التوسل شبهات وردود
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد:
التوسل ضربان؛ مشروع وممنوع. فالمشروع هو التوسل بأسماء الله وصفاته، أو بالعمل الصالح، أو بدعاء الرجل الصالح الحي. على ذلك دلت الأدلة، وعليه عمل الصحابة فمن بعدهم.
ولا يجوز التوسل بالذات، أو الجاه، أو الحق، لعدم الدليل على ذلك.
شبهات وردود:
الشبهة الأولى: حديث (أسألك بحق السائلين).
روى أبو نعيم في عمل اليوم والليلة من حديث أبي سعيد الخدري ورواه البخاري في الأدب المفرد وابن خزيمة بإسناد صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج لصلاة الصبح يقول: ((اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق الراغبين إليك، وبحق ممشاي..)).
وهذا توسل صريح بالذوات والأعمال، ولم يزل السلف والخلف يتناقلونه ويعملون به حتى وقتنا الحاضر.
الجواب:
هذا الحديث ضعيف، في إسناده عطية العوفي، وهو مجمع على ضعفه كما قال الذهبي، وهو مدلس تدليس الشيوخ فيقول عن أبي سعيد يوهم أنه أبو سعيد الخدري وهو يريد الكلبي المعروف بالكذب، وهذا النوع من التدليس حرام عند المحدثين، وقد ضعّف الحديث جماعة من المحدثين كالمنذري والنووي وابن تيميه والبوصيري وصديق خان وابن عبد الهادي والسهسواني وكثيرون.
ورواه ابن السني عن بلال وهو ضعيف، في إسناده الوازع بن نافع العقيلي وهو متفق على ضعفه كما قال النووي، قال الحافظ: (هذا حديث واه جداً).
ولا يتقوى الحديث بمجموع الطريقين، لأن كلا الإسنادين شديد الضعف.
ومع هذا فلا دلالة فيه على التوسل بالمخلوق أبداً. وإنما يدل على التوسل بصفات الله، لأن (حق السائلين) أن يجيبهم (وحق الماشين) أن يثيبهم ويرحمهم ويغفر لهم. وكل من الإجابة والإثابة والمغفرة والرحمة من صفات الله.
الشبهة الثانية: حديث (أسألك بحق محمد).
روى الطبراني في معاجمه الثلاثة وصححه الحاكم على شرط الشيخين عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لما أذنب آدم الذنب الذي أذنبه رفع رأسه إلى السماء، فقال: أسألك بحق محمد إلا غفرت لي. فأوحى الله إليه: ومن محمد؟ قال: تبارك اسمك لما خلقتني ورفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدراً ممن جعلت اسمه مع اسمك. فأوحى الله إليه: يا آدم إنه آخر النبيين من ذريتك، ولولاه ما خلقت.
وهذا يدل على مشروعية التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
الجواب:
الحديث فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقد تعقب الحافظ الذهبي كلام الحاكم حين قال "صحيح الإسناد" فقال الذهبــي: "بل موضوع، وعبد الرحمن واه، وعبد الله بن أسلم الفهري لا أدري من ذا". وعبد الله هذا أحد رواته ساق له الذهبي هذا الحديث في الميزان وقال: "خبر باطل" وتابعه على ذلك الحافظ بن حجر وحكم ببطلانه من قبل شيخ الإسلام.
قال شيخ الإسلام في القاعدة الجليلة: "ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه، فإنه نفسه قد قال في كتاب "المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم": عبد الرحمن ن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه".
الشبهة الثالثة: حديث توسل عمر بالعباس بن عبد المطلب
هذا الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه يدل على فضل أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ومشروعية التوسل بهم.
الجواب:
الحديث يدل على جواز التوسل بدعاء الرجل الحي الصالح، ودلالته على ذلك من وجوه:
1- عدوله عن التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته إلى التوسل بالعباس، ووافقه على ذلك جميع الصحابة، ولو كان التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - جائزاً لما عدل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم -.
2- إنه لو كان التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - جائزاً بعد موته ما تركوه وهم في قحط شديد ولجأوا إلى من هو دونه.
3- قوله (كان إذا قحطوا استسقى بالعباس) فهو يدل على تكرار ذلك منهم في كل مرة وعدم توسلهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته ولا مرة واحدة فإن ذلك لم ينقل عنهم.
4- توسل معاوية والضحاك بن قيس بالتابعي الجليل يزيد بن الأسود الجرشي وكان رجلاً صالحاً وتركهم التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبالعباس بعد موته.
