إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حبيبة وحبيبة .!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حبيبة وحبيبة .!

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حبيبة وحبيبة .!


    بسم الله الرحمن الرحيم

    أنفاسه تصعد وتهبط. والتوتّر قد بلغ منه غايته، وعشرة أنفس في القصر كلّ يغطّ في غرفته، أو غرفتها في نوم عميق، وهو وحده قلق سهران، لا يعرف النوم ولا يعرفه. والسكون من حوله شبح يطارده من كلّ مكان في قصره الفخم المنيف. فلا يكاد يجلس في مكان حتّى يقوم، ولا يكاد يقف ينظر من النافذة المطلّة على الشارع، حتّى يبتعد عنها، وكأنّ أحداً قد أحسّ بجريمته، فهو يلاحقه بنظراته. وكأنّه من ضيقه يسبّها ويلعنها "ما الذي أخّرها عنّي هذه المرّة؟. لابدّ أن أعاتبها عتاباً شديداً. لن أقبل لها عذراً، ولن أسكت لها. لأرى ماذا ستفعل معي. في كلّ مرّة أريها أخلاقاً حسنة، هذا الذي أطمعها بي. لن أسامحها اليوم. لعلّها الآن تنام في فراشها، ولا تفكّر بشيء من عذابك".

    ونظر في ساعته، فازداد غيظه وغضبه. لقد مضى على موعدها خمس ساعات. كاد الليل ينتهي. ما فائدة حضورها الآن. ونظر في المائدة التي أعدّها لها، وما فيها من الأطباق الشهيّة التي طلبت منه بعضها، فتململ واشتدّ شوقه. هنا جلست منذ أيّام. آه لو طالت جلستها أكثر. آه لو رضيت أن تبقى عندي. ما أسوأ عاداتنا الظالمة. ولم يطق منظر أطباق الطعام أمامه. فخرج من غرفته، وهو يقول بغير شعور منه: "والله لن أذوقه ما لم تأت هذه الليلة" ومشى في الممرّات أمام الغرف المغلقة: "يا بؤس حياتي. وهنيئاً لمن ينام ملء جفونه"، وقادته قدماه إلى الحديقة ثمّ إلى خارج قصره، ووجد نفسه يمشي وحيداً في الشوارع الخاوية. وهدوء الليل يؤنسه أو يطارده، ويشفق عليه أو يسخر منه. وسمع من بعيد صوتاً نديّاً، يترنّم بتسبيحات وابتهالات، كان الكون كلّه ينصت إليها بخشوع. وتلحّن لها بعض الديكة بأصواتها الناعمة الشجيّة. وأحسّ صاحبنا بخشعة تسري في كيانه، فتنقله إلى عالم آخر. وانتبه من شروده إلى صوت حركة قريبة منه، فالتفت فإذا هو بشيخ يقارب السبعين من العمر. بصره لا يتجاوز موضع قدميه من طريقه. يمشي بهمّة كهمّة الشباب، قد ألقى بسجّادة صلاته على عاتقه، وأمسك بسبحة بيده، وهو يتمتم بأوراده وأذكاره، ومستغرق في عالم توحيده ومناجاته. وتجاوزه الشيخ، ولم يلتفت إليه. فاستدعى فضوله أن يتابع المسير وراءه. فتبعه حتّى بلغ المسجد المجاور. كان المسجد لم يفتح بعد. فافترش الشيخ سجّادته قريباً من مدخله. وجلس عليها يتابع أذكاره. وبعد سويعة حضر المؤذّن. وكأنّهما على ميعاد:
    ـ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يا شيخ رضوان!
    ـ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، صبّحك الله بالخير يا عم إحسان.
    ـ صبّحك الله بالخير والسعادة يا شيخ رضوان، كيف حالك.
    ـ بخير والحمد لله. لعلّي لم أتأخّر عليك كثيراً.
    ـ لا لا لم تتأخّر، بارك الله فيك وقوّاك.
    ـ كلّ يوم أنت تبكّر، هل تخاف أن تهرب حبيبتك. يا عم إحسان.
    ـ سامحك الله إنّ حبيبتي لا تهرب منّي أبداً. وجذب الكلام انتباه الشابّ، وطنّ في أذنه، فاقترب من الشيخ بغير شعور منه. فالتفت إليه الشيخ، ونظر نظرة متفرّسة، ثمّ عاد إلى شأنه.
    ـ فلماذا هذا التبكير في الحضور. ألم أقل لك إنّها لا تأتي إلاّ في وقتها.
    ـ ألا تفكّني من أسئلتك يا عم رضوان.
    ـ سامحني إنّ الحديث معك حلو على قلبي.
    ـ إنّني من شدّة شوقي أبكّر إليها. ولكنّها اليوم ستتأخّر دقيقة عن الأمس.
    ـ أجل! صدقت.
    وتذكّر الشابّ صاحبته! فضاق صدره، وامتعضت نفسه، وعادته الكآبة بعدما غابت عنه ونسيها قليلاً. وأراد أن يخرج عن كآبته، فالتفت إلى الشيخ، وقال له بينما كان المؤذّن يفتح أبواب المسجد: ومن هي حبيبتك يا عمّ؟.
    ـ فابتسم الشيخ ابتسام
    ة خفيّة ذكيّة، وقال له: حبيبتي عروس حسناء. لم تعرف الدنيا حسناء مثلها، عزيزة كريمة، وفيّة أبيّة، عفيفة شريفة، نعمة معطاء، أتمنّى لكلّ إنسان أن يسعد بلقائها. إنّها تسعدني كلّ يومٍ بلقائها، وتنعشني بحديثها. وتؤنسني بقربها، تزفّها إليّ الألوف كلّ يوم في هذا الوقت، ثمّ تعود بها بعد أن ينتهي ميعادها. فهل عرفتها؟. فإن لم تعرفها فهلاّ تعرّفت عليها. ونعمت بلقائها وقربها. وشرد مرّة أخرى عقل الشابّ، وهو يتذكّر تخلّف صاحبته! فضاق صدره، وتجدّد انزعاجه، ثمّ عاد إلى حواره مع الشيخ.
    ـ إنّني لم أفهم كلامك يا سيّدي. فمن تعني.
    ـ فحدّق الشيخ بنظره في وجه الشابّ، وكأنّه يفيض عليه من سحر حاله، ما ينقله إلى عالم آخر: عجباً لك والله يا بني. أنت في زهرة شبابك، ولم تتعرّف على حبيبتي الوفيّة. ولم تجلس معها، وتأنس بلقائها. إنّها صلاة الفجر يا أخي! حبيبة قريبة، كريمة سخيّة، تعرّف عليها، واقترب منها، فإنّك لن تطيق عنها صبراً، ولا لها فراقاً، إنّ لقاءها والله يعدل الدنيا وما فيها.

