إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

‏تكريم الإسلام للنفس الإنسانية – د. راغب السرجاني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ‏تكريم الإسلام للنفس الإنسانية – د. راغب السرجاني

    التعامل النبوي مع غير المسلمين‏


    لعل من المهم أن ندرك طبيعة النظرة الإسلامية إلي النفس الإنسانية بصفة عامة‏ ;‏ لندرك كيف تناول المنهج الإسلامي قضية غيرالمسلمين وكيفية التعامل معهم ‏.
    وقد فصلت هذا الموضوع في كتابي ‏(‏ فن التعامل النبوي مع غير المسلمين‏) .‏

    إن النفس الإنسانية بصفة عامة مكرمة ومعظمة ‏..‏ وهذا الأمرعلي إطلاقه ‏,‏ وليس فيه استثناء بسبب لون أو جنس أو دين‏ ,‏ قال تعالي في كتابه ‏: [‏ وَلَقَد كَرَّمنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُم فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِنَ الطَّيَّـبَات وَفَضَّلنَاهُم عَلَي كَثِيرٍ مِمَّن خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ‏] [‏ الإسراء‏:70] .‏
    وهذا التكريم عام وشامل للمسلمين وغير المسلمين ‏;‏ فالجميع مفضل علي كثير من خلق الله عز وجل‏ ,‏ وقد انعكس هذا التكريم العام علي كل بند من بنود الشريعة الإسلامية ‏,‏ وهذا واضح في آيات القرآن الكريم‏ ,‏ وفي حياة الرسول صلي الله عليه وسلم‏ ,‏ وما أروع الموقف الذي علمنا إياه رسول الله‏ -‏ صلي الله عليه وسلم ‏-‏ عندما مرت به جنازة يهودي‏!!‏
    فقد روي الإمام مسلم أن قيس بن سعد وسهل بن حنيف كانا بالقادسية‏ ,‏ فمرت بهما جنازة‏ ,‏ فقاما‏ ,‏ فقيل لهما‏ :‏ إنها من أهل الأرض ‏(‏ أي‏:‏ من مجوس فارس‏) .‏ فقالا‏ :‏ إن رسول الله ‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏ -‏ مرت به جنازة فقام ‏,‏ فقيل ‏:‏ إنه يهودي ‏,‏ فقال‏ :'‏ أليست نفسا‏'.‏ ألا ما أروع هذا الموقف حقا‏!!‏
    فقد زرع رسول الله ‏-‏ صلي الله عليه وسلم ‏-‏ بهذا الموقف في نفوس المسلمين التقدير والاحترام لكل نفس إنسانية علي الإطلاق ‏;‏ لأنه فعل ذلك وأمر به‏ ,‏ حتي بعد علمه أنه يهودي‏ ,‏ رغم أن اليهود رأوا الآيات ثم لم يؤمنوا ‏,‏ بل إنهم اعتدوا عليه ‏-‏ صلي الله عليه وسلم ‏-‏ بشتي أنواع الاعتداءات المعنوية والمادية ‏,‏ ومع هذا فإن رسول الله ‏-‏ صلي الله عليه وسلم ‏-‏ يقف لجنازة رجل منهم ليس له فضيلة معينة‏.‏ إنه الاحترام الحقيقي للنفس البشرية‏..‏
    ثم إن المسلم يعتقد أن الاختلاف بين الناس أمر حتمي ‏!‏ يقول تعالي ‏: [‏ وَلَو شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ‏] [‏ هود‏:118].‏
    وإذا علمت أن المسلم يعتقد أن الحساب يوم القيامة بيد الله‏ -‏ عز وجل ‏-‏ وحده ‏,‏ أدركت أن المسلم لا يفكر مطلقا في إجبار الآخرين علي اعتناق الإسلام‏ ,‏ قال تعالي‏ : [‏ وَلَو شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُم جَمِيعَاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّي يَكُونُوا مُؤمِنِينَ ‏] ,‏ يونس‏ : 99].‏
    فمهمة المسلم ببساطة أن يصل بدعوته نقية إلي غير المسلمين ‏,‏ أما ردود أفعالهم تجاه هذه الدعوة فلا يسأل عنها المسلم ولا يحاسب عليها ‏..‏ قال تعالي ‏: [‏ وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُل اللهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعُمَلُونَ ‏*‏ اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُم فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ‏] [‏ الحج‏:69,68].‏
