السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لطائف في الفرق بين الحب والعشق لله تعالى وللرسول - صلى الله عليه وسلم -
إطلاق لفظ العشق في حق الله تعالى أو في حق الرسول – صلى الله عليه وسلم – هل يجوز؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا سؤال مركب من شقين وقد أجاب عليه السادة العلماء وأجوبتهم (بفضل الله) بين مختصرة و مطولة وقد استعنت الله تعالى في نقل بعض كلامهم هنا لما وقفت عليه من استخدام بعض الألفاظ القريبة من ذلك كـ (عاشق الشهادة/عاشق الجنة/ عاشق الرسول / عاشق النبي / عاشق القرآن/ / عاشق المجد / عاشق العلم/ عاشق الإسلام/عاشق الشهادة ... أي كل مايتعلق بكلمة عاشق وعشق)
فما درجة العشق من درجة الحب وما العلاقة بينهما؟
جاء في فقه اللغة للثعالبي:
أوَّل مَرَاتِبِ الحُبِّ الهَوَى
ثُمَّ العَلاَقَةُ وهي الحُبُّ اللاَّزِمُ للقَلْبِ
ثُمَّ الكلَفُ وهو شِدَّة الحُبِّ
ثُمَّ العشْقُ وهو اسْم لِمَا فَضَلَ عَنِ المِقْدَارِ الذي اسْمُهُ الحُبُّ
ثُمَّ الشَعَفُ وهو إحْرَاقُ الحُبِّ القلْبَ مَعَ لَذَةٍ يَجِدُها
وَكَذَلِكَ اللَّوْعَة واللاَّعِجُ فإنّ تِلْكَ حُرْقَةُ الهَوَى وهذا هوَ الهَوَى المُحْرِقُ
ثمَّ الشَّغَفُ وهُوَ أنْ يَبْلُغَ الحُبُّ شَغافَ القَلْبِ وهي جِلْدَة دُوْنَهُ وقد قُرِئَتَا جَمِيعاً { شَغَفَهَا حُبّاً } وَشَغَفَهَا
ثُمّ الجَوَى وَهَو الهَوَى البَاطِنً
ثُمَّ التَّيْمُ وهُوَ أنْ يَسْتَعْبِدَهُ الحُبُّ ومِنْهُ سُمِّي تَيْمُ اللّه أي عَبْدُ اللهّ ومِنْهُ رَجُلٌ مُتَيم
ثُمَّ التَّبْلُ وهُوَ أنْ يُسْقِمَهُ الهَوَى
وَمِنْهُ رَجُل مَتْبُول
ثُمَ التّدْلِيهُ وهُوَ ذَهَابُ العَقْلِ مِنَ الهَوَى ومِنْهُ رَجُلٌ مُدَلَّهٌ
قال الجوهري في (الصحاح في اللغة)
العِشْقُ: فَرطُ الحبِّ. وقد عَشِقَهُ عِشْقاً وعَشَقاً أيضاً. ورجلٌ عِشِّيقٌ، أي كثير العِشْقِ. والتَعَشُّقُ: تكلُّفُ العِشقِ. ويقولون امرأةٌ مُحبٌّ لزوجها وعاشقٌ.
وقال ابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم
العِشْق: عجب المحب بالمحبوب، يكون في عفاف الحب ودعارته. عَشِقه عِشْقا، وعَشَقا، وتعشَّقه.
وجاء في (الفروق اللغوية)
الفرق بين العشق والمحبة: أن العشق شدة الشهوة لنيل المراد من المعشوق إذا كان إنسانا والعزم على مواقعته عند التمكن منه، ولو كان العشق مفارقا للشهوة لجاز أن يكون العاشق خاليا من أن يشتهي النيل ممن يعشقه، إلا أنه شهوة مخصوصة لا تفارق موضعها وهي شهوة الرجل للنيل ممن يعشقه، ولا تسمى شهوته لشرب الخمر وأكل الطيب عشقا، والعشق أيضا هو الشهوة التي إذا أفرطت وإمتنع نيل ما يتعلق بها قتلت صاحبها ولا يقتل من الشهوات غيرها ألا ترى أن أحدا لم يمت من شهوة الخمر والطعام والطيب ولا من محبة داره أو ماله ومات خلق كثير من شهوة الخلوة مع المعشوق والنيل منه.
قلت (أبو أنس) : وبناءً على ما تقدم فلا يجوز استخدام لفظة (العشق) في حق الله أو الرسول حيث أن العشق مرتبط بالشهوة .
