الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
ففي قوله -تعالى-: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (البقرة:213)
المخرج من الشبهات والضلالات والفتن كما قال أبو العالية رحمه الله-.
يتضح ذلك من تفسيرها.
يقول الله -تعالى-: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً) أي:على دين واحد من لدن آدم إلى نوح -عليهما السلام-، كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما- فاختلفوا.
(فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) أي: جنس الكتاب يفصل بالحكم فيما اختلفوا فيه.
(وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ) أي: أعطوه.
(مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ) أي: الآيات الواضحات.
(بَغْياً بَيْنَهُمْ) أي: للبغي بينهم.
(فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ) رحمة منه وفضلاً، فجميع ما اختلف فيه الذين من قبلنا هدانا الله إلى الحق فيه.
(وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي: إلى طريق قيم واضح لا اعوجاج فيه، وهو الإسلام الذي كان عليه الناس أولاً قبل الاختلاف.
من نور هذه الآية الكريمة يستبصر المؤمن طريقه وسط ظلمات الطرق الضالة المنحرفة. كيف؟
بالرجوع إلى فترة الاجتماع والائتلاف (النبي -صلى الله وسلم- وصحابته) قبل حدوث التفرق والاختلاف الذي حذرنا الله منه، وأخبرنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- عنه: (وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة...) صحيح.
و(إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً...) صحيح.
ثم إنه -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا عن طريق النجاة بالرجوع إلى العهد الأول، (كلهم في النار إلا واحدة. قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: (ما عليه أنا اليوم وأصحابي)
وفي الحديث الآخر: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل محدثة بدعة).
فيا من تريد النجاة -وكلنا ذلك الرجل-: عليك بالعهد الأول قبل وقوع الاختلاف، تَنْجُ من الضلالات.
تعليق