما كانت هذه الشعيرة العظيمة ( الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ) أصدق تعبير عن الإيمان بالله، والنصح له، ولكتابه، ولرسوله، والولاء التام لدينه، قرنها بالإيمان، وتوَّج بها هذه الأمة، وجعلها عنوان خيريتها على سائر الأمم، فقال :( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) آل عمران : 110
والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، أعظم أسباب بقاء هذا الدين، وسلامة مجتمعاته؛ من جهة البناء والإنشاء، ومن جهة الحفظ والصيانه . فهذه الشعيرة العظيمة تمثل إصلاحاً ذاتياً، واحتكاماً مرجعياً مستمراً إلى الأصل المعصوم؛ الكتاب والسنة .
وأما أهلها؛ الآمرون بالمعروف، الناهون عن المنكر، فقد حازوا أعلى الرتب، والمناقب ، والفضائل. فمن ذلك :
1- أنهم أهل الفلاح، والمشروع الناجح. قال تعالى : ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) آل عمران : 104،ومعنى الفلاح: الفوز بالمطلوب، والنجاة من المرهوب .
2- أنهم أهل النجاة، والبقية المختارة، كما قال تعالى : ( فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً ممن أنجينا منهم ) هود: 116، وقال : ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ) الأعراف: 165
3- أنهم حراس الشريعة، الحافظون لحدود الله، كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم، بمثالٍ بديع، فقال : ( مثل القائم في حدود الله، والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها. فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم. فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً، ولم نؤذِ من فوقنا ! فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً) رواه البخاري . فهم عصمة للأمة، وأمنة للمجتمع، بعد الله عز وجل .
4- أنهم من أهل المجاهدة والإحسان اللذين يورثان الاهتداء والمعية الربانية ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت: 69 .
تلك بعض السمات، لأثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحياة، مما يؤكد ما استهللنا به الحديث من الصلة الوثيقة، والعلاقة الحميمة، بين العقيدة، وهذه الشعيرة الفعالة في جميع شؤون الحياة..
أ. د أحمد بن عبدالرحمن القاضي
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . أما بعد :
فلعل أجلى مظاهر العقيدة في الحياة : الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر . وسر ذلك أن العقيدة الحقة تثمر عملاً صحيحاً، وقولاً حميداً، وأدباً راقياً . وهذه الثمرات والمقتضَيات ضرورة الإيمان الصادق، لا تنفك عنه، مع تفاضل بين المؤمنين في مقدارها. ولكن قد تظل هذا الآثار مقصورة على صاحبها، فإذا ما تنامت شجرة الإيمان، وساخت جذورها في أرض القلب، وتمكنت منه، استرسلت أغصانها، وامتدت، فاستظل بظلالها الوارفة من حولها! وكذا الآمر بالمعروف، الناهي عن المنكر، لما فاض ما في قلبه عن حد حاجته الشخصية، سقى غيره بالعلم النافع، المتمثل بالأمر والنهي، فأثمر العمل الصالح .
ولما كانت هذه الشعيرة العظيمة ( الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ) أصدق تعبير عن الإيمان بالله، والنصح له، ولكتابه، ولرسوله، والولاء التام لدينه، قرنها بالإيمان، وتوَّج بها هذه الأمة، وجعلها عنوان خيريتها على سائر الأمم، فقال :( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) آل عمران : 110
والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، أعظم أسباب بقاء هذا الدين، وسلامة مجتمعاته؛ من جهة البناء والإنشاء، ومن جهة الحفظ والصيانه . فهذه الشعيرة العظيمة تمثل إصلاحاً ذاتياً، واحتكاماً مرجعياً مستمراً إلى الأصل المعصوم؛ الكتاب والسنة .
وأما أهلها؛ الآمرون بالمعروف، الناهون عن المنكر، فقد حازوا أعلى الرتب، والمناقب ، والفضائل. فمن ذلك :
1- أنهم أهل الفلاح، والمشروع الناجح. قال تعالى : ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) آل عمران : 104،ومعنى الفلاح: الفوز بالمطلوب، والنجاة من المرهوب .
2- أنهم أهل النجاة، والبقية المختارة، كما قال تعالى : ( فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً ممن أنجينا منهم ) هود: 116، وقال : ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ) الأعراف: 165
3- أنهم حراس الشريعة، الحافظون لحدود الله، كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم، بمثالٍ بديع، فقال : ( مثل القائم في حدود الله، والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها. فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم. فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً، ولم نؤذِ من فوقنا ! فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً) رواه البخاري . فهم عصمة للأمة، وأمنة للمجتمع، بعد الله عز وجل .
4- أنهم من أهل المجاهدة والإحسان اللذين يورثان الاهتداء والمعية الربانية ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت: 69 .
تلك بعض السمات، لأثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحياة، مما يؤكد ما استهللنا به الحديث من الصلة الوثيقة، والعلاقة الحميمة، بين العقيدة، وهذه الشعيرة الفعالة في جميع شؤون الحياة..
تعليق