( الذهاب إلى الكهنة والمنجمين )
-------------------------------------------------------------------------------
السؤال
أرجو الإجابةَ عن صحةِ دِيانةِ مَن يذهبُ إلى الكهنةِ والمنجِّمين، والإيمان بأقوالِهم؛ ذلك أنهم يأتون
بما يُشبه الصحيح، ومِن ذلك أنهم يُخبرون المرءَ باسم قريب مِن أقاربه، ويَصِفون له منزلَه وربما
وصفوا له ما عنده مِن المال والأولاد ... إلخ.
الجواب
هذا موجودٌ في عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبله وبعده، ولهذا نَهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إتيان الكهان، وعن سؤالهم.
قال - عليه الصلاة والسلام -: " مَن أتى عرَّافـًا فسأله عن شيء؛ لم تُقبَلْ له صلاةٌ أربعين ليلةً "
ورواه مسلم في صحيحه. وقال - صلى الله عليه وسلم -: " مَن أتى كاهِنـًا فصدَّقه بما يقول؛ فقد كفَرَ بما أنزِلَ على محمد - صلى الله عليه وسلم - ".
وسأله بعضُ الناس عن إتيان الكهان، فقال - عليه الصلاة والسلام -: " لا تأتِهم، فليسوا بشيء "، وقالوا: يا رسول الله! إنهم يَصدُقون في بعض الأحيان ؟ قال: " تلك الكلمة يَسمعها الشيطانُ الجنيُّ مِن السماءِ وهو يَسترق السمعَ، فيقرها في أذُنِ وليِّه مِن الإنس وهو الكاهنُ والساحرُ، فيَصدُقُ في تلك الكلمة، ولكنهم يَكذِبون ويَزيدون عليها مائةَ كِذبة "، وفي رواية: " أكثر مِن مائة كذبة "، فيقول الناس: إنه صدق يوم كذا وكذا ، فيكون ذلك وسيلةً إلى تصديقِه في كذبه كله .
فالكُهَّانُ لهم أصحابٌ مِن شياطين الجن، ويُسمَّى الرئي، يعني: الصاحب مِن الجن الذي يخبره عن بعض الغيبيات، وعن بعض ما يقعُ في البلدان، وهذا معروف في الجاهلية وفي الإسلام، فيقول لصاحبه مِن السحرة والكهنة: وقع كذا في بلدِ كذا وليلةِ كذا.
لأن الجنَّ يتناقلون الأخبارَ فيما بينهم، والشياطينُ منهم، كذلك بسرعة هائلة مِن سائر الدنيا، فلهذا قد يَغتر بهم مَن يسمع صدقَهم في بعض المسائل.
وقد يَسترقون السمع، فيسمعون بعضَ ما يقع في السماءِ بين الملائكة مما تكلَّم اللهُ عز وجل به من أمور أهل الأرض، وما يحدث فيها، فإذا سمعوا تلك الكلمةَ قروها في أذن أصحابهم مِن الكهنة والسحرة والمنجمين، فيقولون: سوف يقع كذا وكذا . إلى آخره.
ولا يكتفي بهذا بل يكذب معها الكذبَ الكثير حتى يروجَ بضاعته، ويأخذَ أموالَ الناس بالباطل بسبب هذه الحوادث، والناس بسبب هذا يُصدِّقون الكهنةَ والمنجِّمين ويأتونهم، والمرضى يتعلقون بخيطِ العنكبوت، ويتشبثون بكلِّ شيء بسبب ما قد سمعوا عنهم أنهم صَدقوا في كذا كذا.
فالواجبُ عدمُ إتيانهم، وعدمُ سؤالِهم، وعدمُ تصديقِهم، ولو قدِّر أنهم صدقوا في بعض الشيء لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن إتيانهم وسؤالهم، ونهى عن تصديقهم. وهذا هو الواجبُ على الجميع، وأن يسلكوا في علاج المرضى ما شرع الله من القراءةِ والدواء المُباح مما يعرفه الأطباء، هذه هي الأسبابُ والوسائل الشرعية، وفيها غنية - إن شاء الله - عمَّا حرَّمه الله.
[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز: المجلد الثالث، السؤال الثالث].
تعليق