إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ظاهرة لبس الجن [ الصرع أو الاقتران الشيطاني ] حقيقه أم خرافه !!

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ظاهرة لبس الجن [ الصرع أو الاقتران الشيطاني ] حقيقه أم خرافه !!

    هذا السؤال وجه لأحد المعالجين وتم الرد عليه بفضل الله تعالى :
    السؤال :
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بسم الله الرحمن الرحيم
    تحياتي لكل اخواني في هذا المنتدى الطيب
    اما بعد :
    فإن هذا الموضوع قد أصبحنا نسمعه صباح مساء فإذا ارتجف من يقف أمامنا قلنا لبسه جني , ان أثيرت شهوته قلنا لبسته جنيه , ان أصبح رأسه يوجعه قلنا مصروع وملبوس , وووأمثله ووقائع كثيره
    في الحقيقه لاأريد ان نتحدث كثيرا في اقتباس الامثله والحوادث التي يتحدثون عنها
    المهم عندي بل عند كل مسلم ان هنالك من هو أصدق منا واعلم بنا منا اجمعين
    وهو الله سبحانه وتعالى
    فليكن حديثنا اذن بناء على ذلك...
    في الحقيقه على حسب علمي الذي لم يبلغ مبلغ علمكم احبائي في الله لم اعرف اي دليل من القرآن الكريم على أن الشيطان يدخل جسم الانسان ويلبسه
    فهذا كله خرافه وأوهام كادها لنا عدو الله وكل ما نسمعه لايتعدى وسواس قاهر من الشيطان او حتى من الانسان
    فالحقائق تبدل بأوهام فيكاد يصقدها الانسان حتى يصبح عنده ايمان بشيء ليس موجود فيأثرعلى سلوكه كليا وينحرف انحراف كليا وكل ذلك لأنه وجد علاقه يعلق عليها سوء أفعاله بالاوهام
    التي امن بها وخرفها له الشيوخ .؟!
    على كل حال لااريد الاطاله بالموضوع لان همي هو معرفة الحقيقه وليس مجرد الحديث وهمي ان اسمع آرائكم بارك الله فيكم
    لي طلب عندكم بارك الله فيكم
    وهو ان يكون نقاشنا نقطة بنقطه حتى ننهيها ويكون على اساس القرآن الكريم وليس اقوال علماء واناس وحوادث قيل وقال
    وبارك الله فيكم مرة اخرى على سعة صدركم
    --------------------
    ..:: رد المعالج ::..
    مسألة ( الاقتران الشيطاني ، المس ، الصرع )
    رد على كلام السائل
    التعديل الأخير تم بواسطة محبة السلف; الساعة 23-11-2012, 09:02 PM.

    رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

  • #2
    رد: ظاهرة لبس الجن [ الصرع أو الاقتران الشيطاني ] حقيقه أم خرافه !!

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

    أولاً أشكرك أخي الحبيب على تلك الكلمات التي تعبر على سمو أخلاقكم وطيب كرمكم ، وأدبكم الجم ، وأخلاقكم الكريمة ، وأحسب أنكم على خير وصلاح والله حسيبكم 0

    أما بخصوص سؤالك أخي الحبيب مسألة ( الاقتران الشيطاني ، المس ، الصرع ) ، فقد تم اشباع هذا الموضوع بحثاً في هذا المنتدى الطيب ، وإليكَ أخي الحبيب بعض الروابط التي تتحدث عن ذلك : ( اكتفيت بوضع رابط فقط )

    الرابط الأول :
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

    أشكرك أخي الكريم ( سعيد بن سعيد ) على طرحك هذا الموضوع القيم والمفيد ، حيث ظهر في الآونة الأخيرة كثير من الأصوات التي تنكر تلبس الجن بالإنس ( الاقتران الشيطاني ) ، وهذه الظاهرة في حقيقتها ليست وليدة هذا القرن أنما هي تقليد أعمى لبعض من سبق في بحث هذا الأمر ، وحيث أنني قد قمت بتأصيل هذه المسألة من الناحية الشرعية في كتابي ( منهج الشرع في بيان المس والصرع ) ، وأوردت كافة الأدلة النقلية الصحيحة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال أهل العلم قديماً وحديثاً ، ومن أراد الاستزاد فعليه العودة إلى الكتاب المذكور ، فقد بينت أن الأمر ثابت في الكتاب والسنة وعند أثبات علماء أهل السنة والجماعة 0

    وبناء على تساءل أخي الكريم ( المتأمل خيراً ) فلا بد تحت هذا العنوان من عرض مسألتين أساسيتين هما :

    الأولى : تعريف الصرع ( المس ) في اللغة والإصطلاح :

    المس لغة : مس الجن للإنسان 0

    قال ابن منظور : ( ثم استعير المس للجنون كأن الجن مسته يقال به مس من جنون ) ( لسان العرب – 6 / 218 ) 0

    المس اصطلاحا : ( هو تعرض الجن للإنس بإيذاء الجسد خارجيا أو داخليا أو كليهما معا ، بحيث يؤدي ذلك لتخبط في الأفعال مما يفقد المريض النظام والدقة والأتاة والروية في أفعاله ، وكذلك يؤدي للتخبط في الأحوال فلا يستقر المريض على حالة واحدة )0

    قال صاحبا الكتاب المنظوم فتح الحق المبين : ( والمس اصطلاحا : أذية الجن للإنسان من خارج جسده أو من داخله أو منهما معا ، وهو أعم من الصرع ) ( فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين – ص 61 ) 0

    الثاني : بعض أقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين ممن أنكر الصرع وأرجعوا حالاته للوسوسة والرد على ذلك :

    قال القاضي أبو يعلى : ( ولا سبيل للشيطان إلى تخبيط الإنسي كما كان له سبيل إلى سلوكه ووسوسته ، وما تراه من الصرع والتخبط والاضطراب ليس من فعل الشيطان لاستحالة فعل الفاعل في غير محل قدرته ، وإنما ذلك من فعل الله تعالى بجري العادة ، ولا يكون المجنون مضطراً إلى ذلك 0
    وقد يتوصل من الشيطان وسواس ، والوسواس يحتمل أن يفعل كلاماً خفياً يدركه القلب ، ويمكن أن يكون هو الذي يقع عند الفكر ، ويكون منه مس وسلوك ودخول في أجزاء الإنسان ويتخطفه ، خلافاً لبعض المتكلمين في إنكارهم سلوك الشيطان في أجسام الإنس ، وزعموا أنه لا يجوز وجود روحين في جسد ، والدلالة عليه قوله تعالى : ( الَّذِينَ يَأكلونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ) ( سورة البقرة – الآية 275 ) ، وقال تعالى : ( الَّذِي يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ النَّاسِ ) ( سورة الناس – الآية 5 ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) ( متفق عليه ) ، ولأنه لا يمتنع أن يدخل الشيطان في أجسامنا سواء كانت رقيقة أو كثيفة كالطعام والشراب ) ( المعتمد في أصول الدين – ص 173 ، 174 ) 0

    * قال الجُبَّائي : ( الناس يقولون : المصروع إنما حدثت به تلك الحالة لأن الشيطان يمسه ويصرعه ، وهذا باطل ، لأن الشيطان ضعيف لا يقدر على صرع الناس وقتلهم ، والشيطان يمس الإنسان بوسوسته المؤذية التي يحدث عندها الصرع ، وهو كقول أيوب عليه السلام : ( أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ) ( سورة ص – الآية 41 ، 42 ) وإنما يحدث الصرع عند تلك الوسوسة ، لأن الله تعالى خلقه من ضعف الطباع ، وغلبة السوداء عليه بحيث يخاف عند الوسوسة ، فلا يجترئ ، فيصرع عند تلك الوسوسة ، كما يصرع الجبان من الموضع الخالي 0 ولهذا المعنى لا يوجد هذا الخبط في الفضلاء الكاملين ، وأهل الحزم والعقل ، وإنما يوجد فيمن به نقص في المزاج وخلل في الدماغ ) ( تفسير الفخر الرازي – باختصار – 7 / 95 ، 96 ) 0

    * قال الشيخ مصطفى المراغي في تفسير آية " كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " : ( إن هذا النص القرآني جاء موافقاً لما يعتقده العرب ، وإن كان من " زعماتهم " فكانوا يقولون : رجل ممسوس : أي مسه الجن ، ورجل مجنون : إذا ضربته الجن ) ( تفسير المراغي – 3 / 63 ، 64 ) 0

    * قال الألوسي : ( وقد أنكر القَفَّالُ من الشافعية أيضاً أن كون الصرع والجنون من الشيطان ، لأنه لا يقدر على ذلك ) ( روح المعاني – 3 / 49 ) 0

    * قال الزمخشري : ( وتخبط الشيطان من زعمات العرب ، يزعمون أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع 0 والمس والجنون 0 ورجل ممسوس وهذا أيضاً من زعماتهم 0 وأن الجني يمسه فيختلط عقله 0 وكذلك جن الرجل معناه ضربته الجن ) ( تفسير الكشاف – 1 / 165 ) 0

    وتبعه البيضاوي في قوله وهو : ( أي التخبط والمس ، وأرد على ما يزعمون الخ 00 ) ( تفسير البيضاوي - 1 / 173 ) 0

    وتبعهما أبو السعود في هذا القول ( تفسير المنار – 3 / 195 ) 0

    قال القاضي عبد الجبار الهمذاني المعتزلي : ( وربما قيل : إن قوله : ( الَّذِينَ يَأكلونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ) ( سورة البقرة – 275 ) كيف يصح ذلك وعندكم أن الشيطان لا يقدر على مثل ذلك ؟ 0 وجوابنا أن مس الشيطان : إنما هو بالوسوسة كما قال تعالى في قصة أيوب : ( مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ) ( سورة ص - 42 ، 43 ) كما يقال فيمن تفكر في شيء يغمه قد مسه التعب ، وبين ذلك قوله في صفة الشيطان : ( وَمَا كَانَ لِى عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِى ) ( سورة إبراهيم – جزء من الآية 22 ) ولو كان يقدر على أن يخبط لصرف همته إلى العلماء والزهاد وأهل العقول ، لا إلى من يعتريه الضعف ، وإذا وسوس ضعف قلب من يخصه بالوسوسة ، فتغلب عليه المرة ، فيتخبط كما يتفق ذلك في كثير من الإنس إذا فعلوا ذلك بغيرهم ) ( تنزيه القرآن عن المطاعن – ص 54 ) 0

    وقد رد الناصر في " الانتصار " حيث قال : ( معنى قول الكشاف من زعمات العرب أي كذباتهم وزخارفهم التي لا حقيقة لها 0 وهذا القول على الحقيقة من تخبط الشيطان بالقدرية من زعماتهم المردودة بقواطع الشرع - ثم ساق ما ورد في ذلك من الأحاديث والآثار – وقال بعده : واعتقاد السلف وأهل السنة أن هذه أمور على حقائقها واقعة كما أخبر الشرع عنها 0 وإنما القدرية خصماء العلانية 0 فلا جرم أنهم ينكرون كثيراً مما يزعمونه مخالفاً لقواعدهم 0 من ذلك : السحر ، وخبطة الشيطان ، ومعظم أحوال الجن 0 وإن اعترفوا بشيء من ذلك فعلى غير الوجه الذي يعترف به أهل السنة وينبئ عنه ظاهر الشرع في خبط طويل لهم ) ( نقلاً عن التداوي بالقرآن والسنة والحبة السوداء – ص 61 ) 0

    قال ابن عاشور : ( وترددت أفهام المفسرين في معنى إسناد المس بالنصب والعذاب إلى الشيطان ، فإن الشيطان لا تأثير له في بني آدم بغير الوسوسة كما هو مقرر من مكرر آيات القرآن ، وليس النصب والعذاب من الوسوسة ولا من آثارها ) ( نقلاً عن كتاب " الأسطورة التي هوت – علاقة الإنسان بالجان - ص 75 ) 0

    وقال أيضاً : ( 000 وعندنا هو أيضاً مبني على تخييلهم ، والصرع إنما يكون من علل تعتري الجسم ، مثل فيضان المِرَّة عند الأطباء المتقدمين وتشنّج المجموع العصبي عند المتأخرين ، إلا أنه يجوز عندنا أن تكون هذه العلل كلها تنشأ في الأصل من توجهات شيطانية ، فإن عوالم المجردات – كالأرواح – لم تنكشف أسرارها لنا حتى الآن ، ولعل لها ارتباطات شعاعية هي مصادر الكون والفساد ) 0

    وقال : ( والذي يتخبطه الشيطان هو المجنون الذي أصابه الصرع ، فيحدث له اضطرابات 0 ويسقط على الأرض إذا أراد القيام ) ( تفسير التحرير والتنوير – 3 / 82 ، 83 ) 0

    قال الأستاذ أبو الوفا محمد درويش من جماعة أنصار السنة : ( يزعم الناس أن للشيطان قدرة على خبط الإنسان وضربه ومسه مساً مادياً يؤدي به إلى الصرع ، وهذا زعم باطل كل البطلان ، روجه في الناس طائفة من الدجالين الذين يحاولون أن يحتالوا على الناس ليسلبوهم أموالهم ويعبثوا بعقولهم 0

    وقال أيضاً : ( ولا حجة لهم في هذا ، لأن المسَّ فيه معنى غير المعنى الذي يتوهمون ، فهو من الأمور الغيبية التي نؤمن بها ولا ندرك كنهها ، ولو كان كما زعموا أصبح الناس جميعاً صرعى يتخبطون ، وهذا غير الواقع المشاهد ) ( صيحة حق – ص 204 ) 0

    قال الشيخ محمود شلتوت : ( ومع هذا كله قد تغلب الوهم على الناس ، ودرج المشعوذون في كل العصور على التلبيس ، وعلى غرس هذه الأوهام في نفوس الناس ، استغلوا بها ضعاف العقول والإيمان ، ووضعوا في نفوسهم أن الجن يلبس جسم الإنسان ، وأن لهم قدرة على استخراجه ، ومن ذلك كانت بدعة الزار ، وكانت حفلاته الساخرة المزرية ، ووضعوا في نفوسهم أن لهم القدرة على استخدام الجن في الحب والبغض ، والزواج ، والطلاق ، وجلب الخير ودفع الشر ، وبذلك كانت " التحويطة والمندل وخاتم سليمان " 000 وقد ساعدهم على ذلك طائفة من المتسمين بالعلم والدين ، وأيدوهم بحكايات وقصص موضوعة ، أفسدوا بها حياة الناس ، وصرفوهم عن السنن الطبيعية في العلم والعمل ، عن الجد النافع المفيد 0
    وجدير بالناس أن يشتغلوا بما يعنيهم ، وبما ينفعهم في دينهم ودنياهم ، جدير بهم أن لا يجعلوا لدجل المشعوذين سبيلاً إلى قلوبهم فليحاربوهم وليطاردوهم حتى يطهر المجتمع منهم ، وليعرفوا ما أوجب الله عليهم معرفته مما يفتح لهم أبواب الخير والسعادة ) ( الفتاوى – ص 27 ) 0

