بدع المساجد
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أيها الإخوة في الله: أريد أن أتكلم معكم عن أمر هام لكل مسلم، وهذا الأمر مما يخالف شرع الله عز وجل، وهو ما ابتدعه الناس في المساجد من بدع متعددة، لم تكن في القرون الفاضلة، من عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم، وكثير من هذه الأمور قد أشار إلى وقوعها الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وجعل ظهورها من علامات الساعة.. وسنذكر منها ما هو موجود ومعايش اليوم في كثير من المساجد في مختلف بلدان العالم الإسلامي.
ثم لا بد من إزالة هذه البدع التي اعتادها الناس وألفوها، وأصبحت هي الدين الذي به يدينون، وإحلال السنن التي جاء بها رسولنا -صلى الله عليه وسلم، محلها والاكتفاء من الدين بما كان عليه هو وأصحابه تصديقاً واتباعاً لقوله: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري ومسلم. وقوله: " فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" . رواه مسلم، وزاد النسائي "وكل ضلالة في النار "
ومن تلك البدع:
أولاً: زخرفة المساجد:
1- روى أبو داود عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى" صححه الألباني.
2- عن عمر -رضي الله عنه- أنه أمر ببناء المسجد وقال: "أكِنَّ الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر" رواه البخاري.
وحديث ابن عباس السابق له حكم الرفع؛ لأنه يخبر عن مستقبل، وقد علم أن علم المستقبل لا يعلمه إلا الله، أو ما أطلع عليه رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقد حصل ما حذر منه ووقع، فلقد بنى الناس في هذه الأيام وقبلها بقرون طويلة صروحاً ومساجد لإيقاع العوام في شراك البدع، ويبذلون أموالهم لإحالة الدين إلى العبادات الشكلية، كما حصل في إشراك كل الأمم السالفة التي اعتاضت عن جمال العقيدة بجمال جدران المعابد، وعن نور الإيمان بأنوار الهياكل، حتى جعلوا شعائر الدين أشبه باحتفالات الولائم، وأقرب الاجتماعات المآدب لشدة ما تلتهي الأذهان والعقول بالنقوش والزخارف، وما يشطح الفكر ويصرفه من التأمل في منظر المنافذ، وإبداع المنابر، مع أن القصد من المسجد كان تجريد العقل من ملهيات العالم المادي، وتخليصه من فتنة المظهر الطيني الدوني1, إلى الارتقاء بالروح والعقل إلى درجة الانشغال بالله والتفكر فيما يتلى، والذكر وتلاوة القرآن، فقلبت الموازين، واستولت الشياطين.. ولا قوة إلا بالله.
ثانياً: الذكر الجماعي:
الذكر الجماعي مما اشتهر عند كثير من أهل البدع ممن ينتسب للتصوف أو التشيع ونحوهم، ومن ذلك: قراءة الأذكار بهيئة جماعية بعد الصلوات، كقراءة سورة الفاتحة، أوآية الكرسي، أو قول لا إله، إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وه على كل شيء قدير، جماعة أو غيرهما من الآيات والأذكار، ومعلوم أن هذه الصورة وهذه الهيئة من الأمور المحدثة في الدين والتي لم تكن على عهد السلف الصالح، وذكر الله ليس مجرد رفع الأصوات، أو ترديد أنغام على وتيرة واحدة.. بل إن الجهر والتجاهر بالأدعية والأذكار من الأمور غير المستحسنة في الشرع قال تعالى:{وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ} (205) سورة الأعراف، وقال: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا } الإسراء: 110، وقد حث سبحانه وتعالى على التفكر والتذكر التدبر فيما يقرؤه الإنسان أو يذكره به، وليس مجرد القراءة فحسب.
ثالثًا: الجلوس للتعزية في المسجد:
قال ابن القيم- رحمه الله-: وكان هديه- صلى الله عليه وسلم- تعزية أهل الميت، ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء، ولا يقرأ له القرآن، ولا عند قبره ولا غيره، وكل هذا بدعة حادثة مكروهة، وكان من هديه السكون والرضى بقضاء الله، والحمد لله والاسترجاع. ( زاد المعاد ).
رابعاً: دفن الميت في المسجد أو بناء المسجد على القبر:
وهذا مما حذر منه النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته، حيث قال في مرض موته: ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) متفق عليه. وقال: ( ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ).
خامساً: الإسراف في تنوير المساجد في الأعياد
، وتزيينها بالسرج والكهرباء من الداخل والخارج والإسراف في ذلك..
سادساً: قراءة القرآن بمكبرات الصوت
أثناء الموت، أو قبل صلاة الجمعة، وهذا ما حصل في هذا الزمن..
سابعاً: الأناشيد أو الأنغام
التي يرددها القيم على المسجد أو غيره قبل خطبة الجمعة، ورفع ذلك بمكبرات الصوت.
ثامناً: الزيادة على الأذان المشروع:
كزيادة " حي على خير العمل " التي لم يثبت بها دليل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه.. وهذا فعل الزيدية من فرق الشيعة، وكذا الروافض الإثنا عشرية.. ويزيد الروافض لفظة لم ترد في الشرع، وهي من اختراعهم وهي " أشهد أن علياً ولي الله ".
تاسعاً: استيطان مكان في المسجد:
وهو أن يحجز الإنسان مكاناً معيناً يصلي فيه دائماً أو يضع شيئاً في الصف الأول-مثلاً- ويمنع الناس من الصلاة فيه.
هذا ما تيسر ذكره من بدع المساجد.. أسأل الله أن يصلح مساجدنا وأن يطهرها من البدع والخرافات.. والحمد لله رب العالمين..
1 - أنظر إصلاح المساجد للقاسمي صـ 95
المصدر/ موقع إمام المسجد
تعليق