عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال سمعته يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب
أما المشتبهات فمعناه أنها ليست بواضحة الحل ولا الحرمة ، فلهذا لا يعرفها كثير من الناس ، ولا يعلمون حكمها ، وأما العلماء فيعرفون حكمها بنص أو قياس أو استصحاب أو غير ذلك ، فإذا تردد الشيء بين الحل والحرمة ، ولم يكن فيه نص ولا إجماع اجتهد فيه المجتهد ، فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي فإذا ألحقه به صار حلا ، وقد يكون غير خال عن الاحتمال البين ، فيكون الورع تركه ، ويكون داخلا في قوله صلى الله عليه وسلم : فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه وما لم يظهر للمجتهد فيه شيء وهو مشتبه فهل يؤخذ بحله أم بحرمته أم يتوقف فيه؟ ثلاثة مذاهب ، حكاها القاضي عياض وغيره ، والظاهر أنها مخرجة على الخلاف المذكور في الأشياء قبل ورود الشرع ، وفيه أربعة مذاهب :
الأصح : أنه لا يحكم بحل ولا حرمة ولا إباحة ولا غيرها ، لأن التكليف عند أهل الحق لا يثبت إلا بالشرع .
والثاني : أن حكمها التحريم .
والثالث : الإباحة .
والرابع : التوقف . والله أعلم .
قوله صلى الله عليه وسلم : فقد استبرأ لدينه وعرضه أي : حصل له البراءة لدينه من الذم الشرعي ، وصان عرضه عن كلام الناس فيه .
قوله صلى الله عليه وسلم : ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام يحتمل وجهين :
أحدهما : أنه من كثرة تعاطيه الشبهات يصادف الحرام ، وإن لم يتعمده ، وقد يأثم بذلك إذا نسب إلى تقصير .
والثاني : أنه يعتاد التساهل ، ويتمرن عليه ، ويجسر على شبهة ثم شبهة أغلظ منها ، ثم أخرى أغلظ ، وهكذا حتى يقع في الحرام عمدا ، وهذا نحو قول السلف : المعاصي بريد الكفر ، أي تسوق إليه . عافانا الله تعالى من الشر .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( يوشك أن يقع فيه ) يقال : أوشك يوشك بضم الياء وكسر الشين ، أي : يسرع ويقرب .
فمن توقف عن الحلال المشتبه فقد استبرأ للدين؛ لأنه ربما واقع، فصار حراما، وهو لا يدري.
هل يقال هنا: هو لا يدري معذور؟ لا، غير معذور؛ لأنه يجب عليه أن يتوقف حتى يتبين له حكم هذه المسألة، يأتيها على أي أساس؟ هو مكلف، لا يعمل عمل إلا بأمر من الشرع، فلهذا قال: فقد استبرأ لدينه .
قال: "وعرضه" وعرضه لأنه -في أهل الإيمان- من أقدم على الأمور المشتبهات فإنه قد يُوقَع فيه، قد يُتَكَلَّم فيه بأنه قليل الديانة؛ لأنه لم يستبرئ لدينه، فإنه إذا ترك مواقعة المشتبهات استبرأ لعرضه، وفي هذا حث على أن المرء لا يأتي ما يُعاب عليه في عرضه، فالمؤمن يرعى حال إخوانه المؤمنين، ونظرة إخوانه المؤمنين إليه
قال ابن رجب: وأنواع الشبه تختلف بقوة قربها من الحرام وبعدها عنه، وقد يقع الاشتباه في الشيء من جهة اشتباه وجود أسباب حله وحرمته، كما يشك الإنسان فيه هل هو ملكه أم لا؟ وما يشك في زوال ملكه عنده، وهذا قد يرجع فيه إلى الأصل فيبني عليه، وقد يرجع في كثير منه إلى الظاهر إذا قوي على الأصل، ويقع التردد عند تساوي الأمرين، وقد يقع الاشتباه لاختلاط الحلال بالحرام في الأطعمة والأشربة من المائعات وغيرها من المكيلات والموزونات والنقود.
فكل هذه الأنواع من كان عنده فيها علم يدله على حكم الله ورسوله فيها فتبعه فهو المصيب، ومن اشتبهت عليه، فإن اتقاها واجتنبها فقد فعل الأولى واستبرأ لدينه وعرضه فسلم من تبعتها في الدنيا والآخرة.
