السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه قصة قرأتها على أحد المواقع و أحببت أن أشاركها معكم.
و ها هي القصة كما كتبها أحد الإخوة
الشهيد الأمريكي [ نحسبه كذلك ] أبو آدم جبريل الأمريكي – رحمه الله
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد ابن عبد الله وعلى أله وأصحابه ومن تبعه إلى يوم الدين أما بعد :
فلقد قررت أن أكتب ما حدث كتذكرة لي ولأخواني وأخواتي فعندما نرى في زمننا هذا أمثلة لمن يتبعون خطوات السلف الصالح بالقول والعمل وقلوبهم مليئة بالإصرار والإخلاص ، نزداد حرصا على الكفاح وبذل قصارى جهدنا ، وكلنا أمل بالوصول إلى درجة أحباء الله ، فهي ليست بعيدة المنال أو لا تدرك .
كل ما أريد هو الشهادة في سبيل الله في كشمير ، ولا أريد أن أكون مشهورا أو معروفا
هذه كانت كلمات أبو آدم جبريل الأمريكي ، عندما كنا نمشي حول المركز في موردك في باكستان ، كنا نراقب الحصن في الإسطبل ، ونتحدث عن التدريبات للجهاد ، والجهاد بصورة عامة .
لقد كان أبو آدم في التاسعة عشر عندما بدأ يجاهد في صفوف المجاهدين في كشمير المحتلة .
ولد أبو آدم من عائلة مرموقة وثرية في أطلنطا – جورجيا ، كان طفل متميز ومتفوق في أغلب نشاطاته ، كان معتاد الذهاب إلى الكنيسة مع والديه ، وكان معروف بالحلم والطيبة حتى قبل إسلامه . كان دائما يحرص على التميز في كل أعماله ، وعندما بلغ السادسة عشر ولأن الله العليم يعلم ما في أبو آدم من خير ، أراد الله أن ينير بصيرته فأخذ أبو آدم يبحث عن إجابة لكثير من التساؤلات التي كانت تحيره ولم يجد لها إجابة في النصرانية ، فقرأ عن الإسلام واليهودية والبوذية ، وديانات أخرى ، وأراد الله لهذا القلب أن يرى نور الإسلام ، فأسلم أبو آدم والحمد لله .
أخذ أبو آدم يتردد على المسجد الموجود في الطرف الغربي من أطلنطا " مسجد الإمام السجين جميل الأمين فك الله أسره " ،
كان يجلس الساعات الطويلة بمفرده يقرأ ويبحث ويدرس عن أحكام الإسلام ، وكان في قلبه من الخوف والخشية ما يجعله يصر على المعرفة ، حتى لا يقع في منكر أو معصية دون علم لأنه حديث الإسلام .
انتهى أبو آدم من شهادة الثانوية العامة وأتجه ليكمل دراسته في الكلية في إحدى مدن كارولينا الشمالية ، وهناك كانت له صحبه صالحه ، ساعدته على الدراسة والاستزادة من العلم الصحيح على منهج أهل السنة ،
فدرس العقيدة والسنة بأصولها ، ودرس أحوال إخوانه المسلمين في البوسنة وبورما وكشمير والشيشان ، ومن هنا أصبح تفكيره منحصر بمعانات إخوانه وأخواته ، وكان يعلم من دراسته أن هناك حل وخطوه يجب أن يأخذها من أجل إخوانه وكانت اللحظة الفاصلة والقرار الذي غير حياته ، ترك أبو آدم الكلية وأخذ يستعد لرحلته القادمة ، رحلة القليل من يفكر فيها …
إنها رحلة الجهاد في سبيل الله .
تملك الجهاد من قلب أبو آدم ، واشتعلت الرغبة لديه لمحاربة أعداء الله فبدأ برنامج من التمرينات الشاقة ليعد نفسه للمعركة القادمة بأصعب الظروف .
وها أنا أذكر برنامجه ، وأدعو الله أن يستفيد منه إخواننا .
