إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مبدأ التوحيد في القرآن العظيم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مبدأ التوحيد في القرآن العظيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الجزء الثلاثون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد
    ( 16 )
    سورة الضحى

    الرسول صلى الله عليه وسلم ,
    ودلائل النبوة.
    والإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم من المبادئ الأساسية لعقيدة التوحيد.
    قال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ -28 سبأ
    وقال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا -64 فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا -65 النساء
    وجميع الرسل صلوات ربي وسلامه عليهم
    قاموا بتبليغ ما أمرهم الله به , لازيادة ونقص .

    ورد في روايات كثيرة أن الوحي فتر عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبطأ عليه جبريل ـ عليه السلام ـ فقال المشركون: ودع محمداً ربه, فأنزل الله تعالى هذه السورة..
    وفي رواية لمسلم :
    أبطأ جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال المشركون : قد ودع محمد . فأنزل الله عز وجل : والضحى . والليل إذا سجى . ما ودعك ربك وما قلى .
    الراوي: جندب بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 1797
    خلاصة الدرجة: صحيح

    ولو فكر المشركون قليلا , لكان هذا الحدث من دلائل صدق النبي صلى الله عليه وسلم , لأنه لا يتكلم من عند نفسه فإذا نزل الوحي بلغ ما أنزل إليه , وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى .(النجم)
    ولكنه عناد البشر والحقد والحسد ,
    فنزلت هذه الآيات تمسح على الآلام والمواجع، وتنسم بالروْح والرضى والأمل. وتسكب البرد والطمأنينة واليقين للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه.


    وَالضُّحَى -1 وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى -2 مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى -3 وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى -4 وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى -5 أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى -6 وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى -7 وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى -8 فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ -9 وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ -10 وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ -11

    *****

    أقسم تعالى بالنهار إذا انتشر ضياؤه بالضحى، وبالليل إذا سجى أي أظلم ، على اعتناء الله برسوله صلى الله عليه وسلم فقال: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ﴾ أي: ما تركك منذ اعتنى بك، ولا أهملك منذ رباك ورعاك، بل لم يزل يربيك أحسن تربية، ويعليك درجة بعد درجة.

    وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى

    أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم : رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني (إبراهيم / الآية - 36 ) الآية وقال عيسى عليه السلام : إن تعذبهم فإنهم عبادك و إن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ( المائدة / الآية – 118)
    فرفع يديه وقال " اللهم , أمتي أمتي " وبكى ...
    فقال الله عز وجل : يا جبريل ! اذهب إلى محمد ، وربك أعلم ، فسله ما يبكيك ؟ فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فسأله . فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال . وهو أعلم . فقال الله : يا جبريل ! اذهب إلى محمد فقل : إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك .
    الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 202
    خلاصة الدرجة: صحيح

    هل أدركنا مقدار حب رسول الله لنا .
    إن دموع الحب والشوق لك ياحبيب الله , هي التي تعبر عن حبك لأمتك .

    أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى

    لقد ولدت يتيماً فآواك إليه، وعطف عليك القلوب حتى قلب عمك أبي طالب وهو على غير دينك .

    وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى

    ثم لقد نشأت في جاهلية مضطربة التصورات والعقائد، منحرفة السلوك والأوضاع، فلم تطمئن روحك إليها. ولكنك لم تكن تجد لك طريقاً واضحاً مطمئناً . لا فيما عند الجاهلية ولا فيما عند أتباع موسى وعيسى الذين حرفوا وبدلوا وانحرفوا وتاهوا .. ثم هداك الله بالأمر الذي أوحى به إليك، وبالمنهج الذي يصلك به.

    وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى

    ولقد كنت فقيراً فأغنى الله نفسك بالقناعة، كما أغناك بكسبك ومال أهل بيتك (خديجة رضي الله عنها) عن أن تحس الفقر، أو تتطلع إلى ما حولك من ثراء .

    فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ . وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ . وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ .

    وكما تبين لنا من عقيدة التوحيد أنها يقين في القلب ينعكس على سلوك المؤمن بالضرورة .
    فهذه التوجيهات إلى إكرام اليتيم والنهي عن قهره وكسر خاطره وإذلاله، وإلى إغناء السائل مع الرفق به واكرامه، كانت من أهم متطلبات الإسلام . حيث رفع الإسلام هذه البيئة بشريعة الله إلى الحق والعدل والوقوف عند حدود الله.
    وأما التحدث بنعمة الله ـ وبخاصة نعمة الهدى والإيمان ـ فهي صورة من صور الشكر للمنعم. يكملها البر بعباده، وهو المظهر العملي للشكر، والحديث الصامت النافع الكريم .

    *****
    وبناء على طلب الأخوة الأفاضل نعيد الحديث عن أسماء الله الحسنى
    فتعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى
    لله سبحانه وتعالى

    الله
    هذا الاسم " الله " هو أكبر أسمائه تعالى وأجمعها,
    وقيل هو الاسم الأعظم الذي إذا دوعي به أجاب .. وإذا سئل به أعطى ,
    ولذلك لم يسم به غيره .. مصداقا لقوله تعالى : هل تعلم له سميا -65مريم
    فهو اسم للموجود الحق الجامع لصفات الألوهية , المنعوت بنعوت الربوبية
    المنفرد بالوجود الحقيقي , فإن كل موجود سواه غير مستحق للوجود بذاته
    وإنما يستمد وجوده من الله الخالق البارئ المصور
    " سبحان الله "

    ******
    الملك
    الملك هو الذي يستغني في ذاته , وصفاته , وأفعاله , عن كل موجود ..
    ويحتاج إليه كل مخلوق , ولا يستغني عنه في وجوده و بقائه , فوجود الخلائق منه وحده فهو الملك .
    فالله تبارك وتعالى هو الملك المطلق حيث يستغني عن كل شئ ,
    وملكه دائم لا يزول .
    وهو المالك للملك لأنه هو خالق للملك والملكوت
    فهو يملك الدنيا والأخرة .. ويوم تقوم الساعة تظهر هذه الحقيقة جلية
    حيث ينادي تبارك وتعالى : لمن الملك اليوم ..فلا يجيبه أحد..
    فيقول : لله الواحد القهار -16 غافر
    ****
    القدوس
    الاسم مشتق من " القدس" بمعنى الطهارة
    فهو سبحانه منزه عن كل وصف يدركه الحس , أو يتصوره الخيال, أو يسبق إليه وهم , أو يختلج به ضمير , أو يقضي به تفكير .
    وكل ما خطر ببالك فالله تعالى خلاف ذلك ,
    فهو سبحانه ليس كمثله شئ
    هو الله

    *****
    السلام
    السلام هو الذي تسلم ذاته عن العيب , وصفاته عن النقص ,وأفعله عن الشر .
    وكل مافي الوجود من سلامة فهي صادره منه ..
    فهو السلام الذي ينجي المؤمنين من العذاب .
    هو الله
    ****
    المؤمن
    المؤمن الذي أعطى الأمان للخلق , فالخلق معرضون لأسباب التلف والهلاك
    من خارجهم ومن داخلهم سواء بالأعداء أو بالداء .
    والله تعالى يرزقهم الأمن ويحميهم من كل سوء
    سبحانه هو المؤمن , أمن له الوجود .. وأمن به الوجود
    هو الله
    *****
    المهيمن
    المهيمن هو القائم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم وحركاتهم وسكناتهم
    والهيمنة المطلقة على الكون له سبحانه .
    سبحانه هو الله
    ******
    العزيز
    العزيز المطلق الممتنع عن الإدراك سبحانه ليس كمثله شئ
    المرتفع عن أوصاف الممكنات
    المتفرد بالوجود المطلق بغير شبيه ولا مثيل
    فهو العزيز ...هو الله
    ****
    الجبار
    الذي تنفذ مشيئته على جميع المخلوقات , والكون جميعا يسير بإرادته
    والجبار الذي يجبر أحوال خلقه فيصلحها
    فالكل يذعن إليه والكل يخشع له
    سبحانه وتعالى هو الله
    ****
    المتكبر
    سبحان من لا عظمة ولا كبرياء إلا له
    فالكبرياء لله تعالى وحده وذلك لإستحقاقه نعوت الجلال وصفات الكمال
    سبحان المتكبر ذو الجلال والإكرام
    هو الله
    *******

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

    تعليق


    • مبدأ التوحيد في القرآن العظيم

      بسم الله الرحمن الرحيم

      الجزء الثلاثون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد
      ( 17 )
      سورة الشرح

      مازلنا مع الرسول صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم ,
      ودلائل النبوة.
      فالإيمان بالنبي صلى الله عليه واله وسلم من المبادئ الأساسية لعقيدة التوحيد.
      قال تعالى : سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ -21الحديد

      وقال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا - 150 أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا – 151 وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا – 152 سورة النساء


      ****

      ومع سورة الشرح نعيش تلك الأنوار

      أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ -1 وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ -2 الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ -3 وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ -4 فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا -5 إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا -6 فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ -7 وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ-8

      *****
      نزلت هذه السورة بعد سورة الضحى. وكأنها تكملة لها. فيها استحضار مظاهر العناية. وفيها البشرى باليسر والفرج. وفيها التوجيه إلى سر اليسر وحبل الاتصال الوثيق..

