تبدأ قصته في زمان ومكان معينين، أما الزمان فالعام الثالث عشر من البعثة المحمدية، وأما المكان فمكة. ومنها خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه يريدان الهجرة، فأعلنت قريش عن مكافأة قدرها مائة ناقة لمن يأتيها بمحمد صلى الله عليه وسلم حياً أو ميتاً.
قال سراقة: فبينما أنا جالس في نادي قومي إذ أقبل رجل منا، حتى وقف علينا، فقال: “والله لقد رأيت ثلاثة ركبان مرُّوا عليَّ آنفاً، إني لأراهم محمداً وأصحابه”. قال: “فأومأت إليه بعيني: أن اسكت، ثم قلت: إنما هم بنو فلان، يبتغون ضالة لهم”. قال: “ثم مكثت قليلاً ثم قمت فدخلت بيتي ثم أمرت بفرسي، وبسلاحي، ثم أخذت قداحي التي أستقسم بها ثم انطلقت فليست لأمَّتي ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها، فخرج السهم الذي أكره لا يضره “. قال: فركبت على أثره، فبينما فرسي يشتد بي عثر بي فسقطت عنه. فأخرجت قداحي فاستقسمت فخرج الذي أكره، فأبيت إلا أن أتبعه، فسقطت ثانية، فاستقسمت فخرج السهم الذي أكره، فأبيت إلا أن أتبعه، فلما بدا لي القوم ورأيتهم عثر بي فرسي، فذهبت يداه في الأرض، وسقطت عنه، ثم انتزع يديه من الأرض، وتبعهما دخان كالإعصار، فعرفت أنه قد مُنع مني وأن الله سينصره فناديت: أنا سراقة بن جُعشُم، انظروني أكلمكم، فوالله لا أريبكم، ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه. فقال رسول الله لأبي بكر: “قل له: وما تبتغي منا؟” قال: قلت: تكتب لي كتابا يكون آية بيني وبينك. قال: “اكتب له يا أبا بكر”.
فكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا، فأخذه وجعله في كنانته ثم رجع وأخذ يضلل الناس ويعميهم عن الطريق الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتم خبره عن الناس، حتى أيقن أن النبي وصحبه بلغا المدينة فأذاع خبره بين الناس، فقام أبوجهل يلومه على تخاذله وجبنه وتفويته الفرصة. فقال سراقة:
“أبا حكم، والله لو كنت شاهداً
لأمر جوادي إذ تسوخُ قوائمه
علمت ولم تَشْكُكْ بأن محمداً
رسول ببرهانٍ، فمن ذا يقاومه”
ودارت الأيام دورتها، وأصبح المسلمون الذين كانوا بالأمس القريب يهددون ويعذبون ويطردون، أصبحوا في عزة ومنعة، وكان الفتح العظيم، وأقبلت قريش خاضعة يسألون رسول الله الرحم والعفو، عند ذلك خرج سراقة وفي يده الكتاب والعهد الذي كتبه له رسول الله قبل عشر سنوات، ليعلن إسلامه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله: “يوم وفاء وبر”.
وبعد ذلك بأشهر معدودة توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحزن سراقة حزنا شديدا، وجلس يتذكر يوم الهجرة وما حصل له.
ولما كانت خلافة عمر رضي الله عنه وجاء رسل سعد بن أبي وقاص يحملون البشرى بالنصر لأمير المؤمنين ومعهم خُمس الغنائم التي غنمها الغزاة في سبيل الله نظر اليها عمر متعجبا فإن فيها تاج كسرى المرصع بالدُّر ووشاحه المنظوم بالجوهر، وثيابه المنسوجة بخيوط الذهب، وسواري كسرى اللذين قال عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم لسراقة: “كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟”.
فدعا عمر سراقة فألبسه سواري كسرى وتاجه وقال: “الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة الأعرابي”.
ثم قال: “اللهم إني قد علمت أن رسولك صلى الله عليه وسلم كان يحب أن يصيب مالاً فينفقه في سبيلك وعلى عبادك، وزويت ذلك عنه نظرا منك له وخيارا، ثم قال “اللهم إني قد علمت أن أبابكر كان يحب أن يصيب مالاً فينفقه في سبيلك وعلى عبادك، فزويت ذلك عنه نظرا منك له وخيارا، اللهم إني أعوذ بك أن يكون هذا مكراً منك بعمر ثم تلا: “أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين. نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون”. (المؤمنون: 55-56)
وهكذا أعز الله سراقة بالإسلام، فعاش عابداً زاهداً في الدنيا وزينتها ومتاعها الزائل. ثم نام على فراش الموت ليلقى حبيبه صلى الله عليه وسلم وصحبه، “في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر”. “الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين”.
