بسم الله
التواب جل جلاله
التوَّاب سبحانه هو الذي يقبل التوبة عن عباده حالاً بعد حال .. فما من عبدِ عصاه وبلغ عصيانه مداه ثم رَغِب في التوبة إليه إلا فتح له أبواب رحمته، وفرح بعودته وتوبته ما لم تغرغر النفس أو تطلع الشمس من مغربها ..
ونحن في حاجة ماسة لفهم مقتضيات هذا الاسم العظيـم ومعانيه؛ لأنه يتحدث عن وظيفة العمر وأعظم مقامات الإيمان وأجلَّها، ألا وهو مقـام التــــوبة ..
ورود الاسم في القرآن الكريم
ورد الاسم في القرآن إحدى عشرة مرة، منها تسع مرات أقترن باسم الله تعالى الرحيم، منها:
قول الله جلَّ وعلا {فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 37] .. وقوله تعالى {.. وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12]
وورد مقترنًا باسمه تعالى الحكيم، في قول الله عزَّ وجلَّ {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} [النور: 10]
وورد مفردًا في قوله تعالى {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3]
المعنى اللغوي للاسم
التواب في اللغة من صيغ المبالغة، فعله تاب يتوب توبًا وتوبة، والتوبة الرجوع عن الشيء إلى غيره، وترك الذنب على أجمل الوجوه.
معنى الاسم في حق الله تعالى
التوَّاب .. الذي لم يزل يتوب على التائبين، ويغفر ذنوب المنيبين، فكل من تاب إلى الله توبة نصوحًا، تاب الله عليه، فهو التائب على التائبين أولاً بتوفيقهم للتوبة والإقبال بقلوبهم إليه، وهو التائب عليهم بعد توبتهم قبولاً لها، وعفوًا عن خطاياهم. [تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (1:946)]
عَنْ النَّبِيِّ قَالَ "إِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِالليْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ الليْلِ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا" [صحيح مسلم]، وعنه قال "إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ" [رواه الترمذي وحسنه الألباني، صحيح الجامع (1903)]
ويذكر ابن القيم أن توبة العبد إلى ربه محفوفة بتوبة من الله عليه قبلها وتوبة منه بعدها .. فتوبته بين توبتين من الله، سابقة ولاحقة، فإنه تاب عليه أولاً إذنًا وتوفيقًا وإلهامًا فتاب العبد، فتاب الله عليه ثانيًا قبولاً وإثابة، قال تعالى: {وَعَلَى الثلاثَةِ الذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِن اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [التوبة:118]، فأخبر عزَّ وجلَّ أن توبته عليهم سبقت توبتهم، وأنها هي التي جعلتهم تائبين، فكانت سببًا ومقتضيًا لتوبتهم فدلَّ على أنهم ما تابوا حتى تاب الله عليهم، والحكم ينتف لانتفاء علته ..
فالعبدُ تَوَّابٌ، واللَّهُ تَوَّابٌ ..
فتوبة العبد:
رجوعه إلى سيده بعد الإباق،
وتوبة الله نوعان:
1) إذن وتوفيق .. 2) وقبول وإمداد. [مدارج السالكين (1/319-320)]
قال ابن جرير الطبري
"إن الله جلَّ ثناؤه هو التوَّاب على من تاب إليه من عباده المذنبين من ذنوبه، التارك مجازاته بإنابته إلى طاعته بعد معصيته بما سَلَف من ذنبه ..
فمعنى التوبة من العبد إلى ربّه، إنابتُه إلى طاعته، وأوبته إلى ما يرضيه بتركه ما يَسْخَطه من الأمور التي كان عليها مقيمًا مما يكرهه ربه. وكذلك توبة الله على عبده، هو أن يرزقه ذلك، ويؤوب له من غضبه عليه إلى الرضا عنه، ومن العقوبة إلى العفو والصفح عنه" [تفسير الطبري (بتصرف يسير)]
يقول ابن القيم في قصيدته النونية:
وكذلكَ التوَّابُ منْ أوصافِهِ ... والتَّوْبُ في أوصافِهِ نَوْعَانِ
إِذْنٌ بتوبةِ عبدِهِ وَقَبُولُهَا ... بعدَ المَتَابِ بِمِنَّةِ المنَّانِ
لنبدأ مدارسة فقه التوبة بمعرفة معاني التوبة النصـــوح والفرق بينها وبين مُطلق التوبــة؛ حتى نتوب إلى الله تعالى توبةً نصوحًا كما يُحب ويرضى ..
