السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني الكرام , جزى الله جميع من ساهم في هذا العمل الجميل ومن نشره كل خير
كعادة شيخي الجليل جزاه الله كل خير ومنذ ان بدأ في مشروعه الكريم مدرسة القرآن الكريم بمسجد الصفا بعبود بدأ شيخنا الجليل معنا الدروس في المرحلة التمهيدية ولم يكن هدف المدرسة هو فقط تعلم القرآن الكريم وتجويد القرآن فقط على الرغم من ان هذا اساسها ولكننا فهمنا من خلال دروس شيخنا وشروحاته لنا اثناء هذه المرحلة انه يريد تكوين جيل قرآني يكون نواة لتربية اسلامية صحيحة واعداد الاجيال القادمة ولحمل رسالة العلم والقرآن الكريم ورسالة الدين الاسلامي وتوجيه الاخرين إلى الخير وإلى تعاليم الاسلام الرشيده فجزاه الله كل خير عما يبذله شيخنا الجليل من مجهود لرفعة هذا الدين الاسلامي ولنشر المبادئ الاسلامية الصحيحة، فكان من ضمن ما تقدمه المدرسة بجانب تحفيظ القرآن الكريم والتجويد دروس العقيدة والفقه ودروس الرقائق.. الخ. بل انه جزاه الله عنا كل خير بدأ في علوم اللغة العربية وفنونها واتحفنا وفاجئنا بوجود اساتذة عظام مثل شيخنا الجليل العلامة/ محمد حسن عثمان الاستاذ بجامعة الازهر وام القرى فجزاهم كل خير عنا مع وجود نخبة من الشيوخ الاجلاء الذين اكن لهم كل احترام.
وقد قدم شيخي جزاه الله كل خير شرح جليل في عدة صفحات تعتبر مدخل لا غنى عنه للعقيدة لجميع الاخوة المسلمين احببت ان اضعها بين اخواني الكرام وانشرها على المواقع الاسلامية والمنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي لكي ينتفع بها اخواني الكرام وتكون في ميزان حسنات شيخنا الجليل يوم القيامة وفي حسناتنا إن شاء الله وفي ميزان حسنات جميع من اعان على نشرها وتوصيلها إلى الجميع كعلم ينتفع به إن شاء الله عسى الله ان ينفع به احد المسلمين فلا تبخل اخي الكريم على نفسك وعلينا بنشر هذا الموضوع ونشر الخير.
والان اخواني الكرام بعد هذه المقدمة الطويلة التي اعرف اني اطلت عليكم بها ولكني وجدتها مقدمة لابد منها احقاقا للحق ودلالة على الفضل واهله.
والان مع المقدمة والدرس إن شاء الله
الله سبحانه المسئول المرجو الإجابة أن يمتعكم بالإسلام والسنة والعافية، فإن سعادة الدنيا والآخرة ونعيمهما وفوزهما مبني على هذه الأركان الثلاثة، وما اجتمعن في عبد بوصف الكمال إلا وقد كملت نعمة الله عليه، وإلا فنصيبه من نعمة الله بحسب نصيبه منها .
والنعمة نعمتان : نعمة مطلقة، ونعمة مقيدة .
فالنعمة المطلقة : هي المتصلة بسعادة الأبد، وهي نعمة الإسلام والسنة، وهي النعمة التي أمرنا الله سبحانه أن نسأله في صلواتنا ، أن يهدينا صراط أهلها ومن خصهم بها وجعلهم أهل الرفيق الأعلى ، حيث يقول تعالى:وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْمِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِين وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا رضي الله عنه 69). [ النساء : 69 ]
فهؤلاء الأصناف الأربعة هم أهل النعمة المطلقة، وأصحابها أيضا هم المعنيون بقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة:3]
فأضاف الدين إليهم : إذ هم المختصون بهذا الدين القيم دون سائر الأمم .
والمقصود أن هذه هي النعمة المطلقة، وهي التي اختصت بالمؤمنين، وإذا قيل : ليس لله على الكافر نعمة بهذا الاعتبار؛ فهو صحيح .