      ألم نشرح لك صدرك؟ ووضعنا عنك وزرك. الذي أنقض ظهرك؟ ورفعنا لك ذكرك؟

      ألم نشرح صدرك لهذه الدعوة ؟ ونيسر لك أمرها ؟. ونجعلها حبيبة لقلبك، ونشرع لك طريقها ؟ وننر لك الطريق حتى ترى نهايته السعيدة.
      إن إنشراح الصدر للحق علامة ونور يدلك على أنك على الطريق المستقيم .
      ولذلك شرح الله تعالى قلوب أحبابه للإسلام .
      قال تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ
      فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (22) الزمر

      أفيستوي من شرح اللّه صدره للإسلام، فاتسع لتلقي أحكام اللّه والعمل بها، منشرحا قرير العين، على بصيرة من أمره، وهو المراد بقوله: فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ , كمن ليس كذلك، بدليل قوله: فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ , أي: لا تلين لكتابه، ولا تتذكر آياته، ولا تطمئن بذكره، بل هي معرضة عن ربها، ملتفتة إلى غيره، فهؤلاء لهم الويل الشديد، والشر الكبير.
      أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ , وأي ضلال أعظم من ضلال من أعرض عن ربه ؟

      ****

      ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك.. ووضعنا عنك عبئك الذي أثقل ظهرك من ثقله.. وضعناه عنك بشرح صدرك له فخف وهان. وبتوفيقك وتيسيرك للدعوة ومداخل القلوب.. وبالوحي الذي يكشف لك عن الحقيقة.

      ألا تجد ذلك العبء الذي أنقض ظهرك ؟ ألا تجد عبئك خفيفاً بعد أن شرحنا لك صدرك ؟

      ورفعنا لك ذكرك.. رفعناه في الملأ الأعلى، ورفعناه في الأرض، ورفعناه في هذا الوجود جميعاً.. رفعناه فجعلنا اسمك مقروناً باسم الله كلما تحركت به الشفاه : " لا إله إلا الله. محمد رسول الله "..

      وليس بعد هذا رفع، وليس وراء هذا منزلة. وهو المقام الذي تفرد به ـ صلى الله عليه وسلم ـ دون سائر العالمين..
      وله في قلوب أمته من المحبة والإجلال والتعظيم ما ليس لأحد غيره، بعد الله تعالى، فجزاه الله عن أمته أفضل ما جزى نبيًا عن أمته.
      *****
      حتى البشر المحايد حين ينظر إلى سائر الخلق من أول الخليقة إلى اليوم , لا يجد إلا رسول الله - ( صلى الله عليه واله وسلم) – أول البشر أجمعين في الرفعة والمكانة والتأثير .

      وفي كتاب العظماء مائة أعظمهم محمد
      يقول الكاتب :
      لقد اخترت محمداً (صلى الله عليه وسلم ) في أول هذه القائمة ،ولابد أن يندهش كثيرون لهذا الاختيار ومعهم حق في ذلك، ولكن محمداً عليه السلام هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحاً مطلقاً على المستوى الديني والدنيوي ،وهو قد دعا إلى الإسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات ،وأصبح قائداً سياسياً وعسكرياً ودينياً، وبعد ثلاثة عشر قرناً من وفاته فإن أثر محمد (صلى الله عليه وسلم) لا يزال قوياً متجدداً
      هذا ما يؤكده الكاتب الأمريكي مايكل هارت
      مؤلف كتاب
      الخالدون مائة أعظمهم محمد رسول الله

      *****

      ورفعنا لك ذكرك في اللوح المحفوظ، حين قدر الله أن تمر القرون، وتكر الأجيال، وملايين الشفاه في كل مكان تهتف بهذا الاسم الكريم، مع الصلاة والتسليم، والحب العميق العظيم.

      فأين تقع المشقة والتعب والضنى من هذا العطاء الذي يمسح على كل مشقة وكل عناء؟

      ومع هذا فإن الله يتلطف مع حبيبه المختار، ويسري عنه، ويؤنسه، ويطمئنه ويطلعه على اليسر الذي لا يفارقه:

      فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسرا..

      إن العسر لا يخلو من يسر يصاحبه ويلازمه. وقد لازمه معك فعلاً. فحينما ثقل العبء شرحنا لك صدرك، فخف حملك، الذي أنقض ظهرك. وكان اليسر مصاحباً للعسر، يرفع إصره، ويضع ثقله.

      وقوله: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ بشارة عظيمة، أنه كلما وجد عسر وصعوبة، فإن اليسر يقارنه ويصاحبه، حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر، فأخرجه كما قال تعالى: ﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا " .
      وتعريف " العسر " في الآيتين، يدل على أنه واحد، وتنكير " اليسر " يدل على تكراره، فلن يغلب عسر يسرين.

      ****

      ثم يجيء التوجيه الكريم لمواقع التيسير، وأسباب الانشراح، ومستودع الري والزاد في الطريق الشاق الطويل .
      حيث أمر الله رسوله أصلا، والمؤمنين تبعًا، بشكره والقيام بواجب نعمه، فقال تعالى: ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ﴾ أي : إذا تفرغت من أشغالك، ولم يبق في قلبك ما يعوقه، فاجتهد في العبادة والدعاء.
      ﴿وَإِلَى رَبِّكَ﴾ وحده ﴿فَارْغَبْ﴾ أي: إلى ربك وحده خالياً من كل شيء حتى من أمر الناس الذين تشتغل بدعوتهم.. إنه لا بد من الزاد للطريق. وهنا الزاد لطريق الدعوة إلى الله تعالى .

      فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ -7 وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ -8

      ******

      وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى
      لله سبحانه وتعالى

      الخالق البارئ المصور


      هذه صفات أفعال تبدأ بالتقدير ثم الإخراج من العدم ثم التصوير.
      فكل العوالم مفتقر لذلك

      قال تعالى في سورة الأعراف :

      وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ -11

      فالمشاهد لبديع الأجرام السماوية , والمخلوقات على الأرض,
      من إنسان و حيوان ونبات يرى عظيم قدرة الخالق
      يرى عظيم قدرة البارئ المبدع
      يرى عظيم قدرة المصور لكل هذه المخلوقات

      *****
      الغفار

      أصل " الغفر " الستر والتغطية , والمغفرة ستر الذنوب والعفو عنها
      والغفار هو الذي أظهر الجميل وستر القبيح
      والغافر يغفر الذنب ..." والغفور " يغفر الذنوب المتعددة
      " والغفار " غفران الذنوب للذنب المتكرر
      أما ستر الذنوب في الأخرة فلا يطلع عليها أحد ويبدل سيئات التائب إلى حسنات ...فسبحان الغفار
      ******
      القهار

      القهار هو الذي له الغلبة التامة على كل شئ
      قال تعالى : وهو القاهر فوق عباده -18 الأنعام
      فما من موجود إلا تحت قهره .
      وجميع الموجودات مسخرة تحت قهره وقدرته
      والكون جميعه في قبضته يوم القيامة فينادي سبحانه وتعالى :
      لمن الملك اليوم لله الواحد القهار -16 غافر
      سبحانه هو الله
      ******
      الوهاب
      والهبة هي العطاء من غير مقابل
      فسبحان الوهاب الدائم العطاء والجود والهبة وسد كافة الحاجات
      قال تعالى : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها -18 النحل
      فهو الوهاب سبحانه .
      ******
      الرزاق
      الرزاق هو خالق الأرزاق وأسبابها , فهو الذي يمد الموجودات بكل ما يحفظ مادتها وصورتها , فهو الذي أمد العقول بالعلوم , وأمد القلوب بالفهم
      وهو الذي أمد أجسام الكائنات على الأرض بالغذاء المناسب لكل منها, من طعام وشراب وهواء وكساء
      قال تعالى : إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين – 58الذاريات
      ******
      الفتاح
      الفتاح الذي بعنايته يفتح كل مغلق , يفتح على العلماء بالعلوم ويرزقهم فهمها ,...ويفتح الممالك لمن يشاء من عباده
      قال تعالى : إنا فتحتنا لك فتحا مبينا – 1 الفتح
      وبيده مفاتح الغيب
      وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ -59 الأنعام
      *****
      العليم
      العليم هو المحيط علما بكل شئ ..ظاهره وباطنه أوله وأخره
      ولايمكن تصور مدى هذا العلم , فهو سبحانه العليم
      المتفرد بالعلم المطلق أزلا وأبدا
      وفي الحديث الطويل
      وقع عصفور على حرف السفينة ، فغمس منقاره في البحر ، فقال الخضر لموسى : ما علمك وعلمي وعلم الخلائق في علم الله ، إلا مقدار ما غمس هذا العصفور منقاره ،- رواه البخاري
      1 - فالعلم عند الله لا حد له
      2 - مطابقة العلم للمعلوم مطابقة كاملة
      3 - علمه غير مستفاد من الأشياء بل الأشياء مستفادة من علمه
      4 - علمه كامل لايزيد بإضافة ولا ينقص بنسيان
      والعلم صفة قديمة قائمة بالذات العلية
      سبحانه وتعالى هو الله
      *******

      وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

      تعليق


      • مبدأ التوحيد في القرآن العظيم

        بسم الله الرحمن الرحيم

        الجزء الثلاثون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد
        ( 18 )
        سورة التين

        مع أهمية عقيدة التوحيد لرقي الإنسان ورفعته في الدنيا والأخرة.
        نعيش تلك الحظات المباركة مع سورة التين

        وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ -1 وَطُورِ سِينِينَ -2 وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ -3 لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ -4 ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ -5 إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ -6 فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِٱلدِّينِ -7 أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَاكِمِينَ -8

        الحقيقة الرئيسية التي تعرضها هذه السورة هي :

        أولا : حقيقة الفطرة القويمة التي فطر الله الإنسان عليها، واستقامة طبيعتها مع طبيعة الإيمان بالله الواحد ، والوصول بها المقام المقدر لها .
        ثانيا : هبوط الإنسان وسقوطه حين ينحرف عن سواء الفطرة واستقامة الإيمان بعقيدة التوحيد.

        ****

        ومن هذه الخصائص الروحية يتجلى تفوق التكوين الإنساني. فهو مهيأ لأن يبلغ من الرفعة مدى يفوق مقام الملائكة المقربين. كما تشهد بذلك قصة المعراج.. حيث وقف جبريل ـ عليه السلام ـ عند مقام، وارتفع نبينا محمد بن عبد الله ـ الإنسان ـ إلى المقام الأسنى. صلوات ربي وسلامه عليه .

        أما في حالة الكفر والشرك والإلحاد ينتكس الإنسان حيث يهوي إلى الدرك الذي لا يبلغ إليه مخلوق قط : ثم رددناه أسفل سافلين .. حيث تصبح البهائم أرفع منه وأقوم، لاستقامتها على فطرتها، وإلهامها تسبيح ربها، وأداء وظيفتها في الأرض على هدى. بينما هو المخلوق في أحسن تقويم، يجحد ربه، ويرتكس مع هواه، إلى درك لا تملك البهيمة أن ترتكس إليه.

        لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم.. فطرة واستعداداً..
        ثم رددناه أسفل سافلين.. حين ينحرف بهذه الفطرة عن الخط الذي هداه الله إليه، وبينه له، وتركه ليختار أحد النجدين.


        إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات.. فهؤلاء هم الذين يبقون على سواء الفطرة، ويكملونها بالإيمان والعمل الصالح، ويرتقون بها إلى الكمال المقدر لها، حتى ينتهوا بها إلى حياة الكمال في دار الكمال.
        فلهم أجر غير ممنون , دائم غير مقطوع.

        فهذه وتلك نهايتان طبيعيتان لنقطة البدء.. إما استقامة على الفطرة القويمة. وتكميل لها بالإيمان، ورفع لها بالعمل الصالح.. فهي واصلة في النهاية إلى كمالها المقدر في حياة النعيم..
        وإما انحراف عن الفطرة القويمة، واندفاع إلى الإنحطاط ، وانقطاع عن النفخة الإلهية.. فهي واصلة في النهاية إلى دركها المقرر في حياة الجحيم.

        *****

        ومن هنا ندرك قيمة الدين الصحيح في حياة البشر.
        حيث العقيدة الصحيحة لتربية الضمير البشري وعبادات تقرب الإنسان بربه وشريعة تنظم المعاملات بين البشر وأخلاق فاضلة يتراحمون بها فيما بينهم .

        فما يكذبك بعد بالدين أليس الله بأحكم الحاكمين ؟

        إن الله تعالى هو أحكم الحاكمين , حيث أنه تعالى هو خالق الإنسان ويعلم ما يصلحه في دنياه وأخرته ,
        ففي الدنيا , قال تعالى : أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ -50 المائدة
        وفي الأخرة , قال تعالى : وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ -25 لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ -26 يونس

        ****

        والعدل واضح. والحكمة بارزة.. ومن ثم ورد في الحديث المرفوع عن أبي هريرة: " فإذا قرأ أحدكم ( والتين والزيتون ) فأتى آخرها: ( أليس الله بأحكم الحاكمين؟ ).. فليقل.. بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ..

        ****

        وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى
        لله سبحانه وتعالى

        القابض الباسط

        القبض يعني المسك , والبسط يعني العطاء و التوسعة
        قال تعالى :....وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ -245 البقرة
        فهويقبض الصدقات من الأغنياء .. ويبسط الرزق للضعفاء
        قال تعالى :
        أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ – 104 التوبة


        قال تعالى : بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء – 64 المائدة
        وهو سبحانه يقبض الأرواح عن الأجساد عند الممات ,
        ويبسط الأرواح في الأجساد عند الحياة .
        *****
        الخافض الرافع

        الخافض لأعدائه بالذل . والرافع لأوليائه بالنصر .

        قال تعالى :.... يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ - 11 المجادلة
        والخافض الرافع , اسمان لله تعالى وهما من صفات الأفعال التي تتعلق بمشيئته وقدرته سبحانه .. فهو الخافض على الحقيقة وهو الرافع على الحقيقة
        قال تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ – 26 ال عمران

        ******
        المعز المذل
        والعزة تفيد الغلبة والقوة والتأييد .. قال تعالى : فعززنا بثالث -14يس
        قال تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ – 26 ال عمران
        وهذان الاسمان من صفات الأفعال التي تتعلق بمشيئته وقدرته
        سبحانه وتعالى
        *****
        السميع البصير
        صفتان من صفات الكمال الإلهي حيث لاشبيه له ولا تمثيل ,
        السميع الذي لا يشغله نداء عن نداء ..
        تستوي في كمال سمعه الأصوات , ولا تختلف عليه اللغات
        فهو سميع لكل الموجودات البصير بها
        ويرى كل الوجود جملة وتفصيلا ليس كمثله شئ
        قال تعالى لموسى وهارون :
        قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى – 46 طه
        "قال لا تخافا إنني معكما" بعوني "أسمع" ما يقول "وأرى" ما يفعل
        سبحانه وتعالى
        ******
        الحكم
        الحكم بمعنى الفصل بين المنازعات ,
        قال تعالى : أفغير الله أبتغي حكما -114الأنعام
        وقال تعالى : واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين – 109 يونس
        وأحكم الأمر : أتقنه , قال تعالى : ثم يحكم الله آياته – 52 الحج
        والحاكم هو الذي لا راد لقضائه , ولا معقب لحكمه هو الله
        قال تعالى : إن الحكم إلا لله - 57 الأنعام
        فهو وحده المجازي كل نفس بما عملت
        سبحانه وتعالى
        ******
        العدل
        العدل المنزه عن الظلم , قال تعالى : وما ربك بظلام للعبيد – 46 فصلت
        وقال تعالى :
        إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ – 90 النحل
        فالعدل المطلق هو الله .
        *****
        اللطيف

        اللطيف هو العالم بخفايا الأمور وحقائقها
        قال تعالى : الله لطيف بعباده -19الشورى
        ولطفه بخلقه يفوق الحصر
        وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ – 18 النحل

        *****

        الخبير

        الخبير هو الذي لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء

        قال تعالى : أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ -14 الملك

        *****

        الحليم

        الحليم هو الذي لا يسارع بالمؤاخذة ولا يعجل بالعقوبة , ويتجاوز عن الزلات , ويعفو عن السيئات , ويمهل العاصي حتى يتوب

        قال تعالى : ...وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ -235 البقرة
        وقال تعالى : وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ - 45 فاطر
        سبحان من حلم وستر وغفر
        سبحان ربي العظيم

