الشيخ محمد صالح المنجد
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
وجوب النصرة في الدين
فإن النصرة في الدين من الإيمان بالله العظيم، وقد قال ربنا:إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ سورة الحجرات10، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم)، وأخوة الدين يشترك فيها الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والعربي والأعجمي، إنهم إخوة في الإسلام.
وقوله: (أخو المسلم)، فسره (لا يسلمه) يعني: في مصيبة نزلت به، ولا يتركه، ولا يتخلى عنه، ولا يتركه لمن يؤذيه، بل يحول بينه وبين ذلك، وقال عليه الصلاة والسلام: (المسلم أخو المسلم لا يخونه، ولا يكذبه، ولا يخذله)، وترك النصرة والإعانة شنيع، فلا بد من نصرة المسلم للمسلم كما قال عليه الصلاة والسلام: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)، ومعنى إذا كان مظلوماً أن تأخذ له بحقه، وإذا كان ظالماً أن تأخذ له من نفسه، وأن تأخذ على يديه، والنصرة هي الإعانة، وتكون بأمور، ومن ذلك المال، وقد جاء عثمان رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار فطرحها في حجره، وحفر للمؤمنين بئر رومة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يحفر بئر رومة فله الجنة)، فحفرها عثمان رضي الله عنه، وجهز جيش العسرة، والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلاً ليس له راحلة وهو ينظر يميناً وشمالاً، قال عليه الصلاة والسلام: (من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له)، وهكذا ذكر من أصناف المال حتى ظن الصحابة أنه لا حق لأحد منهم في زيادة عنده، والفضل هو الزيادة، وهكذا حثهم عليه الصلاة والسلام على المواساة، وعلى إعطاء ما زاد عن الحاجة، وهو الفضل، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن كان في عون أخيه كان الله في عونه، يعني ساعياً في قضاء حاجات المسلمين، بجلب النفع لهم، ودفع الضر عنهم، والله سبحانه وتعالى بعنايته الإلهية، سيكون معه،
من ينفس الكربة ينفس الله عنه الكربة، ومن ييسر على المعسر ييسر الله عنه، وهكذا كربات القيامة شديدة، ويتمنى الإنسان فيها التنفيس، فإن كان صاحب إحسان وسعياً في قضاء حوائج المسلمين جاءه التنفيس من الله
من ينفس الكربة ينفس الله عنه الكربة، ومن ييسر على المعسر ييسر الله عنه، وهكذا كربات القيامة شديدة، ويتمنى الإنسان فيها التنفيس، فإن كان صاحب إحسان وسعياً في قضاء حوائج المسلمين جاءه التنفيس من الله، من كان في حاجة أخيه في علم فيعطيه، أو رأي فيسديه إليه، أو مال فيقرضه، أو يهبه، أو يتصدق عليه، أو معاونة فيقوم معه فيها، أو نصيحة، ومشاورة فينصح، ويخلص في النصيحة، أو ستر فيستر عليه، كان ابن سحنون رحمه الله من أطوع الناس في الناس، سمحاً، كريماً، نفاعاً للآخرين من المسلمين، كان جواداً بماله وجاهه، يصل من قصده بعشرات من الدنانير من الذهب، ويكتب لهم التوصيات، وكذلك كان نهاضاً بالأثقال، جيد النظر في الملمات.
وللجاه زكاة، فإذا كان لك مكانة، أو منصب فقد قال الشافعي:
وأد زكاة الجاه واعلم بأنها *** كمثل زكاة المال تم نصابها
وأحسن إلى الأحرار تملك رقابهم *** فخير تجارات الكرام اكتسابها
قال تعالى:مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَاسورة النساء85، فالشفاعة الحسنة: أن توصل الخير إلى الغير، وأن تسعى في قضاء حوائجهم دون أن يأخذوا ما ليس بحقهم، أو أن يعتدوا على حق الغير، وكثير من الناس يقولون: ما هو الفرق بين الواسطة الحسنة، والواسطة السيئة؟ الواسطة السيئة: أن تسعى في أن يأخذ ما ليس بحقه، أو أن يعتدي على حق غيره.
تعليق