إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لزوم جماعة المسلمين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لزوم جماعة المسلمين

    لزوم جماعة المسلمين


    ظلت الجماعة المؤمنة - التي أخذت دينها - عقيدة وتشريعاً - من فِي رسول الله صلى الله عليه وسلم - على المحجة البيضاء - التي تركها لهم رسول الهداية والنور - صلى الله عليه وسلم - ليلها كنهارها ما زاغ عنها أحد منهم رضي الله عنهم أجمعين.

    ذلك الرعيل الأول الذي استقى عقيدته من منهل النبوة ومشكاة الرسالة، ذلك المنهل الذي أضاء للناس طريقهم، وهداهم إليه، وبصرهم فيه، وتلك الرسالة التي أبانت لهم ما ينفعهم؛ فأمرتهم به، وأوضحت لهم ما يضرهم ، فنهتهم عنه.

    قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } النحل:44.


    وقال تعالى: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } الحشر:7


    لم ينتقل رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم من هذه الدنيا؛ ويلحق بالرفيق الأعلى - فداه أبي وأمي- إلا وقد أكمل الرسالة المبعوث من أجلها، وبلغ الأمة البلاغ المبين، ولم يبق من دين الله شيء يحتاج إلى بيان

    .{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي

    وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)
    } المائدة:3.

    روى الإمام أحمد في "مسنده" عن أبي ذر رضي الله عنه، أنه قال: "لقد تركنا محمد صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا أذكرنا منه علماً".

    وروى مسلم وغيره من حديث سلمان رضي الله عنه قال: قيل له: قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة - اسم لهيئة الحدث- قال فقال: أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم".

    وفي لفظ "....قال لنا المشركون: إني أرى صاحبكم يعلمكم حتى يعلمكم الخراءة فقال: أجل . إنه نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه ...."الحديث.

    وهكذا تمت النعمة التي أنعمها الله على عباده ، فكمل الدين الذي أنزله الله لينقل البشرية من الضلالة إلى الهدى، ومن ظلمات الجهل إلى نور الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن ظلم الحكام إلى عدل السماء.

    وسار هذا الركب وهو يحمل على عاتقه المسؤولية الضخمة التي ناءت بحملها الجبال بل السموات والأرض:{إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ... وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } الأحزاب:72
    وقال سبحانه: {
    لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ ...
    وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
    } الحشر:21

    نعم سار هذا الركب وهو يحمل هذه التبعية الضخمة، والمسؤولية العظيمة، سيرا حثيثاً في خط واحد واتجاه واحد، وهدف واحد، لا ينظر إلى السبل الأخرى؛ ولا إلى الأبواق الزائفة؛ الفارغة؛ حتى كانت الفتنة، وكانت الفرقة، ووضع السيف في رقاب هذه الأمة.

    لقد اقتضت حكمة الله تعالى ، منذ أن خلق هذه الأرض وأعمرها الإنسان ليكون خليفة يحكم بمبادئ السماء وعدلها أن يبتلى الحق بالباطل وأن يكون الصراع بينهما دائماً إلى قيام الساعة وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن واقع هذه الحقيقة بقوله: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت أمتي على ثلاث وسبعين فرقة". انظر "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (رقم 303 و 1492) لشيخنا الألباني رحمه الله.

    وفي رواية: ".... والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، واثنتان وسبعون في النار".

    ثم بدأت الدعوات السرية؛ التي كانت تظهر الوفاق وتضمر النفاق - بعد أن كدر صفو الحياة وفتح أبواب الهرج والمرج، عبث بذلك العلج المجوسي؛ الذي امتدت يده لمقتل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه - وكان متولي كبرها- ابن السوداء - عبدالله بن سبأ اليهودي الذي كان يوقد الفتنة ويحركها؛ بما يبث في صفوف المسلمين من أفكار جديدة؛ من القول بفرض إمامة علي رضي الله عنه، وتقليب الناس على عثمان بن عفان رضي الله عنه.

