إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اتحاف الخلان بالكلام على حديث خلق أدم على صورة الرحمن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اتحاف الخلان بالكلام على حديث خلق أدم على صورة الرحمن

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ومن والاه وبعد فقد قرأت معظم هذا البحث فوجدته جيدا ً موافق لما درسنا من عقيدة أهل السنة والجماعة فأحببت أن تعم الفائدة



    اتحاف الخلان


    في الكلام على حديث خلق آدم على صورة الرحمن




























    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، أما بعد :
    فهذا المبحث تكلمت فيه على حديث "خلق أدم على صورة الرحمن" فقمت بتخريجه، وجمع طرقه، والكلام على علله ،وبيان من صححه من العلم، ومن ضعفه.
    ثم تكلمت على معنى هذا الحديث ،وماجاء في معناه من أحاديث،ومايدل عليه ،وذكرت أقوال المخالفين وماجاء في الرد عليهم.

    وقد أسميته بـ"اتحاف الخلان بالكلام على حديث خلق أدم على صورة الرحمن"

    ومن أنفس ماكتب في الكلام على الحديث ، وماجاء في معناه من أحاديث ،كحديث أبي هريرة مرفوعا عند البخاري(3326)(6227)ومسلم( 7163): (خلق الله أدم على صورته،طوله سبعون ذراعا... الحديث)
    ماكتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم "بيان تلبيس الجهمية" في رده على الرازي
    فقد بين رحمه الله أنه لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في هذا الحديث عائد إلى الله تعالى،وأن سياق الأحاديث كلها تدل على ذلك.
    ثم أوضح المسألة بما لامزيد عليه، فرد على المخالفين القائلين بأن الضمير في الحديث يعود على أدم عليه السلام من ثلاثة وعشرون وجها،ورد على من قال بأن الضمير في الحديث يعود على المضروب من ثلاثة عشر وجها.
    وأثبت أن الضمير يعود على الله عزوجل،ودافع عن حديث"خلق أدم على صورة الرحمن" ،فراجعه فإنه مهم.
    أقول وأليس الشأن هنا إثبات الصورة لله عز وجل فهذا له موضع آخر،فالنصوص في إثبات الصورة لله جل في علاه متواترة في السنة ،وأجمع على ذلك سلف الأمة.
    إنما الشأن الكلام على حديث:(خلق آدم على صورة الرحمن)،وحديث: (خلق الله آدم على صورته)،أسأل الله أن ينفع به، ويجعله خالصا لوجهه الكريم،وأن ينفع به،آمين.

    والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.



    صحة حديث :( إن الله خلق آدم على صورة الرحمن)

    الحديث جاء من ثلاثة طرق :
    الطريق الأول:
    أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة ( 498 ) , وابن أبي عاصم في السنة ( 529)،والحارث في مسنده (24)،وابن خزيمة في التوحيد(44)،و الآجري في الشريعة ( 725 )(3/1152)،والطبراني في الكبير(13404)، والدارقطنيفي الصفات ( 50 ) ,والحاكم في المستدرك(3296)،والبيهقي في الأسماء والصفات ( 432 )،وابن بطة في الإبانة(2573) كلهم من طريق جرير بن عبدالحميدعن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء , عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : (لا تقبحوا الوجه , فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن).
    الطريق الثاني:
    أخرجه ابن خزيمة في التوحيد( 45) من طريق سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء مرسلا بلفظ: (لا تقبحوا الوجه , فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن)
    الطريق الثالث :
    أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة (1243) وابن أبي عاصم في السنة ( 533 ) وابن بطة في الإبانة(2575)
    من طريق عبدالله بنلهيعة عن أبي يونس سليم بن جبير عن أبي هريرةرضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من قاتل فليجتنب الوجه , فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن).
    والدارقطني في الصفات(51)من طريق ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة.
    أقول هذا الحديث بطريقه الأول أعله الإمام ابن خزيمة [1]بعلل ثلاث:
    الأولى :أن الثوري قد خالف الأعمشفي إسناده , فأرسله الثوري ولم يقل عن ابن عمر.
    الثانية:أن الأعمش مدلس لم يذكر أنه سمعه منحبيب بن أبي ثابت .
    الثالثة:أن حبيب بن أبيثابت أيضاً مدلس لم يعلم أنه سمعه من عطاء
    أقول والعلة الرابعة:
    حديث حبيب بن أبي ثابت عن عطاء ليس بمحفوظ.
    قال يحيى بن سعيد القطان عن حبيب بن أبي ثابت:حديثه عن عطاء ليس بمحفوظ.[2] وقال العقيلي:وله عن عطاء أحاديث لايتابع عليها منها حديث عائشه لاتسبخي عنه[3].
    والعلة الخامسة:
    في سماع عطاء بن أبي رباح من ابن عمر.قال الإمام أحمد:لم يسمع عطاء من ابن عمر.[4].
    وقال علي بن المديني:رأى ابن عمر ولم يسمع منه [5]
    مع أن عطاء قد رأى ابن عمر كما عند البخاري معلقا، وذكر الطبراني أحاديث فيها تصريح عطاء بالسماع من ابن عمر والا يصح منها شيء.
    والعلة السادسة:
    جرير بن عبدالحميد الضبي نسب في أخر عمره إلى سوء الحفظ.
    قال الذهبي ذكر البيهقي في سننه في ثلاثين حديثا لجرير بن عبدالحميد قال : قد نسب في أخر عمره إلى سوء الحفظ[6].
    أقول وقد تفرد به أيضا عن الأعمش!
    قال الدارقطني :حديث لاتقبحوا الوجه تفرد به جرير بن عبدالحميدعن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء[7]
    الجواب عن العلة الأولى:
    أن هذه ليست بعلة لإمور ثلاث:
    1-أن سفيان الثوري وإن كان أتقن من الأعمش إلا أن الأعمش أحفظ منه،فهى زيادة ثقة مقبوله.
    2-أن الإمام ابن تيمية لم يجعل حديث الثوري المرسل معارضا لحديث الأعمش المسند المرفوع.
    قال رحمه الله :(عطاء بن أبي رباح إذا أرسل هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فلابد أن يكون قد سمعه من أحد، وإذا كان في أحد الطريقين قد بين أنه أخذه عن ابن عمر كان هذا بيانا وتفسيرا لما تركه وحذفه من الطريق الأخرى، ولم يكن هذا اختلافا أصلا)[8].
    3- أن الإمام أحمد ذكر أن الثوري رواه موقوفا على ابن عمر ففي ترجمة أبي إسحاق ابن شاقلا ت 369 هـ قال: وأما أحمد بن حنبل فذكر أن الثوري أوقفه على ابن عمر[9] .
    وفي قال المروذي : قلت لأبي عبدالله : كيف تقول في حديث النبي صلى الله عليه وسلم"خلق آدم على صورته"؟
    قال الأعمش : يقول : عنحبيب بن أبي ثابت , عن عطاء , عن ابن عمر (إن الله خلق آدم علىصورة الرحمن)فأما الثوري فأوقفه يعني حديث ابن عمر[10] .
    وهذا يخالف ما أخرجه ابنخزيمة في التوحيد ( 1/86 ) من طريق سفيان الثوري , عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاءمرسلاً ,.
    وبهذا يجاب عن الطريق الثاني،أقول ولعل الإمام أحمد يقصد بالوقف الإرسال.
    الجواب عن العلة الثانية:
    أن الأعمش من المقلين من التدليس ،وذكره الحافظ ابن حجر في مراتب المدلسين في المرتبة الثانية أي ممن يحتمل تدلسيهم [11].
    الجواب عن العلة الرابعة:
    يجاب عنها بأن جرير بن عبدالحميد الضبي يحدث من كتابه غالبا والتغير الذي حصل له لاتصح نسبته إليه،وإنما هو وهم!
    قال أبو حاتم :صدوق ،تغير قبل موته وحجبه أولاده.
    قال الذهبي:وكذا نقل أبوالعباس النباتي هذا الكلام في ترجمة جرير بن عبدالحميد وإنما المعروف هذا عن جرير بن حازم[12].
    وقال ابن حجر وذكر صاحب الحافل[13]:عن أبي حاتم :أنه تغير قبل موته فحجبه أولاده.وهذا ليس بمستقيم،فإن هذا إنما وقع لجرير بن حازم،فكأنه اشتبه على صاحب الحافل[14].
    أقول والذي يظهر أن هذا هو عمدة الإمام البيهقي، فلم أجد أحدا ذكر هذا غيره.
    والطريق الثالث: ضعيف , في سنده عبدالله بن لهيعة , والمحفوظ في الحديث مارواه أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرةبلفظ )على صورته)عند أحمد(2/244) !
    فالخلاصة أن الحديث معلول بالإرسال وعنعنة حبيب بن أبي ثابت وحديثه أيضا عن عطاء ليس بمحفوظ وعطاء لم يسمع من ابن عمر نص على ذلك أحمد وابن المديني.




