إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التوحيد : تقريب التدمرية ¨لفضيلة الشيخ العلامة محمد ابن صالح العثيمين¨رحمه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    رد: التوحيد : تقريب التدمرية ¨لفضيلة الشيخ العلامة محمد ابن صالح العثيمين¨رحمه الله

    والناس في هذا المقام - مقام الشرع والقدر - أربعة أقسام: الأول: من حققوا هذه الأصول الأربعة: أصلي الشرع، وأصلي القدر، وهم المؤمنون المتقون الذي كان عندهم من عبادة الله تعالى والاستعانة به ما تصلح به أحوالهم، فكانوا لله، وبالله وفي الله، وهؤلاء أهل القسط والعدل الذين شهدوا مقام الربوبية والألوهية، وهم أعلى الأقسام، فإن هذا مقام الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين، والشهداء، والصالحين. الثاني: من فاتهم التحقيق في أصلي القدر، فكان عندهم من عبادة الله تعالى والاستقامة في شرعه ما عندهم، لكن ليس عندهم قوة في الاستعانة بالله والصبر على أحكامه الكونية والشرعية، فيصيبهم عند العمل من العجز والكسل ما يمنعهم من العمل أو إكماله، ويلحقهم بعد العمل من العجب والفخر ما قد يكون سبباً لحبوط عملهم وخذلانهم، وهؤلاء أضعف ممن سبقهم وأدنى مقاماً وأقل عدلاً، لأن شهودهم مقام الإلهية غالب على شهود مقام الربوبية. الثالث: من فاتهم التحقيق في أصلي الشرع، فكانوا ضعفاء في الاستقامة على أمر الله تعالى ومتابعة شرعه، لكن عندهم قوة في الاستعانة بالله والتوكل عليه، ولكن قد يكون ذلك في أمور لا يحبها الله تعالى ولا يرضاها، فيعان ويمكن له بقدر حاله، ويحصل له من المكاشفات والتأثيرات ما لا يحصل للقسم الذي قبله، لكن ما يحصل له من هذه الأمور يكون من نصيب العاجلة الدنيا، أما عاقبته فعاقبة سيئة، لأنه ليس من المتقين وإنما العاقبة للمتقين قال الله تعالى: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ* لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (العنكبوت: 65-66). فالله تعالى يعلم أن هؤلاء سيشركون بعد أن ينجيهم لكن لما كانوا في البحر كانوا مخلصين في دعائهم الله تعالى أن ينجيهم صادقين في تفويض الأمر إليه حصل مرادهم، ولما لم يكن لهم عبادة لم يستقم أمرهم وكان عاقبة أمرهم خسراً. فالفرق بين هؤلاء وبين القسم الذين قبلهم: أن الذين قبلهم كان لهم دين ضعيف لضعف استعانتهم بالله وتوكلهم عليه، لكنه مستمر باق إن لم يفسده صاحبه بالعجز والجزع. وهؤلاء لهم حال وقوة لكن لا يبقى لهم إلا ما وافقوا فيه الأمر واتبعوا فيه السنة. القسم الرابع: من فاتهم تحقيق أصلي الشرع، وأصلي القدر، فليس عندهم عبادة لله تعالى، ولا استعانة به ولا لجوء إليه عند الشدة فهم مستكبرون عن عبادة الله مستغنون بأنفسهم عن خالقهم، وربما لجئوا في الشدائد وإدراك مطالبهم إلى الشياطين فأطاعوها فيما تريد وأعانتهم فيما يريدون، فيظن الظان أن هذا من باب الكرامات، وهو من باب الإهانات؛ لأن عاقبتهم الذل والهوان. وهذا القسم شر الأقسام.

    رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان رقم (16) ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان رقم (42، 43). (67) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً.. رقم (34). (68) راجع مجموع الفتاوى لابن قاسم (2/172). (69) راجع مجموع الفتاوى لابن قاسم (2/378). (70) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، رقم (48) ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سباب المسلم فسوق..." رقم (64). (71) مسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه رقم (2702). (72) البخاري، كتاب الدعوات، باب استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة رقم (6307). (73) رواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، رقم (591). (74) سبق تخريجه. (75) رواه البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، رقم (3627). (76) مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، رقم (484).

    تعليق


    • #32
      رد: التوحيد : تقريب التدمرية ¨لفضيلة الشيخ العلامة محمد ابن صالح العثيمين¨رحمه الله