قال ابن القيم: العشق والشرك متلازمان وإنما حكاه الله عن المشركين من قوم لوط، وعن امرأةالعزيز،
وذكر الشيخ بكر أبو زيد عن أكثر أهل العلم المنع من إطلاقه على الله أو على رسوله ( راجع معجم المناهي اللفظية)
قال – رحمه الله - العشق فيه أمران :
1. منع إطلاقه على الله - تعالى - : ذكر ابن القيم - رحمه الله تعالى - خلاف طائفة من الصوفية في جواز إطلاق هذا الاسم في حق الله تعالى ، وذكروا فيه أثراً لا يثبت ، وأن جمهور الناس على المنع ، فلا يقال : إن الله يعشق ، ولا عشقه عبده ، وذكر الخلاف في علة المنع . والله أعلم .
2. امتناع إطلاقه في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في اعتراضات ابن أبي العز الحنفي ، على قصيدة ابن أبيك ؛ لأن العشق هو الميل مع الشهوة ، وواجب تنزيه النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ إذ الأصل عصمته - صلى الله عليه وسلم - .اهـ
وعليه فلا ينبغي إطلاق لفظ العشق في حق الله تعالى،
لأن الألفاظ الشرعية ينبغي أن يقتصر فيها على ما جاء في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يرد هذا اللفظ في شيء من نصوص الوحي ولا على لسان أحد من الصحابة رضوان الله عليهم.
وإنما جاء بلفظ المحبة، كقوله تعالى:
( وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه ) [البقرة: ة165].
وقوله تعالى: ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه )
[المائدة: 54].
وقوله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: ( أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما... ) الحديث رواه البخاري ومسلم.
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان:
ولما كانت المحبة جنسا تحته أنواع متفاوتة في القدر والوصف، كان أغلب ما يذكر فيها في حق الله تعالى ما يختصبه ويليق به، كالعبادة والإنابة والإخبات، ولهذا لا يذكر فيها العشق والغرام والصبابة والشغف والهوى.. وقد يذكر لفظ المحبة كقوله تعالى: ( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه ) [المائدة: 54].
والحاصل،
أن المسلم ينبغي له أن يتقيد بالألفاظ الشرعية ولا يجوز له أن يطلق ألفاظا في حق الله تعالى لم ترد في الكتاب ولا في السنة. مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
هذا ما تيسر من فضل الله ، ونسأله تعالى أن ينطقنا دائما بما يحب ويرضى ... آمين
لطائف في الفرق بين الحب والعشق لله تعالى وللرسول - صلى الله عليه وسلم -
إطلاق لفظ العشق في حق الله تعالى أو في حق الرسول – صلى الله عليه وسلم – هل يجوز؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا سؤال مركب من شقين وقد أجاب عليه السادة العلماء وأجوبتهم (بفضل الله) بين مختصرة و مطولة وقد استعنت الله تعالى في نقل بعض كلامهم هنا لما وقفت عليه من استخدام بعض الألفاظ القريبة من ذلك كـ (عاشق الشهادة/عاشق الجنة/ عاشق الرسول / عاشق النبي / عاشق القرآن/ / عاشق المجد / عاشق العلم/ عاشق الإسلام/عاشق الشهادة ... أي كل مايتعلق بكلمة عاشق وعشق)
فما درجة العشق من درجة الحب وما العلاقة بينهما؟
جاء في فقه اللغة للثعالبي:
أوَّل مَرَاتِبِ الحُبِّ الهَوَى
ثُمَّ العَلاَقَةُ وهي الحُبُّ اللاَّزِمُ للقَلْبِ
ثُمَّ الكلَفُ وهو شِدَّة الحُبِّ
ثُمَّ العشْقُ وهو اسْم لِمَا فَضَلَ عَنِ المِقْدَارِ الذي اسْمُهُ الحُبُّ
ثُمَّ الشَعَفُ وهو إحْرَاقُ الحُبِّ القلْبَ مَعَ لَذَةٍ يَجِدُها
وَكَذَلِكَ اللَّوْعَة واللاَّعِجُ فإنّ تِلْكَ حُرْقَةُ الهَوَى وهذا هوَ الهَوَى المُحْرِقُ
ثمَّ الشَّغَفُ وهُوَ أنْ يَبْلُغَ الحُبُّ شَغافَ القَلْبِ وهي جِلْدَة دُوْنَهُ وقد قُرِئَتَا جَمِيعاً { شَغَفَهَا حُبّاً } وَشَغَفَهَا
ثُمّ الجَوَى وَهَو الهَوَى البَاطِنً
ثُمَّ التَّيْمُ وهُوَ أنْ يَسْتَعْبِدَهُ الحُبُّ ومِنْهُ سُمِّي تَيْمُ اللّه أي عَبْدُ اللهّ ومِنْهُ رَجُلٌ مُتَيم
ثُمَّ التَّبْلُ وهُوَ أنْ يُسْقِمَهُ الهَوَى
وَمِنْهُ رَجُل مَتْبُول
ثُمَ التّدْلِيهُ وهُوَ ذَهَابُ العَقْلِ مِنَ الهَوَى ومِنْهُ رَجُلٌ مُدَلَّهٌ
قال الجوهري في (الصحاح في اللغة)
العِشْقُ: فَرطُ الحبِّ. وقد عَشِقَهُ عِشْقاً وعَشَقاً أيضاً. ورجلٌ عِشِّيقٌ، أي كثير العِشْقِ. والتَعَشُّقُ: تكلُّفُ العِشقِ. ويقولون امرأةٌ مُحبٌّ لزوجها وعاشقٌ.