    قال الغزالي – رحمه الله – في تقديمه لكتاب " الأسطورة التي هوت " : ( هناك خلافات فقهية ينبغي أن نعلن وفاتها ونفض اليدين منها 0 وبعض الناس يجاوز النقل والعقل معاً ، ويتعلق بمرويات خفيفة الوزن أو عديمة القيمة ، ولا يبالي بما يثيره من فوضى فكرية تصيب الإسلام وتؤذي سمعته ! ومن هذا القبيل زعم بعض المخبولين أنه متزوج بجنية ، أو أن رجلاً من الجن متزوج بإنسية ، أو أن أحد الناس احتل جسمه عفريت ، واستولى على عقله وإرادته ! وقد التقيت بأصحاب هذه المزاعم في أقطار شتى من دار الإسلام ، وقلت ساخراً : هل الجن تخصصوا في ركوب المسلمين وحدهم ؟
    فقلت : أي روايات بعد ما كشف القرآن وظيفة الشيطان ورسم حدودها ؟ فكيف يحتل الجني جسماً ويصرفه برغم أنف صاحبه المسكين ؟ إن الشيطان يملك الوسوسة ، والتحصن منها سهل بما ورد من آيات وسنن 0 فلا تفتحوا أبواباً للخرافات بما تصدقون من مرويات تصل إليكم ! قال لي أحدهم : إن هناك شياطين متشردة قد تعتدي على هذا وذاك من الفتيان والفتيات ولا حرج علينا أن نطلب لهم الطب الشافي من أي مصدر ! وقد بلغنا أن رجالاً من أمتنا كانوا يستخرجون الأرواح الشريرة من أجسام هؤلاء المصابين المساكين ، ونحن نصدقهم ونتأسى بهم ! وقد شاع هذا القول منسوباً إلى ابن تيمية – رحمه الله – 0
    قلت : هناك أمراض نفسية أصبح لها تخصص علمي كبير ، وهذا التخصص فرع من تخصصات كثيرة تعالج ما يعتري البشر من علل 00 ولكني لاحظت أنكم تذهبون إلى دجالين في بعض الصوامع والأديرة فيصفون لكم علاجات سقيمة ويكتبون لكم أوراقاً ملئ بالترهات ، فهل هذا دين ؟
    إن الإسلام دين يقوم على العقل ، وينهض على دعائم علمية راسخة ، وقد استطاعت أمم في عصرنا هذا بالعلم أن تصل إلى القمر ، وتترك عليه آثارها ! فهل يجوز لأتباع دين كالإسلام أن تشيع بينهم هذه الأوهام عن عالم الجن ، فيجروا وراءها هنا وهناك ؟ إن الله عز وجل سائل المسلمين عما فعلوا بدينهم وعما لحق بهذا الدين البريء من تهم 00 ! ) ( نقلاً عن كتاب " الأسطورة التي هوت – علاقة الإنسان بالجان – باختصار - ص 5 ، 8 ) 0

    قال الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر – رحمه الله - : ( أنه لا يوجد دليل قطعي في العقيدة الإسلامية على إمكانية دخول الجن في جسد إنسان وامتزاجهما جسداً واحداً 000 وقال : إنه لهذا من ينكر هذه الإمكانية لا يكفر أو يفسق ، لأنها ليست من العقائد أو الغيبيات 0
    وبين حقيقة المس حيث قال : إنه يكون بمثابة تسلط من الجن على الإنس كما يحدث في التنويم المغناطيسي الشائع حيث يتبع الإنسان الذي يتم تنويمه المنوم المغناطيسي في أقواله ولغته وربما في صوته 0
    وأضاف أنه لذلك فإن ما يحدث " للمصروع " ليس أثراً لتداخل جسمين " جن وإنس " وامتزاجهما جسداً واحداً أو نحوه وإنما نتيجة التسلط كما يحدث في التنويم المغناطيسي ) ( جريدة الرأي الأردنية – العدد 8442 ، تاريخ 2 جمادى الثانية 1415 هـ ، الموافق 6 تشرين الثاني 1994 م ) 0

    قلت : هذا الكتاب وهو " الأسطورة التي هوت " كتاب يرد المسألة من أساسها – أعني بذلك صرع الجن للإنس – حيث رد أقوال علماء الأمة الأجلاء وتجرأ عليهم بأسلوب فيه انتقاص من قدرهم وتهكم لمعرفتهم ، بل وصل به الأمر إلى تضعيف الصحيح وتنميق السقيم ، واتبع بذلك أسلوبا يعتمد على الكلام المنمق والعبارات المعسولة دون اتباع الدليل النقلي الصحيح ، والذي يرى – من وجهة نظره – أنها أدلة ضعيفة ، ولا يهمنا الكاتب بقدر ما يهمنا المنهج والمعتقد الذي يحمله ويروج له ، ومن خلال تتبعي لصفحات هذا الكتاب وما سيق فيه من ترهات وتجاوزات وشطحات وذكر لبعض القصص المختارة بعناية فائقة وكأنها أصبحت الدليل الذي يستند إليه الكاتب في تقرير هذه المسألة الشرعية ، أرى أن صاحبها من أصحاب المدرسة العقلية الإصلاحية التي تتجه في تقرير المسائل إلى تقديم العقل على النقل ، وهذا منهج المعتزلة الذين خالفوا سلف الأمة وأئمتها فإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله ) 0

    يقول الشيخ محمد بن محمد الناجم الشنقيطي : ( الغزالي أفضى إلى ما قدم ، ومنهجه معروف ولا يحتج بكلامه ، لأنه سلك مسلك العقلانيين في الدين وذلك عين الضلال إذ :-
    ليس للعقل مجال في النظر00000000000000000000000إلا بقدر ما من النقل ظهر
    ( منهج الشرع في بيان المس والصرع – الحاشية - ص 126 ) 0

    قال الدكتور محمد الشريف عميد كلية الشريعة في جامعة الكويت عندما سئل عن حقيقة مس الجن للإنسان هل هو حقيقة أم خيال ؟

    ( إن طرق إثبات الحقائق في الواقع ثلاثة : إما عن طريق الحس ، أي بالحواس الخمس ، إذا لم يعتبرها لبس أو خطأ ، أو بالعقل والمقصود به القواعد العقلية المتفق عليها وليست عقل لكل فرد على حدة ، أما الطريق الثالث والأخير فهو عن طريق الخبر الصادق أي الذي لا يختلف عليه أحد ، والمقصود به الخبر القطعي غير القابل للشك 0
    وقضية مس الجن للإنسان أو التلبس به لم يثبت عن أي طريق من هذه الطرق الثلاث ، فأخباره إما صحيحة غير صريحة ، وإما صريحة غير صحيحة 0 كما أن قصص وحكايات الناس عنه ناتجة عن أوهام وتخيلات ، ولهذا السبب ذهب كثير من علماء المسلمين إلى عدم إمكانه مشيراً إلى ضرورة وجود الأدلة والبراهين الصادقة لا بالتخيلات والأوهام وبعض المعلومات السطحية التي قد يكون قرأها في بعض الكتب غير المثبتة ، ولذا فلا أرى المس حقيقة يمكن تقديم الدليل عليها ) ( مجلة الفرحة – العدد 42 – مارس 2000 م – ص 30 ، 31 ) 0

    قال الأستاذ زهير الشاويش : ( أنه لا يرى هناك تلبساً حقيقياً ، وإنما هي حالات مرضية تعتري بعض الناس ، وهم في الغالب يعانون من ضعف في مداركهم ، أو يمرون في ظروف خاصة ، وأحوال نفسية 000 ويزيد ذلك عليهم الذين يحيطون بهم والذين يتولون علاجهم من الدجاجلة وبعض الأطباء أحياناً ) ( نقلاً عن كتاب " الأسطورة التي هوت – علاقة الإنسان بالجان - ص 68 ) 0

    قال صاحب كتاب " الأسطورة التي هوت – علاقة الجان بالإنسان " : ( لاختلاف المدارس الفكرية والعقلية والنقلية في القرون الوسطى ، واختلاف مناهجهم في الأصول التي يعتمدون عليها ، تختلف وجهات النظر في أمر يعد من الاجتهاد بمكان ، وذلك بالنظر إلى القرآن ، والحديث ، والأخبار في ضوء الأصول العقلية الراجحة 0
    وأكثر العلماء في جميع العصور مبتلون بالتقليد لمن سبقهم ، ذلك أنهم يخشون أن يناقشوا ما أجمع جمهورهم عليه ، للرهبة التي كانت تتسلط عليهم بمخالفة الدين وشرائع الإسلام والزندقة وغيرها 0
    وقل أن تجد فيهم من يناقش المسائل بتجرد علمي قائم على معالجة النصوص معالجة الدليل والبرهان ، والفهم الذي لا يقوده إليه التقليد ) ( نقلاً عن كتاب " الأسطورة التي هوت – علاقة الإنسان بالجان - ص 53 ) 0

    وقال : ( بدأت أكتب وأنا في ذهني وبداية كتابتي ما كان أمامي إلا إثبات الصرع ، والرد على من ينكره 0
    وإذا بي أفاجأ أن ما كنت أعتقده باطل لا أساس له ، ولا دليل يصح فيه ، وهو أوهام لصقت بي من هنا وهناك 00 ، وأن الأمور التجريبية فيه قائمة على وجهة نظر خالية من دليل إلا أن يكون دليل الجهالة وعدم المعرفة 00 حتى صار كل مجهول السبب والعلة سببه شيطان أو جني يعبث بنا 00 إلى غير ذلك من الخرافات 00 التي تلعب دورها أكثر شيء عند ذوي الروحانيات والمصدقين بالغيب ما صح منه وما كذب فيه 0
    وقال أيضاً : وذهب جمهور المفسرين الذين تعرضوا لهذه الآية – يعني آية " إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " – إلى أنها دليل على الصرع ، والمعنى : لا يقومون إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له حقيقة 0
    والواقع أن هذا التفسير بعيد ، ولا يعرف المس بهذا المعنى !!
    ولو استقرأنا ما ورد في كتاب الله تعالى من المس ، لما وجدناه يخرج عن الوسوسة التي نبه الشيطان نفسه أنه لا يحسن غيرها كما في آيات كثيرة ) ( نقلاً عن كتاب " الأسطورة التي هوت – علاقة الإنسان بالجان – باختصار - ص 72 ، 73 ) 0

    ثم ساق بعض النصوص الحديثية من السنة في هذه المسألة إلى أن قال : ( هذه أهم النصوص التي احتجوا بها في الصرع وإثباته ، وهي لا تخلو من أحد أمرين :
    الأول : أن يكون معناها الذي ذكروا غير مسلم به ، بل ما لم يذكروا من معان أقوى في المسألة وأرجح 0
    الثاني : أن تكون ضعيفة ضعفاً لا يقبل معه الاحتجاج بها ، ولا تصلح بمجموعها أن تتقوى ، لأن أغلبها شديد الضعف واضح النكارة في بعض رواتها ، ولأن قسماً منها نشأ من خطأ بعض الرواة فأعرضنا عنها ) ( نقلاً عن كتاب " الأسطورة التي هوت – علاقة الإنسان بالجان - ص 96 ) 0

    ومما قاله أيضاً : ( وقد سمعت وجلست مع عدد من المعالجين الذين كانوا يقومون على إخراج الجن ، فتبين لهم أنهم كانوا في أوهام ، فاعتزلوا هذا العمل وحذروا منه وكان ممن سمعت عنهم وكان له مثل ذلك الموقف أحد المتقدمين في هذه الصنعة ، وهو الشيخ علي مشرف العمري في المدينة المنورة 0

    وقال : يقول شيخ الإسلام ابن تيمية أن الإنس قد يؤذون الجن بالبول عليهم ، أو بصب ماء حار ، أو بقتلٍ ونحو ذلك ، دون أن يشعروا ، فيجازي الجن حينئذ فاعل ذلك من الإنس بالصرع 00

    ويقول بعد أن نقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - وهذا مردود لأسباب ، منها : أن لا دليل على تأذي الجن من ذلك ، ومنها أن الجن عالم لا تؤثر فيهم الماديات كما هو معروف بالنظر ، ومجمل النصوص القرآنية والحديثية ، ومنها أن ذلك القول لم نتلقه إلا من بعض الذين صرعوا أنفسهم بالأوهام والخرافات والحالات النفسية 000 وليس من يتكلم على لسانهم – على زعمهم – بثقة أصلاً ، فكيف نقبل كلامه على فرض أن المتكلم جني 0

    ثم قال : ويقول كثيرون : إن قراءة آية الكرسي وقراءة القرآن على المصروع يؤذي الجن ، واستدلوا ببعض الأحاديث والمشاهدات الحسية لذلك 0
    وينقل رده على ذلك حيث يقول : إن القرآن مصدر هداية لا مصدر تعذيب وإهانة ، فآيات القرآن كلها تشير أن القرآن مصدر هداية للعالمين جميعاً ، وهو تشريع من رب العالمين ) ( نقلاً عن كتاب " الأسطورة التي هوت – علاقة الإنسان بالجان - ص 102 ، 103 ) 0

    ويقول أيضاً : ( أما أن الصوت المتغير دليل على تلبس الجن ، وأن هذا صوته ، فليس يصح دليلاً ، لأن الحالات النفسية عند الإنسان أحياناً تلجئه إلى تمثيل أدوار وانفصام في الشخصية ، ولا علاقة لهذا بالجن مطلقاً 0 ويستطيع كل واحد منا أن يغير صوته بتخشين وتضخيم وترقيق وغير ذلك ، فهل إذا فعل أحدنا هذا كان متلبساً بالجن ؟! دليل غير مقنع ، ولا دليل عليه من القرآن ولا من السنة ، ولا من فعل السلف فيما صح عنهم ) ( نقلاً عن كتاب " الأسطورة التي هوت – علاقة الإنسان بالجان - ص 106 ) 0

    وقال أيضاً : ( وأما ما يدعونه من أن المصروع يكتسب قوة غريبة يعجز عنها عدد من الإخوة ، فلا أظن أن له تفسيراً غير أن المصروع نتيجة اقتناعه بحلول الجني فيه ، يتمثل وكأن فيه قوة خارقة يحاول أن يعبر عنها 0 هذا في بعض الحالات ) ( نقلاً عن كتاب " الأسطورة التي هوت – علاقة الإنسان بالجان - ص 107 ) 0

    وقال : ( وأما ما يدعونه من أن الضرب للمصروع إنما يقع على الجني نفسه ، فهذا عندي باطل ، لأن الماديات كما قررت في كتابي المطول لا تؤثر بالجن في أي حال من الأحوال ، وبعض المعالجين الذين رأيتهم استنكروا أن تكون قضية الضرب مجدية في الجني ، أو مؤثرة فيه ) ( نقلاً عن كتاب " الأسطورة التي هوت – علاقة الإنسان بالجان - ص 108 ) 0

    ويقول أيضاً : ( أما أن بعض الأورام أو الآثار تظهر على جسم الإنسان بسبب الجن ، فهذا ادعاء لظاهرة وجدت مع المرض ، واختفت بعد زوال المرض ، وهو المرض النفسي أو العضوي ، لذا فالمسألة بحاجة إلى تحليل ودراسة من قبل المتخصصين في الطب العضوي والنفسي ، لا من قبل الاجتهاد الشخصي لظاهرة قد يخطئ في إدراكها 0
    وأما أن المصروع يتكلم ببعض اللغات وبعض الغيبيات فقد ثبت بالتجربة المتكررة عندي وعند غيري أن المصروع يسأل عن أشياء في الغرفة التي يخاطب فيها نفسها ، ومع ذلك لا يعرفها ، وهذا الأمر مجرب بكثرة ) ( نقلاً عن كتاب " الأسطورة التي هوت – علاقة الإنسان بالجان - ص 111 ) 0

    وينهي حديثه بخاتمة القول في الصرع فيقول : ( تبين لنا أن لا دليل واضح من الكتاب والسنة على الصرع ، ولا يصح إسناد إلى السلف في معالجته ، وإن صح فإنما هو اجتهاد وليس بحجة 0
    ولم تشتهر مسألة الصرع اشتهاراً قوياً إلا في عصر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فقد حذا حذو تلك القصص المذكورة في الأحاديث غير الصحيحة والأحداث الواردة عند بعض السلف ، والتي لم تثبت صحتها 0
    وليس هناك في حالات الصرع المذكورة قديماً وحديثاً ما يدل أنها من الجن ، وما ظن أنه منه فاحتمال ضعيف جداً ، والواقع أن له تفسيرات أخرى أقوى ) ( نقلاً عن كتاب " الأسطورة التي هوت – علاقة الإنسان بالجان - ص 113 ) 0

