الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،
يزعم خصوم الإسلام بعامة والسلفية بخاصة أنها دعوة رجعية، وهو زعم خاطئ من جذوره فلا تتعارض السلفية مع التقدم، لأن التقدم في الإسلام تقدم أخلاقي يمضي قدمًا في تحقيق الرسالة التي نيطت بهذه الأمة مع الأخذ بأسباب العمران المادي في نواحي الحياة كلها.
والقديم في تاريخ أوربا تعبير يطلق على العصور المظلمة في القرون الوسطى السابقة لعصر النهضة، ورفض أوربا لتاريخها القديم موقف يتلاءم مع رغبتها في التقدم، لأن الماضي يعد سببَا لتخلفها.
وإذا قارنا الإسلام بمختلف ديانات العالم، عرفنا أن عقائدها منعت معتنقيها من التقدم الحضاري عندما استمسكوا بها، ودارس التاريخ يلاحظ أن أهل أوربا والبوذيين في اليابان على سبيل المثال لما كانوا راسخين في معتقداتهم الدينية كانوا على أسوأ ما يكون من أدوار التخلف، ولما أحرزوا لأنفسهم التقدم والرقي في حياتهم العملية والعقلية والمادية ما عادوا مؤمنين بمعتقداتهم المسيحية والبوذية إلا اسمًا.
المسلمون فعندما كانوا أقوياء في إيمانهم بمعتقداتهم صاروا أكثر أمم الأرض تقدمًا وازدهارًا وقوة ومجدًا، وما إن دب دبيب الضعف في إيمانهم حتى تخلفوا في ميادين العلم، وضعفوا في صراعهم للرقي الدنيوي، وتحكمت فيهم الأهواء، واستولت عليهم أمم أجنبية، وهذا فرق عظيم بين معتقدات الإسلام ومعتقدات الديانات الأخرى في العالم.
فالأمر عكس بالنسبة لنا تمامًا، فإن تاريخنا يعبر عن تقدم حضاري في كافة المجالات..
وإذا نحن طالبنا بـ (الترقي) لمستوى السلف، فإننا نعني بذلك التمسك بالمفاهيم الإسلامية الشاملة للعقيدة العبادة الشريعة وسائر الأنشطة الإنسانية، التي فيها بلا شك الحقل العلمي.
ولكننا في الوقت نفسه لا نزعم ولا نظن أن عاقًلاً يخطر له على بال أن نضع الأمة الإسلامية في متحف التاريخ!! بمعنى أن نطلب إرجاعها للأخذ بوسائل العصور السابقة في الحياة العمرانية بأساليبها في الإنتاج والنقل والتعليم والتطبيب وتشييد المدن وتجهيز الجيوش وبناء المدارس والجامعات والمستشفيات..الخ
وليتضح لكل دارس للإسلام أن المفهوم الإسلامي للحضارة أرقى بكثير من التصور الغربي، فلا نحن نرضى بتخلف المسلمين الحالي عن تحقيق النموذج الإسلامي، ولا نرضى في الوقت نفسه بتقليد الغرب في فلسفته ومضامينه الفكرية الشاملة.
أما نبذ السلفية بحجة التسابق مع الزمن واللحاق بكل ما هو جديد فمنهج خاطئ قائم على مفاهيم غربية متصلة بفلسفتها.
فإن ما تراه اليوم جديدًا غدًا سيصبح -وحتمًا- قديمًا فليست الموازنة إذاً بين قديم وجديد موازنة صحيحة، ولكن ينبغي أن تتم المقارنة بين الحق والباطل أيًا كان العصر والزمن، لأن القيم لا تتغير ولا تتبدل، فليس الجديد مقدمًا بالضرورة على سلفه.
ولعلنا نصدم أصحاب دعوى التجديد المتغربين النابذين للسلفية عندما نضع أمامهم الحديث النبوي: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) رواه أبو داود وصححه الألباني. والتجديد إنما يكون بعد الدروس، فالتجديد ارتقاء وتقدم بالأمة؛ لتسلك طريقها مرة أخرى كلما بعدت عن صحيح الصحيح الأصيل المتوارث.