فرضي الله عن سراقة وعن سائر الصحابة أجمعين.
قال سراقة: فبينما أنا جالس في نادي قومي إذ أقبل رجل منا، حتى وقف علينا، فقال: “والله لقد رأيت ثلاثة ركبان مرُّوا عليَّ آنفاً، إني لأراهم محمداً وأصحابه”. قال: “فأومأت إليه بعيني: أن اسكت، ثم قلت: إنما هم بنو فلان، يبتغون ضالة لهم”. قال: “ثم مكثت قليلاً ثم قمت فدخلت بيتي ثم أمرت بفرسي، وبسلاحي، ثم أخذت قداحي التي أستقسم بها ثم انطلقت فليست لأمَّتي ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها، فخرج السهم الذي أكره لا يضره “. قال: فركبت على أثره، فبينما فرسي يشتد بي عثر بي فسقطت عنه. فأخرجت قداحي فاستقسمت فخرج الذي أكره، فأبيت إلا أن أتبعه، فسقطت ثانية، فاستقسمت فخرج السهم الذي أكره، فأبيت إلا أن أتبعه، فلما بدا لي القوم ورأيتهم عثر بي فرسي، فذهبت يداه في الأرض، وسقطت عنه، ثم انتزع يديه من الأرض، وتبعهما دخان كالإعصار، فعرفت أنه قد مُنع مني وأن الله سينصره فناديت: أنا سراقة بن جُعشُم، انظروني أكلمكم، فوالله لا أريبكم، ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه. فقال رسول الله لأبي بكر: “قل له: وما تبتغي منا؟” قال: قلت: تكتب لي كتابا يكون آية بيني وبينك. قال: “اكتب له يا أبا بكر”.
فكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا، فأخذه وجعله في كنانته ثم رجع وأخذ يضلل الناس ويعميهم عن الطريق الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتم خبره عن الناس، حتى أيقن أن النبي وصحبه بلغا المدينة فأذاع خبره بين الناس، فقام أبوجهل يلومه على تخاذله وجبنه وتفويته الفرصة. فقال سراقة:
“أبا حكم، والله لو كنت شاهداً
لأمر جوادي إذ تسوخُ قوائمه
علمت ولم تَشْكُكْ بأن محمداً
رسول ببرهانٍ، فمن ذا يقاومه”
ودارت الأيام دورتها، وأصبح المسلمون الذين كانوا بالأمس القريب يهددون ويعذبون ويطردون، أصبحوا في عزة ومنعة، وكان الفتح العظيم، وأقبلت قريش خاضعة يسألون رسول الله الرحم والعفو، عند ذلك خرج سراقة وفي يده الكتاب والعهد الذي كتبه له رسول الله قبل عشر سنوات، ليعلن إسلامه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله: “يوم وفاء وبر”.
وبعد ذلك بأشهر معدودة توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحزن سراقة حزنا شديدا، وجلس يتذكر يوم الهجرة وما حصل له.
ولما كانت خلافة عمر رضي الله عنه وجاء رسل سعد بن أبي وقاص يحملون البشرى بالنصر لأمير المؤمنين ومعهم خُمس الغنائم التي غنمها الغزاة في سبيل الله نظر اليها عمر متعجبا فإن فيها تاج كسرى المرصع بالدُّر ووشاحه المنظوم بالجوهر، وثيابه المنسوجة بخيوط الذهب، وسواري كسرى اللذين قال عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم لسراقة: “كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟”.
فدعا عمر سراقة فألبسه سواري كسرى وتاجه وقال: “الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة الأعرابي”.
ثم قال: “اللهم إني قد علمت أن رسولك صلى الله عليه وسلم كان يحب أن يصيب مالاً فينفقه في سبيلك وعلى عبادك، وزويت ذلك عنه نظرا منك له وخيارا، ثم قال “اللهم إني قد علمت أن أبابكر كان يحب أن يصيب مالاً فينفقه في سبيلك وعلى عبادك، فزويت ذلك عنه نظرا منك له وخيارا، اللهم إني أعوذ بك أن يكون هذا مكراً منك بعمر ثم تلا: “أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين. نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون”. (المؤمنون: 55-56)
وهكذا أعز الله سراقة بالإسلام، فعاش عابداً زاهداً في الدنيا وزينتها ومتاعها الزائل. ثم نام على فراش الموت ليلقى حبيبه صلى الله عليه وسلم وصحبه، “في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر”. “الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين”.
فرضي الله عن سراقة وعن سائر الصحابة أجمعين.
تعليق