    وأختم كافة هذه الترهات والأباطيل التي ساقها صاحب كتاب " الأسطورة التي هوت " وما أرى إلا أنه قد هوى في بحر الضلال والزيغ والباطل ، وحسب ظني وتقديري فإن الكاتب لا يعي ما يقول ، فاقرأ وتمعن :

    ( عندما خاطبت المريض ، فإني خاطبت العقل اللاواعي ، ولم أخاطب جنياً ، بل خاطبت الوهم الموجود في عقله اللاواعي ، والذي اسمه زيزفونة ، وأخرجته بالإيحاء لهذا العقل ، وعندما يعود سمير إلى عقله الظاهر سوف يعلم فيما بعد إذا احتاج عقله الظاهر إلى عقله اللاواعي ، وهو مخزن الوهم ، سيجد أن لا وهم في هذا المخزن ، ولن تعود هذه الحالة له مطلقاً ) ( نقلاً عن كتاب " الأسطورة التي هوت – علاقة الإنسان بالجان - ص 122 ) 0

    تلك بعض النقولات التي ساقها ذلك الهدام والتي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك المنهجية العقلية في الحكم على هذه المسألة - أعني صرع الجن للإنس – وأجد نفسي مترفعاً أن أدخل في نقاش تفصيلي لكل ما ورد آنفاً فصفحات هذه الموسوعة تجيب بأسلوب واضح وبيان ساطع على كافة هذه الترهات والأباطيل ، خاصة ما ذكره الشيخ الغزالي –رحمه الله- وصاحب كتاب" الأسطورة التي هوت " ، لاسيما ما حوته صفحات هذا الكتاب من نقاش وتضعيف لكثير من الأحاديث الصحيحة المأثورة ، وأذكر في ذلك ما نقله العلامة الشيخ " مقبل بن هادي الوادعي " – حفظه الله – حيث يقول : ( فإني لما كنت بمدينة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بلغني أن بعض الناس ينكرون " حديث السحر " فقلت لمن أخبرني : إنه في البخاري ومسلم ، فقال : وهم ينكرونه ، فقلت : بمن ضعفوه ، وكنت أظن أنهم يسلكون مسالك العلماء في النقد والتجريح لعلهم وجدوا في سنده من هو سيئ الحفظ أو جاء موصولاً والراجح أنه منقطع أو جاء مرفوعاً والراجح فيه الوقف كما هو شأن الحافظ الدارقطني - رحمه الله - في انتقاداته على الصحيحين فإذا هؤلاء الجاهلون أحقر من أن يسلكوا هذا المسلك الذي لا يقوم به إلا جهابذة الحديث ونقاده والميزان عند هؤلاء أهواؤهم فما وافق الهوى فهو الصحيح ، وإن كان من القصص الإسرائيلية أو مما لا أصل له وما خالف أهواءهم فهو الباطل ، ولو كان في الصحيحين بل ربما تجاوز بعض أولئك المخذولين الحد وطعن في بعض القصص القرآنية 0
    لذا رأيت أن أقدم لإخواني طلبة العلم هذا الحديث الشريف وتوجيه أهل العلم لمعناه على المعنى الذي يليق بشرف النبوة والعصمة النبوية ولا أدعي أنني صححت الحديث فهو صحيح من قبل أن أخلق ومن قبل أن أطلب العلم وما طعن فيه عالم يعتد به وناهيك بحديث اتفق عليه الشيخان ورواه الإمام أحمد من حديث زيد بن أرقم ولا يتنافى معناه مع أصول الشريعة 0
    والذي أنصح به طلاب العلم أن لا يصغوا إلى كلام أولئك المفتونين الزائغين وأن يقبلوا على تعلم الكتاب والسنة وأن يبينوا للناس أحوال أولئك الزائغين ويحذروا منهم ومن كتبهم ومجلاتهم وندواتهم والله أسأل أن يحفظ علينا ديننا وأن يتوفانا مسلمين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) ( ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر – ص 3 ، 4 ) 0

    وأوكد من خلال طرح هذا الموضوع وما تضمنه كتاب " الأسطورة التي هوت " من جزئيات تخالف بمجملها منهج السلف الصالح الذي يدعي الكاتب الانتماء إليه ، فإني أدعو القارئ الكريم لقراءة هذه الموسوعة قراءة متأنية ، حيث يجد رداً على كافة الشبهات المطروحة ، إلا أنني أجد نفسي مقحماً في إيضاح بعض النقاط الهامة والرئيسة في هذا الموضوع ، وأجملها بالآتي :-

    أولا : إن مسألة صرع الجن للإنس من المسائل المقررة عند علماء أهل السنة والجماعة ، وقد نقل غير واحد من أثبات أهل العلم اتفاق أهل السنة عليها ، وأذكر على سبيل المثال لا الحصر : ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى ( 19 / 9 ، 32 ، 65 - 24 / 277 ) ، وابن القيم في " زاد المعاد ( 4 / 66 ، 67 ) و " بدائع التفسير " ( 5 / 435 ، 436 ) و " وإغاثة اللهفان " ( 1 / 132 ) و " الطب النبوي " ( ص 68 – 69 ) ، وابن كثير في " تفسير القرآن العظيم " ( 1 / 334 – 2 / 267 ) ، والطبري في " جامع البيان في تأويل القرآن " ( 3 / 102 ) ، والقرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " ( 3 / 230 ، 355 ) ، والألوسي في " روح المعاني " ( 2 / 49 ) ، والقاسمي في " محاسن التأويل " ( 3 / 701 ) ، وابن عاشور في " تفسير التحرير والتنوير "( 3 / 82 ) ، والفخر الرازي في " التفسير الكبير( 7 / 89 ) ، ومحمد رشيد رضا في " تفسير المنار " ( 8 / 366 ) ، والحافظ بن حجر في " فتح الباري " ( 6 / 342 – 10 / 115 ، 628 ) ، والنووي في " صحيح مسلم بشرح النووي"( 1،2،3 / 477 – 13،14،15 / 331 – 16،17،18 / 102 ، 415 ) ، والشبلي في " آكام الجان " ( ص 114 – 115 ) ، وعبدالله بن حميد في " الرسائل الحسان في نصائح الإخوان " ( ص 42 ) ، والشوكاني في " نيل الأوطار " ( 8 / 203 ) ، وابن حزم الظاهري في " الفصل في الملل والأهواء والنحل " ( 5 / 14 ) ، وبرهان الدين البقاعي في " نظم الدرر " ( 4 / 112 ) ، ومحمد الحامد الحموي في " ردود على أباطيل " ( 2 / 135 ) ، وابن الأثير في " النهاية في غريب الحديث " ( 2 / 8 ) ، والذهبي في " سير أعلام النبلاء " ( 2 / 590 – 591 ) ، وابن منظور في " لسان العرب " ( 9 / 225 ) ، والعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله - في " السلسلة الصحيحة ( حديث 2918 ، 2988 ) ، والعلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – في رسالة مشهورة ومتداولة ، والشيخ محمد بن صالح العثيمين في " مجموع الفتاوى " ( 1 / 156 – 157 ، 299 ) ، والشيخ أبو بكر الجزائري في " عقيدة المؤمن " ( ص 230 ) ، والشيخ عطية محمد سالم – رحمه الله – في " العين والرقية والاستشفاء من القرآن والسنة " ( ص 23 ) 0

    وأذكر في سياق هذه المسألة كلاماً جميلاً لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حيث سئل عن حقيقة وأدلة أن الجن يدخلون الإنس ، فتراه يضع النقاط على الحروف ويجيب – حفظه الله – بالآتي :

    ( نعم هناك دليل من الكتاب والسنة ، على أن الجن يدخلون الإنس ، فمن القرآن قوله – تعالى - : ( الَّذِينَ يَأكلونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ) ( سورة البقرة – الآية 275 ) قال ابن كثير -رحمه الله- : " لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه ، وتخبط الشيطان له " 0 ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) ( متفق عليه ) 0
    وقال الأشعري في مقالات أهل السنة والجماعة : " إنهم – أي أهل السنة – يقولون إن الجني يدخل في بدن المصروع " 0 واستدل بالآية السابقة 0
    وقال عبدالله بن الإمام أحمد : " قلت لأبي : إن قوماً يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي فقال : يا بني يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه )0
    وقد جاءت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رواها الإمام أحمد والبيهقي ، أنه أتي بصبي مجنون فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول " : اخرج عدو الله ، اخرج عدو الله " ، وفي بعض ألفاظه : " اخرج عدو الله أنا رسول الله " 0 فبرأ الصبي 0
    فأنت ترى أن في هذه المسألة دليلاً من القرآن الكريم ودليلين من السنة ، وأنه قول أهل السنة والجماعة وقول أئمة السلف ، والواقع يشهد به ، ومع هذا لا ننكر أن يكون للجنون سبب آخر من توتر الأعصاب واختلال المخ وغير ذلك ) ( مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – 1 / 293 ، 294 ) 0

    ثانيا : الأدلة النقلية في هذه المسألة متعددة ، فظاهر القرآن ، وصريح السنة الصحيحة يؤكدان حصول ذلك ، وكذلك آثار السلف الصالح ، وقد تم إيضاح ذلك سابقا 0

    ثالثا : لم ينقل الخلاف في هذه المسألة إلا عن بعض أفراد الرافضة والمعتزلة ، أو من تأثر بعقيدتهم ومنهجهم من المنتسبين إلى أهل السنة ، وهم ندرة 0

    رابعا : يلاحظ من كافة النقولات المذكورة آنفا خاصة ما نقله صاحب كتاب " الأسطورة التي هوت " هو تحكيم العقل في تقرير المسائل وإصدار الحكم عليها ، ولا يخفى على كل مسلم أن هذا الاتجاه يخص أصحاب المدرسة العقلية " الإصلاحية " ، ومن روادها جمال الدين الأفغاني ومحمود شلتوت ومحمد عبده 0
    ولا ينكر مسلم قط أهمية العقل بالنسبة للإنسان ، فالحق جل وعلا خاطب العقل في كثير من الآيات المحكمات ، إلا أنه لا يجوز مطلقاً أن يترفع الإنسان بعقله فوق الأمور المادية المحسوسة ليخوض في قضايا غيبية لم ولن يصل إليها وإلى طبيعتها وكنهها مهما بلغ من العلم والمعرفة ، فقضايا الغيب تقرر من خلال النصوص النقلية الصحيحة ، وليس لأحد كائن من كان أن يدلو بدلوه في هذه المسائل دون الدليل النقلي الذي يؤكد ذلك ، والعقل الصريح لا ينكر أيا من مسائل الصرع والسحر والعين ، بل يدل على إمكانية وقوعها وحدوثها فعلاً 0

    خامسا : أما أن يقال بأن " الجن عالم لا تؤثر فيهم الماديات كما هو معروف بالنظر " فهو كلام باطل ، فالعلاقة بين الجن والإنس علاقة قد تؤثر فيها الماديات لكلا الطرفين ، والأدلة والشواهد من السنة الصحيحة تؤكد ذلك ، فقد ثبت من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ، ليجعله في وجهي ، فقلت : أعوذ بالله منك – ثلاث مرات – ثم قلت : ألعنك بلعنة الله التامة ، فلم يستأخر – ثلاث مرات – ثم أردت أن آخذه ، والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب المساجد – صحيح الجامع 2108 ) ، وفي رواية : ( فخنقته حتى شعرت ببرد لعابه ) 0

    يقول الإمام الماوردي في كتابه " أعلام النبوة " في معرض الحديث عن الجن والشياطين ، رادّاً على من أنكر خلق الجن 0 وقد بنى ردّه على شيئين : البرهان النقلي والبرهان العقّلي لمن لم يؤمن بالنصوص الشرعية ، وهو بحث قيم حرصت على ذكره لارتباطه بهذه الجزئية ، قال - رحمه الله - : ( الجن من العالم الناطق المميز ، يأكلون ويشربون ويتناكحون ويموتون ، وأشخاصهم محجوبة عن الأبصار وإن تميزوا بأفعال وآثار 0 إلا أن يختص الله برؤيتهم من يشاء ، وإنما عرفهم الإنس من الكتب الإلهية ، وما تخيلوه من آثارهم الخفية ) ( نقلاً عن كتاب " حقيقة الجن والشياطين من الكتاب والسنة " للمؤلف الأستاذ " محمد علي حمد السيدابي " – ص 12 ) 0

    ومن هنا فإن علماء الأمة يقررون الآثار المادية بين عالم الإنس وعالم الجن ، وبالتالي فإن علاقة الجان بالإنسان قد تتعدى الدخول والتلبس ؛ لتصل إلى الإيذاء ، والمس ، والصرع ، والخطف ، والقتل ، وغيره ، لا سيما أن التجربة تعضد ذلك ، وهي خير شاهد عليه 0

    يقول الدكتور عبدالكريم نوفان عبيدات : ( الاتصال بين الجن والإنس اتصال من نوع خاص ، يختلف فيه عن الاتصال بين الإنسان وأخيه الإنسان ، بل هو اتصال يناسب طبيعة كل منهما ، وفي الحدود التي رسمتها سنن الله تعالى وقوانينه الكونية والشرعية 0 والجن موجودون في كل مكان يكون فيه إنس ، ضرورة أن يكون لكل إنسي شيطاناً وهو قرينه من الجن كما ورد في الحديث ، وهم على هذا يحضرون جميع أحواله وتصرفاته ، لا يفارقونه إلا أن يحجزهم ذكر الله تعالى 0
    والجن مسلَّطون على الإنس بالوسوسة والإغواء تارة ، وتارة أخرى يلبسون جسم الإنسان ، فيصاب عن طريقهم بمرض من الأمراض كالصرع والجنون والتشنج ، وقد يضلون الإنسان عن الطريق ، أو يسرقون له بعض الأموال ، أو يعتدون على نساء الإنس ، وغير ذلك ) ( عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة – ص 254 ) 0

