إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أركان الكفر أربعه ( لابن القيم رحمه الله )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أركان الكفر أربعه ( لابن القيم رحمه الله )

    قال ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد ..
    أركان الكفر أربعة‏:‏
    الكبر والحسد والغضب والشهوة فالكبر يمنعه الانقياد، والحسد يمنعه قبول النصيحة وبذلها ، والغضب يمنعه العدل، والشهوة تمنعه التفرغ للعبادة‏.‏ فإذا انهدم ركن الكبر سهل عليه الانقياد، وإذا انهدم ركن الحسد سهل عليه قبول النصح وبذله ، وإذا انهدم ركن الغضب سهل عليه العدل والتواضع ، وإذا انهدم ركن الشهوة سهل عليه الصبر والعفاف والعبادة‏.‏ وزوال الجبال عن أماكنها أيسر من زوال هذه الأربعة عمن بلي بها، ولا سيما إذا صارت هيئات راسخة وملكات وصفات ثابتة، فإنه لا يستقيم له معها عمل ألبتة ولا تزكو نفسه مع قيامها بها‏.‏ وكلما اجتهد في العمل أفسدته عليه هذه الأربعة، وكل الآفات متولدة منها ‏.‏ وإذا استحكمت في القلب أرته الباطل في صورة الحق والحق في صورة الباطل، والمعروف في صورة المنكر والمنكر في صورة المعروف ، وقربت منه الدنيا وبعدت منه الآخرة، وإذا تأملت كفر الأمم رأيته ناشئا منها وعليها يقع العذاب ، وتكون خفته وشدته بحسب خفتها وشدتها فمن فتحها على نفسه فتح عليه أبواب الشرور كلها عاجلا وآجلا، ومن أغلقها على نفسه أغلق عنه أبواب الشرور، فإنها تمنع الانقياد والإخلاص والتوبة والإنابة وقبول الحق ونصيحة المسلمين والتواضع لله ولخلقة‏.‏

    ومنشأ هذه الأربعة من جهله بنفسه، فإنه لو عرف ربه بصفات الكمال ونعوت الجلال، وعرف نفسه بالنقائص والآفات ، لم يتكبر ولم يغضب لها ولم يحسد أحدا على ما آتاه الله ‏.‏ فإن الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله، فإنه يكره نعمة الله على عبده وقد أحبها الله ، ويحب زوالها عنه والله يكره ذلك‏.‏ فهو مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته وكراهته ، ولذلك كان إبليس عدوه حقيقة لأن ذنبه كان عن كبر وحسد، فقلع هاتين الصفتين بمعرفة الله وتوحيده والرضا به وعنه والإنابة إليه‏.‏ وقلع الغضب بمعرفة النفس وأنها لا تستحق أن يغضب لها وينتقم لها، فإن ذلك إيثار لها بالرضا والغضب على خالقها وفاطرها، وأعظم ما تدفع به هذه الآفة أن يعودها أن تغضب له سبحانه وترضى له، فكلما دخلها شيء من الغضب والرضا له خرج منه مقابلة من الغضب والرضا لها، وكذا بالعكس‏.‏

    أما الشهوة فدواؤها صحة العلم والمعرفة بأن إعطاءها شهواتها أعظم أسباب حرمانها إياها ومنعها منها‏.‏ وحميتها أعظم أسباب اتصالها إليها، فكلما فتحت عليها باب الشهوات كنت ساعيا في حرمانها إياها وكلما أغلقت عنها ذلك الباب كنت ساعيا في إيصالها إليها على أكمل الوجوه‏.‏
    فالغضب مثل السبع إذا أفلته صاحب بدأ بأكله، والشهوة مثل النار إذا أضرمها صاحبها بدأت بإحراقه والكبر بمنزلة منازعة الملك ملكه فإن لم يهلكك طردك عنه، والحسد بمنزلة معاداة من هو أقدر منك، والذي يغلب شهوته وغضبه يفرق ‏ الشيطان من ظله، ومن تغلبه شهوته وغضبه يفرق من خياله‏.‏


    التعديل الأخير تم بواسطة محبة السلف; الساعة 09-10-2012, 06:46 PM.
    قال صلى الله عليه وسلم((من قال استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم واتوب اليه غفرت ذنوبه وان كان قد فر من الزحف ))رواه الترمذي

  • #2
    رد: اركان الكفر الاربعه

    جزاكِ الله خيرا ..
    للفائدة : هذا الكلام لابن القيم رحمه الله ( كتاب الفوائد ) لكن بحدوث تعديل بسيط به ..
    أستأذنك بنقل النص كما قاله بن القيم رحمه الله ( بمشاركتك الأولى ) فيوجد هنا أخطاء لغوية وكلمات ناقصة ..

    رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

    تعليق


    • #3
      رد: اركان الكفر الاربعه

      ومنشأ هذه الأربعة من جهله بنفسه،
      لا أدري هل سقط سهوا من الكتاب الالكتروني لأني قرأتها في شرح الشيخ عمرعبد الكافي [ومنشأ هذه الأربعة من جهله بربه وجهله بنفسه ]

      وهذا شرح ماتع للشيخ عمر عبد الكافي :

      إن أركان الكفر -والعياذ بالله- أربعة، لكن الناس يظنون أن ما بينهم وبين الكفر مثلما بين الشرق الأقصى والمغرب العربي.
      قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أركان الكفر أربعة: الكبر والحسد والغضب والشهوة ].

      مفاسد الكبر
      قال: [ فالكبر يمنعه الانقياد ] أي: الانقياد للحق وللكتاب والسنة، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل يأكل بشماله: (كل بيمينك، قال: لا أستطيع، قال: لا استطعت ما منعه إلا الكبر، قال: فما استطاع أن يرفعها بعد ذلك)، وسبب امتناعه وضحه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما منعه إلا الكبر)، يعني: الكبر هو الذي جعله يمتنع أو يرفض أن يأكل بيمينه، فالكبر يمنعه من الانقياد.
      جاء شخص إلى أناس يحضرون محاضرتي لهم يوم الأربعاء فقال: من الذي يحاضركم كل يوم أربعاء؟ فقالوا له: شيخ اسمه فلان.
      فلما دخلت نظر إلي هذا الشخص، واستمع للمحاضرة، وإذا به بفضل الله أصبح صديقاً لي والحمد لله، وأصبح يزورني، فحكا لي كيف أحبني فقال: في الحقيقة أنا جلست أولاً هكذا -يعني: لا تغضب مني- وضعت رجلاً على رجل، فلما وجدت الكلام جيداً ابتدأت أنزل رجلي، ثم بدأت أجتمع معك، ثم بدأت أعدل ظهري، ثم بدأت أجري وراءك في كل منطقة.
      قلت: وذلك بسبب التواضع، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواضعاً، ومن تواضعه أنه كان يجعل الصحابة يمشون أمامه ويقول: (خلوا ظهري لملائكة ربي)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تسبقوني في ركوع ولا سجود، قالوا: أوترانا يا رسول الله؟! قال: أتظنون أن قبلتي بين عيني، إني أراكم من وراء ظهري كما أراكم من أمامي).
      وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نبأ السيدة عائشة رضي الله عنها بما قالت، فقالت عائشة رضي الله عنها: مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا [التحريم:3].
      وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدير غزوة مؤتة وهو جالس في المدينة ويقول: قتل زيد رفع الراية جعفر قتل جعفر ، رفع الراية عبد الله بن رواحة ، وقد وقعت هذه الغزوة في شمال فلسطين، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس في المدينة يترجم الأحداث.
      إذاً: الكبر يمنع العبد من الانقياد، فـأبو جهل -والعياذ بالله- قال: تسابقنا نحن وبنو عبد مناف، فقالوا: لنا السقاية ولنا السدانة، وقلنا: لنا الراية والجيش في الحرب، فقالوا: منا نبي فأنى ندرك هذا الشرف؟ والله لا نؤمن به أبداً، فما منعه من الإيمان إلا الكبر، قال الله سبحانه وتعالى: وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا [القصص:57]، فهم يعرفون أن الرسول على هدى، لكن الذي منعهم من الإيمان به هو الكبر .
      كان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً بجانب عمه أبي طالب وهو يموت، وكان يقول له: (قل يا عماه! لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله)، وكان عمه أبو طالب إذا نظر إلى أخيه أبي لهب قال له أبو لهب : يا رجل لا تفتضح أمام العرب بعد أن تموت، فإنهم سيقولون: الرجل غير دينه عند موته، وكان إذا نظر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عماه! قلها).
      ويروى أن العباس قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا ابن أخي! ألم تشفع لعمك عند ربك؟ قال: (لقد شفعت يا عماه! قال: وماذا أعطاه؟ قال: يوضع في ضحضاح من النار يلبس أبو طالب نعلين من نار يغلي منهما دماغه) وهذا أخف عذاب في النار والعياذ بالله.

