كنت أجلس مع بعض أهلي في إحدى الحدائق.. وفي المساء قمنا لنمشي ونستمتع بالمناظر البديعة في ذلك المتنزه الجميل, فسرنا مليًا ثم دخلنا مكانًا فيه شجر ملتف بعضه على بعض فوقفنا برهة نتأمل جماله, ولما هممنا بالسير.. في عتمة الليل.. إذا بمنظر اذهلني.. فقد كنت أسبق أهلي في السير ورأيت امرأة عجوز قد تجاوزت السبعين أو ربما الثمانين على ما أظن.. وكانت جالسة بين أبنائها تتنسم الهواء في تلك الليلة الهادئة.. في ذلك المكان المحفوف بالشجر من كل مكان, لكنّي تبينت بعض ملامحها وهي تسارع بتغطية وجهها فور سماعها صوت أقدامنا ووقعها على الأرض.. فتعجبت والله من فعلها.. قد تراكمت التجاعيد على وجهها وغطت جزءًا من عينيها.. وقد امتدت خطوط الزمن في أنحاء ذلك الوجه حتى تركت علامات كانت أكبر دليل على تقدمها في السن.. ولكنها أبت إلا أن تغطي وجهها خشية أن يراها رجل.. لله درها..
ما منعها أن تبقي على ذلك الوجه الذي لن ينظر إليه ناظر ولن يفتتن به بشر؟!!
إنه الحياء..
تربت على هذا الحياء وعاشت معه فلم تعد تبالي أو تفكر هل سيفتن من يراها أم لا!!
دعوت لها والله وأنا أمشي أن يجملها الله بستره وأن يرزقها الجنة بهذا الخلق الذي نفتقده في فتياتنا ممن يتفنن في إغواء الشباب وفتنتهم والتبرج بلا أدنى حياء ولا حول ولا قوة إلا بالله..
منقول
تعليق