    سادسا : ليس مع المنكرين لتلك المسائل سواء كانت متعلقة بالصرع أو السحر أو العين ، سوى شبهات عقلية واهية ، وحجج نظرية متهاوية ، وإذا أمعنت النظر في صفحات كتاب " الأسطورة التي هوت " لا تجد منطلقاً ومنهجاً صحيحاً في الحكم على الأحاديث ، ولا تجد اتباع مسلك العلماء في النقد والتجريح ، ومن ذلك قوله : ( أن تكون النصوص الحديثية ضعيفة ضعفاً لا يقبل معه الاحتجاج بها ، ولا تصلح بمجموعها أن تتقوى ، لأن أغلبها شديد الضعف واضح النكارة في بعض رواتها ، ولأن قسماً منها نشأ من خطأ بعض الرواة فأعرضنا عنها ) 0
    ولو تتبعت المنقول في هذا الكتاب – أعني الأسطورة - لوجدت قصصاً صيغت بأسلوب يثبت للقارئ ، بأن موضوع الصرع وما يدور في فلكه من أمور أخرى ، هي عبارة عن أوهام وخرافات وأساطير ، ولا أشك مطلقا بأن من استشهد بهم الكاتب من معالجين على أصناف ثلاثة : الأول : صنف نسجه الكاتب من وهمه ومخيلته ، والثاني : جاهل لا يفرق بين أساسيات الرقية الشرعية كحال كثير من المعالجين اليوم ، والثالث : صنف أغوته الجن والشياطين ولبّست عليه في عقله وقلبه ، حتى أصبح لا يدرك ما يقول ، بل وصل به الأمر فتجرأ على علماء الأمة وأفذاذها ، كحال صاحبنا هذا ، وانظر إلى ما يقول : ( وأكثر العلماء في جميع العصور مبتلون بالتقليد لمن سبقهم ، ذلك أنهم يخشون أن يناقشوا ما أجمع جمهورهم عليه ) 0
    وقال : ( وذهب جمهور المفسرين الذين تعرضوا لهذه الآية – يعني آية " إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " – إلى أنها دليل على الصرع ، والمعنى : لا يقومون إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له حقيقة 0
    والواقع أن هذا التفسير بعيد ، ولا يعرف المس بهذا المعنى !!
    ولو استقرأنا ما ورد في كتاب الله تعالى من المس ، لما وجدناه يخرج عن الوسوسة التي نبه الشيطان نفسه أنه لا يحسن غيرها كما في آيات كثيرة ، ويقول أيضاً : ( ولم تشتهر مسألة الصرع اشتهاراً قوياً إلا في عصر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فقد حذا حذو تلك القصص المذكورة في الأحاديث غير الصحيحة والأحداث الواردة عند بعض السلف ، والتي لم تثبت صحتها ) ، وقوله أيضاً : ( يقول شيخ الإسلام ابن تيمية أن الإنس قد يؤذون الجن بالبول عليهم ، أو بصب ماء حار ، أو بقتلٍ ونحو ذلك ، دون أن يشعروا ، فيجازي الجن حينئذ فاعل ذلك من الإنس بالصرع 00 ثم يقول : وهذا مردود لأسباب ، منها : أن لا دليل على تأذي الجن من ذلك ، ومنها أن الجن عالم لا تؤثر فيهم الماديات كما هو معروف بالنظر ) 0

    سابعا : ومن لم توجد لديه القناعة في إثبات تلك المسائل ، فله الحق في التوقف في إثباتها حتى يتبين له الحق ، أما اللجوء إلى أسلوب الإنكار والنفي وتجاوز ذلك لحد عدم إثبات ذلك للإسلام أو نفيه مطلقاً ، فهذا لا يجوز قطعاً ، وليس في الشرع ما ينفي هذا الأمر أو يرده 0

    ثامنا : أما مسألة كلام الجني الصارع على لسان المصروع فلم أقف على دليل شرعي معتبر يثبت وقوع كلام الجني على لسان الإنسي ، وإن لم أر ما ينفيه لا عقلا ، ولا نقلا ، وقد ورد ذلك عن بعض علماء الأمة كشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله– وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – وفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، ولكن لا بد أن يضبط الأمر بما تقتضيه المصلحة الشرعية وفق القاعدة الفقهية ( الضرورة تقدر بقدرها ) ، مع مراعاة الأمور الهامة التالية :

    1)- عدم الخوض في الأمور التي لا فائدة من ورائها 0
    2)- التركيز على الجانب الدعوي بالنسبة للجن وترسيخ العقيدة الصحيحة في نفوسهم 0

    ومن هنا يتضح جليا جواز الخوض في بعض الأمور المتعلقة بالعلاج والتي تهم المعالِج وترفع الظلم عن المريض ، شريطة أن يكون المعالِج على قدر من العلم الشرعي بحيث يوازي بين المصالح والمفاسد ولا يؤدي مثل ذلك الحوار إلى أية مفاسد أو أضرار شرعية ، وبإمكان القارئ الكريم مراجعة هذه المسألة بالتفصيل في هذه السلسلة (منهج الشرع في علاج المس والصرع) تحت عنوان ( الحوار مع الجن والشياطين ) 0

    تاسعا : الرقى الشرعية الثابتة هي قراءة القرآن المجملة بعموم نصوصه ، أو المفصلة بالآيات والسور الوارد فضلها في السنة المشرفة وآثار السلف الصالح ، أو الأدعية والتعاويذ المأثورة 0

    عاشرا : لجأ كثير من المعالجين بالرقية الشرعية إلى إضافة أمور كثيرة متعددة ، ومن هذه الأمور ما له أصل في الشريعة أو مستند لبعض علماء الأمة الأجلاء ، إلا أنه استخدم بطريقة خاطئة وغير صحيحة ومن تلك الأمور تخصيص قراءة آيات معينة وبكيفيات مختلفة أو الضرب والخنق وحوار الجن والشياطين ونحو ذلك من أمور أخرى ، ومنها ما ليس له أصل في الشريعة ولا يوجد له مستند قولي أو فعلي لعلماء الأمة ، ومن ذلك ما ذكرته مفصلاً في كتابي بعنوان ( المنهج اليقين في بيان أخطاء معالجي الصرع والسحر والعين ) ، كل ذلك أدى من قبل البعض لإنكار هذه التزايدات – وهذا حق - ، ولكن أداه ذلك إلى إنكار أصل المسألة – بغير حق - ! 0

    حادي عشر : إن العلوم الطبية قديمها وحديثها ليس فيها ما ينفي – من الناحية العلمية المحضة – إمكانية وقوع التلبس أو المس أو الصرع ، بل على العكس من ذلك تماماً فقد أكد علماء الغرب والمتخصصين في مجالات الطب المتنوعة إمكانية حصول ذلك ، وبإمكان القارئ الكريم العودة إلى المبحث التاسع من كتاب ( منهج الشرع في بيان المس والصرع ) تحت عنوان ( موقف الأطباء في العصر الحديث ) ليعلم حقيقة ذلك ، وليس مع الفئة التي أنكرت هذه المسائل إلا النفي المجرد ، وهذا باطل !! ، وأما المثبتون : فلعموم الأدلة الشرعية ، ولوقائع التجربة ، والحس ، والمشاهدة 0

    ثاني عشر : لا ينكر مطلقاً ورود مرويات ضعيفة وواهية في ذكر الصرع والمس والسحر والعين ؛ وهذا لا يؤثر بأي حال من الأحوال على الأحاديث الصحيحة والحسنة ، وهذا ما قرره أهل العلم ( المتجردون ) المتبحرون في العلم الشرعي ، وقد ذكرت كثير منهم في البند الأول من هذه الفقرة 0

    وإني إذ أعجب لما يقرره صاحب كتاب " الأسطورة التي هوت " في خاتمته حيث يقول : ( وما من مجتهد في مسألة إلا يبحث عن الحق أينما كان ، وليس للهوى موضع خاص فينا ، إنما هي أحوال عامة ذكرت في بعض آيات القرآن ، لا يعلمها إلا الله ، إذ موضعها القلوب فنكل علمها إلى رب العالمين ، وإليه الحساب 0
    لذا من العبث والتعسف أن يذكر الهوى في مقابل كل مسألة اجتهد فيها ، وخالف بعضهم بعضاً ، وما هذه الكلمة ، وما قيلت إلا في معرض الكفرة الضالين ، أما نحن – المسلمين – فمن الواجب أن تكون المحبة والإشفاق ، هما الطاغيين على قلوبنا ، فلا منازعة ولا منافرة أن غيري خاصمني أو اتجه اتجاهاً يخالف ما أنا عليه ، لا منازعة ولا منافرة أن غيري اجتهد كما اجتهدت ، وتوصل إلى خلاف ما توصلت 000 إنما المنافرة والمنازعة تكون على أناس انتهزوا فرص اختلاف المسلمين ليكون لهم موطئ قدم من الدجل والشعوذة 00 أولئك نقصد في بحثنا ، أولئك الذين زاغوا عن الحق بتلك الممارسات التي دونا بعضها ، أولئك كانوا سبباً في بناء صرح من الأوهام تخالف وتخلِّف الأمة 000 لا نريد أن نكون كأصحاب السفينة التي خرق سفهاؤهم فيها أسفلها ، فإن سكت العقلاء وكانوا فيها غرقوا جميعاً 0
    وليعلم القارئ الكريم أن الله تعالى رزق هذه الأمة نصاً لم يعتره التحريف والتبديل ، نرجع إليه في خلافاتنا ، وليس الفهم لهذه النصوص ملكاً لأحد دون أحد ، بل لكل أحد أن ينظر فيها بالأصول المبنية على التفكير العلمي المزيدة باللغة ومعرفة أساليبها 00 وما اختلفت الأمة إلا من أمرين : الأول في جهة الثبوت وعدمه لبعض النصوص ، والآخر من جهة الدلالة والفهم ، وليس تراكم النصوص من العلماء على مدار قرون طويلة دليلاً على الصحة والقبول ، وليس كل صحيح وصلنا 00 لذا فالبحث هو أصل العلم إلا فيما نصه صريح محكم ، فنقف عنده بالتسليم دون تحريف أو تحوير 00 ولو نظرنا إلى علماء الأمة في القرون الأربعة الأولى لوجدنا عند كثيرين منهم بعض الانفرادات التي لم يصل إلينا أن قال بهذه المسألة أحد آخر ، ولا يعني هذا أنه لم يقل أحد 00 وهكذا ما نقل بالتسليم ، فلا يعني أن لا مخالفة له ، بل لعله لم يصلنا ، فقد تصلنا فكرة ، وتندثر أخرى 00 فما كل ما قيل وصل ، وكل يؤخذ منه ويرد إلا من ينزل عليه وحي من السماء 00 فأقوال الأئمة قاضية بالأدلة ، وينظر فيها إن عريت منها وكانت اجتهادات ونحوها 0
    آمل من القارئ الكريم أن يكون قرأ هذه الرسالة بإمعان وإنصاف ونظر إلى الأدلة ، فإن عيب عليَّ أمر فأنا أولى الناس أن أرشد إليه ، ولا نتكبر عن الرجوع إلى الحق ، وبه نستعين ) ( الأسطورة التي هوت – علاقة الإنسان بالجان – ص 169 ، 170 ) 0

    قلت : بعد هذه الخاتمة المنمقة التي أبى صاحب هذا الكتاب إلا أن يعبر فيها عن منهجه ومذهبه المبني على العقلانية ، وأعجب للكلام المعسول الذي يعبر فيه الكاتب في بداية خاتمته حيث يقول : ( أما نحن – المسلمين – فمن الواجب أن تكون المحبة والإشفاق ، هما الطاغيين على قلوبنا ، فلا منازعة ولا منافرة أن غيري خاصمني أو اتجه اتجاهاً يخالف ما أنا عليه ) ومع ذلك يقدح ويطعن في علماء أجلاء وهبوا أنفسهم وأوقاتهم في سبيل هذا الدين والنصرة له ، وأما قوله : ( أولئك الذين زاغوا عن الحق بتلك الممارسات التي دونا بعضها ، أولئك كانوا سبباً في بناء صرح من الأوهام تخالف وتخلِّف الأمة ) ، فهذا غمز ولمز ليس في المعالجين فحسب إنما تعداه لعلماء الأمة الذين قرروا تلك الممارسات في طريقة الرقية والعلاج ، وأما قوله : ( وليس الفهم لهذه النصوص ملكاً لأحد دون أحد ، بل لكل أحد أن ينظر فيها بالأصول المبنية على التفكير العلمي المزيدة باللغة ومعرفة أساليبها 00 ) ، وكأنما يفهم من الكاتب بأن الفهم الصحيح للنصوص النقلية ملكاً له ولمن شذ عن طريق الإجماع ، فهذه المسألة – أعني صرع الجن للإنس – أجمعت عليها الأمة ، وليس لأحد كائن من كان أن يبني الأصول على التفكير العلمي كما أشار صاحبنا ، فالشريعة مقدمة على ما سواها ، وثبوت النصوص النقلية عند علماء الحديث لا عند مدعي هذا العلم ، يعني أنها أصبحت مصادر للتشريع ولا يمكن ردها أو إنكارها ، أو لي أعناق النصوص لكي توافق المنهج العقلي والذي يعتبر صاحبنا من رواده والمدافعين عنه ، وأما قوله : ( وليس تراكم النصوص من العلماء على مدار قرون طويلة دليلاً على الصحة والقبول ، وليس كل صحيح وصلنا 00 ) ، وأعجب من هذا الكلام ولا أعتقد أنه بحاجة إلى تعليق ، فالكلام يعبر عن صاحبه ، وأما قوله : ( آمل من القارئ الكريم أن يكون قرأ هذه الرسالة بإمعان وإنصاف ونظر إلى الأدلة ، فإن عيب عليَّ أمر فأنا أولى الناس أن أرشد إليه ، ولا نتكبر عن الرجوع إلى الحق ، وبه نستعين ) ، فإني أنصح الكاتب بمراجعة نفسه مرات ومرات عسى أن يقف عند الحقيقة التي أنكرها ، ومن ثم يعود لجادة الحق والصواب ، وكذلك أنصحه بطلب العلم الشرعي خاصة علم الحديث الذي خاض فيه فصال وجال دون الاعتماد على الأسس والقواعد الرئيسة لهذا العلم أو المعرفة المتقنة بالرجال واتخاذ مسلك العلماء في الجرح والتعديل ، وأختم كل ذلك بكلام مبدع يرد فيه العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله - على أصحاب هذا الاتجاه ، حيث يقول :

    ( لقد أنكر المعاصرون عقيدة مس الشيطان للإنسان مسا حقيقيا ، ودخوله في بدن الإنسان ، وصرعه إياه ، وألف بعضهم في ذلك بعض التأليفات ، مموها فيها على الناس ، وتولى كبره مضعفا الأحاديث الصحيحة في كتابه المسمى بـ ( الأسطورة ) ! ، وضعف ما جاء في ذلك من الأحاديث الصحيحة – كعادته ، وركن هو وغيره إلى تأويلات المعتزلة !!
    واشتط آخرون ، فاستغلوا هذه العقيدة الصحيحة ، وألحقوا بها ما ليس منها مما غير حقيقتها ، وساعدوا بذلك المنكرين لها ! واتخذوها وسيلة لجمع الناس حولهم لاستخراج الجان من صدورهم بزعمهم ، وجعلوها مهنة لهم ، لأكل أموال الناس بالباطل ، حتى صار بعضهم من كبار الأغنياء ، والحق ضائع بين هؤلاء المبطلين وأولئك المنكرين ) ( برهان الشرع في إثبات المس والصرع - عن كتاب " تحريم آلات الطرب " - ص 166 - ص 23 ) 0

    وقال أيضاً في رده على كلام صاحب " الاستحالة " : ( لقد شكك في دلالة الحديث على الدخول ؛ بإشارته إلى الخلاف الواقع في الروايات (!) ، ولكن ليس يخفى على طلاب هذا العلم المخلصين أنه ليس من العلم في شيء أن تضرب الروايات المختلفة بعضها ببعض ، وإنما علينا أن نأخذ منها ما اتفق عليه الأكثر ، وإن مما لا شك فيه أن اللفظ الأول : " اخرج " أصح من الآخر : " اخسأ " ؛ لأنه جاء في خمس روايات من الأحاديث التي ساقها ، واللفظ الآخر جاء في روايتين منها فقط !
    وإن مما يؤكد أن الأول هو الأصح صراحة حديث الترجمة – يريد حديث ابن أبي العاص - ، الذي سيكون القاضي بإذن الله على كتاب " الاستحالة " المزعومة ، مع ما تقدم من البيان أنها مجرد دعوى في أمر غيبي مخالفة للمنهج الذي سبق ذكره ) ( السلسلة الصحيحة – 2988 ) 0

    وقد حرصت على عرض ردي على هذا الكتاب "الأسطورة التي هوت" على بعض المشايخ وطلبة العلم حيث أفادوني ببعض الملاحظات الهامة القيمة ، وقد كتب في ذلك الشيخ الفاضل ( محمد بن محمد الناجم الشنقيطي ) - حفظه الله - حيث قال :