      مفاسد الحسد والغضب
      قال المؤلف رحمه الله: [ والحسد يمنعه قبول النصيحة وبذلها ].
      أي: أن الإنسان الحسود لا يقبل نصيحة؛ لأنه حسود يكره أن يأخذ نصيحة من غيره، ومن الحسد أن تكون عنده معلومة ولا يريد أن يقولها، وهذا ألعن أنواع الحسد.
      قال: [ والغضب يمنعه العدل ].
      جاء رجل متهم أمام شريح القاضي أتى بدليل البراءة يقول: هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ [الحاقة:19]، قال: هذا في الآخرة، قال له: نعم، في الآخرة سوف يؤتى بحسناتي وسيئاتي، أما أنتم فلن تأتوا إلا بسيئاتي فقط! يعني: أنتم في الجلسة لا تذكرون إلا عيوبي.
      كذلك البنت عندما تحكي لأمها عيوب زوجها فإنها لا تأتي بمحاسنه، بل تقول عنه: كل يوم يأتي بأصحابه إلى البيت فقط، فإن سألتها أمها: هل يصلي؟ أليس له حسنات أخرى؟ تقول: لا، فهي لا تذكر حسنات زوجها؛ لأنها في حالة غضب، أما لو كانت الزوجة في حالة من حالات الرضا، أو الزوج في حالة من حالات الرضا، أيعدل أم لا؟ فالعدل يأتي من السكن النفسي والسلام الداخلي، والغضب يمنع الإنسان من العدل، وأسوأ شيء يصاب به ابن آدم أن يكون سريع الغضب؛ لأنه عندما يغضب ابن آدم فإنه يكون في يد الشيطان مثل الكرة في يد الصبي يقلبها كيف يشاء.
      ويعطينا النبي صلى الله عليه وسلم العلاج لذلك، فيقول: (اذهب وتوضأ؛ لأن الغضب من الشيطان والشيطان من النار ولا تطفأ النار إلا بالماء) ومن غضب وهو واقف يجلس، فالغضبان لابد أن يغير حاله كما أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم وهي مسألة طبية بحتة، والشيطان له مداخله، ويحب دائماً أن يفرق بين أهل الحق.
      دخل رجل على أبي بكر رضي الله عنه وشتمه، فسكت أبو بكر ، فشتمه الرجل ثانية فسكت أبو بكر ، وفي الثالثة رد أبو بكر رضي الله عنه وشتمه؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر ! وكل الله ملكاً يرد عليه بدلاً منك، فلما بدأت أن ترد ذهب الملك وجاء شيطان وأنا لا أجلس في مجلس فيه شيطان).
      فالشيطان يدخل في كل بيت، فقد دخل بيت النبي يعقوب عليه السلام، وجعل إخوة يوسف يأخذون أخاهم ويرمونه في البئر، ومستحيل أن ولداً صغيراً عمره اثنتا عشرة سنة يخرج من البئر لكن الله أخرجه.
      يحكى أن امرأة رفعت شكوى إلى شريح القاضي ، وأخذت تبكي وتقول: زوجي ظالم يظلمني، فقال رجل لـشريح : يا أيها القاضي! أجبها، إنها تبكي، قال: اسكت لقد جاء إخوة يوسف أباهم عشاءً يبكون.
      ويحكى أن رجلاً قصيراً دخل على كسرى فقال: أيها الملك! ظلمني أخي، فسكت كسرى، فأعاد الرجل قوله فسكت كسرى، فقال وزير كسرى: أيها الملك! إنه مظلوم، قال: لا، هذا قصير لا يُظلم، فتبسم الرجل وقال: ظلمني من هو أقصر مني، فالغضب يمنع العدل، ومادام الإنسان غاضباً لا يعدل.