والنعمة المقيدة : كنعمة الصحة والغنى وعافية الجسد وبسط الجاه وكثرة الولد والزوجة الحسنة وأمثال هذا .
فهذه النعمة مشتركة بين البر والفاجر والمؤمن والكافر، وإذا قيل: لله على الكافر نعمة بهذا الاعتبار فهو حق، ولكن هذه النعمة المقيدة لما كانت استدراجا للكافر ومآلها إلى العذاب والشقاء فكأنها لم تكن نعمة، وإنما كانت بلية كما سماها الله في كتابه كذلك فقال جلا وعلا :{فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلاَّ [الفجر:15،16] أي : ليس كل من أكرمته في الدنيا ونعمته فيها قد أنعمت عليه، وإنما ذلك ابتلاء مني له واختبار، ولا كل من قدرت عليه رزقه فجعلته بقدر حاجته من غير فضلة أكون قد أهنته، بل أبتلي عبدي بالنعم كما أبتليه بالمصائب.
وهذه النعمة المطلقة هي التي يْفْرُح بها في الحقيقة، والفرح بها مما يحبه الله ويرضاه، وهو لا يحب الفرحين قال تعالى :*قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌمِمَّا يَجْمَعُونَ ) [ يونس:58] .
قال ابن عباس رضي الله عنه تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف ، وتسود وجوه أهل البدعة والتفرق .
وأهل السنة، هم السلف الصالح، وأهل الاتباع والأثر، وأهل الحديث والخبر، وهم الفرقة الناجية، والطائفة المنصورة، أسماؤهم كريمة، ونسبتهم شريفة، فهم أهل السنة والجماعة، أي طريقة النبي صلى الله عليه وسلم والاجتماع عليها، فكل من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، ملتزماً بالإسلام جملة، محكماً شريعته استسلاما و انقياداً، وبرئ من كل مذهبٍ بدعيٍ، فهو من أهل السنة والجماعة .
وهذا يشمل جمهور الأمة الذين لم يخالفوا السنة في أمر كلي، ولم ينضووا تحت رايةٍ بدعيةٍ، ولم يكثروا سواء فرقة غير مرضية، وهم وسط بين فرق الأمة جميعاً، لا يختص بهم مكان، ولا يخلو منهم زمان .
لا يخرجون في عقيدتهم عما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضي الله عنه ، وهم أهل العناية بالقرآن، وأهل الرعاية لسنة خير الأنام صلى الله عليه وسلم . وهم أهل الاجتماع على الاتباع، النابذون للفُرقة والابتداع، يوالون بالحق، ويعادون بالحق، وبه يحكمون، لا تنفك سيرهم حسنة، كما أن عقيدتهم قويمة، وشريعتهم مستقيمة .
أخلاقهم ربانية، ومسالكهم وسطية، وتربيتهم إيمانية، لا يخالفون في التربية هدى المعصوم صلى الله عليه وسلم فبأدبه يتأدبون، وعلى أثره يعملون وعن سنته لا يحيدون .
يعملون ويربون، ويأمرون وينهون، وإلى الله تعالى يدعون، وعليه يدلون، وفي سبيله يجاهدون، لا تزال طائفتهم مجاهدة بالحجة والبيان، وباليد والسنان، ظاهرة منصورة، لا يضرهم من خذلها أو خالفها حتى تقوم الساعة، أعيانهم قدوة السائرين، وأئِمتهم منار الحائرين، وحجة الله على الخلق أجمعين .
وهم في الفضل متفاوتون، وعلى كثرة فضائلهم فليس فيهم معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم المعصوم .
بميزان الشريعة يحكمون، وبإقامة الدين يتواصون، فينهون عن ترخص جافٍ وتنطع غال وتهور واندفاع أو عجز وانقطاع ، يسألون الله العافية، ولا يتعرضون للبلاء، فإذا نزل بهم قدرْ الله كانوا هم الرجال، يُثبْتون ويْثبِتون .
يعتزلون المعاصي، ولا يخالطون الناس إلا في خير، سريرتهم نقية، ولا يقولون بالتقية، يدارون الناس ولا يداهنونهم، يصلون من قطعهم، ويعطون من منعهم، ويعفون عمن ظلمهم، يأخذون العفو، ويأمرون بالعرف، ويعرضون عن الجاهلين، يصبرون ويحلمون، وعلى ربهم يتوكلون .