    هكذا تأججت الفتن، واشتعل أوارها، وتفرقت الجماعة المؤمنة، وتشتت الصف المتلاحم، وأصبحت الجماعة الواحدة فرق وجماعات وأحزاب.

    فأخذت هذه الجماعات والأحزاب تنشر ما لديها من مذاهب فكرية عقدية بين الناس.

    وقد صور لنا العلامة الأصولي البارع؛ والفقيه اللامع الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في كتابه "الاعتصام"(1|22ومابعدها) تلك الفترة، فقال :"ثم استمر تزايد الإسلام، واستقام طريقه على مدة حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعد موته؛ وأكثر قرن الصحابة رضي الله عنهم، إلى أن نبغت فيهم نوابغ الخروج عن السنة، وأصغوا إلى البدع المضلة؛ كبدعة القدر، وبدعة الخوارج، وهي التي نبه عليها الحديث بقوله: "يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم" ...

    ... ثم لم تزل الفرق تكثر حسبما أخبر الصادق صلى الله عليه وسلم في قوله: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة". وفي الحديث الآخر: "لتتبعن سنن من كان قبلكم؛ شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم". قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟! قال: "فمن"؟ ..... إلى أن قال رحمه الله: "فتكالبت على سواد السنة البدع والأهواء، فتفرق أكثرهم شيعاً، وهذه سنة الله في الخلق: إن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل لقوله تعالى: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }. سبأ:13

    ولينجز الله ما وعد به نبيه صلى الله عليه وسلم من عود وصف الغربة إليه، فإن الغربة لا تكون إلا مع فقد الأهل أو قلتهم، وذلك حين يصير المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، وتصير السنة بدعة، والبدعة سنة، فيقام على أهل السنة بالتثريب والتعنيف؛ كما كان أولاً سقام على أهل البدعة؛ طمعا من المبتدع أن تجتمع كلمة الضلال ويأبى الله أن تجتمع حتى تقوم الساعة".

    هكذا مضى الرعيل الأول، من غير تبدد ولا انقسام، وكانت كلما ظهرت وبدت فتنة خبت وكبتت؛ حتى قامت فتن لم تخب، وظهرت فرق ونحل وملل؛ زادت في تصدع الأمة وانقسامها، وفي تفرقها وانشقاقها.

    وكان أعداء هذا الدين يعلمون أن الإسلام هو الحق، ويعرفون أن رسوله حق، جاء وصفه في التوراة والإنجيل، يعرفونه كما يعرفون أبنائهم؛ معرفة لا تشوبها شائبة، ولذا لم ينكروا رسالته إلى الناس إلا حسداً من عند أنفسهم كما قال الحق تعالى: {وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ
    (90)"البقرة:89-90.

    هذا البغي والحسد؛ جعل أعداء هذا الدين يحملون له الكيد، ولأهله البغي والعدوان ، وأول من كاد لهذا الدين المجوس واليهود، فظهرت على أيديهم الفرق السياسية، التي تلبست لباس الدين زوراً وبهتاناً؛ لتحقيق أهدافها وما تصبوا إليه فظهرت العقائد البدعية؛ التي تقوم على أسس وقواعد المنطق اليوناني، وتفشت في الأمة أفكار لم يسمع بها من قبل؛ ونشأ لها أتباع ومعتنقون، ثم حدثت بدعة الإرجاء ثم الاعتزال وغيرها مما كان له الأثر الواضح الفعال في عقيدة الجماعة المؤمنة وسيرها، ولا زلنا نعان من هذا الأثر الذي انحرف بالمسلمين عن الجدة والصواب.

    وكان لهذه العقائد والأفكار المنحرفة والبدع المحدثة دعاة ورجال يؤلفون فيها الكتب ويكتبون لها المقالات وينشرون على الناس الرسائل والأجزاء حتى ظهرت في الأمة الإسلامية مناهج تتناقض ومنهج السلف الصالح، عندها اضطر علماء السلف- في خضم هذا التزاحم وخوفاً من عقيدة الجيل الأول من أن تذوب في تلك التيارات التي انصبت على المسلمين من كل حدب وصوب، فاجتالتهم عن هدي نبيهم - اضطروا إلى الرد على هذه الفرق، وتلك الاتجاهات، بتفنيد آرائها ومزاعمها، فأبانوا العقيدة التي كان عليها الصحابة والتابعون، وكشفوا اللثام، وهتكوا أستار العقائد الباطلة؛ التي نسبت زوراً وبهتاناً للمسلمين.