        *******
        العظيم

        العظيم أكبر من كل شئ ,لا يحيط به بصر ولا يتصوره عقل ..هو الله
        قال تعالى : ( .... وهو العلى العظيم ) -255البقرة
        فهو العظيم حقا . المستغني عن الأعوان .
        المتقدس عن الزمان والمكان
        هو الأول والأخر والظاهر والباطن , ليس كمثله شئ
        سبحانه وتعالى
        *****
        الغفور
        هو الغفور الرحيم ....أي الذي يستر الذنوب عن المذنبين رحمة بهم
        قال تعالى : نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ – 49الحجر
        اللهم أغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا
        ونجنا برحمتك يا أرحم الراحمين

        *****
        الشكور
        الشكور هو الذي يعطي الجزيل على العمل القليل ,
        ويجازي على يسير الطاعات بكثير الدرجات ,
        ويعطي بالعمل المحدود نعيما غير محدود
        وحقيقة كلمة الشكر هي الفيض والعطاء
        قال تعالى: اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ - 13سبأ
        وقال تعالى : مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا - 147 النساء
        أما الشكر بمعنى المجازي على الأفعال بالثناء الحسن , فالشكور الحق هو الله تعالى
        فهو المجازي على الأفعال الحسنة بالنعيم الأبدي
        قال تعالى : لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ -30 فاطر

        ******
        وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

        تعليق


        • مبدأ التوحيد في القرآن العظيم

          بسم الله الرحمن الرحيم

          الجزء الثلاثون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد
          ( 19 )
          سورة العلق

          مطلع هذه السورة هو أول ما نزل من القرآن باتفاق.
          وهي دعوة للعلم بعقيدة التوحيد المبنية على اليقين.
          فنحن نتوجه لربنا الذي خلق ولا نتوجه لصنم لا يضر ولا ينفع ولا نتوجه إلى بشر ولا إلى نجوم وكواكب مسخرة ,
          إن توجهنا إلى الله الخالق الذي أكرمنا على سائر المخلوقات ,
          وطلب منا إعمال العقل الذي أمده بكل هذه الطاقات للتعلم والإختيار, ولولا فضل الله تعالى على الإنسان بنعمة العقل والعلم لكنا كالأنعام تولد وتأكل وتشرب وتموت وتؤدي دورها على الأرض دون أختيار ,
          ولكنه كرم الله الكريم على الإنسان.
          فلا يصح للإنسان أن يطغى ويغتر بهذا العقل وهذه العلوم , فهي هبة الله له , فيجب أن يتقرب إلى الله بشكر نعمته عليه .
          إن ربي قريب مجيب .

          ****

          ونعيش لحظات مباركة مع سورة العلق

          ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ -1 خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ -2 ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ -3 ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ -4 عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ -5 كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ -6 أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ -7 إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ -8 أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ -9 عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ -10 أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ -11 أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ -12 أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ -13 أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ -14 كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ -15 نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ -16 فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ -17 سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ -18 كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب -19



          " أول ما بدئ به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. ثم حبب إليه الخلاء. وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه ـ وهو التعبد ـ الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود إلى ذلك. ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها.

          حتى جاءه الوحي وهو في غار حراء. فجاءه الملك، فقال: " اقرأ. قال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد. ثم أرسلني فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثالثة، ثم قال: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم ) " .

          فرجع بها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ترجف بوادره، حتى دخل على خديجة، فقال " زملوني زملوني " فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال: يا خديجة مالي؟ وأخبرها الخبر. وقال: " قد خشيت على نفسي " فقالت له: كلا. أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً. إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.

          ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وهو ابن عم خديجة أخي أبيها. وكان امرأ قد تنصر في الجاهلية. كان يكتب الكتاب العربي، وكتب العبرانية من الإنجيل ـ ما شاء الله أن يكتب ـ وكان شيخاً كبيراً قد عمي. فقالت خديجة: أي ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة: ابن أخي، ما ترى؟ فأخبره رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بما رأى. فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى. ليتني فيها جذع، ليتني أكون حياً حين يخرجك قومك. فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " أو مخرجي هم؟ " فقال ورقة: نعم. لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عُودِيَ، وإن أدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً.. الخ ". وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من حديث الزهري..

          *****

          إنه حادث ضخم. هي أعظم لحظة مرت بهذه الأرض في تاريخها الطويل.


          وما دلالة هذا الحادث؟

          دلالته ـ في جانب الله سبحانه ـ أنه ذو الفضل الواسع، والرحمة السابغة، الكريم الودود المنان. يفيض من عطائه ورحمته بلا سبب ولا علة، سوى أن الفيض والعطاء بعض صفاته الذاتية الكريمة.

          ودلالته ـ في جانب الإنسان ـ أن الله ـ سبحانه ـ قد أكرمه كرامة لا يكاد يتصورها، ولا يملك أن يشكرها. وأن هذه وحدها لا ينهض لها شكره ولو قضى عمره راكعاً ساجداً.. هذه.. أن يذكره الله، ويلتفت إليه، ويصله به، ويختار من جنسه رسولاً يوحي إليه بكلماته. وأن تصبح الأرض.. مسكنه.. مهبطاً لهذه الكلمات التي تتجاوب بها جنبات الوجود في خشوع وابتهال.

          فأما آثار هذا الحادث الهائل في حياة البشرية كلها فقد بدأت منذ اللحظة الأولى. بدأت في تحويل خط التاريخ، منذ أن بدأت في تحويل خط الضمير الإنساني.. منذ أن تحددت الجهة التي يتطلع إليها الإنسان ويتلقى عنها تصوراته وقيمه وموازينه.. إنها ليست الأرض وليس الهوى.. إنما هي السماء والوحي الإلهي.

          ومنذ هذه اللحظة عاش أهل الأرض الذين استقرت في أرواحهم هذه الحقيقة.. في كنف الله ورعايته المباشرة الظاهرة. وفي كل ليلة كانوا يبيتون في ارتقاب أن يتنزل عليهم من الله وحي يحدثهم بما في نفوسهم، ويفصل في مشكلاتهم، ويقول لهم: خذوا هذا ودعوا ذاك !

          ولقد ظلت آثار هذه الفترة تعمل في حياة البشر منذ تلك اللحظة إلى هذه اللحظة، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

          لقد ولد الإنسان من جديد باستمداد قيمه من السماء لا من الأرض، واستمداد شريعته من الوحي لا من الهوى.

          واليوم القرآن العظيم بين أيدينا نعيش بين أنواره نأخذ منه الأحكام ونتخلق بمكارم الأخلاق التي وردت به .

          *****

          اقرأ باسم ربك الذي خلق

          وتبدأ من صفات الرب بالصفة التي بها الخلق والبدء : الذي خلق.

          ثم تخصص: خلق الإنسان ومبدأه: خلق الإنسان من علق.. من تلك النقطة الدموية الجامدة العالقة بالرحم. من ذلك المنشأ الصغير التكوين. فتدل على كرم الخالق فوق ما تدل على قدرته. فمن كرمه رفع هذا العلق إلى درجة الإنسان الذي يُعلم فيتعلم: اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم..

          وإنها لنقلة بعيدة جداً بين المنشأ والمصير. ولكن الله قادر. ولكن الله كريم. ومن ثم كانت هذه النقلة التي تدير الرؤوس ...!

          وإلى جانب هذه الحقيقة تبرز حقيقة التعليم.. تعليم الرب للإنسان - بالقلم -.. لأن القلم كان وما يزال أوسع وأعمق أدوات التعليم أثراً في حياة الإنسان.. ولم تكن هذه الحقيقة إذ ذاك بهذا الوضوح الذي نلمسه الآن ونعرفه في حياة البشرية. ولكن الله ـ سبحانه ـ كان يعلم قيمة القلم، فيشير إليه هذه الإشارة في أول لحظة من لحظات الرسالة الأخيرة للبشرية. في أول سورة من سور القرآن الكريم.. هذا مع أن الرسول الذي جاء بها لم يكن كاتباً بالقلم، وما كان ليبرز هذه الحقيقة منذ اللحظة الأولى لو كان هو الذي يقول هذا القرآن. لولا أنه الوحي، ولولا أنها الرسالة !

          ثم تبرز مصدر التعليم.. إن مصدره هو الله. منه يستمد الإنسان كل ما علم، وكل ما يعلم. وكل ما يفتح له من أسرار هذا الوجود، ومن أسرار هذه الحياة، ومن أسرار نفسه .
          كل أمر. كل حركة. كل خطوة. كل عمل. باسم الله. وعلى اسم الله. باسم الله تبدأ. وباسم الله تسير. وإلى الله تتجه، وإليه تصير.