بمحبة الله تعالى يشتهرون، ومن خشية الله يشفقون، وبقلة الضحك والفرح بالدنيا يميزون .
يحرصون على الصلاة مع الجماعة، ويواظبون على البر والطاعة، بقيام الليل يتشرفون، وبوجل القلوب، ودمع العيون، وكثرة الصيام والذكر يعرفون، إذا رْءُوا ذُكِرُ الله تعالى .
يكفون ألسنتهم : صمتهم طويل، ونطقهم قليل، والحكمة تجري في كلماتهم، يفتشون سرائرهم، ويحفظون جوارحهم، ويلهمون السداد في أعمالهم .
يبذلون الصدقة بسخاء، ويجودون بكل عطاء، يشكرون في السراء، ويصبرون في الضراء، ويتضرعون عند نزول البلاء، يْغلبون الرجاء في الشدة، ويغلبهم الخوف في الرخاء .
يكثرون التوبة والاستغفار، ويتهيئون للعرض على العزيز الغفار، بالإخلاص يعملون، ومن الرياء يفرقون ويحذرون، وقلوبهم كل ساعة يتفقدون .
وبالجملة فإن الخير فيهم غالب، كما أن الشر في مخالفيهم غالب، فأهل السنة والجماعة في الدنيا نعم الصديق وفي الآخرة نعم الرفيق، أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده .
وأهم ما يميز أهل السنة والجماعة، في عقيدتهم النقية، وأرائهم المرضية، وتربيتهم الإيمانية، هي تلك السلسلة الذهبية، التي يصلون بها إلى الحضرة النبوية، بل إلى الذات العلية .
فعقيدتهم لها خصائص جلية من الربانية والتوقيفية والشمولية والوسطية.. إلى غير ذلك من الشيم المرضية والأنوار البهية .
وبعد، فهذا بحث أقدمه بين يدي عقيدتهم ، تشرفاً بالانتساب إليهم ، والدلالة عليهم ، والله خير مسئول وأرجى مأمول ، أن يعصمني من الزلل ، وأن يجبر في الخلل .
اللهم آنس به في القبر وحشتي ، وفرج به يوم القيامة كُربتي ، ويمن به يوم التغابن صحيفتي ، وانفع به في الدنيا والآخرة أهل عقيدتي وملتي ، آمين .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وآله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين
الخصائص: جمع خصيصة .
والخصيصة: هي الصفة الحسنة التي يتميز بها الشيء ولا يشاركه فيها غيره .
وخصائص العقيدة الإسلامية كثيرة منها :
1- أنها عقيدة غيبية :
الغيب : ما غاب عن الحس، فلا يدرك بشيء من الحواس الخمس : السمع، والبصر، واللمس، والشم، والذوق، وعليه فإن جميع أمور ومسائل العقيدة الإسلامية التي يجب على العبد أن يؤمن بها ويعتقدها غيبي، كالإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر، وعذاب القبر ونعيمه، وغير ذلك من أمور الغيب التي يْعتمد في الإيمان بها على ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وقد أثنى الله تعالى على الذين يؤمنون بالغيب، فقال سبحانه وتعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ[ البقرة : 3 ] .
2- أنها عقيدة توقيفية :
فعقيدة الإسلام موقوفة على كتاب الله، وما صح من سنة رسوله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فليست محلاً للاجتهاد، لأن مصادرها توقيفية .
وذلك أن العقيدة الصحيحة لابد فيها من اليقين الجازم، فلابد أن تكون مصادرها مجزوماً بصحتها، وهذا لا يوجد إلا في كتاب الله وما صح من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وعليه فإن جميع المصادر الظنية، كالقياس والعقل البشري لا يصح أن تكون مصادر للعقيدة، فمن جعل شيئاً منها مصدراً للعقيدة فقد جانب الصواب، وجعل العقيدة محلاً للاجتهاد الذي يخطئ ويصيب .
