السلام عليكم
من عقيدة المسلم هو الايمان باليوم الأخر بما فيه القبر وعذابه ونعيمه ..
عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المؤمن إذا أجاب الملكين في قبره : ( ينادي منادٍ من السماء : أن صدق عبدي ، فأفرشوه من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له بابـًا إلى الجنة ، قال: فيأتيه من رَوحها وطِـيبها ، ويفسحُ له في قبره مدَّ بصره ) رواه أحمد
وفي صحيح مسلم من حديث زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( فلولا أن لا تدافنوا ؛ لدعوتُ الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه ، ثم أقبل بوجهه ؛ فقال: تعوَّذوا بالله من عذاب النار ) قالوا : نعوذ بالله من عذاب النار ، فقال : (تعوَّذوا بالله من عذاب القبر) ، قالوا : نعوذ بالله من عذاب القبر ، قال: ( تعوَّذوا بالله من الفتن ، ما ظهر منها ، وما بطن ) ، قالوا : نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، قال: ( تعوَّذوا بالله من فتنة الدجال ) قالوا : نعوذ بالله من فتنة الدجال ..
وقد ضلَّ قوم من أهل الزَّيغ فأنكروا عذاب القبر ، ونعيمه ، زاعمين أن ذلك غير ممكن لمخالفته الواقع ، قالوا : فإنه لو كشف عن الميِّت في قبره ؛ لوجد كما كان عليه ، والقبر لم يتغير بـِسِعَةٍ ، ولا ضِـيق .
وهذا الزعم باطل ؛ بالشرع ، والحس ، و العقل :
أما الشرع : فقد سبقت النصوص الدالة على ثبوت عذاب القبر ، ونعيمه .
وفي صحيح البخاري - من حديث - ابن عباس رضي الله عنه قال : ( خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بعض حيطان المدينة ؛ فسمع صوت إنسانين يُعَذبَانِ في قبورهما) وذكر الحديث ، وفيه : ) أن أحدهما كان لا يستتر من البول ) وفي رواية : (من بوله) ، وأن الآخر كان يمشي بالنميمة ) وفي رواية لمسلم : ( لا يستنزه من البول ) .
وأما الحس : فإن النائم يرى في منامه أنه كان في مكان فسيح بهيج ، يتنعم فيه ، أو أنه كان في مكان ضيق موحش ، يتألم منه ، وربما يستيقظ أحيانـًا مما رأى، ومع ذلك فهو على فراشه في حجرته على ما هو عليه ، والنوم أخو الموت ، ولهذا سماه الله تعالى : (وفاة) قال الله تعالى : (اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) [سورة الزمر : 42] .
وأما العقل : فإن النائم في منامه يرى الرؤيا الحق المطابقة للواقع ، وربما رأى النبي صلى الله عليه وسلم على صفته ، ومن رآه على صفته ؛ فقد رآه حقًّا ، ومع ذلك ، فالنائم في حجرته على فراشه بعيدٌ عما رأى ، فإذا كان هذا ممكنـًا في أحوال الدنيا ؛ أفلا يكون ممكنـًا في أحوال الآخرة ؟!
وأما اعتمادهم فيما زعموه على أنه لو كشف عن الميِّت في قبره ؛ لوجد كما كان عليه ، والقبر لم يتغير بسعة ولا ضيق ؛ فجوابه من وجوه منها :
الأول: أنه لا تجوز معارضة ما جاء به الشرع ، بمثل هذه الشبهات الداحضة التي لو تأمَّل المعارض بها ما جاء به الشرع حقَّ التأمل ؛ لعلم بطلان هذه الشبهات ، وقد قيل :
وكم من عائبٍ قولاً صحيحـًا وآفته من الفَهمِ السقيمِ
الثاني : أن أحوال البرزخ من أمور الغيب التي لا يدركها الحسُّ ، ولو كانت تدرك بالحس ؛ لفاتت فائدة الإيمان بالغيب ، ولتساوى المؤمنون بالغيب ، و الجاحدون في التصديق بها .