    من هذا المنطلق‏ ,‏ جاءت أوامر الشريعة الإسلامية الخاصة بالعدل والرحمة والألفة والتعارف ‏,‏ وفضائل الأخلاق ..‏ جاءت عامة تشمل المسلمين وغير المسلمين‏ .‏
    ففي شريعتنا الإسلامية تجد قول الله عز وجل ‏: [‏ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ ‏] [‏ الأنعام‏:151] ,‏ والنهي هنا عام ‏,‏ يشمل نفوس المسلمين وغير المسلمين ‏;‏ فالعدل في الشريعة مطلق لا يتجزأ‏ .‏
    وفي مسألة العفو قال الله‏ -‏ عز وجل ‏: [‏ وَسَارِعُوا إِلَي مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض أُعِدَّتْ لِلمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَرَّاءُ والضرَّاءُ وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ ‏] [‏ آل عمران‏:134,133] . ‏فالعفو من صفات المؤمن‏ ,‏ وهو عفو واسع يشمل‏ '‏ الناس‏'‏ كما ذكر ربنا سبحانه وتعالي‏.‏
    بل أكثر من كل ذلك ‏;‏ أنه عندما ذكر سبحانه وتعالي أمر العدل المأمور به في الإسلام حض وأمر أن يكون العدل حتي مع من نكره من الناس ‏!!‏
    قال تعالي‏:[‏ وَلَا يَجْرَمَنَّكُم شَنَآنَ قَوْمٍ عَلَي أَلَّا تَعْدِلُوا اعدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ للتَقْوَى واتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ‏][‏ المائدة‏:8].‏
    هذه النظرة غير المتناهية في الأخلاق تفسر لنا الأخلاق النبيلة التي كان عليها رسولنا‏ -‏ صلي الله عليه وسلم ‏- ..‏ فقد كان متبعا للشرع في كل خطوة من خطوات حياته مع أنه في زمان ندرت فيه أخلاق الفرسان‏ ,‏ وعزت فيه طبائع النبلاء ‏.‏
    ومع النظرة الإسلامية المتقبلة للاختلاف فإن الرسول ‏-‏ صلي الله عليه وسلم ‏-‏ كان يرجو الإسلام حتي لألد أعدائه ‏,‏ برغم شرورهم ومكائدهم ‏;‏ فيقول ‏:'‏ اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك ‏:‏ بأبي جهل ‏,‏ أو بعمر بن الخطاب ‏' ,‏ فكان أحبهما إلي الله عمر بن الخطاب ‏.‏
    إن التاريخ الطويل من الصد عن سبيل الله‏ ,‏ وفتنة المسلمين عن دينهم‏ ,‏ لم يورث قلب رسول الله ‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏ -‏ شعورا بالانتقام ‏,‏ أو الكيد أو التنكيل ‏,‏ وإنما شعر بأنهم مرضي يحتاجون إلي طبيب ‏;‏ فجاءت هذه الدعوة لهم بالهداية وبالعزة والنجاة ‏;;‏ لذا كان يحزن حزنا شديدا إذا رفض إنسان أو قوم الإسلام‏ ,‏ حتي وصل الأمر إلي أن الله ‏-‏ عز وجل‏ -‏ نهاه عن هذا الحزن والأسي ‏..‏
    قال تعالي يخاطبه ‏-‏ صلي الله عليه وسلم ‏-: [‏ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤمِنِينَ ‏] [‏الشعراء‏:3] .‏ ويقول أيضا ‏: [‏ فَلا تَذْهَب نَفْسُكَ عَلَيْهِم حَسِرَاتٍ ‏] [‏ فاطر‏:8] .‏
    ومع شدة هذا الحزن إلا أن الرسول ‏-‏ صلي الله عليه وسلم ‏-‏ لم يجعله مبررا للضغط علي أحد ليقبل الإسلام ‏,‏ وإنما جعل الآية الكريمة‏ : [‏ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ‏ ] [‏ البقرة‏:256]‏ منهجا له في حياته ‏,‏ فتحقق في حياته التوازن الرائع المعجز ‏;‏ فيدعو إلي الحق الذي معه بكل قوة‏ ,‏ ولكنه لا يدفع أحدا إليه مكرها أبدا‏ .‏
    إنها نظرة الرحمة والرعاية لا القهر أو التسلط ‏..‏ وسبحان الذي رزقه‏ -‏ صلي الله عليه وسلم ‏-‏ هذا الكمال في الأخلاق ‏!
    التعديل الأخير تم بواسطة يقظة قلب; الساعة 16-10-2014, 04:25 PM. سبب آخر: تشكيل الآيات