أما المشتبهات فمعناه أنها ليست بواضحة الحل ولا الحرمة ، فلهذا لا يعرفها كثير من الناس ، ولا يعلمون حكمها ، وأما العلماء فيعرفون حكمها بنص أو قياس أو استصحاب أو غير ذلك ، فإذا تردد الشيء بين الحل والحرمة ، ولم يكن فيه نص ولا إجماع اجتهد فيه المجتهد ، فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي فإذا ألحقه به صار حلا ، وقد يكون غير خال عن الاحتمال البين ، فيكون الورع تركه ، ويكون داخلا في قوله صلى الله عليه وسلم : فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه وما لم يظهر للمجتهد فيه شيء وهو مشتبه فهل يؤخذ بحله أم بحرمته أم يتوقف فيه؟ ثلاثة مذاهب ، حكاها القاضي عياض وغيره ، والظاهر أنها مخرجة على الخلاف المذكور في الأشياء قبل ورود الشرع ، وفيه أربعة مذاهب :
الأصح : أنه لا يحكم بحل ولا حرمة ولا إباحة ولا غيرها ، لأن التكليف عند أهل الحق لا يثبت إلا بالشرع .
والثاني : أن حكمها التحريم .
والثالث : الإباحة .
والرابع : التوقف . والله أعلم .
قوله صلى الله عليه وسلم : فقد استبرأ لدينه وعرضه أي : حصل له البراءة لدينه من الذم الشرعي ، وصان عرضه عن كلام الناس فيه .
قوله صلى الله عليه وسلم : ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام يحتمل وجهين :
أحدهما : أنه من كثرة تعاطيه الشبهات يصادف الحرام ، وإن لم يتعمده ، وقد يأثم بذلك إذا نسب إلى تقصير .
والثاني : أنه يعتاد التساهل ، ويتمرن عليه ، ويجسر على شبهة ثم شبهة أغلظ منها ، ثم أخرى أغلظ ، وهكذا حتى يقع في الحرام عمدا ، وهذا نحو قول السلف : المعاصي بريد الكفر ، أي تسوق إليه . عافانا الله تعالى من الشر .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( يوشك أن يقع فيه ) يقال : أوشك يوشك بضم الياء وكسر الشين ، أي : يسرع ويقرب .
فمن توقف عن الحلال المشتبه فقد استبرأ للدين؛ لأنه ربما واقع، فصار حراما، وهو لا يدري.
هل يقال هنا: هو لا يدري معذور؟ لا، غير معذور؛ لأنه يجب عليه أن يتوقف حتى يتبين له حكم هذه المسألة، يأتيها على أي أساس؟ هو مكلف، لا يعمل عمل إلا بأمر من الشرع، فلهذا قال: فقد استبرأ لدينه .
قال: "وعرضه" وعرضه لأنه -في أهل الإيمان- من أقدم على الأمور المشتبهات فإنه قد يُوقَع فيه، قد يُتَكَلَّم فيه بأنه قليل الديانة؛ لأنه لم يستبرئ لدينه، فإنه إذا ترك مواقعة المشتبهات استبرأ لعرضه، وفي هذا حث على أن المرء لا يأتي ما يُعاب عليه في عرضه، فالمؤمن يرعى حال إخوانه المؤمنين، ونظرة إخوانه المؤمنين إليه
قال ابن رجب: وأنواع الشبه تختلف بقوة قربها من الحرام وبعدها عنه، وقد يقع الاشتباه في الشيء من جهة اشتباه وجود أسباب حله وحرمته، كما يشك الإنسان فيه هل هو ملكه أم لا؟ وما يشك في زوال ملكه عنده، وهذا قد يرجع فيه إلى الأصل فيبني عليه، وقد يرجع في كثير منه إلى الظاهر إذا قوي على الأصل، ويقع التردد عند تساوي الأمرين، وقد يقع الاشتباه لاختلاط الحلال بالحرام في الأطعمة والأشربة من المائعات وغيرها من المكيلات والموزونات والنقود.
فكل هذه الأنواع من كان عنده فيها علم يدله على حكم الله ورسوله فيها فتبعه فهو المصيب، ومن اشتبهت عليه، فإن اتقاها واجتنبها فقد فعل الأولى واستبرأ لدينه وعرضه فسلم من تبعتها في الدنيا والآخرة.
تعليق