ولذلك أخطأ أهل الكلام كالجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، حينما جعلوا العقل مصدراً من مصادر العقيدة، وقدموه على النصوص الشرعية، حتى أصبح القرآن والسنة عندهم تابعين للعقل البشري، وهذا فيه نوع استهانة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما أنهم بهذه الطريقة جعلوا عقيدة الإسلام خاضعة لآراء البشر واجتهاداتهم العقلية .
والحق أن العقل مؤيد للنصوص الشرعية، فالعقل الصريح يؤيد النص الصحيح، ولا يعارضه، وما توهمه المعطلة والمؤولة من التعارض بينهما فهو بسبب قصور عقول البشر، ولذلك فإن ما قد يراه أحدهم متعارضاً قد لا يراه الآخر كذلك، وهكذا .
وعليه فإن العقل يعد مؤيداً للنصوص الشرعية في باب العقائد وغيرها، وليس مصدراً مستقلاً للعقيدة، فلا يجوز أن يستقل بالنظر في أمور الغيب، ولا فيما لا يحيط به علماً، والبشر لا يحيطون علماً بالله ولا بصفاته، كما قال تعالى : يعلم ما بين أيديهم وما خلفهمولا يحيطون به علما[طه : 110]
3- موافقتها للفطرة القويمة، والعقل السليم:
فعقيدة أهل السنة والجماعة ملائمة للفطرة السليمة، موافقة للعقل الصريح، الخالي من الشهوات والشبهات.
4- اتصال سندها بالرسول صلى الله عليه وسلم والتابعين وأئمة الدين قولاً، وعملاً، واعتقاداً:
وهذه الخصيصة قد اعترف بها كثير من خصومها؛ فلا يوجد- بحمد الله - أصل من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة- ليس له أصل أو مستند من الكتاب والسنة، أو من السلف الصالح، بخلاف العقائد الأخرى المبتدعة .
5- الوضوح والسهولة والبيان : فهي عقيدة سهلة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، فلا لبس فيها، ولا غموض، ولا تعقيد؛ فألفاظها واضحة، ومعانيها بينة، يفهمها العالم والعامي، والصغير والكبير، فهي تستمد من الكتاب والسنة؛ وأدلة الكتاب والسنة كالغذاء ينتفع به كل إنسان، بل كالماء الذي ينتفع به الرضيع، والصبي، والقوي، والضعيف.
6- السلامة من الاضطراب والتناقض واللبس :
فلا مكان فيها لشيء من ذلك مطلقاً، كيف لا وهي وحي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؟
فالحق لا يضطرب، ولا يتناقض، ولا يلتبس .
بل يشبه بعضه بعضاً، ويصدق بعضه بعضاً : وَلَوْ كَانَمِنْ عِنْدِغَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا
فِيهِاخْتِلافًا كَثِيرًا [النساء: 82] .
7- أنها قد تأتي بالمحار، ولكن لا تأتي بالمحال :
ففي العقيدة الإسلامية ما يبهر العقول، وما قد تحار فيه الأفهام، كسائر أمور الغيب؛ من عذاب القبر ونعيمه، والصراط، والحوض، والجنة والنار، وكيفية صفات الله عز وجل.... فالعقول تحار في فهم حقيقة هذه الأمور، وكيفياتها، ولكنها لا تحيلها بل تُسُلِّم لذلك، وتنقاد، وتذعن؛ لأن ذلك صدر عن الوحي المنزل، الذي لا ينطق عن الهوى.... .
8- العموم والشمول والصلاح :
فهي عامة ، شاملة، صالحة لكل زمان ومكان، وحال، وأمة..... بل إن الحياة لا تستقيم إلا بها...
9- الثبات والاستقرار والخلود :
فهي عقيدة ثابتة، مستقرة خالدة، فلقد ثبتت أمام الضربات المتوالية التي يقوم بها أعداء الإسلام؛ من اليهود، والنصارى، والمجوس، وغيرهم....
فما إن يعتقد هؤلاء أن عظمها قد وهن، وأن جذوتها قد خبت، ونارها قد انطفأت، حتى تعود جذعة ناصعة نقية؛ فهي ثابتة إلى قيام الساعة، محفوظة بحفظ الله_تعالى_تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل؛ ورعيلاً بعد رعيل، لم يتطرق إليها التحريف، أو الزيادة، أو النقصان، أو التبديل.... قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9].