نحن نرفض تقليد الغرب ونبحث عن الأصالة، ولا تأتي الأصالة بترقيع الشخصية بل بالارتباط بالعقيدة التي كانت حجر الزاوية في كيان هذه الأمة، وينبغي هنا التمييز بين تقليد مقومات الشخصية والعقائد والتصورات، وبين النتائج العملية، فلا وطن ولا جنسية للاكتشافات والأبحاث الإنسانية في الميادين المختلفة..
ولكن المشكلة في اختلافنا الأساسي معهم على قواعد جوهرية تتناول:عقيدة التوحيد، والإيمان بالله -سبحانه وتعالى-، وإفراده بالألوهية والربوبية، وماهية الإنسان، والغرض من خلقه، وبيان مآله في اليوم الآخر، وما هي وسائله لسلوك أحسن السبل الممكنة في الحياة والارتقاء بها؟
وتأتي آفة التقليد عندما ننسى أصالتنا، ولذا ينبغي التنبيه إلى الحكمة النبوية في الحديث الذي رواه البخاري: (لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون -الأمم- قبلها، شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لتبعتموهم. قلنا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: فمن غيرهم؟!) متفق عليه.
إذا عرفنا كل هذا أصبح هدف السلفية واضحًا أمامنا كضوء الشمس، وهو يتلخص في: "تطهير العقيدة من شوائب البدع، وتربية الشخصية الإسلامية، وفتح الذهن البشري لقبول كل جديد في ميادين العلوم التجريبية، وإحياء العقيدة من منابعها بعيدًا عن المذهبية الضيقة بصورتها الأخيرة أو تطويع العقيدة والشريعة في الإسلام لدعاوى التطوير الخاطئة، ورفض فكرة لادينية الدولة".
يزعم خصوم الإسلام بعامة والسلفية بخاصة أنها دعوة رجعية، وهو زعم خاطئ من جذوره فلا تتعارض السلفية مع التقدم، لأن التقدم في الإسلام تقدم أخلاقي يمضي قدمًا في تحقيق الرسالة التي نيطت بهذه الأمة مع الأخذ بأسباب العمران المادي في نواحي الحياة كلها.
والقديم في تاريخ أوربا تعبير يطلق على العصور المظلمة في القرون الوسطى السابقة لعصر النهضة، ورفض أوربا لتاريخها القديم موقف يتلاءم مع رغبتها في التقدم، لأن الماضي يعد سببَا لتخلفها.
وإذا قارنا الإسلام بمختلف ديانات العالم، عرفنا أن عقائدها منعت معتنقيها من التقدم الحضاري عندما استمسكوا بها، ودارس التاريخ يلاحظ أن أهل أوربا والبوذيين في اليابان على سبيل المثال لما كانوا راسخين في معتقداتهم الدينية كانوا على أسوأ ما يكون من أدوار التخلف، ولما أحرزوا لأنفسهم التقدم والرقي في حياتهم العملية والعقلية والمادية ما عادوا مؤمنين بمعتقداتهم المسيحية والبوذية إلا اسمًا.
المسلمون فعندما كانوا أقوياء في إيمانهم بمعتقداتهم صاروا أكثر أمم الأرض تقدمًا وازدهارًا وقوة ومجدًا، وما إن دب دبيب الضعف في إيمانهم حتى تخلفوا في ميادين العلم، وضعفوا في صراعهم للرقي الدنيوي، وتحكمت فيهم الأهواء، واستولت عليهم أمم أجنبية، وهذا فرق عظيم بين معتقدات الإسلام ومعتقدات الديانات الأخرى في العالم.
فالأمر عكس بالنسبة لنا تمامًا، فإن تاريخنا يعبر عن تقدم حضاري في كافة المجالات..