    فصل في من صحح الحديث

    1- الإمام أحمد. قال إسحاق الكوسج سمعت أحمد يقول: هذا الحديث صحيح[15].
    2-الإمام إسحاق ابن راهوية .قال حرب الكرماني في كتاب السنة سمعت إسحاق بن راهويه يقول:صح أن الله خلق آدم على صورة الرحمن [16]،وقال:صحيح وألايدعه إلامبتدع أوضعيف الرأي[17].
    وفي ترجمة أبي إسحاق ابن شاقلا (ت 369 هـ) قال:وهذا الحديث يذكر عن إسحاق بن راهويه: أنه صحيح مرفوع [18].
    3- وأبوعبدالله الحاكم في المستدرك(2/48)قال:هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
    4- ابن تيمية في نقض التأسيس في دفاعه عن هذا الحديث.
    5- الحافظ الذهبي في السير (5/450) قال:صح من حديث ابن عمر.
    6- الحافظ ابن حجر في الفتح (5/226)قال: رجاله ثقات [19].-[20]
    أقول وقد جاء الحديث من رواية كل من :
    *معمرعن همام بن منبه عن أبي هريرة مرفوعا عند البخاري(3326)(6227)ومسلم( 7163) بلفظ: (خلق الله أدم على صورته،طوله سبعون ذراعا... الحديث)
    *ورواه قتادة عن أبي أيوب المراغي عن أبي هريرة مرفوعا عند مسلم (6655) بلفظ : (إذا فاتل أحدكم أخاه ،فليجتنب الوجه ،فإن الله خلق أدم على صورته).
    *ورواه أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة عند أحمد(2/244)،وابن حبان في صحيحه(5605)إحسان بلفظ:"إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه،فإن الله خلق أدم على صورته
    *ورواه محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عند البخاري في الأدب المفرد(173)بلفظ:"لاتقولن قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك،فإن الله عزوجل خلق أدم صلى الله عليه على صورته"



    وقد جاء عن الإمام مالك رحمه الله إنكار الحديث !

    فروى العقيلي في كتاب الضعفاء (2/647)عن مقدام بن داود قال ثنا أبو زيد أحمد بن أبي الغمر والحارث بن مسكين قالا حدثنا عبدالرحمن بن القاسم قال سألت مالك عن من يحدث بالحديث الذي قالوا إن الله خلق أدم على صورته فأنكر ذلك مالك إنكارا شديدا ،ونهى أن يتحدث به أحد ،فقيل له كإن ناسا من أهل العلم يتحدثون به،فقال :من هم؟ فقيل محمد بن عجلان وأبي الزناد فقال:لم يكن يعرف ابن عجلان هذه الأشياء ولم يكن عالما وذكر أبا الزناد فقال إنه لم يزل عاملا لهؤلاء حتى مات وكان صاحب عمال يتبعهم .
    أقول الحديث لم ينفرد به محمد بن عجلان فقد توبع عليه.[21]
    قال الإمام الذهبي في ميزان الاعتدال (2/419):
    الحديث في أن الله خلق آدم على صورته لم ينفرد به ابن عجلان ، فقد رواه همام ، عن قتادة ، عن أبى موسى أيوب(أقول الصواب:أبوأيوب يحيى بن مالك المراغي)، عن أبى هريرة . ورواه شعيب ، وابن عيينة ، عن أبى الزناد ، عن الاعرج ، عن أبى هريرة . ورواه معمر ، عن همام ، عن أبى هريرة . ورواه جماعة كالليث بن سعد وغيره ، عن ابن عجلان ، عن المقبرى ، عن أبى هريرة . ورواه شعيب أيضا وغيره ، عن أبى الزناد ، عن موسى بن أبى عثمان ، عن أبى هريرة . ورواه جماعة عن ابن لهيعة ، عن الاعرج ، وأبى يونس ، عن أبى هريرة . ورواه جرير ، عن الاعمش ، عن حبيب بن أبى ثابت ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . وله طرق أخر ، قال حرب : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آدم خلق على صورة الرحمن . وقال الكوسج : سمعت أحمد ابن حنبل يقول : هذا الحديث صحيح . قلت : وهو مخرج في الصحاح . وأبو الزناد فعمدة في الدين ، وابن عجلان صدوق من علماء المدينة وأجلائهم . ومفتيهم ، وغيره أحفظ منه
    وقال في سير أعلام النبلاء (5/450) :
    الخبر لم ينفرد به ابن عجلان ، بل ولا أبو الزناد ، فقد رواه شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد ، ورواه قتادة . عن أبي أيوب المراغي ، عن أبي هريرة ، ورواه ابن لهيعة ، عن الأعرج وأبي يونس ، عن أبي هريرة ، ورواه معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، وصح أيضا من حديث ابن عمر . وقد قال إسحاق بن راهويه عالم خراسان : صح هذا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم. فهذا الصحيح مخرج في كتابي البخاري ومسلم.
    وقد عذر الذهبي الإمام مالك في ذلك فقال في السير(8/104):(أنكر الإمام مالك ذلك،لأنه لم يثبت عنده ولااتصل به فهو معذور ...



    فصل


    في اختلاف أهل العلم إلى ما يعود إليه الضمير في قوله عليه الصلاة والسلام :"خلق الله أدم على صورته"

