وجوه الكفر الأكبر التى تتعلق بمسألة تشريع القوانين الوضعية .
الوجه الأول :الذى يشرع القوانين الوضعية جعل نفسه نداً لله لأن صفة التشريع صفة خاصة به سبحانه وهذا الفعل كفر أكبر وهذا الوجه لا يشترط فيه الإستحلال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في رسالته التسعينية المطبوعة في الفتاوى الكبرى، قال: "والإيجاب والتحريم ليس إلا لله ولرسوله،فمن عاقب على فعل أو ترك بغير أمر الله ورسوله وشرع ذلك ديناً فقد جعل لله نداًولرسوله نظيراً بمنزلة المشركين الذين جعلوا لله نداً، أو بمنزلة المرتدين الذينآمنوا بمسيلمة الكذاب وهو ممن قيل فيه: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لميأذن به الله}" (الفتاوى الكبرى )
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين قال في فقه العبادات (60): "القسم الأول؛ أن يبطل حكم الله ليحل محله حكم آخر طاغوتي، بحيث يلغي الحكم بالشريعة بين الناس، ويجعل بدله حكم آخر من وضع البشر كالذين ينحون الأحكام الشرعية في المعاملة بين الناس، ويحلون محلها القوانين الوضعية، فهذا لا شكأنه استبدال بشريعة الله سبحانه وتعالى غيرها، وهو كفر مخرج عن الملة، لأن هذا جعل نفسه بمنزلة الخالق حيث شرع لعباد الله ما لم يأذن به الله تعالى ذلك شركاً في قوله تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله} ا.هـ
قال الشيخ حافظ حكمى رحمه الله تعالى :ثُمَّ الْبِدَعُ بِحَسَبِ إِخْلَالِهَا بِالدِّينِ قِسْمَانِ:
مُكَفِّرَةٌ لِمُنْتَحِلِهَا.
وَغَيْرُ مُكَفِّرَةٍ.
فَضَابِطُ الْبِدْعَةِ الْمُكَفِّرَةِ: (مَنْ أَنْكَرَ أَمْرًا مُجَمْعًا عَلَيْهِ مُتَوَاتِرًا مِنَ الشَّرْعِ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ مِنْ جُحُودِ مَفْرُوضٍ أَوْ فَرْضِ مَا لَمْ يُفْرَضْ أَوْ إِحْلَالِ مُحَرَّمٍ أَوْ تَحْرِيمِ حَلَالٍ ..........) .أ.هـ(معارج القبول)
(وفى أضواء البيان )قال : وَذَلِكَ وَاضِحٌ فِي أَنَّ غَيْرَ اللَّهِ لَا يَتَّصِفُ بِصِفَاتِ التَّحْلِيلِ وَلَا التَّحْرِيمِ . وَلَمَّا كَانَ التَّشْرِيعُ وَجَمِيعُ الْأَحْكَامِ - شَرْعِيَّةً كَانَتْ أَوْ كَوْنِيَّةً قَدَرِيَّةً - مِنْ خَصَائِصِ الرُّبُوبِيَّةِ - كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ - كَانَ كُلُّ مَنِ اتَّبَعَ تَشْرِيعًا غَيْرَ تَشْرِيعِ اللَّهِ قَدِ اتَّخَذَ ذَلِكَ الْمُشَرِّعَ رَبًّا ، وَأَشْرَكَهُ مَعَ اللَّهِ .
وَالْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى هَذَا كَثِيرَةٌ ، وَقَدْ قَدَّمْنَاهَا مِرَارًا وَسَنُعِيدُ مِنْهَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ ، فَمِنْ ذَلِكَ - وَهُوَ مِنْ أَوْضَحِهِ وَأَصْرِحِهِ - أَنَّهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَعَتْ مُنَاظَرَةٌ بَيْنَ حِزْبِ الرَّحْمَنِ وَحِزْبِ الشَّيْطَانِ فِي حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ ، وَحِزْبُ الرَّحْمَنِ يَتَّبِعُونَ تَشْرِيعَ الرَّحْمَنِ فِي وَحْيِهِ فِي تَحْرِيمِهِ ، وَحِزْبُ الشَّيْطَانِ يَتَّبِعُونَ وَحْيَ الشَّيْطَانِ فِي تَحْلِيلِهِ .
وَقَدْ حَكَمَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا وَأَفْتَى فِيمَا تَنَازَعُوا فِيهِ فَتْوَى سَمَاوِيَّةً قُرْآنِيَّةً تُتْلَى فِي سُورَةِ «الْأَنْعَامِ» .
وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْطَانَ لَمَّا أَوْحَى إِلَى أَوْلِيَائِهِ فَقَالَ لَهُمْ فِي وَحْيِهِ : سَلُوا مُحَمَّدًا عَنِ الشَّاةِ تُصْبِحُ مَيْتَةً ، مَنْ هُوَ الَّذِي قَتَلَهَا ؟ فَأَجَابُوهُمْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي قَتَلَهَا .