    ( بسم الله الرحمن الرحيم 000 الحمد لله الذي أوجب تبيين الحق من غيرشيء يعطى عليه أو يستحق 000 والصلاة والسلام على من أوحي إليه بالرسالة فبلغ وصدق وعلى آله وصحبه الغر الميامين ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين 0
    وبعد :
    لقد اطلعت على ما لخَّصه الأخ الكريم ( أبو البراء ) في الرد على كتاب " الأسطورة التي هوت " واستدلالاته بنصوص الوحي وكلام العلماء ، فوجدته أجاد وأفاد وبين فيه طريق الرشاد فجزاه الله خيراً 0
    ولا شك أن كتاب الأسطورة له حظّ من اسمه فهو أسطورة ، فقد كابر كاتبه وجحد المنقول والمعقول ، ولكن نلتمس له العذر لأن من تكلم في غير فنه ولم يكن من أهل العلم أتى بالغرايب والعجايب ، وإنكار المحسوس مكابرة :
    قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد00000000000000وينكر الفم طعم الماء من سقم
    وقال الشاعر :
    ما دل أن الفجر ليس بطالع00000000000000000000000بل أن عيناً أنكرت عمياء

    نسأل الله لنا وله الهداية وأن يلهمه الصواب والرشاد ويوفقه لطلب العلم وأن لا يجعل شيخه كتابه فإن من كان شيخه كتابه بعد عن الجادة 0
    وصلى الله على نبينا الكريم وعلى آله وصحبه وسلم ، العبد الفقير إلى رحمة ربه محمد بن محمد الناجم الشنقيطي - 11 من جمادى الآخرة سنة 1420 هـ 0

    ولقد كفانا شيخنا العلامة محدث بلاد الشام محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله- المؤونة في الرد على هذا المدعي في مقدمة كتابه القيِّم " النصيحة بالتحذير من تخريب ابن عبدالمنان لكتب الأئمة الرجيحة وتضعيفه لمئات الأحاديث الصحيحة " حيث وصفه ( بالهدّام ) وحُقّاً أن يقال له ذلك ، فالذي يتطاول على الأئمة الأعلام ويتجرأ على القول بغير علم ولا فن ولا دراية بما يقال ويستبان ، لا نحسبه إلا هادم للسنة مؤجج للبدعة والفتنة ، وإن كنا مقلدين للشيخ الجليل في وصفه ، فلن نبخس هذا المدعي حقه في نعته بهذا الوصف ووسمه بهذه الصفة ، ولله درك أيه الشيخ المبجل ناصر أهل السنة وقامع أهل البدعة حيث ترد على هذا الأفاك في صفحات هذا الكتاب القيم وكأنما قتلت فكره ومحوت صيته قبل أن تفارق هذه الدنيا ، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزيك عنا وعن سائر المسلمين خير الجزاء وأن يتجاوز عن عثراتك إنه سميع مجيب الدعاء 0

    يقول الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - : ( فبين يديك - أيها القارئ الكريم - كتابي " النصيحة 000 " ؛ وهو بحوث علمية نقدية حديثية ؛ مبنية على القواعد الصحيحة ، ومؤسسة على الأصول الصريحة ؛ سيراً على ما خلَّفه أئمة الإسلام - حفاظ السنة الأعلام - لمن بعدهم من أتباعهم ؛ السائرين - بحق - على منهجهم ، والسالكين - بصدق - دربهم وطريقهم 0
    وأصل هذه البحوث ردود على ( غُمرٍ ) من أغمار الشباب – القول للشيخ الألباني في الحاشية : وهو المدعو حسان عبدالمنان - ؛ تصدى لما لا يحسن ، و ( فَسلٍ ) من جهلة المتعلمين ؛ تطاول برأسه بين الكبراء - وعليهم - ؛ فحقق ( ! ) كتباً ! وخرج ( ! ) أحاديث ! وسود تعليقات ! وتكلم - بجرأةٍ بالغةٍ - فيما لا قبل له به من دقائق علم المصطلح ، وأصول الجرح والتعديل !!!
    فجاء منه فسادٌ كبيرٌ عريض ، وصدر عنه قولٌ كثيرٌ مريض ؛ لا يعلمُ حقيقةَ منتهاه إلا ربه ومولاه - جل في عُلاه - 0
    ولقد كنت رددت عليه - قبل- في مواضع متعددة من كتبي وبخاصة " سلسلة الأحاديث الصحيحة " لمناسبات تعرض ؛ كشفت فيها جهله ، وأبنت بها عن حقيقته ؛ حيث ظهر لي -بكل وضوحٍ- أنه للسنة ( هدّام ) ، ومتعد على الحق هجام 0
    فهو يتعدى على الأحاديث الصحيحة بالظَّنِّ والجهل والإفساد والتخريب ؛ بما يوافق هواه ، ويلتقي ما يراه - بدعوى التحقيق والتخريج ! - 000
    ولقد رأيت له - منذ مدةٍ - تحقيقاً - بل تخريباً - لكتاب " إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان " للإمام ابن قيم الجوزية ، تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمهما الله تعالى - ؛ ظهر فيه بجلاء بيّن جهله الواضح ، وتعالمه الفاضح ؛ فرأيت أداء لواجب النصيحة ، وحرصاً على مكانة العلم ، ومحافظة على السنة النبوية : أن أفرد به هذا الكتاب ؛ ردّاً على جهالاته ، وكشفاً لسوء حالاته 000
    ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ) ( سورة آل عمران – الآية 187 ) 0
    وإني لأعلم أنَّ بعضاً من إخواننا دعاة السنة - أو الحريصين عليها - ( قد ) يقولون في أنفسهم : أليس في هذا الرد إشهار لهذا الجاهل وتعريف بهذا ( الهدام ) !!
    فأقول : فكان ماذا ؟! أليس واجباً كشف جهل الجاهل للتحذير منه ؟!
    أليس هذا - نفسه - طريق علماء الإسلام - منذ قديم الزمان - لنقض كل منحرف هجام ، ونقد كل متطاول هدام ؟!
    ثم ؛ أليس السكوت عن مثله سبيلاً يغرر به العامة والدهماء ، والهمج الرعاع ؟!
    فليكن - إذا - ما كان ؛ فالنصيحة أس الدين ، وكشف المبطل صيانة للحق المبين ؛ ( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ 000 ) ( سورة الحج – الآية 40 ) ؛ ولو بعد حين 000
    وما حال سلف هذا ( الهدام ) - ذاك ( السقاف ) - وما آل إليه - والحمد لله - عن عارفي الحق ودعاته ببعيد 000
    وختاماً ؛ فلو كان عند هذا ( الهدام ) شيءٌ من الإنصاف : لكان منه ولو قليلاً- تطبيق وامتثال لما قاله بعض كبار أهل العلم نصحاً وتوجيهاً - : " لا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلاً لشيءٍ حتّى يسأل من كان أعلم منه " ( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي – ابن حمدان – بتحقيق الشيخ الألباني – رحمه الله - ص 8 ) !
    ولكن ؛ هيهات ، هيهات ؛ فالغرور قتالٌ ، وحب الظهور يقصم الظهور 000
    ومع هذا كله ؛ فإني أسأل الله - سبحانه - له الهداية إلى الحق ، والرجوع إلى الصواب ، والاستقامة على نهج السنة وأهلها 000 ) ( النصيحة بالتحذير من تخريب ابن عبدالمنان لكتب الأئمة الرجيحة وتضعيف لمئات الأحاديث الصحيحة - ص 5 ، 8 ) 0

    ونجزم جميعاً بأنه ليس بعد هذا الكلام كلام ، وهذه هي حقيقة ( الهدام ) الذي صال وجال فيما لا طاقة له به ، ولا دراية له بفنه ، فضل وأضل فنسأل الله له الهداية للحق والطريق المستقيم 0
    وبعد هذا العرض الشامل يتحقق للمرء التأصيل الشرعي لهذه المسألة ، وكما ذكرت آنفاً فكافة الأدلة النقلية المتعلقة بها تجدها في كتابي ( منهج الشرع في بيان المس والصرع ) ولولا أن أثقل على القارئ الكريم لذكرتها في هذا البحث التفصيلي 0

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0

    أخوكم المحب / أبو البراء أسامه بن ياسين المعاني

    رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

    تعليق


    • #3
      رد: ظاهرة لبس الجن [ الصرع أو الاقتران الشيطاني ] حقيقه أم خرافه !!

      أما قولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه : ( فإن هذا الموضوع قد أصبحنا نسمعه صباح مساء فإذا ارتجف من يقف أمامنا قلنا لبسه جني ان أثيرت شهوته قلنا لبسته جنيه ان أصبح رأسه يوجعه قلنا مصروع وملبوس وووأمثله ووقائع كثيره ) 0

      قلت وبالله التوفيق : لقد أصبت بذلك كبد الحقيقة ، من الأمور التي يعاني منها كثير من المعالجين الثقات هو أن الناس جعلت الأمراض الروحية ( الصرع ، السحر ، العين ) الشماعة التي يعلقون عليها أمراضهم ومشاكلهم الاجتماعية ، ولكن هذا الأمر لا يطعن من قريب أو بعيد بأصل هذه المسألة من الناحية الشرعية ، فكما سوف يتضح لكَ من خلال الروابط المشار إليها أعلاه أن الأدلة النقلية الصريحة الصحيحة تؤكد على ذلك ، وكما أن أثبات علماء أهل السنة والجماعة على ذلك إلا قليل ممن خالفهم وهم من أصحاب المدرسة العقلية ( المدرسة الإصلاحية ) التي تقول : ( إذا تعارض العقل مع النقل قدم العقل على النقل ) ومن هنا أخي الحبيب كان الأصل في إثبات ذلك من عدمه هو الدراسة الشرعية العلمية الموضوعية المتأنية من قبل المعالج للوقوف على الداء ووصف الدواء النافع بإذن الله عز وجل ، والدين أخي الحبيب حجة على الناس وليس الناس حجة على الدين ، وأذكر في ذلك مقولة الإمام الشاطبي – رحمه الله – في كتابه الموسوم ( الاعتصام ) حيث يقول : ( الرجال يعرفون بالحق وليس الحق يعرف بالرجال ) 0

      أما قولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه : ( في الحقيقه على حسب علمي الذي لم يبلغ مبلغ علمكم احبائي في الله لم اعرف اي دليل من القرآن الكريم على أن الشيطان يدخل جسم الانسان ويلبسه فهذا كله خرافه وأوهام كادها لنا عدو الله وكل ما نسمعه لايتعدى وسواس قاهر من الشيطان او حتى من الانسان فالحقائق تبدل بأوهام فيكاد يصقدها الانسان حتى يصبح عنده ايمان بشيء ليس موجود فيأثرعلى سلوكه كليا وينحرف انحراف كليا وكل ذلك لأنه وجد علاقه يعلق عليها سوء أفعاله بالاوهام التي امن بها وخرفها له الشيوخ .؟! ) 0

      قلت وبالله التوفيق : أرجو أن تكون متجرداً أخي الحبيب في البحث عن الحقيقية ، وأشعر غير ذلك لكلمة وردت في سياق حديثك حيث قلت : ( فالحقائق تبدل بأوهام فيكاد يصقدها الانسان حتى يصبح عنده ايمان بشيء ليس موجود فيأثرعلى سلوكه كليا وينحرف انحراف كليا وكل ذلك لأنه وجد علاقه يعلق عليها سوء أفعاله بالاوهام التي امن بها وخرفها له الشيوخ ) 0 وهذا كلام خطير ، واعتقد وأنت توافقني الرأي أن الذي يبحث عن الحقيقة لا يأتي بقول قبل أن يسمع ويبحث ويتقصى الحقائق فيقول مثل ذلك ، وبما أني أحسن الظن بكَ ، وأحسبك على خير إن شاء الله تعالى بينت لكَ ما بينت ، فإن عدن إلى الحق وهو ما عليه أثبات علماء السنة والجماعة فلله الحمد والمنة ، وإن كان غير ذلك فأمرك إلى الله ، سائلاً المولى عز وجل أن يوفقك ويسدد إلى الخير خطاكَ 0
      أما بخصوص الحقيقة والوهم ، فأحيلك إلى الرابط التالي الذي يبحث هذه المسألة ويعينك بإذن الله عز وجل على إدراك المعنى المراد من ااتفريق بين هذين الأمرين :

      الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

      بخصوص ما ذكر أختي الفاضلة ( الزاوية القائمة ) ، فاعلمي يا رعاكِ الله أنني عند تأليف الموسوعة الشرعية ما تركت شاردة ولا واردة إلا وبحثها بحثاً علمياً موضوعياً مستفيضاً ، وكل تلك التساؤلات التي خطرت وتخطر ببال كثير من الأطباء قد بينتها في كتابي الموسوم ( الأصول الندية في علاقة الطب بمعالجي الصرع والسحر والعين بالرقية ) ، وقد بحثت هذا النوع من التساؤل في الرد على تقارير وردت في ( مجلة الأسرة ) وأنقل لكم تفصيل ذلك :

      * التقرير الأول : "قراء أم مشعوذون" : ومما جاء في هذا التقرير : ( والغريب أن بعض أدعياء العلاج بالقرآن في مصر يصر على زيارة أحد مشاهير العلماء ويأخذ صورة معه ثم يدعي أنه بارك عمله في العلاج بالقرآن 0 وهذا ما فعله 00000 الذي قال إن الشيخ متولي الشعراوي – رحمه الله – دعا له وبارك قيامه بالعلاج بالقرآن 0 على الرغم من أن الشيخ الشعراوي صرح أكثر من مرة " أن علاج الأمراض العضوية بالقرآن دجل وشعوذة ويجب على كل مسلم أن يجتهد في العبادة ويأخذ بأسباب العلاج من خلال الأطباء المتخصصين الذين هم أهل الذكر الذين أمرنا الله بسؤالهم إذا تعرضنا للمرض 0
      إن الذين يدعون العلاج بالقرآن ممن أسمع عنهم مجموعة من الدجالين ، فالقرآن شفاء لأنه يهدي إلى الحق ويحذر من الباطل أما الرحمة فهي نزع الغفلة من قلب المؤمن 0 إن المرض والأوجاع نوع من الاختبار الإلهي يهدف إلى تعليم الإنسان كيفية استقبال قدر الله ) ( مجلة الأسرة – ص 10 – 11 – العدد 75 جمادى الآخرة 1420 هـ ) 0

      وكافة ما ذكر فيه وجه حق وآخر باطل ، أما وجه الحق فهو ما قرره علماء الأمة من أن القرآن كتاب عقيدة وشريعة وهداية ، وكذلك شفاء للأمراض الاجتماعية والأخلاقية والانحرافات بكل أنواعها ، وأما وجه الباطل فإنكار حقيقة العلاج بالقرآن بل وصف ذلك بالدجل والشعوذة والدروشة التي ينبغي أن يتجرد منها العلم الإسلامي ، مع أن النصوص النقلية الصحيحة قد أكدت بما لا يدع مجالاً للشك هذه الحقيقة ، كما أكد علماء الأمة الأجلاء ذلك ، ومما لا شك فيه أن العلامة الرباني ابن القيم قد أوضح ذلك في كلامه آنف الذكر بأروع بيان وأوضح برهان ، وفي ذلك كفاية عن كل مقولة ورواية ، نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة 0