    القول الأول:
    خلق الله آدم على صورته أي على صورة آدم!
    أي أن الله صور صورة أدم قبل خلقه ثم خلقه على تلك الصورة!
    *وهذا القول ذكرللإمام أحمد عن بعض محدثي البصرة [22].
    *وعزاه ابن قتيبة إلى قوم من أصحاب الكلام[23].
    *وقال به أبوثور إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي الفقيه ،كما في ترجمة عبدالوهاب الوراق المتوفى سنة 251هـ[24] ،وفي ترجمة أبي جعفر الوراق المعروف "بحمدان" المتوفى سنة 271هـ[25]
    *وقال به أيضا محمد بن حبان البستي ("والهاء" راجعة إلى آدم...)[26]..
    *واختاره فخر الدين الرازي[27]
    وقد روى هذا عن الإمام أحمد ، وألا يصح عنه لأمرين :
    أولا: أنكر الحافظ الذهبي ذلك عن الإمام احمد وأبطله .
    في ترجمة حمدان بن الهيثم،قال الإمام الذهبي : أتى بشيء منكرا عن أحمد بن حنبل في معنى قوله عليه السلام:(إن الله خلق أدم على صورته).
    زعم أنه قال على صور الله صورة أدم قبل خلقه،ثم خلقه على تلك الصورة،فأما أن يكون خلق الله أدم على صورته فلا،فقد قال تعالى : (ليس كمثله شيء).
    قال يحيى بن منده في مناقب أحمد قال المظفر بن أحمد الخياط في كتاب السنة وحمدان بن الهيثم يزعم أن احمد قال صور الله صورة أدم قبل خلقه،وأبو الشيخ فوثقه في كتاب الطبقات.
    ثانيا : أن الإمام أحمد صح عنه خلاف هذا القول[28]!
    فقد قال الحافظ الذهبي ويدل على بطلان روايته مارواه حمدان بن علي الوراق الذي هو أشهر من حمدان بن الهيثم،وأقدم أنه سمع أحمد بن حنبل ، وسأله رجل عن حديث "خلق أدم على صورته"على صورة ادم!
    فقال أحمد: فأين الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم"إن الله خلق ادم على صورة الرحمن"؟!ثم قال أحمد :وأي صورة لأدم قبل أن يخلق.[29]
    والضمير لوكان عائدا إلى أدم فإن المعنى لايستقيم،والا فائدة من ذلك !
    وقد أنكر ذلك الإمام أحمد في رواية أبي طالب وقال :من قال إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي،وأي صورة لأدم قبل أن يخلق[30].
    قال ابن قتيبة : ولو كان المراد هذا , ما كان في الكلام فائدة , ومن يشك في أن الله تعالى خلق الإنسان على صورته , والسباع على صورها , الأنعام على صورها ؟![31]
    قال الإمام ابن تيمية :
    ( أنه إذا قيل : إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورة آدم , أولا تقبحوا الوجه , ولا يقل أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك ,فإن الله خلق آدم على صورة آدم , كان هذا من أفسد الكلام , فإنه لا يكون بين العلة والحكم مناسبة أصلاً , فإن كون آدم مخلوقاً على صورة آدم , فأي تفسير فسر به فليس في ذلك مناسبة للنهي عن ضرب وجوه بنية , ولا عن تقبيحها وتقبيح ما يشبهها , وإنما دخل التلبيس بهذا التأويل حيث فرق الحديث المروي (،فروى قوله ( إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه) مفرداً , وروي قوله ( إن الله خلق آدم على صورته ) مفرداً , أما مع أداء الحديث على وجهه فإن عود الضمير إلى آدم يمتنع فيه , وذلك أن خلق آدم على صورة آدم سواء كان فيه تشريف لآدم أو كان فيه إخبار مجرد بالواقع فلا يناسب هذا الحكم)[32]
    فذكر ثلاثة وعشرون وجها تدل على فساد هذا القول وبطلانه ،بمالامزيد عليه فانظرها5.
    قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين[33]: إذا كان الضمير راجع إلى أدم فلا فائدة من ذلك،بأنه إذا ليس يشك أحد أن الله خالق كل شيء على صورته وأنه خلق الأنعام والسباع على صورها فأي فائدة في الحمل على ذلك؟!
    القول الثاني :
    أن الضمير يعود للمضروب وقال بهذا القول :
    *الإمام محمد بن خزيمة قال رحمه الله:معنى قوله(خلق أدم على صورته)الهاء في هذا الموضع كناية عن اسم المضروب والمشتوم أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله خلق آدم على صورة هذا المضروب![34]
    *وابن حبان قال عن الحديث: (يريد به صورة المضروب , لأن الضارب إذا ضرب وجه أخيه المسلم ضرب وجهاً خلق الله آدم على صورته([35]
    * وأبوالشيخ الأصفهاني [36].
    *وعزاه الحافظ ابن حجر للأكثر[37].
    وقد رد الإمام أحمد ذلك ففي كتاب السنة للطبراني حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال :قال رجل لأبي إن رجلا قال: خلق آدم على صورته أي صورة الرجل فقال كذب هو قول الجهمية وأي فائدة في هذا![38]
    وقد رد هذا القول الإمام ابن تيمية من ثلاثة عشرة وجها في كلام نفيس جدا لامزيد عليه[39].
    وقال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين:وردتأويله بأن الضمير عائد على ابن أدم المضروب بأنه لافائدة فيه إذ الخلق عالمون بأن أدم خلق على خلق ولده وأن وجهه كوجوههم ،فيرد على هذا التوجيه كله بالرواية المشهورة " لا تقبحوا الوجه , فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن"[40]في
    القول الثالث: أن هذا من باب إضافة الخلق إليه قال الإمام ابن خزيمة في الكلام على حديث: )خلق الله أدم على صورة الرحمن):معنى هذا الخير عندنا أن إضاقة الصورة إلى الرحمن في هذا الخبر إنما هو من إضافة الخلق إليه لأن الخلق يضاف إلى الرحمن ،وكذلك الصورة تضاف إلى الرحمن لأن الله صورها ،ألم تسمع قوله عزوجل (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه...)[41].
    قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في الكلام على حديث: ( خلق الله أدم على صورته):
    الإضافة هنا من باب إضافة المخلوق إلى خالقه فقوله (على صورته) مثل قوله في آدم (ونفخت فيه من روحي ) ولا يمكن أن الله عز وجل أعطى آدم جزءاً من روحه بل المراد الروح التي خلقها الله عز وجل لكن إضافتها إلى الله بخصوصها من باب التشريف كما نقول: عباد الله،يشمل الكافر والمسلم والمؤمن والشهيد والصديق والنبي،لكننا لو قلنا :محمد بن عبد الله هذه إضافة خاصة ليست كالعبودية السابقة فقوله :( خلق آدم على صورته) يعني صورة من الصور التي خلقها الله وصورها،كما قال تعالى : (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم)والمصور آدم،
    إذا: فآدم على صورة الله يعني أن الله هو صوره على هذه الصورة التي تعد أحسن صورة في المخلوقات (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) فإضافة الصورة إليه من باب التشريف كأنه عز وجل اعتنى بهذه الصورة ومن أجل ذلك لا تضرب الوجه فتعيبه حساً ،ولا تقبحه فتقول :قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك ،فتعيبه معنى فمن أجل أنه الصورة التي صورها الله وأضافها إلي نفسه تشريفاً وتكريما ًلا تقبيحها بعيب حسي ولا بعيب معنوي .ثم هل يعتبر هذا الجواب تحريفا أم له نظير؟ نقول له نظير، كما :في بيت الله ،وناقة الله،وعبد الله ،لأن هذه الصورة (أي :صورة آدم )منفصلة بائنة من الله، وكل شيء أضافه إلى نفسه وهو منفصل بائن عنه فهو من المخلوقات . [42]
    والصواب أن هذا من باب من باب إضافة الصفات إليه ومن باب إضافة الصفة إلى موصوفها .
    وقد رد الإمام ابن تيمية هذا القول من عشرة وجوه[43]
    وقد رجح الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله أن الأسلم حمل الحديث على ظاهره ، وأنه لايلزم من كون الشيء على صورة شيء أن يكون مماثلا له من كل وجه
    وقال رحمه الله :مادمنا نجد أن لظاهر الحديث مساغا في اللغة العربية وإمكانا في العقل،فالواجب حمل الكلام عليه،ونحن وجدنا أن الصورة لايلزم منها مماثلة الصورة الأخرى ،وحينئذ يكون الأسلم أن نحمله على ظاهره[44].
    القول الرابع: أن الضمير يعود إلى الله عزوجل ،وهذا يقتضي نوعا من المشابهه فقط،وألايقتضي تماثلا لافي حقيقة وألاقدر ،وألايلزم من كون الشيء على صورة شيء أخر أن يكون مماثلا له،فيثبت الحديث من غير تكييف وألا تمثيل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)وهو مذهب أهل السنة والجماعة
    * قال الإمام أحمد :نقول كما في الحديث.[45]
    وقال:لانفسره مالنا أن نفسره. كماجاء الحديث 1
    *وإسحاق بن راهوية
    * عبدالله بن الزبير الحميدي وسفيان بن عيينه.
    قال الإمام أحمد سمعت الحميدي وحدثنا سفيان بهذا الحديث(خلق أدم على صورة الرحمن)ويقول هذا حق ويتكلم وابن عيينه ساكت قال:ماينكر ابن عيينه قوله[46].
    * ابن قتيبة الدينوري قال رحمه الله:(والذي عندي والله أعلم أن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين ، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن ، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن ، ونحن نؤمن بالجميع ، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد)[47]
    * الإمام الآجري قال رحمه الله :هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها ولايقال فيها كيف؟ولم؟بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر[48].
    *القاضي محمد بن الحسين أبويعلى الفراء قال رحمه الله:ليس في حمله على ظاهره مايزيل صفاته ولايخرجها عما تستحقه لأننا نطلق تسمية الصورة عليه لا كالصور كما أطلقنا تسمية ذات ونفس لاكالذوات والأنفس [49]
    وقال: ونقر بأن الرحمن خلق آدم على صورته رواه أحمد بن حنبل وابن خزيمة وغيرهما[50].
    *وأبوالقاسم إسماعيل بن محمد الأصبهاني الملقب بقوام السنة المتوفى سنة 535هـ
    قال:أخطأ ابن خزيمة في حديث الصورة،ولايطعن عليه بذلك،بل لايؤخذ عنه فحسب[51].
    *الإمام النووي قال:من العلماء من يمسك عن تأويلها ويقول: بأنها حق وأن ظاهرها غير مراد ،ولها معتى يليق بها ،وهذا مذهب جمهور السلف،وهو أحوط وأسلم ،والثاني:أنها تتأول على حسب مايليق بتنزيه الله تعالى ،وأنه ليس كمثله شيء[52].
    * الإمام ابن تيمية قال: ( لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى ، فإنه مستفيض من طرق متعددة ، عن عدد من الصحابة ، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك)
    وقال رحمه الله :( لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة جعل طائفة الضمير فيه عائدا إلى غير الله تعالى ، حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة في عامة أمورهم ، كأبي ثور وابن خزيمة وأبي الشيخ الأصفهاني وغيرهم ، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة) [53]
    * الإمام الذهبي قال : أما معنى حديث الصورة فنرد علمه إلى الله ورسوله ونسكت كما سكت السلف مع الجزم بأن الله ليس كمثله شئ[54]
    وقال:. فنؤمن به ونفوض ونسلم ولا نخوض فيما لا يعنينا مع علمنا بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[55].
    * الحافظ ابن حجر قال :فتعين إجراء مافي ذلك على ماتقرر بين أهل السنة من إمراره كماجاء من غير اعتقاد تشبيه ،أو من تأويله على مايليق بالرحمن جل جلاله[56]- [57].


    والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.






    [1] كتاب التوحيد(1/87)

    [2]التهذيب(2/348)

    [3] الضعفاء (1/284)

    [4] تهذيب التهذيب(3/103)،المراسيل لابن أبي حاتم(237)

    [5]التهذيب(3/103)،جامع التحصيل للعلائي(237).

    [6] الميزان(1/394)

    [7] أطراف الغرائب والأفراد لابن طاهر(1/546)

    [8] نقض التأسيس(2/1148 )

    [9] طبقات الحنابلة (3/235)

    [10] كتاب المنتخب من العلل للخلال لابن قدامة(256)

    [11] تعريف أهل التقديس(33)

    [12] الميزان(1/394)

    [13] هو أبوالعباس النباتي ابن الرومية متوفى سنة637هـ وقد اختصر كتاب الكامل وعمل عليه تذييل سماه الحافل.

    [14] التهذيب(1/297)

    [15]ميزان الاعتدال(2/420) فتح الباري(5/226).

    [16] المنتخب من العلل للخلال (165) لابن قدامة.

    [17] كتاب السنة للخلال

    [18] كتاب طبقات الحنابلة (3/235) ،ميزان الاعتدال(2/420)،فتح الباري(5/226)

    [19] والحديث صححه جمع من أهل العلم المعاصرين
    الشيخ حمود التويجري في كتاب عقيدة أهل الإيمان في خلق أدم على صورة الرحمن
    والشيخ عبدالله الدويش رحمه الله في كتاب تنبيه القاري لتقوية ماضعفه الألباني (139).وكتاب دفاع أهل السنة والإيمان عن حديث خلق أدم على صورة الرحمن.والشيخ حماد الأنصاري في مقال تعريف أهل الإيمان بصحة حديث صورة الرحمن.
    والشيخ سليمان العلوان في كتاب القول المبين في إثبات الصورة لرب العالمين

    [20] وهذه العبارة لاتدل على تصحيح الحديث فكون رجال السند كلهم ثقات لايلزم من ذلك صحة الحديث!

    [21] وقد تكلم في المقدام بن داود،قال عنه النسائي :ليس بثقة. ينظر كتاب عقيدة أهل الإيمان في خلق أدم على صورة الرحمن للشيخ حمود التويجري(9)،والسلسلة الضعيفة للألباني(3/320)


    [22] نقض التأسيس(2/1145)

    [23] تأويل مختلف الحديث(318)

    [24] طبقات الحنابلة(2/90).

    [25] طبقات الحنابلة(2/ 336).

    [26] صحيح ابن حبان (14/34)إحسان

    [27] نقض التأسيس(2/1128) وفي (2/1156)ذكر رحمه الله أن هذه التأويلات سبق بها الرازي، وقد نقلها من كتاب ابن فورك ونحوه، قال:وهم أيضا مسبوقون بها !

    [28] ميزان الإعتدال (1/602)

    [29]ميزان الإعتدال (1/602) وينظر طبقات الحنابلة(3/233)

    [30]إبطال التأويلات (1/75)،وطبقات الحنابلة(2/ 336)، ميزان الإعتدال (1/60 2)

    [31] تأويل مختلف الحديث (318)

    [32] نقض التأسيس(2/1145)

    [33] الدرر السنية(2/260)

    [34] في التوحيد(1/84) (1/95)والعجيب أن من أهل العلم من جعل ذلك مكذوبا على ابن خزيمة!
    قال الإمام ابن تيمية في نقض التأسيس(2/1138) :قد نقل عن أبي الحسن محمد بن عبدالملك الكرخي الشافعي أنه قال في كتابه " الفصول في الأصول ع ن الأئمة الفحول إلزاماً لذوي البدع والفضول " فأما تأويل من لم يتابعه عليه الأئمة فغير مقبول , وإن صدر ذلك التأويل عن إمام معروف غير مجهول , نحو ما ينسب إلى أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة تأويل الحديث (خلق آدم على صورته ) فإنه يفسر ذلك بذلك التأويل , ولم يتابعه عليه من قبله من أئمة الحديث , لما رويناه عن أحمد رحمه الله تعالى , ولم يتابعه أيضاً من بعده حتى رأيت في كتاب الفقهاء للعبادي الفقيه أنه ذكر الفقهاء وذكر عن كل واحد منهما مسألة تفرد بها فذكر الإمام ابن خزيمة وأنه تفرد بتأويل هذا الحديث خلق أدم على صورته على أني سمعت عدة من المشايخ رووا أن ذلك التأويل مزور مربوط على ابن خزيمة وإفك افترى عليه فهذا وأمثال ذلك من التأويل لانقبله والا نلتفت إليه بل نوافق ونتابع مااتفق الجمهور عليه.

    [35] صحيح ابن حبان ( 12/420(إحسان

    [36] نقض التأسيس لابن تيمية(2/1132)

    [37] في فتح الباري(5/226)

    [38] الفتح(5/226).

    [39] نقض التأسيس(2/1142)

    [40] الدرر السنية(2/260)

    [41] كتاب التوحيد(1/ 100)

    [42] شرح العقيدة الواسطية(1/109)

    [43] نقض التأسيس (2/1175)

    [44] شرح العقيدة الواسطية(1/110)

    [45] ينظر طبقات الحنابلة(2/233) (2/336) (3/235)، المنتخب من العلل للخلال (265) لابن قدامة. ميزان الاعتدال(2/420) فتح الباري(5/226)

    [46] كتاب السنة لعبدالله بن الإمام أحمد (1/268)

    [47] تأويل مختلف الحديث (322)

    [48] الشريعة( )

    [49] إبطال التأويل(1/75)

    [50] كتاب الاعتقاد(27)

    [51] نقض التأسيس (2/1139)،وسير أعلام النبلاء(20/88)

    [52] شرحه على مسلم (16/ 381)

    [53] في نقض التأسيس (2/1131)و(2/1132)

    [54] ميزان الاعتدال (2/419)
    6سير أعلام النبلاء (5/450) وقال في (14/374):عن الإمام ابن خزيمة "تأول في ذلك حديث الصورة فليعذر من تأول بعض الصفات وأما السلف فماخاضوا في التأويل بل كفوا وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله..."



    [56] الفتح(5/226) وقد اضطرب قول الحافظ ابن حجر في ذلك انظر الفتح(11/6)(5/226)

    [57] للإستزاده ينظر نقض التأسيس للإمام ابن تيمية ،الإعتقاد وإبطال التأويلات كلاهما لأبي يعلى الحنبلي، كتاب عقيدة أهل الإيمان في خلق أدم على صورة الرحمن للشيخ حمود التويجري ،شرح الواسطية للشيخ محمد بن عثيمين (1/109)،كتاب تنبيه القاري لتقوية ماضعفه الألباني.،وكتاب دفاع أهل السنة والإيمان عن حديث خلق أدم على صورة الرحمن للشيخ عبدالله الدويش،. مقال تعريف أهل الإيمان بصحة حديث صورة الرحمن. للشيخ حماد الأنصاري،كتاب القول المبين في إثبات الصورة لرب العالمينللشيخ سليمان العلوان،وكتاب تقييد الشوارد من القواعد والفوائد للشيخ عبدالعزيز الراجحي(5).
    وكتبه

    سعد بن ضيدان السبيعي


    16/3/1430هـ
    التعديل الأخير تم بواسطة طائر السنونو; الساعة 13-12-2010, 02:37 PM.