          والله هو الذي خلق. وهو الذي علم. فمنه البدء والنشأة، ومنه التعليم والمعرفة.. والإنسان يتعلم ما يتعلم، ويعلم ما يعلم.. فمصدر هذا كله هو الله الذي خلق والذي علم.. ( علم الإنسان ما لم يعلم )..

          *****
          كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ -6 أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ -7 إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ -8

          ولكن للأسف الشديد وجد من الناس من يطغى بهذه النعم ويظنها من عند نفسه ,
          بل لا يكتفي بضلال نفسه بل يصد عن دين الله و عن الصلاة , سواء بالفعل المباشر مثل كفار قريش مع المؤمنين في أول الدعوة , أو كما يحدث الأن في بعض الدول الغربية من التضيق على المسلمين .
          فأين يذهب هؤلاء الطغاة ؟ . ( إن إلى ربك الرجعى ) .

          كلا. لا تطعه، واسجد، واقترب.

          كلا ! لا تطع هذا الطاغي الذي ينهى عن الصلاة والدعوة. واسجد لربك واقترب منه بالطاعة والعبادة.

          ****

          وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى
          لله سبحانه وتعالى

          العلي

          العلي المطلق سبحانه وتعالى علوا كبيرا هو الله
          قال تعالى : ( .... وهو العلى العظيم ) -255البقرة

          عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ -92 المؤمنون

          فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ – 116 المؤمنون

          ******

          الكبير

          الكبير عن إدراك الحواس و إدراك العقول ,
          وهو الكبير المتعال" فكل شيء تحت قهره وسلطانه وعظمته لا إله إلا هو, ولا رب سواه لأنه العظيم الذي لا أعظم منه , العلي الذي لا أعلى منه , الكبير الذي لا أكبر منه , تعالى وتقدس وتنزه وجل , هو الله سبحانه وتعالى .

          قال تعالى : عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ - 9 الرعد

          قال تعالى : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ
          وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ – 30 لقمان

          ********

          الحفيظ

          الحفيظ هو العالم بجميع المعلومات علما لا يتغير ولا يزول , المحيط بما في السموات والأرض , يحفظ وجودهما ولا يؤده حفظهما , وهو الذي يحفظ جميع المخلوقات , حفظ وجودا وحفظ حماية وصيانة .

          ( إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) - 57 هود

          ******

          المقيت

          المقيت خالق الأقوات, بدنية وروحية , وموصلها للأبدان والقلوب , وهي الأطعمة والأشربة والمعارف والعلوم .
          ويكون أيضا بمعنى القدرة والعلم
          قال تعالى : (... وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ) - 85 النساء

          ******
          الحسيب

          الحسيب هو المعطي لعباده كفايتهم .. وهذا الوصف لا يتحقق إلا لله سبحانه وتعالى ... , فما من موجود إلا ويحتاج إليه , فهو وحده الكافي لكل شئ ,
          فهو الذي أمد الأرض بكل النعم التي لا تعد ولا تحصى
          والأمن والأمان لعباده الصالحين .

          الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ -173 ال عمران

          ويأتي بمعنى المحاسبة

          قال تعالى : وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا – 86 النساء
          أي محاسبا فيجازي عليه

          ويأتي بمعنى الحساب والدقة في الخلق

          قال تعالى : الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ – 5 الرحمن
          وقوله تعالى " الشمس والقمر بحسبان " أي يجريان كل في مداره بحساب مقنن لا يختلف ولا يضطرب

          فسبحانه هو الحسيب

          ********

          الجليل

          فهو الموصوف بصفات الجلال كالقدرة والعلم والتقديس , والجامع لكل ذلك هو الجليل صاحب العظمة الكاملة والجلال المطلق , سبحانه وتعالى ذو الجلال و الإكرام .

          تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ - 78 الرحمن

          ******
          وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

          تعليق


          • مبدأ التوحيد في القرآن العظيم

            بسم الله الرحمن الرحيم

            الجزء الثلاثون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد
            ( 20 )
            سورة القدر

            واستكمالا للحديث عن الوحي والرسالة تحدثنا سورة القدر عن زمن نزول القرآن العظيم إلى السماء الدنيا, ثم نزوله منجما فترة البعثة الشريفة ,ليكون قرآنا مطبقا مع كل حدث ويعيش المؤمن متطلعا إلى خبر السماء طيلة حياة نبينا صلوات ربي وسلامه عليه .
            وبقدر تدبرنا للقرآن بقدر تعرضنا لرحمات ربنا جل وعلى . وكأنه ينزل إلينا هذه الأيام , وكثير ممن يتلون القرآن يشعرون بذلك , يشعرون بالسكينة والرحمة , والهدوء , والشفاء من مرض القلوب . ويشعرون بمخاطبة الله تعالى لهم , فالقرآن العظيم كلام الله .
            جاء في الحديث: عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
            ستكون فتنة . قلت : فما المخرج منها يا رسول الله ؟ قال : كتاب الله, فيه نبأ ما قبلكم, و خبر ما بعدكم, و حكم ما بينكم,
            هو بالفصل ليس بالهزل,
            من تركه من جبار قصمه الله, و من ابتغى الهدى في غيره أضله الله, وهو حبل الله المتين, وهو الذكر الحكيم,
            وهو الصراط المستقيم,
            وهو الذي لا تزيغ به الأهواء, و لا تلتبس به الألسن, و لا يخلق على كثرة الرد, و لا تنقضي عجائبه,
            من قال به صدق, ومن عمل به أجر, ومن حكم به عدل, ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم
            الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: ابن تيمية - المصدر: حقوق آل البيت - الصفحة أو الرقم: 22
            خلاصة الدرجة: مشهور


            ‏‏وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ‏ -204 الأعراف‏‏
            فإذا قرئ القرآن يلقي المؤمن سمعه، ويحضر قلبه ويتدبر ما يستمع، فإن من لازم على هذين الأمرين حين يتلى كتاب اللّه، فإنه ينال خيرا كثيرًا وعلما غزيرا، وإيمانا مستمرا متجددا، وهدى متزايدًا، وبصيرة في دينه، ولهذا رتب اللّه حصول الرحمة عليهما،

            ومع سورة القدر نعيش تلك اللحظات المباركة.

            إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ-1 وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ -2 لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ -3 تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ -4 سَلاَمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ - 5

            وهي ليلة بدء نزول هذا القرآن على قلب نبينا محمد ـ صلى الله عليه وأله وسلم ـ ليلة ذات الحدث العظيم الذي لم تشهد الأرض مثله في عظمته، وفي دلالته، وفي آثاره في حياة البشرية جميعاً .
            والعظمة التي لا يحيط بها الإدراك البشري.

            والليلة التي تتحدث عنها السورة هي الليلة التي جاء ذكرها في سورة الدخان.
            إنا أنزلناه في ليلة مباركة، إنا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم. أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين. رحمة من ربك إنه هو السميع العليم .

            والمعروف أنها ليلة من ليالي رمضان، كما ورد في سورة البقرة:
            شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان

            أي التي بدأ فيها نزول القرآن على قلب الرسول ـ صلى الله عليه وأله وسلم ـ ليبلغه إلى الناس.
            وفي رواية ابن إسحاق أن أول الوحي بمطلع سورة العلق كان في شهر رمضان، ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتحنث في غار حراء.

            ****

            إنا أنزلناه في ليلة القدر.

            و في الصحيحين: " تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان " وفي الصحيحين كذلك: " من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه "
            وقد تواترت الأحاديث في فضلها، وأنها في رمضان، وفي العشر الأواخر منه، خصوصًا في أوتاره، وهي باقية في كل سنة إلى قيام الساعة.
            ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، يعتكف، ويكثر من التعبد في العشر الأواخر من رمضان، رجاء ليلة القدر .
            وهذا الربط بين ذكرى ليلة القدر وبين القيام فيها إيماناً واحتساباً، هو تطبيق للمنهج العملي في الإسلام .

            لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ

            أي: تعادل من فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر [ خالية منها ] ، وهذا من فضل الله تعالى على هذه الأمة ،حيث عوض قصر أعمارهم بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمرًا طويلًا، نيفًا وثمانين سنة.

            تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ.
            سَلاَمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ.