      مفاسد الشهوة
      قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والشهوة تمنع التفرغ للعبادة ].
      عنده شهوة ويشاهد التلفاز باستمرار حتى يأتي الليل وهو على ذلك، ومن الناس من عنده شهوة الجلوس مع الأصحاب فتراه لا يجلس في بيته، ومنهم من عنده شهوة لجمع المال ولا يفرغ للصلاة ودروس العلم، ومنهم من عنده شهوة اللعب والمباريات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لن يكمل إيمان أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) فلابد أن يكون هوى الإنسان مع هوى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

      هدم الكبر والحسد والغضب والشهوة
      فهدم الكبر يسهل الانقياد، فلو انهدم ركن الكبر يحصل الانقياد، فعندما ينصحه ناصح ينتصح ويسمع له، وهدم ركن الحسد يسهل عليه قبول النصح، والحسد له علاج، وقد قسمنا الحاسد إلى نوعين: حاسد يحسد وهو لا يعرف أنه يحسد، وحاسد يحسد وهو يعرف أنه يحسد، وكلا الصفتين شؤم، فهناك أناس يحسدون وهم لا يعلمون أنهم يحسدون، فالحاسد الذي يحسد وهو لا يعرف أنه يحسد، علاجه: أن المحسود إذا قرأ المعوذتين وقاه الله من شر الحسود.
      أما الثاني: الذي يحسد وهو يعلم أنه حسود فخطره أعظم؛ ولذلك قالوا: ما يحسد المال إلا أصحابه.
      يحكى أن رجلاً زار أمه فوجد المربية في السطح لديها قطيع من الأرانب البيضاء الضخمة، فقال: يا أولاد كل هذه الأرانب عندكم! وهو يأكل منها، وتحلف المرأة أنه مجرد ما أن نزل من السطح إذا بالأرانب تقفز في الهواء وتسقط ميتة.
      وجاءني رجل فقال: لقد وصل بي الأمر إلى أن أحسد أولادي، فقلت له: وكيف ذلك؟! قال: جاء الولد بالشهادة وكان الأول، فقلت له: هل تستحق أن تكون الأول؟ قال: والله يا أبتي! أنني ذاكرت واجتهدت، قال: فأحسست أنني حسدت الولد، فجاء الولد بعد شهرين راسباً، فقلت: ما الذي حصل يا بني! قال: والله يا أبتي! هناك شخص قد حسدني، وهكذا أنطقه الله سبحانه.
      وكان هناك من العرب من يؤتى به من أجل أن يحسد والعياذ بالله، فثبت في كتب العرب أن هناك شخصاً مهنته الحسد، فقال له شخص: أعطيك عشرة دنانير وتحسد لي ناقة فلان، فقال: نعم، فقط أشر إليها، فقال له: ها هي مع صاحبها، قال له: أين؟ قال: هناك تحت تلك الشجرة، فقال الحاسد: أتستطيع أن تنظر إلى الشجرة؟ ففقد الرجل بصره مباشرة.
      فعلاج هذا النوع من الحسد: أن الحاسد إذا نظر إلى شيء يقول: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله.
      إذاً: الحسد إذا انهدم ركنه سهل عليه قبول النصح وبذله.
      قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وإذا انهدم ركن الغضب سهل عليه العدل والتواضع ].
      ولا يبقى ظالم؛ لأن ركن الغضب ليس موجوداً.
      قال: [ وإذا انهدم ركن الشهوة سهل عليه الصبر والعفاف والعبادة ]؛ لأن الذي يضيع الناس هي الشهوات، قال تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ [آل عمران:14].
      قال: [ وزوال الجبال عن أماكنها أيسر من زوال هذه الأربعة ] يعني: ليست سهلة، فالمتكبر كيف يكون متواضعاً؟ وسريع الغضب كيف يكون هادئاً؟ والحسود كيف يكون مؤمناً وقانعاً؟ والذي عنده شهوات كيف يزيل الشهوات؟ قال: [ ولاسيما إذا صارت هيئات راسخة وملكات وصفات ثابتة ].
      أي: صفة هذا الرجل الكبر وصفة هذا الحسد، وصفة هذا الغضب وصفة هذا الشهوة والعياذ بالله.
      قال: [ فلا تزكو نفسه مع قيامه بها، وكلما اجتهد في العمل أفسدته عليه هذه الأربعة، طبعاً، وكل الآفات متولدة منها ].