    ومن هنا وفي هذا البحر المتلاطم من الآراء والعقائد الدخيلة، وفي هذا الجو الذي هبت فيه رياح عاتية ؛ وفي زخم الجدل؛ وتلك المناظرات؛ تمايزت جماعة المسلمين؛ وإن شئت قل أهل السنة والجماعة السائرون على نهج السلف الصالح .

    وأهل السنة والجماعة ليسوا جماعة من الجماعات، أو طائفة من الطوائف، أو فرقة من الفرق الإسلامية، أو حزب من الأحزاب، أو جماعة من الجماعات الإسلامية؛ ومن ظن غير ذلك فقد أخطأ ، لأن أهل السنة والجماعة ليست في شكلها ومضمونها إلا دعوة الإسلام بجميع ما تعنيه هذه الكلمة.

    وإن الطائفة المنصورة والفرقة الناجية جماعة المسلمين الملتزمة بالكتاب والسنة، والدعوة إليهما؛ على وفق منهج السلف الصالح وما زالت ولن تزال باقية قائمة إلى أن يأتي أمر الله.

    إن أهل السنة والجماعة ليسوا فرقة من فرق المسلمين ولا ملة منهم أو نحلة جديدة بل هي شجرة ذات أصل وارفة الظلال؛ تؤتي ثمرها كل حين، وهم ملتزمون بنهج الأنبياء دعوة وسلوكاً وبالجماعة المؤمنة الأولى عقيدة وإيماناً.

    تحقيقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون". رواه البخاري.

    وفي لفظ "لا يزال ناس من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله عز وجل". أحمد والدارمي وغيرهما. وللحديث روايات أخرى وألفاظ عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم.

    وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني. فقلت: يا رسول الله ! إنا كن في جاهلة وشر، وجاء الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: "نعم". قلت: وهل بعد هذا الشر من خير؟ . قال: "نعم، وفيه دخن". قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير هدي تعرف منهم وتنكر". قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها". قلت: يا رسول الله صفهم لنا. قال: "هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا "قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم". قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك". متفق عليه.

    وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    "ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من يأتي أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة؛ كلهم في النار؛ إلا ملة واحدة" . قالوا: ومن هي يا رسول الله ؟ قال" "ما أنا عليه وأصحابي". وفي رواية: قيل يا رسول الله من هم؟ قال: "الجماعة".

    وقد أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم خط سير هذه الجماعة وأبانه من غير لبس ولا غموض، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً ثم قال: "هذا سبيل الله" ، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله ثم قال: "هذه سُبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه" ، ثم تلا: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ
    فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ ...
    بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
    } الأنعام/135 .

    أخرجه الدارمي وابن ماجة وأحمد وغيرهم وهو حديث حسن.

    وصح من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم والمحدثات فإن كل محدثة بدعة ،وكل بدعة ضلالة". رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد والدارمي وغيرهم وهو حديث صحيح صححه عدد من الأئمة الحفاظ.

    فمن هذه الأحاديث وغيرها تبرز حقيقة ماثلة أمام عيوننا وهي أن جماعة المسلمين (أهل السنة والجماعة) هم سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وهم الذين اجتمعوا على الحق الصريح من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن سار على هذا الصراط كان من جماعة المسلين، وأهل السنة والجماعة، بل قد يكون هو وحده جماعة.

    وأهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية؛ التي قال فيها رسول الله : "من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي".

    (وهم الثابتون على خط الدفاع الشرعي عن الإسلام (منهاج النبوة) الكتاب والسنة والدعوة إليهما وعقد الولاء والبراء عليهما) انظر (حكم الانتماء)ص 39-40

    ولطالما خلط كثير من الناس بين منهج هذه الجماعة المؤمنة وبين غيره من المناهج.

