أيها الناس إني قائلٌ فاسمعوا: إن التكفير نوعان فانتبهوا!
إن المرجئة كفَّرت الأمة بأخطر مما كفَّرتها به الخوارج. إن الخوارج حكموا على المسلمين بالكفر بغير ما يُكفِّر، وهذا جرمٌ عظيمٌ؛ وخاصة إذا كان لأهلة صولة أو دولة لأنه عندئذٍ يُطبَّق هذا المذهب الفاسد فيضر العباد والبلاد والدين والدنيا.
ومع خطورة كل هذا وشناعته إلا أن تكفير المرجئة للأمة أكبر وأضر وأخطر, وليس هو من باب الحكم على المسلم بالكفر، وإنما هو من باب إيقاع المسلم في الكفر, بالتقليل من الكفريات والتهوين من الشركيات, وضمان دخول الجنة والنجاة من النار.. فجرَّأوهم على الكفر وسهَّلوا لهم طريقه. والتكفير الذي يوقع في الكفر أشنع من التكفير الذي يحكم بالكفر لأن الذي يُحكم عليه بالكفر وهو بريء فلا خوف عليه عند الله تعالى ولا خوف على المسلمين منه, أما الذي تكفّره المرجئة فتوقعه في الكفر, فهو عند الله تعالى في خوف وحزن, إلا أن يكون من أصحاب الأعذار, والمسلمون منه في مضرة... فأي التكفرين أخطر؟! وأيّ الضلالتين أشر؟
إن حَمَلة هذه الراية هم رؤوس في الإرجاء وإن تلبّسوا.. وإن تلوَّنوا.. وهم وجهة ثانية لعُمْلة العلمانية.. والفريقان هم في النهاية خدم عند اليهود والنصارى يحلبون في قِداحهم, يمثلونهم في بلاد المسلمين ويقومون بدورهم على أكمل وجه وأعلى مستوى, وما يعجز عنه "العسكر" يؤديه الذين يشترون بالحق ثمنا قليلا شعروا أو لم يشعروا، حتى قال قائد عسكري سامٍ لأحد حَمَلة هذا الفكر منذ شهور فقط (*)في إحدى بلدان المسلمين:(لقد حققتم لنا خلال سنة ونصف ما عجزنا نحن عن تحقيقه بطائراتنا ودبّاباتنا في سبع سنين!!).
قال سيد قطب في مثل هذه وأمثال هؤلاء:(واليهود - مهما بلغ من كيدهم ومكرهم - لا يملكون أن يغلبوا الفطرة البشرية، التي تجد في قرارتها الإيمان بوجود إله - وإن كانت تضل فقط في معرفة الإله الحق بصفاته الحقة؛ كما أنها تنحرف بعدم توحيد سلطانه في حياتها، فتوصم بالشرك والكفر على هذا الأساس....... إنما يفلح اليهود في حقل آخر. وهو تحويل الدين إلى مجرد مشاعر وشعائر. وطرده من واقع الحياة. وإيهام المعتقدين به أنهم يمكن أن يظلوا مؤمنين بالله؛ مع أن هناك أربابا أخرى هي التي تشرع لحياتهم من دون الله! ويصلون بذلك إلى تدمير البشرية فعلا، حتى مع وهمها أنها لا تزال تؤمن بالله. وهم يستهدفون الإسلام - قبل كل دين آخر - لأنهم يعرفون من تاريخهم كله، أنهم لم يغلبهم إلا هذا الدين يوم كان يحكم الحياة. وأنهم غالِبوا أهله طالما أهله لا يحكمونه في حياتهم؛ مع توهمهم أنهم ما يزالون مسلمين مؤمنين بالله! فهذا التخدير بوجود الدين- وهو غير موجود في حياة الناس - ضروري لتنجح المؤامرة.. أو يأذن الله فيصحو الناس!. وأحسب- والله أعلم - أن اليهود الصهيونيين، والنصارى الصليبيين، كليهما، قد يئسوا من هذا الدين في هذه المنطقة الإسلامية الواسعة في إفريقية وآسيا وأوربا كذلك.. يئسوا من أن يحولوا الناس فيها إلى الإلحاد - عن طريق المذاهب المادية - كما يئسوا كذلك من تحويلهم إلى ديانات أخرى عن طريق التبشير أو الاستعمار.. ذلك أن الفطرة البشرية بذاتها تنفر من الإلحاد وترفضه حتى بين الوثنيين- فضلا على المسلمين- وأن الديانات الأخرى لا تجرؤ على اقتحام قلب عرف الإسلام، أو حتى ورث الإسلام!. وأحسب - والله أعلم - أنه كان من ثمرة اليأس من هذا الدين أن عدل اليهود والصهيونيون والنصارى الصليبيون عن مواجهة الإسلام جهرة عن طريق الشيوعية أو عن طريق التبشير؛ فعدلوا إلى طرائق أخبث، وإلى حبائل أمكر.. لجأوا إلى إقامة أنظمة وأوضاع في المنطقة كلها تتزيا بزي الإسلام؛ وتتمسح في