  • #2
    رد: اتحاف الخلان بالكلام على حديث خلق أدم على صورة الرحمن


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ومن والاه وبعد فقد قرأت معظم هذا البحث فوجدته جيدا ً موافق لما درسنا من عقيدة أهل السنة والجماعة فأحببت أن تعم الفائدة



    اتحاف الخلان


    في الكلام على حديث خلق آدم على صورة الرحمن





























    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، أما بعد :
    فهذا المبحث تكلمت فيه على حديث "خلق أدم على صورة الرحمن" فقمت بتخريجه، وجمع طرقه، والكلام على علله ،وبيان من صححه من العلم، ومن ضعفه.
    ثم تكلمت على معنى هذا الحديث ،وماجاء في معناه من أحاديث،ومايدل عليه ،وذكرت أقوال المخالفين وماجاء في الرد عليهم.


    وقد أسميته بـ"اتحاف الخلان بالكلام على حديث خلق أدم على صورة الرحمن"

    ومن أنفس ماكتب في الكلام على الحديث ، وماجاء في معناه من أحاديث ،كحديث أبي هريرة مرفوعا عند البخاري(3326)(6227)ومسلم( 7163): (خلق الله أدم على صورته،طوله سبعون ذراعا... الحديث)
    ماكتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم "بيان تلبيس الجهمية" في رده على الرازي
    فقد بين رحمه الله أنه لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في هذا الحديث عائد إلى الله تعالى،وأن سياق الأحاديث كلها تدل على ذلك.
    ثم أوضح المسألة بما لامزيد عليه، فرد على المخالفين القائلين بأن الضمير في الحديث يعود على أدم عليه السلام من ثلاثة وعشرون وجها،ورد على من قال بأن الضمير في الحديث يعود على المضروب من ثلاثة عشر وجها.
    وأثبت أن الضمير يعود على الله عزوجل،ودافع عن حديث"خلق أدم على صورة الرحمن" ،فراجعه فإنه مهم.
    أقول وأليس الشأن هنا إثبات الصورة لله عز وجل فهذا له موضع آخر،فالنصوص في إثبات الصورة لله جل في علاه متواترة في السنة ،وأجمع على ذلك سلف الأمة.
    إنما الشأن الكلام على حديث:(خلق آدم على صورة الرحمن)،وحديث: (خلق الله آدم على صورته)،أسأل الله أن ينفع به، ويجعله خالصا لوجهه الكريم،وأن ينفع به،آمين.


    والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.



    صحة حديث :( إن الله خلق آدم على صورة الرحمن)

    الحديث جاء من ثلاثة طرق :
    الطريق الأول:
    أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة ( 498 ) , وابن أبي عاصم في السنة ( 529)،والحارث في مسنده (24)،وابن خزيمة في التوحيد(44)،و الآجري في الشريعة ( 725 )(3/1152)،والطبراني في الكبير(13404)، والدارقطنيفي الصفات ( 50 ) ,والحاكم في المستدرك(3296)،والبيهقي في الأسماء والصفات ( 432 )،وابن بطة في الإبانة(2573) كلهم من طريق جرير بن عبدالحميدعن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء , عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : (لا تقبحوا الوجه , فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن).
    الطريق الثاني:
    أخرجه ابن خزيمة في التوحيد( 45) من طريق سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء مرسلا بلفظ: (لا تقبحوا الوجه , فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن)
    الطريق الثالث :
    أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة (1243) وابن أبي عاصم في السنة ( 533 ) وابن بطة في الإبانة(2575)
    من طريق عبدالله بنلهيعة عن أبي يونس سليم بن جبير عن أبي هريرةرضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من قاتل فليجتنب الوجه , فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن).
    والدارقطني في الصفات(51)من طريق ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة.
    أقول هذا الحديث بطريقه الأول أعله الإمام ابن خزيمة [1]بعلل ثلاث:
    الأولى :أن الثوري قد خالف الأعمشفي إسناده , فأرسله الثوري ولم يقل عن ابن عمر.
    الثانية:أن الأعمش مدلس لم يذكر أنه سمعه منحبيب بن أبي ثابت .
    الثالثة:أن حبيب بن أبيثابت أيضاً مدلس لم يعلم أنه سمعه من عطاء
    أقول والعلة الرابعة:
    حديث حبيب بن أبي ثابت عن عطاء ليس بمحفوظ.
    قال يحيى بن سعيد القطان عن حبيب بن أبي ثابت:حديثه عن عطاء ليس بمحفوظ.[2] وقال العقيلي:وله عن عطاء أحاديث لايتابع عليها منها حديث عائشه لاتسبخي عنه[3].
    والعلة الخامسة:
    في سماع عطاء بن أبي رباح من ابن عمر.قال الإمام أحمد:لم يسمع عطاء من ابن عمر.[4].
    وقال علي بن المديني:رأى ابن عمر ولم يسمع منه [5]
    مع أن عطاء قد رأى ابن عمر كما عند البخاري معلقا، وذكر الطبراني أحاديث فيها تصريح عطاء بالسماع من ابن عمر والا يصح منها شيء.
    والعلة السادسة:
    جرير بن عبدالحميد الضبي نسب في أخر عمره إلى سوء الحفظ.
    قال الذهبي ذكر البيهقي في سننه في ثلاثين حديثا لجرير بن عبدالحميد قال : قد نسب في أخر عمره إلى سوء الحفظ[6].
    أقول وقد تفرد به أيضا عن الأعمش!
    قال الدارقطني :حديث لاتقبحوا الوجه تفرد به جرير بن عبدالحميدعن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء[7]
    الجواب عن العلة الأولى:
    أن هذه ليست بعلة لإمور ثلاث:
    1-أن سفيان الثوري وإن كان أتقن من الأعمش إلا أن الأعمش أحفظ منه،فهى زيادة ثقة مقبوله.
    2-أن الإمام ابن تيمية لم يجعل حديث الثوري المرسل معارضا لحديث الأعمش المسند المرفوع.
    قال رحمه الله :(عطاء بن أبي رباح إذا أرسل هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فلابد أن يكون قد سمعه من أحد، وإذا كان في أحد الطريقين قد بين أنه أخذه عن ابن عمر كان هذا بيانا وتفسيرا لما تركه وحذفه من الطريق الأخرى، ولم يكن هذا اختلافا أصلا)[8].
    3- أن الإمام أحمد ذكر أن الثوري رواه موقوفا على ابن عمر ففي ترجمة أبي إسحاق ابن شاقلا ت 369 هـ قال: وأما أحمد بن حنبل فذكر أن الثوري أوقفه على ابن عمر[9] .
    وفي قال المروذي : قلت لأبي عبدالله : كيف تقول في حديث النبي صلى الله عليه وسلم"خلق آدم على صورته"؟
    قال الأعمش : يقول : عنحبيب بن أبي ثابت , عن عطاء , عن ابن عمر (إن الله خلق آدم علىصورة الرحمن)فأما الثوري فأوقفه يعني حديث ابن عمر[10] .
    وهذا يخالف ما أخرجه ابنخزيمة في التوحيد ( 1/86 ) من طريق سفيان الثوري , عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاءمرسلاً ,.
    وبهذا يجاب عن الطريق الثاني،أقول ولعل الإمام أحمد يقصد بالوقف الإرسال.
    الجواب عن العلة الثانية:
    أن الأعمش من المقلين من التدليس ،وذكره الحافظ ابن حجر في مراتب المدلسين في المرتبة الثانية أي ممن يحتمل تدلسيهم [11].
    الجواب عن العلة الرابعة:
    يجاب عنها بأن جرير بن عبدالحميد الضبي يحدث من كتابه غالبا والتغير الذي حصل له لاتصح نسبته إليه،وإنما هو وهم!
    قال أبو حاتم :صدوق ،تغير قبل موته وحجبه أولاده.
    قال الذهبي:وكذا نقل أبوالعباس النباتي هذا الكلام في ترجمة جرير بن عبدالحميد وإنما المعروف هذا عن جرير بن حازم[12].
    وقال ابن حجر وذكر صاحب الحافل[13]:عن أبي حاتم :أنه تغير قبل موته فحجبه أولاده.وهذا ليس بمستقيم،فإن هذا إنما وقع لجرير بن حازم،فكأنه اشتبه على صاحب الحافل[14].
    أقول والذي يظهر أن هذا هو عمدة الإمام البيهقي، فلم أجد أحدا ذكر هذا غيره.
    والطريق الثالث: ضعيف , في سنده عبدالله بن لهيعة , والمحفوظ في الحديث مارواه أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرةبلفظ )على صورته)عند أحمد(2/244) !
    فالخلاصة أن الحديث معلول بالإرسال وعنعنة حبيب بن أبي ثابت وحديثه أيضا عن عطاء ليس بمحفوظ وعطاء لم يسمع من ابن عمر نص على ذلك أحمد وابن المديني.