5- قوله: "كنا نتوسل إليك بنبينا" فيه محذوف تقديره بدعاء نبينا؛ لأن ذلك هو الذي كان يحدث في حياته - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث الإعرابي: (فادع الله يغيثنا. قال: اللهم أغثنا.. ) وقول عائشة رضى الله عنها: شكا الناس قحوط المطر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر بمنبر فوضع له في المصلى و.. ثم قال: إنكم شكوتم جذب دياركم واستئخار المطر عن ابان زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم.. الحديث. وفيه أنه دعا لهم حتى سالت السيول. رواه أبو داود وغيره وإسناده صحيح.
6- قد فسرت بعض روايات الحديث الصحيحة كلام عمر إذ نقلت كلام العباس. قال الحافظ في الفتح (3/150) : "قد بين الزبير بن بكار في (الأنساب) صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع يه ذلك، فأخرج بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال: (اللهم انه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا بالغيث) قال: فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس).
الشبهة الرابعة: حديث الضرير
روى الترمذي وصححه والنسائي أن عثمان بن حنيف - رضي الله عنهما - أتى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يكشف لي عن بصري. قال: (فانطلق فتوضأ ثم صل ركعتين. ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيي محمد، نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه إلى ربي بك أن يكشف لي عن بصري، اللهم شفعه في وشفعني فيه. فرجع وقد كشف الله عن بصره). والأدلة على جواز التوسل بالذات كثيرة، واختلاف الأمة رحمة، والاجتماع واجب، والتفرقة محرمة: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا".
الجواب:
حديث الضرير صحيح، أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه وغيرهم. ولا دليل على التوسل بذاته بل يدل على مشروعية التوسل بدعاء الرجل الصالح الحي.
ودلالته على ذلك من وجوه:
1- قوله: "فقال الرجل: ادع الله أن يعافيني.. ".
2- قول النبي - صلى الله عليه وسلم - له: (إن شئت دعوتُ، وإن شئت صبرت فهو خير لك.. ).
3- قول الرجل: فقال: (ادعه).
4- قوله: (اللهم فشفعه في وشفعني فيه) يستحيل حمله على التوسل بذاته - صلى الله عليه وسلم - أو جاهه أو حقه إذ أن المعنى: اللهم اقبل شفاعته - صلى الله عليه وسلم -، أي اقبل دعاءه في أن ترد علي بصري. هذا الذي لا يمكن أن يفهم من هذه الجملة سواه.
وصلى الله على محمد - صلى الله عليه وسلم -، والحمد لله رب العالمين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد:
التوسل ضربان؛ مشروع وممنوع. فالمشروع هو التوسل بأسماء الله وصفاته، أو بالعمل الصالح، أو بدعاء الرجل الصالح الحي. على ذلك دلت الأدلة، وعليه عمل الصحابة فمن بعدهم.
ولا يجوز التوسل بالذات، أو الجاه، أو الحق، لعدم الدليل على ذلك.
شبهات وردود:
الشبهة الأولى: حديث (أسألك بحق السائلين).
روى أبو نعيم في عمل اليوم والليلة من حديث أبي سعيد الخدري ورواه البخاري في الأدب المفرد وابن خزيمة بإسناد صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج لصلاة الصبح يقول: ((اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق الراغبين إليك، وبحق ممشاي..)).
وهذا توسل صريح بالذوات والأعمال، ولم يزل السلف والخلف يتناقلونه ويعملون به حتى وقتنا الحاضر.
الجواب:
هذا الحديث ضعيف، في إسناده عطية العوفي، وهو مجمع على ضعفه كما قال الذهبي، وهو مدلس تدليس الشيوخ فيقول عن أبي سعيد يوهم أنه أبو سعيد الخدري وهو يريد الكلبي المعروف بالكذب، وهذا النوع من التدليس حرام عند المحدثين، وقد ضعّف الحديث جماعة من المحدثين كالمنذري والنووي وابن تيميه والبوصيري وصديق خان وابن عبد الهادي والسهسواني وكثيرون.
ورواه ابن السني عن بلال وهو ضعيف، في إسناده الوازع بن نافع العقيلي وهو متفق على ضعفه كما قال النووي، قال الحافظ: (هذا حديث واه جداً).
ولا يتقوى الحديث بمجموع الطريقين، لأن كلا الإسنادين شديد الضعف.
ومع هذا فلا دلالة فيه على التوسل بالمخلوق أبداً. وإنما يدل على التوسل بصفات الله، لأن (حق السائلين) أن يجيبهم (وحق الماشين) أن يثيبهم ويرحمهم ويغفر لهم. وكل من الإجابة والإثابة والمغفرة والرحمة من صفات الله.
الشبهة الثانية: حديث (أسألك بحق محمد).
