دخلــت الشـــات بأخــلاق وخرجــت منه بلا أخلاق
كانت تتحاور مع صويحباتها كما في كل مرة، ثم ينتهي الحوار بشيء يستفاد منه، ولكنها لا تدري لماذا لم تخرج من هذا الحوار إلا بكلمة واحدة، سرعان ما عادت إلى البيت لترمي عن كاهلها أثقالاً من التعب والإرهاق، ثم جلست أمام شاشة الحاسوب وما زالت تلك الكلمة عالقة في ذهنها، تساؤلات داخلية تجذبها وتضعها في متاهة لا تعرف لها نهاية، ولكن الشيطان عبّد لها الطريق.
* * * * * * * *
حوار داخلي بينها وبين الشيطان أدى إلى صراع بين العقل وهوى النفس:
سما : كم أرغب أن أعرف لماذا كل هذا الإقبال على الشات، ماذا أصنع هل أدخله وأرى ما فيه أم الأفضل أن لا ألتفت إليه؟؟
الشيطان: ولم لا تدخلينه؟! إنه مكان ليس بقبيح حيث يمكنك التحدث مع من تريدين، خاصة وأن بعض زميلاتك يتواجدن فيه باستمرار.
سما : ولكني سمعت من الكلام الكثير عن سوء خلق من فيه وأنا فتاة ذات أخلاق فأخاف على أخلاقي...
الشيطان: ادخليه فقط لمرة واحدة فقط للاستطلاع، فإن أعجبك فلتحادثي الفتيات أمثالك..فهناك من لديه أخلاق مثلك.
* * * * * * * *
وبعد جهد جهيد من الإقناع والتزيين دخلت سماشات الخبائث ، لم تمر سوى ثوانِ معدودة وإذ بكمّ من الرسائل تتوافد إليها، والتي تنوع مرسلوها من الذئاب، وتنوعت فيها عبارات من القذف والتجريح والشتائم،
والتي لا تنمّ إلا عن فساد عظيم استوطن قلوبهم وعقولهم، حينئذ كظمت غيظها وبقيت صامتة لاتجيب إذ تأبى نفسها قبول مثل هذه العبارات،
ولكنها مرة تلو الأخرى سرعان ما اعتادت على ذلك وتجاوبت معهم وانجرفت في سيل الرذيلة.
في كل مرة كانت تدخل فيها إلى الشات كانت توأد خلقاً خلقاْ، حتى باتت بلا أخلاق.
بعد فترة ليست بالطويلة...
وفي إحدى الليالي الحالكات أصابها الضيق والضجر
لأنها خرجت من حياة الرضا وانغمست في حياة السخط.
فاستوحش قلبها -بعدما صار شقيّاً - وهو الذي ذاق فيما مضى سعادة القرب من الله.
أصبحت تشعر بالوحدة وتفكر في حالها وما آلت إليه، هي لا تحتاج من أحد الآن سوى دفعة أو حتى صفعة تعيدها إلى عالمها،
انقضت تلك الليلة مع ما صاحبها من ضيق ويأس.
وفي يوم من الأيام خرجت سما تجر خطاها في الطريق. لكن الله عز وجل، الرحيم بها، هيأ لها اللقاء بصديقة لها ذات خصال حميدة، كانت دوما تدعوها إلى الخير وتحذرها من رفيقات السوء.
وجدت فيها ضالتها فأشرق وجهها فرحاً وصافحتها بشوق ومحبة، وقعت كلماتها على قلبها مثل الغيث... ومنذ تلك اللحظة قررت أن تسلك سبيل الفضيلة من جديد وأن تبتعد عن طريق الضلال.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:"خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً، ثم قال هذا سبيل الله، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله ثم قال: هذه سبل متفرقة على كل سبيل شيطان يدعو إليه، ثم قرأ: {وَأَنَّ هَذَاصِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}"
[ رواه أحمد وصححه الألباني وحسنه شعيب الأرناؤوط [
* * * * * * * *
إضــــــاءة
هناك أشخاص ينتظرونك لتمد إليهم يدك
لتنير لهم الطريق بابتسامة مشرقة من محيّاك
لتجلو عن صدورهم الهم والأحزان
فرُبَّ كلمة بسيطة بعثت الأمل في نفوس المنكسرين.
قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)(آل عمران: 110)
وقال جلّ في علاه: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
(آل عمران: 104)
* * * * * * * *
تعليق