إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كانت هنـا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [بقلمي] كانت هنـا






    حكاية :- ( كـانت هنـا .. ! )

    في أحد الأحياء الشعبية في القاهرة ، بالتحديد في منزل نسجت عليه الشمس

    في شروقها أشعتها الذهبية الرقيقة وانسياب قطرات الندى على أغصان الورد

    التي تزين واجهته فجعلته يظهر في أبهى حلة ، تستيقظ هي لتمارس يومها

    بنشاط ، نعم هي يتيمة وليس لديها إلا أم وأخوان .. !

    نعم هنالك بعض من المشاكل حول بعض الأمور السطحية التي جعلت الأوضاع

    متوترة تجاه أقاربها ، هي ليست بالجميلة ولا القبيحة ، فتاة عاديّة ، لكنها تتسم

    بروح سامية ، وهمة تناطح السحاب ، ومن لا يعرف " مريم " ولا يعرف شغفها

    في العمل ولا يعرف عنها نشاطها وتفانيها فيه ، تقابل صديقاتها بابتسامة مشرقة

    تُسدي النّصح لقريناتها برفق وتعامل كلّاً بما يليق له .

    لكنها رغم ذلك تظلّ محافظة على أخلاقها الحسنة ، وقيمها ومبادئها ، وضوابط

    دينها التي تسعى جاهدة ألا تفرّط فيه قيد أنملة ..

    مريم التي بعثت روح الأمل والتفاؤل ومطاولة النجوم في زميلاتها ، مريم التي

    كلما رأت زميلة أساءت إليها يوماً قابلتها بابتسامة ووجه مضيء زاده الإيمان نوراً !

    كانت لا تزور الأيتام في يوم اليتيم .. بل كل أسبوع ، تجلس معهم ، تسمع طموحاتهم

    تشجعهم وتحفزهم وتروي لهم قَصص الصحابة والأنبياء وكيف أن الله مكنهم في الأرض

    لأنهم التزموا بدينه حق الالتزام وكانوا شجعان وأشداء على الكفار رحماء بينهم ،

    وكانت تجود بمالها فتخصص مبلغاً من مرتبها تتصدق به سرّاً إما نصرة لإخوانها المجاهدين

    أو المسلمين المحتاجين في بلدها أو بلدان أخرى منكوبة أو في بناء مسجد أو جمعيات خيرية

    أو عجوزٍ تجدها في الشّارع تبيع بعض السلع الرخيصة وتدعو الله بأن يتقبله ..

    "مريم" تلك التي كانت تبرّ أمها وترضى بما قسمه الله، وتستمع لأخويها بلطف، كانت القلب

    النابض الذي يلتف الجميع حوله، ليبثوا إليها شكواهم فيجدوا من كلامها السلوى .. والبلسم

    الذي يشفي الجراح ويروي النفوس الظمأى .. !

    من كلماتها : " أختي الحبيبة ، إن ما تمرين به الآن من آلام وأوجاع، شعرت بها في يومٍ من الأيام،

    صدقاً كنت قد أدمنت سماع الأغنيات وقتها، كنت حينما تنتابني عاصفة حزن أستمع للعديد من

    الأغنيات الحزينة علّها تداوي جراحي المؤلمة فما كانت إلا أن زادتها ، تابعت العديد من البرامج

    وشاهدت العديد من الأفلام والمسلسلات وقتها، لعل هذا يخفف عنّي حدة الألم النفسي الذي عانيته!

    لكن لم أدري أني كنت أضع الحطب في النار فأزيدها اشتعالاً .. ازداد حزني ، ازدادت كآبتي،

    فكرت في الانتحار، لم يعد في هذه الدنيا شيء يستحق البقاء، لكن لولا الله ثمّ نفسي التي استيقظت

    فجأة تناديني : ويحكِ أتلقين نفسكِ بيدكِ إلى التهلكة !؟ ألا تعرفين يا مريم أن هذا حرام ! ألا تعرفين

    أن عقوبة الذي ينتحر خلوده في نار جهنّم .. وما أدراكِ ما نار جهنّم يا مريم ، غرتكِ نفسكِ يا مريم،

    فكّرتِ في كل الطرق للاستمتاع بحياتكِ وإشباع لذتكِ من الطعام والملبس وغيرها .. وما تركتِ طريقةً

    إلا ولكِ معرفة بها ودراية، ألم يخطر ببالكِ حلّ غير هذا؟ إلى عذاب أعظم ولا مناص منه ولا نهاية فيه .