            ****

            وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى
            لله سبحانه وتعالى

            الكريم
            الكريم هو الذى إذا قدرعفا ..وإذا وعد وفى , وإذا سئل أعطى وكفى..لايضيع من أقبل عليه, ولايترك من التجأ إليه ,ولاتتخطاه الأمال..وهو المعطى بغير سؤال .. لايبالى كم أعطي , ولالمن أعطى .. وإن سئل غيره لايرضى .. و"الأكرم" اسم تفضيل,قال تعالى: اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ - 3 العلق
            وهو صاحب الإنعام والجود والاحسان , الذى يكرم خلقه بفيض نعمه ,ويكرم أولياءه بفيض فضله , قال تعالى عن أحد عباده : قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يعلمون - 26 بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ - 27 يس
            ومن حرم من كرم الله فلا مكرم له على الإطلاق , قال تعالى: ..وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ...- 18الحج
            والله تعالى هو الكريم أزلا وأبدا, قال تعالى : كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ – 26 وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ – 27الرحمن

            ******
            الرقيب
            الرقيب الذي يراقب الأشياء ولا يغيب عنه مثقال ذرة مهما كانت .
            وقد ورد اسم الرقيب في قوله تعالى في سورة المائدة
            مبينا شهادة نبي الله ( عيسي ) يوم القيامة:
            مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ -117 المائدة
            وهو سبحانه في هذه الرقابة لا تأخذه سنة ولا نوم , بل الملاحظة لازمة ودائمة .
            فسبحانه هو الرقيب.
            ********
            المجيب
            المجيب هو يجيب الداعي إذا دعاه .. فهو سبحانه القائل : وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ - 60غافر
            فيعطي السائل ما طلب وزيادة أو يصرف عنه من الشر بمقدار ما طلب أو يدخره له في الأخرة حسنات , فخير الله كثير والإنسان لايعرف على الحقيقة أي خير أصلح له .
            وهو سبحانه يجيب دعوة المضطرين ...
            قال تعالى : أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ - 62 النمل
            سبحانه يعلم حاجة المحتاجين قبل سؤالهم فهو المنعم وهو المتفضل بإجابة دعوات عباده .
            *****
            الواسع
            الواسع هو المحيط بكل شئ علما وهو الجواد الذي عمت رحمته كل المخلوقات ووسعت رحمته كل شئ .
            وهو الغني الكامل الذي لا نهاية لغناه , ليس كمثله شئ .
            هو الأول والأخر والظاهر والباطن .
            والسعة تضاف إلى العلم وتضاف إلى الإحسان والعطاء فيقال واسع عليم
            ويقال واسع الإحسان .
            قال تعالى : إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ – 32 النجم
            قال تعالى : وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ – 156 الأعراف
            فهو واسع الرحمة والغنى والسلطان والعلم والقدرة والإحسان .
            سبحانه وتعالى

            *****
            الحكيم
            الحكمة حسن التدبير , وإتقان العمل , ووضع كل شئ في موضعه
            فهو الحكيم المطلق .
            قال تعالى : الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ – 7السجدة
            قال تعالى : صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ -88 النمل
            قال تعالى : وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ - البقرة260
            سبحانه وتعالى ليس كمثله شئ .
            *****
            الودود
            الودود كثير الود أي الحب .
            قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا -مريم96
            وقال تعالى : وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ - 14 البروج
            وقال تعالى : فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ – 54المائدة
            وقال تعالى : وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ -90هود
            سبحانه وتعالى ليس كمثله شئ .
            ******
            المجيد
            المجيد هو الذي انفرد بالشرف الكامل , والملك الواسع من الأزل إلى الأبد
            قال تعالى : إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ -73 هود
            ثبت في الصحيحين أنهم قالوا : قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك يا رسول الله ؟ قال " قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد " .
            تبارك " المجيد " المطلق سبحانه وتعالى .
            *****
            الباعث
            والباعث هو الذي بعث الوجود من العدم , فهو سبحانه بعثنا , ويبعثنا يوميا من بعد نومنا ويبعثنا من القبور يوم القيامة .
            قالى تعالى : وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ - 36 الأنعام
            وقال تعالى : وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ – 60 الأنعام
            ويأتي البعث بمعنى الإرسال , قال تعالى :
            وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ - 36 النحل
            ******
            الشهيد
            الشهيد هو الحاضر الذي لا يغيب أبدا سبحانه وتعالى .
            قال تعالى : سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ - 53فصلت
            وهو القائل جل وعلى : يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ - 6المجادلة
            سبحانه وتعالى.

            ************

            وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

            تعليق


            • مبدأ التوحيد في القرآن العظيم

              بسم الله الرحمن الرحيم

              الجزء الثلاثون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد
              ( 21 )
              سورة البينة

              إن عقيدة التوحيد واضحة المعالم ميسرة لكل البشر ولكل العقول.
              وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ .


              هل في ذلك تعقيد أو غموض ؟

              ومع سورة البينة نعيش تلك اللحظات مع عقيدة التوحيد

              لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ -1 رَسُولٌ مِّنَ ٱللَّهِ يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً -2 فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ -3 وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ -4 وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ -5 إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَوْلَـٰئِكَ هُمْ شَرُّ ٱلْبَرِيَّةِ -6 إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ ٱلْبَرِيَّةِ -7 جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رِّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ -8

              *****

              والسورة تعرض عدة حقائق تاريخية وإيمانية في أسلوب تقريري هو الذي يرجح أنها مدنية إلى جانب الروايات القائلة بهذا.

              والحقيقة الأولى هي أن بعثة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت ضرورية لتحويل الذين كفروا من أهل الكتاب ومن المشركين عما كانوا قد انتهوا إليه من الضلال والاختلاف، وما كانوا ليتحولوا عنه بغير هذه البعثة:

              لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة: رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة، فيها كتب قيمة .
              فأما وقد جاءتهم البينة من قبل في دياناتهم على أيدي رسلهم؛ ثم جاءتهم البينة، حية في صورة رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة؛ ويقدم لهم عقيدة، واضحة بسيطة ميسرة، فقد تبين الطريق. ووضح مصير الذين يكفرون والذين يؤمنون

              والحقيقة الثانية: أن أهل الكتاب لم يختلفوا في دينهم عن جهالة ولا عن غموض فيه، إنما اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم وجاءتهم البينة:
              وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة .

              والحقيقة الثالثة: أن الدين في أصله واحد، وقواعده بسيطة واضحة، لا تدعو إلى التفرق والاختلاف في ذاتها وطبيعتها البسيطة اليسيرة:
              وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، وذلك دين القيمة .
              عبادة الله وحده، وإخلاص الدين له، والميل عن الشرك وأهله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة: وذلك دين القيمة .. عقيدة خالصة في الضمير، وعبادة لله، تترجم عن هذه العقيدة، وإنفاق للمال في سبيل الله، وهو الزكاة.. فمن حقق هذه القواعد، فقد حقق الإيمان كما أمر به أهل الكتاب، وكما هو في دين الله على الإطلاق. دين واحد. وعقيدة واحدة، تتوالى بها الرسالات.

              والحقيقة الرابعة: أن الذين كفروا بعد ما جاءتهم البينة هم شر البرية، وأن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم خير البرية. ومن ثم يختلف جزاء هؤلاء عن هؤلاء اختلافاً بيناً:

              إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيهآ. أولـئك هم شر البرية.
              إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولـئك هم خير البرية، جزآؤهم عند ربهم جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا، رضى الله عنهم ورضوا عنه، ذلك لمن خشي ربه .

              إن نبينا محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الرسول الأخير؛ وإن الإسلام الذي جاء به هو الرسالة الأخيرة.
              وقد كانت الرسل تتوالى كلما فسدت الأرض لترد الناس إلى الصلاح.
              وكانت هناك فرصة بعد فرصة ومهلة بعد مهلة، لمن ينحرفون عن الطريق فأما وقد شاء الله أن يختم الرسالات إلى الأرض بهذه الرسالة الأخيرة الجامعة الشاملة الكاملة، فقد تحددت الفرصة الأخيرة، فإما إيمان فنجاة، وإما كفر فهلاك.
              ذلك أن الكفر حينئذ دلالة على الشر الذي لا حد له، وأن الإيمان دلالة على الخير البالغ أمده.

              فهو أغنى الشركاء عن الشرك. فإما عمل خالص له، وإلا لم يقبله.

              ********

              وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى
              لله سبحانه وتعالى
              " الحق "
              الحق هو الواجب بذاته , فالله هو الحق وأن ما يعبدون من دونه هو الباطل , والباطل ممتنع بذاته.
              قال تعالى : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ – 62 الحج
              ذلك بأن الله هو الحق" الثابت "وأن ما يدعون" يعبدون "من دونه" وهو الأصنام "هو الباطل" الزائل "وأن الله هو العلي" أي العالي على كل شيء بقدرته "الكبير" الذي يصغر كل شيء سواه .