10- أنها سبب للنصر والظهور والتمكين :
فذلك لا يكون إلا لأهل العقيدة الصحيحة، فهم الظاهرون، وهم الناجون، وهم المنصورون كما قال صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " [أخرجه مسلم و البخاري بنحوه]..
فمن أخذ بتلك العقيدة أعزه الله، ومن تركها خذله الله .
وقد عُلِم ذلك كلُّ من قرأ التاريخ، فمتى حاد المسلمون عن دينهم- حاق بهم ما حاق، كما حدث لهم في الأندلس وغيرها .
11- أنها ترفع قدر أهلها :
فمن اعتقدها، وزاد علماً بها، وعملاً بمقتضاها، ودعوة للناس إليها؛ أعلا الله قدره، ورفع له ذكره، ونشر بين الناس فضله، فرداً كان أو جماعة؛ ذلك أن العقيدة الصحيحة هي أفضل ما اكتسبته القلوب، وخير ما أدركته العقول؛ فهي تثمر المعارف النافعة، والأخلاق الذكية العالية ... .
1- العقيدة : لـــغـــة : على وزن فعيلة بمعنى مفعولة، فهي مأخوذة من العقد، وهو الجمع بين أطراف الشيء على سبيل الربط والإبرام والإحكام والتوثيق، ويستعمل ذلك في الأجسام المادية، كعقد الحبل، ثم توسع في معنى العقد فاستعمل في الأمور المعنوية، كعقد البيع وعقد النكاح .
وكلمة العقيدة لم ترد في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية، وإنما وردت مادتها فقط في مثل قوله تعالى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء :33] وقولهتعالى: وَلاتَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ[البقرة 235] ، فمدارها في اللغة على الثبات والتأكد والشدة والصلابة والوثوق .
"وأما معاجم اللغة القديمة فلم ترد فيها كلمة العقيدة باستثناء المصباح المنير فقد ذكر الفيومي أن العقيدة ما يدين الإنسان به، فهي الإيمان بحقيقة معينة إيماناً لا يقبل الشك أو الجدل " المصباح رضي الله عنه 2/ 421) .
وقد ذكر المعجم الوسيط أن العقيدة : هي " الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقِده، ويراد منها الاعتقاد والمعتقد ..و جمعها عقائد" الوسيط رضي الله عنه 2/ 637) .
اصطلاحاً : العقيدة في اصطلاح علماء التوحيد : هي الإيمان الذي لا يحتمل النقيض .
وقيل " العلم بالأحكام الشرعية العقدية المكتسبة من الأدلة اليقينية، ورد الشبهات وقوادح الأدلة الخلفية " .
والتعريف المختار لمصطلح العقيدة : " التصديق القلبي الجازم، المستلزم لانقياد الجوارح، بجملة الحقائق الواردة في القرآن أو السنة الصحيحة، المتعلقة بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله واليوم الآخر ، والقضاء والقدر" .
وبعض الباحثين يرى هذا التعريف للاعتقاد، وأما العقيدة فيراد بها نفس تلك الحقائق الواجب التصديق بها .
وعليه فالعقائد أمور عملية يجب على المسلم أن يعتقدها في قلبه، لأن الله أخبره بها بطريق كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأصول العقائد التي أمرنا الله باعتقادها هي المذكورة في قوله تعالى : آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَاغُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [ البقرة 285] ، وحددها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور بقوله : " أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره " .
وحتى تصبح هذه الأصول عقيدة لابد أن نصدق بها تصديقا جازماً لاريب فيه، فإن كان فيها ريب أو شك كانت ظنا لا عقيدة، قال صاحب الوسيط " العقيدة : الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقِده " رضي الله عنه 2/614)، ودليل ذلك قوله تعالى : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِوَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [ الحجرات : 15 ] .