الثالث: أن العذاب ، والنعيم ، وسعة القبر ، وضيقه ؛ إنما يدركها الميِّتُ دون غيره ، وهذا كما يرى النائم في منامه أنه في مكان ضيِّق موحش ، أو في مكان واسع بهيج ، والذي حوله لا يرى ذلك ولا يشعر به ، ولقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوحى إليه ، وهو بين أصحابه ؛ فيسمعُ الوحي ، ولا يسمعهُ الصحابة ، وربما يتمثَّل له الملك رجلاً فيكلِّمه ، والصحابة لا يرونَ الملك ، ولا يسمعونه .
الرابع : أن إدراك الخلق محدود بما مكنهم الله تعالى من إدراكه ، ولا يمكن أن يدركوا كل موجـود ، فالسموات السَّبع ، والأرض ، ومن فيهن ، وكل شـيء يسبحُ بحمد الله تسبيحـًا حقيقيـًّا ، يُسمعه الله تعالى من شاء من خلقه أحيانـًا ، ومع ذلك هو محجوب عنا ، وفي ذلك يقول الله تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمواتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بـِحَمْـدِهِ وَلَكِـن لاَّ تَفْقَهُـونَ تَسْبيحَهُمْ) [سورة الإسـراء : 44] ، وهكذا الشياطين ، والجن يسعون في الأرض ذهابـًا وإيابـًا ، وقد حضرت الجن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستمعوا لقراءته ، وأنصتُوا ، وولَّوا إلى قومهم منذرين، ومع هذا ؛ فهم محجوبون عنا ، وفي ذلك يقول الله تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ)[سورة الأعراف:27] ، وإذا كان الخلق لا يدركون كل موجود ؛ فإنه لا يجوز أن ينكروا ما ثبت من أمور الغيب ، ولم يدركوه .
من عقيدة المسلم هو الايمان باليوم الأخر بما فيه القبر وعذابه ونعيمه ..
عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المؤمن إذا أجاب الملكين في قبره : ( ينادي منادٍ من السماء : أن صدق عبدي ، فأفرشوه من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له بابـًا إلى الجنة ، قال: فيأتيه من رَوحها وطِـيبها ، ويفسحُ له في قبره مدَّ بصره ) رواه أحمد
وفي صحيح مسلم من حديث زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( فلولا أن لا تدافنوا ؛ لدعوتُ الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه ، ثم أقبل بوجهه ؛ فقال: تعوَّذوا بالله من عذاب النار ) قالوا : نعوذ بالله من عذاب النار ، فقال : (تعوَّذوا بالله من عذاب القبر) ، قالوا : نعوذ بالله من عذاب القبر ، قال: ( تعوَّذوا بالله من الفتن ، ما ظهر منها ، وما بطن ) ، قالوا : نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، قال: ( تعوَّذوا بالله من فتنة الدجال ) قالوا : نعوذ بالله من فتنة الدجال ..
وقد ضلَّ قوم من أهل الزَّيغ فأنكروا عذاب القبر ، ونعيمه ، زاعمين أن ذلك غير ممكن لمخالفته الواقع ، قالوا : فإنه لو كشف عن الميِّت في قبره ؛ لوجد كما كان عليه ، والقبر لم يتغير بـِسِعَةٍ ، ولا ضِـيق .
وهذا الزعم باطل ؛ بالشرع ، والحس ، و العقل :
أما الشرع : فقد سبقت النصوص الدالة على ثبوت عذاب القبر ، ونعيمه .
وفي صحيح البخاري - من حديث - ابن عباس رضي الله عنه قال : ( خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بعض حيطان المدينة ؛ فسمع صوت إنسانين يُعَذبَانِ في قبورهما) وذكر الحديث ، وفيه : ) أن أحدهما كان لا يستتر من البول ) وفي رواية : (من بوله) ، وأن الآخر كان يمشي بالنميمة ) وفي رواية لمسلم : ( لا يستنزه من البول ) .
