تمهيد
قسمت هذا البحث الى خمسة فصول ليسهل على القارئ الكريم فهمه واليك بيانها :
الفصل الاول : ذكرت فيه ان تحكيم القوانين الوضعية كفر مع التفصيل فى هذا الامر
الفصل الثانى : ذكرت فيه الادلة على خلع الحاكم الذى يحكم بغير ما انزل الله ونقلت كلام اهل العلم فى ذلك
الفصل الثالث : ذكرت فيه الرد على قولهم ان كل من خرج على الحاكم فهو من فرقة الخوارج ونقلت تفريق العلماء بين الخوارج والبغاة والثوار وهم اهل الحق الذين خرجو لانكار المنكر وازالة الطغاة المفسدين المبدلين للشرع والدين
الفصل الرابع : ذكرت فيه امثلة لبعض الصحابة والتابعين وائمة الدين الذين خرجو على الحكام الظالمين ليتضح لنا فهم الصحابة الكرام وأئمة الدين من بعدهم لنصوص طاعة الحكام وانها مشروطه باقامتهم للشرع واتباعهم للدين
الفصل الخامس : ذكرت فيه خلاف العلماء فى الخروج على الحاكم الفاسق والرد على دعوى الاجماع التى نقلها البعض عن علماء السلف وبيان بطلان هذة الدعوى وان الامر فيه نزاع بين اهل العلم قديما وحديثا
الفصل الاول : ذكرت فيه ان تحكيم القوانين الوضعية كفر مع التفصيل فى هذا الامر
الفصل الثانى : ذكرت فيه الادلة على خلع الحاكم الذى يحكم بغير ما انزل الله ونقلت كلام اهل العلم فى ذلك
الفصل الثالث : ذكرت فيه الرد على قولهم ان كل من خرج على الحاكم فهو من فرقة الخوارج ونقلت تفريق العلماء بين الخوارج والبغاة والثوار وهم اهل الحق الذين خرجو لانكار المنكر وازالة الطغاة المفسدين المبدلين للشرع والدين
الفصل الرابع : ذكرت فيه امثلة لبعض الصحابة والتابعين وائمة الدين الذين خرجو على الحكام الظالمين ليتضح لنا فهم الصحابة الكرام وأئمة الدين من بعدهم لنصوص طاعة الحكام وانها مشروطه باقامتهم للشرع واتباعهم للدين
الفصل الخامس : ذكرت فيه خلاف العلماء فى الخروج على الحاكم الفاسق والرد على دعوى الاجماع التى نقلها البعض عن علماء السلف وبيان بطلان هذة الدعوى وان الامر فيه نزاع بين اهل العلم قديما وحديثا
الفصل الاول
الحكم بغير ما انزل الله كفر
قال الله تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " , وقال تعالى " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " , وقال تعالى " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون "
قال بن كثير :
فى تفسير قوله تعالى " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون " ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيزخان الذي وضع لهم الياسق ، وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بينه شرعا متبعا يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير.(تفسير بن كثير (2/119)
وقال بن كثير: فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى "الياسق" وقدمه عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين.
(البداية والنهاية (13/119) طبعة دار الفكر)
قال العلامة محمد امين الشنقيطى : وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم، أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته، وأعماه عن نور الوحي مثلهم.
(أضواء البيان (3/259) طبعة دار الفكر)
وقال الشنقيطى ايضا : وأما النظام الشرعي المخالف لتشريع خالق السماوات والأرض فتحكيم هذا النوع من النظام في أنفس المجتمع وأموالهم وأعراضهم وأنسابهم وعقولهم وأديانهم كفر بخالق السماوات والأرض، وتمرد على نظام السماء الذي وضعه من خلق الخلائق كلها وهو أعلم بمصالحها سبحانه وتعالى عن أن يكون معه مشرع آخر علوا كبيرا . اه بتصرف(أضواء البيان (3/260) طبعة دار الفكر)
فتوى الشيخ بن باز فيمن يطالب بتحكيم المبادئ الاشتراكية والشيوعية :
أجمع العلماء على أن من زعم أن حكم غير الله أحسن من حكم الله، أو أن هدي غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كافر، كما أجمعوا على أن من زعم أنه يجوز لأحد من الناس الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم أو تحكيم غيرها فهو كافر ضال، وبما ذكرناه من الأدلة القرآنية، وإجماع أهل العلم يعلم السائل وغيره، أن الذين يدعون إلى الاشتراكية أو الشيوعية أو غيرهما من المذاهب الهدامة المناقضة لحكم الإسلام، كفار ضلال، أكفر من اليهود والنصارى؛ لأنهم ملاحدة لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر " ا ه
(بتصرف من مجموع فتاوى بن باز (1/269)
وقال بن باز: كل من زعم أن تحكيم القوانين الوضعية المخالفة لشرع الله أمر جائز أو أنه أنسب للناس من تحكيم شرع الله، أو أنه لا فرق بين تحكيم شرع الله وتحكيم القوانين التي وضعها البشر المخالفة لشرع الله عز وجل فهو مرتد عن الإسلام، كافر بعد الإيمان.(مجموع فتاوى بن باز (18/325)
قال الشيخ بن عثيمين : من الشرك بالربوبية أن يتخذ الإنسان أندادا يشرعون تشريعات تخالف شرع الله، فيوافقهم فيها مع علمه بمخالفتها للشريعة، ولهذا ترجم الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله - ترجم على ذلك في كتاب التوحيد بقوله: " باب من أطاع العلماء والأمراء في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله فقد اتخذهم أربابا" فإذا وجد قوم يتبعون القوانين الوضعية المخالفة للشريعة الإسلامية مع علمهم بمخالفتها للشريعة فإننا نقول: هؤلاء قوم مشركون لأنهم اتخذوا حاكما يحكم بين الخلق غير الله -عز وجل- ومن المعلوم أن الحكم بين الخلق من مقتضيات الربوبية فقد اتخذوهم أربابا من دون الله.(مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (7/285)
قال الشيخ محمد حامد الفقى : ومثل هذا وشر منه من اتخذ من كلام الفرنجة قوانين يتحاكم إليها في الدماء والفروج والأموال, ويقدمها على ما علم وتبين له من كتاب الله وسنة رسوله , فهو بلا شك كافر مرتد إذا أصر عليها ولم يرجع إلى الحكم بما أنزل الله. ولا ينفعه أي اسم تسمى به, ولا أي عمل من ظواهر أعمال الصلاة والصيام ونحوها.(فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص 396)
قال الشيخ محمد بن ابراهيم: فى انواع كفر الاعتقادالنوع الخامس: وهو أعظمهما وأشملهما وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقة لله ولرسوله، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعدادا وإمدادا، وإرصادا وتأصيلا وتفريعا، وتشكيلا وتنويعا، وحكما وإلزاما، ومراجع مستمدات. فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع مستمدات مرجعها كلها إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلهذه المحاكم مراجع هي القانون الملفق من شرائع شتى، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك. فهذه المحاكم الآن في كثير من أمصار الإسلام، مهيأة مكملة، مفتوحة الأبواب، والناس إليها أسراب إثر أسراب، يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب، من أحكام ذلك القانون، وتلزمهم به وتقرهم عليه، وتحتمه عليهم، فأي كفر فوق هذا؟ وأي مناقضة للشهادة بأن محمدا رسول الله بعد هذه المناقضة؟(رسالة تحكيم القوانين الوضعية)
.................................................
حكم من لم يحكم بما انزل الله ؟
الذى يحكم بغير ما انزل الله هو احد اثنين
الاول : ان يكون مستحلا لذلك او يرى عدم وجوب الحكم بما انزل الله او يرى ان حكم احد غير الله افضل من حكم الله او يرى ان شرع الله ناقص او لا يصلح للبشرية الان فهو كافر كفر اكبر مخرج من ملة الاسلام.
والثانى : ان يكون متبعا لهواه ويرى انه عاصى بمخالفته لشرع الله وان شرع الله فيه الخير وهو الاحق بالتحكيم فهوكافر كفر اصغر غير مخرج من الملة , وهومرتكب لكبيرة اكبر من شرب الخمر والزنى لان الله سماها كفر.
وفى الحالتين فان عمله ينطبق عليه اسم الكفر ففى الاولى كفر اكبر وفى الثانية كفر اصغر.
.......................................................................................... .................................................. ..........................
قال بن كثير :
فى تفسير قوله تعالى " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون " ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيزخان الذي وضع لهم الياسق ، وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بينه شرعا متبعا يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير.(تفسير بن كثير (2/119)
وقال بن كثير: فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى "الياسق" وقدمه عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين.
(البداية والنهاية (13/119) طبعة دار الفكر)
قال العلامة محمد امين الشنقيطى : وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم، أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته، وأعماه عن نور الوحي مثلهم.
