موقف علماء الشيعه المخزي من القرآن وهجرانهم له
ما من مسلم – و لله الحمد - إلا وهو يرجو ثواب تلاوته للقرآن سواء تلاوة الحرف أو المعنى . و لكن الحال عند الشيعة مختلف ، فإن لهم موقفاً من القرآن سواء على المستوى الرسمي و المؤسساتي و طبقة رجال الدين ، أو على مستوى العامة و الأفراد ... يحتاج إلى تنبيه ونصيحة .. ذلك أن من الملاحظ على جماهير الشيعة انصرافهم عن تلاوة القرآن ومدارسته وفهم معانيه ؟ ما أسباب ذلك ؟ و ما شواهد واقعهم المعاصر في هذا الشأن ؟
أسباب موقف الشيعة من القرآن :
السبب الأول :
قولهم بتحريف القرآن . و النفس فيها نزعة للتعبد ، لا يمكن أن تنفك عنها ، فإذا جرس سمعها القول بتحريف القرآن أو نقصانه أو وجود مصاحف لفاطمة أو زبور آل محمد أو صحيفة و لوح فاطمة .. أو الصحيفة السجادية ، فلا ريب أن هذا مما يضعف أثر القرآن في النفس .. فتنظر إليه نظرتها لأي كتاب آخر ..
السبب الثاني :
قولهم بأن القرآن مخلوق و أنه ليس بكلام الله تعالى . و قد أخذوا هذا عن المعتزلة ، فإنه من أهم أصولهم التي دعوا الناس إليها . و أرباب النزعة العقلية كالمعتزلة و من يشبههم يلمح عندهم تهاوناً كبيراً في تدبر و تلاوة القرآن ، نعم قد يوجد لهم عناية بلفظ القرآن بسبب عنايتهم بعلوم اللغة ، كما هو شأن الزمخشري المعتزلي في كتابه " الكشاف " ، و أحسن أحوال شيوخ الشيعة في اشتغالهم بالقرآن أنهم ينحون به هذا المنحى ، فيدرسونه و يفسرونه من هذا الوجه .. ، و إلا فلهم من أصول الباطنية و الزندقة ما يصرفون به ألفاظ القرآن عن المعاني التي فيه أنزلت ، و يقرمطون فيه بأقوال أسلافهم ما يبطلون به دلالات و معاني القرآن الكريم ، و سيأتي من كلام شيوخهم بعد قليل تنبيهات في هذا الشأن .
السبب الثالث :
موقفهم من نقلة القرآن الكريم ( الصحابة رضي الله عنهم ) . لا يمكن أن تنفك النفس الشيعية عن النظر إلى القرآن بعين الريبة و الشك ( و في بعض حالات الغلو : التصغير و الازدراء ، .. إلخ ) ، وذلك بسبب ما نقله الصحابة لنا من القرآن الكريم ، و لهذا عادة ما يثير الشيعة قضية كتابة المصحف و جمعه ، خاصة و أنه قد جمع الجمع الأول في عهد أبي بكر رضي الله عنه ، وهو من هو في عين النفس الشيعية القديمة والمعاصرة .. وأما ما في عهد عثمان ، فحدث عنه ولا حرج ، فإذا قلت إن الراوية الصحيحة عند أهل السنة تقول : أخذوا المصحف من بيت حفصة ؟!! فهناك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت ! رضي الله عن حفصة ام المؤمنين و عن أبيها ، وعمن ترضى عليهم إلى يوم الدين ...
السبب الرابع :
الغلو في آل البيت = الثقل الأصغر ( خاصة الاثني عشر ) . إن القرآن ثقل أكبر ، وقد أوصى الله باتباعه وأوصى نبينا صلى الله عليه وسلم بذلك ، في عدد من الأحاديث ، لكن الشيعة أعرضوا عن ذلك ، و غلوا في ثقل آخر وتركوا الثقل الأكبر ...
و من مزالق و عثرات الشيعة التي لا تقال ، قولهم :" إن جل القرآن إنما نزل فيهم ( يعني الأئمة الاثني عشر ) ، و في أوليائهم و أعدائهم ". و أنت لو فتشت في كتاب الله الكريم و أخذت معك معاجم اللغة وقواميسها و بحثت عن أسماء هؤلاء الاثني عشر لما وجدتها ، و مع هذا يكذب شيخهم البحراني فيزعم أن علياً مذكور في القرآن (1154) ،
بل ما اكتفى بذلك الكذب حتى ألف كتاباً سماه " اللوامع النورانية في أسماء علي و أهل بيته القرآنية " .
و من مزالقهم وعثراتهم اعتقادهم أن القرآن ليس بحجة في نفسه ، بل لابد له من قيم ، ولهذا روى الكليني في " الكافي " :" إن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم .. و إن علياً كان قيم القرآن ، و كانت طاعته مفترضة ، كان الحجة على الناس بعد رسول الله " .
إن ذلك الغلو سبَّبَ حالة من عدم الاتزان في النفس الشيعية قديماً وحديثاً ، فإنها ركزت و عكفت على الثقل الذي حصرت نفسها فيه ، فإنها قد بنت لنفسها بناءً حاولت أن تحكمه قدر وسعها وطاقتها لتتحصن فيه
وتنافح عن إرثها الباطني الذي تحمله ، بينما الثقل الأكبر ( القرآن الكريم ) لا يمكنها أن تفعل ذلك معه ، و ذلك لوضوح معناه و طريقته في البيان و الارشاد ، و قد شرقت النفس الشيعية مبكراً بروح القرآن ونفسه العظيم الذي يستولي على القلوب ، ويوجهها إلى معبودها وفاطرها ، و لهذا لم يرق لها أن تتستر به منذ أول أيام ظهورها في عالم التاريخ الاسلامي ..
إذا وقر في نفس الشيعي أن غالب الآيات في علي وفاطمة وبقية الأئمة الاثني عشر .. كيف سيتلو القرآن ..؟! يكفيه وجود عمامة سوداء أو بيضاء تدور عليه بالنشيد والنياحة على آل البيت و الأئمة الاثني عشر ، و ذكر حديث الكساء ، فهذا أرق لقلب المسكين فيما يرى ، و في هذا يفجر طاقاته العاطفية المحبوسة ، و هو يظن أنه في تعبد صحيح من هذا الوجه ، و خاب ظنه فما هو إلا تلعب يتلعب به الشيطان من حيث لا يشعر ، فلم ينزل كتاب الله لذلك ..
و من رحمة الله بالشيعي أن يبعده عن مثل هذه الأمور ، فيوفقه لقراءة القرآن الكريم ، و لهذا إذا وجدت الشيعي عامياً يقرأ القرآن ، فإنك تجد فيه قبولاً للحق ما لا تجد في غيره من أهل الباطل منهم ، و سبب ذلك القرآن ، فإنه "يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ" الإسراء:9.
تعليق