    وأطرق الشابّ استحياء. ونفسه تقول له: أين أنت بهمّك وهمّتك، وعبثك وأوهامك. وأين هذا الشيخ بسموّه وعلوّ همّته. أيّ سعادة تلهث وراءها، وتبذل وقتك ومالك، وتحرق أعصابك، ولا تدرك منها إلاّ الوهم والسراب. وأيّ سعادة وبهجة يعيشها هذا الشيخ الوقور، ويتمتّع بها كلّ يوم. وهل صحيح ما يقول عن صلاة الفجر. إن لم يكن كلامه صحيحاً، فما الذي يدعوه إلى أن يترك فراشه في هذا الوقت المبكّر، ويأتي بهذه الهمّة والشوق، يقف على باب المسجد ينتظر.

    وانسلّ الشابّ من أمام الشيخ، وتبعه الشيخ بنظراته الرحيمة المشفقة، وذهب وتوضّأ، ودخل المسجد. وكانت بداية عهده مع هذه الحبيبة الوفيّة. التي غمرت حياته بالسعادة والرضا، والأنس والبهجة.




  • #2
    رد: حبيبة وحبيبة .!

    جزاكِ الله خيراً ونفع الله بكِ وجعل ما كتبت فى موازين حسناتك

    اثبتن يا غاليات..فهذا زمن الثبات
    «الروضة الأنيقة في نصرة العفيفة الصدّيقة»
    نقـ♥ـابى طاعة لـ♥ـربى
    يارب تقبله عندك من الشهداء والصالحين ( ربنا يرحمك يا عمى يا حبيبى )

    تعليق


    • #3
      رد: حبيبة وحبيبة .!

      المشاركة الأصلية بواسطة العزة فى طاعة الله مشاهدة المشاركة
      جزاكِ الله خيراً ونفع الله بكِ وجعل ما كتبت فى موازين حسناتك

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرا
      ونفع بكم
      هدانا الله وإياكم إلى صراطه المستقيم


      تعليق


      • #4
        رد: حبيبة وحبيبة .!

        رااااااااائعة

        جزاكم الله خيراااااااااا

        وبارك الله فيكم
        وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
        رضي الله عنك وأرضاك


        تعليق


        • #5
          رد: حبيبة وحبيبة .!

          المشاركة الأصلية بواسطة امة الرحمن/فاطمة مشاهدة المشاركة
          رااااااااائعة

          جزاكم الله خيراااااااااا

          وبارك الله فيكم
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرا
          ونفع بكم
          هدانا الله وإياكم إلى صراطه المستقيم


          تعليق


          • #6
            رد: حبيبة وحبيبة .!

            مبدعه كالعاده
            وفقكِ الله أختى وحفظكم
            جزاكى الله خيراً
            حسبي الله و نعم الوكيل فيمن ظلمني و كسر بخاطري وقلبي
            يَ رب انتقم لي اللهم انني رفعت أكف الضراعه اليك أدعوك بلسانٍ مظلوم
            وكلي يقين في استجابتك فاللهم انتصرلي ولو بعد حين


            [SWF]http://www.muslmah.net/upload/swfiles/csi47969.swf[/SWF]

            تعليق


            • #7
              رد: حبيبة وحبيبة .!

              المشاركة الأصلية بواسطة *(بسمة أمــل)* مشاهدة المشاركة
              مبدعه كالعاده
              وفقكِ الله أختى وحفظكم
              جزاكى الله خيراً
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              جزاكم الله خيرا
              ونفع بكم
              هدانا الله وإياكم إلى صراطه المستقيم


              تعليق

              يعمل...
              X