(أضواء البيان (3/259) طبعة دار الفكر)
وقال الشنقيطى ايضا : وأما النظام الشرعي المخالف لتشريع خالق السماوات والأرض فتحكيم هذا النوع من النظام في أنفس المجتمع وأموالهم وأعراضهم وأنسابهم وعقولهم وأديانهم كفر بخالق السماوات والأرض، وتمرد على نظام السماء الذي وضعه من خلق الخلائق كلها وهو أعلم بمصالحها سبحانه وتعالى عن أن يكون معه مشرع آخر علوا كبيرا . اه بتصرف(أضواء البيان (3/260) طبعة دار الفكر)
فتوى الشيخ بن باز فيمن يطالب بتحكيم المبادئ الاشتراكية والشيوعية :
أجمع العلماء على أن من زعم أن حكم غير الله أحسن من حكم الله، أو أن هدي غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كافر، كما أجمعوا على أن من زعم أنه يجوز لأحد من الناس الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم أو تحكيم غيرها فهو كافر ضال، وبما ذكرناه من الأدلة القرآنية، وإجماع أهل العلم يعلم السائل وغيره، أن الذين يدعون إلى الاشتراكية أو الشيوعية أو غيرهما من المذاهب الهدامة المناقضة لحكم الإسلام، كفار ضلال، أكفر من اليهود والنصارى؛ لأنهم ملاحدة لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر " ا ه
(بتصرف من مجموع فتاوى بن باز (1/269)
وقال بن باز: كل من زعم أن تحكيم القوانين الوضعية المخالفة لشرع الله أمر جائز أو أنه أنسب للناس من تحكيم شرع الله، أو أنه لا فرق بين تحكيم شرع الله وتحكيم القوانين التي وضعها البشر المخالفة لشرع الله عز وجل فهو مرتد عن الإسلام، كافر بعد الإيمان.(مجموع فتاوى بن باز (18/325)
قال الشيخ بن عثيمين : من الشرك بالربوبية أن يتخذ الإنسان أندادا يشرعون تشريعات تخالف شرع الله، فيوافقهم فيها مع علمه بمخالفتها للشريعة، ولهذا ترجم الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله - ترجم على ذلك في كتاب التوحيد بقوله: " باب من أطاع العلماء والأمراء في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله فقد اتخذهم أربابا" فإذا وجد قوم يتبعون القوانين الوضعية المخالفة للشريعة الإسلامية مع علمهم بمخالفتها للشريعة فإننا نقول: هؤلاء قوم مشركون لأنهم اتخذوا حاكما يحكم بين الخلق غير الله -عز وجل- ومن المعلوم أن الحكم بين الخلق من مقتضيات الربوبية فقد اتخذوهم أربابا من دون الله.(مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (7/285)
قال الشيخ محمد حامد الفقى : ومثل هذا وشر منه من اتخذ من كلام الفرنجة قوانين يتحاكم إليها في الدماء والفروج والأموال, ويقدمها على ما علم وتبين له من كتاب الله وسنة رسوله , فهو بلا شك كافر مرتد إذا أصر عليها ولم يرجع إلى الحكم بما أنزل الله. ولا ينفعه أي اسم تسمى به, ولا أي عمل من ظواهر أعمال الصلاة والصيام ونحوها.(فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص 396)
قال الشيخ محمد بن ابراهيم: فى انواع كفر الاعتقادالنوع الخامس: وهو أعظمهما وأشملهما وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقة لله ولرسوله، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعدادا وإمدادا، وإرصادا وتأصيلا وتفريعا، وتشكيلا وتنويعا، وحكما وإلزاما، ومراجع مستمدات. فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع مستمدات مرجعها كلها إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلهذه المحاكم مراجع هي القانون الملفق من شرائع شتى، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك. فهذه المحاكم الآن في كثير من أمصار الإسلام، مهيأة مكملة، مفتوحة الأبواب، والناس إليها أسراب إثر أسراب، يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب، من أحكام ذلك القانون، وتلزمهم به وتقرهم عليه، وتحتمه عليهم، فأي كفر فوق هذا؟ وأي مناقضة للشهادة بأن محمدا رسول الله بعد هذه المناقضة؟(رسالة تحكيم القوانين الوضعية)
.................................................
حكم من لم يحكم بما انزل الله ؟
الذى يحكم بغير ما انزل الله هو احد اثنين
الاول : ان يكون مستحلا لذلك او يرى عدم وجوب الحكم بما انزل الله او يرى ان حكم احد غير الله افضل من حكم الله او يرى ان شرع الله ناقص او لا يصلح للبشرية الان فهو كافر كفر اكبر مخرج من ملة الاسلام.
والثانى : ان يكون متبعا لهواه ويرى انه عاصى بمخالفته لشرع الله وان شرع الله فيه الخير وهو الاحق بالتحكيم فهوكافر كفر اصغر غير مخرج من الملة , وهومرتكب لكبيرة اكبر من شرب الخمر والزنى لان الله سماها كفر.
وفى الحالتين فان عمله ينطبق عليه اسم الكفر ففى الاولى كفر اكبر وفى الثانية كفر اصغر.
.......................................................................................... .................................................. ..........................
الفصل الثانى
أدلة خلع الحاكم الذى يحكم بغير ما انزل الله
ذكرنا فى الفصل السابق الدليل والبرهان على ان الحاكم الذى يحكم بغير ما انزل الله إما ان يكون كافر كفر اكبر مخرج من الملة او كافر كفر اصغر غير مخرج من الملة وفى الحالتين انطبق عليه اسم الكفر واذا فعل ذلك فقد رأينا منه الكفر البواح
1- وعن عبادة بن الصامت انه قال : " بايعنا رسول الله على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كُفرا بواحا، عندكم من الله فيه برهان.
(رواه البخارى (7056) , ومسلم (1709)
قال النووى : المراد بالكفر هنا المعاصي ومعنى عندكم من الله فيه برهان أي تعلمونه من دين الله تعالى ومعنى الحديث لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام.( شرح النووى على مسلم 12/229)
قال الامام بدر الدين العينى : قوله: إلا أن تروا كفرا أي: بايعنا قائلا: إلا أن تروا منهم منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام، إذ عند ذلك تجوز المنازعة بالإنكار عليهم.(عمدة القاري شرح صحيح البخاري (24/179) دار إحياء التراث العربى)
قال الشيخ بن عثيمين : لكن إذا كان بواحاً صريحاً، مثل: لو أن ولياً من وُلاة الأمور قال لشعبه: إن الخمر حلال. اشربوا ما شئتم، وإن اللواط حلال، تلوطوا بمن شئتم، وإن الزنى حلال ازنوا بمن شئتم، فهذا كفر بواح ليس فيه إشكال، هذا يجب على الرعية أن يزيلوه بكل وسيلة ولو بالقتل؛ لأن هذا كفر بواح.( شرح رياض الصالحين (2/422)
قال العلامة محمد ناصر الالبانى : الكفر البواح يمكن ان نفهمه بما يعبر عنه بعض العلماء فى بعض المناسبات بما كان معلوم من الدين بالضرورة , يعنى حكم يشترك فى معرفته الخاصة والعامة العالم والجاهل , فاذا اعلن الحاكم يوما ما استباحة امر مقطوع فى تحريمة من الدين بالضرورة حينئذ تسقط البيعة له لانه ارتكب كفرا بواحا.
( سلسلة الهدى والنور الشريط رقم 211)
و يتبين من كلام العلماء ان كلمة كفر بواح تشمل الكفر الاصغر والكفر الاكبر فالعبرة برؤية الكفر
وردو على من اشترط الكفر الصريح فى الحاكم بان رسول الله اجاز الخروج على من ترك الصلاة وكذلك الخروج على من ترك الدعاء اليها مع انالجمهور لم يكفرو تارك الصلاة ولم يقل احد من اهل الملة ان تركالدعاء الى الصلاة كفر ومع ذلك اجاز ان نخرج عليهم ونقاتلهمقال رسول الله : "ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلو " رواه مسلم ...هذا فى ترك الصلاة
وقال رسول الله " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم»، قيل: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة " رواه مسلم..وهذا فى ترك الدعاء اليها
واستدل العلماء على الخروج على من لم يحكم بما انزل الله باحاديث اخرى لرسول الله مثل قوله:
2 - «إن أمر عليكم عبد حبشي مجدع، فاسمعوا له وأطيعوا، ما قادكم بكتاب الله»(1)
3 - وقوله " يا أيها الناس، اتقوا الله واسمعوا وأطيعوا، وإن أمر عليكم عبد حبشي مجدع ما أقام فيكم كتاب الله عز وجل "وفى رواية الترمذى والحاكم " ما أقام لكم كتاب الله " (2)
قال الامام النووى: ما دام يقودنا بكتاب الله تعالى قال العلماء معناه ما داموا متمسكين بالإسلام والدعاء إلى كتاب الله تعالى على أي حال كانوا في أنفسهم وأديانهم وأخلاقهم.(شرح النووى على مسلم (9/47)
4- ومن الادلة على ذلك ايضا حديث معاذ حينما سأل رسول الله فقال : يا رسول الله أرأيت إن كان علينا أمراء لا يستنون بسنتك ولا يأخذون بأمرك فما تأمرني في أمرهم؟ فقال رسول الله "لا طاعة لمن لم يطع الله" (3)
5 - وهذا واضح فى قول النبى " سيلي أموركم من بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون فمن أدرك ذلك منكم فلا طاعة لمن عصى الله عز وجل" (4)
..................................