  • #2
    رد: ‏تكريم الإسلام للنفس الإنسانية – د. راغب السرجاني

    جزاكم الله خيرًا
    أستغفِرُ اللهَ ما أسْتَغْفَرهُ الْمُستَغفِرونْ ؛ وأثْنى عليهِ المَادِحُونْ ؛ وعَبَدَهُ الْعَابِدُون ؛ ونَزَهَهُ الْمُوَحِدونْ ؛ ورجاهُ الْسَاجِدون ..
    أسْتَغْفِرَهُ مابقي ؛ وما رضي رِضًا بِرِضاهْ ؛ وما يَلِيقُ بِعُلاه ..
    سُبحانهُ الله ..

    تعليق


    • #3
      رد: ‏تكريم الإسلام للنفس الإنسانية – د. راغب السرجاني

      المشاركة الأصلية بواسطة طائر السنونو مشاهدة المشاركة
      جزاكم الله خيرًا

      أخى الحبيب فى الله

      أسعدنى ردك الكريم

      أسعدك الله فى الدنيا والآخرة

      تعليق


      • #4
        رد: ‏تكريم الإسلام للنفس الإنسانية – د. راغب السرجاني

        المشاركة الأصلية بواسطة الشيخ بن الإسلام مشاهدة المشاركة
        أخى الحبيب فى الله

        أسعدنى ردك الكريم

        أسعدك الله فى الدنيا والآخرة
        و إياك يا حبيب
        جمعني اللهُ بكَ على خيرٍ في الفردوسِ الأعلى
        أستغفِرُ اللهَ ما أسْتَغْفَرهُ الْمُستَغفِرونْ ؛ وأثْنى عليهِ المَادِحُونْ ؛ وعَبَدَهُ الْعَابِدُون ؛ ونَزَهَهُ الْمُوَحِدونْ ؛ ورجاهُ الْسَاجِدون ..
        أسْتَغْفِرَهُ مابقي ؛ وما رضي رِضًا بِرِضاهْ ؛ وما يَلِيقُ بِعُلاه ..
        سُبحانهُ الله ..

        تعليق


        • #5
          رد: ‏تكريم الإسلام للنفس الإنسانية – د. راغب السرجاني

          المشاركة الأصلية بواسطة طائر السنونو مشاهدة المشاركة
          و إياك يا حبيب
          جمعني اللهُ بكَ على خيرٍ في الفردوسِ الأعلى
          اللهم آمين

          جزاك الله خيرا

          تعليق


          • #6
            رد: ‏تكريم الإسلام للنفس الإنسانية – د. راغب السرجاني

            جزاكم الله خيراا
            قلتُ : يا أقصى سلاماً، قالَ : هل عادَ صلاح؟ قلتُ : لا إنّي حبيبٌ يرتجي منكَ السماح !
            #الأقصى_في_خطر


            تعليق


            • #7
              رد: ‏تكريم الإسلام للنفس الإنسانية – د. راغب السرجاني

              جزاكم الله خيرًا
              وجعله
              الله في ميزان حسناتكم


              تعليق


              • #8
                رد: ‏تكريم الإسلام للنفس الإنسانية – د. راغب السرجاني

                المشاركة الأصلية بواسطة يقظة قلب مشاهدة المشاركة
                جزاكم الله خيراا
                جزانا واياكم

                بارك الله فيكم

                تعليق


                • #9
                  رد: ‏تكريم الإسلام للنفس الإنسانية – د. راغب السرجاني

                  المشاركة الأصلية بواسطة عطر الفجر مشاهدة المشاركة
                  جزاكم الله خيرًا
                  وجعله
                  الله في ميزان حسناتكم

                  أمين

                  وجزاكم الله خيرا

                  تعليق

                  يعمل...
                  X