الحمد لله الذي فرض على عباده حج بيته العتيق،وجعل الشوق إلى زيارته حاديا لهم ورفيقا ، والصلاة والسلام على من أنار الله بهالدرب والطريق ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
إن الله تعالى فرض على عباده الحج إلى بيته العتيق في العمر مرة واحدة، وجعله أحدأركان الإسلام الخمسة التي بني عليها، لقوله صلى الله عليه وسلم: " بني الإسلام علىخمس... وذكر منها: حج بيت الله الحرام " متفق عليه، فالحج فريضة ثابتة بالكتاب والسنةوالإجماع، فمن أنكر فرضيته وهو يعيش بين المسلمين فهو كافر، أما من تركه مع إقرارهبفرضيته فليس بكافر على الصحيح، ولكنه آثم مرتكب كبيرة من أعظم الكبائر.ولماكانت النفوس مجبولة على محبة الأوطان وعدم مفارقتها، رغب الشارع في الحج ترغيباشديدا، وجعل له فضائل جليلة، وأجورا كبيرة، لأنه يتطلب مفارقة الأوطان والمألوفاتمن أهل ومال وصاحب وعشيرة، وكذلك حثا للعباد على قصد هذا البيت بالحج والزيارة،وتشويقا لهم إلى رؤية تلك المعالم التي هبط فيها الوحي ونزلت فيها الرسالة. قال تعالى:
( وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَفَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)
[آل عمران :97]
وقال النبي صلى اللهعليه وسلم :
( تعجلوا إلى الحج، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له )
أحمد وأبو داود،.
وقال صلى الله عليه وسلم :
( من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة)
أحمد وابن ماجة وحسنه الألباني .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
" لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار ، فننظر كل من كانت له جدة ولم يحج ، فيضربواعليه الجزية، ما هم بمسلمين.. ما هم بمسلمين ". (صححه ابن حجر)
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
" استكثروا من الطواف بهذا البيت ، قبل أن يحال بينكم وبينه ".
وقال الحسن: " لا يزال الناس على دين ما حجوا البيت واستقبلوا القبلة ".
الحج يهدم ما كان قبله
*عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال :لما جعل الله الإسلام في قلبي، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يدكفلأبايعك ، فبسط ، فقبضت يدي . فقال : " مالك يا عمرو؟ " قلت: أشترط. قال : " تشترط ماذا ؟ " قلت: أن يغفر لي. قال: (أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله، وأن الهجرةتهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله ؟ ) رواه مسلم.
الحج طهارة من الذنوب
*عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه )
لفظ البخاري.
* ولفظ مسلم: ( من أتى هذا البيت ) وهو يشمل العمرة.
ومعنى:( كيوم ولد ته أمه ) أي بلا ذنب.
قال ابن حجر: وظاهره غفران الصغائر والكبائر و التبعات.
الحج من أفضل أعمال البر
* عن أبي هريرة قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم : (أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله. قيل ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور)
متفق عليه،.
* قال أبو الشعثاء: نظرت في أعمال البر، فإذا الصلاة تجهد البدن ، والصوم كذلك ، والصدقة تجهد المال، والحج يجهدهما.
فضل الحج المبرور
*عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)
متفق عليه
والحج المبرور : هو الذي لا يخالطه إثم. وقيل: المتقبل. وقيل الذي لا رياءفيه ولا سمعة، ولا رفث ولا فسوق. وقيل: علامة بر الحج أن تزداد بعده خيرا، ولايعاود المعاصي بعد رجوعه.
وعن الحسن البصري قال:
الحج المبرور؟ أن يرجع زاهدا فيالدنيا راغبا في الآخرة.
* وروي أن الحج المبرور هو إطعام الطعام، وطيب الكلام، وإفشاءالسلام. والصحيح أنه يشمل ذلك كله.
الحج أفضل الجهاد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل،أفلا نجاهد؟ قال:
( لكن أفضل الجهاد حج مبرور)
متفق عليه" .
الحج جهاد المرأة
* عنها قالت: قلت يا رسول الله ! ألانغزو ونجاهد معكم؟ فقال:
( لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج، حج مبرور)
قالت عائشة:" فلاأدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم "
متفق عليه.
* وعنأبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا:
(جهاد الكبير والضعيف والمرأة: الحج والعمرة )
النسائي وحسنه ا لألباني.
الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب
*عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أديموا الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد ))
رواه الطبراني والدار قطني وصححه الألباني.
* وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قالرسول الله صلى الله عليه وسلم :
( تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقروالذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلاالجنة )
أخرجه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
دعوة الحاج مستجابة
*عن ابنعمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله : دعاهم فأجابوه ، وسألوه فأعطاهم )
أخرجه ابن ماجة وأبن حبان وصححهالألباني.
الحاج في ذمة الله وحفظه
*عن أبيهريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( ثلاثة في ضمان الله عز وجل:رجل خرج إلى مسجد من مساجد الله ، ورجل خرج غازيا في سبيل الله، ورجل خرج حاجا )
رواه أبو نعيم وصححه الألباني.
حديث عظيم في فضل مناسك الحج
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أماخروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك، يكتب الله لك بهاحسنة، ويمحو عنك بها سيئة. وأما وقوفك بعرفة، إن الله عز وجل ينزل إلى السماءالدنيا، فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي، جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق،يرجون رحمتي، ويخافون عذابي ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج-أي متراكم- أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك. وأما رميكالجمار فإنه مدخور لك. وأما حلقك رأسك، فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة. فإذا طفت بالبيتخرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك " الطبراني وحسنه ا لألباني.
لا تحرم نفسك من تلك الأجور وعظيم الهبات فإننا جميعا في أمسالحاجة إلى الحسنات، ومغفرة الذنوب والسيئات، فلماذا التسويف والتأجيل، ومن خطبجليل ؟! ولماذا الفتور والكسل وأنت مأمور بإحسان العمل .
الحج واجب على الفور
*واختلف العلماء : هل وجوب الحج على الفور أم على التراخي.قال الشنقيطي رحمه الله: "أظهر القولين عندي، وأليقهما بعظمة خالق السموات والأرضهو وجوب أوامره - جل وعلا- كالحج على الفور لا التراخي، للنصوص الدالة على الأمربالمبادرة، وللخوف من مباغتة الموت ؟ كقوله: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّنرَّبِّكُمْ
[آل عمران: 133].
وكقوله: شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِاقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ
[ الأعراف: 185].
إليك إلهي قـد أتيت ملبيـا
فبارك إلهـي حجتي ودعائياقصدتك مضطرا وجئتك باكيا
وحاشاك ربي أن تردبكائياكفاني فخرا أنني لك عابد
فيا فرحي إن صرت عبدا موالياأتيت بلا زاد وجودك مطمعي
وما خاب من يهفو لجودك ساعياإليك إلهي قدحضرت مؤملا
خلاص فؤادي من ذنوبي ملبيا
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
اللهم ارزقنا المتابعة بين الحج والعمرة
اللهم اميــــــــــــــــن
تعليق