(1) بن ماجة (2861), واحمد فى المسند (27270) بتحقيق شعيب الارنؤط , وابن ابى عاصم فى السنة (1062) بتحقيق الالبانى والحديث صححه الالبانى وهوعلى شرط مسلم.
(2) احمد (16649) , والترمذي (1706) ، والطبرانى فى الكبير (377) , والحاكم فى المستدرك (7381) وقال الترمذي:هذا حديث حسن صحيح وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط الشيخين ووافقه الذهبي والحديث صححه الالبانى.
(3) احمد (13225) ط الرسالة , مسند ابى يعلى (4046) , ضياء الدين فى المستخرج (2341) , وصححه الشيخ الالبانى فى صحيح الجامع (7521).
(4) الطبرانى فى الاوسط (2894) , والحديث صححه الشيخ الالبانى فى صحيح الجامع (3672).
..................................
فهذة الاحاديث تبين أن طاعة الامام مشروطة بإقامته لكتاب الله والحكم بين الناس بشرع الله ومتى أسقط الامام هذا الشرط سقطت طاعته ودبر المسلمون لخلعه والخروج عليه
لذلك فان العلماء اعتبرو ان الحاكم اذا ترك الحكم بما انزل الله واصر على ذلك ولم يسعى لتغييره فانه تسقط طاعته وينعزل من الامامة , وافتو بقتال كل من امتنع عن اقامة حد من حدود الله او اقامة حكم من احكام الله او بدل شريعة الله بشرائع وقوانين اخرى .
قال بن تيمية فى مجموع الفتاوى: كل طائفة ممتنعة عن شريعة واحدة من شرائع الإسلام الظاهرة، أو الباطنة المعلومة، فإنه يجب قتالها، فلو قالوا نشهد ولا نصلي قوتلوا حتى يصلوا، ولو قالوا نصلي ولا نزكي قوتلوا حتى يزكوا، ولو قالوا نزكي ولا نصوم ولا نحج، قوتلوا حتى يصوموا رمضانويحجوا البيت,ولو قالوا نفعل هذا لكن لا ندع الربا ولا شرب الخمر ولا الفواحش ولا نجاهد في سبيل اللهولا نضرب الجزية على اليهود والنصارى ونحو ذلك,قوتلوا حتى يفعلوا ذلك.(مجموع الفتاوى (22/51)
وقال ايضا فى مجموع الفتاوى : كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وإن تكلمت بالشهادتين. فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا. وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة. وكذلك إن امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق. وكذلك إن امتنعوا عن تحريم الفواحش أو الزنا أو الميسر أو الخمر أو غير ذلك من محرمات الشريعة. وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة. وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الكفار إلى أن يسلموا ويؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وكذلك إن أظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة واتباع سلف الأمة وأئمتها؛ مثل أن يظهروا الإلحاد في أسماء الله وآياته أو التكذيب بأسماء الله وصفاته أو التكذيب بقدره وقضائه أو التكذيب بما كان عليه جماعة المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين أو الطعن في السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان أو مقاتلة المسلمين حتى يدخلوا في طاعتهم التي توجب الخروج عن شريعة الإسلام وأمثال هذه الأمور.
( مجموع الفتاوى (28/510)
وقال ايضا فى مجموع الفتاوى : اتفق علماء المسلمين على أن الطائفة الممتنعة إذا امتنعت عن بعض واجبات الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها إذا تكلموا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلاة والزكاة أو صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق أو عن الحكم بينهم بالكتاب والسنة أو عن تحريم الفواحش أو الخمر أو نكاح ذوات المحارم أو عن استحلال النفوس والأموال بغير حق أو الربا أو الميسر أو عن الجهاد للكفار أو عن ضربهم الجزية على أهل الكتاب ونحو ذلك من شرائع الإسلام فإنهم يقاتلون عليها حتى يكون الدين كله لله .(مجموع الفتاوى (28/545)
وقال فى فتوى التتار الذين دخلو فى الاسلام وكانو هم الامراء على بلاد المسلمين فى وقت بن تيمية : كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة؛ من هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه " الى ان قال " فأيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج أو عن التزام تحريم الدماء والأموال والخمر والزنا والميسر أو عن نكاح ذوات المحارم أو عن التزام جهاد الكفار أو ضرب الجزية على أهل الكتاب وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته - التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها - التي يكفر الجاحد لوجوبها. فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها. وهذا ما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء.(مجموع الفتاوى (28/502)
قال بن كثير : فمن فعل ذلك (اى الحكم بخلاف شرع الله ) منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير.( تفسير بن كثير (2/119)
قال القاضي عياض : أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل , وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها , وكذلك عند جمهورهم البدعة , فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه .
(شرح النووى على مسلم (12/229)
قال الامام النووى : أما قوله أفلا نقاتلهم قال لا ماصلوا ففيه معنى ما سبق أنه لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق مالم يغيروا شيئا من قواعد الإسلام. (شرح النووى على مسلم (12/243)
قال الامام بدر الدين العينى : قوله: (ما أقاموا الدين) أي مدة إقامتهم الدين ، ويحتمل أن يكون معناه أنهم إن لم يقيموه فلا تسمع لهم، وقيل يحتمل أن لا يقام عليهم، وإن كان لا يجوز بقاؤهم , وقد أجمعوا على أنه إذا دعا إلى كفر أو بدعة يقام عليه، وإن غصب الأموال وانتهك الحرم فاختلف فيه هل يقام عليه؟ فقال الأشعري مرة نعم ومرة لا.( عمدة القاري شرح صحيح البخارى (16/74)
قال الامام بن حزم : والواجب أن وقع شيء من الجور وإن قل أن يكلم الإمام في ذلك ويمنع منه فإن امتنع وراجع الحق وأذعن للقود من البشرة أو من الأعضاء ولإقامة حد الزنا والقذف والخمر عليه فلا سبيل إلى خلعه وهو إمام كما كان لا يحل خلعه فإن امتنع من إنفاذ شيء من هذه الواجبات عليه ولم يراجع وجب خلعه وإقامة غيره ممن يقوم بالحق لقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} ولا يجوز تضييع شيء من واجبات الشرائع وبالله تعالى التوفيق. (الفصل في الملل 4/135)
قال امام الحرمين :وإذا جار والي الوقت وظهر ظلمه وغشمه ولم ينزجر حين زجر عن سوء صنيعه بالقول فلأهل الحل والعقد التواطؤ على خلعه ولو بشهر الأسلحة ونصب الحروب. (شرح النووى على مسلم (2/25)
وقال امام الحرمين (وكأنه يصف حال بلادنا الان !!): وهذا كله في نوادر الفسوق , فأما إذا تواصل منه العصيان، وفشا منه العدوان، وظهر الفساد، وزال السداد، وتعطلت الحقوق والحدود، وارتفعت الصيانة، ووضحت الخيانة، واستجرأ الظلمة، ولم يجد المظلوم منتصفا ممن ظلمه، وتداعى الخلل والخطل إلى عظائم الأمور، وتعطيل الثغور، فلا بد من استدراك هذا الأمر المتفاقم على ما سنقرر القول فيه على الفاهم , وذلك أن الإمامة إنما تعنى لنقيض هذه الحالة.( غياث الأمم في التياث الظلم ص 105)
ونقل الحافظ بن حجر عن الامام الداوودي قوله :الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه إن قدر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وجب وإلا فالواجب الصبر.(فتح البارى شرح صحيح البخارى (13/8)
قال الامام القرطبى ( أبو عبد الله-المفسر) : الإمام إذا نصب ثم فسق بعد انبرام العقد فقال الجمهور: إنه تنفسخ إمامته ويخلع بالفسق الظاهر المعلوم، لأنه قد ثبت أن الإمام إنما يقام لإقامة الحدود واستيفاء الحقوق وحفظ أموال الأيتام والمجانين والنظر في أمورهم إلى غير ذلك مما تقدم ذكره، وما فيه من الفسق يقعده عن القيام بهذه الأمور والنهوض بها. فلو جوزنا أن يكون فاسقا أدى إلى إبطال ما أقيم لأجله، ألا ترى في الابتداء إنما لم يجز أن يعقد للفاسق لأجل أنه يؤدي إلى إبطال ما أقيم له، وكذلك هذا مثله.( تفسير القرطبى (1/271)
قال الامام القرطبى ( أبو العبَّاس-المحدِّثُ) :قوله : (( على المرء المسلم السَّمع والطاعة )) ؛ ظاهر في وجوب السمع والطّاعة للأئمة ، والأمراء ، والقضاة . ولا خلاف فيه إذا لم يأمر بمعصية . فإن أمر بمعصية فلا تجوز طاعته في تلك المعصية قولاً واحدًا ، ثم إن كانت تلك المعصية كفرًا وَجَبَ خَلْعُه على المسلمين كلهم , وكذلك لو ترك إقامة قاعدة من قواعد الدين ؛ كإقام الصلاة ، وصوم رمضان ، وإقامة الحدود ، ومَنَع من ذلك . وكذلك لو أباح شرب الخمر ، والزنى ، ولم يمنع منهما ، لا يختلف في وجوب خَلْعِهِ .(المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (12/89)
قال الماوردى (الملقب بأقضى القضاة): والذي يتغير به حال الامام فيخرج به عن الإمامة شيئان:أحدهما: جرح في عدالته , والثاني: نقص في بدنه .
