السؤال :
ما رأي سماحتكم في مسألة العذر بالجهل،
وخاصة في أمر العقيدة، وضحوا لنا هذا الأمر جزاكم الله خيراً ؟
الجواب :
العقيدة أهم الأمور وهي أعظم واجب،
وحقيقتها: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره،
والإيمان بأنه سبحانه هو المستحق للعبادة، والشهادة له بذلك،
وهي شهادة أن لا إله إلا الله يشهد المؤمن بأنه لا معبود حق إلا الله سبحانه وتعالى،
والشهادة بأن محمداً رسول الله أرسله الله إلى الثقلين الجن والإنس، وهو خاتم الأنبياء،
كل هذا لا بد منه، وهذا من صلب العقيدة، فلا بد من هذا في حق الرجال والنساء جميعاً،
وهو أساس الدين وأساس الملة، كما يجب الإيمان بما أخبر الله به ورسوله من أمر القيامة،
والجنة والنار، والحساب والجزاء، ونشر الصحف، وأخذها باليمين أو الشمال،
ووزن الأعمال... إلى غير ذلك مما جاءت به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
فالجهل بهذا لا يكون عذراً بل يجب عليه أن يتعلم هذا الأمر وأن يتبصر فيه،
ولا يعذر بقوله إني جاهل بمثل هذه الأمور،
وهو بين المسلمين وقد بلغه كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وهذا يسمى معرضا،
ويسمى غافلاً ومتجاهلاً لهذا الأمر العظيم، فلا يعذر،
كما قال الله سبحانه: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}[1]،
وقال سبحانه: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[2]،
وقال تعالى في أمثالهم: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}[3]،
إلى أمثال هذه الآيات العظيمة التي لم يعذر فيها سبحانه الظالمين بجهلهم وإعراضهم وغفلتهم،
أما من كان بعيداً عن المسلمين في أطراف البلاد التي ليس فيها مسلمون
ولم يبلغه القرآن والسنة فهذا معذور، وحكمه حكم أهل الفترة إذا مات على هذه الحالة
الذين يمتحنون يوم القيامة، فمن أجاب وأطاع الأمر دخل الجنة ومن عصا دخل النار،
أما المسائل التي قد تخفى في بعض الأحيان على بعض الناس كبعض أحكام الصلاة
أو بعض أحكام الزكاة أو بعض أحكام الحج، هذه قد يعذر فيها بالجهل. ولا حرج في ذلك؛
لأنها تخفى على كثير من الناس وليس كل واحد يستطيع الفقه فيها، فأمر هذه المسائل أسهل.
والواجب على المؤمن أن يتعلم ويتفقه في الدين ويسأل أهل العلم، كما قال الله سبحانه:
{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[4]
ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لقوم أفتوا بغير علم:
((ألا سألوا إذ لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال))[5]،
وقال عليه الصلاة والسلام: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))[6]
فالواجب على الرجال والنساء من المسلمين التفقه في الدين والسؤال عما أشكل عليهم،
وعدم السكوت على الجهل، وعدم الإعراض، وعدم الغفلة؛
لأنهم خلقوا ليعبدوا الله ويطيعوه سبحانه وتعالى ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعلم،
والعلم لا يحصل بالغفلة والإعراض؛ بل لا بد من طلب للعلم،
ولا بد من السؤال لأهل العلم حتى يتعلم الجاهل.
[1] سورة الفرقان الآية 44.
[2] سورة الأعراف الآية 179.
[3] سورة الأعراف الآية 30.
[4] سورة النحل الآية 43.
[5] رواه أبو داود في الطهارة برقم 284.
[6] رواه البخاري في العلم برقم 69، ومسلم في الزكاة برقم 1719.
المصدر :
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء التاسع.
من فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله
ما رأي سماحتكم في مسألة العذر بالجهل،
وخاصة في أمر العقيدة، وضحوا لنا هذا الأمر جزاكم الله خيراً ؟
الجواب :
العقيدة أهم الأمور وهي أعظم واجب،
وحقيقتها: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره،
والإيمان بأنه سبحانه هو المستحق للعبادة، والشهادة له بذلك،
وهي شهادة أن لا إله إلا الله يشهد المؤمن بأنه لا معبود حق إلا الله سبحانه وتعالى،
والشهادة بأن محمداً رسول الله أرسله الله إلى الثقلين الجن والإنس، وهو خاتم الأنبياء،
كل هذا لا بد منه، وهذا من صلب العقيدة، فلا بد من هذا في حق الرجال والنساء جميعاً،
وهو أساس الدين وأساس الملة، كما يجب الإيمان بما أخبر الله به ورسوله من أمر القيامة،
والجنة والنار، والحساب والجزاء، ونشر الصحف، وأخذها باليمين أو الشمال،
ووزن الأعمال... إلى غير ذلك مما جاءت به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
فالجهل بهذا لا يكون عذراً بل يجب عليه أن يتعلم هذا الأمر وأن يتبصر فيه،
ولا يعذر بقوله إني جاهل بمثل هذه الأمور،
وهو بين المسلمين وقد بلغه كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وهذا يسمى معرضا،
ويسمى غافلاً ومتجاهلاً لهذا الأمر العظيم، فلا يعذر،
كما قال الله سبحانه: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}[1]،
وقال سبحانه: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[2]،
وقال تعالى في أمثالهم: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}[3]،
إلى أمثال هذه الآيات العظيمة التي لم يعذر فيها سبحانه الظالمين بجهلهم وإعراضهم وغفلتهم،
أما من كان بعيداً عن المسلمين في أطراف البلاد التي ليس فيها مسلمون
ولم يبلغه القرآن والسنة فهذا معذور، وحكمه حكم أهل الفترة إذا مات على هذه الحالة
الذين يمتحنون يوم القيامة، فمن أجاب وأطاع الأمر دخل الجنة ومن عصا دخل النار،
أما المسائل التي قد تخفى في بعض الأحيان على بعض الناس كبعض أحكام الصلاة
أو بعض أحكام الزكاة أو بعض أحكام الحج، هذه قد يعذر فيها بالجهل. ولا حرج في ذلك؛
لأنها تخفى على كثير من الناس وليس كل واحد يستطيع الفقه فيها، فأمر هذه المسائل أسهل.
والواجب على المؤمن أن يتعلم ويتفقه في الدين ويسأل أهل العلم، كما قال الله سبحانه:
{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[4]
ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لقوم أفتوا بغير علم:
((ألا سألوا إذ لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال))[5]،
وقال عليه الصلاة والسلام: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))[6]
فالواجب على الرجال والنساء من المسلمين التفقه في الدين والسؤال عما أشكل عليهم،
وعدم السكوت على الجهل، وعدم الإعراض، وعدم الغفلة؛
لأنهم خلقوا ليعبدوا الله ويطيعوه سبحانه وتعالى ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعلم،
والعلم لا يحصل بالغفلة والإعراض؛ بل لا بد من طلب للعلم،
ولا بد من السؤال لأهل العلم حتى يتعلم الجاهل.
[1] سورة الفرقان الآية 44.
[2] سورة الأعراف الآية 179.
[3] سورة الأعراف الآية 30.
[4] سورة النحل الآية 43.
[5] رواه أبو داود في الطهارة برقم 284.
[6] رواه البخاري في العلم برقم 69، ومسلم في الزكاة برقم 1719.
المصدر :
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء التاسع.
من فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله
تعليق