فَقَالُوا : الْمَيْتَةُ إِذًا ذَبِيحَةُ اللَّهِ ، وَمَا ذَبَحَهُ اللَّهُ كَيْفَ تَقُولُونَ إِنَّهُ حَرَامٌ ؟ مَعَ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ
إِنَّمَا ذَبَحْتُمُوهُ بِأَيْدِيكُمْ حَلَالٌ ، فَأَنْتُمْ إِذًا أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ وَأَحَلُّ ذَبِيحَةً .
الوجه الأول :الذى يشرع القوانين الوضعية جعل نفسه نداً لله لأن صفة التشريع صفة خاصة به سبحانه وهذا الفعل كفر أكبر وهذا الوجه لا يشترط فيه الإستحلال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في رسالته التسعينية المطبوعة في الفتاوى الكبرى، قال: "والإيجاب والتحريم ليس إلا لله ولرسوله،فمن عاقب على فعل أو ترك بغير أمر الله ورسوله وشرع ذلك ديناً فقد جعل لله نداًولرسوله نظيراً بمنزلة المشركين الذين جعلوا لله نداً، أو بمنزلة المرتدين الذينآمنوا بمسيلمة الكذاب وهو ممن قيل فيه: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لميأذن به الله}" (الفتاوى الكبرى )
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين قال في فقه العبادات (60): "القسم الأول؛ أن يبطل حكم الله ليحل محله حكم آخر طاغوتي، بحيث يلغي الحكم بالشريعة بين الناس، ويجعل بدله حكم آخر من وضع البشر كالذين ينحون الأحكام الشرعية في المعاملة بين الناس، ويحلون محلها القوانين الوضعية، فهذا لا شكأنه استبدال بشريعة الله سبحانه وتعالى غيرها، وهو كفر مخرج عن الملة، لأن هذا جعل نفسه بمنزلة الخالق حيث شرع لعباد الله ما لم يأذن به الله تعالى ذلك شركاً في قوله تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله} ا.هـ
قال الشيخ حافظ حكمى رحمه الله تعالى :ثُمَّ الْبِدَعُ بِحَسَبِ إِخْلَالِهَا بِالدِّينِ قِسْمَانِ:
مُكَفِّرَةٌ لِمُنْتَحِلِهَا.
وَغَيْرُ مُكَفِّرَةٍ.
فَضَابِطُ الْبِدْعَةِ الْمُكَفِّرَةِ: (مَنْ أَنْكَرَ أَمْرًا مُجَمْعًا عَلَيْهِ مُتَوَاتِرًا مِنَ الشَّرْعِ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ مِنْ جُحُودِ مَفْرُوضٍ أَوْ فَرْضِ مَا لَمْ يُفْرَضْ أَوْ إِحْلَالِ مُحَرَّمٍ أَوْ تَحْرِيمِ حَلَالٍ ..........) .أ.هـ(معارج القبول)
(وفى أضواء البيان )قال : وَذَلِكَ وَاضِحٌ فِي أَنَّ غَيْرَ اللَّهِ لَا يَتَّصِفُ بِصِفَاتِ التَّحْلِيلِ وَلَا التَّحْرِيمِ . وَلَمَّا كَانَ التَّشْرِيعُ وَجَمِيعُ الْأَحْكَامِ - شَرْعِيَّةً كَانَتْ أَوْ كَوْنِيَّةً قَدَرِيَّةً - مِنْ خَصَائِصِ الرُّبُوبِيَّةِ - كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ - كَانَ كُلُّ مَنِ اتَّبَعَ تَشْرِيعًا غَيْرَ تَشْرِيعِ اللَّهِ قَدِ اتَّخَذَ ذَلِكَ الْمُشَرِّعَ رَبًّا ، وَأَشْرَكَهُ مَعَ اللَّهِ .
وَالْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى هَذَا كَثِيرَةٌ ، وَقَدْ قَدَّمْنَاهَا مِرَارًا وَسَنُعِيدُ مِنْهَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ ، فَمِنْ ذَلِكَ - وَهُوَ مِنْ أَوْضَحِهِ وَأَصْرِحِهِ - أَنَّهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَعَتْ مُنَاظَرَةٌ بَيْنَ حِزْبِ الرَّحْمَنِ وَحِزْبِ الشَّيْطَانِ فِي حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ ، وَحِزْبُ الرَّحْمَنِ يَتَّبِعُونَ تَشْرِيعَ الرَّحْمَنِ فِي وَحْيِهِ فِي تَحْرِيمِهِ ، وَحِزْبُ الشَّيْطَانِ يَتَّبِعُونَ وَحْيَ الشَّيْطَانِ فِي تَحْلِيلِهِ .
