حكم ذكر الله تعالى باللسان من غير حضور القلب وتدبره
السؤال : هل يثاب المسلم على ذكر الله بدون حضور ذهنه ( ذكر الله بشكل تلقائي ) فهل يثاب على ذلك ، من تهليل واستغفار لكن بدون حضور في الذهن ، فهل يأخذ الأجر كاملاً كما ورد في أحاديث الأذكار تم النشر بتاريخ: 2017-10-25
الجواب :
الحمد لله
أولا:
الذي ينبغي للمسلم أن يحسن ذكره لله تعالى ، حتى يجد ثمار الذكر وتتحقق مقاصده، ولا يتحقق ذلك إلا إذا صاحب الذكر باللسان الذكر بالقلب، ولا يكتفي الذاكر بمجرد تحريك اللسان والشفتين.
قال الله تعالى :
( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) الأنفال /2.
فثمار الذكر من الخشية وزيادة الإيمان لا تكون إلا عن تدبر وتفكر .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :
" ( الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ) أي: خافت ورهبت، فأوجبت لهم خشية الله تعالى الانكفاف عن المحارم، فإن خوف الله تعالى أكبر علاماته أن يحجز صاحبه عن الذنوب.
( وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ) ووجه ذلك : أنهم يلقون له السمع ، ويُحضِرون قلوبهم لتدبره ، فعند ذلك يزيد إيمانهم، لأن التدبر من أعمال القلوب، ولأنه لا بد أن يبين لهم معنى كانوا يجهلونه، أو يتذكرون ما كانوا نسوه، أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير، واشتياقا إلى كرامة ربهم، أو وجلا من العقوبات، وازدجاراً عن المعاصي، وكل هذا مما يزداد به الإيمان " انتهى، من "تفسير السعدي" (ص 315) .
واكتفاء المسلم بذكر اللسان وحده دون ذكر القلب لا يحقق الثمار المرجوة من الذكر ، على وجهها ؛ فيكون عملا ناقصا .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
" ذكر القلب يثمر المعرفة، ويهيج المحبة، ويثير الحياء، ويبعث على المخافة، ويدعو إلى المراقبة، ويزع عن التقصير في الطاعات، والتهاون في المعاصي والسيئات .
وذكر اللسان وحده لا يوجب شيئاً من ذلك الإثمار، وإن أثمر شيئا فثمرته ضعيفة " انتهى، من "الوابل الصيب" (ص 221) .
ثانيا :
فإذا اقتصر المسلم على الذكر باللسان وحده، فهل يؤجر؟
يقال : نعم ، هو مأجور على ذلك بحسبه ، فإن حركة اللسان بالذكر : عمل صالح شُغِل به اللسان ، وهو طاعة قولية من طاعات اللسان ؛ فإن واطأ القلب اللسان : فذاك ؛ وإلا ، حصل له من الأجر بحسبه .
هذا مع أنه لا بد وأن يحصل له نوع مواطأة من القلب ، وإن لم تكن تامة ، ونوع انتباه لما يقول ، ولذلك يختار الدعاء مثلا في حال ، والاستغفار في حال ، والذكر المجرد في حال ، وهكذا .
وقد جعل الله لكل شيء قدرا .
قال النووي رحمه الله تعالى : " قال القاضي عياض رحمه الله : وذكر الله تعالى ضربان : ذكر بالقلب ، وذكر باللسان... وأما ذكر اللسان مجردا : فهو أضعف الأذكار ، ولكن فيه فضل عظيم ، كما جاءت به الأحاديث " انتهى، من "شرح صحيح مسلم" (17 / 15) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :" ثم الذكر يقع تارة باللسان ، ويؤجر عليه الناطق . ولا يشترط استحضاره لمعناه ، ولكن يشترط أن لا يقصد به غير معناه .
وإن انضاف إلى النطق : الذكر بالقلب : فهو أكمل .
فإن انضاف إلى ذلك استحضار معنى الذكر ، وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى ، ونفي النقائص عنه : ازداد كمالا " انتهى، من "فتح الباري" (11 / 209) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فإن الناس في الذكر أربع طبقات:
(إحداها) الذكر بالقلب واللسان ، وهو المأمور به.
(الثاني) الذكر بالقلب فقط، فإن كان مع عجز اللسان : فحسن ، وإن كان مع قدرته : فترك للأفضل.
(الثالث) الذكر باللسان فقط، وهو كون لسانه رطبا بذكر الله، وفيه حكاية التي لم تجد الملائكة فيه خيرا إلا حركة لسانه بذكر الله. ويقول الله تعالى: ( أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه ) .
(الرابع) عدم الأمرين ، وهو حال الخاسرين " انتهى، من "مجموع الفتاوى" (10 / 566) .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (72826) ورقم (235993).
والله أعلم.
موقع الإسلام سؤال وجواب
تعليق