      وأذكر في ذلك كلاماً جميلاً ذكره العيني نقلاً عن الإمام الخطابي يقول فيه : ( الرقية التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي ما يكون بقوارع القرآن ، وبما فيه ذكر لله تعالى على ألسن الأبرار من الخلق الطاهرة النفوس ، وهو الطب الروحاني ، وعليه كان معظم الأمر في الزمان المتقدم الصالح أهله ، فلما عزّ وجود هذا الصنف من أبرار الخليقة مال الناس إلى الطب الجسماني ، حيث لم يجدوا للطب الروحاني نجوعاً في الأسقام ، لعدم المعاني التي كان يجمعها الرقاة ، وما نهي عنه هو رقية العزَّامين ومن يدعي تسخير الجن ) ( عمدة القاري – 17 / 403 ) 0

      * التقرير الثاني : " يا ناس نصف السحر أوهام " : وبعد المقال الأول بسنوات طالعتنا مجلة الأسرة في عددها رقم ( 98 ) الصادر في جمادى الأولى سنة 1422 هـ بمقالة بعنوان ( يا ناس نصف السحر أوهام ) ، وقد قرأت هذه المقالة بتمعن شديد خاصة أنني من الباحثين والمتخصصين في مسائل الرقية الشرعية ، وقد وجدت المقال مفيداً في مجمله ومضمونه ، ولكني أعتب على هذه المجلة الغراء في جانب الطرح المتعلق بمواضيع الرقية الشرعية وما يدور في فلكها من أمراض روحية كالصرع والسحر والعين دون إعطاء تلك المقالات الاهتمام الذي ينبغي أن يكون ، ودون مزيد من الدراسة والبحث العلمي الشرعي الموضوعي المتأني الدقيق كما أسلفت آنفاً ، حيث أن اتباع هذا الأسلوب العلمي المنضبط يضع التصور الشرعي بين يدي القارئ الكريم من جهة ، أما من الجهة الأخرى فإن اللوم يقع على تلك المجلة الغراء من حيث طرحها لتلك القضايا المهمة والحساسة دون أخذ رأي أهل الاختصاص في هذا المجال وبخاصة أنها مسائل تتعلق بالعقيدة والدين ، والساحة بفضل الله وكرمه ومنه ما خلت من المعالجين أصحاب العلم الشرعي المخلصين الأخيار المدافعين والمنافحين عن هذا الدين وهذه العقيدة ، ومع ذلك يُعرض الأمر المتعلق بهذا الجانب على الأطباء النفسيين كي يدلوا بدلوهم ويعطوا رأيهم وكأنما الأمر يعنيهم بصفة مباشرة دون غيرهم من أهل الاختصاص ، وهذا الكلام لا يعني مطلقاً أنني انتقص من قدر هؤلاء الاخوة والأخوات بل على العكس من ذلك تماماً فالبعض يتكلم بشكل عام بمنطق علمي شرعي متزن ، يراعي من خلال ما يقول المصلحة الشرعية العامة والخاصة ، ولكن الذي يترك أثراً في النفس هو ما يقوم به بعض الاخوة الأطباء وبخاصة النفسيين منهم من البحث أو التحدث في المسائل التفصيلية الدقيقة في هذا العلم 0

      إن الحق الذي يمتلكه الأطباء النفسيين ، هو إعطاء التشخيص المتعلق بالحالة المرضية بناء على دراستهم ، ولهم الحق في التوقف في تشخيص بعض الحالات على أنها تعاني من نواحي روحية ، ولكن ليس لهم الحق مطلقاً في تعميم الأمر والإشارة بالهمز واللمز في مواضع كثيرة لجانب الرقية والعلاج والمعالجين ، وهذا لا يعني مطلقاً أنني أوافق على كثير من الممارسات التي ترتكب باسم الرقية والرقاة والتي اتسع فيها الخرق على الراقع ، بل على العكس من ذلك تماماً فنحن مطالبون جميعاً بمحاربة كافة الأساليب والممارسات غير الأخلاقية ، وكذلك ما يرتكب باسم هذا العلم من مهاترات ومزايدات من قبل بعض المعالجين،فالرقية علم له قواعد وأحكام وأصول ، ولا بد من فضح كل من تسول له نفسه الإساءة لهذا الدين ، وبخاصة بعض المتكسبين الذين لا يرقبون في مسلم إلاّ ولا ذمة فكل أولئك لا أعنيهم مطلقاً ، وكذلك فإن الطرح بهذا الشكل والمضمون لا يعني مطلقاً بعض الأطباء النفسيين الذين قدموا علمهم على علم الخالق سبحانه وتعالى 0

      إن الهدف الرئيس لهذه المقدمة هو توجيه اهتمام كل شخص في تخصصه سواء كان معالجاً أو طبيباً عضوياً أو نفسياً دون اقحام نفسه في أمور لا تعنيه بأي حال من الأحوال هذا من جهة ، أما من الجهة الأخرى فإنني أطالب بعض الاخوة من أهل الاختصاص في الطب العضوي والنفسي – وفقهم الله لكل خير – بالتريث في اصدار الأحكام على اطلاقها حيث أنهم يقومون بتحليل كافة الأعراض المتعلقة بالحالات المرضية على أنها حالات عضوية أو نفسية ، ناهيك عما يحصل من تدخل غير مبرر في المسائل والقضايا الجزئية المتعلقة بالأمراض الروحية التي لا تعني الطبيب لا من قريب ولا من بعيد ، وهذا الكلام لا يعني مطلقاً عدم تقييم الأساليب والممارسات بما يتماشى مع الأحكام الشرعية والضوابط الطبية ، وهذه مسؤولية الجميع ابتداء من ولاة الأمر - وفقهم الله لكل خير – والعلماء وطلبة العلم والدعاة والأطباء ، أما اتباع هذه المنهجية من قبل الأطباء وبهذا الشكل فإن ذلك قد يؤدي إلى إحداث لبس في المفاهيم العامة والخاصة بخصوص كثير من المسائل المطروحة على البحث والدراسة مما يؤدي إلى إحداث خلل في التوجهات لبعض الناس الذين لا يملكون علماً شرعياً يميزون به بين الحق والباطل 0

      وأبدأ بعرض لبعض فقرات تقرير مجلة الأسرة الغراء ، حيث يبدأ المقال بقصة ذلك الرجل الذي قال للطاعون إلى أين ، فقال إلى القرية الخضراء سأصيب منهم ألفاً ، فيصاب خمسة آلاف ، فيقول الرجل ألم تقل أنك ستصيب ألفاً فقط ، فيقول الطاعون : أنا أصبت ألفاً كما قلت ولكن أربعة آلاف توهموا الإصابة ، ثم يعقب المقال بمقولة حق تقول " وكذا السحر حقيقته لا يجادل فيها أحد ، فالأدلة النقلية والعقلية وإجماع الأمة تدل على حقيقة السحر ، ويكفر من يرى أن السحر لا حقيقة له " ، وانتقل بعد ذلك لفقرات في هذا المقال تخالف بمجملها هذا القول وكأنما الجمع الذي شارك في إعداد هذا التقرير يسعى جاهداً كي يثبت أن كافة الأمراض هيّ أمراض عضوية أو نفسية ، وأقف بعض الوقفات مع هذا التقرير متبعاً أسلوب البحث العلمي المتجرد، باحثاً عن الحق داعياً إليه، وأترك القول الفصل في تقرير ما أكتب إلى العلماء الأفاضل كي يحكموا على صحة أو خطأ ما سوف أقرره في ثنايا هذا الرد المختصر ، والذي لا يسعني فيه المقام إلى تقرير كثير من المسائل المهمة في علم الرقى والتي تخفى على كثير من الأطباء العضويين والنفسيين ، وللأسف فقد كان الحكم على المسائل العامة المتعلقة بالرقية الشرعية من قبل الاخوة الأطباء – وفقهم الله لكل خير - بناء على ما يرى على الساحة من تجاوزات وشطحات لا تمت بصلة من قريب أو بعيد للأصول المعتمدة في هذا العلم 0

      * المسألة الأولى : هل نقدم قصة الطاعون آنفة الذكر للاخوة القراء كي نعطي انطباعاً عاماً بأن كثير من الناس يعيشون اليوم في وهم ووساوس ونحو ذلك ، وهذا الكلام لا يعني مطلقاً أن البعض ممن قل علمه الشرعي وتوجهه إلى الله سبحانه وتعالى ، وتكالب أمور الدنيا عليه ، قد يصاب بهذا الداء ، أما أن ينقل وكأن ما نسبته 80 % يعيشون في ووساوس وأوهام فهذا مجانب للصواب ، خاصة أن العالم الإسلامي لا زال بفضل الله سبحانه وتعالى يحافظ على مبادئة الإسلامية وقيمه الأخلاقية ، ولا شك أن التمسك بالكتاب والسنة من أكبر العوامل المساعدة على استقرار النفس البشرية وإدراكها لحقيقة الخالق والكون وقربها من الله سبحانه وتعالى فتعيش مطمأنة البال لا تعرف الوهم ولا سبيل أو طريق تسلكه الوساوس إلى قلوبها إلا أن يكون ذلك الأمر لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى 0

      * المسألة الثانية : ذكر في المقال ما نصه : " ولكن فزع الناس منه – يعني السحر - أكبر من حجمه بكثير 0 والنساء خصوصاً يعزون كل مظاهر الخلل في الحياة إلى السحر حتى أصبح منهن من تعيش أزمة نفسية حاده بسبب الهلع من السحر " ، وهذا الكلام يحتاج إلى نوع من الدقة فلا إفراط ولا تفريط ، وحقيقة السحر من حيث الأثر والتأثير ثابتة في الكتاب والسنة والإجماع فمنه ما يمرض ومنه ما يقتل ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه ، وانتشار ظاهرة السحر في الآونة الأخيرة لا ينكرها أحد ، وبخاصة بين بعض النساء ، وقد يكون السبب الرئيس في ذلك البعد عن منهج الكتاب والسنة ، ومن هنا كان لزاماً على الجميع ابتداء بولاة الأمر – وفقهم الله لكل خير – والعلماء والدعاة والأجهزة المرئية والسمعية التحذير من هذه الظاهرة ، وتبيان موقف الشريعة الصارم من السحرة والمشعوذين وممن يرتاد أوكارهم ، وهذا ما حصل بالفعل من قبل ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية والتزامهم في تطبيق الأحكام الشرعية بحقهم ، وتخليص الأمة من شرهم ومكرهم وغدرهم ، أما أن يقال بأن النساء عادة ما يعزون كل مظاهر الخلل في الحياة إلى السحر فلا يؤخد الكلام على إطلاقه وهذا الأمر يحتاج إلى الوقفة الصادقة من الجميع كما أشرت آنفاً لتوعية المرأة في العالم الإسلامي بخطورة السحر على الفرد والأسرة والمجتمع المسلم 0

      * المسألة الثالثة : أما ما نقلته المجلة على لسان الدكتور محمد المهدي أخصائي الطب النفسي – وفقه الله لكل خير - " بأن تكوين المرأة العاطفي يجعلها أكثر تأثراً بالأحداث المحيطة بها ، علاوة على معاناتها من مشاكل في التواصل ، ولذا تلجأ بوعي أو بدون وعي إلى الأعراض المرضية لطلب الرعاية ، بل تأخذ بعداً غيبياً لا يستطيع أحد علاجه بسهولة ، كالسحر ومس الجن أو الحسد " ، كما يذكر في موضع آخر ما نصه " ويزداد قبول المرأة للتفسيرات السحرية كلما كانت صغيرة السن أو قليلة الثقافة والنضج ، حيث تعجز عن الرؤية الموضوعية للمشكلة وتوصيلها إلى من حولها ، ولذا تفضل الدخول في منطقة الغموض التي تعفي من المسؤولية "، وهذا الكلام أيضاً لا يؤخذ على إطلاقه فبعض النساء يكون الحال معها كما أشار الدكتور الفاضل ، أما البعض الآخر فلا ينطبق عليهن الحكم والوصف المشار إليه أعلاه ، وهنا أحب أن أنبه إلى مسألة غفل عنها الكثيرون ، وهي أن يترك الأمر في تحديد الوجهة الصحيحة للمعاناة والألم لأهل الاختصاص سواء في مجال الرقية الشرعية أو الطب بشقيه العضوي والنفسي ، ومن الخطأ أن نجعل الجميع مصابين بأمراض عضوية أو نفسية ونترك أو ننحي جانباً الأمراض الروحية ، ومن الخطأ كذلك أن نجعل الجميع مصاب بالأمراض الروحية ونترك جانباً الأمراض العضوية أو النفسية ، وعندما أتكلم عن ذلك فإني أعني أصحاب المنهج الشرعي الصحيح والعقيدة النقية الصافية في كلا الجانبين سواء كانوا معالجين أو أطباء عضويين أو نفسيين ، إذن فالضابط في كل ذلك عرض الحالة على ذوي الاختصاص المتمرسين الحاذقين الذين يستطيعون بتوفيق الله سبحانه وتعالى أن يحددوا الداء ويصفوا الدواء النافع بإذن الله سبحانه وتعالى ، وهذا يحتم على الجميع دراسة الحالة المرضية دراسة علمية موضوعية متأنية للوصول إلى الحق المنشود والذي هو غاية وهدف الجميع 0

      * المسألة الرابعة : وتنقل المجلة على لسان الدكتور الفاضل محمد الصغير استشاري الطب النفسي – وفقه الله لكل خير - عن الأسباب والعوامل التي كثيراً ما ترجع النساء الإصابة بمكروه معين إلى ظاهرة السحر ، وذكر من تلك العوامل ضعف كثير من النساء في مواجهة الأزمات النفسية ، وقلة الوعي بالأمراض النفسية ، والعداوات الشخصية ، وكثرة الاشاعات ، والتهويل الإعلامي ؛ وبعد التدقيق في بعض العوامل التي ذكرها الدكتور الصغير تجد أنها أسباب حقيقية فعلية لانتشار ظاهرة السحر ، ولكن لا زال الكلام ينصب على ماهية تحديد الإصابة بالمرض بشكل عام سواء كان عضوي أو نفسي أو روحي ، وهذا يحتم على الجميع اتباع منهجية البحث العلمي الموضوعي الدقيق للوصول إلى أصل المعاناة ، أما أن نذكر أن تلك الأسباب والعوامل وراء انتشار تلك الظاهرة فقد تكون وقد لا تكون ، ومن هنا كان أهمية نشر الوعي المتعلق بالأمراض الروحية بين الناس وتثقيفهم بكل ما يتعلق بالرقية الشرعية وما يدور في فلكها من خلال كافة المنابر الدعوية المتاحة 0

      * المسألة الخامسة : وتنقل المجلة على لسان الأستاذة أسماء الحسين المحاضرة في كلية التربية بالرئاسة العامة لتعليم البنات – وفقها الله لكل خير – ما نصه : " والجدير بالذكر أن كثيراً من الناس وليس النساء فقط لا يعتقدون بالأمراض النفسية ، ويميلون عوضاً عن ذلك إلى نعت كل مريض نفسي بالممسوس والمسحور " ، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام ما هي الأسباب الحقيقية وراء عدم اعتقاد كثير من الناس بالأمراض النفسية ؟
      من وجهة نظري الشخصية ونتيجة لمعايشتي لكثير ممن طرق أبواب الطب النفسي أعتقد أن هناك أسباب وراء مثل هذا الاعتقاد ، ومن تلك الأسباب : أن الطب النفسي وليد حقبة قليلة من الزمن ولم يدرك الكثير من الناس إلى الوقت الحاضر أهميته في معالجة الأمراض النفسية ، وكذلك النظرة المالية البحتة عند بعض الأطباء بحيث لا يكون هم الطبيب في المقام الأول إلا استغلال الناحية المادية لدى المرضى ، ومن أسباب عدم اعتقاد الناس بالطب وعزوفهم عنه في الآونة الأخيرة ما يقع بجهل من بعض الأطباء في معالجة الحالات النفسية وترك انطباع سيء لدى تلك الحالات ، واعتقد أن من الأسباب الرئيسة لمثل ذلك التوجه ما يساء فهمه من قبل بعض الناس من حيث استخدام الأدوية في الطب النفسي والتي غالباً ما تترك انطباعاً لدى المريض على أنها مواد مخدرة أو منومة فيعيش في نوم وخمول ونحو ذلك ، وهذا الكلام لا يعني مطلقاً التقليل من أهمية الطب النفسي ، إنما القصد من الكلام آنف الذكر إعطاء هذا الجانب أولوية في الدراسة والبحث العلمي ، وكذلك تثقيف المرضى بالجوانب المتعلقة بالأمراض النفسية ووضع من هم أهل لحمل أمانة هذا العلم في موضعه الذي يجب أن يكون عليه 0