وقال ابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم
العِشْق: عجب المحب بالمحبوب، يكون في عفاف الحب ودعارته. عَشِقه عِشْقا، وعَشَقا، وتعشَّقه.
وجاء في (الفروق اللغوية)
الفرق بين العشق والمحبة: أن العشق شدة الشهوة لنيل المراد من المعشوق إذا كان إنسانا والعزم على مواقعته عند التمكن منه، ولو كان العشق مفارقا للشهوة لجاز أن يكون العاشق خاليا من أن يشتهي النيل ممن يعشقه، إلا أنه شهوة مخصوصة لا تفارق موضعها وهي شهوة الرجل للنيل ممن يعشقه، ولا تسمى شهوته لشرب الخمر وأكل الطيب عشقا، والعشق أيضا هو الشهوة التي إذا أفرطت وإمتنع نيل ما يتعلق بها قتلت صاحبها ولا يقتل من الشهوات غيرها ألا ترى أن أحدا لم يمت من شهوة الخمر والطعام والطيب ولا من محبة داره أو ماله ومات خلق كثير من شهوة الخلوة مع المعشوق والنيل منه.
قلت (أبو أنس) : وبناءً على ما تقدم فلا يجوز استخدام لفظة (العشق) في حق الله أو الرسول حيث أن العشق مرتبط بالشهوة .
قال ابن القيم: العشق والشرك متلازمان وإنما حكاه الله عن المشركين من قوم لوط، وعن امرأةالعزيز،
وذكر الشيخ بكر أبو زيد عن أكثر أهل العلم المنع من إطلاقه على الله أو على رسوله ( راجع معجم المناهي اللفظية)
قال – رحمه الله - العشق فيه أمران :
1. منع إطلاقه على الله - تعالى - : ذكر ابن القيم - رحمه الله تعالى - خلاف طائفة من الصوفية في جواز إطلاق هذا الاسم في حق الله تعالى ، وذكروا فيه أثراً لا يثبت ، وأن جمهور الناس على المنع ، فلا يقال : إن الله يعشق ، ولا عشقه عبده ، وذكر الخلاف في علة المنع . والله أعلم .
2. امتناع إطلاقه في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في اعتراضات ابن أبي العز الحنفي ، على قصيدة ابن أبيك ؛ لأن العشق هو الميل مع الشهوة ، وواجب تنزيه النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ إذ الأصل عصمته - صلى الله عليه وسلم - .اهـ
وعليه فلا ينبغي إطلاق لفظ العشق في حق الله تعالى،
لأن الألفاظ الشرعية ينبغي أن يقتصر فيها على ما جاء في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يرد هذا اللفظ في شيء من نصوص الوحي ولا على لسان أحد من الصحابة رضوان الله عليهم.
وإنما جاء بلفظ المحبة، كقوله تعالى:
( وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه ) [البقرة: ة165].
وقوله تعالى: ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه )
[المائدة: 54].
وقوله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: ( أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما... ) الحديث رواه البخاري ومسلم.
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان:
ولما كانت المحبة جنسا تحته أنواع متفاوتة في القدر والوصف، كان أغلب ما يذكر فيها في حق الله تعالى ما يختصبه ويليق به، كالعبادة والإنابة والإخبات، ولهذا لا يذكر فيها العشق والغرام والصبابة والشغف والهوى.. وقد يذكر لفظ المحبة كقوله تعالى: ( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه ) [المائدة: 54].
والحاصل،
أن المسلم ينبغي له أن يتقيد بالألفاظ الشرعية ولا يجوز له أن يطلق ألفاظا في حق الله تعالى لم ترد في الكتاب ولا في السنة. مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
هذا ما تيسر من فضل الله ، ونسأله تعالى أن ينطقنا دائما بما يحب ويرضى ... آمين
تعليق