كان صباحاً بارداً، سماؤه ملبَّدةٌ بالغيومِ، شاحبةٌ... وكأنها على موعدٍ مع الحزنِ والألمِ...
في ذلك الصباحِ الشاحبِ خرج الطفل عبد الله الحليبي ابن الاثني عشر ربيعاً مع صديقه يامن الحليبي يحتطبان... خرج الصغيران ينشدان الدفء لعائلتيهما الفقيرتين، بعدما نَفَدَ ما لديهم من بقايا وقود، ولم يستطيعوا شراء مزيدٍ منه بسبب ارتفاع ثمنه من جهة، وبسبب الحصار الظالم الذي تفرضه عصابات مجرمِ الحربِ النصيري (بشار الأسد) على الشعب السوري، الذي ثار منذ ما يقرب من عامين على جلاديه، يطالب بحريته وينتصر لكرامته، رافضاً الخنوعَ والذلَّ والاستكانَة.
خرج الطفلان النحيلان تلفح وجهيهما نسماتُ شتاء حمصَ الباردة، خرجا وهما يرتعدان من شدة الصقيع، وأخذا يجمعان ما تناثر من أغصان الشجر اليابسة هنا وهناك... في هذه الأثناء يسمع الصغيران صوت هدير طائرة من بعيد فتساءلا:
عبد الله: هل تسمع صوت الطائرة يا يامن؟
يامن: نعم! أسمعه جيداً.
عبد الله: الله أعلم أين ترمي براميلها وقذائفها العنقودية؟
يامن: الله يكفينا شرَّها!
يقترب صوت الطائرة أكثر، فيلمحُها الصغيران...
عبد الله: يامن! انتبه... إنها طائرة (الميغ) تتجه نحونا...
يامن: أسرع يا عبد الله... تعال نحتمي ببوابة هذه المزرعة...
وينطلقا مسرعين باتجاه بوابة المزرعة القريبة منهما، يحاولان النجاة، فيزحف عبد الله تحت الباب ويحتمي بعمود أسمنتي قريب... ويزحف خلفه يامن... وهما يصرخان: الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر... ويدوي صوت انفجار آثم رهيب وتمضي الطائرة الجبانة مسرعة في الهروب لا تلوي...
يعبق الجو برائحة البارود، والدخانُ يسدُّ الأفقَ... ويسود السكونُ هنيهةً لا يشقه إلا صوت البراءة النازفة الشجاعة: يامن...! يامن...! يامن...! هل أنت بخير؟ لكنَّ يامن لا يجيب...!
ينقشع الدخان ويحمل بعض الجيران عبد الله وينطلقون به في سيارة شبه مدمرة بقذائف طائرة (الميغ) إلى المستشفى الميداني... فقدمه قد بُترت، ودماؤه تسيل غزيرة، والطفل الشجاع لم تطرف له عين...
المسعف: لا تنظر إلى رجلك يا بني، سنصل إلى المستشفى، وستكون بخير إن شاء الله.
عبد الله: أعلم أن قدمي قد أصيبت، ورأيت صديقي يامن كيف تمزق جسده إلى أشلاء! رأيت كيف تقطَّعت رجلاه من الفخذين، وكيف طار رأسه عن جسده... الحمد لله لقد فاز بالشهادة إن شاء الله.
يدخل عبد الله غرفة العمليات ويتم تخديره، وفي أثناء العملية يرتفع صوته:
(يامن! بدنا نستشهد سوا... لا تتركني وتروح. جايينك يا بشار... بعون الله جايينك .
في ذلك الصباحِ الشاحبِ خرج الطفل عبد الله الحليبي ابن الاثني عشر ربيعاً مع صديقه يامن الحليبي يحتطبان... خرج الصغيران ينشدان الدفء لعائلتيهما الفقيرتين، بعدما نَفَدَ ما لديهم من بقايا وقود، ولم يستطيعوا شراء مزيدٍ منه بسبب ارتفاع ثمنه من جهة، وبسبب الحصار الظالم الذي تفرضه عصابات مجرمِ الحربِ النصيري (بشار الأسد) على الشعب السوري، الذي ثار منذ ما يقرب من عامين على جلاديه، يطالب بحريته وينتصر لكرامته، رافضاً الخنوعَ والذلَّ والاستكانَة.
خرج الطفلان النحيلان تلفح وجهيهما نسماتُ شتاء حمصَ الباردة، خرجا وهما يرتعدان من شدة الصقيع، وأخذا يجمعان ما تناثر من أغصان الشجر اليابسة هنا وهناك... في هذه الأثناء يسمع الصغيران صوت هدير طائرة من بعيد فتساءلا:
عبد الله: هل تسمع صوت الطائرة يا يامن؟
يامن: نعم! أسمعه جيداً.
عبد الله: الله أعلم أين ترمي براميلها وقذائفها العنقودية؟
يامن: الله يكفينا شرَّها!
يقترب صوت الطائرة أكثر، فيلمحُها الصغيران...
عبد الله: يامن! انتبه... إنها طائرة (الميغ) تتجه نحونا...
يامن: أسرع يا عبد الله... تعال نحتمي ببوابة هذه المزرعة...
وينطلقا مسرعين باتجاه بوابة المزرعة القريبة منهما، يحاولان النجاة، فيزحف عبد الله تحت الباب ويحتمي بعمود أسمنتي قريب... ويزحف خلفه يامن... وهما يصرخان: الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر... ويدوي صوت انفجار آثم رهيب وتمضي الطائرة الجبانة مسرعة في الهروب لا تلوي...
يعبق الجو برائحة البارود، والدخانُ يسدُّ الأفقَ... ويسود السكونُ هنيهةً لا يشقه إلا صوت البراءة النازفة الشجاعة: يامن...! يامن...! يامن...! هل أنت بخير؟ لكنَّ يامن لا يجيب...!
ينقشع الدخان ويحمل بعض الجيران عبد الله وينطلقون به في سيارة شبه مدمرة بقذائف طائرة (الميغ) إلى المستشفى الميداني... فقدمه قد بُترت، ودماؤه تسيل غزيرة، والطفل الشجاع لم تطرف له عين...
المسعف: لا تنظر إلى رجلك يا بني، سنصل إلى المستشفى، وستكون بخير إن شاء الله.
عبد الله: أعلم أن قدمي قد أصيبت، ورأيت صديقي يامن كيف تمزق جسده إلى أشلاء! رأيت كيف تقطَّعت رجلاه من الفخذين، وكيف طار رأسه عن جسده... الحمد لله لقد فاز بالشهادة إن شاء الله.
يدخل عبد الله غرفة العمليات ويتم تخديره، وفي أثناء العملية يرتفع صوته:
(يامن! بدنا نستشهد سوا... لا تتركني وتروح. جايينك يا بشار... بعون الله جايينك .
تعليق