              وقد يطلق الحق على الأقوال فيقال قول حق, أو قول باطل .
              والقول الحق ماهو مطابق للواقع , أما القول الباطل هو الذي لا واقع له .
              وعلى ذلك فأحق الأقوال قول " لا إله إلا الله " لأنه قول صادق أبدا وأزلا لذاته .
              والشهادة له حقا أزلا وأبدا ... هو الحق المطلق
              سبحانه وتعالى

              ****
              " الوكيل "
              الوكيل هو المتولي بإحسانه أمور عباده المتقين , الموكل إليه كل أمر.
              الكفيل بالخلق ... فمن توكل عليه تولاه , ومن استغنى به أغناه , ومن فوض إليه أمره كفاه.
              قال تعالى : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ – 173
              فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ – 174 ال عمران
              والتوكل الحقيقي هو تسليم الأمر لمن له الأمر .. والرضا بالنتائج ,
              فالوكيل الحق .. والوكيل بحق هو الله تعالى .

              *****
              " القوي "
              القوي هو الذي لا يلاحقه ضعف في ذاته , ولا في صفاته , ولا أفعاله .
              فالله سبحانه وتعالى خالق جميع القوى في الوجود .
              فمنها قوة الجاذبية , والقوى الكهربية والتفاعلات الكيماوية وقوة الغازات
              وقوة الأشعاعات كالليزر وغيرها ملا يعد ولا يحصى
              وخلق القوة في الإنسان , القوة العقلية والقوة البدنية .

              قال تعالى : فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ – 15 فصلت
              قال تعالى : إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ – 66 هود
              سبحانه وتعالى هو القوي المطلق .. هو الله

              *****
              " المتين "
              والمتين هو القادر قدرة تامة .. الشديد القوة المطلقة ليس كمثله شئ .
              قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)
              إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين" الشديد ..
              سبحانه وتعالى

              ****
              " الولي "
              الولي هو المحب الناصر المتولي أمر خلقه , المختصين بإحسانه ,
              يقول تعالى : اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ – 257 البقرة
              ويقول تعالى : أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ – 9 الشورى
              فالله تعالى هو الولي الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده
              فإنه هو القادر على إحياء الموتى وهو على كل شيء قدير
              سبحانه وتعالى نعم المولى ونعم الوكيل .

              *******
              " الحميد "
              الحميد هو المحمود على كل حال .. المستحق الحمد ..
              الحميد بحمده نفسه أزلا , وبحمد عباده له أبدا , فهو الحميد المطلق
              فالحمد لله في الأولى والأخرة.
              قال تعالى : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ – 2 الفاتحة
              أي الثناء على الله بمضمونها على أنه تعالى مالك لجميع الحمد من الخلق أو مستحق لأن يحمدوه .
              قال تعالى : قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى – 59 النمل
              سبحانه فهو الحميد أزلا وأبدا وهو الحميد المطلق .
              قال تعالى : قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ
              إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ -73 هود
              فالحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه .
              ****
              " المحصي "
              المحصي هو المحيط بكل موجود جملة وتفصيلا ..لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء
              قال تعالى : لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا – 94 مريم
              " لقد أحصاهم وعدهم عدا " أي قد علم عددهم منذ خلقهم إلى يوم القيامة
              ذكرهم وأنثاهم وصغيرهم وكبيرهم .
              قال تعالى : وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ
              وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا
              وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أحدا – 49 اكهف
              سبحان من أحاط بكل شئ علما
              ****
              المبدئ المعيد
              المبدئ هو الذي أظهر الأشياء من العدم إلى الوجود ,
              والمعيد هو الذي يعيدها بعد فنائها .
              يقول تعالى : وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ – 27 الروم
              ويقول تعالى : يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ – 104 الأنبياء
              ويقول تعالى : أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ – 19 العنكبوت
              سبحان المبدئ المعيد

              *******
              المحيي المميت
              المحيي هو الذي خلق الحياة في كل حي ,
              والمميت هو الذي خلق الموت في كل من أماته ..
              فهو الذي خلق الموت والحياة وهي أفعال تتعلق بمشيئته وحده لا شريك له
              قال تعالى : كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ – 28 البقرة
              وهو الذي يحيى الأرض بعد موتها ,
              قال تعالى : فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ – 50 الروم
              وهو الذي يحي القلوب بالإيمان ,
              قال تعالى : أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ - 122 الأنعام
              واتصال الروح بالجسد ومفارقتها له من الأمور التي تخرج عن طاقة العقل البشري وعن حدود علمه ,
              فلا يعلم "المحيي" إلا "المحيي" .. ولا يعلم " المميت " إلا "المميت"
              سبحانه وتعالى هو الله
              ****
              الحي القيوم
              الحي هو الموصوف بالحياة الدائمة , التي لا يعتريها فناء ولا موت ولا عدم ولا نقص ,
              فله البقاء المطلق أزلا وأبدا.
              قال تعالى : هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ – 65 غافر
              والقيوم هو القائم بذاته , المقيم لغيره المستغني بذاته , ولا غنى لغيره عنه ,
              قال تعالى : اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ – 255 البقرة
              وقال تعالى : وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ – 111 طه

              ******
              وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

              تعليق


              • رد: مبدأ التوحيد في القرآن العظيم

                باركِـ الله فيكِم
                ونفع بكِم



                تعليق


                • مبدأ التوحيد في القرآن العظيم

                  بسم الله الرحمن الرحيم

                  الجزء الثلاثون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد
                  ( الخاتمة )

                  هذه دعوة للتدبر والتأمل والتفكر في كتاب الله تعالى.

                  قال تعالى : لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ – 21 الحشر
                  قال تعالى : أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا – 82 النساء
                  قال تعالى : أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا – 24 محمد
                  قال تعالى : كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ - 29 ص


                  ****
                  كتاب أتى بعقيدة التوحيد واضحة جلية كما رأينا من خلال هذه السلسلة ,
                  والقرآن معجز في بيانه ونظمه وترتيب آياته .
                  وقد أعجز العرب والعجم أن يأتوا بمثله .
                  قال تعالى :

                  قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا – 88 الإسراء

                  ولم يوجد كتاب على ظهر الأرض مثل القرآن في بيان حقيقة التوحيد,
                  فلا مجال للكلام عن توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات , من مصادر لا تعتمد على القرآن الكريم والسنة المطهرة .

                  إن عقيدة التوحيد هبة خالصة من الله تعالى للبشر .
                  عرفها لهم عن طريق الرسل , ولم يتدرج الإنسان في هذه المعرفة كما تدرج في الصناعات .. فقد جاءت الرسالات الإلهية منذ فجر التاريخ كاملة حاسمة في دعوة التوحيد .
                  وإن دعوة الرسل جميعا من لدن أدم إلى خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وأله وسلم ,
                  لا إله إلا الله


                  فهي رسالة الرحمة

                  قال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ -107 الأنبياء

                  وقد اشتمال القرآن العظيم على منهاج تطبيقي في المعاملات الإنسانية ,
                  وبيان الفرائض والعبادات التي تقربنا الى الله تعالى .
                  كتاب وضع مبادئ القيم الرفيعة والأخلاق العالية .
                  كتاب أتى بشريعة صالحة لكل زمان ومكان .
                  كتاب أتى بأخبار الرسل السابقين والأمم السابقة .
                  كتاب بين بداية خلق الإنسان ونشئة الكون .
                  كتاب به أخبار الدار الأخرة بالتفاصيل ,
                  كتاب به معجزات علمية تم اكتشافها حديثا وسوف تستمر إلى يوم القيامة ,
                  جاء في الحديث: عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
                  ستكون فتنة . قلت : فما المخرج منها يا رسول الله ؟ قال : كتاب الله, فيه نبأ ما قبلكم, و خبر ما بعدكم, و حكم ما بينكم,
                  هو بالفصل ليس بالهزل,
                  من تركه من جبار قصمه الله, و من ابتغى الهدى في غيره أضله الله, وهو حبل الله المتين, وهو الذكر الحكيم,
                  وهو الصراط المستقيم,
                  وهو الذي لا تزيغ به الأهواء, و لا تلتبس به الألسن, و لا يخلق على كثرة الرد, و لا تنقضي عجائبه,
                  من قال به صدق, ومن عمل به أجر, ومن حكم به عدل, ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم
                  الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: ابن تيمية - المصدر: حقوق آل البيت - الصفحة أو الرقم: 22
                  خلاصة الدرجة: مشهور

                  فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) المرسلات

                  ويختم القرآن العظيم ببيان سبيل النجاة للبشرية .