وَقَدْ حَكَمَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا وَأَفْتَى فِيمَا تَنَازَعُوا فِيهِ فَتْوَى سَمَاوِيَّةً قُرْآنِيَّةً تُتْلَى فِي سُورَةِ «الْأَنْعَامِ» .
وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْطَانَ لَمَّا أَوْحَى إِلَى أَوْلِيَائِهِ فَقَالَ لَهُمْ فِي وَحْيِهِ : سَلُوا مُحَمَّدًا عَنِ الشَّاةِ تُصْبِحُ مَيْتَةً ، مَنْ هُوَ الَّذِي قَتَلَهَا ؟ فَأَجَابُوهُمْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي قَتَلَهَا .
فَقَالُوا : الْمَيْتَةُ إِذًا ذَبِيحَةُ اللَّهِ ، وَمَا ذَبَحَهُ اللَّهُ كَيْفَ تَقُولُونَ إِنَّهُ حَرَامٌ ؟ مَعَ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ
إِنَّمَا ذَبَحْتُمُوهُ بِأَيْدِيكُمْ حَلَالٌ ، فَأَنْتُمْ إِذًا أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ وَأَحَلُّ ذَبِيحَةً .
فَأَنْزَلَ اللَّهُ بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلَهُ - تَعَالَى - : وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [6 \ 121] ، يَعْنِي الْمَيْتَةَ ، أَيْ وَإِنْ زَعَمَ الْكُفَّارُ أَنَّ اللَّهَ ذَكَّاهَا بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ بِسِكِّينٍ مِنْ ذَهَبٍ . وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ [6 \ 121] ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى الْأَكْلِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ : وَلَا تَأْكُلُوا ، وَقَوْلُهُ : لَفِسْقٌ ، أَيْ خُرُوجٌ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ ، وَاتِّبَاعٌ لِتَشْرِيعِ الشَّيْطَانِ . وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ [6 \ 121] . أَيْ بِقَوْلِهِمْ : مَا ذَبَحْتُمُوهُ حَلَالٌ وَمَا ذَبَحَهُ اللَّهُ حَرَامٌ ، فَأَنْتُمْ إذًا أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ ، وَأَحَلُّ تَذْكِيَةً ، ثُمَّ بَيَّنَ الْفَتْوَى السَّمَاوِيَّةِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - : وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [6 \ 121] فَهِيَ فَتْوَى سَمَاوِيَّةٌ مِنَ الْخَالِقِ - جَلَّ وَعَلَا - صَرَّحَ فِيهَا بِأَنَّ مُتَّبِعَ تَشْرِيعِ الشَّيْطَانِ الْمُخَالِفِ لِتَشْرِيعِ الرَّحْمَنِ - مُشْرِكٌ بِاللَّهِ .أ.هــ(أضواء البيان ).
قال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى (تشريع الأحكام التي يسير عليها العباد في عبادتهم ومعاملاتهم وسائر شئونُهم والتي تفصل النزاع بينهم وتنهي الخصومات حق للّه تعالى رب الناس وخالق الخلق : { أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } [ الأعراف : 54 ] ، وهو الذي يعلم ما يصلح عباده فيشرعه لهم . فبحكم ربوبيته لهم يشرعّ لهم . وبحكم عبوديتهم له يقبلون أحكامه - والمصلحة في ذلك عائدة إليهم - قال تعالى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [ النساء : 59 ] ، وقال تعالى : { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي } . . . [ الشورى : 10 ] ، واستنكر بسبحانه أن يتخذ العباد مُشرِّعا غيره فقال : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } . . . [ الشورى : 21 ] .
فمن قبل تشريعا غير تشريع اللّه فقد أشرك باللّه تعالى وما لم يشرعه اللّه ورسوله من العبادات فهو بدعة . وكل بدعة ضلالة - قال صلى الله عليه وسلم : « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد » (1) . وفي رواية : « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد » (2) . وما لم يشرعه اللّه ولا رسوله في السياسة والحكم بين الناس فهو حكم الطاغوت وحكم الجاهلية : { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [ المائدة : 50 ] ، وكذلك التحليل والتحريم حق للّه تعالى ، لا يجوز لأحد أن يشاركه فيه . قال تعالى : { وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } [ الأنعام : 121 ] .
