حتى لا تكون فتنة .. محسن ابو عبد الرحمن

[نهى حسنى]

محاضرة قيمة لفضيلة الشيخ محسن حفظه الله

الحمد لله على ما أسبغ من العطاء
وله الحمد على ما شفا من الأدواء
نحمده على ما أنعم من النعمة
وعلى ما أظهر من القدرة
وعلى ما أنزل من النصرة

اللهم لك الحمد
لك الحمد أن بعثت محمداً رسولاً أمينا ونبياً مبينا
فدعى إلى معرفتك وأهاب إلى طاعتك ونهى عن معصيتك
فاللهم صلى وسلم وبارك على سيد الأولين والآخرين محمد النبي الأمين
وحبيب رب العالمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ثم أما بعد :

أحبتي في الله إخواني الأكارم من ذوي الفضل والشيم الرائعة والأنوار الساطعة
حياكم الله وبياكم
ورفع لي ولكم أعلام الهدى
وأضاء بي وبكم ظلمات الدجى
وجعلنا وإياكم من أهل طاعته

نسأل الله أن يستعملنا لطاعته ورضاه ومحبته
هو مولانا نعم المولى ونعم النصير

هذه المحاضرة إنما هي وصية مشفق وصيحة نذير
أن يا قومنا أجيبوا داعي الله

ماهذه الكلمات التي سألقيها على مسامعكم إلا حرصاً على نجاتي ونجاتكم بين يدي الله
حتى لا تكون فِتْنة
نريد أن نتوب إلى الله ونقف في ما بيننا وبين أنفسنا لحظة للحساب لنتسائل ؟؟
أين أقدامنا على الصراط المستقيم ؟؟
لنتسائل أين نحن من الله ؟؟
لنتسائل هل إذا فاجئنا ملك الموت الآن !! الآن !! في هذه الساعة في هذه اللحظة
فيا ترى بأي البشريين سيأتيك ملك الموت ؟؟
هل سيقول اخرجي أيتها الروح الطيبة إلى رضا الله وجنة الرحمن ؟
أم سيقول اخرجي أيتها الروح الخبيثة إلى غضب الله ؟
إننا بحاجة ماسة إلى وقفة كي نصلح قلوبنا
وقفة كي نتدارك ما فات
لأن الفتن من كثرتها صارت لنا كالعادة
وما عادت قلوبنا تنكر
وما عدنا ننزعج لانتهاك حرمات الله
لماذا ..؟؟!!
لأن الفتن اخترقتها
الفتن !! وما أدراكم ما الفتن !!؟؟
وخاصة في مثل هذه الأيام التي كثرت فيها
الفتن وانتشرت وعمت فما تركت بلداً إلا دخلته ولا وادياً إلا سلكته
ولا رجلا ولا كبيراً ولا صغيراً إلا وطافت فماجت به كما يموج الموج بالبحر
الفتن !! وما أدراكم ما الفتن
فكثيرة هي الفتن التي تتلاطم اليوم تلاطم أمواج البحار
وكثيرة هي لا تحصى وكأنها أكثر من حبات الرمال بل وزاد الطين بلة أن وقعها
بين بيوتنا وشوارعنا وطرقاتنا كتساقط قطر الأمطار فما تركت الفتن بيتا اليوم
إلا دخلته وما تركت الفتن اليوم قلبا إلا تمكنت منه وقلبته إلا من رحم الله وعفا

نسأل الله بأسماءه وصفاته أن يجنبنا وإياكم الفتن ما ظهر منها وما بطن

الفتن من شأنها أنها تجعل الحليم حيرانا
الفتن تقلب عليك الأمور وتقلب لك الموازين
الفتن تقلب الحق باطلا وتقلب المعروف منكرا
فاذا فتن القلب عياذاً بالله فليس له من بعد الله وليٌ ولا نصير

ولذلك اليوم الناظر الي الفتن يتعجب
والله إن الناظر الي واقعنا يتعجب
والمتأمل في واقع المسلمين اليوم يرى عجبا عجابا
يرى مدى كثرة الفتن
وتحقق فينا نبوة النبي صلى الله عليه وسلم

أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم من آطام المدينة فقال :
هل ترون ما أرى.. قالوا لا قال :
فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر
صحيح البخاري

هذه نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم أن الفتن ستكثر في هذه الدنيا وتتوالى عليها
حتى تعادل وتماثل قطر الأمطار الذي يتساقط
فسبحانك يا رب إن كان هذا في أفضل القرون ..
فيا ترى ما نحن قائلون اليوم مع كثرة هذه الفتن وإنتشارها ؟؟؟
لذلك لما كانت الفتن أخطر شيء على دين المسلم وإيمانه حفظ الشرع الكريم
وسد باب الفتن بوسائل كثيرة .. حتى لاتكون فتنة
فالفتن خطيرة وهي خطافة وقد وصفها النبي صلى الله عليه وسلم

كما أخرجَ مُسلم في كتابِ الإيمان من حديث حُذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه قال :
قال النبي صلى الله عليه وسلّم
تُعرض الفتن على القلوب كالحصيرعوداً عوداً
فأي قلب أشربها نُكت فيه نُكتة سوداء
وأي قلب أنكرها نُكت فيه نُكتة بيضاء حتى تصير القلوب على قلبين
على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت
السماوات والأرض والآخر أسود مرباداً كالكوز
مجخياً لا يعرف مَعروفاً ولا ينكرمنكراً إلا ما أشرب من هواه

يصبح المسلم غير قادر على المواجهة بسبب كثرة الفتن وتردادها على القلب
فالفتن كثرتها على القلب تكاد أن تكون كالحصير الذي يُصَفُ فيه العود بجوار بعضها
فتخيلوا حينما تصل الفتن إلى هذا الحد فما أن يخرج المسلم من فتنة
ولا يكاد يستريح منها
حتى يرى غيرها وهكذا تتوالى وتعرض على القلوب
فسبحان الله من لنا بعد الله كي ينجينا من هذه الفتن
والله لا طاقة لنا أبداً أن ندرء فتنة عن أنفسنا لا قوة لنا ولا قدرة لنا أبداً
فليكن شعارنا إذاً لا ملجأ من الله إلا إليه
إن لم يعصمك الله ربك فلا عاصم لك
من أجل ذلك لما كانت الفتن بهذه الضخامة وهذه الخطورة
الشرع أغلق أبوابها
بمغاليق كثيرة حتى لا ترجوا النفس الوقوع فيها
فدرء الله عنا الفتن بدرء أسبابها

من منكم اليوم لم تعصف بقلبه الفتن
من منكم اليوم لم تعصف بقلبه مصيبة
من منكم اليوم لم تعصف بقلبه بلية
كلنا تعصف بقلوبنا الفتن لاننا بشر
فهل أدركتم خطورة هذه المقدمة التي تحدثنا عنها
إذاً القضية إننا نحتاج أن نعرف كيف نواجه هذه الفتن وخاصة أن الفتنة اليوم عمياء
سابقاً كانت الفتن معروفة
اليوم الطامة الكبرى أن الفتن قد ارتدت ثياب الطاعة وثياب القرب من الله
لذلك اليوم من ضمن العوامل :
هو دخولنا شات بحر التوبة على سبيل المثال
أليس دخولنا هو من أجل أن يقربنا خطوة إلى الله ..؟؟! ولكي نكسب حسنات
أليس كذلك ..؟؟
فتأمل كيف ارتدت الفتنة ثياب الطاعة
والسؤال هنا
هل عوفينا من الفتنة هنا أم لا ..؟؟؟؟
الجواب ... لا .. أليس كذلك ..؟؟
لذلك كانت هذه المحاضرة ضرورة
..
.....
عنصر الفتنة الأساسي في حياتنا هو
الرجال بالنسبة للنساء
والنساء بالنسبة للرجال
فلنفتح حواراً من القلب إلى القلب
فتنتنا هذه الأيام التي تعصف بايماننا هي
فتنة النساء بالنسبة للرجال
وفتنة الرجال بالنسبة للنساء
لذلك كان مما قاله صلى الله عليه وسلم