    ولطالما التبس الطريق على كثير من الناس بل على الخاصة منهم.

    ولطالما أدخل في منهج الجماعة الأولى ما لم يكن فيهم ولا منهم.

    ولطالما دلس كثير من الناس على هذه الجماعة المؤمنة، وحاولوا أن يرفدوا ذلك النهر الصافي؛ بروافد عكرت صفاءه وكدرته.

    طالما حدث كل هذا، وحصل من مثله الكثير، كان لا بد من أن يبين طريق هذه الجماعة أو منهجها؛ حتى يحيى من حي عن بينة.

    وقبل بيان ذلك لا بد من القول: (أرأيت لو أن أمام قوم أكثر من سبعين طريقاً، ليس فيها طريق سالك مأمون إلا واحداً، فعبرت كل فرقة من طريق. فهلكوا جميعاً إلا طائفة نجت من الطريق الأول فهل من رجل في رأسه ذرة من عقل أو مسكة من تفكير، يسلك غير الطريق الأول؟!!

    لقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمة الإسلام تفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة ... ، وهذه الواحدة بلا شك هم الصحابة رضوان الله عليهم، ومن سار على دربهم وسلك سبيلهم ... فحري بالمسلم أن لا يهدأ له بال، ولا يكتحل بنوم، ولا يهنأ بطعام؛ ولا شراب؛ حتى يتيقن أنه من الطائفة الناجية).

    إن الصحابة رضي الله عنهم هم الصفوة المختارة من الله؛ لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وكانوا يتلقوا التعليم المباشر منه صلى الله عليه وسلم، فأخذوا من معين النبوة، ونهلوا منه صفاته، لم يعرف لهم منهج ولا سبيل؛ غير منهج النبوة وسبيل هدايتها.

    لم يكن ليؤثر بهم أي مؤثر خارجي -مع كثرة احتكاكهم بغيرهم عن طريق الفتوح- في التصور أو التكوين. بل كان أثرهم واضحاً في غيرهم، لقد كانت لصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم بخالص القلب، وصدق الاتباع ، وخالص التصور، وصدق المشاعر ،الشأن الفريد في التاريخ .

    وأما بعدهم فلقد اختلطت الينابيع! وصبت في النبع - الذي استقت منه الأجيال التالية- فلسفة الإغريق ومنطقهم، وأساطير الإغريق وتصوراتهم، وإسرائيليات اليهود ولاهوت النصارى. وغير ذلك من رواسب الحضارات والثقافات، واختلط ذلك ببعض العلوم مثل كتب التفسير،كما اختلط علم الكلام ببعض كتب الفقه وأصوله وهكذا.

    لذا كان ولابد من التصفية والتربية، تصفية لذلك النبع مما شابه وكدر صفاءه، وتربية هذه الأجيال على تلك التصفية، حتى نخرج بجيل يمثل امتداد الجماعة المؤمنة الأولى.

    كما أن الجيل الأول لم يكونوا يقرؤون القرآن؛ بقصد الثقافة أو التذوق؛ ولا ليضيف أحدهم إلى حصيلته من القضايا العلمية؛ أو الفقهية؛ محصولاً يملأ به جعبته، إنما كان يتلقى القرآن ليتلقى أمر الله في خاصة شأنه وشأن الجماعة التي يعيش فيها، وشأن الحياة التي يحياها هو وجماعته يتلقى الأمر ليعمل به.

    ختاماً: وصيتنا بما خطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حيث قال:

    " أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً؛ كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم".

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

    اللهم اغفر لكاتبها وناقلها,وقارئها واهلهم وذريتهم واحشرهم معا سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم







  • #2
    رد: لزوم جماعة المسلمين

    الله يرفع قدرك فى الدارين

    تعليق


    • #3
      رد: لزوم جماعة المسلمين

      اللهم آآآآآآآآآآآآآمين
      جزاك الله خيرا ونفع الله بك
      ام خطاب


      تعليق

      يعمل...
      X