فأما الجرح في عدالته وهو الفسق فهو على ضربين:
أحدهما: ما تابع فيه الشهوة , والثاني: ما تعلق فيه بشبهة.
فأما الأول منهما: فمتعلق بأفعال الجوارح، وهو ارتكابه للمحظورات، وإقدامه على المنكرات تحكيما للشهوة وانقيادا للهوى، فهذا فسق يمنع من انعقاد الإمامة ومن استدامتها، فإذا طرأ على من انعقدت إمامته خرج منها، فلو عاد إلى العدالة لم يعد إلى الإمامة إلا بعقد جديد.
وأما الثاني منهما: فمتعلق بالاعتقاد المتأول بشبهة تعترض فيتأول لها خلاف الحق , فقد اختلف العلماء فيها , فذهب فريق منهم إلى أنها تمنع من انعقاد الإمامة ومن استدامتها ويخرج بحدوثه منها؛ لأنه لما استوى حكم الكفر بتأويل وغير تأويل وجب أن يستوي حال الفسق بتأويل وغير تأويل. اه(الاحكام السلطانية للماوردى(1/42)
قال بن عابدين فى حاشيته : وقال في المسايرة: وإذا قلد عدلا ثم جار وفسق لا ينعزل ولكن يستحق العزل إن لم يستلزم فتنة. اهـ. وفي المواقف وشرحه: إن للأمة خلع الإمام وعزله بسبب يوجبه، مثل أن يوجد منه ما يوجب اختلال أحوال المسلمين وانتكاس أمور الدين كما كان لهم نصبه وإقامته لانتظامها وإعلائها، وإن أدى خلعه إلى فتنة احتمل أدنىالمضرتين. اهـ.( حاشية بن عابدين ط دار الفكر (4/264)
قال محمد رشيد رضا :وأما الظلم والمعاصي فيجب إرجاعه عنها مع بقاء إمامته وطاعته في المعروف دون المنكر، وإلا خلع ونصب غيره. ومن هذا الباب خروج الإمام الحسين سبط الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على إمام الجور والبغي الذي ولي أمر المسلمين بالقوة والمكر، يزيد بن معاوية خذله الله وخذل من انتصر له من الكرامية والنواصب الذين لا يزالون يستحبون عبادة الملوك الظالمين على مجاهدتهم لإقامة العدل والدين.
وقد صار رأي الأمم الغالب في هذا العصر وجوب الخروج على الملوك المستبدين المفسدين(تفسير المنار (6/203)
وقال محمد رشيد رضا ايضا : قد تقدم التحقيق في المسألة ونصوص المحققين فيها وملخصه أن أهل الحل والعقد يجب عليهم مقاومة الظلم والجور والإنكار على أهله بالفعل، وإزالة سلطانهم الجائر ولو بالقتال إذا ثبت عندهم أن المصلحة في ذلك هي الراجحة والمفسدة هي المرجوجة.(الخلافة لمحمد رشيد رضا ص 49)
.................................................. .................................................. .................................................. ..................................................
1- وعن عبادة بن الصامت انه قال : " بايعنا رسول الله على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كُفرا بواحا، عندكم من الله فيه برهان.
(رواه البخارى (7056) , ومسلم (1709)
قال النووى : المراد بالكفر هنا المعاصي ومعنى عندكم من الله فيه برهان أي تعلمونه من دين الله تعالى ومعنى الحديث لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام.( شرح النووى على مسلم 12/229)
قال الامام بدر الدين العينى : قوله: إلا أن تروا كفرا أي: بايعنا قائلا: إلا أن تروا منهم منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام، إذ عند ذلك تجوز المنازعة بالإنكار عليهم.(عمدة القاري شرح صحيح البخاري (24/179) دار إحياء التراث العربى)
قال الشيخ بن عثيمين : لكن إذا كان بواحاً صريحاً، مثل: لو أن ولياً من وُلاة الأمور قال لشعبه: إن الخمر حلال. اشربوا ما شئتم، وإن اللواط حلال، تلوطوا بمن شئتم، وإن الزنى حلال ازنوا بمن شئتم، فهذا كفر بواح ليس فيه إشكال، هذا يجب على الرعية أن يزيلوه بكل وسيلة ولو بالقتل؛ لأن هذا كفر بواح.( شرح رياض الصالحين (2/422)
قال العلامة محمد ناصر الالبانى : الكفر البواح يمكن ان نفهمه بما يعبر عنه بعض العلماء فى بعض المناسبات بما كان معلوم من الدين بالضرورة , يعنى حكم يشترك فى معرفته الخاصة والعامة العالم والجاهل , فاذا اعلن الحاكم يوما ما استباحة امر مقطوع فى تحريمة من الدين بالضرورة حينئذ تسقط البيعة له لانه ارتكب كفرا بواحا.
( سلسلة الهدى والنور الشريط رقم 211)
و يتبين من كلام العلماء ان كلمة كفر بواح تشمل الكفر الاصغر والكفر الاكبر فالعبرة برؤية الكفر
وردو على من اشترط الكفر الصريح فى الحاكم بان رسول الله اجاز الخروج على من ترك الصلاة وكذلك الخروج على من ترك الدعاء اليها مع انالجمهور لم يكفرو تارك الصلاة ولم يقل احد من اهل الملة ان تركالدعاء الى الصلاة كفر ومع ذلك اجاز ان نخرج عليهم ونقاتلهمقال رسول الله : "ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلو " رواه مسلم ...هذا فى ترك الصلاة
وقال رسول الله " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم»، قيل: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة " رواه مسلم..وهذا فى ترك الدعاء اليها
واستدل العلماء على الخروج على من لم يحكم بما انزل الله باحاديث اخرى لرسول الله مثل قوله:
2 - «إن أمر عليكم عبد حبشي مجدع، فاسمعوا له وأطيعوا، ما قادكم بكتاب الله»(1)
3 - وقوله " يا أيها الناس، اتقوا الله واسمعوا وأطيعوا، وإن أمر عليكم عبد حبشي مجدع ما أقام فيكم كتاب الله عز وجل "وفى رواية الترمذى والحاكم " ما أقام لكم كتاب الله " (2)
قال الامام النووى: ما دام يقودنا بكتاب الله تعالى قال العلماء معناه ما داموا متمسكين بالإسلام والدعاء إلى كتاب الله تعالى على أي حال كانوا في أنفسهم وأديانهم وأخلاقهم.(شرح النووى على مسلم (9/47)
4- ومن الادلة على ذلك ايضا حديث معاذ حينما سأل رسول الله فقال : يا رسول الله أرأيت إن كان علينا أمراء لا يستنون بسنتك ولا يأخذون بأمرك فما تأمرني في أمرهم؟ فقال رسول الله "لا طاعة لمن لم يطع الله" (3)
5 - وهذا واضح فى قول النبى " سيلي أموركم من بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون فمن أدرك ذلك منكم فلا طاعة لمن عصى الله عز وجل" (4)
..................................
(1) بن ماجة (2861), واحمد فى المسند (27270) بتحقيق شعيب الارنؤط , وابن ابى عاصم فى السنة (1062) بتحقيق الالبانى والحديث صححه الالبانى وهوعلى شرط مسلم.
(2) احمد (16649) , والترمذي (1706) ، والطبرانى فى الكبير (377) , والحاكم فى المستدرك (7381) وقال الترمذي:هذا حديث حسن صحيح وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط الشيخين ووافقه الذهبي والحديث صححه الالبانى.
(3) احمد (13225) ط الرسالة , مسند ابى يعلى (4046) , ضياء الدين فى المستخرج (2341) , وصححه الشيخ الالبانى فى صحيح الجامع (7521).
(4) الطبرانى فى الاوسط (2894) , والحديث صححه الشيخ الالبانى فى صحيح الجامع (3672).
..................................
