هذه إحداهن كانت في المستشفى تتحدث ؛ تتحرك ..
آخر من كشف عليها أنا حين نزعت السماعة من أذني ..
إذا بها تقول بالحرف الواحد : الله يعافيكم شلون التحاليل ؟!.
.ترى والله ملينا من ذا المستشفى ؛
متى نطلع ؟..
فأرسلنا تحاليلها إلى المختبر في الأرض ..
وأرسل من في السماء{مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ }رسولاً لا يعصي له أمراً ..
ما هي إلا لحظات ..
العينة تُفحص تحت المختبر ..
وملك الموت عندها في الغرفة ..
لحظات ..
وأنا أُقلب في ملفها خارج الغرفة ..
إذا بالممرضة تأتي بسرعة فزعة ..
قالت : تعال شف ..
فلما دخلت الغرفة ..
رأيت فتاة غير التي رأيت ..
التي رأيت قبل قليل تحرك اليدين وتقول ملينا ، ومتى بنطلع ..
هذه الأيادي التي أُرسلت ، ثم أُقبضت والله ما رأيتها إلا تعطلت ..
اللون شاحب ..
والبصر خاشع شاخص ..
الأطراف ممدة ..
والشفاه ترتعش ..
نظرة سريعة لجهاز المراقبة إذا بنبضات القلب كانت 80 – 62 – 45 ..
ضغط الدم ينزل ..
بدأت أرى معالم الفراق على وجهها ..
خشيت أن تُغلق الصحيفة بغير لا إله إلا الله ..
كما أغلقت الصحف من قبلها ..( 24 ) حالة
والذي نفسي بيده _ ما قال لا إله إلا الله إلا واحد ..
لا تستغرب الآن ولا تجرب ..
تستطيع الآن أن تقول مليون مرة ..
الموعد ما هو الآن ..
فأسرعت قلت : لا إله إلا الله ..
وإذا بالشفاه ترتعش كأنَّ عليها جبل لا تتزحزح ..ترتعش بلا أحرف ..
كررتها الثانية ..
الثالثة ..
ما بقي إلا عدة نبضات ..
خشيت أن تُغلق الصحيفة بغير لا إله إلا الله ..
أسرعت عند أذنها يا أخوان ولقنتها في المرة هذه تلقين قلت:قولي لا إله إلا الله ..
ولا أحرف تخرج ..
لما كررت عليها ، واشتد النزع ، وإذا بالمرأة تعالج السكرات ..
الحنجرة تدخل وتخرج ..
وإذا بالنزع يشتد ..
فما هو الملك ينزع الروح إلا وبدأت أسمع حشرجة ، وبعض الحروف تخرج ..
كررتها لا إله إلا الله ..
سمعت أحرف ، وصوت متحشرج ..
هل كانت لا إله إلا الله !!..
لا والذي نفسي بيده ..
والروح تُنزع ، والصوت المتحشرج ببيت يُغنى مُلحن بصوت متحشرج ..
وإذا بها تغني بيت حتى لا يدعها تُكمل البيت الثاني إلا والروح قد خرجت من المستشفى ..
ماتت ..
هل تعرف آخر صفحة في السجل ..
في سجل حياتها آخر صفحة ..
غنّت قبل أن تموت ..
تعرض يوم القيامة على الجبار مغنية ..
طبعاً لا نعرف هذا المعنى الآن ..
ها هي الآن لها قرابة السنة تحت الأرض ..
والله لو تصطرخ في كل يوم وتعض الأصابع وتبكي الدم ..
ربي أخرجني ..
والله ما أسمع إلا ما يرضيك ..
ولا أرى إلا ما يرضيك ..
وأقوم الليل ما أنام ..
وأصوم النهار حتى أموت ..
هل ترجع؟!..
** وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
الشيخ عبد المحسن الأحمدي
تعليق