وقد ذم الله المشركين المرتابين فقال سبحانه : وارتابت قُلُوبُهُمْ فَهُمْ في رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ [التوبة:45]
ويلاحظ أن المسائل التي يجب اعتقادها أمور غيبية، ليست مشاهدة منظورة، وهي ممدوحة المؤمنين عند ربهم قال تعالى : الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ[ البقرة : 3 ] ، فالله غيب، كذلك ملائكته واليوم الآخر، أما الكتب والرسل فقد يتبادر أنها تشاهد وتنظر، ولكن المراد هو الإيمان بنسبتها إلى الله، أي كون الرسل مبعوثين من عند الله، وأن الكتب منزلة من عند الله، وهذا أمر غيبي .
2- التوحيد : لــــغــة : مشتق من وحد يوحد توحيداً، فهو مصدر للفعل وحد بمعنى جعله واحداً وأطلق على الفرد المتميزعن غيره، فالواحد هو المنفرد بخصائصه عما سواه، ومن هذا المعنى قولهم : واحد زمانه أي : فرداً
فيه إما علماً أوعقلاً أو كرماً .
اصطلاحاً : هو إفراد الله تعالى بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات و الأفعال.
وعرفه بعضهم بقوله : " العلم الذي يقتدر به على إثبات العقائد الدينية بالأدلة اليقينية " .
3- الإيمـــان : لــــــغـة : قال الأزهري " الإيمان : مصدر آمن إيمانا فهو مؤمن ، واتفق أهل العلم من اللغويين أن الإيمان هو التصديق "( تهذيب اللغة ) ( 15/510 ) ويكون بالفعل كما يكون بالقول .
اصطلاحاً : الإيمان في خطاب الوحي يطلق على الاعتقاد القلبي ، والإقرار اللفظي ، والعمل الحسي امتثالاً للأوامر ، واجتناباً للمناهي .
قال الإمام الآجري – رحمه الله – في كتاب الشريعة – باب القول بأن الإيمان تصديق بالقلب ، إقرار باللسان ، وعمل بالجوارح ، لا يكون مؤمناً إلا بأن تجتمع فيه الخصال الثلاث .
" اعلموا - رحمنا الله وإياكم- أن الذي عليه علماء المسلمين : أن الإيمان واجب على جميع الخلق وهو تصديق بالقلب و إقرار باللسان وعمل بالجوارح ، ثم اعلموا أنه لا تجزئ معرفة القلب والتصديق ، إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقاً ، ولا تجزئ معرفة القلب ونطق اللسان حتى يكون عمل الجوارح، فإذا كملت فيه هذه الثلاث الخصال كان مؤمناً دل عليه القرآن والسنة وقول علماء المسلمين " ( 2 /611 ) .
قال البخاري – رحمه الله - : " كتبت عن ألف نفر من العلماء وزيادة، ولم اكتب إلا عمن قال الإيمان قول وعمل، ولم اكتب عمن قال : الإيمان قول " ( اللالكائي 5/958 ) .
وقال الحميدي شيخ البخاري – رحمهما الله- : " وأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص لا ينفع قول إلا بعمل، ولا عمل ولا قول إلا بنية، ولا قول وعمل ونية إلا بسنة " ( أصول السنة 2/ 546 ) .
قال الطبري – رحمه الله- : وبه جاء الخبر عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه مضى أهل الدين والفضل " ( صريح السنة / 25 ) .
وحكى الإجماع كثير من أهل العلم على " أن الإيمان قول وعمل ونية، لا يجزئ واحد من ثلاثة إلا بالآخر " كشيخ الإسلام ابن تيمية، والشافعي، وابن عبد البر، وابن بطة، و البغوي، والقاضي عِياض، والقاسم ابن سلام، يقول – رحمه الله - : " على مثل هذا القول كان سفيان، والأوزاعي، ومالك " فهذا مذهب الصحابة والتابعين وسائر علماء المسلمين، كلهم يقولون : الإيمان قول وعمل واعتقاد .
4-السنة : لــغــــة : الطريق والسيرة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : لتتبْعن سنن من كان قبلكم " أي : طريقته في الدين ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " من سن سنة حسنة " أي سيرة ، وانظر لسان العرب ( 6/ 395 ) .