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل
كانت في النساء

أخرجه مسلم

تخيلوا يا أخوة ..بنو إسرائيل ارتدوا على أعقابهم وانقلبوا بعد صلاحهم
بسبب فتنة النساء
وبنو إسرائيل كانوا في ذلك الوقت شعب الله المختار
قال تعالى :
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ
وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ..47
من سورة البقرة

ومع ذلك بدلوا بالقرب بعداً
وبالنجاة هلاكاً
وبالطاعة عصياناً
بسبب فتنة النساء

لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ما تركت بعدي فتنةً هي أضر على الرجال من النساء
متفق عليه

لذلك أول معصية عصى الله بها في الأرض كانت بسبب النساء
لما قتل قابيل أخاه هابيل من أجل إمرأة
وأول معصية عصى الله بها في السماء كانت بسبب شهوة البطن لما
أكل آدم من الشجرة
عندها علمت نقطة ضعف ابن آدم الأولى والثانية
فالأولى شهوة البطن والثانية شهوة الفرج
لذلك الله أمرنا في الصيام أن نصوم عنهما
فالله سبحانه وتعالى يريد أن يدرب عباده على ترك هاتين الشهوتين لله
حتى تحقق الأمة كلها تقوى الله وترك هذه الشهوات المباحة إرضاءاً لله
فالأكل والشرب حلال وشهوة الفرج حلال للمتزوج
لكن بها يبطل الصوم في نهار رمضان

اليوم أكبر بلية وأكبر مصاب وأعظم فتنة هي فتنة النساء
وقرب الرجال من النساء هو وقود هذه الفتنة التي قد تعصف بايمانك ودينك
فاليوم نكون اخوة وأخوات لكن تلبس ثوب المعصية فيما بعد
لاتسأل كيف ؟؟
لكن اسأل كيف أحمي نفسي ..؟؟؟
لا تقل ليس في قلبي انني أفتن
لا تقل أنا شيخ
لا تقل أنا عالم
لا تقل أنا إنسان فاضل
إياك أن تظن أنك بمنأى عن الفتن
كيف ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
سيد الأولين والآخرين كان من أكثر الناس خوفا على قلبه
ومن أكثر الناس سؤالاً لربه
أن يعصمه من الفتن وأن يعصمه من تقلب القلوب فقد كان أكثر دعاءه
صلى الله عليه وآله وسلم إذا سجد

كما ورد في حديث أم سلمة رضي الله عنها انها قالت :
كان أكثر دعائه صلى الله عليه وسلم
يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
رواه الترمذي وقال حديث حسن

هذا الكلام كلام رسولنا صلى الله عليه وسلم من شدة خوفه من الفتن
يطلب من ربه أن يثبته على الاسلام
فاللهم ثبت قلوبنا على دينك
وصرف قلوبنا على طاعتك
وأرنا حلاوة الايمان
وارزقنا لذة القرءان
مسألة خطيرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه لما يسجد يقول
اللهم ثبت قلبي على دينك
هذا دعاء رسولنا صلى الله عليه وسلم
وهو الذي قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر

دائماً لما نقول اللهم أحسن خاتمتنا ونظن أن سوء الخاتمة هو أن نموت على ذنب
أو معصية .. هذا صحيح وهذا حق .. ولكن !!
لكن هناك ما هو أعظم وأخطر !!
هو أنك قد تموت على غير الاسلام .. يا الله
اللهم انا نسألك أن ترزقنا حسن الخاتمة
وأن تقينا سوء الخاتمة
وأن تجعل آخر كلامنا من الدنيا
لا إله إلا الله محمد رسول الله