العقيدة؛ ولا تنكر الدين جملة.. ثم هي تحت هذا الستار الخادع، تنفذ جميع المشروعات التي أشارت بها مؤتمرات التبشير وبروتوكولات صهيون، ثم عجزت عن تنفيذها كلها في المدى الطويل!. إن هذه الأنظمة والأوضاع ترفع راية الإسلام- أو على الأقل تعلن احترامها للدين - بينما هي تحكم بغير ما أنزل الله؛ وتقصي شريعة الله عن الحياة؛ وتحل ما حرم الله؛ وتنشر تصورات وقيما مادية عن الحياة والأخلاق تدمر التصورات والقيم الإسلامية؛ وتسلط جميع أجهزة التوجيه والإعلام لتدمير القيم الأخلاقية الإسلامية، وسحق التصورات والاتجاهات الدينية؛ وتنفذ ما نصَّت عليه مؤتمرات المبشرين وبروتوكولات الصهيونيين، من ضرورة إخراج المرأة المسلمة إلى الشارع، وجعلها فتنة للمجتمع، باسم التطور والتحضر ومصلحة العمل والإنتاج؛ بينما ملايين الأيدي العاملة في هذه البلاد متعطلة لا تجد الكفاف! وتيسر وسائل الانحلال وتدفع الجنسين إليها دفعا بالعمل والتوجيه.. كل ذلك وهي تزعم أنها مسلمة وأنها تحترم العقيدة! والناس يتوهمون أنهم يعيشون في مجتمع مسلم، وأنهم هم كذلك مسلمون! أليس الطيبون منهم يصلون ويصومون؟ أمَّا أن تكون الحاكمية لله وحده أو تكون للأرباب المتفرقة، فهذا ما قد خدعتهم عنه الصليبية والصهيونية والتبشير والاستعمار والاستشراق وأجهزة الإعلام الموجهة؛ وأفهمتهم أنه لا علاقة له بالدين. وأن المسلمين يمكن أن يكونوا مسلمين؛ وفي دين الله؛ بينما حياتهم كلها تقوم على تصورات وقيم وشرائع وقوانين ليست من هذا الدين!. وإمعانا في الخداع والتضليل؛ وإمعانا من الصهيونية العالمية والصليبية العالمية في التخفي، فإنها تثير حروبا مصطنعة - باردة أو ساخنة - وعداوات مصطنعة في شتى الصور، بينها وبين هذه الأنظمة والأوضاع التي أقامتها والتي تكفلها بالمساعدات المادية والأدبية، وتحرسها بالقوى الظاهرة والخفية، وتجعل أقلام مخابراتها في خدمتها وحراستها المباشرة! تثير هذه الحروب المصطنعة والعداوات المصطنعة، لتزيد من عمق الخدعة؛ ولتبعد الشبهة عن العملاء، الذين يقومون لها بما عجزت هي عن إتمامه في خلال ثلاثة قرون أو تزيد؛ من تدمير القيم والأخلاق؛ وسحق العقائد والتصورات؛ وتجريد المسلمين في هذه الرقعة العريضة من مصدر قوتهم الأول.. وهو قيام حياتهم على أساس دينهم وشريعتهم.. وتنفيذ المخططات الرهيبة التي تضمنتها بروتوكولات الصهيونيين ومؤتمرات المبشرين؛ في غفلة من الرقباء والعيون!. فإذا بقيت بقية في هذه الرقعة لم تجز عليها الخدعة؛ ولم تستسلم للتخدير باسم الدين المزيف؛ وباسم الأجهزة الدينية المسخرة لتحريف الكلم عن مواضعه؛ ولوصف الكفر بأنه الإسلام؛ والفسق والفجور والانحلال، بأنه تطور وتقدم وتجدد.. إذا بقيت بقية كهذه سلطت عليها الحرب الساحقة الماحقة؛ وصبت عليها التهم الكاذبة الفاجرة وسحقت سحقا، بينما وكالات الأنباء العالمية وأجهزة الإعلام العالمية خرساء صماء عمياء!!!. ذلك بينما الطيبون السذج من المسلمين يحسبون أنها معركة شخصية، أو طائفية، لا علاقة لها بالمعركة المشبوبة مع هذا الدين؛ ويروحون يشتغلون في سذاجة بلهاء - من تأخذه الحمية للدين منهم وللأخلاق - بالتنبيه إلى مخالفات صغيرة، وإلى منكرات صغيرة، ويحسبون أنهم أدوا واجبهم كاملا بهذه الصيحات الخافتة.. بينما الدين كله يسحق سحقا، ويدمر من أساسه؛ وبينما سلطان الله يغتصبه المغتصبون، وبينما الطاغوت - الذي أمروا أن يكفروا به - هو الذي يحكم حياة الناس جملة وتفصيلا!. إن اليهود الصهيونيين والنصارى الصليبيين يفركون أيديهم فرحا بنجاح الخطة وجواز الخدعة؛ بعدما يئسوا من هذا الدين أن يقْضوا عليه مواجهة باسم الإلحاد، أو