    فصل في من صحح الحديث

    1- الإمام أحمد. قال إسحاق الكوسج سمعت أحمد يقول: هذا الحديث صحيح[15].
    2-الإمام إسحاق ابن راهوية .قال حرب الكرماني في كتاب السنة سمعت إسحاق بن راهويه يقول:صح أن الله خلق آدم على صورة الرحمن [16]،وقال:صحيح وألايدعه إلامبتدع أوضعيف الرأي[17].
    وفي ترجمة أبي إسحاق ابن شاقلا (ت 369 هـ) قال:وهذا الحديث يذكر عن إسحاق بن راهويه: أنه صحيح مرفوع
    [18].
    3- وأبوعبدالله الحاكم في المستدرك(2/48)قال:هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
    4- ابن تيمية في نقض التأسيس في دفاعه عن هذا الحديث.
    5- الحافظ الذهبي في السير (5/450) قال:صح من حديث ابن عمر.
    6- الحافظ ابن حجر في الفتح (5/226)قال: رجاله ثقات [19].-[20]
    أقول وقد جاء الحديث من رواية كل من :
    *معمرعن همام بن منبه عن أبي هريرة مرفوعا عند البخاري(3326)(6227)ومسلم( 7163) بلفظ: (خلق الله أدم على صورته،طوله سبعون ذراعا... الحديث)
    *ورواه قتادة عن أبي أيوب المراغي عن أبي هريرة مرفوعا عند مسلم (6655) بلفظ : (إذا فاتل أحدكم أخاه ،فليجتنب الوجه ،فإن الله خلق أدم على صورته).
    *ورواه أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة عند أحمد(2/244)،وابن حبان في صحيحه(5605)إحسان بلفظ:"إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه،فإن الله خلق أدم على صورته
    *ورواه محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عند البخاري في الأدب المفرد(173)بلفظ:"لاتقولن قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك،فإن الله عزوجل خلق أدم صلى الله عليه على صورته"




    وقد جاء عن الإمام مالك رحمه الله إنكار الحديث !

    فروى العقيلي في كتاب الضعفاء (2/647)عن مقدام بن داود قال ثنا أبو زيد أحمد بن أبي الغمر والحارث بن مسكين قالا حدثنا عبدالرحمن بن القاسم قال سألت مالك عن من يحدث بالحديث الذي قالوا إن الله خلق أدم على صورته فأنكر ذلك مالك إنكارا شديدا ،ونهى أن يتحدث به أحد ،فقيل له كإن ناسا من أهل العلم يتحدثون به،فقال :من هم؟ فقيل محمد بن عجلان وأبي الزناد فقال:لم يكن يعرف ابن عجلان هذه الأشياء ولم يكن عالما وذكر أبا الزناد فقال إنه لم يزل عاملا لهؤلاء حتى مات وكان صاحب عمال يتبعهم .
    أقول الحديث لم ينفرد به محمد بن عجلان فقد توبع عليه.[21]
    قال الإمام الذهبي في ميزان الاعتدال (2/419):
    الحديث في أن الله خلق آدم على صورته لم ينفرد به ابن عجلان ، فقد رواه همام ، عن قتادة ، عن أبى موسى أيوب(أقول الصواب:أبوأيوب يحيى بن مالك المراغي)، عن أبى هريرة . ورواه شعيب ، وابن عيينة ، عن أبى الزناد ، عن الاعرج ، عن أبى هريرة . ورواه معمر ، عن همام ، عن أبى هريرة . ورواه جماعة كالليث بن سعد وغيره ، عن ابن عجلان ، عن المقبرى ، عن أبى هريرة . ورواه شعيب أيضا وغيره ، عن أبى الزناد ، عن موسى بن أبى عثمان ، عن أبى هريرة . ورواه جماعة عن ابن لهيعة ، عن الاعرج ، وأبى يونس ، عن أبى هريرة . ورواه جرير ، عن الاعمش ، عن حبيب بن أبى ثابت ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . وله طرق أخر ، قال حرب : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آدم خلق على صورة الرحمن . وقال الكوسج : سمعت أحمد ابن حنبل يقول : هذا الحديث صحيح . قلت : وهو مخرج في الصحاح . وأبو الزناد فعمدة في الدين ، وابن عجلان صدوق من علماء المدينة وأجلائهم . ومفتيهم ، وغيره أحفظ منه
    وقال في سير أعلام النبلاء (5/450) :
    الخبر لم ينفرد به ابن عجلان ، بل ولا أبو الزناد ، فقد رواه شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد ، ورواه قتادة . عن أبي أيوب المراغي ، عن أبي هريرة ، ورواه ابن لهيعة ، عن الأعرج وأبي يونس ، عن أبي هريرة ، ورواه معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، وصح أيضا من حديث ابن عمر . وقد قال إسحاق بن راهويه عالم خراسان : صح هذا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم. فهذا الصحيح مخرج في كتابي البخاري ومسلم.
    وقد عذر الذهبي الإمام مالك في ذلك فقال في السير(8/104):(أنكر الإمام مالك ذلك،لأنه لم يثبت عنده ولااتصل به فهو معذور ...




    فصل


    في اختلاف أهل العلم إلى ما يعود إليه الضمير في قوله عليه الصلاة والسلام :"خلق الله أدم على صورته"