الاستعدادات :-
بدأ أبو آدم يقضي أكثر أوقاته في المسجد ، للصلاة وحفظ القرآن وتلاوته وزاد من تطوعه في الصيام والقيام وحفظ الكثير من الأدعية لكل مناسبة ، كان يطيل في صلاته ويحرص على الخشوع فيها ودرب نفسه على ذلك ، درب نفسه على قلة النوم والأكل والشرب ، حتى يتكيف مع ظروف الجهاد .
رحم الله أبو آدم ، فلقد أيقن أن الجهاد هو تربية الروح والنفس ، لم يقتصر أبو آدم في استعداداته على التربية الروحية ، بل أخذ يربي ويبني قوته الجسدية ، وحرص على دراسة الخطط الحربية ، قام بشـراء حـذاء عسكري ( يتصف بالحجم الضخم والوزن الكبير ) فمن يلبسه يشعر كأنه يرتدي طن في قدميه ، بدأ بالتدريب يوميا مرتديا هذا الحذاء ، وكان يركض المسافات الطويلة ، ويضيف لثقل الحذاء ثقل قطعة من الخشب تربط إلى وسطه بحبل طويل ، حتى يحتمل أي نوع من الظروف .
تدريبات الكوماندوز:-
بدأ أبو آدم تدريباته الفعلية في رمضان 1997 مع مجموعة الأشقر الطيب ( مجاهدين أهل السنة في كشمير ، وهذه المجموعة من أقوى المجموعات التي تلقي الرعب في قلوب الأعداء الهنود في كشمير ) ، بدا في أصعب أوقات السنة في منتصف الشتاء .
أنا أؤمن أن كلا ما زادت مشقة التدريب كلما بارك الله فيه ، فالمجاهدين يمرون في كثير من الصعوبات ولكن لا تزيدهم إلا قوة وصلابة وتصقلهم كما تصقل النار الذهب وتمر عليهم بعض أوقات الشدة فيدعون الله قائلين : ( يا الله أنك تعلم ما نقوم به خالصا لوجهك الكريم ، فأعنا يا الله ، فبدون عونك لا نستطيع الاستمرار ) .
ولكي تعي أخي المسلم صعوبة ظروف إخواننا المجاهدين في كشمير يجب أن تعرف بعض الحقائق :-
1. تقع كشمير في محيط جبال هملايا ، أعلى جبال في العالم .
2. معسكر التدريب يقع على جبل ارتفاعه ( 12000 ) قدم ، والمدينة التي فيها المعسكر ترتفع عن سطح البحر بـ ( 14000 ) قدم ، أي أن تدريبات إخواننا على أرض ارتفاعها ( 26000 ) قدم عن سطح البحر ، بين منحنيات الجبال الوعرة .
3. مناخ كشمير في الشتاء ملئ بالثلوج وبارد جدا ، ويصل ارتفاع الثلج في الجبال إلى ( 20 ) قدم أو أكثر .
4. التدريبات تتضمن المسير ليلا ونهار مع حمل حقيبة وزنها ( 35 ) باوند ، وتستمر لسبع ليالي يقوموا بالتسلق وعبور نقاط حراسة مليئة بالجنود والأسلاك الشائكة والشراك المتفجرة .
ورغم كل ما ذكرت كان أبو آدم في مثل تلك الظروف ومع قسوة التدريبات يحافظ على صيامه ، وكان إفطاره على قليل من الماء من إحدى الينابيع أو الأنهار الجارية المليئة بالطين بالإضافة إلى العدس الذي يؤذي معدته ، فقد كان مصاب بداء في معدته ، رغم ذلك ولأن من طبعه أتقان العمل كان يزيد من أثقاله ويتدرب مهما كانت الظروف قـــائلا : ( إذا أعنت الله ، فالله دائما سيكون في عونك ، ويجعل أقدامك أكثر تحملا ).