    استدركت الأمر وراجعت نفسي فحمدت الله أني لم أكمل هذا الجنون ولم أقدم خطوة .. ونظرت لحالي

    فأشفقت عليها .. أشفقت عليها فعلاً ، الآن تذكرت الآن بدأت أعود .. وآهٍ لريح الجنّة ، أكنت لأحرم

    نفسي منها ؟ بمهاتفتي الصبيان ؟ بلقاءاتي معهم ؟ بملابسي هذه ؟ بصلاتي التي فرطت فيها ؟ بديني

    الذي أجهله فعلاً !؟ بقرآني المهجور ؟ .. سأحاول ! لقد جرّبت ملذات الدنيا وزينتها، نعم استمتعت

    لكن أخادع نفسي ولكنه للأسف كانت سعادة محدودة، بل محدودة جداً كمن يتناول طعامه المفضل

    فسرعان ما تنتهي سعادته به بانتهاء الطعام، سأحاول الاقتراب من ربي، وبالفعل أختي حاولت !

    ودعوت الله، بكيت، بكيت من كلّ قلبي أن يوفقني الله وأن يرزقني السعادة المنشودة! بدأت بالصلاة

    فهي عماد الدين، وقفت في محرابي أتعبّد وأصلي وقفت في سكينة، مستحضرة أني أقف أمام رب

    الملوك وسيدهم، ربّ محمد وربّ يونس الذي سمعه في بطن الحوت هو ربنا نفسه، الذي تاب على

    بني إسرائيل وعفا عنهم أكثر من مرة فما زادوا إلا تمرداً، ربي الحليم الغفور هو نفسه لم يتبدل !

    استشعرت ذلك كله وقرأت في القرآن لأفهم معاني الآيات التي أتلوها، هل تعلمين ؟ معاني الآيات

    التي أتلوها لم أكن أتوقع أنها بهذه الرّوعـة وهذا الإتقان لما قرأت تفسيرها،

    والحمد لله فما وجدت بعد الالتزام طريقاً للسعادة غيره،

    السعادة أختي أن تخلصي نفسكِ من تلك الشوائب المتعلقة بحياتك .. ولا تظني

    أنكِ من يوم وليلة ستتغيرين وتصبحين نظيفة من الداخل 100% .. لكن الله حليم رحيم ! فقط اصبري

    وثابري فليس من المعقول أن يكون كوب به ماء غير نظيف فلوّثه ذلك الماء ليس من المعقول أنه بعد

    أن نفرغه ثم نملأه بالماء النظيف أن نسأل لِمَ الماء غير نظيف !؟ .. فقط أختي تقدّمي خطوة وستفتح