وأما الحس : فإن النائم يرى في منامه أنه كان في مكان فسيح بهيج ، يتنعم فيه ، أو أنه كان في مكان ضيق موحش ، يتألم منه ، وربما يستيقظ أحيانـًا مما رأى، ومع ذلك فهو على فراشه في حجرته على ما هو عليه ، والنوم أخو الموت ، ولهذا سماه الله تعالى : (وفاة) قال الله تعالى : (اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) [سورة الزمر : 42] .
وأما العقل : فإن النائم في منامه يرى الرؤيا الحق المطابقة للواقع ، وربما رأى النبي صلى الله عليه وسلم على صفته ، ومن رآه على صفته ؛ فقد رآه حقًّا ، ومع ذلك ، فالنائم في حجرته على فراشه بعيدٌ عما رأى ، فإذا كان هذا ممكنـًا في أحوال الدنيا ؛ أفلا يكون ممكنـًا في أحوال الآخرة ؟!
وأما اعتمادهم فيما زعموه على أنه لو كشف عن الميِّت في قبره ؛ لوجد كما كان عليه ، والقبر لم يتغير بسعة ولا ضيق ؛ فجوابه من وجوه منها :
الأول: أنه لا تجوز معارضة ما جاء به الشرع ، بمثل هذه الشبهات الداحضة التي لو تأمَّل المعارض بها ما جاء به الشرع حقَّ التأمل ؛ لعلم بطلان هذه الشبهات ، وقد قيل :
وكم من عائبٍ قولاً صحيحـًا وآفته من الفَهمِ السقيمِ
الثاني : أن أحوال البرزخ من أمور الغيب التي لا يدركها الحسُّ ، ولو كانت تدرك بالحس ؛ لفاتت فائدة الإيمان بالغيب ، ولتساوى المؤمنون بالغيب ، و الجاحدون في التصديق بها .
الثالث: أن العذاب ، والنعيم ، وسعة القبر ، وضيقه ؛ إنما يدركها الميِّتُ دون غيره ، وهذا كما يرى النائم في منامه أنه في مكان ضيِّق موحش ، أو في مكان واسع بهيج ، والذي حوله لا يرى ذلك ولا يشعر به ، ولقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوحى إليه ، وهو بين أصحابه ؛ فيسمعُ الوحي ، ولا يسمعهُ الصحابة ، وربما يتمثَّل له الملك رجلاً فيكلِّمه ، والصحابة لا يرونَ الملك ، ولا يسمعونه .
الرابع : أن إدراك الخلق محدود بما مكنهم الله تعالى من إدراكه ، ولا يمكن أن يدركوا كل موجـود ، فالسموات السَّبع ، والأرض ، ومن فيهن ، وكل شـيء يسبحُ بحمد الله تسبيحـًا حقيقيـًّا ، يُسمعه الله تعالى من شاء من خلقه أحيانـًا ، ومع ذلك هو محجوب عنا ، وفي ذلك يقول الله تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمواتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بـِحَمْـدِهِ وَلَكِـن لاَّ تَفْقَهُـونَ تَسْبيحَهُمْ) [سورة الإسـراء : 44] ، وهكذا الشياطين ، والجن يسعون في الأرض ذهابـًا وإيابـًا ، وقد حضرت الجن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستمعوا لقراءته ، وأنصتُوا ، وولَّوا إلى قومهم منذرين، ومع هذا ؛ فهم محجوبون عنا ، وفي ذلك يقول الله تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ)[سورة الأعراف:27] ، وإذا كان الخلق لا يدركون كل موجود ؛ فإنه لا يجوز أن ينكروا ما ثبت من أمور الغيب ، ولم يدركوه .
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
تعليق