كان قلبه يلهج بذكر الله والدعاء بأن يجعله أكثر تحملا ولياقة وقوة ، ويستمر ويقسو على نفسه حتى في الليالي الباردة بينما الكثير من إخواننا يغطون في نوم ثقيل في أحضان بيوتهم الدافئة ، كان يعمل ويدعو ويصعد جبال الثلج بأقدام أصابها التقرح من شدة البرد ، ويصرخ الله أكبر بحلق أصابه الجفاف وجسم أنهك وضعفت قوته مع صيامه ولكن كانت هناك طاقة أعظم من الطعام ، وهي الإيمان بالله ، وبأن له اخوة في كشمير بحاجة له ولأمثاله ، ومن يدري قد يأتي يوم نحتاج لأمثال أبو آدم ،
مضت ( 124 ) يوما ، اليوم كالسنة في تلك التدريبات القاسية وأنهى أبو آدم تدريبات الكوماندز التابعة لكتيبة أبو الأشقر الطيب ، مع معاناته ومرضه ، فقد أصيبت أقدامه بالتقرح الجليدي واستمر فقده للشعور بأطرافه حتى بعد دخوله الربيع ، وأنهكه الداء في معدته وعندما سألته عن حاله وماذا سيفعل ؟ كانت إجابته : (( سأستمر بغض النظر عما أشعر به ، لن أتوقف بعدما اجتزت ما أنجزته )) .
لقد عجبت دائما بإصراره ، وبعد عدة أسابيع تماثل أبو آدم للشفاء بإذن الله ، واستلم الرسالة التي ينتظرها ويعد العدة لها ، قال له الأمير : ( جهز قناعك ، أنت ذاهب لجامو للانطلاق ) كاد أبو آدم يطير من الفرح والسعادة وقال لي : ( أخيرا ، لقد أتيحت لي الفرصة للجـهاد في سبـيـل الله ) .
بعد أسبوعين ونصف التقيت مع أبو آدم في قاعدة الجهاد لنبدأ التغلغل في الوادي المحتل ، كنا ننتظر الفرصة المناسبة للتغلغل حتى نهاجم أعداء الله من الهندوس والسيخ الملعونين من الجيش الهندي ، فترة الانتظار هذه من أصعب الفترات في حياة المجاهد ، وتسمى فترة الرباط ، يحتاج المجاهد فيها أن يسيطر على أفكاره ومشاعره ويشغل وقته قبل المواجهة .
شخصيته وأخلاقه :-
كان أبو آدم هادئ الطباع ولو تكلم بصوت عالي ، كان يتميز باللين والبساطة وحلاوة المعشر لم يتصرف بغلظة أو يناقش بواقحة أي إنسان . كان دائما بعد أن يؤدي صلاة الفجر يركض ما يقارب الميل والنصف وهو يحمل على ظهره حقيبة تزن خمسون باوند من الحجارة ، ويتسلق برج المياه وهو يحمل هذه الحقيبة ثم يعود إلى القاعدة ويتناول الإفطار مع إخوانه ، ثم يتوجه إلى المسجد الصغير ويقوم بحفظ القرآن وبعد الأدعية المختارة من حصن المسلم .
كنت أنظر لأخي أبو آدم كزاهد حقيقي ، كان لا يتوانى في تقديم المساعدة والصدقة لإخوانه المحتاجين ، وكان يلف عنقه دائما بوشاح ( غتره ) ذي اللونين الأبيض والأسود ولقد رأيت صورة له عند بداية إسلامه وقد كان يرتديها ، كان رحمه الله يذكرنا دائما بالله وباليوم الآخر.
وفي أحد الأيام جلس بعض الأخوة يتباهوا في حديثهم ( غفر الله لهم ) وعندما اخذوا بالحديث غضب أبو آدم وقال : ( أيها الرجال أنتم تقتلون إيماني بهذا الكلام ، خافوا الله ) رحم الله أبو آدم فقد كان من المحافظين على التهجد في الثلث الخير من الليل فلا أذكر أن فاته صلاة تهجد طوال معرفتي به .
كنت معجب بفطنته وإدراكه للأمور ، دائما أشعر برغبة في الجهاد وفي ذكر الله وأنا معه ، أسأل الله أن يجمعنا في جنات النعيم مع الشهداء …… آمين.
في أحد الأيام كنا نائمين بعد صلاة الظهر ، استيقظت وخرجت لأحصل على بعض الهواء المنعش ، وعندها رأيت أبو آدم يتدرب على سلاحه في الشمس الحارقة ، فوقفت مندهش أفكر ( سبحان الله ، متى يتوقف ؟ أدعو الله أن يعطينا العزيمة والإصرار مثله ، آمين ) .