يحوِّلوا الناس عنه باسم التبشير، فترة طويلة من الزمان.. إلا أن الأمل في الله أكبر؛ والثقة في هذا الدين أعمق، وهم يمكرون والله خير الماكرين. وهو الذي يقول:﴿ وَقَدْ مَكَرُ*وا مَكْرَ*هُمْ وَعِندَ اللَّـهِ مَكْرُ*هُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُ*هُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ ﴿ابراهيم: ٤٦﴾. ﴿ فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُ*سُلَهُ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ﴾ ﴿ابراهيم: ٤٧﴾.[ في ظلال القرآن:(2/1032-1034)].
ومع أن هؤلاء الحكام يقومون بالنيابة بدور اليهود والنصارى حتى على فرض أنهم لا يشعرون! ويعلنونها حربا على من يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية يعني على من يريد أن"يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله" ويأتي بعض من"علماء!" وبعضهم من "سلفيين!" "على الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح!!!" يفتون بخارجية المطالبين بتحكيم الشرع وبنفاذ أحكام ولاّة الأمور فيهم, فما ندري مَنهم الطواغيت؟! ومَنهم الخوارج على الكتاب والسنة ومنهج وفهم السلف الصالح؟!.
فقد وصل العلم والفقه والمنهج ببعضهم أن يفتي لهؤلاء الحكام في دماء المسلمين الخوارج! لأنهم خرجوا أو يفكرون أو ينوون الخروج على السلطان!
وفي تفسير قول الله تعالى:﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِ*بُونَ اللَّـهَ وَرَ*سُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْ*ضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْ*جُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْ*ضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَ*ةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾[المائدة:33], يوضح سيّدٌ معالم المنهج في هذه القضية ويزيل عنها الضباب, فيقول:( فالآن يقرر عقوبة هذا العنصر الخبيث، وهو المعروف في الشريعة الإسلامية بحد الحرابة... وحدود هذه الجريمة التي ورد فيها هذا النص، هي الخروج على الإمام المسلم الذي يحكم بشريعة الله، والتجمع في شكل عصابة، خارجة على سلطان هذا الإمام، تُرَوِّع أهل دار الإسلام؛ وتعتدي على أرواحهم وأموالهم وحرماتهم. ويشترط بعض الفقهاء أن يكون ذلك خارج المصر بعيدا عن مدى سلطان الإمام. ويرى بعضهم أن مجرد تجمع مثل هذه العصابة، وأخذها في الاعتداء على أهل دار الإسلام بالقوة، يجعل النص منطبقا عليها. سواء خارج المصر أو داخلة. وهذا هو الأقرب للواقع العملي ومجابهته بما يستحقه. وهؤلاء الخارجون على حاكم يحكم بشريعة الله؛ المعتدون على أهل دار الإسلام المقيمين للشريعة[سواء كانوا مسلمين أو ذميين أو مستأمنين بعهد] لا يحاربون الحاكم وحده، ولا يحاربون الناس وحدهم. إنما هم يحاربون الله ورسوله. حينما يحاربون شريعته، ويعتدون على الأمة القائمة على هذه الشريعة، ويهددون دار الإسلام المحكومة بهذه الشريعة. كما أنهم بحربهم لله ورسوله، وحربهم لشريعته وللأمة القائمة عليها وللدار التي تطبقها، يسعون في الأرض فسادا.. فليس هناك فساد أشنع من محاولة تعطيل شريعة الله، وترويع الدار التي تقام فيها هذه الشريعة.. إنهم يحاربون الله ورسوله.. وإن كانوا إنما يحاربون الجماعة المسلمة والإمام المسلم. فهم قطعا لا يحاربون الله - سبحانه - بالسيف، وقد لا يحاربون شخص رسول الله - بعد اختياره الرفيق الأعلى - ولكن الحرب لله ورسوله متحققة، بالحرب لشريعة الله ورسوله، وللجماعة التي ارتضت شريعة الله ورسوله، وللدار التي تنفذ فيها شريعة الله ورسوله.