      في المفاضلة والمقارنة بين أرباب البدع

      نظار المتكلمين الذين يدعون التحقيق وينتسبون إلى السنة يرون التوحيد عبارة عن تحقيق توحيد الربوبية. وطوائف من أهل التصوف الذين ينتسبون إلى التحقيق والمعرفة غاية التوحيد عندهم شهود توحيد الربوبية. ومعلوم أن هذا هو ما أقر به المشركون، وأن الرجل لا يكون به مسلماً، فضلاً عن أن يكون ولياً من أولياء الله، أو من سادات أولياء الله تعالى. وطائفة أخرى تقرر هذا التوحيد مع نفي الصفات، فيقعون في التقصير والتعطيل، وهذا شر من حال كثير من المشركين. والجهم بن صفوان إمام الجهمية نفاة الصفات يغلو في القضاء والقدر ويقول بالجبر، فيوافق المشركين في قولهم لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء، لكنه يثبت الأمر والنهي فيفارق المشركين إلا أنه يقول بالإرجاء فيضعف الأمر والنهي والعقاب عنده، لأن فاعل الكبيرة عنده مؤمن كامل الإيمان غير مستحق للعقاب. والنجارية - أتباع الحسين بن محمد النجار - والضرارية - أتباع ضرار ابن عمرو وحفص الفرد - يقربون من جهم في مسائل القدر والإيمان مع مقاربتهم له أيضاً في نفي الصفات. والكلابية - أتباع عبد الله بن سعيد بن كلاب - والأشعرية المنتسبون لأبي الحسن الأشعري خير من هؤلاء في باب الصفات، فإنهم يثبتون لله الصفات العقلية، وأئمتهم يثبتون الصفات الخبرية في الجملة، وأما في القدر ومسائل الأسماء والأحكام فأقوالهم متقاربة. وأصحاب ابن كلاب كالحارث المحاسبي خير من الأشعرية في هذا وهذا. والكرامية - أتباع محمد بن كرام - قولهم في الصفات، والقدر، والوعد، والوعيد أشبه من أكثر طوائف أهل الكلام التي في أقوالها مخالفة للسنة. وأما في الإيمان فقولهم منكر لم يسبقهم إليه أحد، فإنهم جعلوا الإيمان قول اللسان فقط وإن لم يكن معه تصديق القلب، فالمنافق عندهم مؤمن ولكنه مخلد في النار. والمعتزلة - أتباع واصل بن عطاء الذي اعتزل مجلس الحسن البصري - يقاربون قول جهم في الصفات فيقولون بنفيها، وأما في القدر والأسماء والأحكام فيخالفونه، ففي القدر يقولون: إن العبد مستقل بعمله كامل الإرادة فيه، ليس لله في عمله تقدير ولا خلق. ففيهم نوع من الشرك من هذا الباب. وجهم يقول: إن العبد مجبر على عمله، وليس له إرادة فيه. وفي الأسماء والأحكام يقول المعتزلة: إن فاعل الكبيرة خارج عن الإيمان غير داخل في الكفر فهو في منزلة بين منزلتين، ولكنه مخلد في النار. ويقول جهم: إنه مؤمن كامل الإيمان غير مستحق لدخول النار. والمعتزلة خير من الجهمية فيما خالفوهم فيه من القدر والأسماء والأحكام، فإن إثبات الأمر والنهي، والوعد والوعيد، مع نفي القدر خير من إثبات القدر مع نفي الأمر والنهي، والوعد والوعيد، ولهذا لم يوجد في زمن الصحابة والتابعين من ينفي الأمر والنهي، والوعد والوعيد ووجد في زمنهم القدرية والخوارج الحرورية. وإنما يظهر من البدع أولاً ما كان أخف، وكلما ضعف من يقوم بنور النبوة قويت البدعة، وكلما كان الرجل إلى السلف والأئمة أقرب كان قوله أعلى وأفضل. والمتصوفة الذين يشهدون الحقيقة الكونية مع إعراضهم عن الأمر والنهي شر من القدرية المعتزلة ونحوهم، لأن هؤلاء المتصوفة يشبهون المشركين الذين قالوا: (لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا) (الأنعام: 148). والقدرية يشبهون المجوس الذين قالوا: إن للعالم خالقين. والمشركون شر من المجوس. أما الصوفية الذين عندهم شيء من تعظيم الأمر والنهي مع مشاهدة توحيد الربوبية وإقرارهم بالقدر، فهم خير من المعتزلة، لكنهم معتزلة من وجه آخر حيث جعلوا غاية التوحيد مشاهدة توحيد الربوبية، والفناء فيه فاعتزلوا بذلك جماعة المسلمين وسنتهم. وقد يكون ما وقعوا فيه من البدعة شراً من بدعة أولئك المعتزلة. وكل هذه الطوائف عندها من الضلال والبدع بقدر ما فارقت به جماعة المسلمين وسنتهم. ودين الله تعالى ما بعث به رسله، وأنزل به كتبه، وهو الصراط المستقيم طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه خير الأمة التي هي خير الأمم. وقد أمرنا الله تعالى أن نقول في صلاتنا: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) (الفاتحة: 6-7). فالمغضوب عليهم كاليهود عرفوا الحق فلم يتبعوه، والضالون كالنصارى عبدوا الله بغير علم، وكان يقال: تعوذوا بالله من فتنة العالم الفاجر، والعابد الجاهل. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً بيده ثم قال: "هذا سبيل الله مستقيماً" وخط عن يمينه وشماله ثم قال: "هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه" ثم قرأ: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (الأنعام: 153)(77) . وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: "يا معشر القراء استقيموا وخذوا طريق من قبلكم فوالله لئن اتبعتموهم لقد سبقتم سبقاً بعيداً، ولئن أخذتم يميناً وشمالاً لقد ضللتم ضلالاً بعيداً"(78) . وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "من كان منك مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه فاعرفوا لهم حقهم وتمسكوا بهديهم فإنهم على الهدى المستقيم".
      نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا.
      والحمد لله رب العالمين.
      (تم في 22/5/1410هـ).



      (77) رواه أحمد 1/435-465 والطيالسي (244) وابن أبي عاصم في السنة (17) وابن حبان في صحيحه (1741،1742) والحاكم في مستدركه 2/239-318 وصححه ووافقه الذهبي . (78) رواه البخاري كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم (7282) بغير هذا اللفظ .

      تعليق


      • #33
        رد: التوحيد : تقريب التدمرية ¨لفضيلة الشيخ العلامة محمد ابن صالح العثيمين¨رحمه الله



        للرفع

        تعليق

        يعمل...
        X