اصطلاحا : السنة لها معان اصطلاحية متعددة بحسب الفن الذي ترد فيه، فالسنة عند الفقهاء غيرها عند المحدثين، غيرها عند الأصوليين .
لكن يعنينا هنا معناها عند علماء الاعتقاد، وهي عندهم على معنيين : الثاني منهم متفرع عن الأول، متأخر عنه .
فالأول هو الأصل في إطلاق السنة في اصطلاح السلف، وهو : " ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من العلم والعمل والهدي وكل ما جاء به مطلقا " وعلى هذا المعنى فهي مرادفة للدين والشريعة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " السنة هي الشريعة، وهي ما شرعه الله ورسوله من الدين " ( الفتاوى 4/ 436 )
أما الإطلاق الثاني فيقصد به " العقيدة الصحيحة الثابتة بالكتاب والسنة " حيث أطلق السلف مصطلح " السنة " على أصول الدين، وفرائض الإسلام، وأمور الاعتقاد، والأحكام القطعية في الدين وعلى هذا جرى أحمد وغيره من الأئمة في تصنيفهم كتب الاعتقاد باسم السنة ، كالسنة لابن أبي عاصم وأبي بكر الأثرم، قال ابن رجب - رحمه الله - " وكثير من العلماء المتأخرين يخص السنة بما يتعلق بالاعتقاد، لأنها أصل الدين، والمخالف فيها على خطر عظيم"
(جامع العلوم 2/120).
5- أصــــــول الدين: وهذا المصطلح مركب من مضاف ومضاف إليه، ويْعرف باعتبار مفرديه أولاً.
فالأصل: لــــــــغـة : " ما يبنى عليه غيره، أو ما يتفرع عنه غيره"
اصطلاحاً : يطلق على " القواعد والأسس العامة"
الدين : لـــــــــغـة : " يطلق على الذل والخضوع، كما يطلق على الجزاء والحساب ( لسان العرب 4/458).
اصطـلاحـاً : هو " جملة الأحكام الاعتقادية التي تحدد ما ينبغي أن يتصف به الله من صفات، وجملة الأحكام العملية التي ترسم طريق عبوديته سبحانه" (الدين لعبد الله دراز/ 44) .
والمستفاد من هذا التركيب الإضافي، أن أصول الدين هي المبادئ العامة، والقواعد الكلية الكبرى التي بها تتحقق طاعة الله ورسوله.
وممن ألف في العقائد واعتمد هذه التسمية، ابن بطة العْكبري في " الشرح والإبانة عن أصول السنة والديانة"
" وأبو الحسن الأشعري في " الإبانة عن أصول الديانة " .
6-الشريعة : لـــــغــة : من الشرع وهو البيان والمورد والطريق" لسان العرب " (7/86).
اصطلاحاً : الشريعة هنا كالسنة، فقد يراد بها ما سنه الله وشرعه من العقائد، وقد يراد بها ما سنه وشرعه من العمل، وقد يراد بها كلاهما، ثم أطلقت الشريعة أخيراً على العقائد وخصت بها، قال ابن تيمية – رحمه الله – : "أطلقت الشريعة بإطلاق أخص على العقائد التي يعتقدها أهل السنة من الإيمان، مثل اعتقادهم أن الإيمان قول وعمل وأن الله موصوف بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله.. إلخ " ( الفتاوى 19/ 306).
وممن ألف في الاعتقاد كتباً تحمل اسم الشريعة: أبو بكر الآجري في " الشريعة" وابن بطة العْكبري الحنبلي في " الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة " .
7- الفقه الأكبر: لغة : الفقه هو الفهم، وأضيف إلى الأكبر لإخراج الفقه الأصغر وهو علم الحلال والحرام وعلم الفروع، وهو اصطلاح عرف في القرن الثاني الهجري حيث سمى الإمام أبو حنيفة النعمان كتابه الذي جمع فيه
جملة اعتقادات السلف " الفقه الأكبر " .
قال أبو حنيفة: " الفقه الأكبر في الدين أفضل من الفقه في العلم، ولأن يتفقه الرجل كيف يعبد ربه خير له من أن يجمع العلم الكثير" (نظم الدرر 28) .