روى الطبراني في معاجمه الثلاثة وصححه الحاكم على شرط الشيخين عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لما أذنب آدم الذنب الذي أذنبه رفع رأسه إلى السماء، فقال: أسألك بحق محمد إلا غفرت لي. فأوحى الله إليه: ومن محمد؟ قال: تبارك اسمك لما خلقتني ورفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدراً ممن جعلت اسمه مع اسمك. فأوحى الله إليه: يا آدم إنه آخر النبيين من ذريتك، ولولاه ما خلقت.
وهذا يدل على مشروعية التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
الجواب:
الحديث فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقد تعقب الحافظ الذهبي كلام الحاكم حين قال "صحيح الإسناد" فقال الذهبــي: "بل موضوع، وعبد الرحمن واه، وعبد الله بن أسلم الفهري لا أدري من ذا". وعبد الله هذا أحد رواته ساق له الذهبي هذا الحديث في الميزان وقال: "خبر باطل" وتابعه على ذلك الحافظ بن حجر وحكم ببطلانه من قبل شيخ الإسلام.
قال شيخ الإسلام في القاعدة الجليلة: "ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه، فإنه نفسه قد قال في كتاب "المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم": عبد الرحمن ن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه".
الشبهة الثالثة: حديث توسل عمر بالعباس بن عبد المطلب
هذا الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه يدل على فضل أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ومشروعية التوسل بهم.
الجواب:
الحديث يدل على جواز التوسل بدعاء الرجل الحي الصالح، ودلالته على ذلك من وجوه:
1- عدوله عن التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته إلى التوسل بالعباس، ووافقه على ذلك جميع الصحابة، ولو كان التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - جائزاً لما عدل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم -.
2- إنه لو كان التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - جائزاً بعد موته ما تركوه وهم في قحط شديد ولجأوا إلى من هو دونه.
3- قوله (كان إذا قحطوا استسقى بالعباس) فهو يدل على تكرار ذلك منهم في كل مرة وعدم توسلهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته ولا مرة واحدة فإن ذلك لم ينقل عنهم.
4- توسل معاوية والضحاك بن قيس بالتابعي الجليل يزيد بن الأسود الجرشي وكان رجلاً صالحاً وتركهم التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبالعباس بعد موته.
5- قوله: "كنا نتوسل إليك بنبينا" فيه محذوف تقديره بدعاء نبينا؛ لأن ذلك هو الذي كان يحدث في حياته - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث الإعرابي: (فادع الله يغيثنا. قال: اللهم أغثنا.. ) وقول عائشة رضى الله عنها: شكا الناس قحوط المطر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر بمنبر فوضع له في المصلى و.. ثم قال: إنكم شكوتم جذب دياركم واستئخار المطر عن ابان زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم.. الحديث. وفيه أنه دعا لهم حتى سالت السيول. رواه أبو داود وغيره وإسناده صحيح.
6- قد فسرت بعض روايات الحديث الصحيحة كلام عمر إذ نقلت كلام العباس. قال الحافظ في الفتح (3/150) : "قد بين الزبير بن بكار في (الأنساب) صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع يه ذلك، فأخرج بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال: (اللهم انه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا بالغيث) قال: فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس).
الشبهة الرابعة: حديث الضرير
روى الترمذي وصححه والنسائي أن عثمان بن حنيف - رضي الله عنهما - أتى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يكشف لي عن بصري. قال: (فانطلق فتوضأ ثم صل ركعتين. ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيي محمد، نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه إلى ربي بك أن يكشف لي عن بصري، اللهم شفعه في وشفعني فيه. فرجع وقد كشف الله عن بصره). والأدلة على جواز التوسل بالذات كثيرة، واختلاف الأمة رحمة، والاجتماع واجب، والتفرقة محرمة: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا".
الجواب:
حديث الضرير صحيح، أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه وغيرهم. ولا دليل على التوسل بذاته بل يدل على مشروعية التوسل بدعاء الرجل الصالح الحي.
ودلالته على ذلك من وجوه:
1- قوله: "فقال الرجل: ادع الله أن يعافيني.. ".
2- قول النبي - صلى الله عليه وسلم - له: (إن شئت دعوتُ، وإن شئت صبرت فهو خير لك.. ).
3- قول الرجل: فقال: (ادعه).
4- قوله: (اللهم فشفعه في وشفعني فيه) يستحيل حمله على التوسل بذاته - صلى الله عليه وسلم - أو جاهه أو حقه إذ أن المعنى: اللهم اقبل شفاعته - صلى الله عليه وسلم -، أي اقبل دعاءه في أن ترد علي بصري. هذا الذي لا يمكن أن يفهم من هذه الجملة سواه.
وصلى الله على محمد - صلى الله عليه وسلم -، والحمد لله رب العالمين
تعليق