      منشأ الكبر والحسد والغضب والشهوة وعلاجها
      قال المؤلف رحمه الله: [ ومنشأ هذه الأربعة ] أي: من أين أتت هذه الأربعة وما هو المنبع؟ قال: [ من جهله بربه وجهله بنفسه.
      فإنه لو عرف ربه بصفات الكمال ونعوت الجلال وعرف نفسه بالنقائص والآفات لم يتكبر ]؛ فهذه صفة من صفات الله، فلا يحق للمخلوق أن يتمثل هذه الصفة.
      قال: [ فإنه إن عرف ربه بصفات الكمال لم يتكبر ولم يغضب لها، ولم يحسد أحداً على ما آتاه الله، فإن الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله، فإنه يكره نعمة الله على عباده وقد أحبها الله ].
      وكأن هذا الحاسد يقول: يا رب! إنك لا تقسم بالعدل!! وقد يقول شخص: فلان هذا عورة، وفلانة هذه أنفها كبيرة وكأنه يريد أن يقول: يا رب! إنك لا تستطيع أن تخلق والعياذ بالله، فالمسلم يجب أن يعلم أن الحسد نوع من معاداة الله عز وجل.
      قال: [ فإنه يكره نعمة الله على عبده، وقد أحبها الله ويحب هو زوالها عنه، والله يكره ذلك ].
      أي: أن الله يريد أن يتم نعمته على هذا المسلم، وأنت تريد أن تزول هذه النعمة.
      إذاً: أنت تكره ما يحبه الله وتحب ما يكره الله.
      يحكى أن امرأة كانت مسيحية متزوجة بمسلم، فطلقها المسلم وقد أنجبت له ولداً، ثم تزوجت برجل مسيحي، فصمم المسيحي ألا ينجب منها حتى لا يكون ابنه أخاً لمسلم من أم.
      فانظر إلى أي مدىً وصل هذا الحسد؟! وانظر إلى التفكير الخبيث الجهنمي، يخاف أن يكون المسلم أخاً لابنه.
      قال: [ والله يكره ذلك، فهو مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته وكراهته، ولذلك كان إبليس عدوه حقيقة؛ لأن ذنبه كان عن كبر وحسد ].
      تكبر ولم يرض أن يسجد، وحسد آدم وقال: أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا [الإسراء:61] أي: أأسجد لمن هو أقل مني؟ قال: [ فقلع هاتين الصفتين بمعرفة الله وتوحيده، والرضا به وعنه والإنابة إليه، وقلع الغضب بمعرفة النفس وأنها لا تستحق أن يغضب لها وينتقم لها ].
      فالشخص الذي يعرف نفسه يقول: إن هذه النفس لا تستحق أن يغضب لها.
      يحكى أن شخصاً من الصالحين كان يمشي، فرمى عليه مجموعة من الناس رماداً حاراً، فنفض هكذا وتلثم، وقال: من استحق النار وصولح على الرماد فلابد أن يحمد الله على ذلك، أي: أن ابن آدم يستحق أن يحرق في النار، فلما أن أصيب بالرماد فقط، حمد الله على ذلك.
      قال: [ فإن ذلك إيثار لها بالرضا والغضب على خالقها وفاطرها، وأعظم ما تدفع به هذه الآفة أن يعودها أن تغضب لله وترضى لله ].
      عندما يسمع المسلم شخصاً يسب الدين فإنه يغضب لأنه يجد حرمة من حرمات الله تنتهك، ويغضب عندما يجد طالبة جامعية خارجة وهي تلبس البنطال، ويغضب عندما يرى شيئاً خطأً، ويغضب عندما يجد انحرافاً، ويغضب عندما يجد الناس يتعاملون بالربا، ويغضب عندما يجد الناس لا يتقون الله عز وجل، فكل هذا غضب لله عز وجل، فهذا الغضب لو تعودت عليه فإنه الغضب الذي يؤجر الإنسان عليه أجراً عظيماً.
      قال: [ فكلما دخل النفس شيء من الغضب والرضا له خرج منه مقابلها من الغضب والرضا لها ].
      يعني: كلما ملأ العبد نفسه بالرضا والغضب لله خرج منها الرضا والغضب للناس، وهكذا تستقيم الأمور.
      قال: [ أما الشهوة فدواؤها صحة العلم والمعرفة ].
      تنقهر الشهوات من كثرة العلم ومجالس العلم، فالعبد بالعلم يعود نفسه على الاستقامة والطاعة والتوكل، ويعود نفسه على الثقة واليقين بالله سبحانه وتعالى.
      قال: [ بأن إعطاءها شهواتها أعظم أسباب حرمانها إياها ومنعها منها، وحميتها أعظم أسباب اتصالها إليها، فكلما فتحت عليها باب الشهوات كنت ساعياً في حرمانها إياها، وكلما أغلقت عنها ذلك الباب كنت ساعياً في إيصالها إلى الله عز وجل على أكمل الوجوه ].
      إن الشهوات مع العبد كالشارب من البحر لا يزيده الشرب إلا عطشاً.
      قال: [ فالغضب مثل السبع، إذا أفلته صاحبه بدأ بأكله ].
      عندما يغضب الإنسان ولا يمسك غضبه تضيع روحه فيسيطر عليه الغضب ولا يستطيع أن يتحكم في نفسه.
      قال: [ والشهوة مثل النار، إذا أضرمها صاحبها بدأت بإحراقه، والكبر بمنزلة منازعة الملك ملكه، فإن لم يهلكك طردك عنه ].
      كأن يقول شخص لرئيس الوزراء أنت لست جديراً بهذا المنصب، أنا أريد أن أكون مكانك، فإما أن يقتله حرسه، وإما أن يطرده، كذلك عندما تكون متكبراً فإنك تنازع الله في ملكه، والعياذ بالله.
      قال: [ والحسد بمنزلة معاداة من هو أقدر منك، والذي يغلب شهوته وغضبه يفرق الشيطان من ظله، ومن تغلبه شهوته وغضبه يفرق من خياله ].
      إن عمر بن الخطاب ممن يغلب شهوته وغضبه فيفرق الشيطان من ظله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عمر ! ما رآك الشيطان سالكاً طريقاً إلا وسلك طريقاً آخر)، فالشيطان إذا رأى عمر سلك طريقاً آخر؛ لأن عمر رضي الله عنه قهر النفس، فقد كان عمر رضي الله عنه يمشي فأخذ حزمة من حطب ووضعها على كتفه، فقال له ابنه: ما هذا يا أمير المؤمنين؟! قال: أرادت نفس أبيك أن تستشرف فأراد أبوك أن يذلها ويضعها لله.
      يفعل ذلك حتى لا يدخل فيها العجب.


