هل يقال لمن أظهر علامات النفاق؛ أنه منافق؟
للعلامة الشيخ : سليمان بن عبد الله آل الشيخ, رحمه الله
آمين ..
آمين ..
هل يقال لمن أظهر علامات النفاق ممن يدعي الإسلام؛ أنه منافق، أم لا؟
...........
الجواب:
أنه من ظهرت منه علامات النفاق الدالة عليه - كارتداده عند التحزيب على المؤمنين، وخذلانهم عند اجتماع العدو، كالذين قالوا: "لو نعلم قتالاً لاتبعناكم"، وكونه إذا غلب المشركون التجأ معهم، وإن غلب المسلمون التجأ إليهم، ومدحه للمشركين بعض الأحيان، وموالاتهم من دون المؤمنين، وأشباه هذه العلامات التي ذكر الله أنها علامات للنفاق، وصفات للمنافقين - فإنه يجوز إطلاق النفاق عليه، وتسميته منافقاً.
وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلون ذلك كثيراً.
كما قال حذيفة رضي الله تعالى عنه: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون بها منافقاً).
وكما قال عوف بن مالك - لذلك المتكلم بذلك الكلام القبيح -: (كذبت، ولكنك منافق).
وكذلك قال عمر في قصة حاطب: (يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق)، وفي رواية: (دعني أضرب عنقه فإنه منافق).
وأشباه ذلك كثير.
وكذلك قال أسيد بن حضير لسعد بن عبادة، لما قال ذلك الكلام: (كذبت ولكنك منافق، تجادل عن المنافقين).
ولكن ينبغي أن يُعرف؛ أنه لا تلازم بين إطلاق النفاق عليه ظاهراً، وبين كونه منافقاً باطناً، فإذا فعل علامات النفاق؛ جاز تسميته منافقاً لمن أراد أن يسميه بذلك، وإن لم يكن منافقاً في نفس الأمر، لأن بعض هذه الأمور قد يفعلها الإنسان مخطئاً لا علم عنده، أو لقصد يخرج به عن كونه منافقاً، فمن أطلق عليه النفاق لم يُنكر عليه، كما لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على أسيد بن حضير تسميته سعداً منافقاً، مع أنه ليس بمنافق، ومن سكت لم يُنكر عليه، بخلاف المذبذب الذي ليس مع المسلمين، ولا مع المشركين، فإنه لا يكون إلا منافقاً.
واعلم؛ أنه لا يجوز إطلاق النفاق على المسلم بالهوى والعصبية، أو لكونه يشاحن رجلاً في أمر دنيا أو يبغضه لذلك، أو لكونه يخالف في بعض الأمور، التي لا يزال الناس فيها مختلفين.
فليحذر الإنسان أشد الحذر، فإنه قد صح في ذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله.
وإنما يجوز من ذلك؛ ما كانت العلامات مطردة في النفاق، كالعلامات التي ذكرنا وأشباهها، بخلاف مثل الكذبة والفجرة ونحو ذلك، وكان قصد الإنسان ونيته إعلاء كلمة الله، ونصر دينه.
[الدرر السنية: ج8/ ص 165 - 166]
تعليق