فجعل سبحانه طاعة الشياطين وأوليائهم في تحليل ما حرم اللّه شركا به سبحانه . وكذلك من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل اللّه أو تحليل ما حرم اللّه ، فقد اتخذهم أربابا من دون اللّه ، لقول اللّه تعالى : { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ التوبة : 31 ] ، وعند الترمذي وغيره « أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية على عدي بن حاتم الطائي رضي اللّه عنه فقال : ( يا رسول الله لسنا نعبدهم . قال : أليس يحلون لحكم ما حرم اللّه فتحلونه ، ويحرمون ما أحل اللّه فتحرمونه ؟ قال : بلى . قال النبي صلى الله عليه وسلم فتلك عبادتهم ) » (1) فصارت طاعتهم في التحليل والتحريم من دون اللّه عبادة لهم وشركا - وهو شرك أكبر ينافي التوحيد الذي هو مدلول شهادة أن لا إله إلا اللّه (2) فإن من مدلولها أن التحليل والتحريم حق له تعالى - وإذا كان هذا فيمن أطاع العلماء والعباد في التحليل والتحريم الذي يخالف شرع اللّه مع أنهم أقرب إلى العلم والدين ، وقد
يكون خطؤهم عن اجتهاد لم يصيبوا فيه الحق وهم مأجورون عليه ، فكيف بمن يطيع أحكام القوانين الوضعية التي هي من صنع الكفار والملحدين - يجلبها إلى بلاد المسلمين ويحكم بها بينهم - فلا حول ولا قوة إلا بالله
إن هذا قد اتخذ الكفار أربابا من دون الله ، يشرعون له الأحكام ، ويبيحون له الحرام ، ويحكمون بين الأنام . أ.هــ
****************************
فهرس الموضوع
وجوه الكفر الأكبر التى تتعلق بمسألة تشريع القوانين الوضعية
الوجه الأول
الوجه الثانى
الوجه الثالث
الوجه الرابع
الوجه الخامس
قال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى (تشريع الأحكام التي يسير عليها العباد في عبادتهم ومعاملاتهم وسائر شئونُهم والتي تفصل النزاع بينهم وتنهي الخصومات حق للّه تعالى رب الناس وخالق الخلق : { أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } [ الأعراف : 54 ] ، وهو الذي يعلم ما يصلح عباده فيشرعه لهم . فبحكم ربوبيته لهم يشرعّ لهم . وبحكم عبوديتهم له يقبلون أحكامه - والمصلحة في ذلك عائدة إليهم - قال تعالى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [ النساء : 59 ] ، وقال تعالى : { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي } . . . [ الشورى : 10 ] ، واستنكر بسبحانه أن يتخذ العباد مُشرِّعا غيره فقال : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } . . . [ الشورى : 21 ] .
فمن قبل تشريعا غير تشريع اللّه فقد أشرك باللّه تعالى وما لم يشرعه اللّه ورسوله من العبادات فهو بدعة . وكل بدعة ضلالة - قال صلى الله عليه وسلم : « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد » (1) . وفي رواية : « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد » (2) . وما لم يشرعه اللّه ولا رسوله في السياسة والحكم بين الناس فهو حكم الطاغوت وحكم الجاهلية : { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [ المائدة : 50 ] ، وكذلك التحليل والتحريم حق للّه تعالى ، لا يجوز لأحد أن يشاركه فيه . قال تعالى : { وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } [ الأنعام : 121 ] .
فجعل سبحانه طاعة الشياطين وأوليائهم في تحليل ما حرم اللّه شركا به سبحانه . وكذلك من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل اللّه أو تحليل ما حرم اللّه ، فقد اتخذهم أربابا من دون اللّه ، لقول اللّه تعالى : { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ التوبة : 31 ] ، وعند الترمذي وغيره « أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية على عدي بن حاتم الطائي رضي اللّه عنه فقال : ( يا رسول الله لسنا نعبدهم . قال : أليس يحلون لحكم ما حرم اللّه فتحلونه ، ويحرمون ما أحل اللّه فتحرمونه ؟ قال : بلى . قال النبي صلى الله عليه وسلم فتلك عبادتهم ) » (1) فصارت طاعتهم في التحليل والتحريم من دون اللّه عبادة لهم وشركا - وهو شرك أكبر ينافي التوحيد الذي هو مدلول شهادة أن لا إله إلا اللّه (2) فإن من مدلولها أن التحليل والتحريم حق له تعالى - وإذا كان هذا فيمن أطاع العلماء والعباد في التحليل والتحريم الذي يخالف شرع اللّه مع أنهم أقرب إلى العلم والدين ، وقد
يكون خطؤهم عن اجتهاد لم يصيبوا فيه الحق وهم مأجورون عليه ، فكيف بمن يطيع أحكام القوانين الوضعية التي هي من صنع الكفار والملحدين - يجلبها إلى بلاد المسلمين ويحكم بها بينهم - فلا حول ولا قوة إلا بالله
إن هذا قد اتخذ الكفار أربابا من دون الله ، يشرعون له الأحكام ، ويبيحون له الحرام ، ويحكمون بين الأنام . أ.هــ
****************************
فهرس الموضوع
وجوه الكفر الأكبر التى تتعلق بمسألة تشريع القوانين الوضعية
الوجه الأول
الوجه الثانى
الوجه الثالث
الوجه الرابع
الوجه الخامس
تعليق