    لكِ الأبواب إن شاء الله وترين الحياة مشرقة أكثر .. لماذا لأن لديكِ هدفاً واحداً ومحدداً هو رضا الله وجنته "
    وهكذا كانت مريم كانت كلماتها بلسماً وشفاءً للحيارى، كانت تُسدي النصائح بإخلاص فما يخرج من القلب
    يطرق أبواب القلب، وجاء الابتلاء فقد أصيبت مريم بالسرطان وطال المرض بها فساءت حالتها فاصفر جلدها
    وبرزت عظامها وأصبحت نحيلة ضعيفة ! .. وأرسلت للمشفى القريب من بيتهم، بذلت الطبيبات قصارى
    جهدهن في علاجها .. فتسوء حالتها يوماً بعد يوم وكلما زارتها إحدى صديقاتها تبتسم إليهن ابتسامتها المعهودة وتقول :
    [ هذا ما قدره الله وأنا غير معترضةٍ على قضاء الله وقدره لي فلا تحزنوا فكل شيء مكتوب من قبل أن نكُ شيئاً ]!
    واقترب نهاية الشهر فسرعان ما ازدادت حالتها سوءاً ولكن هل دامت هذه الحالة الإيمانية التي لديها ؟!
    لقد ثبتت مريم أمام الابتلاء كالجبال الرواسي وصبرت واحتسبت عند الله مُصابها، وكلما زاد المرض بها ازدادت إيماناً
    وثباتاً وصبراً فلم يكن يذلك يضعف من إيمانها أو ينقصه بل على النقيض تماماً !!
    وجاء ذلك اليوم التي عجّ به البيت بالنساء وصدح صوت القرآن بنبرة حزينة كأنها تشاركهم الأسى :
    { يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربكِ راضية مرضية * فادخلي في عبادي وادخلي جنتي }.
    وجاءت أم مريم وهي تحمل دفتر ملاحظاتٍ صغير، كانت " مريم " تكتب فيه وتسلّي نفسها به أثناء وجودها بالمستشفى
    إلى حين أن قبضها الله، فجعلت تقلّب في صفحاتها فوقعت رسالة صغيرة منه كان عنوانها : (وصيتي)
    قُبض قلب الأم وفتحتها وبأعين دامعة قرأت الوصية فمما كُتب فيها : [ أمي الغالية، وأخواي الحبيبان ، إن قدر الله
    ولم أستطع النهوض من على فراشي هذا، فأنا لا أحتاج في ذلك الوقت لبكائكم، بل أحتاج لدعواتكم، أنا سأكون تحته
    تحت الثرى، سينقطع عملي! وستكون نهاية حياتي، فلا تنسوني من دعائكم، لتلك العبدة الفقيرة إلى الله، الطامعة في عفوه،
    واسألوا الجميع لي أن يحللوني ويسامحوني إن أخطأت في حقهم مرة وحقكم !
    كانت هنا ابنتكم مريــم ] .
    -- -- --
    فهلّا نكون كـ مريم؟
    نكون مثلها في إيمانها ، برها ، صبرها ، التزامها ؟
    نكون مثلها في حنانها وطيبة قلبها وعفوها ؛
    فلا نحمل الحقد ولا الضغينة على أحد ونصفي أنفسنا من هذه الشوائب ؟
    -- -- --


    تمّت .

    [ ]

    أنا المقطوع فارحمني وصلني * ويسر منك لي فرجا قريبا
    أنا المضطر أرجو منك عفوا * ومن يرجو رضاك فلن يخيبا
    فيا أسفي على عمر تقضى* ولم أكسب به إلا الذنوبا
    وأحذر أن يعاجلني ممات*يحير هول مصرعه اللبيبا
    وياحزناه من حشري ونشري*بيوم يجعل الولدان شيبا
    تفطرت السماء به ومارت*أصبحت الجبال به كثيبا

  • #2
    رد: كانت هنـا

    لا إله إلا الله

    جميلة جدا أختي سمو .. جزاكِ الله خيرا

    ** عجبني أسلوبك :) **
    سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته

    ((موقع للقرآن الكريم مترجم لأكثر من 20 لغة))


    تعليق


    • #3
      رد: كانت هنـا

      وجزاكم الله خيراً أختي ،
      أسعدني وجودكِ الطيّب .

      أنا المقطوع فارحمني وصلني * ويسر منك لي فرجا قريبا
      أنا المضطر أرجو منك عفوا * ومن يرجو رضاك فلن يخيبا
      فيا أسفي على عمر تقضى* ولم أكسب به إلا الذنوبا
      وأحذر أن يعاجلني ممات*يحير هول مصرعه اللبيبا
      وياحزناه من حشري ونشري*بيوم يجعل الولدان شيبا
      تفطرت السماء به ومارت*أصبحت الجبال به كثيبا

      تعليق


      • #4
        رد: كانت هنـا

        جزاكم الله خيرا

        تعليق


        • #5
          رد: كانت هنـا

          وإيـاكم.