      المصـدر

      رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

      تعليق


      • #4
        رد: أركان الكفر أربعه ( لابن القيم رحمه الله )

        طرح رائع نافع

        جزاكم الله خير الجزاء ونفع بكم

        تعليق


        • #5
          رد: أركان الكفر أربعه ( لابن القيم رحمه الله )

          جزاك الله الجنه
          قال صلى الله عليه وسلم((من قال استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم واتوب اليه غفرت ذنوبه وان كان قد فر من الزحف ))رواه الترمذي

          تعليق


          • #6
            رد: أركان الكفر أربعه ( لابن القيم رحمه الله )

            جزاكم الله خيراً
            وفقكم الله لكل خير


            قال الحسن البصري - رحمه الله :
            استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
            [حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين


            تعليق


            • #7
              رد: أركان الكفر أربعه ( لابن القيم رحمه الله )

              جزاكم الله خيرا
              بارك الله فيكم

              تعليق


              • #8
                رد: أركان الكفر أربعه ( لابن القيم رحمه الله )

                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                جزاكم الله خيرا ونفع بكم

                تعليق


                • #9
                  رد: أركان الكفر أربعه ( لابن القيم رحمه الله )

                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                  جزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم

                  نفعني الله وإياكم بما يحب ويرضى

                  تعليق

                  يعمل...
                  X