كما أن للنص - في صورته هذه - مفهوما آخر متعينا كهذا المفهوم - هو أن السلطان الذي يحق له - بأمر الله - أن يأخذ الخارجين عليه بهذه العقوبات المقررة لهذه الجريمة، هو السلطان الذي يقوم على شريعة الله ورسوله، في دار الإسلام المحكومة بشريعة الله ورسوله.. وليس أي سلطان آخر لا تتوافر له هذه الصفة، في أية دار أخرى لا يتوافر لها هذا الوصف.. نقرر هذا بوضوح، لأن بعض أذناب السلطة في كل زمان، كانوا يفتون لحكام لا يستمدون سلطانهم من شريعة الله ولا يقومون على تنفيذ هذه الشريعة، ولا يحققون وجود دار إسلام في بلادهم، ولو زعموا أنهم مسلمون.. كانوا يفتون لهم بأن يأخذوا الخارجين عليهم بهذه العقوبات - باسم شريعة الله - بينما كان هؤلاء الخارجون لا يحاربون الله ورسوله؛ بل يحاربون سلطة خارجة على الله ورسوله.. إنه ليس لسلطة لا تقوم على شريعة الله في دار الإسلام، أن تأخذ الخارجين عليها باسم شريعة الله.. وما لمثل هذه السلطة وشريعة الله؟ إنها تغتصب حق الألوهية وتدعيه؛ فما لها تتحكك بقانون الله وتدعيه؟! ..إنما جزاء أفراد هذه العصابات المسلحة، التي تخرج على سلطان الإمام المسلم المقيم لشريعة الله؛ وتروع عباد الله في دار الإسلام، وتعتدي على أموالهم وأرواحهم وحرماتهم.. أن يقتلوا تقتيلا عاديا. أو أن يصلبوا حتى يموتوا [وبعض الفقهاء يفسر النص بأنه الصلب بعد القتل للترويع والإرهاب] أو أن تقطع أيديهم اليمنى مع أرجلهم اليسرى.. من خلاف..)[ في ظلال القرآن(2/878-879)]
وهذا السلطان الذي يطبل له الطبالون ويحرِّمون الخروج عليه أو حتى عنه! ويفتون له في المسلمين الخارجين... هذا السلطان يقول عنه ابن تيمية-رحمه الله- سلف سيد قطب:( كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه كما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة y مانعي الزكاة وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم بعد سابقة مناظرة عمر لأبى بكر-رضى الله عنهما- فاتفق الصحابة y على القتال على حقوق الإسلام عملا بالكتاب والسنة...(إلى أن قال):..فأيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج أو عن التزام تحريم الدماء والأموال والخمر والزنا والميسر أو عن نكاح ذوات المحارم أو عن التزام جهاد الكفار أو ضرب الجزية على أهل الكتاب وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها التي يكفر الجاحد لوجوبها فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء)[ مجموع الفتاوى:(28/502)]
هذا كله فيمن امتنع عن "بعض" الشرائع الظاهرة, وإن كان مُقِرًّا بها, فكيف بولاَّة الأمور من السلاطين المتسلطين الذين امتنعوا عن الشريعة الظاهرة, بل منعوا من طالب بها, وعرقلوا من أرادها, وفتنوا عنها من آمن بها, أليس شباب الإسلام مُشرَّدين مطرَّدين في بلاد الكفر كأمريكا وبريطانيا لا لذنب ارتكبوه ولا لجرم فعلوه..إلا أنهم قالوا ربنا الله والأفغان إخواننا وسبيلنا مع الروس الجهاد؟!!
فهل من امتناعٍ عن الشريعة وتعطيلٍ لها كهذا الذي فعله أولياء الأمور؟!
وعلى منهج الجراحين يكون شيخ الإسلام ومَن قبله ومَن بعده مِن العلماء خوارج لأنهم يوجبون -وليسوا يجيزون فحسب- قتال الطوائف الممتنعة عن بعض الشرائع وليس كل الشرائع؟! فاللهم إنَّا نبرأ إليك من العته والعَمَه ومن الضلال ومن الحَوْرِ بعد الكَوْرِ.