التواب جل جلاله
التوَّاب سبحانه هو الذي يقبل التوبة عن عباده حالاً بعد حال .. فما من عبدِ عصاه وبلغ عصيانه مداه ثم رَغِب في التوبة إليه إلا فتح له أبواب رحمته، وفرح بعودته وتوبته ما لم تغرغر النفس أو تطلع الشمس من مغربها ..
ونحن في حاجة ماسة لفهم مقتضيات هذا الاسم العظيـم ومعانيه؛ لأنه يتحدث عن وظيفة العمر وأعظم مقامات الإيمان وأجلَّها، ألا وهو مقـام التــــوبة ..
ورود الاسم في القرآن الكريم
ورد الاسم في القرآن إحدى عشرة مرة، منها تسع مرات أقترن باسم الله تعالى الرحيم، منها:
قول الله جلَّ وعلا {فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 37] .. وقوله تعالى {.. وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12]
وورد مقترنًا باسمه تعالى الحكيم، في قول الله عزَّ وجلَّ {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} [النور: 10]
وورد مفردًا في قوله تعالى {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3]
المعنى اللغوي للاسم
التواب في اللغة من صيغ المبالغة، فعله تاب يتوب توبًا وتوبة، والتوبة الرجوع عن الشيء إلى غيره، وترك الذنب على أجمل الوجوه.
معنى الاسم في حق الله تعالى
التوَّاب .. الذي لم يزل يتوب على التائبين، ويغفر ذنوب المنيبين، فكل من تاب إلى الله توبة نصوحًا، تاب الله عليه، فهو التائب على التائبين أولاً بتوفيقهم للتوبة والإقبال بقلوبهم إليه، وهو التائب عليهم بعد توبتهم قبولاً لها، وعفوًا عن خطاياهم. [تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (1:946)]
عَنْ النَّبِيِّ قَالَ "إِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِالليْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ الليْلِ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا" [صحيح مسلم]، وعنه قال "إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ" [رواه الترمذي وحسنه الألباني، صحيح الجامع (1903)]
ويذكر ابن القيم أن توبة العبد إلى ربه محفوفة بتوبة من الله عليه قبلها وتوبة منه بعدها .. فتوبته بين توبتين من الله، سابقة ولاحقة، فإنه تاب عليه أولاً إذنًا وتوفيقًا وإلهامًا فتاب العبد، فتاب الله عليه ثانيًا قبولاً وإثابة، قال تعالى: {وَعَلَى الثلاثَةِ الذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِن اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [التوبة:118]، فأخبر عزَّ وجلَّ أن توبته عليهم سبقت توبتهم، وأنها هي التي جعلتهم تائبين، فكانت سببًا ومقتضيًا لتوبتهم فدلَّ على أنهم ما تابوا حتى تاب الله عليهم، والحكم ينتف لانتفاء علته ..
فالعبدُ تَوَّابٌ، واللَّهُ تَوَّابٌ ..
فتوبة العبد:
رجوعه إلى سيده بعد الإباق،
وتوبة الله نوعان:
1) إذن وتوفيق .. 2) وقبول وإمداد. [مدارج السالكين (1/319-320)]
قال ابن جرير الطبري
"إن الله جلَّ ثناؤه هو التوَّاب على من تاب إليه من عباده المذنبين من ذنوبه، التارك مجازاته بإنابته إلى طاعته بعد معصيته بما سَلَف من ذنبه ..
فمعنى التوبة من العبد إلى ربّه، إنابتُه إلى طاعته، وأوبته إلى ما يرضيه بتركه ما يَسْخَطه من الأمور التي كان عليها مقيمًا مما يكرهه ربه. وكذلك توبة الله على عبده، هو أن يرزقه ذلك، ويؤوب له من غضبه عليه إلى الرضا عنه، ومن العقوبة إلى العفو والصفح عنه" [تفسير الطبري (بتصرف يسير)]
يقول ابن القيم في قصيدته النونية:
وكذلكَ التوَّابُ منْ أوصافِهِ ... والتَّوْبُ في أوصافِهِ نَوْعَانِ
إِذْنٌ بتوبةِ عبدِهِ وَقَبُولُهَا ... بعدَ المَتَابِ بِمِنَّةِ المنَّانِ
لنبدأ مدارسة فقه التوبة بمعرفة معاني التوبة النصـــوح والفرق بينها وبين مُطلق التوبــة؛ حتى نتوب إلى الله تعالى توبةً نصوحًا كما يُحب ويرضى ..
تعليق