          أنا المقطوع فارحمني وصلني * ويسر منك لي فرجا قريبا
          أنا المضطر أرجو منك عفوا * ومن يرجو رضاك فلن يخيبا
          فيا أسفي على عمر تقضى* ولم أكسب به إلا الذنوبا
          وأحذر أن يعاجلني ممات*يحير هول مصرعه اللبيبا
          وياحزناه من حشري ونشري*بيوم يجعل الولدان شيبا
          تفطرت السماء به ومارت*أصبحت الجبال به كثيبا

          تعليق


          • #6
            رد: كانت هنـا

            جزاكم الله خيرا أختي الفاضلة على هذه القصة الجميلة
            نفعنا الله جميعا بها وجعلها في ميزان حسناتك
            وإن شاء الله نحن في انتظار المزيد من موضوعاتك المميزة
            بارك الله فيكِ


            (اللهم ارزقنى شهادة فى سبيلك واجعل موتى فى بلد رسولك)


            تعليق


            • #7
              رد: كانت هنـا

              وإيــاكم أختي الغالية ،
              أسعدني وجودكِ وكلماتكِ :) .

              أنا المقطوع فارحمني وصلني * ويسر منك لي فرجا قريبا
              أنا المضطر أرجو منك عفوا * ومن يرجو رضاك فلن يخيبا
              فيا أسفي على عمر تقضى* ولم أكسب به إلا الذنوبا
              وأحذر أن يعاجلني ممات*يحير هول مصرعه اللبيبا
              وياحزناه من حشري ونشري*بيوم يجعل الولدان شيبا
              تفطرت السماء به ومارت*أصبحت الجبال به كثيبا

              تعليق


              • #8
                رد: كانت هنـا

                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
                بارك الله فيكم وفي أعمالكم قصة فيها عبرة
                نفعكم الله ورفع قدركم
                أستغفر الله العظيم من كل ذنب أذنبته
                أستغفر الله العظيم من كل فرض تركته
                أستغفر الله العظيم من كل صالح جفوته
                أستغفر الله العظيم من كل برٍّ أجلته
                أستغفر الله العظيم من كل إنسان ظلمته
                أستغفر الله العظيم من كل ظالم صاحبته

                تعليق


                • #9
                  رد: كانت هنـا

                  وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                  آمين ، وإيـاكم إن شاء الله ،
                  جزاكم الله خيراً .

                  أنا المقطوع فارحمني وصلني * ويسر منك لي فرجا قريبا
                  أنا المضطر أرجو منك عفوا * ومن يرجو رضاك فلن يخيبا
                  فيا أسفي على عمر تقضى* ولم أكسب به إلا الذنوبا
                  وأحذر أن يعاجلني ممات*يحير هول مصرعه اللبيبا
                  وياحزناه من حشري ونشري*بيوم يجعل الولدان شيبا
                  تفطرت السماء به ومارت*أصبحت الجبال به كثيبا

                  تعليق


                  • #10
                    رد: كانت هنـا

                    جزاكم الله الجنة أختنا الفاضلة
                    على هذه القصة الطيبة
                    بوركتم أختنا

                    تعليق


                    • #11
                      رد: كانت هنـا

                      وإياكم ، جزيتم خيراً .

                      أنا المقطوع فارحمني وصلني * ويسر منك لي فرجا قريبا
                      أنا المضطر أرجو منك عفوا * ومن يرجو رضاك فلن يخيبا
                      فيا أسفي على عمر تقضى* ولم أكسب به إلا الذنوبا
                      وأحذر أن يعاجلني ممات*يحير هول مصرعه اللبيبا
                      وياحزناه من حشري ونشري*بيوم يجعل الولدان شيبا
                      تفطرت السماء به ومارت*أصبحت الجبال به كثيبا

                      تعليق

                      يعمل...
                      X