والحمد لله فقد من الله على أبو آدم بالشفاء من الداء الذي في معدته ، فقد قررنا أن نقوم بالحجامة على هدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو آدم أول المتقدمين للحجامة وبعد أن خرج الدم من كتفيه لم يعد يشعر بالمرض والحمد لله .
الانطلاق ( الهجوم ) :-
في الخامس من يوليو جاء الأمر لمجموعتنا المكونة من عشرة أخوة بالانطلاق للأراضي المحتله وبعد يومين من الاستعداد كانت الأسلحة قد اختبرت ، ونظفت ، وأعدت ، والأجهزة والمعدات وزعت ، والعزائم والهمم أججت ، والقلوب ملأت بالإيمان وبحب لقاء الله ، لقد حان الوقت ، وأصبحت أحلامنا حقيقة أن الجهاد ( الله أكبر ) وللشهداء جنات عرضها السموات والأرض .
وكعادته كان أبو آدم يحمل عدة وعتاد أكثر من غيره من الأخوة ، وللأسف لظروف خارجة عن إرادتنا افترقنا عن مجموعة أبو آدم ، وكان هذا آخر لقاء لنا ، لقد كان أبو آدم يبكي عندما افترقنا ، لأنه كان فرحا بالجهاد ، وكان يشعر أنه آخر لقاء لنا في هذه الدنيا .
قال عنه أبو يحيى :-
( عندما كنا نتغلغل في منطقة الحدود الكشميرية ، وكانت هذه المنطقة شديدة السواد مظلمة مليئة بالغيوم ، كان أبو آدم في المقدمة دائما ولم يتقهقر ، وعندما توقفنا لنستريح لعشر دقائق ، نظر أبو آدم للسماء ، وقال ( الحمد الله ) فاستفسرت عن قوله ، فقال : ( دائما كنت أحلم بأن أملك سلاح وسكين وقنابل ، وهاأنا أمتلك كل هذا في سبيل الله ، والحمد لله .. ) .
بعد خمس أيام من التوغل في الليل ، نجح أبو آدم ومجموعته من التسلل للوادي المحتل في كشمير ، وكان لأبو آدم دور فعال في الهجوم على مواقع الجنود الأعداء ، وبعد شهرين ونصف من الجهاد نال أبو آدم ما كان يتمناه ، وما أعد له طويلا ، نال الشهادة في سبيل الله ( نحسبه كذلك ) .
كانت المعركة بين أعداء الله ومجموعه أبو آدم شديدة ، سقط فيها من الكفرة ( 34 ) ، وقدروا من قتلوا بيد أبو آدم بسبعة عشر الله أكبر . وفي لحظة استشهاده ( نحسبه من الشهداء ) حلمت أن أبو آدم قادم للقاعدة ووجهه مستبشر ضاحك لرؤيتي ، وشعره قد طال ، وملابسه مليئة بالدماء ، فاستفسرت عن المعركة فأجابني ( كانت شاقة ، ولكن تستحق العناء ) فاستيقظت لأتلقى نبأ استشهاد أخي أبو آدم ( إن شاء الله ) رحمه الله ، لقد سبقنا إلى هدفنا وحلمنا الشهادة في سبيل الله .
أذكر انه قال لي : ( أريد أن أصاب في صدري ، حتى لا تخرج روحي بسرعة ، وأدعو الله أن نأتي ساحة المعركة قبل خروجها ) .
أتمنى أن أعرف هل حقق أمنيته ؟؟ أبو آدم الأمريكي لم يتعاطى المخدرات ولم يمارس الفاحشة كغيره من الشباب الأمريكي قبل إسلامه وهذا شئ نادر .
وصل خبر شهادته ( نحسبه كذلك ) لعائلته الأمريكية غير المسلمة في أطلنطا – جورجيا ، وعندما تلقت العائلة الخبر أنار الله قلب أخته ليزا للإسلام ، وأدعو الله أن تكون مثل أخيها أبو آدم وبمثل عزمه وإخلاصه للإسلام . رحم الله أبو آدم الأمريكي ... ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون )
كتبه الفقير إلى ربه
……………………………
هذه قصة قرأتها على أحد المواقع و أحببت أن أشاركها معكم.