فهذة الاحاديث تبين أن طاعة الامام مشروطة بإقامته لكتاب الله والحكم بين الناس بشرع الله ومتى أسقط الامام هذا الشرط سقطت طاعته ودبر المسلمون لخلعه والخروج عليه
لذلك فان العلماء اعتبرو ان الحاكم اذا ترك الحكم بما انزل الله واصر على ذلك ولم يسعى لتغييره فانه تسقط طاعته وينعزل من الامامة , وافتو بقتال كل من امتنع عن اقامة حد من حدود الله او اقامة حكم من احكام الله او بدل شريعة الله بشرائع وقوانين اخرى .
قال بن تيمية فى مجموع الفتاوى: كل طائفة ممتنعة عن شريعة واحدة من شرائع الإسلام الظاهرة، أو الباطنة المعلومة، فإنه يجب قتالها، فلو قالوا نشهد ولا نصلي قوتلوا حتى يصلوا، ولو قالوا نصلي ولا نزكي قوتلوا حتى يزكوا، ولو قالوا نزكي ولا نصوم ولا نحج، قوتلوا حتى يصوموا رمضانويحجوا البيت,ولو قالوا نفعل هذا لكن لا ندع الربا ولا شرب الخمر ولا الفواحش ولا نجاهد في سبيل اللهولا نضرب الجزية على اليهود والنصارى ونحو ذلك,قوتلوا حتى يفعلوا ذلك.(مجموع الفتاوى (22/51)
وقال ايضا فى مجموع الفتاوى : كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وإن تكلمت بالشهادتين. فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا. وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة. وكذلك إن امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق. وكذلك إن امتنعوا عن تحريم الفواحش أو الزنا أو الميسر أو الخمر أو غير ذلك من محرمات الشريعة. وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة. وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الكفار إلى أن يسلموا ويؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وكذلك إن أظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة واتباع سلف الأمة وأئمتها؛ مثل أن يظهروا الإلحاد في أسماء الله وآياته أو التكذيب بأسماء الله وصفاته أو التكذيب بقدره وقضائه أو التكذيب بما كان عليه جماعة المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين أو الطعن في السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان أو مقاتلة المسلمين حتى يدخلوا في طاعتهم التي توجب الخروج عن شريعة الإسلام وأمثال هذه الأمور.
( مجموع الفتاوى (28/510)
وقال ايضا فى مجموع الفتاوى : اتفق علماء المسلمين على أن الطائفة الممتنعة إذا امتنعت عن بعض واجبات الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها إذا تكلموا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلاة والزكاة أو صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق أو عن الحكم بينهم بالكتاب والسنة أو عن تحريم الفواحش أو الخمر أو نكاح ذوات المحارم أو عن استحلال النفوس والأموال بغير حق أو الربا أو الميسر أو عن الجهاد للكفار أو عن ضربهم الجزية على أهل الكتاب ونحو ذلك من شرائع الإسلام فإنهم يقاتلون عليها حتى يكون الدين كله لله .(مجموع الفتاوى (28/545)
وقال فى فتوى التتار الذين دخلو فى الاسلام وكانو هم الامراء على بلاد المسلمين فى وقت بن تيمية : كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة؛ من هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه " الى ان قال " فأيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج أو عن التزام تحريم الدماء والأموال والخمر والزنا والميسر أو عن نكاح ذوات المحارم أو عن التزام جهاد الكفار أو ضرب الجزية على أهل الكتاب وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته - التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها - التي يكفر الجاحد لوجوبها. فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها. وهذا ما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء.(مجموع الفتاوى (28/502)
قال بن كثير : فمن فعل ذلك (اى الحكم بخلاف شرع الله ) منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير.( تفسير بن كثير (2/119)
قال القاضي عياض : أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل , وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها , وكذلك عند جمهورهم البدعة , فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه .
(شرح النووى على مسلم (12/229)
قال الامام النووى : أما قوله أفلا نقاتلهم قال لا ماصلوا ففيه معنى ما سبق أنه لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق مالم يغيروا شيئا من قواعد الإسلام. (شرح النووى على مسلم (12/243)
قال الامام بدر الدين العينى : قوله: (ما أقاموا الدين) أي مدة إقامتهم الدين ، ويحتمل أن يكون معناه أنهم إن لم يقيموه فلا تسمع لهم، وقيل يحتمل أن لا يقام عليهم، وإن كان لا يجوز بقاؤهم , وقد أجمعوا على أنه إذا دعا إلى كفر أو بدعة يقام عليه، وإن غصب الأموال وانتهك الحرم فاختلف فيه هل يقام عليه؟ فقال الأشعري مرة نعم ومرة لا.( عمدة القاري شرح صحيح البخارى (16/74)
قال الامام بن حزم : والواجب أن وقع شيء من الجور وإن قل أن يكلم الإمام في ذلك ويمنع منه فإن امتنع وراجع الحق وأذعن للقود من البشرة أو من الأعضاء ولإقامة حد الزنا والقذف والخمر عليه فلا سبيل إلى خلعه وهو إمام كما كان لا يحل خلعه فإن امتنع من إنفاذ شيء من هذه الواجبات عليه ولم يراجع وجب خلعه وإقامة غيره ممن يقوم بالحق لقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} ولا يجوز تضييع شيء من واجبات الشرائع وبالله تعالى التوفيق. (الفصل في الملل 4/135)
قال امام الحرمين :وإذا جار والي الوقت وظهر ظلمه وغشمه ولم ينزجر حين زجر عن سوء صنيعه بالقول فلأهل الحل والعقد التواطؤ على خلعه ولو بشهر الأسلحة ونصب الحروب. (شرح النووى على مسلم (2/25)
وقال امام الحرمين (وكأنه يصف حال بلادنا الان !!): وهذا كله في نوادر الفسوق , فأما إذا تواصل منه العصيان، وفشا منه العدوان، وظهر الفساد، وزال السداد، وتعطلت الحقوق والحدود، وارتفعت الصيانة، ووضحت الخيانة، واستجرأ الظلمة، ولم يجد المظلوم منتصفا ممن ظلمه، وتداعى الخلل والخطل إلى عظائم الأمور، وتعطيل الثغور، فلا بد من استدراك هذا الأمر المتفاقم على ما سنقرر القول فيه على الفاهم , وذلك أن الإمامة إنما تعنى لنقيض هذه الحالة.( غياث الأمم في التياث الظلم ص 105)
ونقل الحافظ بن حجر عن الامام الداوودي قوله :الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه إن قدر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وجب وإلا فالواجب الصبر.(فتح البارى شرح صحيح البخارى (13/8)
قال الامام القرطبى ( أبو عبد الله-المفسر) : الإمام إذا نصب ثم فسق بعد انبرام العقد فقال الجمهور: إنه تنفسخ إمامته ويخلع بالفسق الظاهر المعلوم، لأنه قد ثبت أن الإمام إنما يقام لإقامة الحدود واستيفاء الحقوق وحفظ أموال الأيتام والمجانين والنظر في أمورهم إلى غير ذلك مما تقدم ذكره، وما فيه من الفسق يقعده عن القيام بهذه الأمور والنهوض بها. فلو جوزنا أن يكون فاسقا أدى إلى إبطال ما أقيم لأجله، ألا ترى في الابتداء إنما لم يجز أن يعقد للفاسق لأجل أنه يؤدي إلى إبطال ما أقيم له، وكذلك هذا مثله.( تفسير القرطبى (1/271)
قال الامام القرطبى ( أبو العبَّاس-المحدِّثُ) :قوله : (( على المرء المسلم السَّمع والطاعة )) ؛ ظاهر في وجوب السمع والطّاعة للأئمة ، والأمراء ، والقضاة . ولا خلاف فيه إذا لم يأمر بمعصية . فإن أمر بمعصية فلا تجوز طاعته في تلك المعصية قولاً واحدًا ، ثم إن كانت تلك المعصية كفرًا وَجَبَ خَلْعُه على المسلمين كلهم , وكذلك لو ترك إقامة قاعدة من قواعد الدين ؛ كإقام الصلاة ، وصوم رمضان ، وإقامة الحدود ، ومَنَع من ذلك . وكذلك لو أباح شرب الخمر ، والزنى ، ولم يمنع منهما ، لا يختلف في وجوب خَلْعِهِ .(المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (12/89)
قال الماوردى (الملقب بأقضى القضاة): والذي يتغير به حال الامام فيخرج به عن الإمامة شيئان:أحدهما: جرح في عدالته , والثاني: نقص في بدنه .
فأما الجرح في عدالته وهو الفسق فهو على ضربين:
أحدهما: ما تابع فيه الشهوة , والثاني: ما تعلق فيه بشبهة.
فأما الأول منهما: فمتعلق بأفعال الجوارح، وهو ارتكابه للمحظورات، وإقدامه على المنكرات تحكيما للشهوة وانقيادا للهوى، فهذا فسق يمنع من انعقاد الإمامة ومن استدامتها، فإذا طرأ على من انعقدت إمامته خرج منها، فلو عاد إلى العدالة لم يعد إلى الإمامة إلا بعقد جديد.