وإذا نحن طالبنا بـ (الترقي) لمستوى السلف، فإننا نعني بذلك التمسك بالمفاهيم الإسلامية الشاملة للعقيدة العبادة الشريعة وسائر الأنشطة الإنسانية، التي فيها بلا شك الحقل العلمي.
ولكننا في الوقت نفسه لا نزعم ولا نظن أن عاقًلاً يخطر له على بال أن نضع الأمة الإسلامية في متحف التاريخ!! بمعنى أن نطلب إرجاعها للأخذ بوسائل العصور السابقة في الحياة العمرانية بأساليبها في الإنتاج والنقل والتعليم والتطبيب وتشييد المدن وتجهيز الجيوش وبناء المدارس والجامعات والمستشفيات..الخ
وليتضح لكل دارس للإسلام أن المفهوم الإسلامي للحضارة أرقى بكثير من التصور الغربي، فلا نحن نرضى بتخلف المسلمين الحالي عن تحقيق النموذج الإسلامي، ولا نرضى في الوقت نفسه بتقليد الغرب في فلسفته ومضامينه الفكرية الشاملة.
أما نبذ السلفية بحجة التسابق مع الزمن واللحاق بكل ما هو جديد فمنهج خاطئ قائم على مفاهيم غربية متصلة بفلسفتها.
فإن ما تراه اليوم جديدًا غدًا سيصبح -وحتمًا- قديمًا فليست الموازنة إذاً بين قديم وجديد موازنة صحيحة، ولكن ينبغي أن تتم المقارنة بين الحق والباطل أيًا كان العصر والزمن، لأن القيم لا تتغير ولا تتبدل، فليس الجديد مقدمًا بالضرورة على سلفه.
ولعلنا نصدم أصحاب دعوى التجديد المتغربين النابذين للسلفية عندما نضع أمامهم الحديث النبوي: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) رواه أبو داود وصححه الألباني. والتجديد إنما يكون بعد الدروس، فالتجديد ارتقاء وتقدم بالأمة؛ لتسلك طريقها مرة أخرى كلما بعدت عن صحيح الصحيح الأصيل المتوارث.
نحن نرفض تقليد الغرب ونبحث عن الأصالة، ولا تأتي الأصالة بترقيع الشخصية بل بالارتباط بالعقيدة التي كانت حجر الزاوية في كيان هذه الأمة، وينبغي هنا التمييز بين تقليد مقومات الشخصية والعقائد والتصورات، وبين النتائج العملية، فلا وطن ولا جنسية للاكتشافات والأبحاث الإنسانية في الميادين المختلفة..
ولكن المشكلة في اختلافنا الأساسي معهم على قواعد جوهرية تتناول:عقيدة التوحيد، والإيمان بالله -سبحانه وتعالى-، وإفراده بالألوهية والربوبية، وماهية الإنسان، والغرض من خلقه، وبيان مآله في اليوم الآخر، وما هي وسائله لسلوك أحسن السبل الممكنة في الحياة والارتقاء بها؟
وتأتي آفة التقليد عندما ننسى أصالتنا، ولذا ينبغي التنبيه إلى الحكمة النبوية في الحديث الذي رواه البخاري: (لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون -الأمم- قبلها، شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لتبعتموهم. قلنا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: فمن غيرهم؟!) متفق عليه.
إذا عرفنا كل هذا أصبح هدف السلفية واضحًا أمامنا كضوء الشمس، وهو يتلخص في: "تطهير العقيدة من شوائب البدع، وتربية الشخصية الإسلامية، وفتح الذهن البشري لقبول كل جديد في ميادين العلوم التجريبية، وإحياء العقيدة من منابعها بعيدًا عن المذهبية الضيقة بصورتها الأخيرة أو تطويع العقيدة والشريعة في الإسلام لدعاوى التطوير الخاطئة، ورفض فكرة لادينية الدولة".
تعليق