(*)- كتبت هذا عام 2000م، وما زال مصداقه يتكرر!
إن المرجئة كفَّرت الأمة بأخطر مما كفَّرتها به الخوارج. إن الخوارج حكموا على المسلمين بالكفر بغير ما يُكفِّر، وهذا جرمٌ عظيمٌ؛ وخاصة إذا كان لأهلة صولة أو دولة لأنه عندئذٍ يُطبَّق هذا المذهب الفاسد فيضر العباد والبلاد والدين والدنيا.
ومع خطورة كل هذا وشناعته إلا أن تكفير المرجئة للأمة أكبر وأضر وأخطر, وليس هو من باب الحكم على المسلم بالكفر، وإنما هو من باب إيقاع المسلم في الكفر, بالتقليل من الكفريات والتهوين من الشركيات, وضمان دخول الجنة والنجاة من النار.. فجرَّأوهم على الكفر وسهَّلوا لهم طريقه. والتكفير الذي يوقع في الكفر أشنع من التكفير الذي يحكم بالكفر لأن الذي يُحكم عليه بالكفر وهو بريء فلا خوف عليه عند الله تعالى ولا خوف على المسلمين منه, أما الذي تكفّره المرجئة فتوقعه في الكفر, فهو عند الله تعالى في خوف وحزن, إلا أن يكون من أصحاب الأعذار, والمسلمون منه في مضرة... فأي التكفرين أخطر؟! وأيّ الضلالتين أشر؟
إن حَمَلة هذه الراية هم رؤوس في الإرجاء وإن تلبّسوا.. وإن تلوَّنوا.. وهم وجهة ثانية لعُمْلة العلمانية.. والفريقان هم في النهاية خدم عند اليهود والنصارى يحلبون في قِداحهم, يمثلونهم في بلاد المسلمين ويقومون بدورهم على أكمل وجه وأعلى مستوى, وما يعجز عنه "العسكر" يؤديه الذين يشترون بالحق ثمنا قليلا شعروا أو لم يشعروا، حتى قال قائد عسكري سامٍ لأحد حَمَلة هذا الفكر منذ شهور فقط (*)في إحدى بلدان المسلمين:(لقد حققتم لنا خلال سنة ونصف ما عجزنا نحن عن تحقيقه بطائراتنا ودبّاباتنا في سبع سنين!!).
قال سيد قطب في مثل هذه وأمثال هؤلاء:(واليهود - مهما بلغ من كيدهم ومكرهم - لا يملكون أن يغلبوا الفطرة البشرية، التي تجد في قرارتها الإيمان بوجود إله - وإن كانت تضل فقط في معرفة الإله الحق بصفاته الحقة؛ كما أنها تنحرف بعدم توحيد سلطانه في حياتها، فتوصم بالشرك والكفر على هذا الأساس....... إنما يفلح اليهود في حقل آخر. وهو تحويل الدين إلى مجرد مشاعر وشعائر. وطرده من واقع الحياة. وإيهام المعتقدين به أنهم يمكن أن يظلوا مؤمنين بالله؛ مع أن هناك أربابا أخرى هي التي تشرع لحياتهم من دون الله! ويصلون بذلك إلى تدمير البشرية فعلا، حتى مع وهمها أنها لا تزال تؤمن بالله. وهم يستهدفون الإسلام - قبل كل دين آخر - لأنهم يعرفون من تاريخهم كله، أنهم لم يغلبهم إلا هذا الدين يوم كان يحكم الحياة. وأنهم غالِبوا أهله طالما أهله لا يحكمونه في حياتهم؛ مع توهمهم أنهم ما يزالون مسلمين مؤمنين بالله! فهذا التخدير بوجود الدين- وهو غير موجود في حياة الناس - ضروري لتنجح المؤامرة.. أو يأذن الله فيصحو الناس!. وأحسب- والله أعلم - أن اليهود الصهيونيين، والنصارى الصليبيين، كليهما، قد يئسوا من هذا الدين في هذه المنطقة الإسلامية الواسعة في إفريقية وآسيا وأوربا كذلك.. يئسوا من أن يحولوا الناس فيها إلى الإلحاد - عن طريق المذاهب المادية - كما يئسوا كذلك من تحويلهم إلى ديانات أخرى عن طريق التبشير أو الاستعمار.. ذلك أن الفطرة البشرية بذاتها تنفر من الإلحاد وترفضه حتى بين الوثنيين- فضلا على المسلمين- وأن الديانات الأخرى لا تجرؤ على اقتحام قلب عرف الإسلام، أو حتى ورث الإسلام!. وأحسب - والله أعلم - أنه كان من ثمرة اليأس من هذا الدين أن عدل اليهود والصهيونيون والنصارى الصليبيون عن مواجهة الإسلام جهرة عن طريق الشيوعية أو عن طريق التبشير؛ فعدلوا إلى طرائق أخبث، وإلى حبائل أمكر.. لجأوا إلى إقامة أنظمة وأوضاع في المنطقة كلها تتزيا بزي الإسلام؛ وتتمسح في العقيدة؛ ولا تنكر الدين جملة.. ثم هي تحت هذا الستار الخادع، تنفذ جميع المشروعات التي أشارت بها مؤتمرات التبشير وبروتوكولات صهيون، ثم عجزت عن تنفيذها كلها في المدى الطويل!. إن هذه الأنظمة والأوضاع ترفع راية الإسلام- أو على الأقل تعلن احترامها للدين - بينما هي تحكم بغير ما أنزل الله؛ وتقصي شريعة الله عن الحياة؛ وتحل ما حرم الله؛ وتنشر تصورات وقيما مادية عن الحياة والأخلاق تدمر التصورات والقيم الإسلامية؛ وتسلط جميع أجهزة التوجيه والإعلام لتدمير القيم الأخلاقية الإسلامية، وسحق التصورات والاتجاهات الدينية؛ وتنفذ ما نصَّت عليه مؤتمرات المبشرين وبروتوكولات الصهيونيين، من ضرورة إخراج المرأة المسلمة إلى الشارع، وجعلها فتنة للمجتمع، باسم التطور والتحضر ومصلحة العمل والإنتاج؛ بينما ملايين الأيدي العاملة في هذه البلاد متعطلة لا تجد الكفاف! وتيسر وسائل الانحلال وتدفع الجنسين إليها دفعا بالعمل والتوجيه.. كل ذلك وهي تزعم أنها مسلمة وأنها تحترم العقيدة! والناس يتوهمون أنهم يعيشون في مجتمع مسلم، وأنهم هم كذلك مسلمون! أليس الطيبون منهم يصلون ويصومون؟ أمَّا أن تكون الحاكمية لله وحده أو تكون للأرباب المتفرقة، فهذا ما قد خدعتهم عنه الصليبية والصهيونية والتبشير والاستعمار والاستشراق وأجهزة الإعلام الموجهة؛ وأفهمتهم أنه لا علاقة له بالدين. وأن المسلمين يمكن أن يكونوا مسلمين؛ وفي دين الله؛ بينما حياتهم كلها تقوم على تصورات وقيم وشرائع وقوانين ليست من هذا الدين!. وإمعانا في الخداع والتضليل؛ وإمعانا من الصهيونية العالمية والصليبية العالمية في التخفي، فإنها تثير حروبا مصطنعة - باردة أو ساخنة - وعداوات مصطنعة في شتى الصور، بينها وبين هذه الأنظمة والأوضاع التي أقامتها والتي تكفلها بالمساعدات المادية والأدبية، وتحرسها بالقوى الظاهرة والخفية، وتجعل أقلام مخابراتها في خدمتها وحراستها المباشرة! تثير هذه الحروب المصطنعة والعداوات المصطنعة، لتزيد من عمق الخدعة؛ ولتبعد الشبهة عن العملاء، الذين يقومون لها بما عجزت هي عن إتمامه في خلال ثلاثة قرون أو تزيد؛ من تدمير القيم والأخلاق؛ وسحق العقائد والتصورات؛ وتجريد المسلمين في هذه الرقعة العريضة من مصدر قوتهم الأول.. وهو قيام حياتهم على أساس دينهم وشريعتهم.. وتنفيذ المخططات الرهيبة التي تضمنتها بروتوكولات الصهيونيين ومؤتمرات المبشرين؛ في غفلة من الرقباء والعيون!. فإذا بقيت بقية في هذه الرقعة لم تجز عليها الخدعة؛ ولم تستسلم للتخدير باسم الدين المزيف؛ وباسم الأجهزة الدينية المسخرة لتحريف الكلم عن مواضعه؛ ولوصف الكفر بأنه الإسلام؛ والفسق والفجور والانحلال، بأنه تطور وتقدم وتجدد.. إذا بقيت بقية كهذه سلطت عليها الحرب الساحقة الماحقة؛ وصبت عليها التهم الكاذبة الفاجرة وسحقت سحقا، بينما وكالات الأنباء العالمية وأجهزة الإعلام العالمية خرساء صماء عمياء!!!. ذلك بينما الطيبون السذج من المسلمين يحسبون أنها معركة شخصية، أو طائفية، لا علاقة لها بالمعركة المشبوبة مع هذا الدين؛ ويروحون يشتغلون في سذاجة بلهاء - من تأخذه الحمية للدين منهم وللأخلاق - بالتنبيه إلى مخالفات صغيرة، وإلى منكرات صغيرة، ويحسبون أنهم أدوا واجبهم كاملا بهذه الصيحات الخافتة.. بينما الدين كله يسحق سحقا، ويدمر من أساسه؛ وبينما سلطان الله يغتصبه المغتصبون، وبينما الطاغوت - الذي أمروا أن يكفروا به - هو الذي يحكم حياة الناس جملة وتفصيلا!. إن اليهود الصهيونيين والنصارى الصليبيين يفركون أيديهم فرحا بنجاح الخطة وجواز الخدعة؛ بعدما يئسوا من هذا الدين أن يقْضوا عليه مواجهة باسم الإلحاد، أو