      * المسألة السادسة : وتلك وقفة مهمة مع بعض القصص التي تعرضها مجلة الأسرة في هذا التقرير تحت عنوان : " توغل هاجس السحر عند النساء " ، وتبدأ بالقصة الأولى ( مطلقة وساحرة ) والتي تتحدث عن إنسانة طلقت من زوجها بسبب اتهامها بالسحر ، والثانية ( تهمة بلا دليل ) والتي تتحدث عن تهمة لإحدى الفتيات في سحر زوجة أبيها ، والثالثة ( عقيم أم مسحورة ) ، والرابعة ( هل ابني مسحور ) ، والخامسة ( وحدة وليست سحراً ) ، والسادسة ( قوة خفية ) ، والسابعة ( لست عقيماً ) 0

      وأذكر في هذا المقام نقاط محددة لا بد من إيضاحها لدى القارئ الكريم :

      1)- إن الواقع الذي ذكر في كثير من القصص التي تم إليها الإشارة آنفاً هو واقع فعلي يؤكد على عدم وعي وإدراك كثير من الناس مسألة تقرير وإثبات جريمة السحر من الناحية العملية ، وقد تطرقت لهذه المسألة بتفصيل دقيق في كتابي بعنوان ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة ) تحت عنوان ( إثبات جريمة السحر ) وأكدت من خلال هذا البحث على ضرورة توفر ركنين أساسيين لإثبات هذه الجريمة ، الأول : الإسناد المادي والذي يثبت بطرق ثلاثة : الإقرار والشهادة وقرائن الأحوال ، أما الركن الثاني : القصد الجنائي، ويقوم على عنصرين : الإرادة والعلم 0
      وهذا الكلام يؤكد على ضرورة التأني في إصدار الأحكام جزافاً دون التريث والتأني والإلمام بكافة الظروف والأحوال الخاصة بالحالة المرضية ، وهذا الكلام ينطبق على الجميع ابتداء من العامة والخاصة والمعالجين وكذلك الأطباء العضويين والنفسيين ، ولا زلنا بحاجة ماسة إلى نشر التوعية الدينية والاجتماعية بين الناس بكافة الوسائل والأساليب المتاحة 0

      2)- لا بد من التركيز على أمر في غاية الأهمية وهو نشر التوعية الشرعية والثقافية المتعلقة بالأمراض الروحية خاصة ما يتعلق بداء السحر ، وبيان أثره وتأثيره وتحذير العامة والخاصة من هذا الخطر العظيم ، والتركيز على إيضاح ما يتعلق بالسحر والكهانة والشعوذة والعرافة من خلال كافة المنابر الدعوية المتاحة 0

      3)- تقوى الله سبحانه وتعالى من قبل العامة والخاصة ، دون اللجوء إلى إلقاء التهم الباطلة جزافاً والتي لا تمت للواقع بصلة لا من قريب ولا من بعيد ، وتحكيم شرع الله سبحانه وتعالى والتفكر والتأمل في الآية الكريمة : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) ( سورة الحجرات – الآية 6 ) 0

      4)- لا بد من الاعتقاد الجازم بأنه لا يوجد بأي حال من الأحوال أي تعارض فيما بين الرقية الشرعية والطب العضوي والنفسي ، ونحن مطالبون بالنسبة للعلاج والاستشفاء باتخاذ الأسباب الشرعية من ذكر ودعاء ورقية وقراءة قرآن ونحو ذلك ، كما أننا مطالبون باتخاذ الأسباب الحسية من خلال مراجعة المستشفيات والمصحات والعيادات واستخدام الدواء اللازم مع الأخذ بعين الاعتبار أن الشفاء من الله سبحانه وتعالى وحده 0

      5)- لا يجوز بأي حال أن ننكر أن السحر قد يؤدي إلى العقم وعدم الإنجاب ، وإعطاء تأويلات وتحليلات لكافة الحالات المرضية المصابة بهذا المرض على أنها عضوية أو نفسية ، ولا ننكر مطلقاً أن بعض الحالات قد تعاني من أعراض عضوية ، وأخرى تعاني من أعراض نفسية ، وكذلك فإن بعض الحالات المرضية قد تكون بسبب أعراض روحية وخاصة الإصابة بالسحر ، وقد استعرضت في بحث تفصيلي في كتابي الموسوم ( الأصول الندية في علاقة الطب بمعالجي الصرع والسحر والعين بالرقى ) بعض النصوص النقلية الصريحة وأقوال علماء الأمة قديماً وحديثاً والتي تؤكد على ذلك ، تحت عنوان ( المبحث الثامن - تساؤلات الطب العضوي والنفسي حول الرقية الشرعية ، التساؤل السابع " إنكار بعض الأطباء ما يسمى بسحر العقم " ) 0

      وكافة تلك النقولات تؤكد على حقيقة السحر وأنه قد يؤدي إلى ربط الزوج عن زوجه وحصول العقم على اعتبار أنه مرض كسائر الأمراض ، ولكن يبقى الأمر المهم وهو البحث عن الحقيقة عند أهل الاختصاص سواء معالجين أو أطباء عضويين أو نفسيين للوقوف على الأسباب الرئيسة للمعاناة والألم 0

      6)- قد يدخل الشك إلى بعض النفوس بأنها قد تعرضت لنوع من أنواع السحر لأي سبب كان ، وفي هذه الحالة فإنهم مطالبون باتخاذ الأسباب الشرعية لتأكيد ذلك من عدمه من خلال رقية أنفسهم بالرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة والأثر ، وإن استدعى الأمر لعرض أنفسهم على بعض الاخوة المعالجين أصحاب العلم الشرعي الحاذقين المتمرسين فلا بأس بذلك إن شاء الله تعالى ، مع الحرص التام على عدم إلقاء الاتهامات يمنة ويسرة والوقوع في الوساوس والأوهام والشك 0

      7)- إن الشعور بأية أعراض طبية عضوية يستلزم مراجعة الأطباء الأخصائيين لتحديد الداء ووصف الدواء النافع بإذن الله تعالى ، أما بالنسبة للشعور بالاضطرابات النفسية فالأولى مراجعة المعالجين أصحاب العلم الشرعي الحاذقين المتمرسين للوقوف على الأسباب الرئيسة للمعاناة ، فإن تبين مع غلبة الظن بأن المعاناة روحية عند ذلك يستمر المريض بالعلاج بالرقية الشرعية ، وإن تبين غير ذلك وأن الأمر يتعلق بالاضطرابات النفسية عند ذلك تحول الحالة المرضية لأهل الاختصاص في هذا النوع من أنواع الطب 0

      8)- أما حصول بعض الأشياء الغريبة في المنازل وسماع أصوات وعبث ونحو ذلك من أمور أخرى فكل ذلك واقع لا ينكره إلا جاحد ، وكثيرا ما نسمع في وقتنا الحاضر عن أحوال غريبة تحصل هنا وهناك من حرق للبيوت ، وعبث في الأثاث ، وسرقة من المحتويات ، أو سماع أصوات غريبة في بعض المنازل ، ونحو ذلك من أشكال الإيذاء التي قد يتعرض له ساكنو تلك البيوت ، وقد ورد في السنة النبوية المطهرة ما يثبت وجود نوع من أنواع الجن يحلون ويظعنون وهم ما يطلق عليهم اسم ( العمار ) ، وهذا الصنف قد يصدر منه بعض المظاهر آنفة الذكر ، فقد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه أبي ثعلبة الخشبي - رضي الله عنه - قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : ( الجن ثلاثة أصناف ، فصنف لهم اجنحة يطيرون بها في الهواء ، وصنف حيات وكلاب ، وصنف يحلون ويظعنون ) ( صحيح الجامع 3114 ) 0

      * سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء إيذاء الجن والشياطين برمي الحجارة وإغلاق المصباح فأجابت :

      ( قد يكون هؤلاء نفرا من شياطين الجن اعتدوا عليك وعبثوا بك لتخرج من البيت أو لمجرد العبث بك واللعب عليك وقد يكون منهم انتقاما منك لإيذائك إياهم من حيث لا تعلم ، وعلى كل حال الجأ إلى الله وتحصن بتلاوة كتاب الله في البيت وقراءة آية الكرسي عندما تضطجع في فراشك للنوم أو الراحة ، وتستعيذ بالله من شر ما خلق وتقول : ( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات ) ، وتقول كلما دخلت البيت : ( اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج باسم الله ولجنا وباسم الله خرجنا وعلى الله ربنا توكلنا ) ، وتقول عند كل صباح ومساء ثلاث مرات : ( بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ) 0
      وبالجملة تحافظ على تلاوة القرآن في البيت وغيره ، وعلى الأذكار النبوية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم فتذكر الله بها في أوقاتها ليلا ونهارا في البيت وغيره وتجدها في كتاب الكلم الطيب لابن تيمية ، وكتاب الوابل الصيب لابن القيم وكتاب الأذكار للنووي وغير ذلك من كتب الحديث ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ) ( مجلة البحوث الإسلامية – العدد 27 – ص 76 ، 77 ) 0

      9)- أما ما ذكره الدكتور محمد المهدي استشاري الطب النفسي – وفقه الله لكل خير – عن بعض الحالات التي تشكو من غثيان وقشعريرة وآلام في البطن عند دخول المنزل ، فلا يمكن الحكم على كافة الحالات أنها تعاني من علل نفسية ، وقد ينطبق الحكم والوصف المشار إليه على الحالة التي ذكرها الدكتور الفاضل بسبب معاناة نفسية مع أم الزوج ، أما التعميم فلا يجوز ، وقد يحصل مثل تلك الأعراض بسبب الإصابة بالعين للمنزل أو الشخص ونحو ذلك ، والضابط في ذلك كله الدراسة العلمية الموضوعية المتأنية للوصول إلى الحق المنشود 0

      * المسألة السابعة : وتنقل المجلة ما نصه : " كادت ظاهرة السحر والشعوذة أن تنقرض في الكويت بعد انتشار التعليم في البلاد في حقبة السبعينات والثمانينات ، لكن الظاهرة عادت مرة أخرى للانتشار بعد محنة الغزو التي خلفت مشكلات نفسية مريرة " 0

      وهذا الكلام ليس واقعياً على الإطلاق ، وإن كان الظاهر يوحي بذلك، فظاهرة السحر منتشرة في الكويت وفي غيرها منذ زمن بعيد ، ولكن لم يدرك كثير من الناس خطورة هذه الظاهرة إلا في العقد الأخير من الزمن ، ومن أراد التأكد من ذلك فليراجع الاخوة الثقات ليسألهم بنفسه عن هذا الأمر ، ومن هؤلاء الاخوة الأفاضل الشيخ ( عبدالله الحداد ) رئيس وحدة الإرشاد الصحي بجمعية مكافحة التدخين والسرطان في دولة الكويت الشقيقة وهو من أهل الاختصاص في مجالات الرقية الشرعية ، ونحسبه على خير وصلاح والله حسيبه ، هذا من ناحية أما من الناحية الأخرى فالقول بأن التعليم قد أدى إلى تلاشي هذه الظاهرة ، فعلى العكس من ذلك تماماً ، وقد أكدت على هذه الحقيقة كثير من الدراسات والأبحاث التي أوضحت على أن كثيراً من المثقفين والمتعلمين بل من حملة الشهادات العليا يطرقون أبواب السحرة والمشعوذين والكهنة والعرافين وقد أكدت على هذا المفهوم الباحثة حياة سعيد با أخضر في أطروحتها العلمية لنيل درجة الماجستير بعنوان ( موقف الإسلام من السحر– دراسة نقدية على ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة ) 0

      وبالعموم فإني أنقل ما ذكره صاحبا كتاب " السحر والسحرة " في عرض جلسة نقاش مع أحد السحرة في إيضاح خطورة هذه الآفة وأثرها على الفرد والأسرة والمجتمع المسلم ، وأختار جزء مما كتب في ذلك بشكل سؤال وجواب كي أؤكد على بعض الحقائق التي تخفى على كثير من الناس : ( وزبائنك ؟ مختلفون ومتعددون ، رجال ونساء ، ومن الأكثر ؟ قديماً كانت نسبة النساء أكثر من الرجال ، وأعتقد أنه منذ أوسط الثمانينات وأصبحت نسبة الرجال الذين يتعاطون السحر تتراوح ما بين 60 و 70 في المائة ، وماذا اكتشفت من بين زبائنك ؟ لاحظت أن المرأة هي المتهمة بالدرجة الأولى بالسحر ، في حين أننا نجد من الزبائن تجاراً وأرباب أعمال ، بل ومنهم من تجده ينكر السحر علانية ، ولكنه يمارسه في الخفاء ، وبتجربتك لماذا يلجأ هؤلاء للسحر ؟ المسألة بسيطة في حد ذاتها، فهؤلاء الناس ( رجال ونساء ) شخصيتهم ضعيفة وفاشلون في حياتهم وفي المجتمع ، ولا قدرة لهم لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم بالعمل والمثابرة والصبر ، فيلجأون للطرق السهلة والقصيرة التي تؤدي في النهاية لتحقيق طموحاتهم ، وهل تحقق لهم هذه الطموحات بالسحر ؟ ليس كلها، لماذا ؟ لأن هناك مضادات للسحر ، فقهاء يفسخون الوصفات التي نقدمها ) ( السحر والسحرة – باختصار – ص 52 ، 56 ) 0

      أما القول بأن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية قد تؤدي إلى بعض الاضطرابات النفسية فهذا هو الواقع العملي المشاهد والمحسوس عند البعض ، وهذا يؤكد على أهمية البحث والدراسة للوصول إلى أصل المعاناة والألم وتحديد الداء ووصف الدواء النافع بإذن الله تعالى 0

      * المسألة الثامنة : وتنقل المجلة على لسان الدكتور محمد المهدي أخصائي الطب النفسي – وفقه الله لكل خير - ما نصه : " أن معظم من يدعين أنهن مسحورات ينقطعن عن العلاج بالسحر بمجرد معرفة الأسباب الحقيقية من خلال اعترافهن التدريجي في الجلسات النفسية ، لأنهن لا يرغبن في الوصول إلى حل فعلي " ، وهذا الكلام يحتاج إلى الدقة والتأمل ، ولا يعني ذلك أن بعض ممن تدعي أنها مصابة بالسحر ينطبق عليها الحكم والوصف المشار إليه من قبل الدكتور الفاضل ، أما أن نعمم الأمر على أن كل امرأة تدعي السحر وتنقطع عن العلاج به بمجرد معرفة الأسباب الحقيقية من خلال الجلسات النفسية فهذا الكلام مجانب للصواب ، وليس من المصلحة الشرعية مطلقاً أن ينشر ذلك بين القراء الأعزاء ، فالهدف والغاية لا بد أن تكون دائماً وأبداً مراعاة المصلحة الشرعية للحالات المرضية وذويهم ، وهذا بطبيعة الحال لن يتحقق إلا من خلال الدراسة الموضوعية المتأنية للحالة للوقوف على أصل المعاناة ، سواء كانت المعاناة عضوية أو نفسية أو روحية ، وذلك لاتخاذ الإجراءات العلاجية المناسبة عند أهل الخبرة والاختصاص 0