وأما الثاني منهما: فمتعلق بالاعتقاد المتأول بشبهة تعترض فيتأول لها خلاف الحق , فقد اختلف العلماء فيها , فذهب فريق منهم إلى أنها تمنع من انعقاد الإمامة ومن استدامتها ويخرج بحدوثه منها؛ لأنه لما استوى حكم الكفر بتأويل وغير تأويل وجب أن يستوي حال الفسق بتأويل وغير تأويل. اه(الاحكام السلطانية للماوردى(1/42)
قال بن عابدين فى حاشيته : وقال في المسايرة: وإذا قلد عدلا ثم جار وفسق لا ينعزل ولكن يستحق العزل إن لم يستلزم فتنة. اهـ. وفي المواقف وشرحه: إن للأمة خلع الإمام وعزله بسبب يوجبه، مثل أن يوجد منه ما يوجب اختلال أحوال المسلمين وانتكاس أمور الدين كما كان لهم نصبه وإقامته لانتظامها وإعلائها، وإن أدى خلعه إلى فتنة احتمل أدنىالمضرتين. اهـ.( حاشية بن عابدين ط دار الفكر (4/264)
قال محمد رشيد رضا :وأما الظلم والمعاصي فيجب إرجاعه عنها مع بقاء إمامته وطاعته في المعروف دون المنكر، وإلا خلع ونصب غيره. ومن هذا الباب خروج الإمام الحسين سبط الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على إمام الجور والبغي الذي ولي أمر المسلمين بالقوة والمكر، يزيد بن معاوية خذله الله وخذل من انتصر له من الكرامية والنواصب الذين لا يزالون يستحبون عبادة الملوك الظالمين على مجاهدتهم لإقامة العدل والدين.
وقد صار رأي الأمم الغالب في هذا العصر وجوب الخروج على الملوك المستبدين المفسدين(تفسير المنار (6/203)
وقال محمد رشيد رضا ايضا : قد تقدم التحقيق في المسألة ونصوص المحققين فيها وملخصه أن أهل الحل والعقد يجب عليهم مقاومة الظلم والجور والإنكار على أهله بالفعل، وإزالة سلطانهم الجائر ولو بالقتال إذا ثبت عندهم أن المصلحة في ذلك هي الراجحة والمفسدة هي المرجوجة.(الخلافة لمحمد رشيد رضا ص 49)
.................................................. .................................................. .................................................. ..................................................
الفصل الثالث
الخلط بين مفهوم الخروج السياسى والخروج العقائدى
من ابشع الاخطاء التى وقع فيها كثير من الذين تكلمو فى امر الخروج على الحكام انهم خلطو بين مفهوم الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين واموالهم ويكفرونهم وبين مفهوم البغاة الذين خرجو يطلبون الملك وبين مفهوم الثوار وهم اهل الحق الذين خرجو لرفع الظلم وانكارالمنكر, فجعلو كل من خرج على الحاكم هو من الفرقة الضالة التى نسميها " الخوارج " , ونحن نذكر هنا الفرق بين تلك المفاهيم ليعلم القارئ مدى بعد هؤلاء عن فهم السلف وعن منهج اهل السنة.
ومن اكثرالفقهاء الذين ادركو خطورة هذا الخلط بين المفاهيم الامام بن تيمية رحمه الله
يقول بن تيمية : أما جمهور أهل العلم فيفرقون بين " الخوارج المارقين " وبين " أهل الجمل وصفين " وغير أهل الجمل وصفين ممن يعد من البغاة المتأولين , وهذا هو المعروف عن الصحابة وعليه عامة أهل الحديث والفقهاء والمتكلمين وعليه نصوص أكثر الأئمة وأتباعهم من أصحاب مالك وأحمد والشافعي وغيرهم.
(مجموع الفتاوى 35/54)
ويقول بن تيمية ايضا: والمصنفون في الأحكام يذكرون قتال البغاة والخوارج جميعا وليس عن النبي في " قتال البغاة " حديث إلا حديث كوثر بن حكيم عن نافع وهو موضوع , وأما كتب الحديث المصنفة مثل صحيح البخاري والسنن فليس فيها إلا قتال أهل الردة والخوارج وهم أهل الأهواء وكذلك كتب السنة المنصوصة عن الإمام أحمد ونحوه , وكذلك - فيما أظن - كتب مالك وأصحابه ليس فيها باب قتال البغاة وإنما ذكروا أهل الردة وأهل الأهواء وهذا هو الأصل الثابت بكتاب الله وسنة رسوله وهو الفرق بين القتال لمن خرج عن الشريعة والسنة فهذا الذي أمر به النبي , وأما القتال لمن لم يخرج إلا عن طاعة إمام معين فليس في النصوص أمر بذلك.(مجموع الفتاوى 4/451)
ثم يذكر بن تيمية رحمه الله المحظورات التى ارتكبوها بسبب هذا الخلط فيقول :
الأول: قتال من خرج عن طاعة ملك معين وإن كان هذا الخارج قريبا منه ومثله في السنة والشريعة.
الثاني: التسوية بين هؤلاء وبين المرتدين عن بعض شرائع الإسلام.
الثالث: التسوية بين هؤلاء وبين قتال الخوارج المارقين من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية.
(مجموع الفتاوى 4/451)
ويوضح الحافظ بن حجر الفرق بين الخوارج والبغاة واهل الحق فيقول :" فإنهم على قسمين أحدهما من تقدم ذكره (يقصد الخوارج) , والثاني من خرج في طلب الملكلا للدعاء إلى معتقده وهم على قسمين أيضا قسم خرجوا غضبا للدين من أجل جور الولاة وترك عملهم بالسنة النبوية فهؤلاء أهل حق ومنهم الحسين بن علي وأهل المدينة في الحرة والقراء الذين خرجوا على الحجاج وقسم خرجوا لطلب الملك فقط سواء كانت فيهم شبهة أم لا وهم البغاة .(فتح البارى 12/285)
انظر رحمك الله مع انهم خرجو على الامام إلا ان الحافظ بن حجر يسميهم اهل الحق .
ومما يدل على ان اهل العلم يفرقون بين الخوارج وبين البغاة وبين اهل الحق , انهم لا يرون جواز القتال مع الحاكم الجائر اذا خرج عليه البغاة او اهل الحق , مع انهم يرون جواز قتال الخوارج اذا قاتلهم الحاكم , ولو كان البغاة واهل الحق خوارج لأجاز اهل العلم قتالهم مع الامام كما فعل الصحابة مع على فى قتاله الخوارج إلا انهم حرمو قتالهم مما يدل على عدم اعتبارهم من فرقة الخوارج.
قال الامام مالك: إذا بويع للإمام فقام عليه إخوانه قوتلوا إذا كان الأول عدلا، فأما هؤلاء فلا بيعة لهم إذا كان بويع لهم على الخوف. (أحكام القرآن لابن العربي 4/154)
قال القاضى بن العربى: لا تقاتل إلا مع إمام عادل يقدمه أهل الحق لأنفسهم.(أحكام القرآن لابن العربي 4/153)
قال سحنون: إنما يقاتل مع الإمام العدل سواء كان الأول أو الخارج عليه؛ فإن لم يكونا عدلين فأمسك عنهما إلا أن تراد بنفسك أو مالك أو ظلم المسلمين فادفع ذلك.(أحكام القرآن لابن العربي 4/153)
قال بن بطال عن الحكام الجائرين: لايجوزالقتال معهم لمن خرج عليهم عن ظلم ظهرمنهم.
(شرح صحيح البخارى لابن بطال 5/126)
.................................................. .................................................. ....... .................................................. ........................................
الفصل الرابع
بعض الصحابة والتابعين وأئمة الدين الذين خرجو على حكامهم المسلمين
ومما يؤكد على اعتبار نظرية الخروج على الحاكم المبدل لشرع الله , وانه ليس كل من خرج على الحاكم المسلم يعتبر من فرقة الخوارج الضالة, خروج بعض الصحابة والتابعين وأئمة الدين على حكامهم المسلمين, ولم يقل احد من اهل الاسلام انهم خوارج, بل الثناء عليهم احياء واموات هو دأب اهل العلم الثقات.
ومن هؤلاء الأئمة
1- الصحابى الجليل الحسين بن على بن ابى طالب سيد شباب اهل الجنة
لقد خرج الحسين على الخليفة يزيد بن معاوية وذهب الى العراق بعد ان ارسل اليه اهلها سرا وقطعو على انفسهم العهود أن ينصروه ويقاتلو معه لكنهم خانو العهود وغدرو به فقتله جيش الخليفة فى كربلاء حينما وصل اليها .