يحوِّلوا الناس عنه باسم التبشير، فترة طويلة من الزمان.. إلا أن الأمل في الله أكبر؛ والثقة في هذا الدين أعمق، وهم يمكرون والله خير الماكرين. وهو الذي يقول:﴿ وَقَدْ مَكَرُ*وا مَكْرَ*هُمْ وَعِندَ اللَّـهِ مَكْرُ*هُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُ*هُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ ﴿ابراهيم: ٤٦﴾. ﴿ فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُ*سُلَهُ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ﴾ ﴿ابراهيم: ٤٧﴾.[ في ظلال القرآن:(2/1032-1034)].
ومع أن هؤلاء الحكام يقومون بالنيابة بدور اليهود والنصارى حتى على فرض أنهم لا يشعرون! ويعلنونها حربا على من يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية يعني على من يريد أن"يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله" ويأتي بعض من"علماء!" وبعضهم من "سلفيين!" "على الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح!!!" يفتون بخارجية المطالبين بتحكيم الشرع وبنفاذ أحكام ولاّة الأمور فيهم, فما ندري مَنهم الطواغيت؟! ومَنهم الخوارج على الكتاب والسنة ومنهج وفهم السلف الصالح؟!.
فقد وصل العلم والفقه والمنهج ببعضهم أن يفتي لهؤلاء الحكام في دماء المسلمين الخوارج! لأنهم خرجوا أو يفكرون أو ينوون الخروج على السلطان!
وفي تفسير قول الله تعالى:﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِ*بُونَ اللَّـهَ وَرَ*سُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْ*ضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْ*جُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْ*ضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَ*ةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾[المائدة:33], يوضح سيّدٌ معالم المنهج في هذه القضية ويزيل عنها الضباب, فيقول:( فالآن يقرر عقوبة هذا العنصر الخبيث، وهو المعروف في الشريعة الإسلامية بحد الحرابة... وحدود هذه الجريمة التي ورد فيها هذا النص، هي الخروج على الإمام المسلم الذي يحكم بشريعة الله، والتجمع في شكل عصابة، خارجة على سلطان هذا الإمام، تُرَوِّع أهل دار الإسلام؛ وتعتدي على أرواحهم وأموالهم وحرماتهم. ويشترط بعض الفقهاء أن يكون ذلك خارج المصر بعيدا عن مدى سلطان الإمام. ويرى بعضهم أن مجرد تجمع مثل هذه العصابة، وأخذها في الاعتداء على أهل دار الإسلام بالقوة، يجعل النص منطبقا عليها. سواء خارج المصر أو داخلة. وهذا هو الأقرب للواقع العملي ومجابهته بما يستحقه. وهؤلاء الخارجون على حاكم يحكم بشريعة الله؛ المعتدون على أهل دار الإسلام المقيمين للشريعة[سواء كانوا مسلمين أو ذميين أو مستأمنين بعهد] لا يحاربون الحاكم وحده، ولا يحاربون الناس وحدهم. إنما هم يحاربون الله ورسوله. حينما يحاربون شريعته، ويعتدون على الأمة القائمة على هذه الشريعة، ويهددون دار الإسلام المحكومة بهذه الشريعة. كما أنهم بحربهم لله ورسوله، وحربهم لشريعته وللأمة القائمة عليها وللدار التي تطبقها، يسعون في الأرض فسادا.. فليس هناك فساد أشنع من محاولة تعطيل شريعة الله، وترويع الدار التي تقام فيها هذه الشريعة.. إنهم يحاربون الله ورسوله.. وإن كانوا إنما يحاربون الجماعة المسلمة والإمام المسلم. فهم قطعا لا يحاربون الله - سبحانه - بالسيف، وقد لا يحاربون شخص رسول الله - بعد اختياره الرفيق الأعلى - ولكن الحرب لله ورسوله متحققة، بالحرب لشريعة الله ورسوله، وللجماعة التي ارتضت شريعة الله ورسوله، وللدار التي تنفذ فيها شريعة الله ورسوله.