و ها هي القصة كما كتبها أحد الإخوة
الشهيد الأمريكي [ نحسبه كذلك ] أبو آدم جبريل الأمريكي – رحمه الله
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد ابن عبد الله وعلى أله وأصحابه ومن تبعه إلى يوم الدين أما بعد :
فلقد قررت أن أكتب ما حدث كتذكرة لي ولأخواني وأخواتي فعندما نرى في زمننا هذا أمثلة لمن يتبعون خطوات السلف الصالح بالقول والعمل وقلوبهم مليئة بالإصرار والإخلاص ، نزداد حرصا على الكفاح وبذل قصارى جهدنا ، وكلنا أمل بالوصول إلى درجة أحباء الله ، فهي ليست بعيدة المنال أو لا تدرك .
كل ما أريد هو الشهادة في سبيل الله في كشمير ، ولا أريد أن أكون مشهورا أو معروفا
هذه كانت كلمات أبو آدم جبريل الأمريكي ، عندما كنا نمشي حول المركز في موردك في باكستان ، كنا نراقب الحصن في الإسطبل ، ونتحدث عن التدريبات للجهاد ، والجهاد بصورة عامة .
لقد كان أبو آدم في التاسعة عشر عندما بدأ يجاهد في صفوف المجاهدين في كشمير المحتلة .
ولد أبو آدم من عائلة مرموقة وثرية في أطلنطا – جورجيا ، كان طفل متميز ومتفوق في أغلب نشاطاته ، كان معتاد الذهاب إلى الكنيسة مع والديه ، وكان معروف بالحلم والطيبة حتى قبل إسلامه . كان دائما يحرص على التميز في كل أعماله ، وعندما بلغ السادسة عشر ولأن الله العليم يعلم ما في أبو آدم من خير ، أراد الله أن ينير بصيرته فأخذ أبو آدم يبحث عن إجابة لكثير من التساؤلات التي كانت تحيره ولم يجد لها إجابة في النصرانية ، فقرأ عن الإسلام واليهودية والبوذية ، وديانات أخرى ، وأراد الله لهذا القلب أن يرى نور الإسلام ، فأسلم أبو آدم والحمد لله .
أخذ أبو آدم يتردد على المسجد الموجود في الطرف الغربي من أطلنطا " مسجد الإمام السجين جميل الأمين فك الله أسره " ،
كان يجلس الساعات الطويلة بمفرده يقرأ ويبحث ويدرس عن أحكام الإسلام ، وكان في قلبه من الخوف والخشية ما يجعله يصر على المعرفة ، حتى لا يقع في منكر أو معصية دون علم لأنه حديث الإسلام .
انتهى أبو آدم من شهادة الثانوية العامة وأتجه ليكمل دراسته في الكلية في إحدى مدن كارولينا الشمالية ، وهناك كانت له صحبه صالحه ، ساعدته على الدراسة والاستزادة من العلم الصحيح على منهج أهل السنة ،
فدرس العقيدة والسنة بأصولها ، ودرس أحوال إخوانه المسلمين في البوسنة وبورما وكشمير والشيشان ، ومن هنا أصبح تفكيره منحصر بمعانات إخوانه وأخواته ، وكان يعلم من دراسته أن هناك حل وخطوه يجب أن يأخذها من أجل إخوانه وكانت اللحظة الفاصلة والقرار الذي غير حياته ، ترك أبو آدم الكلية وأخذ يستعد لرحلته القادمة ، رحلة القليل من يفكر فيها …
إنها رحلة الجهاد في سبيل الله .
تملك الجهاد من قلب أبو آدم ، واشتعلت الرغبة لديه لمحاربة أعداء الله فبدأ برنامج من التمرينات الشاقة ليعد نفسه للمعركة القادمة بأصعب الظروف .
وها أنا أذكر برنامجه ، وأدعو الله أن يستفيد منه إخواننا .
