حقيقة سجود الملائكة لآدم عليه السلام
لا شك أن سجود الملائكة لآدم ليس سجود عبادة لأن سجود العبادة لغير الله شرك بالله تعالى .
واختلف في حقيقة ذلك السجود على ثلاثة أقوال :
الأول :
أنه سجود تحية وسلام وإكرام وتعظيم .
الثاني :
أن السجود كان لله تعالى وآدم مجرد قبلة قالته المعتزلة وغيرهم .
الثالث :
أن المراد بذلك السجود هو الانقياد والخضوع لا حقيقة السجود والانحناء .
الراجح :
الأول : وهو أن السجدة كانت لآدم عليه السلام تعظيماً له وتحية كالسلام منهم عليه .
قال أبو جعفرالطبري : وكان سجود الملائكة لآدم تكرمة وطاعة لله لا عبادة لآدم .
وقال ابن تيمية : فسجود الملائكة لآدم عبادة لله وطاعة له وقربة يتقربون بها إليه وهو لآدم تشريف وتكريم وتعظيم وسجود إخوة يوسف له تحية وسلام ألا ترى أن يوسف لو سجد لأبويه تحية لم يكره له .
فسجود الملائكة لآدم كان سجود تشريف وتكريم لا سجود عبادة وقد كان السجود تحية مشروعة في الأمم الماضية ولكنه نسخ في ملتنا كماقال تعالى : ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ) يوسف:100 .
فكانت تحية الناس يومئذ سجود بعضهم لبعض .
امتناع إبليس عن الامتثال لأمر الله تعالى بالسجود لآدم عليه السلام :
سبب امتناعه :
ورد في آيات من كتاب الله تعالى أنه سبحانه أمر الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام وكان هذا الأمر قبل أن يسوي الله خلقه وينفخ فيهمن روحه .
بدليل قوله تعالى : " إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ*فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ" ص:71-72.
بدليل قوله تعالى : " إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ*فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ" ص:71-72.
امتثل الملائكة لأمر الله تعالى بالسجود لآدمعليه السلام إلا إبليس فإنه أبى وامتنع عن السجود وكانت شبهته وحجته في ذلك أنه خيرٌ من آدم لأنه خلق من نار وآدم خلق من طين .
قال تعالى " وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ *
قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ" الأعراف: 11-12.
قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ" الأعراف: 11-12.
قال ابن كثير : وقول إبليس لعنه الله ( أنا خير منه ) من العذر الذي هو أكبر من الذنب ، يعني لعنه الله وأنا خير منه فكيف تأمرني بالسجود له ثم بين أنه خير منه بأنه خلق من نار والنار أشرف مما خلقته منه وهو الطين فنظر اللعين إلى أصل العنصر ولم ينظر إلى التشريف العظيم وهو أن الله تعالى خلق آدم بيده ونفخ فيه منروحه .
وقال عبد الرحمن بن سعدي : امتنع عن السجود واستكبر عن أمر الله ... إباء منه واستكباراً نتيجة الكفر الذي هو منطو عليه فتبينت حينئذ عداوته لله ولآدم وكفره واستكباره أبى أن يسجد له تكبراً عليه وإعجاباً بنفسه فوبخه الله على ذلك وقال :
" مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ " ص:75.
فإبليس قاس نفسه على أصله وهو النار وقاس آدم على أصله وهو الطين ثم زعم أن النار خير من الطين وبالتالي يكون هو خيراً من آدم على حد زعمه وهو قياس فاسد لأنه معارض لكلام رب العالمين .
" مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ " ص:75.
فإبليس قاس نفسه على أصله وهو النار وقاس آدم على أصله وهو الطين ثم زعم أن النار خير من الطين وبالتالي يكون هو خيراً من آدم على حد زعمه وهو قياس فاسد لأنه معارض لكلام رب العالمين .
تعليق