(تاريخ الطبري 5/400, الكامل في التاريخ 3/157, تاريخ الإسلام للذهبى 5/5, البداية والنهاية 8/189)
ومن هؤلاء الأئمة
2- خروج اهل مكة مع الصحابى الجليل عبد الله بن الزبير حينما خرج على يزيد بن معاويه ونقض بيعته وأخذ البيعة من اهل مكة وقاتل جيوش الخلفاء من بنى امية حتى دانت له سائر الامصار إلا دمشق وكانت امه الصحابية اسماء بنت ابى بكر تشجعه وتؤيده وتثبته على فعله , ثم بعد ذلك قاتله الحجاج حتى اسقط كل البلاد الاسلامية تحت قبضته وانتهى الامر بمقتل سيدنا عبد الله بن الزبير رحمه الله.
3- وكذلك خروج اهل المدينة يوم الحرة بقيادة الصحابى عبد الله بن حنظلة بن الغسيل
لقد خلع اهل المدينة الخليفة يزيد بن معاوية واعلنو البيعة لابن الغسيل وكان منهم خلق كثير من الصحابة والتابعين والفقهاء والعلماء وقاتلو جميعا مع بن الغسيل ما تخلف منهم واحد إلا لعذر.
(تاريخ الإسلام للذهبى 5/30 , تاريخ خليفة بن خياط ص 240 , البداية والنهاية 6/261)
قال الامام مالك بن أنس : قتل يوم الحرة من حملة القرآن سبعمائة.
قال الامام احمد بن حنبل : حدثنا أبو بكر بن عياش قال كان العلماء يحدثون أنه لم تخرج خارجة خير من أصحاب الجماجم والحرة. (العلل لاحمد رواية ابنه عبد الله 3/168)
ومن هؤلاء الأئمة:
4- خروج القراء (علماء الكوفة والبصرة) مع بن الاشعث وخلعهم الخليفة عبد الملك بن مروان واعطاء البيعة لابن الاشعث ولقد هزمت جيوش عبد الملك 81 مرة وهزمهم جيش عبد الملك فى موقعة الجماجم وكان فيهم خلق كثير من العلماء والفقهاء ابرزهم سعيد بن جبير وعامرالشعبيوالنضر بن أنس بن مالك وعبد الرحمن بن أبي ليلى وسعيد بن أبي الحسن البصري وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود وعطاء ابن السائب وأبو البختري الطائي وقُتَيْبَة بْن مُسلم ومسلم بن يسار.(تاريخ خليفة بن خياط ص 286 , تاريخ الاسلام للذهبى 6/8 , تاريخ الطبرى 6/358 ).
قال مالك بن دينار : خرج مع ابن الأشعث خمسمائة من القراء كلهم يرون القتال . (تاريخ خليفة بن خياط ص 288)
قال الامام احمد بن حنبل : حدثنا أبو بكر بن عياش قال كان العلماء يحدثون أنه لم تخرج خارجة خير من أصحاب الجماجم والحرة. (العلل لاحمد رواية ابنه عبد الله 3/168).
ومن هؤلاء الأئمة
5 - الامام الفقيه الزاهد الورع فقيه ال البيت : زيد بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن ابى طالب
فقد خرج على الخليفة هشام بن عبد الملك بن مروان واخذ البيعة من اهل العراق وكانت بيعته: إنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه ، وجهاد الظالمين والدفع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين، وقسم هذا الفيء بين أهله بالسوء، وردّ المظالم، ونصْر أهل البيت، أتبايعون على ذلك؟ فإذا قالوا: نعم، وضع يده على أيديهم ويقول: عليك عهد الله وميثاقه وذمّته وذمّة رسوله، صلى الله عليه وسلم. (الكامل في التاريخ لابن الاثير 4/259, تاريخ الطبري 7/160)
وقد نصره الامام ابو حنيفة وحمل المال اليه وافتى الناس سرا بوجوب نصرته والقتال معه. (راجع احكام القران للجصاص 1/85)
قال عنه الذهبى : كان ذا علم وجلالة وصلاح(سير اعلام النبلاء 5/389)
وقال عنه الذهبى :كان أحد العلماء الصلحاء(تاريخ الإسلام 8/105)
ومن هؤلاء الأئمة :
6- الامام الفقيه المحدث احمد بن نصر الخزاعى شيخ البخارى
لقد اراد هذا العالم ان يجمع الناس لكى يخلع الخليفة الواثق وبدأ الناس يبايعونه سرا ليعد العدة للخروج على الواثق لكن الواثق كشف امره مبكرا فاخذ يطارده حتى قبض عليه وامتحنه فى خلق القران فلم يجبه فقتله.
( البداية والنهاية 10/334 , تاريخ الطبرى 9/135 , تجارب الأمم 4/279)
قال الإمام أحمد بن حنبل : رحمه الله ما كان أسخاه بنفسه لله، لقد جاد بنفسه لله.(البداية والنهاية 10/336)
وقال عنه بن كثير : كان أحمد بن نصر من أهل العلم والديانة والعمل الصالح والاجتهاد في الخير، وكان من أئمة السنة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. (البداية والنهاية 10/336)
وذكره يحيى بن معين يوما فترحم عليه وقال: قد ختم الله له بالشهادة.
قال عنه الذهبى : الفقيه الشهيد أحمد بن نصر الخزاعي.(تاريخ الاسلام للذهبى 10/413)
7- الحركة الوهابية وقتال جيش الخليفة العثمانى
ومما يدل على اعتبار هذا المذهب فى المنهج السلفى قديما وحديثا ان الامام محمد بن عبد الوهاب قاتل هو ومن معه من الطلبة والاتباع ضد جيش الخليفة العثمانى حينما اراد القضاء على الحركة الدعوية السلفية التى اسسها الامام محمد بن عبد الوهاب وكتب الله له النصر عليهم واستمرت الحركة الدعوية حتى مات الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
تنبيه: قال البعض ان بلاد الحجاز لم تكن تابعة للخلافة العثمانية فى ذلك الوقت لذلك لا يعتبر قتال الوهابيين لهم خروج على الحاكم.
نقول : وهذا ايضا من جهلهم لأن الخليفة الحاكم فرض على كل المسلمين فى كل البلاد الاسلامية ان يطيعوه ولو خلت امارة من الامارات من جيش الخليفة او من الولاة التابعين له فهذا لا يعنى انها خارجة عن طاعته او انها ليست من البلاد الخاضعة لسيطرة الخليفة , وهل انتم تقولون بجواز البيعة لخليفتين فى وقت واحد؟
. .................................................. .................................................. .................................................. .......................................
..................................
الفصل الخامس
ذكر الخلاف فى الخروج على الحاكم الجائر
لقد نقل بعض اهل العلم الاجماع على عدم جواز الخروج على الحاكم الجائر وزعمو ان الامة اجمعت على ذلك وان الامر ليس فيه خلاف, ونحن هنا ننقل اقوال اهل العلم الذين يرون جواز الخروج على الحاكم الجائر وخلعه ولو بالسيف ليزداد الامر وضوحا , عسى ان يكف اخواننا الذين ينقلون الاجماع السنتهم عن اتهام الناس بخرق الاجماع
يقول الامام بن حزم فى انكار دعوى الاجماع :لعمري انه لعظيم ان يكون قد علم ان مخالف الإجماع كافر فيلقي هذا إلى الناس وقد علم أن افاضل الصحابة وبقية الناس يوم الحرة خرجوا على يزيد بن معاوية وأن ابن الزبير ومن اتبعه من خيارالمسلمين خرجوا عليه أيضا رضي الله عن الخارجين عليه ولعن قتلتهم وأن الحسن البصري وأكابر التابعين خرجوا على الحجاج بسيوفهم أترى هؤلاء كفروا بل والله من كفرهم أحق بالكفر منهم ولعمري لو كان اختلافا يخفى لعذرناه ولكنه أمر مشهور يعرفه أكثر العوام في الأسواق والمخدرات في خدورهن لاشتهاره فلقد يحق على المرء أن يخطم كلامه وأن يزمه الا بعد تحقيق وميز وأن يعلم أن الله تعالى بالمرصاد وأن كلامه محسوب مكتوب مسئول عنه يوم القيامة وعن كل تابع له إلى آخر من اتبعه عليه وزره.
(مراتب الاجماع ص 178, ط دار الكتب العلمية)
لقد كان قتال أئمة الجور هو مذهب كثير من السلف الصالح وكان هذا مشهورا فى عهدهم واستفاضت كتب التاريخ بنقل مذهبهم هذا
حتى قال الحافظ بن حجر: لقد كان السيف مذهب للسلف قديم.(تهذيب التهذيب 2/288 , فتح البارى)
قال الامام الشعبي فى قتال بنى امية : يا أهل الإسلام، قاتلوهم ولا يأخذكم حرج من قتالهم، و الله ما أعلم قوما على بسيط الأرض أعمل بظلم، ولا أجور منهم في الحكم، فليكن بهم البدار.( تاريخ الطبرى 6/357, تاريخ الاسلام للذهبى 6/11)
*وقد نقلنا فى الفصل السابق خروج بعض الصحابة كالحسين بن على وعبد الله بن الزبيرواهل مكة وعبد الله بن الغسيل واهل المدينة ومن كان معهم من الصحابة على بعض حكام بنى امية مع انهم لم يكفروهم
*ونقلنا فى الفصل السابق ايضا خروج التابعين كعلماء الكوفة والبصرة مع بن الاشعث وكان فيهم من الفقهاء والعلماء خلق كثير امثال سعيد بن جبير وعامرالشعبي والنضر بن أنس بن مالك وعبد الرحمن بن أبي ليلى وسعيد بن أبي الحسن البصري وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود وعطاء ابن السائب وأبو البختري الطائي وقُتَيْبَة بْن مُسلم ومسلم بن يسار
*ونقلنا فى الفصل السابق ايضا خروج فقيه اهل البيت زيد بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن ابى طالب على الخليفة هشام بن عبد الملك بن مروان
*وكان الحسن بن صالح يرى الخروج على الحاكم الجائر وكان من أئمة العلم والدين واحد التابعين
قال عنه الذهبى : الإمام الكبير، أحد الأعلام، الفقيه، العابد.