8- السلف : لـــــغــة : " أصل يدل على تقدمٍ وسبقٍ، من ذلك السلف الذين مضوا" (مقاييس اللغة 3/95).
وقد استعلمت كلمة " سلف" في القرآن والسنة للدلالة على نفس المعنى ، وهو التقدم والسبق في الزمن، قال تعالى: )(فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ) [ الزخرف: 59 ] أي : قوماً سابقين من جاء بعدهم .
وفي السنة :قول النبي صلى الله عليه وسلم- لابنته فاطمة – رضي الله عنها وأرضاها: " نِعًمُ السلف أنا لكِ " رواه البخاري ( 6285).
اصطلاحاً : عند علماء العقيدة يطلق " السلف " على الصحابة والتابعين لهم بإحسان وتابعيهم، وأئمة الإسلام العدول، ممن اتفقت الأمة على إمامتهم وعظم شأنهم في الدين وتلقى المسلمون كلامهم خلف عن سلف
بالقبول، دون من رْمِيُ ببدعة، أو لقب غير مرضي؛ كالخوارج، والرافضة، والقدرية، والمرجئة،
والأشعرية، والمعتزلة، والجهمية ونحوهم" ( لوامع الأنوار 1/120).
وهم بهذا المعنى شخصية اعتبارية ومنهج متبع، فمن التزم بعقائد وأصول هؤلاء الأئمة كان منسوباً إليهم ، وإن باعدت بينه وبينهم الأماكن والأزمان، وكل من خالفهم فليس منهم ، وإن عاش بين أظهرهم وجمعه بهم نفس المكان والزمان.
وبذا يعلم عدم صحة دعوة أن السلفية مرحلة زمنية وكفى، لأن مذهب السلف يشمل جانبين : جانب القدوة، والمنهج المتبع، فالقدوة هم أصحاب العصور الثلاثة، وهم المذكورون في حديثه صلى الله عليه وسلم : خيركم قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم" رواه البخاري ( 6695).
والمنهج المتبع هو الطريقة المتبعة في هذه العصور في الفهم العقدي والاستدلال والتقرر والعلم .
ومن هنا يعلم أن السلفية منهج أصيل، والعبرة بالمعاني لا بالمصطلحات اللفظية.
9- الخلف : لـــــــغــة : " المتأخر في الزمن عمن قبله"
اصطلاحاً : هم كل من رمي ببدعة مكفرة أو مفسقة وذُم ( لوامع الأنوار 1/120).
والخلف هنا أيضا ليس فترة زمنية تنقضي بموت أفرادها ولكنه منهج وقدوة في الباطل، وفساد الاعتقاد وبذا يعلم أنه من مال عن منهج السلف من الصحابة والتابعيين وتابعيهم؛ فهو خلفي وإن جمعه معهم الزمان والمكان، وعلى هذه فإن الدعوة إلى اتباع السلف إنما هي دعوة إلى الإسلام والسنة ولا غضاضة في ذلك.
قال شيخ الإسلام : " لا عيب على من أظهر مذهب السلف. وانتسب إليه، واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه، فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقاً " ( الفتاوى 4/ 149) .
------------------------
اقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم
اللهم اغفر لوالدي وارحمهما وابدلهما دارا خيرا من دارهما واهلا خيرا من اهلهما وادخلهما الجنة واعذهما من عذاب القبر ومن عذاب النار .
اللهم اغفر لهما وارحمهما وأكرم نزلهما ووسع مدخلهما واغسلهما بالماء والثلج والبرد
لاتنسونا من صالح دعائكم
دورة لشرح قطر الندى - وشذور الذهب وشذى العرف وكتب اخرى للشيخ محمد حسن عثمان بمسجد الصفا بشبرا
اللهم اغفر لهما وارحمهما وأكرم نزلهما ووسع مدخلهما واغسلهما بالماء والثلج والبرد
لاتنسونا من صالح دعائكم
دورة لشرح قطر الندى - وشذور الذهب وشذى العرف وكتب اخرى للشيخ محمد حسن عثمان بمسجد الصفا بشبرا
تعليق