وها هو الامام العلم أمير المؤمنين في الحديث
سفيان الثوري رحمه الله رحمة واسعة
الذي ملئ الأرض من شرقه إلى غربه بسنة النبي صلى الله عليه وسلم
كان إذا ذُكِرَ الموت بال الدم
ومع ذلك لما جاءت ساعة احتضاره كما يروي عبد الرحمن بن المهدي
يقول عبد الرحمن بن المهدي وهو صاحبه :
يقول لما احتضر سفيان الثوري جعل يبكي بكاءاً شديدا بكاءاً حاراً
وقد رفع حفنة من تراب الأرض
فقلت يا أبا عبد الله أتبكي ذنوبك ....؟؟؟
قال والله لذنوبي عندي أهون من هذا التراب
قال إنما أخاف أن أسلب الايمان قبل أن أموت ... يا الله
اللهم نجنا يا رب
اللهم نجنا يا رب
اللهم استرنا يا رب واكرمنا بحسن الخاتمة ونجنا من سوء الخاتمة يا رب
اذاً الفتن تدمر وتعصف بايمانك
الفتن قد تغرقك في لحظة .. في ثانية
قد تمر الفتن بالقلب فتجعله خاويا

وها هو الامام العلم شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
ساعة احتضاره كان يكثر من دعاء
اللهم أمتني على الاسلام
فقيل له ويحك .. أوَ لستَ مسلما ..؟!
قال : بلى ولكنني والله منذ أسلمت وأنا أجدد إسلامي
وما أظن بعدُ أني أسلمت إسلاماً صحيحاً ... يا الله
تخيلوا .. يا شباب .. ماذا فعلت شدة الخوف من الفتن بقلوب هؤلاء الأطهار
كيف جعلتهم الفتن يخافون ولا يأمنون المكر
فالفتن عظيمة وقد تعصف الفتنة في لحظة بالايمان فتجعله في الارض
لذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم
يكثر الاستعاذة من الفتن ما ظهر منها وما بطن
فكيف بنا نحن اليوم ؟
كيف بأيامنا التي نعيشها اليوم ؟
اذا الفتن عظيمة
ويجب أن تعرف أن ليس هناك ما يسترك من الفتن
لا جاهك
ولا منصبك
ولا مقامك
ولا أي شيء سيعصمك إلا إذا عصمك مولاك
لذلك من أخطر الآيات في القرءان التي تزلل القلب وتهز الكيان
قول الله جل جلاله :
وَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ
لَمْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ
لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ... 41
من سورة المائدة

هذا الذي لا يريده الله .. هذا الذي استغنى الله عنه .. الله غنيٌ عن طاعته
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ

قلبه مليء بالنجاسة عياذاً بالله
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ

فوجب على كل مسلم أن يخاف على نفسه من الفتن
وجب عليه أن لا يأمن مكر الله عز وجل فانه :
فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ

خافْ على نفسك من الفتن
واجعل هذه الآية نصب عينيك
وَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ
الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللَّهُ
أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ
وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ... 41

فوجب على كل مؤمن أن يتقي الله عز وجل وأن لا يأتي الفتن ولا يرد أبوابها
فمن اقترب من أسباب الفتن بَعُدَتْ عنه السلامة
فالفتن دمار تعصف بايمانك ودينك وأخلاقك
لذلك فرض علينا أن نتقي الفتن ونتجنبها
حتى لا نقع صرعى الذنوب وغرقى الفتن

لذلك لما اقتضت حكمة الله عز وجل وجود الفتن في دار الفتن
وكانت طبيعة الانسان مهيأة للوقوع في الفتن
رب العالمين من رحمته وفضله وكرمه حمى الانسان من الفتن وحمى المجتمعات
بتدابير وقائية واجراءات وقائية حتى يسلم المجتمع من الفتن
.(منقول للفائده)

[أم خطاب]

رد: حتى لا تكون فتنة .. محسن ابو عبد الرحمن

جزاكِ الله خيرا

[ابحث عن الامل]

رد: حتى لا تكون فتنة .. محسن ابو عبد الرحمن

جزاكي الله خيرا و نفع بكي

[كريمه بركات]

رد: حتى لا تكون فتنة .. محسن ابو عبد الرحمن

جزاكم الله خيرا

نفع الله بكم

[يقظة قلب]

رد: حتى لا تكون فتنة .. محسن ابو عبد الرحمن

جزاكم الله خيراً