وقال عنه أبو زرعة : اجتمع في حسن إتقان، وفقه، وعبادة، وزهد.(سير اعلام النبلاء 5/52)
*وتقدم فى بداية هذا الفصل نقل كلام ابن حزم وكان مذهبه الخروج على الحاكم الجائر
*ونقلنا فى الفصل الثانى عن امام الحرمين الجوينى انه كان يرى الخروج على الحاكم الجائر
*قال الامام الداوودي: الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه إن قدر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وجب وإلا فالواجب الصبر.(فتح البارى: 13/8)
*قال الامام القرطبى: الإمام إذا نصب ثم فسق بعد انبرام العقد فقال الجمهور: إنه تنفسخ إمامته ويخلع بالفسق الظاهر المعلوم.( تفسير القرطبى:1/271)
*ونقلنا فى الفصل الثانى عن القاضى الماوردى الشافعى انه يرى انخلاع الحاكم الفاسق بالفسق.
(الاحكام السلطانية للماوردى. ط دار الحديث(1/42)
*ومن الذين نُقل عنهم جواز الخروج على الحاكم الجائر ابن عقيل احد أئمة المذهب الحنبلى وكذلك ابن الجوزىوهو ظاهر كلام ابن رزين من علماء الحنابلة ايضا.(الفروع لابن مفلح , الانصاف للمرداوى 10/311)
*ومن الذين نُقل عنهم جواز الخروج على الحاكم الجائر الامام ابو حنيفة وتقدم فى الفصل الرابع قصته مع زيد بن على وانه حمل المال اليه وافتى الناس سرا بوجوب نصرته والقتال معه ضد الخليفة هشام بن عبد الملك بن مروان.(راجع احكام القران للجصاص 1/85)
*ومن الذين نُقل عنهم جواز الخروج على الحاكم الجائر ابو بكر الجصاص إمام المذهب الحنفى فى زمانه وكلامه فى هذا مشهور جدا. (راجع احكام القران للجصاص 1/85)
فهل بعد فعل الصحابة هذا والتابعين ونقل مذاهب لأهل العلم فى جواز الخروج على الحاكم الجائر يستطيع احد ان يزعم ان المسألة فيها اجماع وهل كل من قصر فى طلب العلم ومعرفة اقوال العلماء يتجنى على الشرع ويدعى الاجماع فى مسائل النزاع ؟؟!!!
قال الإمام أحمد:من ادعى الإجماع فهو كاذب
يقصد رحمه الله الذين يقصرون فى البحث عن اقوال اهل العلم ثم يزعمون ان الامة اجمعت على القول الذى يقولون به.
خلاصة البحث فى مسألة الحاكم الجائر
وخلاصة القول فى هذة المسألة انه يجب الجمع بين النصوص التى تأمر بطاعة الحاكم والصبر على ظلمه وبين النصوص التى توجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا طغى الحاكم وعاث في الأرض فسادا، وارتكب الأسباب المؤدية إلى إهدار ضرورات حياة الناس، وهي دينهم، ونفسهم، ونسلهم، وعقلهم واموالهم، مع ادعائه الإسلام، فإن بقاءه في الحكم، يصبح أعظم من مفسدة الخروج عليه، والأصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، درء أعظم المفسدتين، وأعظمهما هنا، بقاؤه في الحكم، فيجب عزله عن الحكم بأخف الطرق وأقلها ضررا.
و نبدأ بنصحه ودعوته إلى التوبة من جوره وفساده، فإن أصر على ذلك، طلب منه أن يتنحى عن الحكم، فإن أبى وجب عزله عند المقدرة بأسهل الطرق، بشرط ألا يكون في عزله مفاسد أعظم من مفاسد بقائه.
وإن كان الخروج عليه، أعظم مفسدة من بقائه في الحكم، وجب درْ ء أعظم المفسدتين، وهي الخروج عليه، فيحرم الخروج عليه لهذا السبب، وبهذا يجمع بين النهي عن الخروج على الأمراء، وبين النصوص الأخرى الموجبة لانكار المنكرورفع الظلم وإنكار الفساد
والذى يقدر هذا هم اهل العلم فى تلك البلد التى وقع فيها هذا البلاء لانهم ادرى بحال بلادهم من غيرهم فنقدم قولهم على قول غيرهم.
.................................................. .................................................. ........
و نبدأ بنصحه ودعوته إلى التوبة من جوره وفساده، فإن أصر على ذلك، طلب منه أن يتنحى عن الحكم، فإن أبى وجب عزله عند المقدرة بأسهل الطرق، بشرط ألا يكون في عزله مفاسد أعظم من مفاسد بقائه.
وإن كان الخروج عليه، أعظم مفسدة من بقائه في الحكم، وجب درْ ء أعظم المفسدتين، وهي الخروج عليه، فيحرم الخروج عليه لهذا السبب، وبهذا يجمع بين النهي عن الخروج على الأمراء، وبين النصوص الأخرى الموجبة لانكار المنكرورفع الظلم وإنكار الفساد
والذى يقدر هذا هم اهل العلم فى تلك البلد التى وقع فيها هذا البلاء لانهم ادرى بحال بلادهم من غيرهم فنقدم قولهم على قول غيرهم.
.................................................. .................................................. ........
الخاتمة
وفى الختام نقول لاخواننا المخالفين لنا هداهم الله , لا تغلقو عقولكم على ظواهر النصوص ولا تأخذو ببعض النصوص وتتركو بعضها فكما امرنا الشرع بالصبر على الحكام واحتمال اذاهم فقد امرنا واوجب علينا ان نغير المنكر ونزيل الفساد , فكيف لا نخرج عليهم وقد عطلو شرع الله وحاربو سنة رسول الله , كيف لا نخرج عليهم وقد حكمو فينا الاشتراكية الكافرة تارة والعلمانية الفاجرة تارة والليبرالية الملحدة تارة , كيف لا نخرج عليهم وقد استباحو المحرمات وانتهكو الحرمات , كيف لا نخرج عليهم وقد اغتصبو النساء فى السجون ظلما وزورا وعدوانا , كيف لا نخرج عليهم وقد حاربو العلماء وقتلو الاولياء وسجنو الشرفاء , كيف لا نخرج عليهم وقد تركو اهل البدع ينشرون سمومهم بين الناس وجعلوهم اصحاب الرأى والفتوى والمشورة وقلدوهم ارفع المناصب الدينية من افتاء ومشيخة الازهر ووزارة الاوقاف حتى اضلو الناس وفتنوهم فى دينهم , كيف لا نخرج عليهم وقد اباحو الخمور واباحو الربا واباحو الزنا واباحو اللواط واباحو التبرج والسفور , كيف لا نخرج عليهم وقد فرضو علينا حلق اللحى للعمل فى المناصب الهامة واجبرونا على حلقها عند دخول الجيش وإلا فالسجن او الحرمان مصيرك , كيف لا نخرج عليهم وقد عطلو الجهاد فى سبيل الله وتركو اعداء الله يستبيحون ارض الاسلام وينتهكون حرمات المسلمين.
هل قصد رسول الله بالصبر عليهم ان نتركهم يضيعو الاسلام بالكلية لمجرد انهم نطقوا بالشهادة واتو ببعض اركانها ؟؟!!!!
لقد كان المنافقين على عهد رسول الله ينطقون بها ويصلون خلف النبى فى الصف الاول فهل اغنى ذلك عنهم من الله شيئا؟!! .اسأل الله ان يهدنا واياكم الى سواء السبيل , والحمد لله رب العالمين.
هل قصد رسول الله بالصبر عليهم ان نتركهم يضيعو الاسلام بالكلية لمجرد انهم نطقوا بالشهادة واتو ببعض اركانها ؟؟!!!!
لقد كان المنافقين على عهد رسول الله ينطقون بها ويصلون خلف النبى فى الصف الاول فهل اغنى ذلك عنهم من الله شيئا؟!! .اسأل الله ان يهدنا واياكم الى سواء السبيل , والحمد لله رب العالمين.
تعليق