      * المسألة التاسعة : وتنقل المجلة على لسان الدكتور محمد الصغير استشاري الطب النفسي – وفقه الله لكل خير - ما نصه " ليس للسحر صورة واحدة أو صور محددة لا يخرج عنها في الأعراض والعلامات وإن كان بعض الرقاة يسعون إلى وضع تصورات تقيد حالات السحر بأعراض محددة تكون جامعة مانعة ، ويبدو أن هذا أمر يصعب ضبطه ، لأن السبب الخفي ( السحر ) لا يمكن دراسته بدقة من خلال الاعتماد على الأمور الظاهرة المدركة بالحواس " 0

      وحول نفس المعنى المشار إليه آنفاً تنقل مجلة الأسرة على لسان الدكتور محمد المهدي أخصائي الطب النفسي – وفقه الله لكل خير – ما نصه : " إن السحر ثابت في الكتاب والسنة ، ولا مجال لإنكاره ، ولكنه شيء غيبي لا يستطيع أحد الجزم بوجوده في مريضة ( أو مريض ) " 0

      إن مسألة دراسة الأعراض المتعلقة بظاهرة السحر من قبل الاخوة المعالجين أصحاب العلم الشرعي الحاذقين المتمرسين ووضع كافة الأعراض المتعلقة بها أمر لا ينكره أحد ، بل أقره جمع من أهل العلم قديماً وحديثاً 0

      يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله - : ( معلوم أن الراقي الذي تتكرر عليه الأحوال ويراجعه المصابون بالمس والسحر والعين ويعالج كل مرض بما يناسبه أنه مع كثرة الممارسة يعرف أنواع الأمراض النفسية أو أكثرها وذلك بالعلامات التي تتجلى مع التجارب فيعرف المباشرة بتغير عينيه أو صفرة أو حمرة في جسده أو نحو ذلك ، ولا تحصل هذه المعرفة لكل القراء وقد يدعي المعرفة ولا يوافق ذلك ما يقوله ، لأنه يبني على الظن الغالب لا على اليقين ، والله أعلم ) ( الفتاوى الذهبية – ص 20 ، 21 ) 0

      بل قد أكد على ذلك المتخصصون وبعض الأطباء النفسيين أنفسهم ومن ذلك ما ذكرته الأستاذة أسماء الحسين – وفقها الله لكل خير - في نفس تقرير مجلة الأسرة حيث أشارت إلى عدد من المعايير للتفرقة بين السحر والاضطراب النفسي وذكرت بعض من تلك المعايير وهي :
      1)- في حالة السحر يشيع لدى المسحور صدود وإعراض عن ذكر الله تعالى 0
      2)- يرى المسحور في منامه كثيراً من مشاهد الخراب والظلام والحيوانات كالأفاعي والقطط السوداء مثلاً 0
      3)- تأثير السحر على شخص يكون بتحديد معين ، كمن يربط عن الزواج مثلاً 0
      4)- رفض المسحورين علاج أنفسهم بالقرآن الكريم 0
      5)- يجهل المسحور أنه واقع تحت تأثير السحر والمس الشيطاني ، ويقوم بفعل أشياء لم تكن من طبعه أو متوقعة منه وقد يستغربها هو نفسه 0

      وهذا يدل بطبيعة الحال على أن هناك أعراض خاصة بطبيعة السحر وأثره ، وقد أثلج صدري ما كتبته الأستاذة الفاضلة ، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على نظرتها المتأنية والمتبصرة في أصل القضية ، فجزاها الله خير الجزاء ووفقها للعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم 0

      ونقل مثل ذلك المفهوم الدكتور الفاضل ( ياسر عبد القوي ) في كتابه الموسوم ( الأمراض النفسية ) حيث يقول : ( للمس أعراضه وآثاره التي تميزه وإن كانت تتشابه مع بعض الأعراض النفسية ، وأحياناً يكون التشابه شديداً وأهل الخبرة والدراية فقط هم الذين يستطيعون التفريق بينهما ، ولهذا يجب الحيطة والحذر الشديدين في التعامل مع الأعراض لإعطاء التشخيص الصحيح ، وهذه الأعراض كثيرة ، فمنها النفسية والجسمانية والروحية ) ( مجلة الفرحة – العدد ( 42 ) – مارس سنة 2000 م – ص 26 – 27 - نقلاً عن كتاب " الأمراض النفسية " ) 0

      مع أني لا زلت أركز تركيزاً هاماً على أهمية التزام منهج البحث العلمي المتأني للوصول إلى أصل المعاناة والألم 0

      ولا بد من إيضاح مسألة مهمة جداً للأطباء العضويين والنفسيين تتعلق بمسألة تحديد وتشخيص طبيعة الأمراض الروحية بشكل عام والسحر بشكل خاص ، حيث أن السحر ونفاذ تأثيره يقع ضمن نطاق غيبي ، وهذا صحيح ولا نشك به مطلقاً ، إنما الأمر الذي يجب فهمه وإدراكه أن المعالجين لا يتدخلون في القضايا الغيبية بقدر تعاملهم مع التأثيرات التي تحصل نتيجة الإصابة بداء السحر أو بناء على التعامل مع الأمور المحسوسة والملموسة من التقاء عالم الإنس بعالم الجن وحصول بعض التأثيرات نتيجة لذلك ، وكون أن يقوم الاخوة المعالجين ببعض التقسيمات بناء على ذلك ، فلا غبار على ذلك البتة ، فهذا أمر مطلوب لإيضاح تلك الآثار للعامة والخاصة وتبصيرهم بها وهو أمر مشروع ولا يملك أحد حقاً في انكاره وقد أكد على ذلك الأمر جمع من أثبات أهل العلم قديماً وحديثاً ، أما ادعاء بأن تلك الأعراض يصعب ضبطها فهذا الكلام مجانب للصواب ، أما القول بأن الأمر يحتاج إلى البحث والدراسة والدقة المتأنية قبل إصدار الأحكام دون الجزم فهذا هو عين اليقين في هذه المسألة التي لا زالت تحتاج إلى بحث وتدقيق موضوعي متأني 0

      وقد تعرضت لهذه المسألة في كتابي الموسوم : ( الأصول الندية في علاقة الطب بمعالجي الصرع والسحر والعين بالرقية ) - ( المبحث الثامن – مناقشة بعض أسئلة الأطباء العضويين والنفسيين حول الرقية الشرعية - " التساؤل الثالث : كيف نثبت للطب بأن الحالة بذاتها تعاني من الصرع أو السحر أو العين " ) وأكدت من خلال الإجابة على هذا التساؤل أن الأمر يحتاج إلى الدراسة العلمية الموضوعية لتحديد الإصابة بداء السحر 0

      * المسألة العاشرة : يقول الدكتور محمد المهدي أخصائي الطب النفسي – وفقه الله لكل خير– : " وحالات السحر ليست بالكثرة التي يروج لها المعالجون الشعبيون " 0 وأقف مع كلام الدكتور الفاضل وقفتان :

      الأولى : أود الإشارة من خلال هذه الوقفة على حقيقة مرة وهي أن انتشار ظاهرة السحر في الآونة الأخيرة أصبحت ملفتة للنظر وليس كما يدعي الدكتور المهدي – وفقه الله لكل خير - ، حيث أن ضعف الوازع الديني ، وتكالب ظروف الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على الناس أدى إلى ما أدى إليه من وجود ملفت للنظر لظاهرة السحر وأثرها وتأثيرها ، وكذلك حب الدنيا وشهوتها خاصة من قبل النساء وانتشار السحرة والمشعوذين في كافة أنحاء العالم الإسلامي دون رادع أو وازع إلا في بلاد قلة حباها الله سبحانه وتعالى بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ومنها المملكة العربية السعودية التي لا زالت تحمي حمى العقيدة وتصون هذا الدين وأهله فأسال الله العلي القدير أن يوفق ولاة الأمر فيها للعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم 0

      كل تلك العوامل أدت إلى انتشار هذه الظاهرة وبشكل واسع ، ولا أدري هل يخفى على الدكتور الفاضل أن نسبة 95 % من العمالة الوافدة إلى المملكة العربية السعودية خاصة من منطقة شرق آسيا تتعاطى السحر والدجل والشعوذة ؟ بل قد تأكد لي أنهم يدرسونه في مدارسهم ، ويتعلمونه في طرقهم ، وهل يعلم الدكتور الفاضل أن كتب تعلم وتعليم السحر تباع على قارعة الطريق في كثير من بلدان العالم الإسلامي ، وهل يعلم الدكتور أن بعض صفحات الإنترنت أصبحت متخصصة بالسحر وفنونه وخفاياه ، وهل يعلم الدكتور أن انتشار هذه الظاهرة وبشكل ملفت للنظر أصبحت تمارس عن طريق الهاتف ، فما عليك إلا الاتصال بالساحر وإعطائه اسم أمك وأبيك ثم أعد الاتصال لاحقاً ليحدد لك أسباب المعاناة ويطلب منك تحويل مبلغ معين من المال ليقوم بحل السحر المعقود لك ، وإن شاء الدكتور الفاضل أن يعلم حقيقة انتشار السحرة والمشعوذين فأنصحه بزيارة المشرف العام عن هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة الرياض لمعرفة عدد الأشخاص الذي ثبت تعاطيهم السحر والشعوذة مع أننا نتكلم عن المملكة العربية السعودية وهي حصن الإسلام الحصين التي تلاحق هذه الفئة الباغية وتطبق في حقها الأحكام الشرعية ، فما بالك في كثير من بلدان العالم الإسلامي الذي يصول ويجول فيها السحرة والمشعوذون والدجالون بحماية ووقاية من الدولة 0

      واعتذر لأخي الدكتور المهدي فليس القصد من طرح هذا الموضوع تسفيه رأية أو الانتقاص من قدره ، بل على العكس من ذلك تماماً ، فالهدف من ذلك كله توعية الجميع بخطورة السحر على الفرد والأسرة والمجتمع المسلم ، ولا بد أن يسعى إلى تحقيق هذه الغاية ولاة الأمر المخلصين الحريصين على هذا الدين وأهله – وفقهم الله لكل خير – والعلماء وطلبة العلم والدعاة والمخلصون ، من خلال وسائل الإعلام والأجهزة المرئية والسمعية وكافة المنابر الدعوية المتاحة ، أما أن يترك الأمر هكذا دون إعطاء هذا الأمر الأهمية اللازمة فإن الظاهرة سوف تستفحل والأمور سوف تتعقد وكل ذلك سوف يضر بالمصلحة الشرعية العامة للإسلام والمسلمين 0

      الثانية : أما قول الدكتور المهدي – وفقه الله لكل خير– " المعالجون الشعبيون " ، فلا أدري إن كان يقصد بقوله هذا السحرة والمشعوذون فقد أخطأ التعبير إن كان الأمر كذلك ، أما إن كان القصد من ذلك الاستخفاف بالمعالجين بالرقية الشرعية ، فأحمد الله سبحانه وتعالى أن الرقية الشرعية والقائمين عليها من أصحاب العلم الشرعي المتمرسين الحاذقين قد قدموا الكثير في معاونة إخوانهم المرضى والوقوف معهم والأخذ بأيديهم ، وقد كتب الله سبحانه وتعالى شفاء كثير من الحالات المستعصية سواء كانت أمراض عضوية أو نفسية أو روحية ، فالفضل والمنة له سبحانه وتعالى وحده أولاً وأخيراً 0

      * خلاصة هذا التقرير :

      وأخلص من خلال هذا التقرير إلى أمور هامة لا بد أن تتبلور عند الجميع سواء كانوا معالجين بالرقية أو أطباء عضويين أو نفسيين ، وأوجز هذه الأمور بالنقاط التالية :

      1)- لا بد من التواصل بين الاخوة المعالجين والأطباء العضويين والنفسيين لما في ذلك من تحقيق للمصلحة الشرعية العامة 0

      2)- لا بد من اهتمام الاخوة سواء كانوا معالجين أو أطباء عضويين أو نفسيين كل في تخصصه دون إقحام نفسه في المسائل أو القضايا التي ليست له علاقة بها من قريب أو بعيد 0

      3)- لا زال هذا الموضوع – أعني السحر – بحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة للوقوف على خفاياه وأسراره العجيبة وذلك من منطلق شرعي بحت 0

      4)- لا بد من التوعية الشرعية للعامة والخاصة بخصوص هذا الموضوع من خلال اهتمام العلماء وطلبة العلم والدعاة بنشر الخطب والمحاضرات والندوات التي تبين خطورة السحر على الفرد والأسرة والمجتمع المسلم ، وكذلك استخدام كافة وسائل الاعلام المرئية والسمعية وتسخيرها في تحقيق هذا الهدف 0

      وفي الختام فإنني أقدم النصح لكل الاخوة الأطباء - وفقهم الله لكل خير - سواء كانوا عضويين أو نفسيين أن يرأفوا بإخوانهم المعالجين وأن يحسنوا صحبتهم وعشرتهم ، ولا يمنع ذلك البتة من تقديم التوجيه والنصح والإرشاد فيما يرى من تجاوزات وشطحات تتعلق بتجاوز الضوابط الطبية أو رؤية ما هو مخالف للأحكام الشرعية الظاهرة ، وهذا الأمر سوف يعمق التواصل بين الجميع ويؤكد على أخوة الإسلام وعظم قيم هذا الدين الحنيف ، حيث يؤكد سبحانه وتعالى على هذه الحقيقة فيقول جل شأنه : ( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ) ( سورة الحجرات – الآية 10 ) 0

      سائلاً المولى عز وجل أن يوفق الجميع للعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، كما اسأله سبحانه أن يهدينا لما يحب ويرضى وأن يزرع المحبة في قلوبنا وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه 0 انتهى 0

      أرجو أختي الفاضلة ( الزاوية القائمة ) قراءة ما ذكر بتمعن وتدبر ففيه الإجابة الشافية الوافية الكافية على ما يدور في خلدك 0

      وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0

      وتقبلوا تحيات :

      أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
      أما قولك – وفقك الله للخير - فيما ذهبت إليه : ( أن يكون نقاشنا نقطة بنقطه حتى ننهيها ويكون على أساس القرآن الكريم وليس أقوال علماء وأناس وحوادث قيل وقال ، وبارك الله فيكم مرة اخرى على سعة صدركم ) 0

      قلت وبالله التوفيق : لا شك أننا نسعى إلى الحق ، والحق يكون في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا نستطيع مطلقاً أن ننحي أقوال علماء الأمة العاملين العابدين الذين شغلهم هم هذه الأمة ، ولذلك جاء كلامك ناقصاً أخي الحبيب : فلم تذكر : السنة المطهرة ، واستبعدت كلام علماء الأمة ، وأنت أدرى من غيرك بأن العلماء هم ورثة الأنبياء كما ثبت في الصحيح ، فإن أردنا النقاش فالنبدأ من هنا ، وإلا فإني أعتذر لكَ غاية العذر عن متابعة النقاش ، سائلاً المولى عز وجل أن يريكَ الحق حقاً ويرزقكَ اتباعه ، وأن يريك الباطل باطلاً ويرزقكَ اجتنابه ، وأن يرزقكِ العفو والعافية في الدنيا والآخرة ،

      رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

      تعليق


      • #4
        رد: ظاهرة لبس الجن [ الصرع أو الاقتران الشيطاني ] حقيقه أم خرافه !!

        عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرا أختنا وبارك فيكم ونفع بكم

        اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

        تعليق

        يعمل...
        X