الاستعدادات :-
بدأ أبو آدم يقضي أكثر أوقاته في المسجد ، للصلاة وحفظ القرآن وتلاوته وزاد من تطوعه في الصيام والقيام وحفظ الكثير من الأدعية لكل مناسبة ، كان يطيل في صلاته ويحرص على الخشوع فيها ودرب نفسه على ذلك ، درب نفسه على قلة النوم والأكل والشرب ، حتى يتكيف مع ظروف الجهاد .
رحم الله أبو آدم ، فلقد أيقن أن الجهاد هو تربية الروح والنفس ، لم يقتصر أبو آدم في استعداداته على التربية الروحية ، بل أخذ يربي ويبني قوته الجسدية ، وحرص على دراسة الخطط الحربية ، قام بشـراء حـذاء عسكري ( يتصف بالحجم الضخم والوزن الكبير ) فمن يلبسه يشعر كأنه يرتدي طن في قدميه ، بدأ بالتدريب يوميا مرتديا هذا الحذاء ، وكان يركض المسافات الطويلة ، ويضيف لثقل الحذاء ثقل قطعة من الخشب تربط إلى وسطه بحبل طويل ، حتى يحتمل أي نوع من الظروف .
تدريبات الكوماندوز:-
بدأ أبو آدم تدريباته الفعلية في رمضان 1997 مع مجموعة الأشقر الطيب ( مجاهدين أهل السنة في كشمير ، وهذه المجموعة من أقوى المجموعات التي تلقي الرعب في قلوب الأعداء الهنود في كشمير ) ، بدا في أصعب أوقات السنة في منتصف الشتاء .
أنا أؤمن أن كلا ما زادت مشقة التدريب كلما بارك الله فيه ، فالمجاهدين يمرون في كثير من الصعوبات ولكن لا تزيدهم إلا قوة وصلابة وتصقلهم كما تصقل النار الذهب وتمر عليهم بعض أوقات الشدة فيدعون الله قائلين : ( يا الله أنك تعلم ما نقوم به خالصا لوجهك الكريم ، فأعنا يا الله ، فبدون عونك لا نستطيع الاستمرار ) .
ولكي تعي أخي المسلم صعوبة ظروف إخواننا المجاهدين في كشمير يجب أن تعرف بعض الحقائق :-
1. تقع كشمير في محيط جبال هملايا ، أعلى جبال في العالم .
2. معسكر التدريب يقع على جبل ارتفاعه ( 12000 ) قدم ، والمدينة التي فيها المعسكر ترتفع عن سطح البحر بـ ( 14000 ) قدم ، أي أن تدريبات إخواننا على أرض ارتفاعها ( 26000 ) قدم عن سطح البحر ، بين منحنيات الجبال الوعرة .
3. مناخ كشمير في الشتاء ملئ بالثلوج وبارد جدا ، ويصل ارتفاع الثلج في الجبال إلى ( 20 ) قدم أو أكثر .
4. التدريبات تتضمن المسير ليلا ونهار مع حمل حقيبة وزنها ( 35 ) باوند ، وتستمر لسبع ليالي يقوموا بالتسلق وعبور نقاط حراسة مليئة بالجنود والأسلاك الشائكة والشراك المتفجرة .
ورغم كل ما ذكرت كان أبو آدم في مثل تلك الظروف ومع قسوة التدريبات يحافظ على صيامه ، وكان إفطاره على قليل من الماء من إحدى الينابيع أو الأنهار الجارية المليئة بالطين بالإضافة إلى العدس الذي يؤذي معدته ، فقد كان مصاب بداء في معدته ، رغم ذلك ولأن من طبعه أتقان العمل كان يزيد من أثقاله ويتدرب مهما كانت الظروف قـــائلا : ( إذا أعنت الله ، فالله دائما سيكون في عونك ، ويجعل أقدامك أكثر تحملا ).