                  سورة الإخلاص والمعوذتين

                  قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ - 1 اللَّهُ الصَّمَدُ - 2
                  لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ -3 وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ – 4

                  هذه السورة الصغيرة تعدل ثلث القرآن كما جاء في الروايات الصحيحة.
                  قال البخاري: حدثنا إسماعيل: حدثني مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن الرحمن بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعد، " أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ: قل هو الله أحد , يرددها.
                  فلما أصبح جاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذكر ذلك له ـ وكأن الرجل يتقالها ـ فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القرآن .

                  فإذا أيقن القلب عقيدة التوحيد ,
                  فعندئذ يتحرر من جميع القيود، وينطلق من كل الأغلال. يتحرر من الرغبة وهي أصل قيود كثيرة، ويتحرر من الرهبة وهي أصل قيود كثيرة.
                  وفيم يرغب وهو لا يفقد شيئاً متى وجد الله؟
                  ومن ذا يرهب ولا وجود لفاعلية إلا لله تعالى ؟

                  كذلك سيصحبه نفي فاعلية الأسباب. ورد كل شيء وكل حدث وكل حركة إلى السبب الأول الذي منه صدرت، وبه تأثرت.. وهذه هي الحقيقة التي عني القرآن عناية كبيرة بتقريرها في التصور الإيماني. ومن ثم كان ينحي الأسباب الظاهرة دائماً ويصل الأمور مباشرة بمشيئة الله:

                  وما رميت إذ رميت ولـكن الله رمى -17 الأنفال

                  وما النصر إلا من عند الله – 126 ال عمران

                  وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ – 29 التكوير

                  والآيات كثيرة في هذا الموضوع

                  وبتنحية الأسباب الظاهرة كلها، ورد الأمر إلى مشيئة الله وحدها، تنسكب في القلب الطمأنينة، ويعرف المتجه الوحيد الذي يطلب عنده ما يرغب، ويتقي عنده ما يرهب،
                  فعقيدة التوحيد هي منهج للاتجاه إلى الله وحده في الرغبة والرهبة. في السراء والضراء. في النعماء والبأساء.
                  ومنهج للتلقي عن الله وحده. تلقي العقيدة والتصور والقيم والموازين، والشرائع والقوانين والأوضاع والنظم، والآداب والتقاليد.

                  ومنهج للتحرك والعمل لله وحده.. ابتغاء القرب من الحقيقة، وتطلعاً إلى الخلاص من الحواجز المعوقة والشوائب المضللة. سواء في قرارة النفس أو فيما حولها من الأشياء والنفوس. ومن بينها حاجز الذات، وقيد الرغبة والرهبة لشيء من أشياء هذا الوجود .

                  ومبدأ التوحيد هو تفسير للوجود، ومنهج للحياة. وليس كلمة تقال باللسان أو حتى صورة تستقر في الضمير. إنما هو الأمر كله، والدين كله؛ وما بعده من تفصيلات وتفريعات لا يعدو أن يكون الثمرة الطبيعية لاستقرار هذه الحقيقة بهذه الصورة في القلوب.

                  والانحرافات التي أصابت أهل الكتاب من قبل، والتي أفسدت عقائدهم وتصوراتهم وحياتهم، نشأت أول ما نشأت عن انطماس صورة التوحيد الخالص. ثم تبع هذا الانطماس ما تبعه من سائر الانحرافات.

                  وبهذا يمكن عمل مقارنة بين المؤمن وغير المؤمن .

                  إن عقيدة التوحيد تؤثر في حياة الإنسان
                  تأثيرا يشمل الحياة كلها وهي الحصن الذي يحمي الإنسان
                  بينما يكون الخسران لمن تحصن بالشرك ,

                  أولا - فالمؤمن واسع الأفق لأنه يؤمن بالله خالق السموات والأرض
                  رب العالمين , فهو لا يستغرب شيئا بعد هذا الإيمان .
                  بينما غير المؤمن ضيق الأفق فلا ينظر إلا للمادة ولا يتصور حياة في الأخرة , لا يرى إلا العدم .
                  ثانيا - المؤمن عزيز النفس فهو يعلم أنه لا ضار ولا نافع إلا هو سبحانه,
                  بينما المشرك والملحد والكافر يطأطئ رأسه لمخلوق مثله .

                  ثالثا - المؤمن مع عزة نفسه متواضع لأنه يعلم أن الكبرياء لله تعالى وحده ,بينما ترى المشرك متكبر بغير الحق .

                  رابعا - المؤمن حريص على تزكية نفسه بالصالحات لأنه يعلم أن الإيمان
                  ليس بالتمني ولكن بالعمل الصالح , فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره
                  ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره .
                  بينما الكافر والمشرك يمني نفسه بالأماني الكاذبة .

                  خامسا - المؤمن لا يتسرب الى قلبه اليأس فهو يعلم أن الله له ملك السموات والأرض , فهو يبذل الجهد متوكلا على الله الواحد الذي بيده خزائن السموات والأرض .
                  بينما المشرك والملحد سرعان مايتسرب اليأس إلي قلبه
                  فتتحطم نفسيته وقد يقدم على الإنتحار .

                  سادسا - المؤمن ثابت العزم قوي الإرادة ليقينه بأنه يعتمد على مالك الملك وليس للمشرك هذا اليقين .

                  سابعا - المؤمن لا يلوث نفسه بالطمع والدناءة وقبيح الأعمال ,
                  لأنه يعلم أن الأمر كله لله يرزق من يشاء بغير حساب .
                  بينما المشرك والكافر لا يعبئ من أي شئ يحصل على المال .

                  ثامنا - المؤمن يسير حياته وفق شريعة الله التي تحدد له الحلال والحرام
                  فهو أمن في الدنيا والأخرة بإذن الله تعالى .
                  بينما المشرك منفلت لشهواته ورغباته لا يخاف إلا من الشرطي.

                  وبهذه المقارنة السريعة نلاحظ قيمة التوحيد في حياة الإنسان

                  *****

                  قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ -1 مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ - 2
                  وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ -3 وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ -4 وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ – 5

                  *****

                  قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ – 1 مَلِكِ النَّاسِ – 2 إِلَهِ النَّاسِ – 3
                  مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ – 4 الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ – 5
                  مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ – 6

                  ******
                  وإلى اللقاء في موضوع أخر إن شاء الله تعالى
                  سائلين الله عز وجل أن يتقبل منا ويقبلنا في عباده الصالحين.

                  *****
                  وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى
                  لله سبحانه وتعالى

                  إن لله تسعة وتسعين اسما مائة غير واحدة ، من أحصاها دخل الجنة .
                  هو الله الذي لا إله إلا هو
                  الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، الخالق ، البارئ ، المصور ، الغفار ، القهار ، الوهاب ، الرزاق ، الفتاح ، العليم ، القابض ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المعز ، المذل ، السميع ، البصير ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الحليم ، العظيم ، الغفور ، الشكور ، العلي ، الكبير ، الحفيظ ، المقيت ، الحسيب ، الجليل ، الكريم ، الرقيب ، المجيب ، الواسع ، الحكيم ، الودود ، المجيد ، الباعث ، الشهيد ، الحق ، الوكيل ، القوي ، المتين ، الولي ، الحميد ، المحصي ، المبدئ ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحي ، القيوم ، الواجد ، الماجد ، الواحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدم ، المؤخر ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الوالي ، المتعالي ، البر ، التواب ، المنتقم ، العفو ، الرؤوف ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ، المقسط ، الجامع ، الغني ، المغني ، المانع ، الضار ، النافع ، النور ، الهادي ، البديع ، الباقي ، الوارث ، الرشيد ، الصبور
                  الراوي: أبو هريرة المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3507
                  ********

                  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                  أخوكم في الله / صابر عباس
                  الجمعة -9- شعبان - 1430
                  الموافق -31- يوليه - 2009

                  تعليق


                  • رد: مبدأ التوحيد في القرآن العظيم

                    بارك الله فيكم


                    أمهات المؤمنين

                    تعليق


                    • رد: مبدأ التوحيد في القرآن العظيم

                      بارك الله فيكم و جعله في ميزان حسناتكم

                      • إذا كنت في نعمة فإرعها فإن الذنوب تزيل النعم
                      • واحطها بطاعة رب العباد فرب العباد سريع النقم

                      تعليق


                      • رد: مبدأ التوحيد في القرآن العظيم

                        بارك الله فيكم
                        ونفع الله بكم

                        إن مرت الايام ولم تروني فهذه مشاركاتي فـتذكروني
                        ، وان غبت ولم تجدوني أكون وقتها بحاجة للدعاء فادعولي

                        شفاكِ الله أختنا محبة السلف دعواتكم
                        لها بالشفاء العاجل

                        تعليق

                        يعمل...
                        X