هل يُحاسب المسلم على خواطِر نفسه عن العقيدة؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا: لا يُحاسب الإنسان على ثلاث: الهاجس والخاطر وحديث النفس، لِقوله عليه الصلاة والسلام : (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدّثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم) رواه البخاري ومسلم .
وإنما يُؤاخذ ويُحاسب على: الْهَمّ والعَزْم، ولذلك جاء في الحديث: (من هَمّ بِحَسَنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هَمّ بها وعملها كتبها الله له
عنده عشر حسنات، إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو همّ بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة) رواه البخاري ومسلم .
ثانيا: ما يَجِده المسلم في نفسه يجب عليه فيه ثلاثة أمور:
الأول: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم
فإذا وَجَد الإنسان شيئا من الوسواس فليستعذ بالله ولينتهِ ويترك ما يخطر بباله ولا يلتفت إليه، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم
قال تعالى :
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
الأعراف (200)
سواء كان الوسواس في العقيدة أو في غيرها .
الثاني : الانتهاء عَمَّا هو فيه، وأن لا ينساق وراء تلك الوساوس .
قال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الناس يتساءلون حتى يُقال هذا خلق الله الخلق، فمن خلق الله، فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله، وليستعذ بالله، ولْيَنْتَهِ) رواه البخاري ومسلم .
الثالث: أن يقول: آمنت بالله، وأن يطرد تلك الوساوس، ويؤمن بالله تبارك وتعالى .
وفي الحديث المتقدِّم: فليقل: (آمنت بالله).
ثالثا: ينبغي أن لا ينساق المسلم وراء تلك الخيالات التي ربما تقوده إلى فعل أمْر مُحرّم، أو اعتقاد باطِل.
قال ابن القيم رحمه الله: "اعلم أن ورود الخاطر لا يضر، وإنما يضر استدعاؤه ومحادثته، فالخاطر كَالْمَارّ على الطريق، فإن لم تستدعه وتتركه مَرّ وانْصرف عنك،
وإن استدعيته سَحَرَك بحديثه وخِدعه وغُروره، وهو أخف شيء على النفس الفارغة الباطلة، وأثقل شيء على القلب والنفس الشريفة السماوية المطمئنة" اهـ .
رابعا: وُجود تلك الخواطر لا يعني أنه منافق أو أن إيمانه في خطر؛ فقد وَجَد ذلك أو بعضه خيار هذه الأمة
والله تعالى أعلم .
الشيخ: عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
تعليق