الحمد لله وكفى وسلاماً على عباده الذين اصطفى...وبعد...
**يقول بعض الغلاة المبالغين أن كل أباء رسول الله كانوا مؤمنين بالله موحدين له لم يعرفوا الكفر والشرك منذ والده ((عبد الله)) وحتى سيدنا ((أدم)) عليه الصلاة والسلام....
وكأن هؤلاء يعتبرون القول بهذا من مظاهر وعلامات محبة رسول الله ...وكأنهم يعتيرون كفر أحد أباء الرسول أو أجداده يقدح فى عصمة ومكانة رسول الله ويوصل له ضرر أو أذى ....لهذا يريدون إثبات إيمان كل أباء الرسول وأجداده .......
وحتى يكون كلام هؤلاء القوم مقبولاً لدى الناس يعتمدون على أدلة بعضها صحيح ولكن المشكلة أنهم يلوون أعناق الدليل ليوافق هواهم وبعضها ضعيفة لا تقوم بها حجة أصلاً ....بل راحوا يتغاضون عن أدلة صحيحة ترد كل ما بنوه من استنتاجات باطلة ......
وإن شاء الله سأحاول إلقاء الضوء على هذه المسألة بما تيسر لدى من معرفة وقراءات متواضعة جدااا ....وهى طبعاً مطروحة للنقاش مع كل الأخوة والأخوات الكرام _وكلهم أعلم منى بكثير جدا_ ليصححوا خطأى مأجوريين مشكوريين.......
**لننقاش أدلة القوم والرد عليها :::
1_قال الله تعالى مخاطباً نبيه ((({وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ، الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ))
والشاهد لديهم ((وتقلبك فى الساجدين))....
_يقولون ::أن معنى الأية هو ::تقلب الرسول الكريم فى الرجال المؤمنين منذ سيدنا "أدم" وحتى والده ((عبد الله))...وتنقله فى أصلابهم واحداً واحداً وأن هؤلاء كانوا ساجدين لله عابدين موحدين له ....
وهذا القول ليس صحيح بالمرة وهذا الفهم للأية محرف لمعناها....
**الجواب ::نقول وبالله التوفيق...
_إن الأية تقول ::"إن الله يراك يا أيها الرسول حين تقوم لتصلى وحدك ، بحيث لا يراك أحداً من الناس وغالباً هذا فى صلاة الليل ....كما أن الله يراك حين تكون مع أصحابك المسلمين ويراك ويراهم وأنتم تصلون لله وتسجدون له ، يراك وأنت تتقلب بينهم ومعهم ساجداً لله وهم ساجدون حولك لرب العالمين ....."
هذا ما فهمه الصحابة الكرام ....وسأكتفى_حتى لا أطيل_ بقول حبر الأمة ::""يراك وأنت مع الساجدين تقوم وتقعد معهم ""...
**استدلالنا بما يبطل قولهم :::
1_روى الإمام "مسلم" فى صحيحه من حديث سيدنا "أنس بن مالك" أن رجلاً قال ::يا رسول الله :أين أبى ؟؟ ..قال ::فى النار ...فلما قفا الرجل دعاه فقال ::إن أبى وأباك فى النار "".......
2_روى الإمام "مسلم" فى صحيحه من حديث سيدنا "أبو هريرة" قال ::قال رسول الله ::""استأذنت ربى أن أستغفر لأمى فلم يأذن لى ، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لى ""....
**الشاهد من هذه الأحاديث ::
_ففى الحديث (الأول)::يقرر رسول الله أن أباه فى النار ....
_ولكن هؤلاء الغلاة يعترضون ويقولون ::إنه لم يقصد أباه ((عبد الله)) ولكنه قصد عمه ((أبو طالب))...ويقولون أن رسول الله كان يقول لعمه (أبو طالب)) ويطلق عليه ((أبى))....ويستدلون بأن سيدنا "إبراهيم " كان يقول ((لأزر) "يا أبت" وهو لم يكن أبيه!!!!!!!!
_ولنناقش هذين الأمرين ::
1_القول بأن سيدنا "محمد" كان يطلق على عمه (أبو طالب) ويناديه (يا أبت ،أو يا أبى)) ...قول مردرد غير صحيح ...
والدليل ::
*حديث اخرجه الإمام "مسلم" من حديث "سعيد بن المسيب" لما حضرت "أبو طالب "الوفاة ....والشاهد من الحديث قول رسول الله ((يا عم قل لا إله إلا الله .كلمة أشهد لك بها عند الله ))...
*لا توجد قرينة تدل على قولهم ومن ثم يبطل إستدلالهم .....
2_القول بأن ((أزر)) لم يكن أبو سيدنا "إبراهيم " ولكنه كان ((عمه)) .....قول مردود أيضاً..
_والدليل ::أيات صريحة فى القرأن الكريم ينادى فيها سيدنا "إبراهيم" على ((أزر)) ويقول له ((يا أبت))..
على سبيل المثال ::أيات سورة مريم .....وكذا قول الله (((وإذ قال إبراهيم لأبيه أزر...))..وغيرها من الأيات الصريحة الدلالة .....
_كما أن الأصل هو :: إطلاق كلمة "الأب" على الوالد "حقيقة" وعلى العم "مجازاً" ..ولا نذهب إلى المعنى المجازى إلا عند تعذر حمله على الحقيقة......وحمل "الأب" على الوالد فى الأيات ليس متعذراً ولا ممنوعاً والأصل حملها على الحقيقة لعدم وجود قرينة تصرف المعنى من الحقيقة إلى المجاز.....
**بل نزيدهم :: أن فى مقدمة أجداد النبى الغير مسلمين هو جده المباشر "عبد المطلب"....فلم يكن موحداً بل إن عم النبى "أبو طالب" عند وفاته أنهى حياته بقوله ""بل هو على ملة عبد المطلب"".....
**الخلاصة :::
_يتبين لى أن دعوى هؤلاء ((باطلة ومردودة)) وليس عندهم دليل يُثبت دعواهم ....كما أننى أؤكد أن كفر أجداد الرسول لا يقدح ولا يقلل من منزلة الرسول مثقال ذرة ..حاشا وكلا!! بل إن من انتقص من قدر الرسول فقد كفر وخرج من الملة .....
ولكن فى نفس الوقت ::لا نغالى فى حب الرسول بل نحبه كما أمر الله ورسوله ولا نرد أحاديث صحيحة ونفسر أيات تبعاً لهوى معين بدعوى حب رسول الله ....
وكذا لم يكن غرضى هو البحث عن مصير والدى رسول الله لأنى دائماً أقول((علم لا ينفع وجهل لا يضر)) و((وعلم لا ينبنى عليه عمل))...ولكن السبب هو عموم هذه الأقاويل فى هذه الأيام حيث الإحتفال المزعوم بمولد خير البرية .....
الله أسأل أن تكون الفكرة وصلت ...وأسأله أن يغفر لى خطأى وأن يعلمنا ما ينفعنا .....
هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده وما كان من خطأ أو نسيان فمنى ومن الشيطان والله ورسوله من براء وأنا كذلك منه براء ...
ورحم الله من صحح لى خطأى وأهدى إلى عيبى ونصحنى لله....
والحمد لله رب العالمين...
تعليق