كان قلبه يلهج بذكر الله والدعاء بأن يجعله أكثر تحملا ولياقة وقوة ، ويستمر ويقسو على نفسه حتى في الليالي الباردة بينما الكثير من إخواننا يغطون في نوم ثقيل في أحضان بيوتهم الدافئة ، كان يعمل ويدعو ويصعد جبال الثلج بأقدام أصابها التقرح من شدة البرد ، ويصرخ الله أكبر بحلق أصابه الجفاف وجسم أنهك وضعفت قوته مع صيامه ولكن كانت هناك طاقة أعظم من الطعام ، وهي الإيمان بالله ، وبأن له اخوة في كشمير بحاجة له ولأمثاله ، ومن يدري قد يأتي يوم نحتاج لأمثال أبو آدم ،
مضت ( 124 ) يوما ، اليوم كالسنة في تلك التدريبات القاسية وأنهى أبو آدم تدريبات الكوماندز التابعة لكتيبة أبو الأشقر الطيب ، مع معاناته ومرضه ، فقد أصيبت أقدامه بالتقرح الجليدي واستمر فقده للشعور بأطرافه حتى بعد دخوله الربيع ، وأنهكه الداء في معدته وعندما سألته عن حاله وماذا سيفعل ؟ كانت إجابته : (( سأستمر بغض النظر عما أشعر به ، لن أتوقف بعدما اجتزت ما أنجزته )) .
لقد عجبت دائما بإصراره ، وبعد عدة أسابيع تماثل أبو آدم للشفاء بإذن الله ، واستلم الرسالة التي ينتظرها ويعد العدة لها ، قال له الأمير : ( جهز قناعك ، أنت ذاهب لجامو للانطلاق ) كاد أبو آدم يطير من الفرح والسعادة وقال لي : ( أخيرا ، لقد أتيحت لي الفرصة للجـهاد في سبـيـل الله ) .
بعد أسبوعين ونصف التقيت مع أبو آدم في قاعدة الجهاد لنبدأ التغلغل في الوادي المحتل ، كنا ننتظر الفرصة المناسبة للتغلغل حتى نهاجم أعداء الله من الهندوس والسيخ الملعونين من الجيش الهندي ، فترة الانتظار هذه من أصعب الفترات في حياة المجاهد ، وتسمى فترة الرباط ، يحتاج المجاهد فيها أن يسيطر على أفكاره ومشاعره ويشغل وقته قبل المواجهة .
شخصيته وأخلاقه :-
كان أبو آدم هادئ الطباع ولو تكلم بصوت عالي ، كان يتميز باللين والبساطة وحلاوة المعشر لم يتصرف بغلظة أو يناقش بواقحة أي إنسان . كان دائما بعد أن يؤدي صلاة الفجر يركض ما يقارب الميل والنصف وهو يحمل على ظهره حقيبة تزن خمسون باوند من الحجارة ، ويتسلق برج المياه وهو يحمل هذه الحقيبة ثم يعود إلى القاعدة ويتناول الإفطار مع إخوانه ، ثم يتوجه إلى المسجد الصغير ويقوم بحفظ القرآن وبعد الأدعية المختارة من حصن المسلم .
كنت أنظر لأخي أبو آدم كزاهد حقيقي ، كان لا يتوانى في تقديم المساعدة والصدقة لإخوانه المحتاجين ، وكان يلف عنقه دائما بوشاح ( غتره ) ذي اللونين الأبيض والأسود ولقد رأيت صورة له عند بداية إسلامه وقد كان يرتديها ، كان رحمه الله يذكرنا دائما بالله وباليوم الآخر.
وفي أحد الأيام جلس بعض الأخوة يتباهوا في حديثهم ( غفر الله لهم ) وعندما اخذوا بالحديث غضب أبو آدم وقال : ( أيها الرجال أنتم تقتلون إيماني بهذا الكلام ، خافوا الله ) رحم الله أبو آدم فقد كان من المحافظين على التهجد في الثلث الخير من الليل فلا أذكر أن فاته صلاة تهجد طوال معرفتي به .
كنت معجب بفطنته وإدراكه للأمور ، دائما أشعر برغبة في الجهاد وفي ذكر الله وأنا معه ، أسأل الله أن يجمعنا في جنات النعيم مع الشهداء …… آمين.
في أحد الأيام كنا نائمين بعد صلاة الظهر ، استيقظت وخرجت لأحصل على بعض الهواء المنعش ، وعندها رأيت أبو آدم يتدرب على سلاحه في الشمس الحارقة ، فوقفت مندهش أفكر ( سبحان الله ، متى يتوقف ؟ أدعو الله أن يعطينا العزيمة والإصرار مثله ، آمين ) .