    القول الأول:
    خلق الله آدم على صورته أي على صورة آدم!
    أي أن الله صور صورة أدم قبل خلقه ثم خلقه على تلك الصورة!
    *وهذا القول ذكرللإمام أحمد عن بعض محدثي البصرة [22].
    *وعزاه ابن قتيبة إلى قوم من أصحاب الكلام[23].
    *وقال به أبوثور إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي الفقيه ،كما في ترجمة عبدالوهاب الوراق المتوفى سنة 251هـ
    [24] ،وفي ترجمة أبي جعفر الوراق المعروف "بحمدان" المتوفى سنة 271هـ[25]
    *وقال به أيضا محمد بن حبان البستي ("والهاء" راجعة إلى آدم...)[26]..
    *واختاره فخر الدين الرازي
    [27]
    وقد روى هذا عن الإمام أحمد ، وألا يصح عنه لأمرين :
    أولا: أنكر الحافظ الذهبي ذلك عن الإمام احمد وأبطله .
    في ترجمة حمدان بن الهيثم،قال الإمام الذهبي : أتى بشيء منكرا عن أحمد بن حنبل في معنى قوله عليه السلام:(إن الله خلق أدم على صورته).
    زعم أنه قال على صور الله صورة أدم قبل خلقه،ثم خلقه على تلك الصورة،فأما أن يكون خلق الله أدم على صورته فلا،فقد قال تعالى : (ليس كمثله شيء).
    قال يحيى بن منده في مناقب أحمد قال المظفر بن أحمد الخياط في كتاب السنة وحمدان بن الهيثم يزعم أن احمد قال صور الله صورة أدم قبل خلقه،وأبو الشيخ فوثقه في كتاب الطبقات.
    ثانيا : أن الإمام أحمد صح عنه خلاف هذا القول[28]!
    فقد قال الحافظ الذهبي ويدل على بطلان روايته مارواه حمدان بن علي الوراق الذي هو أشهر من حمدان بن الهيثم،وأقدم أنه سمع أحمد بن حنبل ، وسأله رجل عن حديث "خلق أدم على صورته"على صورة ادم!
    فقال أحمد: فأين الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم"إن الله خلق ادم على صورة الرحمن"؟!ثم قال أحمد :وأي صورة لأدم قبل أن يخلق.[29]
    والضمير لوكان عائدا إلى أدم فإن المعنى لايستقيم،والا فائدة من ذلك !
    وقد أنكر ذلك الإمام أحمد في رواية أبي طالب وقال :من قال إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي،وأي صورة لأدم قبل أن يخلق[30].
    قال ابن قتيبة : ولو كان المراد هذا , ما كان في الكلام فائدة , ومن يشك في أن الله تعالى خلق الإنسان على صورته , والسباع على صورها , الأنعام على صورها ؟!
    [31]
    قال الإمام ابن تيمية :
    ( أنه إذا قيل : إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورة آدم , أولا تقبحوا الوجه , ولا يقل أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك ,فإن الله خلق آدم على صورة آدم , كان هذا من أفسد الكلام , فإنه لا يكون بين العلة والحكم مناسبة أصلاً , فإن كون آدم مخلوقاً على صورة آدم , فأي تفسير فسر به فليس في ذلك مناسبة للنهي عن ضرب وجوه بنية , ولا عن تقبيحها وتقبيح ما يشبهها , وإنما دخل التلبيس بهذا التأويل حيث فرق الحديث المروي (،فروى قوله ( إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه) مفرداً , وروي قوله ( إن الله خلق آدم على صورته ) مفرداً , أما مع أداء الحديث على وجهه فإن عود الضمير إلى آدم يمتنع فيه , وذلك أن خلق آدم على صورة آدم سواء كان فيه تشريف لآدم أو كان فيه إخبار مجرد بالواقع فلا يناسب هذا الحكم)
    [32]
    فذكر ثلاثة وعشرون وجها تدل على فساد هذا القول وبطلانه ،بمالامزيد عليه فانظرها5.
    قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين
    [33]: إذا كان الضمير راجع إلى أدم فلا فائدة من ذلك،بأنه إذا ليس يشك أحد أن الله خالق كل شيء على صورته وأنه خلق الأنعام والسباع على صورها فأي فائدة في الحمل على ذلك؟!
    القول الثاني :
    أن الضمير يعود للمضروب وقال بهذا القول :
    *الإمام محمد بن خزيمة قال رحمه الله:معنى قوله(خلق أدم على صورته)الهاء في هذا الموضع كناية عن اسم المضروب والمشتوم أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله خلق آدم على صورة هذا المضروب![34]
    *وابن حبان قال عن الحديث: (يريد به صورة المضروب , لأن الضارب إذا ضرب وجه أخيه المسلم ضرب وجهاً خلق الله آدم على صورته(
    [35]
    * وأبوالشيخ الأصفهاني [36].
    *وعزاه الحافظ ابن حجر للأكثر[37].
    وقد رد الإمام أحمد ذلك ففي كتاب السنة للطبراني حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال :قال رجل لأبي إن رجلا قال: خلق آدم على صورته أي صورة الرجل فقال كذب هو قول الجهمية وأي فائدة في هذا![38]
    وقد رد هذا القول الإمام ابن تيمية من ثلاثة عشرة وجها في كلام نفيس جدا لامزيد عليه[39].
    وقال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين:وردتأويله بأن الضمير عائد على ابن أدم المضروب بأنه لافائدة فيه إذ الخلق عالمون بأن أدم خلق على خلق ولده وأن وجهه كوجوههم ،فيرد على هذا التوجيه كله بالرواية المشهورة " لا تقبحوا الوجه , فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن"[40]في
    القول الثالث: أن هذا من باب إضافة الخلق إليه قال الإمام ابن خزيمة في الكلام على حديث: )خلق الله أدم على صورة الرحمن):معنى هذا الخير عندنا أن إضاقة الصورة إلى الرحمن في هذا الخبر إنما هو من إضافة الخلق إليه لأن الخلق يضاف إلى الرحمن ،وكذلك الصورة تضاف إلى الرحمن لأن الله صورها ،ألم تسمع قوله عزوجل (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه...)[41].
    قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في الكلام على حديث: ( خلق الله أدم على صورته):
    الإضافة هنا من باب إضافة المخلوق إلى خالقه فقوله (على صورته) مثل قوله في آدم (ونفخت فيه من روحي ) ولا يمكن أن الله عز وجل أعطى آدم جزءاً من روحه بل المراد الروح التي خلقها الله عز وجل لكن إضافتها إلى الله بخصوصها من باب التشريف كما نقول: عباد الله،يشمل الكافر والمسلم والمؤمن والشهيد والصديق والنبي،لكننا لو قلنا :محمد بن عبد الله هذه إضافة خاصة ليست كالعبودية السابقة فقوله :( خلق آدم على صورته) يعني صورة من الصور التي خلقها الله وصورها،كما قال تعالى : (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم)والمصور آدم،
    إذا: فآدم على صورة الله يعني أن الله هو صوره على هذه الصورة التي تعد أحسن صورة في المخلوقات (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) فإضافة الصورة إليه من باب التشريف كأنه عز وجل اعتنى بهذه الصورة ومن أجل ذلك لا تضرب الوجه فتعيبه حساً ،ولا تقبحه فتقول :قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك ،فتعيبه معنى فمن أجل أنه الصورة التي صورها الله وأضافها إلي نفسه تشريفاً وتكريما ًلا تقبيحها بعيب حسي ولا بعيب معنوي .ثم هل يعتبر هذا الجواب تحريفا أم له نظير؟ نقول له نظير، كما :في بيت الله ،وناقة الله،وعبد الله ،لأن هذه الصورة (أي :صورة آدم )منفصلة بائنة من الله، وكل شيء أضافه إلى نفسه وهو منفصل بائن عنه فهو من المخلوقات . [42]
    والصواب أن هذا من باب من باب إضافة الصفات إليه ومن باب إضافة الصفة إلى موصوفها .
    وقد رد الإمام ابن تيمية هذا القول من عشرة وجوه
    [43]
    وقد رجح الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله أن الأسلم حمل الحديث على ظاهره ، وأنه لايلزم من كون الشيء على صورة شيء أن يكون مماثلا له من كل وجه
    وقال رحمه الله :مادمنا نجد أن لظاهر الحديث مساغا في اللغة العربية وإمكانا في العقل،فالواجب حمل الكلام عليه،ونحن وجدنا أن الصورة لايلزم منها مماثلة الصورة الأخرى ،وحينئذ يكون الأسلم أن نحمله على ظاهره
    [44].
    القول الرابع: أن الضمير يعود إلى الله عزوجل ،وهذا يقتضي نوعا من المشابهه فقط،وألايقتضي تماثلا لافي حقيقة وألاقدر ،وألايلزم من كون الشيء على صورة شيء أخر أن يكون مماثلا له،فيثبت الحديث من غير تكييف وألا تمثيل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)وهو مذهب أهل السنة والجماعة
    * قال الإمام أحمد :نقول كما في الحديث.[45]
    وقال:لانفسره مالنا أن نفسره. كماجاء الحديث 1
    *وإسحاق بن راهوية
    * عبدالله بن الزبير الحميدي وسفيان بن عيينه.
    قال الإمام أحمد سمعت الحميدي وحدثنا سفيان بهذا الحديث(خلق أدم على صورة الرحمن)ويقول هذا حق ويتكلم وابن عيينه ساكت قال:ماينكر ابن عيينه قوله[46].
    * ابن قتيبة الدينوري قال رحمه الله:(والذي عندي والله أعلم أن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين ، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن ، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن ، ونحن نؤمن بالجميع ، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد)[47]
    * الإمام الآجري قال رحمه الله :هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها ولايقال فيها كيف؟ولم؟بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر[48].
    *القاضي محمد بن الحسين أبويعلى الفراء قال رحمه الله:ليس في حمله على ظاهره مايزيل صفاته ولايخرجها عما تستحقه لأننا نطلق تسمية الصورة عليه لا كالصور كما أطلقنا تسمية ذات ونفس لاكالذوات والأنفس [49]
    وقال: ونقر بأن الرحمن خلق آدم على صورته رواه أحمد بن حنبل وابن خزيمة وغيرهما[50].
    *وأبوالقاسم إسماعيل بن محمد الأصبهاني الملقب بقوام السنة المتوفى سنة 535هـ
    قال:أخطأ ابن خزيمة في حديث الصورة،ولايطعن عليه بذلك،بل لايؤخذ عنه فحسب[51].
    *الإمام النووي قال:من العلماء من يمسك عن تأويلها ويقول: بأنها حق وأن ظاهرها غير مراد ،ولها معتى يليق بها ،وهذا مذهب جمهور السلف،وهو أحوط وأسلم ،والثاني:أنها تتأول على حسب مايليق بتنزيه الله تعالى ،وأنه ليس كمثله شيء[52].
    * الإمام ابن تيمية قال: ( لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى ، فإنه مستفيض من طرق متعددة ، عن عدد من الصحابة ، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك)
    وقال رحمه الله :( لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة جعل طائفة الضمير فيه عائدا إلى غير الله تعالى ، حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة في عامة أمورهم ، كأبي ثور وابن خزيمة وأبي الشيخ الأصفهاني وغيرهم ، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة) [53]
    * الإمام الذهبي قال : أما معنى حديث الصورة فنرد علمه إلى الله ورسوله ونسكت كما سكت السلف مع الجزم بأن الله ليس كمثله شئ
    [54]
    وقال:. فنؤمن به ونفوض ونسلم ولا نخوض فيما لا يعنينا مع علمنا بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[55].
    * الحافظ ابن حجر قال :فتعين إجراء مافي ذلك على ماتقرر بين أهل السنة من إمراره كماجاء من غير اعتقاد تشبيه ،أو من تأويله على مايليق بالرحمن جل جلاله[56]- [57].



    والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.






    [1] كتاب التوحيد(1/87)

    [2]التهذيب(2/348)

    [3] الضعفاء (1/284)

    [4] تهذيب التهذيب(3/103)،المراسيل لابن أبي حاتم(237)

    [5]التهذيب(3/103)،جامع التحصيل للعلائي(237).

    [6] الميزان(1/394)

    [7] أطراف الغرائب والأفراد لابن طاهر(1/546)

    [8] نقض التأسيس(2/1148 )

    [9] طبقات الحنابلة (3/235)

    [10] كتاب المنتخب من العلل للخلال لابن قدامة(256)

    [11] تعريف أهل التقديس(33)

    [12] الميزان(1/394)

    [13] هو أبوالعباس النباتي ابن الرومية متوفى سنة637هـ وقد اختصر كتاب الكامل وعمل عليه تذييل سماه الحافل.

    [14] التهذيب(1/297)

    [15]ميزان الاعتدال(2/420) فتح الباري(5/226).

    [16] المنتخب من العلل للخلال (165) لابن قدامة.

    [17] كتاب السنة للخلال

    [18] كتاب طبقات الحنابلة (3/235) ،ميزان الاعتدال(2/420)،فتح الباري(5/226)

    [19] والحديث صححه جمع من أهل العلم المعاصرين
    الشيخ حمود التويجري في كتاب عقيدة أهل الإيمان في خلق أدم على صورة الرحمن
    والشيخ عبدالله الدويش رحمه الله في كتاب تنبيه القاري لتقوية ماضعفه الألباني (139).وكتاب دفاع أهل السنة والإيمان عن حديث خلق أدم على صورة الرحمن.والشيخ حماد الأنصاري في مقال تعريف أهل الإيمان بصحة حديث صورة الرحمن.
    والشيخ سليمان العلوان في كتاب القول المبين في إثبات الصورة لرب العالمين

    [20] وهذه العبارة لاتدل على تصحيح الحديث فكون رجال السند كلهم ثقات لايلزم من ذلك صحة الحديث!

    [21] وقد تكلم في المقدام بن داود،قال عنه النسائي :ليس بثقة. ينظر كتاب عقيدة أهل الإيمان في خلق أدم على صورة الرحمن للشيخ حمود التويجري(9)،والسلسلة الضعيفة للألباني(3/320)


    [22] نقض التأسيس(2/1145)

    [23] تأويل مختلف الحديث(318)

    [24] طبقات الحنابلة(2/90).

    [25] طبقات الحنابلة(2/ 336).

    [26] صحيح ابن حبان (14/34)إحسان

    [27] نقض التأسيس(2/1128) وفي (2/1156)ذكر رحمه الله أن هذه التأويلات سبق بها الرازي، وقد نقلها من كتاب ابن فورك ونحوه، قال:وهم أيضا مسبوقون بها !

    [28] ميزان الإعتدال (1/602)

    [29]ميزان الإعتدال (1/602) وينظر طبقات الحنابلة(3/233)

    [30]إبطال التأويلات (1/75)،وطبقات الحنابلة(2/ 336)، ميزان الإعتدال (1/60 2)

    [31] تأويل مختلف الحديث (318)

    [32] نقض التأسيس(2/1145)

    [33] الدرر السنية(2/260)

    [34] في التوحيد(1/84) (1/95)والعجيب أن من أهل العلم من جعل ذلك مكذوبا على ابن خزيمة!
    قال الإمام ابن تيمية في نقض التأسيس(2/1138) :قد نقل عن أبي الحسن محمد بن عبدالملك الكرخي الشافعي أنه قال في كتابه " الفصول في الأصول ع ن الأئمة الفحول إلزاماً لذوي البدع والفضول " فأما تأويل من لم يتابعه عليه الأئمة فغير مقبول , وإن صدر ذلك التأويل عن إمام معروف غير مجهول , نحو ما ينسب إلى أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة تأويل الحديث (خلق آدم على صورته ) فإنه يفسر ذلك بذلك التأويل , ولم يتابعه عليه من قبله من أئمة الحديث , لما رويناه عن أحمد رحمه الله تعالى , ولم يتابعه أيضاً من بعده حتى رأيت في كتاب الفقهاء للعبادي الفقيه أنه ذكر الفقهاء وذكر عن كل واحد منهما مسألة تفرد بها فذكر الإمام ابن خزيمة وأنه تفرد بتأويل هذا الحديث خلق أدم على صورته على أني سمعت عدة من المشايخ رووا أن ذلك التأويل مزور مربوط على ابن خزيمة وإفك افترى عليه فهذا وأمثال ذلك من التأويل لانقبله والا نلتفت إليه بل نوافق ونتابع مااتفق الجمهور عليه.

    [35] صحيح ابن حبان ( 12/420(إحسان

    [36] نقض التأسيس لابن تيمية(2/1132)

    [37] في فتح الباري(5/226)

    [38] الفتح(5/226).

    [39] نقض التأسيس(2/1142)

    [40] الدرر السنية(2/260)

    [41] كتاب التوحيد(1/ 100)

    [42] شرح العقيدة الواسطية(1/109)

    [43] نقض التأسيس (2/1175)

    [44] شرح العقيدة الواسطية(1/110)

    [45] ينظر طبقات الحنابلة(2/233) (2/336) (3/235)، المنتخب من العلل للخلال (265) لابن قدامة. ميزان الاعتدال(2/420) فتح الباري(5/226)

    [46] كتاب السنة لعبدالله بن الإمام أحمد (1/268)

    [47] تأويل مختلف الحديث (322)

    [48] الشريعة( )

    [49] إبطال التأويل(1/75)

    [50] كتاب الاعتقاد(27)

    [51] نقض التأسيس (2/1139)،وسير أعلام النبلاء(20/88)

    [52] شرحه على مسلم (16/ 381)

    [53] في نقض التأسيس (2/1131)و(2/1132)

    [54] ميزان الاعتدال (2/419)
    6سير أعلام النبلاء (5/450) وقال في (14/374):عن الإمام ابن خزيمة "تأول في ذلك حديث الصورة فليعذر من تأول بعض الصفات وأما السلف فماخاضوا في التأويل بل كفوا وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله..."



    [56] الفتح(5/226) وقد اضطرب قول الحافظ ابن حجر في ذلك انظر الفتح(11/6)(5/226)

    [57] للإستزاده ينظر نقض التأسيس للإمام ابن تيمية ،الإعتقاد وإبطال التأويلات كلاهما لأبي يعلى الحنبلي، كتاب عقيدة أهل الإيمان في خلق أدم على صورة الرحمن للشيخ حمود التويجري ،شرح الواسطية للشيخ محمد بن عثيمين (1/109)،كتاب تنبيه القاري لتقوية ماضعفه الألباني.،وكتاب دفاع أهل السنة والإيمان عن حديث خلق أدم على صورة الرحمن للشيخ عبدالله الدويش،. مقال تعريف أهل الإيمان بصحة حديث صورة الرحمن. للشيخ حماد الأنصاري،كتاب القول المبين في إثبات الصورة لرب العالمينللشيخ سليمان العلوان،وكتاب تقييد الشوارد من القواعد والفوائد للشيخ عبدالعزيز الراجحي(5).
    وكتبه


    سعد بن ضيدان السبيعي


    16/3/1430هـ

    تعليق

    يعمل...
    X