كما أن للنص - في صورته هذه - مفهوما آخر متعينا كهذا المفهوم - هو أن السلطان الذي يحق له - بأمر الله - أن يأخذ الخارجين عليه بهذه العقوبات المقررة لهذه الجريمة، هو السلطان الذي يقوم على شريعة الله ورسوله، في دار الإسلام المحكومة بشريعة الله ورسوله.. وليس أي سلطان آخر لا تتوافر له هذه الصفة، في أية دار أخرى لا يتوافر لها هذا الوصف.. نقرر هذا بوضوح، لأن بعض أذناب السلطة في كل زمان، كانوا يفتون لحكام لا يستمدون سلطانهم من شريعة الله ولا يقومون على تنفيذ هذه الشريعة، ولا يحققون وجود دار إسلام في بلادهم، ولو زعموا أنهم مسلمون.. كانوا يفتون لهم بأن يأخذوا الخارجين عليهم بهذه العقوبات - باسم شريعة الله - بينما كان هؤلاء الخارجون لا يحاربون الله ورسوله؛ بل يحاربون سلطة خارجة على الله ورسوله.. إنه ليس لسلطة لا تقوم على شريعة الله في دار الإسلام، أن تأخذ الخارجين عليها باسم شريعة الله.. وما لمثل هذه السلطة وشريعة الله؟ إنها تغتصب حق الألوهية وتدعيه؛ فما لها تتحكك بقانون الله وتدعيه؟! ..إنما جزاء أفراد هذه العصابات المسلحة، التي تخرج على سلطان الإمام المسلم المقيم لشريعة الله؛ وتروع عباد الله في دار الإسلام، وتعتدي على أموالهم وأرواحهم وحرماتهم.. أن يقتلوا تقتيلا عاديا. أو أن يصلبوا حتى يموتوا [وبعض الفقهاء يفسر النص بأنه الصلب بعد القتل للترويع والإرهاب] أو أن تقطع أيديهم اليمنى مع أرجلهم اليسرى.. من خلاف..)[ في ظلال القرآن(2/878-879)]
وهذا السلطان الذي يطبل له الطبالون ويحرِّمون الخروج عليه أو حتى عنه! ويفتون له في المسلمين الخارجين... هذا السلطان يقول عنه ابن تيمية-رحمه الله- سلف سيد قطب:( كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه كما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة y مانعي الزكاة وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم بعد سابقة مناظرة عمر لأبى بكر-رضى الله عنهما- فاتفق الصحابة y على القتال على حقوق الإسلام عملا بالكتاب والسنة...(إلى أن قال):..فأيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج أو عن التزام تحريم الدماء والأموال والخمر والزنا والميسر أو عن نكاح ذوات المحارم أو عن التزام جهاد الكفار أو ضرب الجزية على أهل الكتاب وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها التي يكفر الجاحد لوجوبها فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء)[ مجموع الفتاوى:(28/502)]
هذا كله فيمن امتنع عن "بعض" الشرائع الظاهرة, وإن كان مُقِرًّا بها, فكيف بولاَّة الأمور من السلاطين المتسلطين الذين امتنعوا عن الشريعة الظاهرة, بل منعوا من طالب بها, وعرقلوا من أرادها, وفتنوا عنها من آمن بها, أليس شباب الإسلام مُشرَّدين مطرَّدين في بلاد الكفر كأمريكا وبريطانيا لا لذنب ارتكبوه ولا لجرم فعلوه..إلا أنهم قالوا ربنا الله والأفغان إخواننا وسبيلنا مع الروس الجهاد؟!!
فهل من امتناعٍ عن الشريعة وتعطيلٍ لها كهذا الذي فعله أولياء الأمور؟!
وعلى منهج الجراحين يكون شيخ الإسلام ومَن قبله ومَن بعده مِن العلماء خوارج لأنهم يوجبون -وليسوا يجيزون فحسب- قتال الطوائف الممتنعة عن بعض الشرائع وليس كل الشرائع؟! فاللهم إنَّا نبرأ إليك من العته والعَمَه ومن الضلال ومن الحَوْرِ بعد الكَوْرِ.
(*)- كتبت هذا عام 2000م، وما زال مصداقه يتكرر!
تعليق