والحمد لله فقد من الله على أبو آدم بالشفاء من الداء الذي في معدته ، فقد قررنا أن نقوم بالحجامة على هدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو آدم أول المتقدمين للحجامة وبعد أن خرج الدم من كتفيه لم يعد يشعر بالمرض والحمد لله .
الانطلاق ( الهجوم ) :-
في الخامس من يوليو جاء الأمر لمجموعتنا المكونة من عشرة أخوة بالانطلاق للأراضي المحتله وبعد يومين من الاستعداد كانت الأسلحة قد اختبرت ، ونظفت ، وأعدت ، والأجهزة والمعدات وزعت ، والعزائم والهمم أججت ، والقلوب ملأت بالإيمان وبحب لقاء الله ، لقد حان الوقت ، وأصبحت أحلامنا حقيقة أن الجهاد ( الله أكبر ) وللشهداء جنات عرضها السموات والأرض .
وكعادته كان أبو آدم يحمل عدة وعتاد أكثر من غيره من الأخوة ، وللأسف لظروف خارجة عن إرادتنا افترقنا عن مجموعة أبو آدم ، وكان هذا آخر لقاء لنا ، لقد كان أبو آدم يبكي عندما افترقنا ، لأنه كان فرحا بالجهاد ، وكان يشعر أنه آخر لقاء لنا في هذه الدنيا .
قال عنه أبو يحيى :-
( عندما كنا نتغلغل في منطقة الحدود الكشميرية ، وكانت هذه المنطقة شديدة السواد مظلمة مليئة بالغيوم ، كان أبو آدم في المقدمة دائما ولم يتقهقر ، وعندما توقفنا لنستريح لعشر دقائق ، نظر أبو آدم للسماء ، وقال ( الحمد الله ) فاستفسرت عن قوله ، فقال : ( دائما كنت أحلم بأن أملك سلاح وسكين وقنابل ، وهاأنا أمتلك كل هذا في سبيل الله ، والحمد لله .. ) .
بعد خمس أيام من التوغل في الليل ، نجح أبو آدم ومجموعته من التسلل للوادي المحتل في كشمير ، وكان لأبو آدم دور فعال في الهجوم على مواقع الجنود الأعداء ، وبعد شهرين ونصف من الجهاد نال أبو آدم ما كان يتمناه ، وما أعد له طويلا ، نال الشهادة في سبيل الله ( نحسبه كذلك ) .
كانت المعركة بين أعداء الله ومجموعه أبو آدم شديدة ، سقط فيها من الكفرة ( 34 ) ، وقدروا من قتلوا بيد أبو آدم بسبعة عشر الله أكبر . وفي لحظة استشهاده ( نحسبه من الشهداء ) حلمت أن أبو آدم قادم للقاعدة ووجهه مستبشر ضاحك لرؤيتي ، وشعره قد طال ، وملابسه مليئة بالدماء ، فاستفسرت عن المعركة فأجابني ( كانت شاقة ، ولكن تستحق العناء ) فاستيقظت لأتلقى نبأ استشهاد أخي أبو آدم ( إن شاء الله ) رحمه الله ، لقد سبقنا إلى هدفنا وحلمنا الشهادة في سبيل الله .
أذكر انه قال لي : ( أريد أن أصاب في صدري ، حتى لا تخرج روحي بسرعة ، وأدعو الله أن نأتي ساحة المعركة قبل خروجها ) .
أتمنى أن أعرف هل حقق أمنيته ؟؟ أبو آدم الأمريكي لم يتعاطى المخدرات ولم يمارس الفاحشة كغيره من الشباب الأمريكي قبل إسلامه وهذا شئ نادر .
وصل خبر شهادته ( نحسبه كذلك ) لعائلته الأمريكية غير المسلمة في أطلنطا – جورجيا ، وعندما تلقت العائلة الخبر أنار الله قلب أخته ليزا للإسلام ، وأدعو الله أن تكون مثل أخيها أبو آدم وبمثل عزمه وإخلاصه للإسلام . رحم الله أبو آدم الأمريكي ... ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون )
كتبه الفقير إلى ربه
……………………………
تعليق